المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الثالث والثلاثون - فتح السلام شرح عمدة الأحكام من فتح الباري - جـ ٥

[عبد السلام العامر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيوع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب ما يُنهي عنه من البيوع

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌باب العرايا وغير ذلك

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌باب السّلم

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌باب الشروط في البيع

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌الحديث العشرون

- ‌الحديث الواحد والعشرون

- ‌باب الربا والصرف

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌باب الرهن وغيره

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌باب الحوالة

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌باب الفلس

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌باب الشفعة

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌باب الوقف

- ‌الحديث الواحد والثلاثون

- ‌باب الهبة

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌باب الحرث والمزارعة

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌باب العُمرى

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌باب المظالم

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌الحديث الأربعون

- ‌باب اللقطة

- ‌الحديث الواحد والأربعون

- ‌كتاب الوصايا

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌كتاب الفرائض

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌الحديث السابع والأربعون

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌كتاب النكاح

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌باب الصّداق

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

الفصل: ‌الحديث الثالث والثلاثون

‌الحديث الثالث والثلاثون

289 -

وعن ابن عباس رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العائد في هبته، كالعائد في قَيْئِه. (1)

وفي لفظ: فإنّ الذي يعود في صدقته، كالكلب يقيء ثم يعود في قَيْئِه. (2)

قوله: (العائد في هبته، كالعائد في قيئه) أي: العائد في هبته إلى الموهوب وهو كقوله تعالى: (أو لتعودنّ في ملتنا).

زاد أبو داود في آخره " قال همّام قال قتادة: ولا أعلم القيء إلَّا حراماً. وللبخاري من رواية عكرمة عن ابن عباس " ليس لنا مثل السّوء، الذي يعود

" أي: لا ينبغي لنا معشر المؤمنين أن نتّصف بصفةٍ ذميمةٍ يشابهنا فيها أخسّ الحيوانات في أخسّ أحوالها ، قال الله سبحانه وتعالى:(للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السّوء ، ولله المثل الأعلى) ولعلَّ هذا أبلغ في الزّجر عن ذلك وأدل على التّحريم ممّا لو قال مثلاً: لا تعودوا في الهبة.

(1) أخرجه البخاري (2449) ومسلم (1622) من طريق عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنه.

وأخرجه البخاري (2479 ، 6574) من طريق أيوب عن عكرمة عن ابن عباس نحوه.

(2)

أخرجه البخاري (2478) ومسلم (1622) من طرق عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس رضي الله عنه. واللفظ لمسلم.

ص: 291

وإلى القول بتحريم الرّجوع في الهبة بعد أن تقبض ذهب جمهور العلماء إلَّا هبة الوالد لولده جمعاً بين هذا الحديث. وحديث النّعمان الآتي.

وقال الطّحاويّ: وقوله: " لا يحل " لا يستلزم التّحريم وهو كقوله: " لا تحل الصّدقة لغنيّ " وإنّما معناه. لا تحل له من حيث تحل لغيره من ذوي الحاجة وأراد بذلك التّغليظ في الكراهة.

قال: وقوله: " كالعائد في قيئه " وإن اقتضى التّحريم لكون القيء حراماً ، لكنّ الزّيادة في الرّواية الأخرى. وهي قوله " كالكلب " تدلُّ على عدم التّحريم ، لأنّ الكلب غير متعبّدٍ فالقيء ليس حراماً عليه، والمراد التّنزيه عن فعلٍ يشبه فعل الكلب.

وتعقّب: باستبعاد ما تأوّله ومنافرة سياق الأحاديث له ، وبأنّ عرف الشّرع في مثل هذه الأشياء المبالغة في الزّجر كقوله: من لعب بالنّردشير فكأنّما غمس يده في لحم خنزير. (1)

قوله: (كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه) هذا التّمثيل وقع في طريق سعيد بن المسيّب عن ابن عباس أيضاً عند مسلم. أخرجه من رواية أبي جعفر - محمّد الباقر - عنه بلفظ " مثل الذي يرجع في صدقته كمثل الكلب يقيء ثمّ يرجع في قيئه فيأكله ".

وله في رواية بكيرٍ عن سعيد " إنّما مثل الذي يتصدّق بصدقةٍ ثمّ

(1) أخرجه مسلم في " الصحيح "(2660) من حديث بريدة رضي الله عنه. مرفوعاً.

ص: 292

يعود في صدقته كمثل الكلب يقيء ثمّ يأكل قيئه.

وفيه ذمّ العائد في هبته على الإطلاق، فدخل فيه الزّوج والزّوجة تمسّكاً بعمومه.

وأخرج الطّحاويّ عن إبراهيم النخعي قال: إذا وهبتْ المرأة لزوجها أو وهب الرّجل لامرأته فالهبة جائزة، وليس لواحدٍ منهما أن يرجع في هبته.

وروى عبد الرّزّاق عن الثّوريّ عن عبد الرّحمن بن زياد ، أنّ عمر بن عبد العزيز قال مثل قول إبراهيم.

وروى ابن وهب عن يونس بن يزيد عن الزّهريّ: فيمَن قال لامرأته: هبي لي بعض صداقك أو كله، ثمّ لَم يمكث إلَّا يسيراً حتّى طلَّقها فرجعت فيه، قال: يردّ إليها إن كان خلَبَها، وإن كانت أعطته عن طيب نفسٍ ليس في شيءٍ من أمره خديعةٌ، جاز ، قال الله تعالى:{فإن طبن لكم عن شيءٍ منه نفساً فكلوه} .

وقوله فيه " خلبها " بفتح المعجمة واللام والموحّدة. أي: خدعها.

وروى عبد الرّزّاق عن معمر عن الزّهريّ قال: رأيت القضاة يقيلون المرأة فيما وهبت لزوجها ولا يقيلون الزّوج فيما وهب لامرأته.

والجمع بينهما: أنّ رواية معمر عنه منقولة، ورواية يونس عنه اختياره، وهو التّفصيل المذكور بين أن يكون خدعها فلها أن ترجع أو لا فلا، وهو قول المالكيّة إن أقامت البيّنة على ذلك.

وقيل: يقبل قولها في ذلك مطلقاً.

ص: 293

وإلى عدم الرّجوع من الجانبين مطلقاً ذهب الجمهور.

وإلى التّفصيل الذي نقله الزّهريّ ذهب شُريح.

فروى عبد الرّزّاق والطحاويّ من طريق محمّد بن سيرين ، أنّ امرأة وهبت لزوجها هبة ثمّ رجعت فيها، فاختصما إلى شُريح فقال للزّوج: شاهداك أنّها وهبت لك من غير كُره ولا هوان، وإلَّا فيمينها لقد وهبت لك عن كره وهوان.

وعند عبد الرزاق بسندٍ منقطعٍ عن عمر ، أنّه كتب إنّ النّساء يعطين رغبة ورهبة، فأيّما امرأه أعطت زوجها فشاءت أن ترجع رجعت.

قال الشّافعيّ: لا يردّ شيئاً إذا خالعها ولو كان مضرّاً بها، لقوله تعالى:(فلا جناح عليهما فيما افتدت به).

قال ابن بطّالٍ: إذا قبض الموهوب له هبةً فهو مالكٌ لها ، فإذا حال عليها الحول عنده وجبت عليه الزّكاة فيها عند الجميع ، وأمّا الرّجوع فلا يكون عند الجمهور إلَّا فيما يوهب للولد ، فإن رجع فيها الأب بعد الحول وجبت فيها الزّكاة على الابن.

قلت: فإن رجع فيها قبل الحول صحّ الرّجوع ويستأنف الحول ، فإن كان فعل ذلك ليريد إسقاط الزّكاة سقطت وهو آثمٌ مع ذلك.

وعلى طريقة من يبطل الحيل مطلقاً لا يصحّ رجوعه لثبوت النّهي عن الرّجوع في الهبة ، ولا سيّما إذا قارن ذلك التّحيّل في إسقاط الزّكاة.

ص: 294

وذهب الجمهور ومنهم الشّافعيّ. إلى أنّ الزّكاة تجب على المتّهب (1) مدّة مكث المال عنده.

(1) وقع في مطبوع الفتح (المنتهب) بزيادة نون ، وهو خطأ ، والصواب ما أثبتُّه. والمتهب هو من طلب الهبةَ من آخر.

ص: 295