المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث التاسع 265 - عن عبد الله بن عمر رضي الله - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٥

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيوع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب ما يُنهي عنه من البيوع

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب العرايا وغير ذلك

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌باب السّلم

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الواحد والعشرون

- ‌باب الربا والصرف

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌باب الرهن وغيره

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌باب الحوالة

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌باب الفلس

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌باب الشفعة

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌باب الوقف

- ‌الحديث الواحد والثلاثون

- ‌باب الهبة

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌باب الحرث والمزارعة

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌باب العُمرى

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌باب المظالم

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌الحديث الأربعون

- ‌باب اللقطة

- ‌الحديث الواحد والأربعون

- ‌كتاب الوصايا

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌كتاب الفرائض

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌كتاب النكاح

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌باب الصّداق

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

الفصل: ‌ ‌الحديث التاسع 265 - عن عبد الله بن عمر رضي الله

‌الحديث التاسع

265 -

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه ، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المُزابنة: أن يبيع ثمر حائطه، إن كان نخلاً: بتمرٍ كيلاً، وإن كرماً، أن يبيعه بزبيب كيلاً، وإن كان زرعاً أن يبيعه بكيلٍ طعامٍ، نهى عن ذلك كله. (1)

قوله: (المُزابنة) بالزّاي والموحّدة والنّون، مفاعلة من الزّبن بفتح الزّاي وسكون الموحّدة وهو الدّفع الشّديد، ومنه سمّيت الحرب الزّبون لشدّة الدّفع فيها.

وقيل: للبيع المخصوص المزابنة ، لأنّ كلّ واحد من المتبايعين يدفع صاحبه عن حقّه، أو لأنّ أحدهما إذا وقف على ما فيه من الغبن أراد دفع البيع بفسخه، وأراد الآخر دفعه عن هذه الإرادة بإمضاء البيع.

قوله: (أن يبيع ثمر) بالمثلثة وتحريك الميم، وفي رواية مسلم " والمزابنة بيع ثمر النّخل " وهو المراد هنا، وليس المراد التّمر من غير النّخل فإنّه يجوز بيعه بالتّمر بالمثنّاة والسّكون، وإنّما وقع النّهي عن الرّطب بالتّمر لكونه متفاضلاً من جنسه.

أورد البخاري حديث ابن عمر من رواية ابنه سالم (2) ومن رواية

(1) أخرجه البخاري (2063 ، 2083 ، 2091) ومسلم (1542) من طرق عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه. مختصراً ومطولاً. وهذا لفظ الليث بن سعد.

(2)

رواية سالم بلفظ " لا تبيعوا الثّمر حتّى يبدو صلاحه، ولا تبيعوا الثّمر بالتّمر "

ص: 89

نافعٍ كلاهما عنه، ثمّ حديث أبي سعيد في ذلك (1). وفي طريق نافع تفسير المزابنة، وظاهره أنّها من المرفوع. ومثله في حديث أبي سعيد في الباب، وأخرجه مسلم من حديث جابر كذلك.

ويؤيّد كونه مرفوعاً ، رواية سالم. وإن لَم يتعرّض فيها لذكر المزابنة، وعلى تقدير أن يكون التّفسير من هؤلاء الصّحابة فهم أعرف بتفسيره من غيرهم.

وقال ابن عبد البرّ: لا مخالف لهم في أنّ مثل هذا مزابنة، وإنّما اختلفوا. هل يلتحق بذلك كلّ ما لا يجوز إلَّا مثلاً بمثلٍ. فلا يجوز فيه كيل بجزاف ولا جزاف بجزاف؟ فالجمهور على الإلحاق. وقيل: يختصّ ذلك بالنّخل والكرم. والله أعلم.

قوله: (حائطه) أي: البستان.

قوله: (إنْ كان نخلاً بتمرٍ) بالمثنّاة والسّكون.

قوله: (كيلاً) في حديث أبي سعيد في الصحيحين " والمزابنة اشتراء الثّمر بالتّمر في رؤوس النّخل كيلاً " وذِكْر الكيل ليس بقيدٍ في هذه الصّورة ، بل لأنّه صورة المبايعة التي وقعت إذ ذاك فلا مفهوم له لخروجه على سببٍ أوّله مفهومٌ، لكنّه مفهوم الموافقة ، لأنّ المسكوت عنه أولى بالمنع من المنطوق، ويستفاد منه أنّ معيار التّمر والزّبيب الكيل.

(1) سيأتي ذكره قريباً إن شاء الله.

ص: 90

قوله: (وإن كرماً، أن يبيعه بزبيب كيلاً) في رواية مسلم " وبيع العنب بالزّبيب كيلاً " والكرم بفتح الكاف وسكون الرّاء ، هو شجر العنب ، والمراد منه هنا نفس العنب كما أوضحته رواية مسلم. وهذا أصل المزابنة.

وألحق الشّافعيّ بذلك كلّ بيعٍ مجهولٍ بمجهولٍ، أو بمعلومٍ من جنسٍ يجري الرّبا في نقده.

قال: وأمّا مَن قال: أضمن لك صبرتك هذه بعشرين صاعاً مثلاً فما زاد فلي وما نقص فعليّ فهو من القمار. وليس من المزابنة.

قلت: لكن أخرج البخاري من طريق أيّوب عن نافعٍ عن ابن عمر " والمزابنة أن يبيع الثّمر بكيلٍ إن زاد فلي ، وإن نقص فعليّ ".

فثبت أنّ من صور المزابنة أيضاً هذه الصّورة من القمار، ولا يلزم من كونها قماراً أن لا تسمّى مزابنة.

ومن صور المزابنة أيضاً بيع الزّرع بالحنطة كيلاً، وقد رواه مسلم من طريق عبيد الله بن عمر عن نافعٍ بلفظ " والمزابنة بيع ثمر النّخل بالتّمر كيلاً، وبيع العنب بالزّبيب كيلاً، وبيع الزّرع بالحنطة كيلاً ".

وأخرج البخاري هذه الزّيادة من طريق الليث عن نافعٍ.

وقال مالك: المزابنة كلّ شيءٍ من الجزاف لا يعلم كيله ولا وزنه ولا عدده إذا بيع بشيءٍ مسمّىً من الكيل وغيره، سواء كان من جنسٍ يجري الرّبا في نقده أم لا. وسبب النّهي عنه ما يدخله من القمار والغرر.

ص: 91

قال ابن عبد البرّ: نَظَرَ مالكٌ إلى معنى المزابنة لغة - وهي المدافعة - ويدخل فيها القمار والمخاطرة، وفسّر بعضهم المزابنة بأنّها بيع الثّمر قبل بدوّ صلاحه، وهو خطأٌ فالمغايرة بينهما ظاهرة في حديث ابن عمر عند البخاري ، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا الثّمر حتّى يبدو صلاحه، ولا تبيعوا الثّمر بالتّمر.

وقيل: هي المزارعة على الجزء. وقيل: غير ذلك.

والذي تدل عليه الأحاديث في تفسيرها أولى.

واستدل بأحاديث الباب على تحريم بيع الرّطب باليابس منه ولو تساويا في الكيل والوزن ، لأنّ الاعتبار بالتّساوي إنّما يصحّ حالة الكمال ، والرّطب قد ينقص إذا جفّ عن اليابس نقصاً لا يتقدّر. وهو قول الجمهور.

وعن أبي حنيفة: الاكتفاء بالمساواة حالة الرّطوبة، وخالفه صاحباه في ذلك لصحّة الأحاديث الواردة في النّهي عن ذلك.

وأصرح من ذلك حديث سعد بن أبي وقّاصٍ ، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرّطب بالتّمر فقال: أينقص الرّطب إذا جفّ؟ قالوا نعم، قال: فلا إذاً. أخرجه مالك وأصحاب السّنن وصحَّحه التّرمذيّ وابن خزيمة وابن حبّان والحاكم.

وفيه جواز تسمية العنب كرماً، وقد ورد النّهي عنه كما في البخاري من رواية معمر عن الزّهريّ عن أبي سلمة بلفظ: لا تسمّوا العنب كرماً. وهي رواية ابن سيرين عن أبي هريرة عند مسلم، وعنده من

ص: 92

طريق همّام عن أبي هريرة: لا يقل أحدكم للعنب الكرم، إنّما الكرم الرّجل المسلم. وله من حديث وائل بن حجرٍ: لا تقولوا الكرم، ولكن قولوا العنب والحبلة.

ويُجمع بينهما: بحمل النّهي على التّنزيه ، ويكون ذكره هنا لبيان الجواز، وهذا كلّه بناءً على أنّ تفسير المزابنة من كلام النّبيّ صلى الله عليه وسلم.

وعلى تقدير كونه موقوفاً فلا حجّة على الجواز. فيحمل النّهي على حقيقته.

واختلف السّلف: هل يُلحق العنب أو غيره بالرّطب في العرايا؟.

القول الأول: لا. وهو قول أهل الظّاهر ، واختاره بعض الشّافعيّة. منهم المحبّ الطّبريّ.

القول الثاني: يلحق العنب خاصّةً. وهو مشهور مذهب الشّافعيّ.

القول الثالث: يلحق كل ما يدّخر. وهو قول المالكيّة.

القول الرابع: يلحق كل ثمرةٍ وهو منقولٌ عن الشّافعيّ أيضاً.

قوله: (وإن كان زرعاً أن يبيعه بكيلٍ طعامٍ) قال ابن بطّالٍ: أجمع العلماء على أنّه لا يجوز بيع الزّرع قبل أن يقطع بالطّعام، لأنّه بيع مجهولٍ بمعلومٍ، وأمّا بيع رطب ذلك بيابسه بعد القطع وإمكان المماثلة. فالجمهور لا يجيزون بيع شيءٍ من ذلك بجنسه لا متفاضلاً ولا متماثلاً. انتهى.

واحتجّ الطّحاويّ لأبي حنيفة في جواز بيع الزّرع الرّطب بالحبّ اليابس ، بأنّهم أجمعوا على جواز بيع الرّطب بالرّطب مثلاً بمثلٍ ، مع

ص: 93

أنّ رطوبة أحدهما ليست كرطوبة الآخر ، بل تختلف اختلافاً متبايناً.

وتعقّب: بأنّه قياسٌ في مقابلة النّصّ فهو فاسدٌ، وبأنّ الرّطب بالرّطب وإن تفاوت لكنّه نقصانٌ يسيرٌ فعفي عنه لقلته بخلاف الرّطب بالتّمر فإنّ تفاوته تفاوتٌ كثيرٌ، والله أعلم.

ص: 94