الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الحرث والمزارعة
قال الله تعالى: (أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا)
وروى الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مسلم يغرس غرساً، أو يزرع زرعاً، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة، إلَّا كان له به صدقة.
ولا شكَّ أنَّ الآية تدل على إباحة الزرع من جهة الامتنان به ، والحديث يدل على فضله بالقيد الذي ذكره البخاري (1).
وقال ابن المنير: أشار البخاري إلى إباحة الزرع ، وأنَّ من نهى عنه كما ورد عن عمر فمحلُّه ما إذا شغل الحرث عن الحرب ونحوه من الأمور المطلوبة ، وعلى ذلك يُحمل حديث أبي أمامة الباهلي، أنه قال: ورأى سكَّة وشيئاً من آلة الحرث، فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل هذا بيتَ قومٍ إلَّا أدخله الله الذل. أخرجه البخاري.
والمزارعة مفاعلة من الزرع.
وفي الحديث فضل الغرس والزرع والحض على عمارة الأرض.
ويستنبط منه اتخاذ الضيعة والقيام عليها.
وفيه فساد قول من أنكر ذلك من المتزهدة.
(1) بوب عليه: باب فضل الزرع والغرس إذا أُكل منه .. ثم ذكر الآية والحديث.
وحمْلُ ما ورد من التنفير عن ذلك على ما إذا شغل عن أمر الدين. فمنه حديث ابن مسعود مرفوعاً: لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا. الحديث. (1)
قال القرطبي: يجمع بينه وبين حديث أنس بحمله على الاستكثار ، والاشتغال به عن أمر الدين ، وحمل حديث أنس على اتخاذها للكفاف أو لنفع المسلمين بها ، وتحصيل ثوابها.
وفي رواية لمسلم " إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة " ومقتضاه أن أجر ذلك يستمر ما دام الغرس أو الزرع مأكولاً منه ، ولو مات زارعه أو غارسه ، ولو انتقل ملكه إلى غيره.
قال الطيبي: نكَّر مسلماً وأوقعه في سياق النفي ، وزاد مِن الاستغراقية ، وعمَّ الحيوان ليدل على سبيل الكناية على أنَّ أيَّ مُسلم كان حراً أو عبداً مطيعاً أو عاصياً يعمل أي عمل من المباح ينتفع بما عمله أيَّ حيوان كان يرجع نفعه إليه ، ويثاب عليه.
وفيه جواز نسبة الزرع إلى الآدمي ، وقد ورد في المنع منه حديث غير قوي. أخرجه ابن أبي حاتم من حديث أبي هريرة مرفوعاً: لا يقل أحدكم زرعت ، ولكن ليقل حرثت. ألم تسمع لقول الله تعالى
(1) أخرجه الإمام أحمد (1/ 377) والترمذي في " السنن "(2328) والطيالسي (379) من طريق المغيرة بن سعد الأخرم عن أبيه عن ابن مسعود رضي الله عنه. مرفوعاً.
وصححه الحاكم (4/ 322) وابن حبان (710). وقال الترمذي: حديث حسن.
(أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون). ورجاله ثقات إلَّا أن مسلم بن أبي مسلم الجرمي. قال فيه ابن حبان: ربما أخطأ.
وروى عبد بن حميد من طريق أبي عبد الرحمن السلمي بمثله من قوله غير مرفوع.