الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَمَّا مُقْتَضَى كَلَامِهِ فَالْتِزَامٌ الْتَزَمَهُ لَا غَيْرَ، وَأَمَّا ابْنُ تَيْمِيَّةَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ هَذَا أَنْ يَجْعَلَهُ مُقْتَضَى كَلَامِهِ الْحَلِفُ لَا النَّذْرُ.
وَأَمَّا احْتِجَاجُهُ بِقَوْلِهِ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَهُوَ يَهُودِيٌّ وَمَا أَشْبَهَهُ فَقَدْ أَجَبْت عَنْهُ فِي التَّحْقِيقِ وَكَذَلِكَ قِيَاسُهُ عَلَى قَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَ امْرَأَتِي. وَقَوْلُهُ: إنَّ الْمُعَلِّقَ لِلطَّلَاقِ مُلْتَزِمٌ لِوُقُوعِهِ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّ مَنْ عَقَدَ الْيَمِينَ لِلَّهِ فَهُوَ أَبْلَغُ مِمَّنْ عَقَدَهَا بِاَللَّهِ وَلِهَذَا كَانَ النَّذْرُ أَبْلَغَ مِنْ الْيَمِينِ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ لَيْسَ عَقْدَ يَمِينٍ لَا بِاَللَّهِ وَلَا لِلَّهِ بَلْ هُوَ عَقْدُ يَمِينٍ لِغَيْرِ اللَّهِ وَهُوَ الطَّلَاقُ عَلَى فِعْلٍ قَدْ يَكُونُ لِلَّهِ وَقَدْ يَكُونُ لِغَيْرِهِ وَسُلُوكُهُ بِهِ مَسْلَكَ النَّذْرِ هُوَ أَصْلُ مَا بَنَى عَلَيْهِ وَحَصَلَ لَهُ مِنْهُ الِاشْتِبَاهُ وَبَيْنَهُمَا مِنْ الِافْتِرَاقِ بَوْنٌ عَظِيمٌ وَلَمْ يُوجِبْ لَهُ هَذَا الشَّغَبُ الْكَثِيرُ إلَّا تَسْوِيَتُهُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَسْتَوِيَانِ - وَاَللَّهُ تَعَالَى يُلْهِمُنَا رُشْدَنَا بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ -. كَتَبْت ذَلِكَ مُخْتَصِرًا جِدًّا بِحَسْبِ الرَّاغِبِ فِيهِ وَلِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ بِمَا يُغْنِي.
وَذَلِكَ بُكْرَةَ نَهَارِ الْأَرْبِعَاءِ عَشْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ الْمُعَظَّمِ سَنَةَ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَسَبْعِمِائَةٍ - نَفَعَنِي اللَّهُ بِهَا وَالنَّاظِرَ فِيهَا بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ -. كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْكَافِي السُّبْكِيُّ انْتَهَى.
نَقَلَ مِنْ خَطِّ مَنْ نَقَلَ مِنْ خَطِّهِ وَسَمَّاهُ نَقْدُ الِاجْتِمَاعِ وَالِافْتِرَاقِ فِي مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ وَالطَّلَاقِ.
[مَسْأَلَةٌ الْحَلِف بِالطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ]
(مَسْأَلَةٌ مُسَمَّاةٌ بِالنَّظَرِ الْمُحَقَّقِ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ) لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ رحمه الله كِتَابَانِ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ تَيْمِيَّةَ: أَحَدُهُمَا كِتَابُهُ الْكَبِيرُ الْمَشْهُورُ الْمُسَمَّى بِالتَّحْقِيقِ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ، وَالثَّانِي كِتَابُ رَفْعِ الشِّقَاقِ عَنْ مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ. وَهَذِهِ فُتْيَا مُخْتَصَرَةٌ قَالَ رحمه الله: مَسْأَلَةٌ: إذَا عَلَّقَ الرَّجُلُ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ عَلَى شَرْطٍ قَاصِدًا الْيَمِينَ إمَّا لِحَثٍّ أَوْ مَنْعٍ أَوْ تَصْدِيقٍ، ثُمَّ وُجِدَ ذَلِكَ الشَّرْطُ وَقَعَ الطَّلَاقُ. وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ مُقْتَضَى الْقَضِيَّةِ الشَّرْطِيَّةِ الْحُكْمُ بِالْمَشْرُوطِ عَلَى تَقْدِيرِ الشَّرْطِ خَبَرِيَّةً كَانَتْ أَوْ إنْشَائِيَّةً، وَالْمُعَلَّقُ فِيهَا هُوَ نِسْبَةُ أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ إلَى الْآخَرِ لَا الْحُكْمُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ الَّذِي هُوَ مُنْقَسِمٌ إلَى الْخَبَرِ وَالْإِنْشَاءِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَسْتَحِيلُ تَعْلِيقُهُ فَالْمُعَلَّقُ فِي مَسْأَلَتِنَا هُوَ الطَّلَاقِ وَأَمَّا التَّطْلِيقُ فَهُوَ فِعْلُ الزَّوْجِ يُوقِعُهُ مُنْجَزًا أَوْ مُعَلَّقًا وَيُوصَفُ التَّعْلِيقُ بِكَوْنِهِ تَطْلِيقًا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ حَقِيقَةً فَإِنْ لَمْ يُجِزْ التَّعْلِيقَ يَخْرُجُ الَّذِي
حَصَلَ مُقْتَضَاهُ عَنْ الشَّرْطِ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَحْكَامُ الشَّرِيعَةِ كُلِّهَا الْمُعَلَّقَةِ بِالْمَشْرُوطِ، وَمَنْ مَنَعَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالصِّفَاتِ مُطْلَقًا فَقَدْ الْتَبَسَ عَلَيْهِ التَّعْلِيقُ بِتَعْلِيقِ الْإِنْشَاءِ فَظَنَّ أَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ مِنْ الثَّانِي وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الْأَوَّلِ وَقَدْ عَلَّقَ اللَّهُ إحْلَالَ امْرَأَةٍ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى هِبَتِهَا نَفْسَهَا لَهُ وَإِرَادَتِهِ اسْتِنْكَاحَهَا وَإِنْ خَرَجَ الْيَمِينُ فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُ تَعْلِيقٌ خَاصٌّ فَيَجِبُ ثُبُوتُ حُكْمِ التَّعْلِيقِ الْعَامِّ لَهُ.
الثَّانِي {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [النور: 7] وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ: أَنَّ الْمُلَاعِنَ يَقْصِدُ بِهَذَا الشَّرْطِ التَّصْدِيقَ فَهُوَ خَارِجٌ مَخْرَجَ الْيَمِينِ وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ مُوجَبُ اللَّعْنَةِ وَالْغَضَبِ عَلَى تَقْدِيرِ الْكَذِبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إنَّهَا مُوجِبَةٌ وَبِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى ذَلِكَ الْكَفَّارَةَ لَكَانَ الْإِتْيَانُ بِالْقَسَمِ أَوْلَى.
(الثَّالِثُ) أَنَّ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَأَشْعَارِ الْعَرَبِ وَكَلَامِ الْفُصَحَاءِ مِنْ التَّعْلِيقَاتِ الَّتِي الْحَثُّ أَوْ الْمَنْعُ أَوْ التَّصْدِيقُ مَا لَا يُحْصَى مَعَ الْقَطْعِ بِحُضُورِ الْمَشْرُوطِ فِيهَا عِنْدَ الشَّرْطِ.
(الرَّابِعُ) أَنَّ تَسْمِيَةَ التَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ يَمِينًا لَا يَعْرِفُهُ الْعَرَبُ وَلَمْ يَتَّفِقْ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ وَلَمْ يَرِدْ بِهِ الشَّرْعُ وَإِنَّمَا يُسَمَّى بِذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي حُكْمِ الْأَيْمَانِ وَأَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلتَّكْفِيرِ.
(الْخَامِسُ) أَنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ وَإِنْ قُصِدَ بِهِ الْمَنْعُ فَالطَّلَاقُ مَقْصُودٌ فِيهِ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ وَلِذَلِكَ نَصَبَهُ الزَّوْجُ مَانِعًا لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا امْتَنَعَ، وَلَا اسْتِحَالَةَ فِي كَوْنِ الطَّلَاقِ غَيْرَ مَقْصُودٍ لِلزَّوْجِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَمَقْصُودًا لَهُ عَلَى تَقْدِيرٍ وَإِذَا كَانَ مَقْصُودًا وَوُجِدَ الشَّرْطُ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى مُقْتَضَى تَعْلِيقِهِ وَقَصْدِهِ.
(السَّادِسُ) أَنَّهُ عِنْدَ الشَّرْطِ يَصِحُّ اسْمُ التَّطْلِيقِ لِمَا تَقَدَّمَ فَيَنْدَرِجُ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] . وَالسَّابِعُ أَنَّ التَّطْلِيقَ مُفَوَّضٌ إلَى الْعَبْدِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] وَهُوَ أَعَمُّ مَنْ الْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقُ فَيَنْدَرِجُ الْمُعَلَّقُ تَحْتَ الْآيَةِ.
(الثَّامِنُ) الْإِجْمَاعُ نَقَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمْ. فَإِنْ قُلْت يَرِدُ عَلَيْك أَمْرَانِ: أَحَدُهُمَا طَلَبُ الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ نَذْرِ الْحَاجِّ عِنْدَ مَنْ جَعَلَهُ يَتَخَلَّصُ مِنْهُ بِكَفَّارَةِ يَمِينٍ، وَالثَّانِي فِي دَعْوَاك الْإِجْمَاعَ. وَقَدْ نَقَلَ بَعْضُ النَّاسِ قَوْلَيْنِ آخَرَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ