المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فرع من قال وقفت داري هذه على المساكين بعد موتي] - فتاوى السبكي - جـ ٢

[تقي الدين السبكي]

فهرس الكتاب

- ‌[وَاقِفٍ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى الْجِهَاتِ وَالْوُجُوهِ وَالْمَصَالِحِ]

- ‌[خَاتِمَةٌ فِي نَقْضِ الْقَضَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَقْفٌ شَرَطَ وَاقِفُهُ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ نَسْلِهِ]

- ‌[فَصْلٌ فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ مِنْ كِتَابِ الْوَقْفِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَرَعٌ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ الْقَبُولُ]

- ‌[فَرْعٌ الْوَقْفُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ قَطْعًا وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبُولُ]

- ‌[فَرْعٌ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ]

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ قَالَ وَقَفْت دَارِي هَذِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ بَعْدَ مَوْتِي]

- ‌[فَرْعٌ التَّرْتِيبُ فِي الْمَصَارِفِ لَا فِي أَصْلِ الْوَقْفِ]

- ‌[فَرْعٌ وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَكْلِ مِنْ الْأَوْقَافِ هَذَا الزَّمَانِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ فَوَّضَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ إلَيْهِ فِي وَقْفٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هَلْ تَوْلِيَةُ التَّدْرِيسِ وَمَا أَشْبَهَهُ لِلنَّاظِرِ الْخَاصِّ أَوْ لِلْحَاكِمِ]

- ‌[فَصْل الْفَرْقِ بَيْنَ أَوْقَافِ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ الَّتِي تَحْتَ نَظَرِ الْحُكْمِ]

- ‌[فَصْلٌ مَوْقِفَ الرُّمَاةِ فِي وَقْفِ حَمَاةَ]

- ‌[بَابُ الْهِبَة]

- ‌[كِتَابُ الْفَرَائِضِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي عِتْق السَّائِبَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ الْوَلَاء لَا يُوَرَّثُ بِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِع وَالْخَامِس ابْن الْمُعْتِقِ يَرِثُ بِالْوَلَاءِ فَإِن كَانَ للمعتق أب وإبن]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ خَلَّفَ الْعَتِيقُ بِنْتَ الْمُعْتِقِ وَعَصَبَةَ الْمُعْتِقِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَصَايَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى إذَا هُوَ مَاتَ فَالدَّارُ الَّتِي يَسْكُنُهَا تُكْرَى بِسِتَّةَ عَشَرَ كُلِّ شَهْرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى أَنْ تُكَمَّلَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ عِمَارَةُ مَسْجِدٍ وَصِهْرِيجٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى إلَى شَخْصٍ عَلَى أَوْلَادِهِ]

- ‌[فَصْلٌ أَوْصَتْ إلَى فُلَانٍ أَنْ يَحْتَاطَ عَلَى تَرِكَتِهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَوْصَى بِمَالِهِ كُلِّهِ]

- ‌[بَابُ الْوَدِيعَةِ]

- ‌[بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ وَالصَّدَقَاتِ]

- ‌[كِتَابُ النِّكَاحِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَسْلَمَ الْحُرُّ عَلَى أَرْبَعِ إمَاءٍ وَأَسْلَمَ مَعَهُ ثِنْتَانِ وَتَخَلَّفَ ثِنْتَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التَّسَرِّي بِالْجَوَارِي]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَالِد الطِّفْلَة لِوَالِدِ الطِّفْل زَوَّجْت ابْنَتِي مِنْ ابْنِك قَالَ قَبِلْت]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَزَالَ بَكَارَةَ زَوْجَتِهِ بِأُصْبُعِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّدَاقِ]

- ‌[مَسْأَلَةُ أَعْسَرَ بِبَعْضِ الصَّدَاقِ وَلَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَقْوِيم الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِمَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَنْكُوحَة إنْ كَانَ الْعَيْبُ بِهَا وَفَسَخَ الزَّوْجُ قَبْلَ الْمَسِيسِ]

- ‌[بَابُ الْقَسَمِ وَالنُّشُوزِ]

- ‌[بَابُ الْخُلْعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أُكْرِهْت عَلَى سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ بِعِوَضٍ فَطَلَّقَهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْخُلْعُ إذَا جَرَى بِلَفْظِ الْخُلْعِ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ]

- ‌[كِتَابُ الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ الِاجْتِمَاع وَالِافْتِرَاق فِي مَسَائِلِ الْأَيْمَانِ وَالطَّلَاقِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَلِف بِالطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي ثَلَاثًا مَا بَقِيَ بَيْنِي وَبَيْنَك مُعَامَلَةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي مَا بَقِيَّتِي تَكُونِي لِي بِامْرَأَةٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَتْ لَهُ تَزَوَّجْت عَلَى بِنْتِي فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرَ بِنْتِك طَالِقٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُول بِهَا إنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ كَذَا وَلَمْ أَدْخُلْ بِهَا فَهِيَ طَالِقٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ يُعْطِي فُلَانًا كُلَّ يَوْمِ نِصْفَ دِرْهَمٍ]

- ‌[الطَّلَاقُ الْمُنَجِّزِ]

- ‌[بَابُ الْعِدَّةِ]

- ‌[بَابُ الرِّدَّةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ السَّاحِر وَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ]

- ‌[كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ]

- ‌[بَابُ التَّعْزِيرِ]

- ‌[كِتَابُ الْجِهَادِ]

- ‌[بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ]

- ‌[تَرْمِيم الْكَنَائِسِ]

- ‌[بَابٌ فِي شُرُوط عُمَرَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّرْمِيمِ وَالْإِعَادَةِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُنَاصَلَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَكَلَّمَ أَحَدَهُمَا]

- ‌[كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْكِتَابَة عَلَى الْمَكَاتِيبِ الَّتِي يَظْهَرُ بُطْلَانُهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَاكِمَ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ حُكْمٌ لَا يَرَاهُ]

- ‌[بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ادَّعَى وَكِيلٌ عَنْ غَائِبٍ عَلَى حَاضِرٍ فَقَالَ أَبْرَأَنِي مِنْ ذَلِكَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ادَّعَى قَيِّمُ صَبِيٍّ عَلَى حَاضِرٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ كَانَ الْحَقُّ الْمُدَّعَى بِهِ لِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ ادَّعَاهُ وَلِيُّهُ عَلَى غَائِبٍ]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَقْد نِكَاحٍ يُخَالِفُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَيُوَافِقُ غَيْرَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْعَدَاوَة الَّتِي تُرَدُّ بِهَا الشَّهَادَةُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَقَرَّ أَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِشَخْصٍ أَلْف دِرْهَمٍ وَعَشَرَة دَرَاهِمَ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اشْتَرَى عَيْنًا فَادَّعَتْ زَوْجَةُ الْبَائِعِ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اشْتَرَى دَارًا وَصَدَّقَ الْبَائِعَ أَخُوهُ عَلَى صِحَّةِ مِلْكِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً بَائِنًا خُلْعًا فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ إنَّهَا ثَالِثَةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ شُرُوطُ الْحُكْمِ فِي الدَّعْوَى]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَيْنٌ فِي يَدِ شَخْصٍ فَادَّعَاهَا آخِر وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَرْضٌ بَيْنَ أَخَوَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَخَلَفَ ثَلَاثَةَ بَنِينَ وَبِنْتًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَيْتَامًا وَتَرَكَ مَوْجُودًا كَثِيرًا فَوْقَ حَاجَتِهِمْ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَرْضٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَقَرَّ أَنَّهُمَا اقْتَسَمَاهَا قِسْمَةً صَحِيحَةً شَرْعِيَّةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَاتَ وَخَلَفَ ابْنًا وَابْنَتَيْنِ وَخَلَفَ لَهُمْ فَدَّانًا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَاتَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ إلَّا بَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[كِتَابُ الْعِتْقِ]

- ‌[مَسْأَلَة كَاتَبَ اثْنَانِ عَبْدًا ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ]

- ‌[مَسْأَلَة كَاتَبَ عَبْدًا وَمَاتَ عَنْ اثْنَيْنِ]

- ‌[بَابٌ جَامِعٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَدّ الْخَمْر بَعْد التَّوْبَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جَرَيَانُ مَاءِ دَارٍ إلَى أُخْرَى]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تَتَعَلَّق بِالْوَقْفِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ عَيْنًا فِي يَدِهِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مِلْك اُحْتِيجَ إلَى بَيْعِهِ عَلَى يَتِيمٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِهِ رَهْنٌ فَطَالَبَ الْمُرْتَهِنُ بِبَيْعِهِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِإِقْرَارِهِ وَرَهَنَ بِهِ عِنْدَ صَاحِبَةِ الدَّيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ قَالَ الْقَاضِي يُفْتِي وَالْمُفْتِي يَهْذِي]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَدِيث مَا أَقَلَّتْ الْغَبْرَاءُ وَلَا أَظَلَّتْ الْخَضْرَاءُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَدِيث طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ حَدِيثِيَّةٌ]

- ‌[فَائِدَةٌ نَفْي الْحَصْرِ فِي آيَة وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ]

- ‌[مَسْأَلَة الْفُتُوَّة وشد الوسط مِنْ البدع]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْخَيْل هَلْ كَانَتْ قَبْلَ آدَمَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَسَبَ إلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ قَالَ مَا لِي رَأْيٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَنْ عَبَدَ اللَّه تَعَالَى بِالْخَوْفِ فَهُوَ حَرُورِيٌّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ دُخُولُ الْجَنَّةِ أَفْضَلُ أُمّ الْعِبَادَة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ آخِرُ مِنْ يَدْخُل الْجَنَّة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَضْعُ الْقَدَمِ عَلَى بِسَاطٍ فِيهِ أَشْكَالُ حُرُوفٍ مِنْ حُرُوفِ الْمُعْجَمِ]

- ‌[قَوْله تَعَالَى وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُد وتفسيرها]

- ‌[فَصْلٌ تَكْفِير الصَّحَابَة]

- ‌[فَصْلٌ سَبُّ النَّبِيِّ]

- ‌[الدَّلَالَةُ عَلَى عُمُومِ الرِّسَالَةِ]

- ‌[مُسْلِم اسْتَأْجَرَ ذِمِّيًّا شَهْرًا فَهَلْ تُسْتَثْنَى السُّبُوتِ]

- ‌[هَلْ تَدْخُلُ الذِّمِّيَّةُ فِي حَدِيثِ لَا تَحُدُّ الْمَرْأَةُ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لُغَوِيَّة فِي يُهَرِيق الْمَاءَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لَعِب الشَّافِعِيّ الشِّطْرَنْجَ مَعَ الْحَنَفِيِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْأَرْوَاحِ هَلْ تَفْنَى كَمَا تَفْنَى الْأَجْسَامُ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَاضِي إذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ هَلْ لِنُوَّابِهِ أَنْ يَعْقِدُوا النِّكَاح]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نَحْوِيَّةٌ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْعَشْرُ الْأَخِيرُ أَوْ لَا]

- ‌[فَائِدَةٌ فِي الطَّلَاق]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الِاشْتِغَال بِالْمَنْطِقِ]

الفصل: ‌[فرع من قال وقفت داري هذه على المساكين بعد موتي]

وَقَالُوا فِيهِ: إنَّ الْمَذْهَبَ الْبُطْلَانُ.

أَمَّا ذِكْرُهُ عَلَى وَجْهِ التَّرْتِيبِ فَقَطْ كَمَا هُوَ صَدْرُ الْكَلَامِ فَلِمَ لَا يَكُونُ كَمُنْقَطِعِ الْأَخِيرِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ مُنْقَطِعَ الْأَخِيرِ هُوَ الَّذِي يَسْكُتُ عَنْ مَصْرِفِهِ الْأَخِيرِ، فَإِنْ ذَكَرَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى انْتِهَاءِ الْوَقْفِ بَطَلَ عَلَى الْمَذْهَبِ كَالْمَوْقُوفِ وَهَذَا مِثْلُهُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، فَالْمُرَادُ رُجُوعُهَا إلَيْهِ غَيْرَ وَقْفٍ، أَمَّا إذَا قَالَ يَرْجِعُ إلَيَّ وَقْفًا عَلَيَّ، وَقُلْنَا: وَقْفُهُ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَصِحُّ ابْتِدَاءً فَهَلْ يَصِحُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فِيهِ وَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ رحمه الله.

[فَرْعٌ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ]

(فَرْعٌ) الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ صَحِيحٌ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ لِلشَّرْعِ فِيهِمْ عُرْفًا، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَلَا يَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ؛ وَلِأَنَّهُمْ فِرْقَةٌ مَخْصُوصَةٌ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمْ الصِّفَةُ،، وَإِذَا وَقَفَ عَلَى قَبِيلَةٍ كَبِيرَةٍ كَبَنِي تَمِيمٍ هَلْ يَجُوزُ؟ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُهُمْ، وَلَا عُرْفَ لِلشَّرْعِ فِيهِمْ بِخِلَافِ الْفُقَرَاءِ، وَلَا يَقْصِدُ فِيهِمْ صِفَةً، وَالثَّانِي يَصِحُّ وَيُصْرَفُ إلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ قَبِيلَةٌ مَخْصُوصَةٌ،، وَإِذَا وَقَفَ عَلَى كُلِّ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ جَمِيعِ الْخَلْقِ فَالْمَنْقُولُ فِي الْحَاوِي لِلْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعُمُومِ، وَلِعَدَمِ عُرْفِ الشَّارِعِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ عِلَّةٌ لَمْ يَذْكُرْهَا وَلَكِنْ دَلَّ عَلَيْهَا تَصْوِيرُهُ بِكُلٍّ، وَهِيَ قَصْدُ الِاسْتِيعَابِ، وَهُوَ غَيْرُ مُمْكِنٍ أَمَّا لَوْ قَالَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِقَصْدِهِ وَصْفُ الِاتِّصَافِ بِالْإِسْلَامِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ كَلَامِهِ فِي التَّعْلِيلِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ إذَا قَالَ كُلُّ الْفُقَرَاءِ: إنَّهُ يَبْطُلُ، وَلَا عُرْفَ لِلشَّرْعِ حِينَئِذٍ وَهَذَا أَوْلَى حَيْثُ ظَهَرَ قَصْدُ الِاسْتِيعَابِ بَطَلَ عِنْدَ عَدَمِ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ أَمْكَنَ صَحَّ كَالْأَوْلَادِ سَوَاءٌ قَصَدَ الْوَقْفَ أَمْ لَا وَحَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ قَصْدُ الِاسْتِيعَابِ، فَإِنْ ثَبَتَ لِلشَّرْعِ فِيهِ عُرْفٌ صَحَّ جَزْمًا وَإِلَّا فَقَوْلَانِ مُطْلَقًا كَثُرَ الْعُمُومُ، أَوْ قَلَّ وَالصَّحِيحُ الصِّحَّةُ وَقَدْ تَضَمَّنَ كَلَامُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ الصِّحَّةَ ذَكَرَهُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمَسْجِدِ فَصَحَّ مَا عَيَّنَاهُ أَنَّ الْمُفْسِدَ إنَّمَا هُوَ لَفْظَةُ كُلِّ.

[فَرْعٌ وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ]

(فَرْعٌ) إذَا وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَقْرَبِ النَّاسِ إلَيْهِ صُرِفَ إلَى ثَلَاثَةٍ مِنْ أَقْرَبِ الْأَقَارِبِ قَالَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ، وَلَمْ يَجْعَلْ الْجَمَاعَةَ هُنَا كَالْجَمَاعَةِ فِي بَابِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَكْفِيَ اثْنَانِ.

[فَرْعٌ مَنْ قَالَ وَقَفْت دَارِي هَذِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ بَعْدَ مَوْتِي]

(فَرْعٌ) عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ فِي النِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ وَالرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهَا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ قَالَ: وَقَعَتْ مَسْأَلَةٌ فِي الْفَتَاوَى فِي زَمَنِ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ وَهِيَ أَنَّ مَنْ قَالَ: وَقَفْت دَارِي هَذِهِ عَلَى الْمَسَاكِينِ بَعْدَ مَوْتِي فَأَفْتَى الْأُسْتَاذُ أَنَّ الْوَقْفَ يَقَعُ بَعْدَ الْمَوْتِ وُقُوعَ الْعِتْقِ فِي الْمُدَبَّرِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَسَاعَدَهُ أَئِمَّةُ الزَّمَانِ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا التَّعْلِيقُ عَلَى التَّحْقِيقِ، بَلْ هُوَ زَائِدٌ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إيقَاعُ تَصَرُّفٍ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي حِكَايَتِهِ فَأَفْتَى الْأُسْتَاذُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ بَعْدَ الْمَوْتِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا كَأَنَّهُ

ص: 87

وَصِيَّةٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ عَرَضَ الدَّارَ عَلَى الْبَيْعِ صَارَ رَاجِعًا فِيهِ انْتَهَى.

فَقَوْلُهُ: أَفْتَى بِصِحَّةِ الْوَقْفِ بَعْدَ الْمَوْتِ مُطَابِقٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ: وُقُوعَ الْعِتْقِ فِي الْمُدَبَّرِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَتْ الصِّحَّةُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ فَلَا يُتَوَهَّمُ صِحَّةُ الْوَقْفِ الْآنَ قَبْلَ الْمَوْتِ، وَقَوْلُهُ كَأَنَّهُ وَصِيَّةٌ فِقْهٌ صَحِيحٌ، وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَيْهِ بِمَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ اسْتِدْلَالٌ صَحِيحٌ وَأَتَى الرَّافِعِيُّ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ الَّتِي لَا قَطْعَ فِيهَا بِشَيْءٍ أَظُنُّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ تَعْلِيقُ الْوَصْفِ بِصِفَةٍ وَهِيَ الْمَوْتُ لَا وَصِيَّةَ كَمَا قِيلَ بِمِثْلِهِ فِي التَّدْبِيرِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مُنَافَاةٌ لِحِكَايَةِ الْإِمَامِ، وَلَا لِحِكَايَةِ الرَّافِعِيِّ بَلْ كِلَا الْحِكَايَتَيْنِ مُحْتَمَلٌ لَهُ إذَا قِيلَ بِأَنَّ الْوَقْفَ يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ فَإِنَّهُ يَصِيرُ كَالْعِتْقِ، فَإِذَا اخْتَلَفَ فِي تَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ هَلْ هُوَ وَصِيَّةٌ، أَوْ تَعْلِيقٌ يَجِبُ أَنْ يَجْرِيَ مِثْلُهُ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ تَعْلِيقِهِ فَكَذَلِكَ لَمْ يَقْطَعْ الرَّافِعِيُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْأُسْتَاذُ يَقُولُ بِجَوَازِ تَعْلِيقِ الْوَقْفِ كَالْعِتْقِ وَيَقُولُ مَعَ ذَلِكَ بِأَنَّ تَعْلِيقَهُ بِالْمَوْتِ تَعْلِيقٌ لَا وَصِيَّةٌ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ بِالْقَوْلِ، بَلْ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي التَّدْبِيرِ، فَإِنْ كَانَ الْأُسْتَاذُ يَقُولُ بِذَلِكَ فَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ يُخَالِفُونَهُ لِقَوْلِهِمْ: إنَّ الْوَقْفَ لَا يُعَلَّقُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقُولُ بِذَلِكَ، بَلْ يَقُولُ: إنَّهُ وَصِيَّةٌ فَلَا يَظْهَرُ لِمُخَالَفَتِهِ وَجْهٌ وَظَنِّي أَنَّ صِحَّةَ ذَلِكَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَقُولُونَ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ الْمُضَافِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَمِنْ صُوَرِهِ الْمُعَلَّقُ بِهِ، وَأَصْحَابُنَا يَقُولُونَ: إنَّهُمْ لِمُوَافَقَتِهِمْ عَلَى ذَلِكَ يَلْزَمُ الْقَوْلُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ فِي الْحَيَاةِ وَلُزُومِهِ أَيْضًا فَإِنَّهُ تَبَرُّعٌ فَيَصِحُّ مُضَافًا لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ كَسَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ مِنْ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَغَيْرِهَا، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابَ يَقُولُونَ: الْوَقْفُ لَا يُعَلَّقُ يَعْنِي بِهِ التَّعْلِيقَ بِشَرْطِ الْحَيَاةِ كَمَا إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَهُوَ وَقْفٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ، هَكَذَا يَقْتَضِيهِ تَمْثِيلُهُمْ، وَصَرَّحَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ بِتَقْيِيدِهِ بِهِ وَقَالَ: إنَّ تَعْلِيقَ الْوَقْفِ بِالْمَوْتِ وَبِشَرْطٍ يُوجَدُ بَعْدَ الْمَوْتِ جَائِزٌ وَصِيَّةً، وَاَلَّذِي قَالَهُ صَحِيحٌ، وَلَا يُنَافِيه قَوْلُهُمْ الْوَقْفُ لَا يُعَلَّقُ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ قَالُوا الْهِبَةُ لَا تُعَلَّقُ وَمَعَ ذَلِكَ قَالُوا لَوْ قَالَ لَهُ وَهَبْت لَهُ ثَوْبِي كَانَ وَصِيَّةً.

كَذَا صَرَّحَ بِهِ هُوَ وَالرَّافِعِيُّ، وَهُوَ يُبَيِّنُ لَنَا أَنَّ جَمِيعَ التَّبَرُّعَاتِ مِمَّا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ شَرْطٌ فِي الْحَيَاةِ وَمِمَّا لَا يَقْبَلُهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رضي الله عنه قَالَ فِي الْأُمِّ فِي بَابِ إخْرَاجِ الْمُدَبَّرِ مِنْ التَّدْبِيرِ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهِ، أَوْ وَقَفَهُ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ، أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ التَّدْبِيرِ، يَعْنِي إذَا قُلْنَا: بِأَنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ فَتَصْرِيحُ الشَّافِعِيِّ بِوَقْفِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مُوَافِقٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ الْأُسْتَاذُ وَنَصُّ

ص: 88

الشَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي بَابِ الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيُدَبِّرُهُ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا لَوْ قَالَا: أَنْتَ حَبْسٌ عَلَى الْآخَرِ مِنَّا حَتَّى يَمُوتَ ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ أَوْصَى لِصَاحِبِهِ نِصْفَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ ثُمَّ هُوَ، فَيَكُونُ وَصِيَّةً فِي الثُّلُثِ جَائِزَةٌ وَيُعْتَقُ بِمَوْتِ الْآخَرِ مِنْهُمَا، وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فَقَالَ فِيهِ أَنَّهُ كَمَا إذَا قَالَا إذَا مُتْنَا فَأَنْتَ حُرٌّ إلَّا أَنَّ هُنَاكَ الْمَنْفَعَةَ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ لِوَرَثَةِ الْأَوَّلِ وَهَا هُنَا هِيَ لِلْآخَرِ، وَكَذَلِكَ الْكَسْبُ وَكَانَ أَوَّلُهُمَا مَوْتًا انْتَهَى، وَقَدْ ذَكَرَ فِيمَا إذَا قَالَ: إذَا مُتْنَا فَأَنْتَ حُرٌّ، وَمَاتَا مُرَتَّبًا أَنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ لِوَرَثَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهِ فِيمَا يُزِيلُ الْمِلْكَ انْتَهَى.

وَهَاهُنَا هَلْ نَقُولُ: إنَّهُ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ نَصِيبُ الْمَيِّتِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْحَيِّ، أَوْ مِلْكٌ لَهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ بَيْعُهُ كَالْوَرَثَةِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ؟ الْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ النَّصِّ الَّذِي حَكَيْنَاهُ الثَّانِي، وَلَفْظَةُ " حَبْسٌ " أَقْرَبُ لِلْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي الْوَقْفِ لَكِنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَصِيرُ كَمَا لَوْ وَقَفَ بِالْمَوْتِ يَنْتَهِي بِمَوْتِهِ، فَيَكُونُ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ بِشَرْطِ أَنَّهُ بَعْدَهُ لَا يَكُونُ وَقْفًا، وَقَدْ يُمْنَعُ هَذَا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي مَعْنَى الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْعَتِيقَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ وَمَنْفَعَتَهُ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَفِي مَعْنَاهُ، وَيَظْهَرُ أَثَرُ هَذَا فِي جَوَازِ الْوَطْءِ لَوْ كَانَتْ جَارِيَةً، فَإِنْ جَعَلْنَاهُ وَقْفًا لَمْ يَجُزْ الْوَطْءُ.

وَإِنْ جَعَلْنَاهُ وَصِيَّةً احْتَمَلَ أَنْ يَجُوزَ وَلَوْ احْتَمَلَ الْمَنْعَ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ فَيَحْصُلُ الِاسْتِيلَادُ فَيَنْقَطِعُ وَلَاءُ التَّدْبِيرِ السَّابِقِ مِنْ غَيْرِهِ وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ سَوَاءٌ حَكَمْنَا بِكَوْنِهِ مِلْكًا، أَوْ وَقْفًا يَحْصُلُ الِاسْتِشْهَادُ بِالْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ حَبْسًا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَنَحْنُ كَذَلِكَ نَقُولُ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِشْهَادِ إنَّهُ يَصِحُّ وَصِيَّةً لَكِنْ لَيْسَ لِلْمَسَاكِينِ، وَلَا لِلنَّاظِرِ فِي أَمْرِهِمْ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَصَّى لَهُمْ بِهَا عَلَى جِهَةِ الْوَقْفِ يَنْتَفِعُونَ بِمَنْفَعَتِهَا، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: هِيَ وَقْفٌ بَعْدَ مَوْتِي عَلَى زَيْدٍ مُرَادُهُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّدْبِيرِ إلَّا أَنَّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تَوْقِيتَ، بَلْ هُوَ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ يَكُونُ بَعْدَهُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ غَيْرِ الْوَارِثِينَ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لَا يَدْخُلُ الْوَارِثُ فِيهَا، وَفِي مَسْأَلَةِ التَّدْبِيرِ لَمَّا نَصَّ عَلَى الْعِتْقِ كَانَ كَقَوْلِهِ بَعْدَ زَيْدٍ لَا يَكُونُ وَقْفًا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ.

وَالْغَرَضُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ تَقْرِيرُ مَسْأَلَةِ الْأُسْتَاذِ وَتَصْحِيحُهَا وَإِيرَادُ إذَا قَالَ: هَذَا وَقْفٌ بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ إلَى أَنْ مَاتَ وَخَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْوَصَايَا فِي اعْتِبَارِهِ مِنْ الثُّلُثِ، وَفِي جَوَازِ الرُّجُوعِ، وَفِي عَدَمِ صَرْفِهِ لِلْوَارِثِ، وَحُكْمِ الْأَوْقَافِ فِي تَأْبِيدِهِ وَعَدَمِ بَيْعِهِ وَهِبَتِهِ وَإِرْثِهِ، وَلَيْسَ خَارِجًا فِي هَذَا أَيْضًا عَنْ حُكْمِ الْوَصَايَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَصَّى كَذَلِكَ فَتَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَصَّى بِهِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: وَصَّيْت بِأَنْ يَسْلُكَ بِهِ مَسْلَكَ الْأَوْقَافِ مِنْ صَرْفِ الرِّيعِ لِتِلْكَ السَّبِيلِ الَّتِي نَصَّ عَلَيْهَا وَحَبْسَ الْعَيْنَ لِأَجَلِهَا وَأَنْ يَجْرِيَ

ص: 89

عَلَيْهَا حُكْمُ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ مِنْ انْتِقَالِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى قَوْلٍ وَإِلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلٍ، وَلَا تَنْتَقِلُ عَلَى قَوْلٍ إنْ كَانَ يَجْرِي بَعْدَ وَفَاةِ الْوَاقِفِ، وَلَمْ أَجِدْ شَيْئًا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ، وَلَا مَا بَحَثْنَاهُ عَلَيْهِ إلَّا كَلِمَاتٍ سَأَذْكُرُهَا لَك: مِنْهَا أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ رحمه الله لَمَّا تَكَلَّمَ فِي أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مَا شَرَطَ مِنْ الْأَثَرَةِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّسْوِيَةِ.

قَالَ: قَالُوا: كَيْفَ أَجَزْتُمْ هَذَا بِالصِّفَاتِ وَتَعْلِيقُ الْوَقْفِ بِالصِّفَةِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ وَقَفْت دَارِي هَذِهِ عَلَيْك، وَإِذَا مِتُّ فَقَدْ وَقَفْت وَنَحْوُ هَذَا كَانَ الْوَقْفُ بَاطِلًا؟ قُلْنَا: الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا أَنَّ ذَلِكَ تَعْلِيقُ أَصْلِ الْوَقْفِ بِالصِّفَةِ فَلِهَذَا لَمْ يَصِحَّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ وَقَعَ مُطْلَقًا وَلَكِنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِهِ بِالصِّفَةِ وَهَذَا جَائِزٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ إذَا قَدِمَ الْحَاجُّ فَبِعْ كَانَ الْإِذْنُ صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ صَحَّ وَالتَّصَرُّفَ بِالصِّفَةِ كَذَلِكَ هُنَا إذَا عَلَّقَ الْوَقْفَ بِالصِّفَةِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِذَا صَحَّ وَعَلَّقَ الِاسْتِحْقَاقَ بِالصِّفَةِ صَحَّ انْتَهَى.

وَذَكَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ هَذَا السُّؤَالَ وَالْجَوَابُ عَنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو حَامِدٍ إلَّا أَنَّهُ أَسْقَطَ قَوْلَهُ: إذَا مِتُّ فَقَدْ وَقَفْت، وَنِعْمَ مَا صَنَعَ، فَإِنَّ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ تَعْلِيقِ الْوَقْفِ بِالْمَوْتِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُنَازَعَ فِيهِ.

وَلَعَلَّ عُذْرَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ بِهَا أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي كَلَامِهِ، بَلْ وَقَعَتْ فِي سُؤَالِ السَّائِلِ، وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِجَوَابِهَا لِاشْتِغَالِهِ بِالْجَوَابِ عَنْ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ التَّعْلِيقُ دُونَ ذَلِكَ الْمِثَالِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَقْصُودٍ، عَلَى أَنِّي أَقُولُ إذَا قَالَ: إذَا مِتُّ فَقَدْ وَقَفْت لَا يَصِحُّ لِمَعْنًى آخَرَ، وَهُوَ الْمُعَلِّقُ إنْشَاءَ الْوَقْفِ وَالْإِنْشَاءُ لَا يُعَلَّقُ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ طَلَّقْتُك فَدَخَلَتْ الدَّارَ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخْبَرَ بِأَنَّهُ مُنْشِئُ الطَّلَاقِ عِنْدَ دُخُولِ الدَّارِ وَالْخَبَرُ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ.

وَهَذَا فِي إذَا دَخَلْت طَلَّقْتُك، وَفِي إذَا مِتُّ وَقَفْت ظَاهِرٌ جَلِيٌّ لَا إشْكَالَ فِيهِ، وَأَمَّا فِي قَوْلِهِ إذَا دَخَلْت فَقَدْ طَلَّقْتُك، وَإِذَا مِتُّ فَقَدْ وَقَفْت فَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْجَزَاءَ مَحْذُوفٌ؛ وَقَوْلُهُ فَقَدْ طَلَّقْتُك، أَوْ فَقَدْ وَقَفْت جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ، فَيَكُونُ مُقِرًّا بِالطَّلَاقِ، وَالْوَقْفِ لَا مُنْشَأَ لَهُمَا، أَوْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ فَاعْلَمُوا أَنِّي قَدْ طَلَّقْت وَوَقَفْت حِينَئِذٍ فَيَعُودُ إلَى مَعْنًى، فَهُوَ وَقْفٌ، أَوْ فَهِيَ طَالِقٌ.

وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْهَا فِي الْعُرْفِ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: إنْ دَخَلْت طَلَّقْت، وَصِفَةُ تَعْلِيقِ الْوَقْفِ بِالْمَوْتِ الصَّحِيحَةِ بِلَا شَكٍّ أَنْ يَقُولَ: إذَا مِتُّ فَهَذَا وَقْفٌ كَمَا أَنَّهُ يَقُولُ: إذَا دَخَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَهُوَ مُنْشِئٌ الْآنَ لِلْوَقْفِ الْمُعَلَّقِ وَالطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ، فَهُوَ الْآنَ وَاقِفٌ بِشَرْطٍ، وَمُطْلَقٌ بِشَرْطٍ، وَالْوُقُوعُ عِنْدَ الصِّفَةِ لَا الْإِيقَاعِ، وَمِنْهَا أَنَّ الرَّازِيَّ، وَهُوَ تِلْمِيذُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ لَمَّا تَكَلَّمَ فِي الْمَقْصُودِ فِي تَعْلِيقِ الْوَقْفِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَالَ: لَوْ قَالَ: وَقَفْت دَارِي عَلَى فُلَانٍ بَعْدَ حَيَاةِ عِيسَى

ص: 90

لَا يَصِحُّ لِمِثْلِ ذَلِكَ يَعْنِي التَّعْلِيقَ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ سُلَيْمٌ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لَهُ وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ لَا يَصِحُّ وَقْفًا وَنَحْنُ نَقُولُ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا نَقُولُ بِصِحَّتِهِ وَصِيَّةً وَحِينَئِذٍ لَا يُنَافِي مَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ وَمَنْ وَافَقَهُ.

وَمِنْهَا أَنَّ نَصْرًا الْمَقْدِسِيَّ، وَهُوَ تِلْمِيذُ سُلَيْمٍ قَالَ فِي الْكَافِي، وَإِنْ قَالَ: وَقَفْت هَذِهِ الدَّارَ بَعْدَ حَيَاةِ عَيْنِي، أَوْ عَلَيَّ أَنْ أَسْكُنَهَا، أَوْ انْتَفَعَ بِهَا مَا عِشْت، وَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ وَقَفْتهَا لَمْ يَصِحَّ الْوَقْفُ، وَتَأْوِيلُ هَذَا كَتَأْوِيلِ كَلَامِ سُلَيْمٍ وَهُمْ لَا يَتَكَلَّمُونَ فِي الْوَقْفِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَقْفٌ، وَلَا يَنْظُرُونَ إلَى شَيْءٍ آخَرَ فَلِذَلِكَ يَقَعُ مِنْهُمْ هَذَا الْإِطْلَاقُ وَمِنْهَا أَنَّ الْفَقِيهَ إسْمَاعِيلَ الْحَضْرَمِيَّ شَرَحَ الْمُهَذَّبِ وَذَكَرَ مَا قُلْنَاهُ عَنْ التَّتِمَّةِ مِنْ تَعْلِيقِ الْوَقْفِ بِالْمَوْتِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ خِلَافُ مَا قَالَ فَيَفْسُدُ، فَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَحَكَى مَسْأَلَةَ الْأُسْتَاذِ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا ذَكَرَ الْغَزَالِيُّ؛ وَكَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّعْلِيقِ بِشَرْطٍ فِي الْحَيَاةِ، أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ.

وَمَا قَالَهُ إسْمَاعِيلُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ مَعَ إطْبَاقِ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى صِحَّةِ الْوَقْفِ الْمُضَافِ وَصِيَّةً، وَلَمْ يُرِدْ الْغَزَالِيُّ بِإِيرَادِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي: مَسْأَلَةَ الْأُسْتَاذِ إبْطَالَهَا وَإِلْحَاقَهَا بِالتَّعْلِيقِ بِالْحَيَاةِ، بَلْ عَكْسَهُ، وَهُوَ إلْحَاقُ التَّعْلِيقِ فِي الْحَيَاةِ بِهَا وَإِسْمَاعِيلُ مَسْبُوقٌ بِهَذَا التَّوَهُّمِ فَقَدْ سَبَقَهُ شَيْخُ الْعَلَّامَةِ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَالَ فِي الْغَايَةِ اخْتِصَارِ النِّهَايَةِ فَحَكَى مَسْأَلَةَ الْأُسْتَاذِ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ الْإِمَامُ: هَذَا تَعْلِيقٌ وَأَوْلَى مِنْهُ بِالْإِبْطَالِ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفُ الْمَوْتِ وَالْإِمَامُ لَمْ يَقُلْ إنَّهُ أَوْلَى مِنْهُ بِالْإِبْطَالِ وَقَدْ حَكَيْنَا لَفْظَهُ بِرُمَّتِهِ، وَلَمْ يُرِدْ إبْطَالَ كَلَامِ الْأُسْتَاذِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الِاحْتِجَاجَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُنْقَطِعَ الْأَوَّلَ إذَا قُلْنَا: بِصِحَّتِهِ وَصَرَفْنَا عَلَيْهِ فِي الْحَالِ إلَى الْوَاقِفِ كَانَ مُعَلَّقًا، وَيَكُونُ الْوَاقِفُ يَأْخُذُ عَلَيْهِ مِلْكًا لَا وَقْفًا.

وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ لَا تَصْحِيحَ فِيهِمَا، وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ وَقْفًا فَمُرَادُ الْإِمَامِ اعْتِضَادُ الْأَوَّلِ بِهِ فَقَدْ تَقَرَّرَتْ مَسْأَلَةُ الْأُسْتَاذِ تَقْرِيرًا جَيِّدًا، وَصَاحِبُ التَّتِمَّةِ لَمْ يَنْقُلْهَا عَنْ الْأُسْتَاذِ، بَلْ ذَكَرَهَا جَازِمًا بِهَا، وَفِي كَلَامِهِ زِيَادَةُ فَائِدَةٍ، وَهُوَ جَوَازُ تَعْلِيقِهِ بِشَرْطٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّا إذَا جَعَلْنَاهُ وَصِيَّةً فَلَا فَرْقَ، نَعَمْ إذَا جَوَّزْنَا تَعْلِيقَهُ فِي الْحَيَاةِ مُعَلَّقَهُ بِالْمَوْتِ قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا سَبَقَ تَخْرِيجَ وَجْهٍ بِامْتِنَاعِ الرُّجُوعِ فِيهِ بِالْقَوْلِ، فَلَوْ أَضَافَ إلَى الْمَوْتِ شَرْطًا آخَرَ بَعْدَهُ فَفِي نَظِيرِهِ مِنْ التَّدْبِيرِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الرُّجُوعُ بِالْقَوْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ قَبْلَ ذَلِكَ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ تَدْبِيرٌ، فَيَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهِ بِالْقَوْلِ عَلَى وَجْهٍ فَيَخْرُجُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَوْ بِالْمَوْتِ مَعَ شَرْطٍ آخَرَ يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَيَأْتِي فِيهِ وَجْهٌ بِمَنْعِ الرُّجُوعِ.

ص: 91

فَائِدَةٌ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَتَى إذَا قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ طَلَّقْتُك لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهَا جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ وَشَرْطُ الْقَوْلِ بِذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ نَظْمُهَا هَكَذَا مِنْ تَقَدُّمِ الشَّرْطِ وَتَأَخُّرِ الْجَزَاءِ، فَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُك إنْ دَخَلْت الدَّارَ كَانَ مَعْنَاهُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالدُّخُولِ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

طَلَّقْت إنْ لَمْ تَسْأَلِي

: أَيُّ فَارِسٍ حَلِيلُك

وَيَدُلُّ لَهُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} [الأحزاب: 50]{وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} [الأحزاب: 50] وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ عُرْفًا وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا قُدِّمَ الشَّرْطُ عُلِمَ أَنَّ مَا يَأْتِي بَعْدَهُ مُسْتَقْبَلٌ، فَإِذَا جَاءَ حَكَمْنَا بِأَنَّهُ خَبَرٌ، وَإِذَا قُدِّمَ الْفِعْلُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْإِنْشَاءِ حُمِلَ عَلَيْهِ، فَإِذَا أَتَى الشَّرْطُ بَعْدَهُ جَعَلْنَاهُ شَرْطًا فِي تَمَامِهِ وَوُقُوعِ أَثَرِهِ لَا فِي أَصْلِهِ، وَلَا يُرَدُّ عَلَى هَذَا أَنَّهُ الْمُقَدَّرُ مُتَقَدِّمًا مِنْ جِهَةِ الصِّنَاعَةِ؛ لِأَنَّ طَلَّقْت صَارَ لَهُ جِهَتَانِ إحْدَاهُمَا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ، وَهُوَ إنْشَاؤُهُ لِلطَّلَاقِ، وَالثَّانِيَةُ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا فَالْجِهَةُ الْأُولَى لَا تَعْلِيقَ فِيهَا، وَالثَّانِيَةُ هِيَ مَحَلُّ التَّعْلِيقِ، فَإِذَا تَقَدَّمَ الشَّرْطُ وَتَأَخَّرَ بِجِهَتِهِ جَمِيعًا صُورَةً وَحُكْمًا فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَثَرٌ؛ لِأَنَّ الْجِهَةَ الثَّانِيَةَ تَابِعَةٌ لِلْجِهَةِ الْأُولَى، وَالْجِهَةَ الْأُولَى تَابِعَةٌ لِلشَّرْطِ فَلَا يَصِحُّ، وَإِذَا تَأَخَّرَ الشَّرْطُ كَانَ مُقَيَّدًا لِمَا أَمْكَنَ تَقْيِيدُهُ، وَاَلَّذِي يُمْكِنُ تَقْيِيدُهُ مِنْ الْجِهَتَيْنِ هِيَ الثَّانِيَةُ فَيَخْتَصُّ بِهَا وَتَكُونُ هِيَ وَحْدَهَا دَلِيلَ الْجَزَاءِ، وَتَبْقَى الْأُولَى عَلَى إطْلَاقِهَا؛ وَاللَّفْظُ إذَا كَانَ لَهُ جِهَتَانِ فِي قُوَّةِ لَفْظَيْنِ فَيُعَامَلُ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا يُنَاسِبُهُ.

وَيَنْشَأُ مِنْ هَذَا الْبَحْثِ بَحْثٌ آخَرُ فِي قَوْلِهِ " إنْ شِئْت بِعْتُك " وَأَنَّهُ بَاطِلٌ قَوْلًا وَاحِدًا، وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ " بِعْتُك إنْ شِئْت "؛ لِأَنَّ مَأْخَذَ الصِّحَّةِ فِيهِ أَنَّ الْمُعَلَّقَ تَمَامُ الْبَيْعِ لَا أَصْلُهُ فَاَلَّذِي مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ، وَهُوَ إنْشَاءُ الْبَيْعِ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ، وَتَمَامُهُ، وَهُوَ الْقَبُولُ مَوْقُوفٌ عَلَى مَشِيئَةِ الْمُشْتَرِي، وَبِهِ تَكْمُلُ حَقِيقَةُ الْبَيْعِ، وَيَنْشَأُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا قَالَ:" إنْ شِئْت وَقَفْت هَذَا عَلَيْك " لَا يَصِحُّ.

وَإِنْ قَالَ: " وَقَفْتُهُ عَلَيْك إنْ شِئْت "، فَإِنْ قُلْنَا: قَبُولُ الْوَقْفِ فِي الْمُعَيَّنِ شَرْطٌ جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي الْبَيْعِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَيْسَ بِشَرْطٍ احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ بِالْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ حِينَئِذٍ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ غَيْرُ الْإِنْشَاءِ، وَهُوَ لَا يُعَلَّقُ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ بِالصِّحَّةِ كَمَا تَقُولُ أَبَحْت لَك هَذَا إنْ شِئْت وَالْمَعْنَى إنْ شِئْت فَخُذْهُ،، وَفِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَنَحْوِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَقَدَّمَ الشَّرْطُ، أَوْ يَتَأَخَّرَ الْكُلُّ مُعَلَّقٌ تَعْلِيقًا صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ الطَّلَاقُ لَا التَّطَلُّقُ، وَكَذَلِكَ إنْ مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَإِنْ مِتُّ فَهَذَا وَقْفٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَالْمَسْأَلَةُ الْمَنْقُولَةُ عَنْ الْأُسْتَاذِ لَفْظُهَا " وَقَفْت عَلَى

ص: 92