المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الشمس الدهان

- ‌كمال الدين ابن الزملكاني

- ‌المنصور صاحب حماة

- ‌الشيخ صدر الدين ابن الوكيل

- ‌ابن اللبانة

- ‌ماني الموسوس

- ‌الملك الناصر

- ‌الحافظ ابن النجار

- ‌شمس الدين الأصفهاني

- ‌ابن المكرم

- ‌ابن الدجاجية

- ‌شرف الدين القدسي

- ‌أمير المؤمنين الأمين

- ‌أمير المؤمنين المعتصم

- ‌أمير المؤمنين المهتدي

- ‌الخالدي الشاعر

- ‌أبو الوليد ابن حزم

- ‌مجير الدين ابن تميم

- ‌التلعفري الشاعر

- ‌أثير الدين أبو حيان

- ‌محمود الوراق

- ‌شهاب الدين محمود

- ‌غازان المغلي

- ‌صفي الدين القرافي

- ‌ كشاجم

- ‌ ابن قادوس

- ‌ شمس الدين الكوفي

- ‌ابن الملحي الواعظ

- ‌تاج الدين الصرخدي

- ‌ المختار الثقفي

- ‌أبو الفوارس ابن منقذ

- ‌ مروان بن الحكم

- ‌مروان الحمار

- ‌أبو الشمقمق

- ‌ والد أسامة

- ‌مزبد المدني

- ‌ابن قسيم الحموي

- ‌ صريع الغواني

- ‌مصعب ابن الزبير

- ‌أبو العرب الصقلي

- ‌مطيع بن إياس

- ‌ مظفر الذهبي

- ‌أبو المظفر الأنباري

- ‌مقدار المطاميري

- ‌أبو سعد الآبي

- ‌أمير العرب بهاء الدولة

- ‌النمري الشاعر

- ‌الراشد بالله

- ‌ المستنصر بالله

- ‌النيري الواسطي

- ‌الخليفة الهادي

- ‌الرئيس موسى القرطبي

- ‌ المؤمل المحاربي

- ‌حرف النون

- ‌البديهي الشاعر

- ‌المطرزي شارح المقامات

- ‌ابن صورة الكتبي

- ‌ابن الشقيشقة الصفار

- ‌ابن حواري الحنفي

- ‌فخر القضاة ابن بصاقة

- ‌أبو صالح الجيلي

- ‌أبو طاهر الحلي الشاعر

- ‌أبو سعد الدينوري

- ‌نصيب الأكبر

- ‌نصيب الأصغر

- ‌ النصير الحمامي

- ‌النصير الأذفودي

- ‌حرف الهاء

- ‌هارون الرشيد

- ‌ الواثق بالله

- ‌ابن المصلي الارمنتي

- ‌الجرذ الكاتب

- ‌الصائن ابن عساكر

- ‌أبو الحسين الحاجب

- ‌ هشام بن عبد الملك

- ‌ملك التتار

- ‌أبو حية النميري

- ‌حرف الواو

- ‌ والبة الأسدي

- ‌ أبو حليقة

- ‌ولادة بنت المستكفي

- ‌أمير المؤمنين الوليد

- ‌الوليد بن يزيد

- ‌حرف الياء

- ‌ياقوت المستعصمي

- ‌ أبو زكريا النواوي الحافظ

- ‌ابن أبي طي

- ‌ابن أبي حصينة رضي الدين

- ‌ابن مجبر الاشبيلي

- ‌أبو الحسين الجزار

- ‌أبو زكريا يحيى صاحب إفريقية

- ‌رشيد الدين العطار

- ‌أبو جعفر العلوي

- ‌الصرصري

- ‌ابن أبي خالد الكاتب الاشبيلي

- ‌ يزيد بن عبد الملك

- ‌ابن صقلاب

- ‌الراضي ابن عباد

- ‌يزيد بن معاوية

- ‌رجعنا إلى الأصل:

- ‌يزيد بن الوليد أمير المؤمنين

- ‌يعقوب النيسابوري

- ‌الخازن الشافعي

- ‌أبو البشر البندنيجي

- ‌الحافظ اليغموري

- ‌علم الدين القناوي

- ‌الحافظ ابن بكار

- ‌جمال الدين الشاعر

- ‌مهمندار العرب

- ‌محيي الدين ابن الجوزي

- ‌الشيخ جمال الدين المزي

- ‌سبط ابن الجوزي

- ‌ابن طملوس المغربي

- ‌المستنجد بالله

- ‌الملك الناصر صاحب الشام

- ‌فخر الدين ابن الشيخ

- ‌ بدر الدين الذهبي

- ‌ محيي الدين ابن زيلاق

- ‌الملك الجواد

الفصل: ‌أبو الحسين الجزار

حملت نفسي على فتن

سمتها صبرا فما احتملا

ثم قالت سوف نتركها

سلبا للحب أو نفلا

قلت أما وهي قد علقت

بأمير المؤمنين فلا 571 (1)

‌أبو الحسين الجزار

يحيى بن عبد العظيم بن يحيى بن محمد بن علي، الشيخ جمال الدين أبو الحسين الجزار الأديب المصري؛ ولد سنة ثلاث وستمائة تقريباً، وتوفي ثامن عشر شوال سنة تسع وسبعين وستمائة بالفالج، وكان بديع المعاني جيد التورية عذب التركيب فصيح الألفاظ حلو النادرة، صاحب مجون وزوايد، يمدح الملوك والكبار، وكان يتزيا بزي الكتاب، عاش مرتزقا بالشعر، وما هجي أحد (2) من شعراء زمانه ما هجي هو ولا ثلب كما ثلب، وكان يسمى " تعاشير "، وفيه يقول مجاهد الخياط " (3) :

ما لتعاشير غلا قيمة

علي قامت في مواعينه

فلا يلمني وليلم نفسه

إذ هو مذبوح بسكينه

والله ما أغضبها فعله

إلا لتقطيع مصارينه

(1) الزركشي: 343 والبدر السافر: 225 والمغرب (قسم مصر) 1: 296 والشذرات 5: 364 والنجوم الزاهرة 7: 345 وحسن المحاضرة 1: والمسالك 12: 166؛ ولم يرد في المطبوعة إلا جزء يسير من هذه الترجمة.

(2)

ص: وما هجا أحداً.

(3)

قد مرت ترجمة مجاهد (رقم: 409) وانظر ترجمة له في المغرب (قسم مصر) 1: 293 (وسماه مجاهد طناش الخياط) وفي المسالك 12: 213.

ص: 277

وكان قليل الهجاء متحملا متوددا إلى الناس، حسن التعريض، واحتاج في آخر عمره إلى الاستجداء بغير شعر. وكان كثير التبذير لا تكاد خلته تستد أبدا ولا يغفل طلبه ولكن بأحسن الصور، وكان مسرفا على نفسه.

وله كتاب " فوائد الموائد " وعمل بعض الفضلاء عليه " علائم الولائم ". وجمع قطعة من شعره سماها " تقاطيف الجزار "(1) وهذه تسمية حسنة.

ولم يكن في عصره من يقاربه في جودة النظم غير السراج الوراق، وهو كان فارس تلك الحلبة ومنه أخذوا وعلى نمطه نسجوا ومن مادته استمدوا. وبينه وبين شعراء عصره مجاراة ومباراة أذكر منها شيئاً.

وقيل إنه لما كان صغيرا نظم أبياتا قلائل، وكان أديب ذلك الزمان ابن أبي الإصبع، فأخذه والده وتوجه به إليه وقال: يا سيدي، قد عمل هذا الولد شعرا وأشتهي أن يعرضه عليك، فقال: قل، فلما أنشده قال له: أحسنت والله إنك عوام مليح. فراح هو ووالده. وبعد أيام عمل والده طعاما وحمله إلى ابن أبي الإصبع فقال: لأي شيء فعلت هذا؟ قال: لشكرك لولدي، فقال: أنا ما شكرته، قال: ألم تقل له أحسنت، إنك عوام مليح؟ فقال: ما أردت بذلك إلا أنه خرج من بحر ودخل في بحر، فاستحيا هو ووالده. ثم لم يزل يتهذب حتى فاق أهل عصره وصار من فحول المتأخرين.

وقيل إنه اجتمع هو وأصحابه وأرادوا النزهة، فأخرجوا من بينهم دراهم وأخذوا منها عشرة دراهم وجاءوا إلى جزار في باب زويلة، فوقفوا عليه وقالوا له: أتدري من هذا الواقف عليك؟ قال: لا، قالوا: هذا الشيخ جمال الدين أبو الحسين الجزار أديب الديار المصرية وإمامها، فباس الجزار السكين وقدمها لأبي الحسين وقال: يا سيدي والله ما يدخل يقطع هذا اللحم

(1) المغرب: تقطيف الجزار، وقال إنه طرزه باسم الصاحب الكبير العالم كمال الدين بن أبي جرادة؛ وكذلك ورد اسم الكتاب عند الزركشي.

ص: 278

إلا أنت، فلما دخل أبو الحسين شرع قطع لهم الرقبة والعرقوب والمراق والعظام والمطاميط، وأصحابه ساكتون لا يكلمونه حتى فرغ، وأخذوا اللحم وقالوا له: أما الرجل فإنه قد خلاه الذم وعداه اللوم لأنه مكنك من اللحم، وأنت فعلت بنا هذا الفعل؟! فقال: بالله اعذروني، فإني لما رأيت نفسي وأنا خلف القرمية والساطور وبيدي السكين جاءتني لأمة الجزارين، وما قدرت أفعل غير ما رأيتم؛ فضحكوا منه.

ومما هجي به رحمه الله تعالى:

ماذا أقول في فتى

نشء التيوس والبقر

فعاله ذميمة

وبيته بيت الزفر ومنه:

تعصب للأديب علي قوم

وما كانوا أولئك في حسابي

كلاب وهو جزار ولكن

به قطعت أذناب الكلاب ومنه:

قل لوزير الملك لا تطرح

أمر امرىء أعيا بك العتب

وازجر عن الجزار نفسا فقد

تجني به ذنبا ولا ذنب

لا تأمنن ثلب الورى إن يكن

قربه من بابك الثلب

ولا تجالس طرفا نازلا

قد طالما جالسه الكلب وفيه يقول قطب الدين عمر الواعظ:

الشاعر الجزار مات

فبئس ما ضم التراب

قد وافق العقلاء ربهم

عليه فهم غضاب

ولبخله بالعظم

ما حزنت لموتته الكلاب وقال فيه مجاهد الخياط:

ص: 279

مر بنا ينصب أحبولة

للرزق أو يدفن أفخاخا

وهو إذا سافر مع نحسه

يحتاج فراشا وطباخا

وواحد أعمى إلى جانبي

ما زال للتاريخ نساخا

يقول لي يوحك من ذا الفتى

أراه صياحا وصراخا

فقلت قالوا إنه شاعر

يأكلها بالشعر أوساخا

هذا هو الجزار قال الذي

قد كان قبل اليوم مراخا (1)

فقلت هذا في الصبا قال لي

وهو بتلك " الحال " لو شاخا وقال مجاهد أيضا فيه بليقة:

قد كنت عند الناس بعين

يا أبو الحسين

وجبتين

قالوا غلامك يا حزين

ناكك على زعمي يقين

قل المكين؟

قالوا الأمين

فقلت قولوا لي الخبر

قال زب في شاعر عبر (2)

قلت البغا جاه في الكبر

قال مرتين

طفيت حماقه وامتليت

(1) ص: صراخا.

(2)

ص: غبر.

ص: 280

تمشي بمنور ما استحيت

عليك ظلام ولو مشيت

بالنيرين

ربيت صغير (1) في المجزرا

وفي الكبر جيت مسخرا

فما نقول إنك خرا

في الحالتين

على قذار ما احمقوا

وما أفشروا وما أنزقوا

ويلاه على من غرقوا

بجرتين

وفيه أشياء كثيرة من هذا النمط، رحمه الله تعالى وعفا عنه.

ولما مات رثاه السراج الوراق:

أغايتنا لهذا يا فلان

تأمل ليس كالخير العيان

أماني النفوس لها خداع

وليس من المخوف لها أمان

ومن بعد الحراك لها سكون

وصمت بعدما مزح اللسان

ايا من جد للآمال ركضا

تأن ففي يد الأجل العنان

تروقك زهرة الدنيا ومنها

جنى ثمر الردى إنس وجان

وتخدع لامسا (2) منها بلين

أيؤمن إذ يميس الأفعوان

بلغت أبا الحسين مدى إليه

لمستبق ومسبوق رهان

(1) ص: صغيرا.

(2)

ص: لامس.

ص: 281

وكنت وطالما قد كنت أيضا

تقول عن الأولى سبقوك كانوا

أقول لمن نعاك ولا امتناع

لأحزاني عليك ولا امتنان

إلا عز القوافي (1) اليوم عن من

بكته البكر منها والعوان

لها إيطاء حزن بعد حزن

وإكفاء لدمع لا يصان

وإقواء برفع فوق نعش

وخفض في اللحود له مكان

وناح النحو بعدك، والمعاني

لها مع كل نائحة جنان

فلا بدل لخل عنك يرجى

ولا عطف لمن غدروا وخانوا

ولو نزفت بحور الشعر دمعا

وكان على الخليل لها ضمان

لما وفته لا وأبيه حقا

ولو بسلوكها نظم الجمان

كفاها ذوقه التقطيع فيما

يجوزه ويأباه الوزان

ولجج سالكا في كل بحر

غنائمه جواهره الحسان

فنالت منه فاصلة (2) الرزايا

ودائرة الحمام ولا اعتنان

فيا أسف البديع على بديع

لكل فنونه منه افتنان

إذا التفت استطال على جرير

وأخرس من فرزدقه اللسان

فلا تقسا به سحبان يوما

ولا قسا إذا ذكر البيان

ولو هرم رآه سلا زهيرا

وكان له عليه ثم شان

جمال الدين أنت جميل ظن

بربك جل ديانا يدان

وعفو الله أكثر من ذنوب

لنا وعلى الشفيع لنا الضمان وكتب أبو الحسين إلى السراج الوراق في يوم نوروز:

استعمل العفص بعد الدبغ مقلوبا (3)

لتغتدي طالبا طورا ومطلوبا

(1) ص: القواف.

(2)

ص: فاضلة.

(3)

يريد الصفع.

ص: 282

واسكر من الراح (1) وافهم ما أشرت له

فليس يحتاج لا كاسا ولا كوبا

واحمل على القوم واحلم أن هم حملوا

فأنت ما زلت غلابا ومغلوبا

لك الجوادان فاركب ما تشاء ودع

ما لا تشاء مع الغلمان مجنوبا

قد أدبتك نواريز مفرقة

حتى لقد صرت لا تحتاج تأديبا

وطالما استصلح الجزار نحرك في

يوم الأضاحي ولم يستصلح النيبا

أذكرتنا ازدشيرا (2) إذ ركبت وإذ

أصبحت بالتاج تاج الخوص معصوبا

فاستوف غير ضجور بالإمارة ما

على جبينك " ما " قد كان مكتوبا

والق الآيادي واقبل من هديتها (3)

ما كان من قوص أو إخميم مجلوبا

يا شاعرا لم يفته (4) اليوم راوية

يروي المجون إذا لم يرو تشبيبا

لو أنه أدرك الشيخ الصريع فتى

القصار (5) لم يرو إلا عنك أسلوبا فأجابه الوراق:

قتلت يا شيخنا الأشياء تجريبا

بأكلك العفص بعد القلب تدريبا

وصار جلدك مدبوغا به عجبا

وما طهرت ومن (6) يحصي الأعاجيبا

يا مستلذا بأكل الراح هاك يدي

وخل من يستلذ الراح مشروبا

ويا صفيا بعين عندنا أبدا

لولا تكون بعين كنت محجوبا

ركبت أنثى ولم تعتد سوى ذكر

مالي أراك على المركوب مقلوبا

مخالفا قد تبدلت العنان بذي

ال يظل فويق (7) الأرض مسحوبا

(1) يعني الضرب بالراحات.

(2)

ص: أزدشير.

(3)

ص: هدتها.

(4)

ص: تفته.

(5)

يريد الشاعر صريع الدلاء.

(6)

ص: من.

(7)

ص: بذياك

فوق.

ص: 283

وثم ميم وصاد إن قرأتهمما

قرأت " مص " وكم فسرت مكتوبا

فاجعل لسانك في هذا وذا سببا

والحش يكفيك إن حاولت مطلوبا

واركب بغرة توت (1) ناشرا علما

يأتي من الطائف النجدي مجلوبا (2)

فطالما رفعت ايد (3) إليك به

حتى نزلت عن المركوب مكروبا

أبا الحصين (4) محال أن تروغ وقد

صوبت ثعلب رمحي اليوم تصويبا

ولست ذئبا فأخشى أن تخاتلني

لكنما أنت شيء يشبه الذيبا وكان الوراق يوما يسرح ذقته، فقال الجزار:

لا تعجبوا من لباسي

فكل أمري لبس

والله ما ثم مال

وإنما ثم تفسو فأجابه الوراق:

صدقت ما ثم مال

وإنما ثم نحس

وثم أخرى وأخرى

فيها وعندك حدس وكتب الجزار إلى الوراق:

أيها الفاضل الذي قد حباه

ذهنه من علومه بكنوز

فقت أهل الآداب جداً وهزلا

فتميز عنهم بذا التمييز

كم وكم من رسالة لك قد بر

زت فيها سبقا على التبريزي

أنا والله من رعاياك ما زل

ت وأنت الأمير في النوروز فأجابه الوراق:

كم إلى كم يطيل مادح مثلي

بكنى قد خبأتها ورموز

(1) توت: أول الشهور القبطية.

(2)

يريد النعال، لأن الطائف مشهورة بالأدم.

(3)

ص: أيدي.

(4)

غير كنيته من ((أبو الحسين)) إلى ((أبو الحصين)) تشبيهاً له بالثعلب.

ص: 284

مانحا مثلها المطرز هيها

ت له ما لديك من تطريز

رب يوم ركبت فيه أميراً

وتركت المخيط للمدروز (1)

دخلت منك هيبة لك في قل

بي ولكن دخولها من طيزي وقال أيضا (2) :

قطعت شبيبتي وأضعت عمري

وقد أتعبت في الهذيان فكري

وما لي أجرة فيه ولا لي

إذا ما تبت (3) يوما بعض أجر

قرأت النحو تبيانا وفهما

إلى أن كعت منه وضاق صدري

فما استنبطت منه سوى محال

يحال به على زيد وعمرو

فكان النصب فيه علي نصبا

وكان الرفع فيه لغير قدري

وكان الخفض فيه جل حظي

وكان الجزم فيه لقطع ذكري

وفي علم العروض دخلت جهلا

وعمت لخفتي في كل بحر

فأذكرني به التفصيل بيتا

تضمن نصفه الشيخ المعري

مفاعلتن مفاعلتن (4) فعولن

" حديث خرافة يا أم عمرو "

وكم يوم ببيع اللحم عندي

يعد من البوار بألف شهر

ولما أن غدا لا بيع فيه

مع الميزان أشبه يوم حشر

ودكاني جهنم إذ زبوني

زبانية بهم تعذيب سري

وفيها زفرة من غير لحم

وقد وضعت سلاسلها بنحري

وقد طال العذاب علي فيها

لما قدمت من نحس ووزر

فإن لام العذول أقول دعني

أنا في ضيعة في وسط عمري

(1) ص: المدروز.

(2)

المغرب: 314 وهي في مدح برهان الدين ابن الفقيه نصر.

(3)

المغرب: مت.

(4)

ص: مفاعيلن مفاعيلن.

ص: 285

منها في المديح:

وإن الشعر دون علاه قدرا

ولا سيما إذا ما كان شعري

كلاما (1) ما قرأت له صحاحا

ولا نحوا على الشيخ ابن بري

وعيشك لست أدري ما طحاها

وقد أقررت أني لست أدري

وذا خبري ولو كشفت عني

لصغره بعظم الجهل خبري

كأني مثل بعض الناس لما

تعلم آيتين فصار يقري (2) وقال أيضا (3) :

ما زلت في الدنيا من الهم

طول زماني وافر القسم

فالحمد لله الذي حكمه

قد خر (4) في أفق السماء نجمي

أصبحت لحاما وفي البيت لا

أعرف ما رائحة اللحم

جهلته فقرا فكنت الذي

أضله الله على علم وقال أيضا (5) :

حسبي حرافا بحرفتي حسبي

أصبحت فيها معذب القلب

موسخ الثوب والصحيفة من

طول اكتسابي ذنبا بلا ذنب (6)

خلا فؤادي ولي فم وسخ

كأنني في جزارتي كلبي وقال أيضا (7) :

(1) المغرب: لأني.

(2)

المغرب: مقري.

(3)

المغرب: 315.

(4)

المغرب: حير.

(5)

المغرب: 316.

(6)

المغرب: بلا كسب.

(7)

المغرب: 309.

ص: 286

لي من الشمس خلعة صفراء

لا أبالي إذا أتاني الشتاء

ومن الزمهرير إن حدث الغي

م ثيابي، وطيلساني الهواء

بيتي الأرض والفضاء به سو

ر الرجل مدار وسقف بيتي السماء

لو تراني في الشمس والبرد قد أن

سل جسمي لقلت إني هباء

شنع الناس أنني جاهلي

مانوي وما لهم أهواء

أخذوني بظاهري (1) إذ رأوني

عبد شمس تسوؤني (2) الظلماء

آه واحستري لقد ذهب العم

ر وحظي تأسف وعناء

كلما قلت في غد أدرك السو

ل أتاني غد بما لا أشاء

لست ممن يخص يوما بشكوا

هـ لأن الأيام عندي سواء وقال من أبيات (3) :

فاغنني عن سؤال كل لئيم

قد علا قدره وإن كان سفله

معشر ما ظفرت منهم عقيب ال

قصد عند السؤال إلا بخجله

ومتى غبت عنهم عتبوني

ومتى جئتهم رأوا ذاك ثقله

أنا فيهم عار وماش وغيري

وهو دوني له ثياب وبغله

لي نصفية تعد من العم

ر الرجل سنينا غسلتها ألف غسله

لا تسلني عن مشتراها ففيها

منذ فصلتها نشاء بجمله

كل يوم يحوطا العصر وال

دق مرارا وما تقر بعمله

فهي تعتل كلما غسلوها

ويزيل النشاء تلك العله

أين عيشي بها القديم وذاك ال

رفق (4) فيها وخطرتي والشمله

حيث لا في أجنابها رقعة ق

ط ولا في أكمامها قط وصله

(1) المغرب: بظاهر.

(2)

المغرب: تسوءه.

(3)

المغرب: 304.

(4)

ص: الرنق؛ المغرب: التيه.

ص: 287

قال لي الناس حين أطنبت فيها

بس أكثرت خلها وهي (1) بقله وقال وقد بعث له بعض الرؤساء نصفية (2) :

اشكر مولانا ونصفيتي

تشكره أكثر من شكري

أراحها جدواه من كل ما

تشكوه من دق ومن عصر (3)

كم مرة كادت مع الماء إذ

يغلسها غسالها تجري

تموت في الماجور لولا النشا

يبعثها في ساعة النشر

أراحها الدهر وطوبى لمن

يريحه في آخر العمر وقال وقد منعه البواب من دخوله على بعض الأمراء (4) :

أمولاي ما من طباعي الخروج

ولكن تعلمته من خمولي (5)

وصرت أروم لديك الغنى

فيخرجني الضرب عند الدخول وقال أيضا (6) :

أدركوني فبي من البرد هم

ليس ينسى وفي حشاي التهاب

ألبستني الاطماع وهماً فها جس

مي عار ولي فرا وثياب

كلما ازرق لون جسمي من البر

د تخيلت أنه سنجاب وقال أيضاً:

إني لمن معشر سك الدماء لهم

دأب وسل عنهم إن رمت تصديقي

تزداد بالدم إشراقا عراصهم

فكل أيامهم أيام تشريق

(1) المغرب: فهي.

(2)

المغرب: 310.

(3)

ص: عصري.

(4)

المغرب: 318.

(5)

المغرب: بالخمول.

(6)

المغرب: 311.

ص: 288

وقال أيضا:

قلت لما سكب السا

قي على الأرض الشرابا

غيرة مني عليه

ليتني كنت ترابا وقال:

ولم ألق في بيتي دثارا أعده

لبرد ولا شيء يرد هجيرا

فأنفخ شدقي إن أردت وسادة

وأفرش ظلي إن أردت حصيرا وقال من أبيات:

يلين إلى أن يجرح الوهم خده

وتغرق في ماء النعيم غلائله

إذا ما بدا من شعره في ذوائب

رأيت غزالا لم ترعه حبائله وقال:

وكذبت في نظم مديحي لكم

والكذب لا ينكر من شاعر

واحتجت أن أذكركم خيفة

بالخير للوارد والصادر

فأنتم ألجأتموني إلى

كذبي في الأول والآخر وقال:

لئن قطع الغيث الطريق فبغلتي

وحاشاك قبقابي وجوختي الدار

وإن قيل لي لا تخش فهي عبورة (1)

خشيت على علمي بأني جزار وقال من أبيات (2) :

اسقنيها حتى أقوم ولا أع

رف سكرا عمامتي من مداسي

فزت بالجهل مثلما فاز بالحل

م وفعل الصنائع البانياسي

وغدائي المسلوق في كل يوم

لا من اللحم بل من القلقاس

(1) العبورة: الصغيرة من الغنم، وفيه تورية.

(2)

المغرب: 343 وأورد منها البيت الأول.

ص: 289

وقال أيضا:

أحبابنا ما لليلي بعد فرقتكم

كأنما هو مخلوق بلا سحر

أنفق أيام عمري في محبتكم

وقد نأيتم فلا أنتم ولا عمري وقال أيضا:

وكم وكم قد دق أبوابه

عليه في الليل نسيم الصبا

فقال من؟ قال رسول الشتا

فقال: لا أهلا ولا مرحبا وقال من قصيدة:

وكم قابلت تركيا بمدحي

فكاد لما أحاول منه يحنق

ويلطمني إذا ما قلت: " ألطن "

ويرمقني إذا ما قلت " برمق "

وتسقط حرمتي أبدا لديه

فلو أني عطشت لقل " بشمق " وقال أيضا:

زمن الغضا في القلب بعدك لوعة

تذكى بنار الشوق لا نار الغضا

ما كانت اللذات فيك ولا الهوى

إلا كبرق في الدجنة أومضا

وإذا صبوت لدارسات رسومه

قال المعيد لدرسها: هذا مضى وقال يمدح فخر القضاة نصر الله ابن بصاقة من أبيات (1) :

وكم ليلة قد بتها معسرا ولي

بزخرف آمالي كنوز من اليسر

أقول لقلبي كلما اشتقت للغنى

إذا جاء نصر الله تبت يد الفقر

وإن جئته بالمدح يلقاك بالندى

فكم مرة قد قابل النظم بالنثر

ويهتز للجدوى إذا ما مدحته

كما اهتز - حاشا وصفه - شارب الخمر وكتب إلى رجل اصطنعه وهو يؤذيه من أبيات:

(1) وردت الأبيات في ترجمة ابن بصاقة (رقم: 545) .

ص: 290

طالما كنت قبلها تحفظ الخب

ز ولكن بالبخل في الصندوق

ليت شعري ماذا تقول إذا " ما "

رمت شتمي، قل لي بأي طريق

علم الله ما مضيت رسولا

قط من عند إبنتي لعشيق

لا ولا بت في مكان طفيلي

اً كغيري في طاعة وفسوق

لا ولا جئت بالرجال إلى بي

تي وكاسرت عنهم في السوق وقال أيضا:

ما بال قوادي وعلقي

قد غلقا أبواب رزقي

وتعاهدا وتعاقدا

وتحالفا أيمان صدق

إن تتركاني تائباً

من فاقتي عن كل فسق

وتخلياني مثلة

للناس في غرب وشرق

قد صرت صوفياً لفق

ري منهما والجلد دلقي

وعمامتي رأسي وجم

جمتي الثرى والكبر خلقي

فأنا النذير لمن غدا

متعرضا يوما لعشق

كم ليلة ضيعت في

ها حرمتي وأضعت ورقي

وصفعت حين سكرت من

كاس بها المحبوب يسقي

وإذا سكرت فإنني

مستهلك مالي وعتقي وقال (1) :

يا مالك القلب رفقا إن نارك في

أضالع الصب لا تبقي ولا تذر

فضحت غصن النقا لينا فراح إذا

ما ماس قدك بالأوراق يستتر

ما أنكر الطرف أن الشعر من دجا

وإنما غر من وجهك القمر

إني لأعجب من جفن تدير به

على نداماك (2) خمرا (3) وهو منكسر

(1) المغرب: 338.

(2)

المغرب: محييك.

(3)

ص: خمر.

ص: 291

وقال أيضا:

لبست بيتي وقد زررت أبوابي

علي حتى غسلت اليوم أثوابي

وقد أزال الشتا ما كان من حمقي

دعني فمستوقد الحمام أولى بي

أنام في الزبل كي يدفا به جسدي

ما بين جمر به ما بين أصحابي

أو فوق قدر هريس بت أحرسها

مع الكلاب على دكان غلاب

ما كنت أعرف ما ضرب المقارع أو

قاسيت وقع الندى من فوق أجنابي

وما تراقصت الأعضاء في جسدي

إلا وقد صفقت بالبرد أنيابي وقال في زوجة أبيه وكانت طرشاء:

تزوج الشيخ أبي شيخة

ليس لها عقل ولا ذهن

لو برزت صورتها في الدجى

ما جسرت تبصرها الجن

كأنها في فرشها رمة

وشعرها من حولها قطن

وقائل قل لي ما سنها

فقلت ما في فمها سن وقال فيها وقد مات أبوه:

أذابت كلى الشيخ تلك العجوز

وأردته أنفاسها المرديه

وقد كان أوصى لها بالصداق

فما في مصيبته تعزيه

لأني ما خلت أن القتيل

يوصي لقاتله بالديه وأهدى إلى الصاحب كمال الدين ابن العديم سجادة خضراء، وكتب معها: المملوكة سجادة أبي الحسين الجزار:

أيها الصاحب الأجل كمال الد

ين لا زلت ملجأ للغريب

كن مجيري لأنني قد تغرب

ت لكوني وقعت عند الأديب

أنا سجادة سئمت من الط

يب فهب لي نشرا فنشرك طيبي

طال شوقي إلى السجود وكم لي

من شروق في بيته وغروب

ص: 292