الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
" ومنها عند ذكر القصيدة "(1) :
بودّي لو نهضت بها ولكن
…
ضعفت عن الحراك لضعف حالي ومنه:
اسقني كاساً كلون الذهب
…
وامزج الريق بماء العنب
فقد ارتجت بنا الأرض ضحى
…
كارتجاج الزئبق المنسرب
وكأنّ الأرض في أرجوحة
…
وكأنا فوقها في لولب 549 (2)
نصيب الأكبر
نصيب بن رباح مولى عبد العزيز بن مروان؛ كانت أمه سوداء فوقع عليها أبوه فجاءت بنصيب، فوثب إليه عمه بعد وفاة أبيه فباعه، وكان شاعراً فحلاً مقدّماً في النسيب والمديح، ولم يكن له حظ في الهجاء، وكان عفيفاً؛ توفي في حدود العشرين والمائة.
قال نصيب: كنت أرعى غنماً - أو قال إبلاً - فضلّ (3) منها بعير فخرجت في طلبه حتى قدمت مصر وبها عبد العزيز بن مروان فقالت: ما بعد عبد العزيز أحد أعتمده، ولم أكن بعد قد (4) مدحت أحداً (5) ، فحضرت
(1) زيادة من اليتيمة.
(2)
طبقات ابن سلام: 544 والشعر والشعراء: 322 والأغاني 1: 305 والسمط: 291 ومعجم الأدباء 19: 229 والعيني 1: 537 والزركشي: 337. جمع شعره الدكتور داود سلوم (بغداد: 1968) ؛ ولم ترد هذه الترجمة في المطبوعة.
(3)
ص: فطل.
(4)
ص: بعد ذلك.
(5)
ص: أحد.
بابه مع الناس فرأيت رجلاً على بغلة، حسن البزة يؤذن له إذا جاء، فلما انصرف إلى منزله اتبعته أماشي بلغته فقال: ما شأنك؟ فقلت: أنا رجل شاعر من أهل الحجاز، وقد مدحت الأمير وأتيت إليه راجياً معروفه، قال: فأنشدني، فأنشدته فأعجبه وقال: ويحك هذا شعرك؟ إياك أن تنتحل فإن الأمير راوية عالم (1) بالشعر وعنده رواة، فلا تفضحني وتفضح نفسك، فقلت: والله ما هو إلا شعري، فقال: ويحك، قل أبياتاً تذكر فيها حوف (2) مصر وفضلها على غيرها والقني بها غداً، فغدوت عليه فأنشدته (3) :
سرى الهم حتى بيّتتني (4) طلائعه
…
بمصر وبالحوف اعترتني روائعه
وبات وسادي ساعد قلّ لحمه
…
عن العظم حتى كاد تبدو أشاجعه وذكر الغيث فقال:
وكم دون ذاك العارض البارق الذي
…
له اشتقت من وجه أسيل مدامعه
تمشي به أبناء (5) بكر ومذحج
…
وأبناء عمرو فهو خصب مراتعه
بكل (6) مسيل من تهامة طيب
…
دميث الربى تسقي البحار دوافعه
أعنّي على برق أريك وميضه
…
تضيء دجنّات الظلام لوامعه
إذا اكتحلت عينا محبّ بضوئه
…
تجافت به حتى الصباح مضاجعه قال: أنت والله شاعر، احضر الباب فإني أذكرك، قال: فجلست على الباب ودخل فدعاني فدخلت فسلمت على عبد العزيز، فصعد فيّ بصره
(1) ص: عالماً.
(2)
ص: خوف.
(3)
ديوانه: 103.
(4)
الأغاني: تشنيني إليك.
(5)
الأغاني: أفناء.
(6)
الأغاني: فكل.
وصوّب وقال: أشاعر ويلك أنت؟ قلت: نعم أيها الأمير، قال: فأنشدني، فأنشدته (1) :
لعبد العزيز على قومه
…
وغيرهم نعم غامره
فبابك ألين أبوابهم
…
ودارك مأهولة عامره
وكلبك (2) آنس بالمعتفين
…
من الأم بالابنة الزائرة
وكفك حين ترى السائلين
…
أندى من الليلة الماطره
فمنك العطاء ومنا الثناء
…
كلّ محبرة سائره فقال: أعطوه أعطوه، قلت: إني مملوك، فدعا الحاجب قال: اخرج فابلغ قيمته، فدعا المقوّمين فقال: قوّموا غلاماً أسود ليس له عيب، فقالوا: مائة دينار، قال: إنه راعي إبل يحسن القيام بها، قالوا: مائتا دينار، قال أنه يبري القسي والنبل ويريشها قالوا: أربعمائة دينار قال: إنه راوية للشعر، قالوا: ستمائة دينار، قال: إنه شارع لا يلحن، قالوا: الف دينار، قال عبد العزيز: ادفعها إليه، فقلت له: أصلح الله الأمير، ثمن بعيري الذي ضلّ، قال: كم ثمنه؟ قلت: خمسة وعشرون ديناراً (3)، قال: ادفعوها إليه: قلت: فجائزتي لنفسي عن مديحي إياك، قال: اشتر نفسك ثم عد إلينا.
ووفد نصيب على الحكم بن المطلب وهو على صدقات المدينة فأنشده (4) :
أبا مروان لست بخارجي
…
وليس قديم مجدك بانتحال
أغر إذا الرواق انجاب عنه
…
بدا مثل الهلال على المثال
تراءاه العيون كما تراءى
…
عشية فطرها وضح الهلال
(1) ديوانه: 99.
(2)
ص: وكيلك.
(3)
ص: دينار.
(4)
ديوانه: 119.
فأعطاه أربعمائة ضائنة ومائة لقحة ومائتي (1) دينار.
وقال نصيب: علقت جارية حمراء، فمكثت زماناً تمنيني الأباطيل، فلما ألححت عليها قالت: إليك عني فو الله لكأنك من طوارق الليل، فقلت: والله وأنت لكأنك من طوارق النهار، قال: وما أظرفك يا أسود! فغاظني قولها فقلت لها: أتدرين ما الظرف؟ إنما الظرف العقل، ثم قالت لي: انصرف حتى أنظر في أمرك، فأرسلت إليها بهذا الأبيات (2) :
فإن أك أسوداً (3) فالمسك أحوى
…
وما لسواد (4) جلدي من دواء
ومثلي في رجالكم قليل
…
ومثلك ليس يعدم في النساء
فإن ترضي فردّي قول راض
…
وإن تأبي فنحن على السواء قال: فلما قرأت الشعر تزوجتني.
ودخل نصيب على سليمان بن عبد الملك وعنده الفرزدق فأنشده شعراً لم يرضه وكلح في وجهه، وقال لنصيب: قم فأنشد مولاك، فقام فأنشده (5) :
أقول لركب صادرين لقيتهم
…
قفا ذات أوشال ومولاك قارب
قفوا خبروني عن سليمان إنني
…
لمعروفه من آل ودّان طالب
فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله
…
ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب
وقالوا عهدناه وكلّ عشية
…
على بابه من طالبي العرف راكب
هو البدر والنسا الكواكب حوله
…
ولا يشبه البدر المضيء الكواكب فقال: أحسنت يا نصيب، وأمر له بجائزة، ولم يصنع ذلك بالفرزدق،
(1) ص: ومائتين.
(2)
ديوانه: 58 والأغاني: 333.
(3)
ص: أسود، الأغاني: حالكاً.
(4)
ص: بسودا.
(5)
ديوانه: 59.