المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الملك الناصر صاحب الشام - فوات الوفيات - جـ ٤

[ابن شاكر الكتبي]

فهرس الكتاب

- ‌الشمس الدهان

- ‌كمال الدين ابن الزملكاني

- ‌المنصور صاحب حماة

- ‌الشيخ صدر الدين ابن الوكيل

- ‌ابن اللبانة

- ‌ماني الموسوس

- ‌الملك الناصر

- ‌الحافظ ابن النجار

- ‌شمس الدين الأصفهاني

- ‌ابن المكرم

- ‌ابن الدجاجية

- ‌شرف الدين القدسي

- ‌أمير المؤمنين الأمين

- ‌أمير المؤمنين المعتصم

- ‌أمير المؤمنين المهتدي

- ‌الخالدي الشاعر

- ‌أبو الوليد ابن حزم

- ‌مجير الدين ابن تميم

- ‌التلعفري الشاعر

- ‌أثير الدين أبو حيان

- ‌محمود الوراق

- ‌شهاب الدين محمود

- ‌غازان المغلي

- ‌صفي الدين القرافي

- ‌ كشاجم

- ‌ ابن قادوس

- ‌ شمس الدين الكوفي

- ‌ابن الملحي الواعظ

- ‌تاج الدين الصرخدي

- ‌ المختار الثقفي

- ‌أبو الفوارس ابن منقذ

- ‌ مروان بن الحكم

- ‌مروان الحمار

- ‌أبو الشمقمق

- ‌ والد أسامة

- ‌مزبد المدني

- ‌ابن قسيم الحموي

- ‌ صريع الغواني

- ‌مصعب ابن الزبير

- ‌أبو العرب الصقلي

- ‌مطيع بن إياس

- ‌ مظفر الذهبي

- ‌أبو المظفر الأنباري

- ‌مقدار المطاميري

- ‌أبو سعد الآبي

- ‌أمير العرب بهاء الدولة

- ‌النمري الشاعر

- ‌الراشد بالله

- ‌ المستنصر بالله

- ‌النيري الواسطي

- ‌الخليفة الهادي

- ‌الرئيس موسى القرطبي

- ‌ المؤمل المحاربي

- ‌حرف النون

- ‌البديهي الشاعر

- ‌المطرزي شارح المقامات

- ‌ابن صورة الكتبي

- ‌ابن الشقيشقة الصفار

- ‌ابن حواري الحنفي

- ‌فخر القضاة ابن بصاقة

- ‌أبو صالح الجيلي

- ‌أبو طاهر الحلي الشاعر

- ‌أبو سعد الدينوري

- ‌نصيب الأكبر

- ‌نصيب الأصغر

- ‌ النصير الحمامي

- ‌النصير الأذفودي

- ‌حرف الهاء

- ‌هارون الرشيد

- ‌ الواثق بالله

- ‌ابن المصلي الارمنتي

- ‌الجرذ الكاتب

- ‌الصائن ابن عساكر

- ‌أبو الحسين الحاجب

- ‌ هشام بن عبد الملك

- ‌ملك التتار

- ‌أبو حية النميري

- ‌حرف الواو

- ‌ والبة الأسدي

- ‌ أبو حليقة

- ‌ولادة بنت المستكفي

- ‌أمير المؤمنين الوليد

- ‌الوليد بن يزيد

- ‌حرف الياء

- ‌ياقوت المستعصمي

- ‌ أبو زكريا النواوي الحافظ

- ‌ابن أبي طي

- ‌ابن أبي حصينة رضي الدين

- ‌ابن مجبر الاشبيلي

- ‌أبو الحسين الجزار

- ‌أبو زكريا يحيى صاحب إفريقية

- ‌رشيد الدين العطار

- ‌أبو جعفر العلوي

- ‌الصرصري

- ‌ابن أبي خالد الكاتب الاشبيلي

- ‌ يزيد بن عبد الملك

- ‌ابن صقلاب

- ‌الراضي ابن عباد

- ‌يزيد بن معاوية

- ‌رجعنا إلى الأصل:

- ‌يزيد بن الوليد أمير المؤمنين

- ‌يعقوب النيسابوري

- ‌الخازن الشافعي

- ‌أبو البشر البندنيجي

- ‌الحافظ اليغموري

- ‌علم الدين القناوي

- ‌الحافظ ابن بكار

- ‌جمال الدين الشاعر

- ‌مهمندار العرب

- ‌محيي الدين ابن الجوزي

- ‌الشيخ جمال الدين المزي

- ‌سبط ابن الجوزي

- ‌ابن طملوس المغربي

- ‌المستنجد بالله

- ‌الملك الناصر صاحب الشام

- ‌فخر الدين ابن الشيخ

- ‌ بدر الدين الذهبي

- ‌ محيي الدين ابن زيلاق

- ‌الملك الجواد

الفصل: ‌الملك الناصر صاحب الشام

595 -

(1)

‌الملك الناصر صاحب الشام

يوسف بن محمد بن غازي بن يوسف بن أيوب بن شاذي، السلطان الملك الناصر صلاح الدين ابن الملك العزيز ابن الملك الظاهر ابن الناصر صلاح الدين؛ هو صاحب حلب ثم صاحب الشام. ولد بقلعة حلب في رمضان سنة سبع وعشرين وستمائة وقتل سنة تسع وخمسين؛ تولى الملك عند موت والده العزيز سنة أربع وثلاثين وستمائة، وقام بتدبير دولته الأمير شمس الدين لؤلؤ الأميني والأكرم ابن القفطي وعز الدين ابن المجلي والطواشي جمال الدولة إقبال الخاتوني، والأمر كله لجدته الصاحبة صفية خاتون بنت العادل. ولما توجه القاضي بهاء الدين إلى الكامل بوصية العزيز - وكان قد مات وعمره أربع وعشرون سنة - فلما رآها الكامل بكى وحلف للناصر لأجل أخته صفية خاتون، فلما توفيت سنة أربعين اشتد الناصر وأمر ونهى؛ فلما كانت سنة ست وأربعين، سار من جهته نائبه شمس الدين لؤلو وحاصر حمص، وطلب النجدة من الصالح نجم الدين أيوب فلم ينجده، وغضب، واستمرت حمص في ملك الناصر؛ فلما كان شهر ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين، قدم إلى دمشق وأخذها بلا كلفة. وفي أثناء السنة قصد الديار المصرية، فما تم له ذلك. وفي سنة اثنتين وخمسين دخل على بيت السلطان علاء الدين صاحب الروم.

(1) الزركشي: 355 وذيل مرآة الزمان 1: 461، 2: 134 والنجوم الزاهرة 7: 203 ومرآة الجنان 4: 151 وأمراء دمشق: 102 والشذرات 5: 299 وعبر الذهبي5: 256 وابن خلكان 4: 10 (وقال إنه قتل في الثالث والعشرين من شوال سنة 658) ؛ ولم ترد هذه الترجمة في المطبوعة، وفيها بعض خروج على قواعد اللغة والأعراب.

ص: 361

وكان الناصر سمحاً جواداً حليماً حسن الأخلاق محبباً إلى الرعية، فيه عدل وصفح ومحبة للفضلاء والأدباء، وكان سوق الشعر نافقة في أيامه، وكان يذبح في مطبخه كل يوم أربعمائة راس غنم سوى الدجاج والطيور والأجدية. وكان يبيع الغلمان من سماطه شي كثير عند باب القلعة بدمشق بأرخص الأثمان من المآكل الفاخرة.

حكى علاء الدين بان نصر الله أن الناصر جاء إلى داره بغتة؛ قال: فمددت له شيئاً كثيراً في الوقت بالدجاج المحشي بالسكر والفستق وغيره، فقال: كيف تهيأ لك هذا؟ فقلت: هو من نعمتك، اشترتيه من باب القلعة. وكانت نفقته في كل يوم أكثر من عشرين ألف درهم.

وكان يحاضر الأدباء والفضلاء، وعلى ذهنه كثير من الشعر والأدب، وله نوادر ونظم، وحسن ظن بالصالحين. وبني بدمشق مدرسة جوا باب الفراديس، وبالجبل رباطاً، وبنى الخان عند المدرسة الزنجيلية (1) . وبلغه عن بعض الفقراء من الأجناد أنه تسمح في حقه فأحضره ليؤدبه، فلما رأى وجله رق له وأرم له بذهب وصرفه ولم يؤاخذه. وكانت تمر له الأيام الكثيرة يجلس فيها من أول النهار إلى نصف الليل يوقع على الأوراق ويصل الأرزاق، وقيل إنه خلع في أقل من سنة أكثر من عشرين ألف خلعة.

وكانوا الفرنج قد ضمنوا له أخذ الديار المصرية على أن يسلم إليهم القدس وبلاد أخر، ودار الأمر على أن تعطى لهم أو للمصريين، فبذل ذلك للمصريين اتباعاً لرضى الله عز وجل، وقال: والله لا لقيت الله تعالى وفي صحيفتي إخراج القدس عن المسلمين. ولما بعد عن خزائنه احتاج إلى قرض أرهن أملاكه وضرب أواني الذهب والفضة، وقيل له في أخذ القابض (2) من الأوقاف،

(1) يقال لها أيضاً الزنجارية، كانت خارج باب توما، تنسب إلى فخر الدين عثمان بن الزنجيلي، أنشئت في سنة 626 (الدارس 1: 526) .

(2)

كذا ولعلها: الفائض.

ص: 362

فما مد يده إلى شيء منها بدمشق ولا بحلب.

قال ابن العديم: حضر بعض المدرسين إلى العسكر، ورفع على يدي قصة بين يديه تتضمن التضور من قلة معلومه، ويذكر أن عياله وصلوا من مصر وأنه لا يطلب التثقيل على السلطان في مثل هذا الوقت الذي يحتاج فيه إلى الكلف بن يطلب زيادة في المدرسة التي هو بها. فسأل عن شرط الواقف، فقيل: شرطه ما يتناوله الآن، لكن ذكر أنه في كتاب الوقف ما يدل على أن السلطان يزيده إذا رأى في ذلك مصلحة. فأطرق كما هي عادته إذ لم يرى قضاء ما طلب، ولم يرد في ذلك جواباً، ولم يهن عليه رده خائباً، وتورع عن مخالفة الواقف، فقرر له ما طلبه على ديوانه دون الوقف.

قال ابن العديم: أنشدني لنفسه، رحمه الله:

البدر يجنح للغروب ومهجتي

لفراق مشبهه أسى تتقطع

والشرب قد خاط النعاس جفونهم

والصبح من جلبابه يتطلع ومن شعره أيضاً:

سقى حلب الشهاب كل مرنة (1)

سحائب غيث نوؤها ليس يقلع

فتلك ربوعي لا العقيق ولا الحمى

وتلك دياري لا زرود ولعلع وقال أيضاً:

فو الله لو قطعت قلبي تأسفاً

وجرعتني كاسات دمعي دما صرفا

لما زادني إلا هوى ومحبة

ولا اتخذت روحي سواك لها إلفا وورد الخبر في منتصف صفر من سنة ثمان وخمسين وستمائة بورود التتار إلى حلب ودخولها بالسيف، فهرب السلطان مع الأمرا الموافقين له، وزال ملكه، ودخل التتار بعده بيوم إلى دمشق، وقري فرمان الملك بأمان

(1) ص: مزنة.

ص: 363

أهل دمشق وما حولها حتى وصل السلطان إلى قطيا وتفرق عنه عسكره، فتوجه مع خواصه إلى وادي موسى ثم جاء إلى بركة زيزا فكبسه كتبغا، فهرب وأتى إلى التتار بالأمان، فبقي معهم البيت ذل وهوان. فلما بلغ هولاكوا قتل كتبغا قتله، قيل إنه قتله بالسيف عقيب واقعة عين جالوت، وقيل خصل بعذاب دون أصحابه، وقيل جعل هدفاً للسهام، وقيل جمع له نخلتان وربط بينهما وافترقتا فذهبت كل واحدة بشق منه.

قال شهاب الدين أحمد بن عبد العزيز بن العجمي: أنشدني الناثر لنفسه:

يا برق أنش من الغمام سحابة

وطفاء هامية على بطياس

وأدم على تلك الربوع وأهلها

غيثاً (1) يرويها مع الأنفاس

وعلى ليال بالصفاء قطعتها

مع كل غانية وظبي كناس فأنشدته ارتجالاً:

فلتلك (2) أوطاني ومعهد أسرتي

ومقر أحبابي ومجمع ناسي

ليس (3) الفؤاد وإن تناءت سالياً

عنها ولا لعهودها بالناسي (4) وكان قتله في الخامس وعشرين من شوال سنة ثمان وخمسين وستمائة، وعمل عزاؤه في سادس وعشرين ربيع الآخر سنة تسع وخمسين بقلعة الجبل من الديار المصرية، رحمه الله تعالى.

ورثاه غير واحد من شعراء دولته وغيرهم. فممن (5) رثاه أمين الدين

(1) ص: غيث.

(2)

ص: فتلك.

(3)

ص: أيس.

(4)

ص: بالناس.

(5)

ص: فمن.

ص: 364

السليماني، قال حين توجه الملك الناصر (1) مع التتار وانقطعت أخباره والتبس أمره:

بكى الملأ الأعلى على الملك الأعلى

وأصبحت الدنيا لفقدانه ثكلى

تولى صلاح الدين يوسف وانقضت (2)

محاسنه الحسنى وسيرته المثلى

وفارق ملك الشام والشرق عنوة

فريداً كما جردت من غمده نصلا

وأضحى أسيراً في التتار مروعاً

فبكوا عزيزاً لم يكن يعرف الذلا

وأني لأرجو أن يكون كصارم

يجرده قين ليحكمه صقلا

تناقضت الأخبار عنه لبعده

فيا لحديث ما أمر وما أحلى

فيا ليت عيني عاينت كنه حاله

لقد شفني حزني عليه وقد أبلى

أبكيه في الأسرى وأرجو خلاصه

رجاء بعيد أم أرثيه في القتلى

أبن مخبراً: يا يوسف بن محمد

أحي ترجى أنت أم ميت تسلى

ووالله ما يسلوك قلب ابن حرة

جعلت له من طولك الفرض والنفلا وقال فيه حين بلغه أن التتار قتلوه:

رمت الخطوب فأقصدتك نبالها

والأرض بعدك زلزلت زلزالها

أأبا المظفر يوسف بن محمد

لا قلت بعدك للحوادث يا لها

خذلتك أسرتك الذين ذخرتهم

للنائبات وقد وقفت حيالها

تركوك منفرداً بقطية ذاهلاً

تسفي عليك العاصفات رمالها

تبكيك ولولة الحريم حواسراً

من كل معولة تضم عيالها

ومصونة البيت خدرها ما شاهدت

قبل الرزية ما يروع بالها

كيف الخلاص من المنية لامريء

من بعد ما نصبت عليه حبالها

أأبا المظفر يوسف بن محمد

جرعت نفسي صابها وخبالها

(1) ص: النار.

(2)

ص: وانفضت.

ص: 365