المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث التاسع 313 - عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٥

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيوع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب ما يُنهي عنه من البيوع

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب العرايا وغير ذلك

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌باب السّلم

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الواحد والعشرون

- ‌باب الربا والصرف

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌باب الرهن وغيره

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌باب الحوالة

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌باب الفلس

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌باب الشفعة

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌باب الوقف

- ‌الحديث الواحد والثلاثون

- ‌باب الهبة

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌باب الحرث والمزارعة

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌باب العُمرى

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌باب المظالم

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌الحديث الأربعون

- ‌باب اللقطة

- ‌الحديث الواحد والأربعون

- ‌كتاب الوصايا

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌كتاب الفرائض

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌كتاب النكاح

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌باب الصّداق

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

الفصل: ‌ ‌الحديث التاسع 313 - عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ

‌الحديث التاسع

313 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تنكح الأيّم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن، قالوا: يا رسولَ الله، وكيف إذنها؟ قال: أن تسكتَ. (1)

قوله: (لا تنكح) بكسر الحاء للنّهي، وبرفعها للخبر. وهو أبلغ في المنع.

والأيّم وهي التي يموت زوجها أو تبين منه وتنقضي عدّتها، وأكثر ما تطلق على من مات زوجها.

وقال ابن بطّال: العرب تطلق على كلّ امرأة لا زوج لها وكلّ رجل لا امرأة له أيّماً، زاد في " المشارق " وإن كان بكراً.

وظاهر هذا الحديث. أنّ الأيّم هي الثّيّب التي فارقت زوجها بموتٍ أو طلاق لمقابلتها بالبكر، وهذا هو الأصل في الأيّم، ومنه قولهم " الغزو مأيمة " أي: يقتل الرّجال فتصير النّساء أيامى.

وقد تطلق على من لا زوج لها أصلاً، ونقله عياض عن إبراهيم الحربيّ وإسماعيل القاضي وغيرهما أنّه يطلق على كلّ من لا زوج لها صغيرة كانت أو كبيرة بكراً كانت أو ثيّباً.

(1) أخرجه البخاري (4843 ، 6567 ، 6569) ومسلم (1419) من طرق عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه.

ص: 562

وحكى الماورديّ القولين لأهل اللغة.

وقد وقع في رواية الأوزاعيّ عن يحيى في هذا الحديث عند ابن المنذر والدّارميّ والدّارقطنيّ " لا تنكح الثّيّب " ووقع عند ابن المنذر في رواية عمر بن أبي سلمة عن أبيه في هذا الحديث " الثّيّب تشاور ".

قوله: (حتّى تستأمر) أصل الاستئمار طلب الأمر، فالمعنى لا يعقد عليها حتّى يطلب الأمر منها.

ويؤخذ من قوله " تستأمر " أنّه لا يعقد إلَّا بعد أن تأمر بذلك، وليس فيه دلالة على عدم اشتراط الوليّ في حقّها، بل فيه إشعار باشتراطه.

قوله: (ولا تنكح البكر حتّى تستأذن) كذا وقع في هذه الرّواية التّفرقة بين الثّيّب والبكر، فعبّر للثّيّب بالاستئمار ، وللبكر بالاستئذان.

فيؤخذ منه فرقٌ بينهما من جهة أنّ الاستئمار يدلّ على تأكيد المشاورة وجعل الأمر إلى المستأمرة، ولهذا يحتاج الوليّ إلى صريح إذنها في العقد، فإذا صرّحت بمنعه امتنع اتّفاقاً والبكر بخلاف ذلك.

والإذن دائر بين القول والسّكوت بخلاف الأمر فإنّه صريح في القول ، وإنّما جعل السّكوت إذناً في حقّ البكر ، لأنّها قد تستحي أن تفصح.

قوله: (قالوا: يا رسولَ الله) في رواية عمر بن أبي سلمة " قلنا ".

وحديث عائشة في البخاري صريح في أنّها هي السّائلة عن ذلك.

ص: 563

قوله: (كيف إذنها؟) وللبخاري من طريق ابن جريجٍ عن ابن أبي مُلَيكة عن أبي عمرٍو هو ذكوان عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسولَ الله، يستأمر النّساء في أبضاعهنّ؟ قال: نعم. قلت: فإنّ البكر تستأمر فتستحيي فتسكت؟ قال: سكاتها إذنها.

وفي رواية مسلم من هذا الوجه: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجارية ينكحها أهلها، أتستأمر أم لا؟ قال: نعم تستأمر. قلت: فإنّها تستحي.

قوله: (قال: أن تسكت) في رواية ابن جريجٍ عند البخاري " قال: سكاتها إذنها " وفي لفظ له " قال: إذنها صماتها " وفي رواية مسلم من طريق ابن جريجٍ أيضاً " قال: فذلك إذنها إذا هي سكتت ".

ودلَّت رواية البخاريّ على أنّ المراد بالجارية في رواية مسلم البكر دون الثّيّب. وعند مسلم أيضاً من حديث ابن عبّاس: والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها. وفي لفظ له " والبكر يستأذنها أبوها في نفسها ".

قال ابن المنذر: يستحبّ إعلام البكر أنّ سكوتها إذن، لكن لو قالت بعد العقد: ما علمت أنّ صمتي إذن لَم يبطل العقد بذلك عند الجمهور.

وأبطله بعض المالكيّة، وقال ابن شعبان منهم: يقال لها ذلك ثلاثاً إن رضيتِ فاسكتي وإن كرهتِ فانطقي.

وقال بعضهم: يطال المقام عندها لئلا تخجل فيمنعها ذلك من

ص: 564

المسارعة.

واختلفوا فيما إذا لَم تتكلم ، بل ظهرت منها قرينة السّخط أو الرّضا بالتّبسّم مثلاً أو البكاء.

القول الأول: عند المالكيّة. إن نفرت أو بكت أو قامت أو ظهر منها ما يدلّ على الكراهة ، لَم تزوّج.

القول الثاني: عند الشّافعيّة. لا أثر لشيءٍ من ذلك في المنع ، إلَّا إن قرنت مع البكاء الصّياح ونحوه.

القول الثالث: فرّق بعضهم بين الدّمع ، فإن كان حارّاً دلَّ على المنع ، وإن كان بارداً دلَّ على الرّضا.

قال: وفي هذا الحديث إشارة إلى أنّ البكر التي أمر باستئذانها هي البالغ، إذ لا معنى لاستئذان من لا تدري ما الإذن، ومن يستوي سكوتها وسخطها.

ونقل ابن عبد البرّ عن مالك ، أنّ سكوت البكر اليتيمة قبل إذنها وتفويضها لا يكون رضاً منها، بخلاف ما إذا كان بعد تقويضها إلى وليّها.

وخصّ بعض الشّافعيّة: الاكتفاء بسكوت البكر البالغ بالنّسبة إلى الأب والجدّ دون غيرهما، لأنّها تستحي منهما أكثر من غيرهما.

والصّحيح الذي عليه الجمهور استعمال الحديث في جميع الأبكار بالنّسبة لجميع الأولياء.

واختلفوا في الأب يزوّج البكر البالغ بغير إذنها.

ص: 565

القول الأول: قال الأوزاعيّ والثّوريّ والحنفيّة ووافقهم أبو ثور: يشترط استئذانها، فلو عقد عليها بغير استئذان لَم يصحّ.

القول الثاني: يجوز للأب أن يزوّجها ولو كانت بالغاً بغير استئذان، وهو قول ابن أبي ليلى ومالك والليث والشّافعيّ وأحمد وإسحاق.

ومن حجّتهم: مفهوم حديث الباب ، لأنّه جعل الثّيّب أحقّ بنفسها من وليّها، فدلَّ على أنّ وليّ البكر أحقّ بها منها.

واحتجّ بعضهم: بحديث يونس بن أبي إسحاق عن أبي بُرْدة عن أبي موسى مرفوعاً " تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها " قال: فقيّد ذلك باليتيمة فيحمل المطلق عليه.

وفيه نظرٌ: لحديث ابن عبّاس الذي ذكرته بلفظ " يستأذنها أبوها " فنصّ على ذكر الأب.

وأجاب الشّافعيّ: بأنّ المؤامرة قد تكون عن استطابة النّفس.

ويؤيّده حديث ابن عمر رفعه: وآمروا النّساء في بناتهنّ. أخرجه أبو داود.

قال الشّافعيّ: لا خلاف أنّه ليس للأمّ أمر، لكنّه على معنى استطابة النّفس.

وقال البيهقيّ: زيادة ذكر الأب في حديث ابن عبّاس غير محفوظة، قال الشّافعيّ: زادها ابن عيينة في حديثه، وكان ابن عمر والقاسم وسالم يزوّجون الأبكار لا يستأمرونهنّ.

قال البيهقيّ: والمحفوظ في حديث ابن عبّاس " البكر تستأمر "

ص: 566

ورواه صالح بن كيسان بلفظ " واليتيمة تستأمر " وكذلك رواه أبو بُرْدة عن أبي موسى ومحمّد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة. فدلَّ على أنّ المراد بالبكر اليتيمة.

قلت. وهذا لا يدفع زيادة الثّقة الحافظ بلفظ الأب، ولو قال قائل: بل المراد باليتيمة البكر لَم يدفع. وتستأمر بضمّ أوّله يدخل فيه الأب وغيره فلا تعارض بين الرّوايات.

ويبقى النّظر في أنّ الاستئمار. هل هو شرط في صحّة العقد أو مستحبّ على معنى استطابة النّفس. كما قال الشّافعيّ؟ كلٌّ من الأمرين محتمل.

واستدل به.

وهو القول الأول: على أنّ الصّغيرة الثّيّب لا إجبار عليها. لعموم كونها أحقّ بنفسها من وليّها، وعلى أنّ من زالتْ بكارتها بوطءٍ - ولو كان زناً - لا إجبار عليها لأبٍ ولا غيره لعموم قوله " الثّيّب أحقّ بنفسها ".

القول الثاني: قال أبو حنيفة: هي كالبكر، وخالفه حتّى صاحباه.

واحتجّ له: بأنّ عِلَّة الاكتفاء بسكوت البكر هو الحياء ، وهو باقٍ في هذه لأنّ المسألة مفروضة فيمن زالت بكارتها بوطءٍ ، لا فيمن اتّخذت الزّنا ديدناً وعادة.

وأجيب: بأنّ الحديث نصّ على أنّ الحياء يتعلق بالبكر وقابلها بالثّيّب ، فدلَّ على أنّ حكمهما مختلف، وهذه ثيّب لغة وشرعاً ، بدليل

ص: 567

أنّه لو أوصى بعتق كلّ ثيّب في ملكه دخلت إجماعاً.

وأمّا بقاء حيائها كالبكر فممنوع ، لأنّها تستحي من ذكر وقوع الفجور منها، وأمّا ثبوت الحياء من أصل النّكاح فليست فيه كالبكر التي لَم تجرّبه قطّ، والله أعلم.

واستدل به لمَن قال: إنّ للثّيّب أن تتزوّج بغير وليّ، ولكنّها لا تزوّج نفسها بل تجعل أمرها إلى رجل فيزوّجها، حكاه ابن حزم عن داود.

وتعقّبه بحديث عائشة: أيّما امرأة نكحت بغير إذن وليّها فنكاحها باطل. وهو حديث صحيح. أخرجه أبو داود والتّرمذيّ وحسّنه وصحَّحه أبو عوانة وابن خزيمة وابن حبّان والحاكم.

وهو يبيّن أنّ معنى قوله " أحقّ بنفسها من وليّها أنّه لا ينفذ عليها أمره بغير إذنها ولا يجبرها، فإذا أرادت أن تتزوّج لَم يجز لها إلَّا بإذن وليّها.

واستدل به على أنّ البكر إذا أعلنت بالمنع لَم يجز النّكاح، وإلى هذا أشار البخاري في التّرجمة، (1) وإن أعلنت بالرّضا فيجوز بطريق الأولى. وشذّ بعض أهل الظّاهر فقال: لا يجوز أيضاً ، وقوفاً عند ظاهر قوله " وإذنها أن تسكت "

تكميل: للتزوج أربع صور: تزويج الأب البكر، وتزويج الأب

(1) بوّب عليه (باب لا يُنْكِح الأب وغيره البكر والثيب إلَّا برضاهما)

ص: 568

الثّيّب، وتزويج غير الأب البكر، وتزويج غير الأب الثّيّب. وإذا اعتبرت الكبر والصّغر زادت الصّور.

فالثّيّب البالغ: لا يزوّجها الأب ولا غيره إلَّا برضاها اتّفاقاً إلَّا من شذّ.

والبكر الصّغيرة: يزوّجها أبوها اتّفاقاً إلَّا من شذّ.

والثّيّب غير البالغ: اختلف فيها.

القول الأول: قال مالك وأبو حنيفة: يزوّجها أبوها كما يزوّج البكر.

القول الثاني: قال الشّافعيّ وأبو يوسف ومحمّد: لا يزوّجها إذا زالت البكارة بالوطء لا بغيره، والعلة عندهم أنّ إزالة البكارة تزيل الحياء الذي في البكر، والبكر البالغ يزوّجها أبوها وكذا غيره من الأولياء.

واختلف في استئمارها. والحديث دالٌ على أنّه لا إجبار للأب عليها إذا امتنعت، وحكاه التّرمذيّ عن أكثر أهل العلم. وقد ألحق الشّافعيّ الجدّ بالأب.

وقال أبو حنيفة والأوزاعيّ. في الثّيّب الصّغيرة: يزوّجها كلّ وليّ، فإذا بلغت ثبت الخِيَار.

وقال أحمد: إذا بلغت تسعاً جاز للأولياء غير الأب نكاحها، وكأنّه أقام المظنّة مقام المئنّة.

وعن مالك: يلتحق بالأب في ذلك وصيّ الأب دون بقيّة الأولياء ،

ص: 569

لأنّه أقامه مقامه.

والذي يقتضيه ظاهر الحديث، اشتراط رضا المزوّجة بكراً كانت أو ثيّباً صغيرة كانت أو كبيرة، لكن تستثنى الصّغيرة من حيث المعنى لأنّها لا عبارة لها.

ص: 570