الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَيْءٌ مِنْ الْمَعَاصِي عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ بَلْ كُلُّهَا طَرِيقُ جَهَنَّمَ فَمَنْ ارْتَكَبَ شَيْئًا مِنْهَا وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَهَا فَقَدْ خَرَجَ عَنْ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَانْفَتَحَ لَهُ طَرِيقُ جَهَنَّمَ يَنْتَقِلُ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ الصَّغِيرِ إلَى صَغِيرٍ آخَرَ أَكْبَرَ مِنْهُ وَيَنْدَرِجُ إلَى كَبِيرٍ ثُمَّ أَكْبَرَ حَتَّى يَسْقُطَ فِي جَهَنَّمَ فَكَيْف يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ هَذَا قُرْبَةً إلَى اللَّهِ وَإِنَّمَا يُقَدِّرُهُ عَلَى بَعْضِ عِبَادِهِ لِيَكُونَ لُطْفًا بِهِمْ أَوْ بِغَيْرِهِمْ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ خَيْرٌ لَهُمْ أَوْ لِغَيْرِهِمْ اعْتِبَارًا وَالْأَشْيَاءُ قَدْ تُرَادُ إرَادَةَ الْمَقَاصِدِ وَقَدْ تُرَادُ إرَادَةَ الْوَسَائِلِ لُطْفًا بِالْعِبَادِ فَلَا يَلْتَبِسُ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ.
وَالْمَطْلُوبَاتُ كُلُّهَا إمَّا مَقَاصِدُ وَإِمَّا وَسَائِلُ صَالِحَةٌ لِمَا هُوَ أَصْلَحُ مِنْهَا وَالْمَنْهِيَّاتُ كُلُّهَا مَفَاسِدُ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى بَعْضِهَا صَلَاحٌ فَلَا يُوَصِّلُهُ ذَلِكَ إلَى حَدِّ الطَّلَبِ وَلَا الْقُرْبَةِ وَالْمَطْلُوبُ هُوَ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إلَّا الضَّلَالُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
كَتَبَهُ عَلِيٌّ السُّبْكِيُّ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ ثَانِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ. انْتَهَى.
[كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ]
(كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ)(مَسْأَلَةٌ) دَارٌ فِي يَدِ ثَلَاثَةٍ ادَّعَى أَحَدُهُمْ كُلَّهَا وَالْآخَرُ ثُلُثَيْهَا وَالْآخَرُ نِصْفَهَا وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمْ بَيِّنَةً.
(الْجَوَابُ) لِكُلٍّ مِنْهُمْ ثُلُثُهَا كَمَا كَانَ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ كُلٍّ مِنْهُمْ شَهِدَتْ لَهُ بِمَا فِي يَدِهِ وَزِيَادَةً فَلَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ، أَمَّا مُدَّعِي الْكُلِّ فَلِأَنَّ بَيِّنَتَهُ فِي الزَّائِدِ مُعَارَضَةٌ بِبَيِّنَةِ مُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ فِي الثُّلُثَيْنِ، وَبَيِّنَةِ مُدَّعِي النِّصْفِ فِي النِّصْفِ فَتَسَاقَطَا وَسَقَطَتْ دَعْوَاهُ فِي الثُّلُثَيْنِ، وَأَمَّا مُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ فَلِأَنَّ بَيِّنَتَهُ فِي الزَّائِدِ مُعَارَضَةٌ بِبَيِّنَةِ مُدَّعِي الْكُلِّ فِيهِ وَبَيِّنَةِ مُدَّعِي النِّصْفِ فِي نِصْفِهِ وَهُوَ السُّدُسُ فَتَسَاقَطَتْ وَسَقَطَتْ دَعْوَاهُ بِالثُّلُثِ الزَّائِدِ، وَأَمَّا مُدَّعِي النِّصْفِ فَلِأَنَّ بَيِّنَتَهُ بِالسُّدُسِ الزَّائِدِ مُعَارَضَةٌ بِبَيِّنَةِ مُدَّعِي الْكُلِّ فِيهِ وَبِبَيِّنَةِ مُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ فِي نِصْفِهِ وَهُوَ نِصْفُ السُّدُسِ فَتَسَاقَطَتْ وَسَقَطَتْ دَعْوَاهُ بِالسُّدُسِ الزَّائِدِ وَاسْتَقَرَّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ الثُّلُثُ الَّذِي فِي يَدِهِ وَلَكِنَّ مَا طَرِيقُهُ هَلْ هُوَ بِالْيَدِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ وَالْيَدِ جَمِيعًا؟ نُقَدِّمُ عَلَى هَذَا مُقَدِّمَةً وَهِيَ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَتْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ قَدَّمْنَا بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْحُكْمَ بِهَا وَبِالْيَدِ بِمَعْنَى أَنَّهَا رَجَّحَتْ الْيَدَ وَلَا يَحْلِفُ صَاحِبُهَا عَلَى الصَّحِيحِ وَقِيلَ: يَحْلِفُ، وَقِيلَ: تَتَسَاقَطُ الْبَيِّنَتَانِ وَتَبْقَى الْيَدُ وَحْدَهَا فَيَحْلِفُ قَطْعًا، وَبَيِّنَةُ الدَّاخِلِ مَسْمُوعَةٌ بَعْدَ قِيَامِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ
لَا قَبْلَهُ، وَإِذَا ادَّعَى الْخَارِجُ بِالنِّصْفِ وَالدَّاخِلُ بِالْكُلِّ وَيَدُهُ عَلَى الْجَمِيعِ فَقَدْ يُقَالُ: إنَّ بَيِّنَتَهُ فِي الزَّائِدِ عَلَى النِّصْفِ لَا تُسْمَعُ قَبْلَ قِيَامِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ عَلَيْهِ وَلَكِنْ لَوْ لَمْ نَسْمَعْهَا لَأَدَّى إلَى عَدَمِ تَمَكُّنِ الدَّاخِلِ مِنْ مُعَارَضَةِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ بِالنِّصْفِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَيْنِ لَا يَتَعَارَضَانِ وَإِنَّمَا يَتَعَارَضُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ بِنِصْفِ الشَّهَادَةِ لِلدَّاخِلِ بِالزَّائِدِ عَلَيْهِ لِتَنْتَفِيَ بِهِ دَعْوَى الْخَارِجِ، فَدَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى سَمَاعِهَا.
ثُمَّ إذَا سَمِعْنَاهَا وَرَجَّحْنَاهَا عَلَى بَيِّنَةِ الْخَارِجِ بِالنِّصْفِ لَا بُدَّ أَنْ نَحْكُمَ لَهُ بِالْجَمِيعِ وَإِلَّا لَمْ يَنْدَفِعْ الْخَارِجُ فَدَعَتْنَا الضَّرُورَةُ الْمَذْكُورَةُ إلَى سَمَاعِ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ وَالْحُكْمِ بِهَا فِي النِّصْفِ الَّذِي وَقَعَ التَّعَارُضُ فِيهِ وَالنِّصْفُ الزَّائِدُ لِيَصِحَّ التَّعَارُضُ وَتَنْدَفِعُ الدَّعْوَى عَنْ الدَّاخِلِ بَعْدَ قِيَامِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ، إذَا عُرِفَ هَذَا فَقَدْ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي دَارٍ فِي يَدِ ثَلَاثَةٍ ادَّعَى أَحَدُهُمْ كُلَّهَا وَالْآخَرُ نِصْفَهَا وَالْآخَرُ ثُلُثَهَا وَأَقَامَ الْأَوَّلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى مَا يَدَّعِيه دُونَ الثَّالِثِ - إنَّ لِمُدَّعِي الْكُلِّ الثُّلُثَ بِالْبَيِّنَةِ وَالْيَدِ النِّصْفَ كَذَلِكَ وَلِمُدَّعِي الْكُلِّ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الثَّالِثِ أَيْضًا بِبَيِّنَتِهِ السَّلِيمَةِ وَفِي النِّصْفِ الْآخَرِ يَتَعَارَضُ بِبَيِّنَتِهِ وَبَيِّنَةِ مُدَّعِي النِّصْفِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالتَّسَاقُطِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الثَّالِثِ فِي السُّدُسِ. انْتَهَى.
وَصَاحِبُ الْكُلِّ هَاهُنَا يَدَّعِي عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ مُدَّعِي النِّصْفِ بِنِصْفِ سُدُسٍ وَفِيهِ يَحْصُلُ تَعَارُضُ بَيِّنَتَيْهِمَا وَبَقِيَّةُ مَا فِي يَدِ مُدَّعِي الْكُلِّ وَهُوَ الرَّابِعُ لَمْ يَدَّعِهِ أَحَدٌ فَلَا تَعَارُضَ فِيهِ وَلَكِنَّا نَحْكُمُ لَهُ بِجَمِيعِ الثُّلُثِ كَمَا حَكَمْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ بِالْكُلِّ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِ إلَّا النِّصْفَ لَكِنَّ الْحُكْمَ يَخْتَلِفُ فَفِي الرُّبُعِ بِيَدٍ وَبَيِّنَتُهُ لَا مُعَارِضَ لَهَا وَفِي نِصْفِ السُّدُسِ بِيَدٍ مُرَجَّحَةٍ بِبَيِّنَتِهِ وَقَعَ التَّعَارُضُ فِيهَا وَالسُّدُسُ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ بِالْبَيِّنَةِ وَحْدَهَا وَمُدَّعِي النِّصْفِ مُدَّعًى عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ مُدَّعِي الْكُلِّ بِجَمِيعِ مَا فِي يَدِهِ وَهُوَ الثُّلُثُ فَتَقْرِيرُهُ فِي يَدِهِ بِالْيَدِ الْمُرَجَّحَةِ بِالْبَيِّنَةِ الْمُعَارِضَةِ. فَهَذَا تَنْبِيهٌ عَلَى ذَلِكَ.
وَإِنْ كَانَ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ بِالْبَيِّنَةِ وَالْيَدِ صَحِيحًا لَكِنَّا أَحْبَبْنَا زِيَادَةَ بَيَانٍ فِي ذَلِكَ. رَجَعْنَا إلَى مَسْأَلَتِنَا فَنَقُولُ: يَسْتَقِرُّ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ الثُّلُثُ بِالْيَدِ وَالْبَيِّنَةِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ.
وَتَفْصِيلُهُ أَنْ نَقُولَ: مُدَّعِي الْكُلِّ مُدَّعًى عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ مُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ بِالسُّدُسِ وَمِنْ جِهَةِ مُدَّعِي النِّصْفِ بِنِصْفِ سُدُسٍ فَفِي هَاتَيْنِ الْحِصَّتَيْنِ تَتَعَارَضُ