المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل تكفير الصحابة] - فتاوى السبكي - جـ ٢

[تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌[وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى الْجِهَاتِ وَالْوُجُوهِ وَالْمَصَالِحِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي نَقْضِ الْقَضَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَقْفٌ شَرَطَ وَاقِفُهُ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ نَسْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَرَعٌ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ الْقَبُولُ]

- ‌[فَرْعٌ الْوَقْفُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ قَطْعًا وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبُولُ]

- ‌[فَرْعٌ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ]

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ قَالَ وَقَفْت دَارِي هَذِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ بَعْدَ مَوْتِي]

- ‌[فَرْعٌ التَّرْتِيبُ فِي الْمَصَارِفِ لَا فِي أَصْلِ الْوَقْفِ]

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَكْلِ مِنْ الْأَوْقَافِ هَذَا الزَّمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ فَوَّضَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ إلَيْهِ فِي وَقْفٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ تَوْلِيَةُ التَّدْرِيسِ وَمَا أَشْبَهَهُ لِلنَّاظِرِ الْخَاصِّ أَوْ لِلْحَاكِمِ]

- ‌[فَصْل الْفَرْقِ بَيْنَ أَوْقَافِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ الَّتِي تَحْتَ نَظَرِ الْحُكْمِ]

- ‌[فَصْلٌ مَوْقِفَ الرُّمَاةِ فِي وَقْفِ حَمَاةَ]

- ‌[بَابُ الْهِبَة]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي عِتْق السَّائِبَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ الْوَلَاء لَا يُوَرَّثُ بِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِع وَالْخَامِس ابْن الْمُعْتِقِ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ فَإِن كَانَ للمعتق أب وإبن]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ خَلَّفَ الْعَتِيقُ بِنْتَ الْمُعْتِقِ وَعَصَبَةَ الْمُعْتِقِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى إذَا هُوَ مَاتَ فَالدَّارُ الَّتِي يَسْكُنُهَا تُكْرَى بِسِتَّةَ عَشَرَ كُلِّ شَهْرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى أَنْ تُكَمَّلَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ عِمَارَةُ مَسْجِدٍ وَصِهْرِيجٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى إلَى شَخْصٍ عَلَى أَوْلَادِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَوْصَتْ إلَى فُلَانٍ أَنْ يَحْتَاطَ عَلَى تَرِكَتِهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى بِمَالِهِ كُلِّهِ]

- ‌[بَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَالصَّدَقَاتِ]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَسْلَمَ الْحُرُّ عَلَى أَرْبَعِ إمَاءٍ وَأَسْلَمَ مَعَهُ ثِنْتَانِ وَتَخَلَّفَ ثِنْتَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّسَرِّي بِالْجَوَارِي]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَالِد الطِّفْلَة لِوَالِدِ الطِّفْل زَوَّجْت ابْنَتِي مِنْ ابْنِك قَالَ قَبِلْت]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَزَالَ بَكَارَةَ زَوْجَتِهِ بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّدَاقِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ أَعْسَرَ بِبَعْضِ الصَّدَاقِ وَلَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَقْوِيم الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِمَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَنْكُوحَة إنْ كَانَ الْعَيْبُ بِهَا وَفَسَخَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْمَسِيسِ]

- ‌[بَابُ الْقَسَمِ وَالنُّشُوزِ]

- ‌[بَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أُكْرِهْت عَلَى سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ بِعِوَضٍ فَطَلَّقَهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْخُلْعُ إذَا جَرَى بِلَفْظِ الْخُلْعِ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ]

- ‌[كِتَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاجْتِمَاع وَالِافْتِرَاق فِي مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَلِف بِالطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي ثَلَاثًا مَا بَقِيَ بَيْنِي وَبَيْنَك مُعَامَلَةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي مَا بَقِيَّتِي تَكُونِي لِي بِامْرَأَةٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَتْ لَهُ تَزَوَّجْت عَلَى بِنْتِي فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَ بِنْتِك طَالِقٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُول بِهَا إنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ كَذَا وَلَمْ أَدْخُلْ بِهَا فَهِيَ طَالِقٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ يُعْطِي فُلَانًا كُلَّ يَوْمِ نِصْفَ دِرْهَمٍ]

- ‌[الطَّلَاقُ الْمُنَجِّزِ]

- ‌[بَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌[بَابُ الرِّدَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ السَّاحِر وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ]

- ‌[كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ]

- ‌[بَابُ التَّعْزِيرِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِهَادِ]

- ‌[بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ]

- ‌[تَرْمِيم الْكَنَائِسِ]

- ‌[بَابٌ فِي شُرُوط عُمَرَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّرْمِيمِ وَالْإِعَادَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاصَلَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَكَلَّمَ أَحَدَهُمَا]

- ‌[كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْكِتَابَة عَلَى الْمَكَاتِيبِ الَّتِي يَظْهَرُ بُطْلَانُهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَاكِمَ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمٌ لَا يَرَاهُ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ادَّعَى وَكِيلٌ عَنْ غَائِبٍ عَلَى حَاضِرٍ فَقَالَ أَبْرَأَنِي مِنْ ذَلِكَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ادَّعَى قَيِّمُ صَبِيٍّ عَلَى حَاضِرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ كَانَ الْحَقُّ الْمُدَّعَى بِهِ لِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ ادَّعَاهُ وَلِيُّهُ عَلَى غَائِبٍ]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَقْد نِكَاحٍ يُخَالِفُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَيُوَافِقُ غَيْرَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَدَاوَة الَّتِي تُرَدُّ بِهَا الشَّهَادَةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَقَرَّ أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِشَخْصٍ أَلْف دِرْهَمٍ وَعَشَرَة دَرَاهِمَ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اشْتَرَى عَيْنًا فَادَّعَتْ زَوْجَةُ الْبَائِعِ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اشْتَرَى دَارًا وَصَدَّقَ الْبَائِعَ أَخُوهُ عَلَى صِحَّةِ مِلْكِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً بَائِنًا خُلْعًا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ إنَّهَا ثَالِثَةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ شُرُوطُ الْحُكْمِ فِي الدَّعْوَى]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَيْنٌ فِي يَدِ شَخْصٍ فَادَّعَاهَا آخِر وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَرْضٌ بَيْنَ أَخَوَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَخَلَفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَبِنْتًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَيْتَامًا وَتَرَكَ مَوْجُودًا كَثِيرًا فَوْقَ حَاجَتِهِمْ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَرْضٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَقَرَّ أَنَّهُمَا اقْتَسَمَاهَا قِسْمَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَاتَ وَخَلَفَ ابْنًا وَابْنَتَيْنِ وَخَلَفَ لَهُمْ فَدَّانًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إلَّا بَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[مَسْأَلَة كَاتَبَ اثْنَانِ عَبْدًا ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ]

- ‌[مَسْأَلَة كَاتَبَ عَبْدًا وَمَاتَ عَنْ اثْنَيْنِ]

- ‌[بَابٌ جَامِعٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَدّ الْخَمْر بَعْد التَّوْبَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَرَيَانُ مَاءِ دَارٍ إلَى أُخْرَى]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَتَعَلَّق بِالْوَقْفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ عَيْنًا فِي يَدِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مِلْك اُحْتِيجَ إلَى بَيْعِهِ عَلَى يَتِيمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِهِ رَهْنٌ فَطَالَبَ الْمُرْتَهِنُ بِبَيْعِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِإِقْرَارِهِ وَرَهَنَ بِهِ عِنْدَ صَاحِبَةِ الدَّيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ قَالَ الْقَاضِي يُفْتِي وَالْمُفْتِي يَهْذِي]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَدِيث مَا أَقَلَّتْ الْغَبْرَاءُ وَلَا أَظَلَّتْ الْخَضْرَاءُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَدِيث طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ حَدِيثِيَّةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ نَفْي الْحَصْرِ فِي آيَة وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ]

- ‌[مَسْأَلَة الْفُتُوَّة وشد الوسط مِنْ البدع]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْخَيْل هَلْ كَانَتْ قَبْلَ آدَمَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسَبَ إلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ قَالَ مَا لِي رَأْيٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَنْ عَبَدَ اللَّه تَعَالَى بِالْخَوْفِ فَهُوَ حَرُورِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دُخُولُ الْجَنَّةِ أَفْضَلُ أُمّ الْعِبَادَة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ آخِرُ مِنْ يَدْخُل الْجَنَّة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَضْعُ الْقَدَمِ عَلَى بِسَاطٍ فِيهِ أَشْكَالُ حُرُوفٍ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُد وتفسيرها]

- ‌[فَصْلٌ تَكْفِير الصَّحَابَة]

- ‌[فَصْلٌ سَبُّ النَّبِيِّ]

- ‌[الدَّلَالَةُ عَلَى عُمُومِ الرِّسَالَةِ]

- ‌[مُسْلِم اسْتَأْجَرَ ذِمِّيًّا شَهْرًا فَهَلْ تُسْتَثْنَى السُّبُوتِ]

- ‌[هَلْ تَدْخُلُ الذِّمِّيَّةُ فِي حَدِيثِ لَا تَحُدُّ الْمَرْأَةُ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لُغَوِيَّة فِي يُهَرِيق الْمَاءَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَعِب الشَّافِعِيّ الشِّطْرَنْجَ مَعَ الْحَنَفِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَرْوَاحِ هَلْ تَفْنَى كَمَا تَفْنَى الْأَجْسَامُ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَاضِي إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ هَلْ لِنُوَّابِهِ أَنْ يَعْقِدُوا النِّكَاح]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَحْوِيَّةٌ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْعَشْرُ الْأَخِيرُ أَوْ لَا]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي الطَّلَاق]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاشْتِغَال بِالْمَنْطِقِ]

الفصل: ‌[فصل تكفير الصحابة]

وَعُمَرَ جُلِدَ وَمَنْ سَبَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قُتِلَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِيهَا {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [النور: 17] فَمَنْ رَمَاهَا فَقَدْ خَالَفَ الْقُرْآنَ وَمَنْ خَالَفَ الْقُرْآنَ قُتِلَ

قَالَ ابْنُ حَزْمٍ هَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ سَمِعْت عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ دَخَلْت عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ لِي أَتَعْرِفُ حَدِيثًا مُسْنَدًا فِيمَنْ سَبَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَيُقْتَلُ قُلْت نَعَمْ فَذَكَرْت لَهُ حَدِيثَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بُلْقِينَ قَالَ «كَانَ رَجُلٌ شَتَمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ يَكْفِينِي عَدُوًّا لِي فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: أَنَا، فَبَعَثَهُ إلَيْهِ فَقَتَلَهُ» فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: لَيْسَ هَذَا مُسْنَدًا هُوَ عَنْ رَجُلٍ فَقُلْت: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِهَذَا يَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلُ وَقَدْ بَايَعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مَعْرُوفٌ فَأَمَرَ لِي بِأَلْفِ دِينَارٍ؛ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: هَذَا صَحِيحٌ نُدِينُ بِهِ كُفْرَ مَنْ سَبَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ ابْنُ حَزْمٍ كُلُّ كُفْرٍ شِرْكٌ وَكُلُّ شِرْكٍ كُفْرٌ وَهُمَا اسْمَانِ شَرْعِيَّانِ أَوْقَعَهُمَا اللَّهُ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَنَقَلَهُمَا عَنْ مَوْضُوعِهِمَا فِي اللُّغَةِ إلَى كُلِّ مَنْ أَنْكَرَ شَيْئًا مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ يَكُونُ بِإِنْكَارِهِ مُعَانِدًا لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ بُلُوغِ النِّذَارَةِ.

[فَصْلٌ تَكْفِير الصَّحَابَة]

احْتَجَّ الْمُكَفِّرُونَ لِلشِّيعَةِ وَالْخَوَارِجِ بِتَكْفِيرِهِمْ لِأَعْلَامِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَتَكْذِيبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَطْعِهِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ. وَهَذَا عِنْدِي احْتِجَاجٌ صَحِيحٌ فِيمَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ تَكْفِيرُ أُولَئِكَ.

وَأَجَابَ الْآمِدِيُّ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ أَنْ لَوْ كَانَ الْمُكَفِّرُ يَعْلَمُ بِتَزْكِيَةِ مَنْ كَفَّرَهُ قَطْعًا عَلَى الْإِطْلَاقِ إلَى مَمَاتِهِ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ» إلَى آخِرِهِمْ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْخَبَرُ لَيْسَ مُتَوَاتِرًا لَكِنَّهُ مَشْهُورٌ مُسْتَفِيضٌ وَعَضَّدَهُ إجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى إمَامَتِهِمْ وَعُلُوِّ قَدْرِهِمْ وَتَوَاتُرِ مَنَاقِبِهِمْ أَعْظَمَ التَّوَاتُرِ الَّذِي يُفِيدُ تَزْكِيَتَهُمْ فَبِذَلِكَ نَقْطَعُ بِتَزْكِيَتِهِمْ عَلَى الْإِطْلَاقِ إلَى مَمَاتِهِمْ لَا يَخْتَلِجُنَا شَكٌّ فِي ذَلِكَ.

وَأَمَّا اشْتِرَاطُ عِلْمِ الْمُكَفِّرِ نَفْسِهِ بِذَلِكَ فَهُوَ مَحَلُّ النَّظَرِ الَّذِي أَشَرْنَا إلَيْهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ تَكْذِيبُهُ الْأَخْبَارَ بِأَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي بَنَى عَلَيْهِ الْأُصُولِيُّونَ، وَهُوَ عُمْدَةُ الْقَوْلِ فِي التَّكْفِيرِ، لَكِنْ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْخَاصَّةِ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم -

ص: 569

الثَّابِتُ عَنْهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ: يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا وَمَنْ رَمَى رَجُلًا بِالْكُفْرِ أَوْ قَالَ: عَدُوُّ اللَّهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا حَارَ عَلَيْهِ» فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ نَتَحَقَّقُ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يَرْمُونَ أَبَا بَكْرٍ فِي الْكُفْرِ أَوْ أَنَّهُ عَدُوُّ اللَّهِ كُفَّارٌ بِمُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ، وَإِنْ كَانَ تَكْفِيرُهُمْ أَبَا بَكْرٍ وَحْدَهُ لَمْ يَلْزَمْ عَنْهُ تَكْذِيبُهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ لِلشَّارِعِ وَلَكِنْ نَحْنُ نَحْكُمُ عَلَيْهِمْ بِالْكُفْرِ بِمُقْتَضَى إخْبَارِ الشَّارِعِ، وَهَذِهِ تُشْبِهُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ لَمَّا فَسَّرُوا الْكُفْرَ بِأَنَّهُ الْجُحُودُ، وَكَفَّرُوا بِأَشْيَاءَ لَيْسَ فِيهَا جُحُودٌ كَالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ وَنَحْوِهِ، وَأَجَابُوا بِقِيَامِ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْحُكْمِ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ بِالْكُفْرِ فَكَذَلِكَ أَقُولُ هُنَا هَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ الَّذِي ذَكَرْتُهُ قَائِمٌ عَلَى الْحُكْمِ عَلَى مُكَفِّرِ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ بِالْكُفْرِ وَإِنْ كَانَ الْمُكَفِّرُ مُعْتَقِدًا كَاعْتِقَادِ السَّاجِدِ لِلصَّنَمِ أَوْ مُلْقِي الْمُصْحَفِ فِي الْقَاذُورَاتِ وَنَحْوِهِ لَا يُنْجِيهِ اعْتِقَادُهُ لِلْإِسْلَامِ مِنْ الْحُكْمِ بِكُفْرِهِ.

فَالْجَوَابُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ هُمْ مَعْذُورُونَ فِيهِ لِأَنَّهُمْ نَظَرُوا إلَى حَقِيقَةِ الْكُفْرِ وَالتَّكْذِيبِ وَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِي الْمُكَفِّرِ.

وَفَاتَهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي اسْتَدْلَلْت أَنَا بِهِ وَالْمَأْخَذُ الَّذِي أَبْدَيْته وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ سبحانه وتعالى.

وَاعْلَمْ أَنَّ سَبَبَ كِتَابَتِي لِهَذَا أَنَّنِي كُنْت بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ ظُهْرَ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ سَادِسَ عَشَرَ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ فَأُحْضِرَ إلَيَّ شَخْصٌ شَقَّ صُفُوفَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَامِعِ وَهُمْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ وَلَمْ يُصَلِّ وَهُوَ يَقُولُ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ظَلَمَ آلَ مُحَمَّدٍ وَيُكَرِّرُ ذَلِكَ فَسَأَلْته مَنْ هُوَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قُلْت: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَيَزِيدُ وَمُعَاوِيَةُ فَأَمَرْت بِسَجْنِهِ وَجَعْلِ غُلٍّ فِي عُنُقِهِ، ثُمَّ أَخَذَهُ الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ فَضَرَبَهُ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى ذَلِكَ، وَزَادَ فَقَالَ: إنَّ فُلَانًا عَدُوُّ اللَّهِ، وَشَهِدَ عِنْدِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ شَاهِدَانِ وَقَالَ: إنَّهُ مَاتَ عَلَى غَيْرِ الْحَقِّ وَأَنَّهُ ظَلَمَ فَاطِمَةَ مِيرَاثَهَا وَأَنَّهُ يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ كَذَبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي مَنْعِهِ مِيرَاثَهَا، وَكَرَّرَ عَلَيْهِ الْمَالِكِيُّ الضَّرْبَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الْمَذْكُورِ وَيَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثَامِنَ عَشَرَ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى ذَلِكَ.

ثُمَّ أَحْضَرُوهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ تَاسِعَ عَشَرَ الشَّهْرِ بِدَارِ الْعَدْلِ وَشُهِدَ عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ فَلَمْ يُنْكِرْ

ص: 570

وَلَمْ يَقُلْ وَلَكِنْ صَارَ كُلُّ مَا سُئِلَ يَقُولُ: إنْ كُنْتُ قُلْتُ فَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى وَكُرِّرَ السُّؤَالُ عَلَيْهِ مَرَّاتٍ وَهُوَ يَقُولُ هَذَا الْجَوَابَ ثُمَّ أُعْذِرَ إلَيْهِ فَلَمْ يُبْدِ دَافِعًا ثُمَّ قِيلَ لَهُ: تُبْ، فَقَالَ: تُبْت عَنْ ذُنُوبِي وَكَرَّرَ عَلَيْهِ الِاسْتِتَابَةَ وَهُوَ لَا يَزِيدُ فِي الْجَوَابِ عَلَى ذَلِكَ الْبَحْثِ فِي الْمَجْلِسِ فِي كُفْرِهِ وَفِي قَبُولِ تَوْبَتِهِ بِبَعْضِ مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْكُرَّاسَةُ فَحَكَمَ الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ بِقَتْلِهِ فَقُتِلَ.

وَسَهَّلَ عِنْدِي قَتْلَهُ مَا ذَكَرْتُهُ مِنْ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ فَهُوَ الَّذِي انْشَرَحَ صَدْرِي لِكُفْرِهِ بِسَبِّهِ وَلِقَتْلِهِ بِعَدَمِ تَوْبَتِهِ، وَهُوَ مَنْزَعٌ لَمْ أَجِدْ غَيْرِي سَبَقَنِي إلَيْهِ إلَّا مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّيْخِ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيِّ رحمه الله فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَنَقَلَهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْخَوَارِجِ الْمُكَفِّرِينَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَإِنْ كَانَ النَّوَوِيُّ قَالَ: إنَّهُ ضَعِيفٌ وَأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْخَوَارِجَ لَا يُكَفِّرُونَ لَكِنِّي أَنَا لَا أُوَافِقُ النَّوَوِيَّ عَلَى ذَلِكَ بَلْ مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ أَنَّهُ يُكَفِّرُ مَنْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالْجَنَّةِ مِنْ الْعَشَرَةِ وَغَيْرِهِمْ فَهُوَ كَافِرٌ، وَلَا يَلْزَمُنِي طَرْدُ ذَلِكَ فِيمَنْ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَعْلَامِ الْأُمَّةِ الَّذِينَ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى إمَامَتِهِمْ كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَضْرَابِهِمْ وَإِنْ كَانَ الْقَلْبُ يَمِيلُ إلَى إلْحَاقِهِمْ بِهِمْ لَا شَكَّ عِنْدَنَا فِي إيمَانِهِمْ فَمَنْ كَفَّرَهُمْ رُجِعَ عَلَيْهِ بِكُفْرِهِ لَكِنْ نَحْمَدُ اللَّهَ لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا كَفَّرَهُمْ وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ لِلْحَاجَةِ إلَى بَيَانِ الْحُكْمِ وَهُوَ أَجَلُّ فِي أَعْيُنِنَا وَأَوْقَرُ عِنْدَنَا مِنْ كُفْرِهِمْ إلَّا عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ.

وَالصَّحَابَةُ أَعْظَمُ مِنْهُمْ وَالْمَشْهُودُ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ مِنْهُمْ أَعْظَمُ وَأَعْظَمُ وَأَعْظَمُ، وَلَا أَسْتَبْعِدُ أَنْ أَقُولَ الطَّعْنُ فِي هَؤُلَاءِ طَعْنٌ فِي الدِّينِ أَعْنِي الشَّافِعِيَّ وَمَالِكًا وَأَضْرَابَهُمَا فَضْلًا عَنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم فَهَؤُلَاءِ إجْمَاعُ النَّاسِ عَلَيْهِمْ يُلْحِقُهُمْ بِمَنْ وَرَدَ الْحَدِيثُ فِيهِمْ وَأَمَّا سَائِرُ الْمُؤْمِنِينَ مِمَّنْ حُكِمَ لَهُ بِالْإِيمَانِ فَلَا يَلْزَمُنِي تَكْفِيرُ مَنْ يَرْمِي وَاحِدًا مِنْهُمْ بِالْكُفْرِ لِعَدَمِ الْقَطْعِ بِإِيمَانِهِ الْبَاطِنِ الَّذِي أُشِيرَ إلَيْهِ بِالْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ «إنْ كَانَ كَمَا قَالَ وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ» وَإِنَّمَا نَقْطَعُ بِكَوْنِهِ لَيْسَ كَمَا قَالَ فِيمَنْ شَهِدَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَهَذَا هُوَ الْمَأْخَذُ الَّذِي ظَهَرَ لِي فِي قَتْلِ هَذَا الرَّافِضِيِّ وَإِنْ كُنْت لَمْ أَتَقَلَّدْهُ لَا فَتْوَى وَلَا حُكْمًا وَضَمَمْت إلَيْهِ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم «وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ» مَعَ تَحَقُّقِنَا

ص: 571

إيمَانَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه.

وَإِنْ كَانَ اللَّعْنُ لَا يُوجِبُ قِصَاصًا لَكِنَّ الْقَتْلَ أَعَمُّ مِنْ الْقِصَاصِ، لَكِنَّ هَذَا لَا يَنْهَضُ فِي الْحُجَّةِ كَالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ فِيهِ، وَانْضَمَّ إلَى احْتِجَاجِي بِالْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ مَجْمُوعُ الصُّورَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ هَذَا الرَّافِضِيِّ مِنْ إظْهَارِهِ ذَلِكَ فِي مَلَأٍ مِنْ النَّاسِ وَمُجَاهَرَتِهِ وَإِصْرَارِهِ عَلَيْهِ، وَنَعْلَمُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَوْ كَانَ حَيًّا لَآذَاهُ ذَلِكَ وَمَا فِيهِ مِنْ إعْلَاءِ الْبِدْعَةِ وَأَهْلِهَا وَغَمَصِ السُّنَّةِ وَأَهْلِهَا، وَهَذَا الْمَجْمُوعُ فِي غَايَةِ الْبَشَاعَةِ وَقَدْ يَحْصُلُ بِمَجْمُوعِ أُمُورٍ حُكْمٌ لَا يَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ يَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَحْكَامٌ بِقَدْرِ مَا يَحْدُثُ لَهُمْ مِنْ الْفُجُورِ فَلَا نَقُولُ: إنَّ الْأَحْكَامَ تَتَغَيَّرُ بِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ بَلْ بِاخْتِلَافِ الصُّورَةِ الْحَادِثَةِ فَإِذَا حَدَثَتْ صُورَةٌ عَلَى صِفَةٍ خَاصَّةٍ عَلَيْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِيهَا فَقَدْ يَكُونُ مَجْمُوعُهَا يَقْتَضِي الشَّرْعُ لَهُ حُكْمًا وَمَجْمُوعُ هَذِهِ الصُّورَةِ يَشْهَدُ لَهُ قَوْله تَعَالَى {وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ} [التوبة: 12] فَهَذَا مَا انْشَرَحَ صَدْرِي لَهُ بِقَتْلِ هَذَا الرَّجُلِ.

وَأَمَّا السَّبُّ وَحْدَهُ فَفِيهِ مَا قَدَّمْته وَمَا سَأَذْكُرُهُ وَإِيذَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمْرٌ عَظِيمٌ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي ضَابِطٌ فِيهِ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ: إنَّ فِعْلَ الْمَعَاصِي كُلِّهَا يُؤْذِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم «إنَّمَا فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي يَرِيبُنِي مَا رَابَهَا وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا» .

وَأَيْضًا فَلَوْ سَبَّ وَاحِدٌ مِنْ الْأَعْرَابِ الصَّحَابَةَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا بَعْدَ الْفَتْحِ لِأَمْرٍ خَاصٍّ دُنْيَوِيٍّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ يَبْعُدُ دُخُولُهُ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ كُلُّ مَنْ سَبَّ لِأَيِّ صَحَابِيٍّ كَانَ آذَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ أَجِدْ فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ سَبَّ الصَّحَابِيِّ يُوجِبُ الْقَتْلَ إلَّا مَا حَكَيْنَاهُ مِنْ إطْلَاقِ الْكُفْرِ مِنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَأَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِالْقَتْلِ، وَمِمَّا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ الْكُوفِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ فِي الْقَتْلِ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَإِلَّا مَا يَقُولُهُ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ وَعِنْدِي أَنَّهُمْ غَلِطُوا عَلَيْهِ فِيهَا لِأَنَّهُمْ أَخَذُوهَا مِنْ قَوْلِهِ: شَتْمُ عُثْمَانَ زَنْدَقَةٌ وَعِنْدِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ كُفْرَ الشَّاتِمِ بِشَتْمِهِ لِعُثْمَانَ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَقُلْ: زَنْدَقَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَظْهَرَهُ وَلَمْ يُبْطِنْهُ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَحْمَدُ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ طَعَنَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ فَقَدْ طَعَنَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ

ص: 572