الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتعانقنا فقل ما شيت
…
في ماء وخمر
وتعاتبنا فقل ما شيت
…
في غنج وسحر
ثم لما أدبر الليل
…
وجاء الصبح يجري
قال إياك رقيبي
…
بك يدري قلت يدري وقال:
في حبك هجرت أمي وأبي
…
الراحة للغير وحظي تعبي
يا ظالم في الهوى أما تنصفني
…
وحدتك في العشق فلم تشرك بي وقال سيف الدين المشد يرثيه:
فض فم نهى لنا
…
يوم الخميس يوسفا
وا أسفا من بعده
…
على العلا وا أسفا 597 (1)
"
بدر الدين الذهبي
"
يوسف بن لؤلؤ الذهبي الأديب، بدر الدين الدمشقي الشاعر؛ كان والده لؤلؤ عتيق ولدرم الياروقي صاحب تل باشر. له نظم يروق الأسماع، ويعقد (2) على فضله الإجماع، مدح الناصر ابن العزيز والكبار، وكن له بيت في الصادرية جوار جامع بني أمية. عاش ثلاثاً وسبعين سنة وتوفي رحمه الله في شعبان سنة ثمانين وستمائة. فمن شعره:
رفقاً أذبت حشاشة المشتاق
…
وأسلتها دمعاً من الآماق
(1) الزركشي: 357 والبدر السافر: 248.
(2)
ص: وتعقد.
وأحلته من بعد تسويف على الص
…
بر الذي لم يبق منه بواقي
وطلبت مني في هواك مواثقاً
…
والقلب عندك في أشد وثاق (1)
قلب بعين قد أصيب وعارض
…
فأعده لي فالدمع ليس براقي
أشقيق بدر التم طال وتلهفي
…
وأطال فيك العاذلون شقاقي
أنفقت من صبر يعليك وإنه
…
لرضاك لا لتملق ونفاق
وصبا بعثت بها إليك فلم تعد
…
وأظنها حالت عن الميثاق
وبمهجتي المتحملون عشية
…
والركب بين تلازم وعناق
وحداتهم أخذت حجازاً (2) عندما
…
غنت وراء الظعن في عشاق
وتنبهت ذات الجناح بسحرة
…
بالواديين فنبهت أشواقي
ورقاء قد أخذت فنون الحزن عن
…
يعقوب والألحان عن إسحاق (3)
قامت على ساق تطارحني الهوى
…
من دون صحبي بالحمى ورفاقي
أني تباريني جوى وصبابة
…
وكآبة وهوى وفيض مآقي
وأنا الذي أملي الجوى من خاطري
…
وهي التي تملي من الأوراق
ولقد صفحت عن الزمان لليلة
…
عدل الحبيب بها وجار الساقي
بسلافة الأقداح ذا يسعى وذا
…
يعطو بسالفتيه والأحداق وقال يتذكر أيام شبابه وملاعب أترابه ويصف طيور الواجب (4) :
هل ذاك برق بالغوير أنارا
…
أم أضرموا بلوى المحصب (5) نارا
فكلاهما إن لاح من هضب الحمى
…
لي شائق ومهيج تذكارا
فبم (6) التعلل والشباب منكب
…
عني وقد شط الحبيب مزارا
(1) ص: وثاقي.
(2)
ص: حجاز، وهو يشير بذكر حجاز وعشاق إلى نغمتين موسيقيتين.
(3)
يعني إسحاق بن إبراهيم الموصلي، وفي ذكر إسحاق مع يعقوب مناسبة.
(4)
طيور الواجب: فصيلة من الجوارح.
(5)
ص: المخصب.
(6)
ص: فبما.
وقد استرد الدهر أثواب الصبا
…
وكذاك يرجع ما يكون معارا
فارفق بدمعك في الفراق فما الذي
…
يبقى ليسقي أربعاً وديارا
ودع النسيم يراوح القلب الذي
…
أورى زناد الشوق فيه أوارا
مع أنني أصبو إلى بان الغضا
…
إن شمت برقاً أو شممت عرارا
فاليوم لا دار بمنعرج اللوى
…
تدنو بمحبوب لنا فتزارا
كلا ولا قلبي المشوق بصابر
…
عنهم فأندب دمنة وديارا
فسقى اللوى لا بل سقى عهد اللوى
…
صوب الغمائم هامياً مدرارا
ولقد ذكرت على الصراة مرامياً
…
تنسي بحسن وجوهها الأقمارا
وعلى الحمى يوماً ونحن بلهونا
…
نصل النهار ونقطع الأنهارا
في فتية مثل النجوم تطلعوا
…
وتخيروا صدق المقال شعارا
من كل نجم في الدياجي قد لوى
…
في كفه مثل الهلال فدارا
متعطفاً من حزم داود الذي
…
فاق الأنام صناعة وفخارا
والآن قد حن المشوق إلى الحمى
…
وتذكر الأوطان والأوطارا
وصبا إلى البرزات قلب كلما
…
طارت به خزر اللغالغ (1) طارا
فلأي مرمى أرتميه وليس لي
…
قوس رشيق مدمج خطارا
وأغن أحوى كالهلال رشيقاً
…
بل راشقاً بغروضه (2) سحارا
جبل على ضعفي إذا استعطفته
…
ألوى علي العنق والدستارا (3)
وبوجهه المنقوش أولما بدا
…
وبه أقم وأقعد الشطارا
وبدا بتجريمي بلا سبب بدا
…
مني وأودعه الرماة مرارا
يا حسنه من مخلف لكنه
…
في الجو عال لا يسف مطارا
ويطير عن مقامي عاضداً
…
ولشقوتي لا يدخل المقدارا
(1) اللغالغ: جمع لغلغ وهو طائر يقال عنه إنه غير اللقلق.
(2)
الغروض: السهام؛ ص: بفروضه.
(3)
الدستار (بالفارسية) : منديل أو المنديل الذي يلاث عمامة، ولعله يعني هنا ريش الرأس.
لا بندقي مهما خطوت يناله
…
أنى ينال مراوغاً طيارا
وسنان من خزر اللغالغ لم يزل
…
يرعى الرياض وليس يرعى الجارا
لا قادم بل راحل عني إلى
…
ماء الفرات يخوض منه غمارا
أو ما تراني فاقداً ومنعماً
…
في الجو ليلاً (1) خلفه ونهارا
دعني فقد برد الهواء وقد أتى
…
أيلول يطفيء للهجير مارا
ووراءه تشرين جاء برعده
…
عجلان يحدو للسحاب قطارا
والبارق الهامي على طلل الحمى
…
سدى هناك خيوطه وأنارا
والفيض (2) طام ماؤه متدفق
…
والطير فيه يلاعب التيارا
والنهر جن به فراح مسلسلاً
…
صب تحير لا يصيب قرارا
بهر النواظر حين أنبت شطه
…
للناظرين شقائقاً وبهارا
والصبح في آفاقه يا سعد قد
…
أخفى النجوم وأطلع الغرارا
فانهض إلى المرمى الأنيق بنا فقد
…
هب الصباح ونبه الأطيارا
وتتابعت جفاتها (3) في أفقها
…
مثل النعام قوادماً تتبارى
من جو زوراء العراق قوادماً
…
يا مرحباً بقدومها زوارا
فأصخ إلى رشق القسي إذا ارتمت
…
مثل الحريق أطار عنه شرارا
واطرب إلى نغمات أطيار بدت
…
في الجو وهي تجاوب الأوتارا
من كل طيار كأن له دماً
…
عند الرماة فثار يبغي الثارا
هل جاء في طلب القسي لحتفه
…
أم جاء يطلب عندها الأوتارا
خاض الظلام وعب فيه فسود ال
…
رجلين منه وسود المنقارا
وأتى يبشر باللقاء فضمخت
…
تلك المغارز عنبراً ونضارا
والكي (4) كالشيخ الرئيس مزمل
…
في بردتيه هيبة ووقارا
(1) ص: ليل.
(2)
الفيض: نهر بالبصرة؛ ص: والقيض.
(3)
الجفة: الجماعة أو العدد الكثير، والجفجفة: انتفاش الطائر.
(4)
الكي: الطائر الذي يسمى أبو منجل أو Pelican.
يسطو على الأسماك (1) يوماً كلما
…
أذكى له حر الماعة نارا
والوز كم قد هاجنا بنغيمه
…
ليلاً وكم قد شاقنا أسحارا
فإذا بدا ضوء الصباح ثنى له
…
عطفاً وصفق بالجناح وطارا
وترى اللغالغ تستبيك بأعين
…
خزرية صفر الجفون صغرا
فكأن ورساً ذيب في أجفانها
…
فحكى النضار وحير النظارا
وترى الأنيسات الأوانس تنقضي
…
بين الرياض كأنهن عذارى
يسلبن أرباب العقول عقولهم
…
ويرغن منه حيلة ونفارا
وترى الحبارج (2) كالقطا أرياشها
…
أو كالرياض تفتحت أزهارا
هجرت منازلها على برح الظما
…
واستبدلت دوية وقفارا
والنسر سلطان لها لكنه
…
لم يلقها (3) لدمائها مهدارا
قد شاب منه رأسه من طول ما
…
كرت عليه عصوره الأدورا
أرخى جناحيه عليه كجوشن
…
لو كان يمنع دونه الأقدارا
وإذا العقاب سطا وصال بكفه
…
عاينت منه كاسراً جبارا
يعطي ومينع غيرة وتكرماً
…
ويبيح ممنوعاً ويمنع جارا
وترى الكراكي كالرماد وربما
…
قرقت فأذكت في القلوب النارا
قد سطرت في الجو منها أسطر
…
وطوت سجل سخائها أسفارا
فإذا انصرعن فلاتكن ذا غفلة
…
عن أن تنقط (4) حليهن مرارا
وبدت غرانيق لهن ذوائب
…
لولا البياض لخلتهن عذاري
حمر العيون تدير من أحداقها
…
فينا كؤوساً (5) قد ملين عقارا
(1) ص: الأسمال.
(2)
الحبرج: نوع من الحبارى، وقال ابن البيطار (2: 5) : طائر معروف بالديار المثرية مشهور بها.
(3)
ص: يلفها.
(4)
ص: تنفط.
(5)
ص: كؤوس.
والصوغ (1) في أفق السماء محلق (2)
…
مثل الغمام إذا استقل وسارا
ذو مغرز ذرب (3) فلو يسطو (4) به
…
فضح السنان وأخجل البتارا
ومرازم بيض وحمر ريشها
…
كالورد بين الياسمين نثارا
خفقت بأجنحة على محمره
…
كمراوح أضرمن منه جمارا
وعجبت كيف صبت إلى صلبانها
…
تلك الرماة وما هم بنصارى
وشبيطر (5) ما إن يحل له دم
…
مهما علا شجراً (6) وحل جدارا
الشرط فيه إلفه لمنازل
…
فاصبر له حتى يفارق دارا
وكأنما العناز (7) لما أن بدا
…
لبس السواد على البياض غيارا
وكأنه قد ضاق عنه مزرراً
…
فوق القميص فحلل الأزرارا
هل عب في صرف العقار بمغرز
…
أم كان خاض من الرماء بحارا
خذ مالكي وصف الجليل منقحاً
…
يا سعد واقض برمها الوطارا
واستغنم اللذات في زمن الصبا
…
لا زال كفك للندى مدرارا وقال أيضاً:
لو بلغ الشوق هذا البارق الساري
…
أو بعض وجدي الذي أخفي وتذكاري
ما بت أرعى الدجى شوقاً إلى قمر
…
ولا معنى بطيف طارق طاري
جيراننا كنتم بالرقمتين فمذ
…
بعدتم صار دمعي بعدكم جاري
فكم أواري غراماً من جوى وأسى
…
زناده تحت أثناء الحشا واري
(1) كذا ولعل صوابه ((صرغ)) وهو فيما يبدو معرب جرغ: طائر من أنواع البازي.
(2)
ص: مخلق.
(3)
ص: درب.
(4)
ص: تسطو.
(5)
الشبيطر: مالك الحزين (دوزي) .
(6)
ص: شجر.
(7)
العناز: من الواضح أنه نوع من الطيور، ولم أجد له وصفاً أو تعريفاً.
وكم أداري فؤاداً عز مطلبه
…
يوم اللوى وأداري الوجد بالدار
أشتاق إن نفحت بالغور ريح صبا
…
تهدي شذا شيخه المطلول والغار
وقد أنحلتني الغواني غير راحمة
…
وعقتني الليالي بعد إبداري
وأضرمت أضلعي ناراً مؤججة
…
وحيرت أدمعي في العين يا حار (1)
فصرت كالسيف يغضي (2) الجفن منه على
…
ماء ويطوى الحشا منه على نار
ذكرت عيشاً على لبنان جدد لي
…
من عهد لبني صباباتي وأوطاري
فراجع القلب من أطرابه طرب
…
وعاود العين طيف منهم ساري
فبت بالدمع كالغدران طافحة
…
مني على ناقض للعهد غدار
فيا له من غرير غر بي طمعاً
…
بموعد من خيال منه غرار
بقامة وعذار حول وجنته
…
قامت بها وبه في الحب أعذاري
ألقى إليه القنا الخطار مقتحماً
…
ولا أبالي بأهوال وأخطار
أغن ألمى رشيق القد معتدل
…
رخص البنان كحيل الطرف سحار
قد زنر الخصر منه بالنحول وقد
…
أغناه إفراطع عن شد زنار
يسعى بشمسية كالشمس دائرة
…
على مزاهر قينات وأزهار
تكللت بلآل من فواقعها
…
وزررت طوقها منه بأزارا
صهباء من عهد كسرى حين عتقها
…
في دنها وبه كانت بذي قار
قد أمطرت راحة الساقي الكؤوس لنا
…
فأنتبتتها رياضاً ذات نوار (3)
تألفت مثل زهر الروض عن حبب
…
فنحن ما بين نوار وأنوار
صلى (4) المجوس إليها واصطلوا لهباً
…
منها فصلوا لذات النور والنار
وسبح القوم لما أن رأوا عجباً
…
في أكؤس الراح نواراً على نار
(1) ص والزركشي: جار.
(2)
ص: يقضي.
(3)
ص: بذيقار.
(4)
ص والزركشي: صلوا.
في فتية هم أباحوا قتلها بيد
…
لكاعب معصر أو رجل عصار
على اصطخاب المثاني كان سفكهم
…
دماءها بين عيدان وأوتار
ثارت لتقتص من قوم فما برحت
…
في حث كاس على الوتار والثار
فالقوم من بعض قتلاها وما ظلمت
…
وإنما أخذت منهم بأوتار
فاخلع عذارك والبس من أشعتها
…
ولا تكونن من كاس لها عار
ولا تطع أمر لاح في هوى رشأ
…
وكاس راح فما اللاحي بأمار وقال رحمه الله تعالى:
تذكر ربعاً بالشآم ومربعا
…
وملهى لأيام الشباب ومرتعا
فعاوده داء من الشوق مؤلم
…
أصاب حرارات القلوب فأوجعا
على حين شطت بالفريق ركائب
…
وأسرى بها الحادي الطروب فأسرعا
وأتبعهم قلباً مطيعاً على الغضا
…
وخليت لي جفناً على السفح أطوعا
وساروا يؤمون الكثيب وخلفوا ال
…
كئيب المعنى في الديار مضيعا
يكابد حر الشوق بعد رحيلهم
…
وفرط التشكي والحنين الموجعا (1)
وأوجع من هذا وذلك كله
…
شباب أراه كل يوم مودعا
تولى وأبقى في الجوانح حرقة
…
وأودع قلبي حسرة حين ودعا
وعاجلني صبح من الشيب قبل أن
…
أهوم في ليل الشباب وأهجعا
وحجب عني الغانيات كأنه
…
بياض على العينين والفود أجمعا
فيا ربة الخلخال والخال حفضي
…
على مغرم لولا النوى ما تضعضعا
ولا تذكريني الواديين ولا تري
…
لعيني أطلال الديار فتدمعا
فلولاك ما حن المشوق إلى الحمى
…
ولا شام برق الشام من سفح لعلعا
ولا راح يستسقي سقيط دموعه
…
لسقط بنعمان الأراك وأجرعا
ومما شجاني في الصباح حمامة
…
تحرك بالشجو الأراك المفرعا
(1) لعل الصواب: ((المرجعا)) .
تذكرني أيامنا بسويقة
…
وليلاتنا اللاتي مضت بطويلعا
فقلت لها لا تظهري من لواعج
…
فنوناً بأفنان الأراك تصنعا
فغصنك قد أضحى عليك منعماً
…
وغصني قد أمسى علي ممنعا
بلى طارحيني ما شجاك فكلنا
…
على غصن نبدي الأسى والتفجعا
وذي هيف عذب اللمى زارني وقد
…
تلفع خوفاً بالدجى وتدرعا
فبت أعاطيه الحديث منمقاً
…
وبات يعاطيني العتيق مشعشعا
إلى أن دعا داعي الفلاح ولم يكن
…
سوى أنه داع على شملنا دعا
ولم أدر أن الصبح كان مراقباً
…
لنا من وراء الليل حتى تطلعا
فقام كظبي الرمل وسنان خائفاً
…
يكفكف من خوف التفر أدمعا
" فلما تفرقنا كأني ومالكاً (1)
…
لطول اجتماع لم نبت ليلة معا " (2)
فسحقاً لدهر لم أزل من صروفه
…
بنابة في كل يوم مروعا
إلى غرضي (3) الأقصى يسدد سهمه
…
وعهدي به لم يبق في القوس منزعا
فحتام لا أنفك أشكو ليالياً
…
ودهراً (4) بتفريق الأحبة مولعا
وقد زجرتني الأربعون فلم تدع
…
لي الآن في وصل الكواكب مطمعا
ومر الشباب الغض مني فمذ نأى
…
تتابعه العيش اللذيذ تتبعا
وكانت بأحناء الضلوع حشاشة
…
فأسبلتها فوق المحاجر أدمعا وقال أيضاً:
بدا صدغ من أهواه في ماء خده
…
فحيرني لما التوى وتعقربا
" وقالوا يصير الشعر في الماء حية
…
فكيف غدا في ذلك الخد عقربا " (5)
(1) ص: ومالك.
(2)
البيت مضمن من شعر متمم بن نويرة في رثاء أخيه مالك.
(3)
ص: غرض.
(4)
ص: ودهر.
(5)
زيادة من الزركشي.
وأنشدني الحاج الدين الذهبي قال، أنشدني بدر الدين لنفسه وقد تواترت الأمطار بدمشق:
إن أقام الغيث شهراً هكذا
…
جاء بالطوفان والبحر المحيط
ما هم من قوم نوح يا سما
…
أقلعي عنهم فهم من قوم لوط وقال في مليح بوجهه حب الشباب:
تعشقته لدن القوام مهفهفاً
…
شهي المى أحوى المراشف أشنبا
وقالوا بدا حب الشباب بوجهه
…
فيا حسنه وجهاً إلي محببا وقال في النجم العيادي الكحال، وقد كحل غلاماً غدوة ومات النجم في عشية ذلك النهار:
يا قوم قد غلط الحكيم وما دري
…
في كحله الرشأ الغرير بطبه
وأراد أن يمضي نصال جفونه
…
ويحدها لتصيبنا فبدت به وقال أيضاً:
هلم يا صاح إلى روضة
…
يجلو بها العاني صدا همه
نسيمها يعثر في ذيله
…
وزهرها يرقص في كمه وقال أيضاً:
أدر كؤوس الراح في روضة
…
قد نمقت أزهارها السحب
الطير فيها مغرم شيق
…
وجدول الماء بها صب وقال أيضاً:
لم لا أهيم إلى الرياض وطيبها
…
وأبيت منها تحت ظل ضافي
والزهر يلقاني بثغر باسم
…
والماء يلقاني بقلب صافي وقال:
أرأيت وادي النيربين، وماؤه
…
يبدي لناظرك العجيب الأعجبا
يتكسر الماء الزلال على الحصى
…
فإذا غدا بين الرياض تشعبا وقال في دولاب:
وروضة دولابها
…
إلى الغصون قد شكا
من حيث ضاع زهرها
…
دار عليه وبكى وقال:
رب ناعوة روض
…
بات يندى ويفوح
تضحك الزهار منها
…
وهي تبكي وتنوح وقال:
رفقاً بصب مغرم
…
أبليته صداً وهجرا
وافاك سائل دمعه
…
فرددته في الحال نهرا وقال:
يا عاذلي فيه قل لي
…
إذا بدا كيف أسلوا
يمر بي كل وقت
…
وكلما مر يحلو وقال:
باكر إلى الروضة تستجلها
…
فثغرها في الصبح بسام
والنرجس الغض أعراه الحيا
…
فغض طرفاً فيه أسقام
وبلبل الدوح فصيح على ال
…
أيكة والشحرور تمتام
ونسمة الريح على ضعفها
…
لها بنا مر وإلمام
فعاطني الصهباء مشمولة
…
عذراء فالواشون نوام
واكتم أحاديث الهوى بيننا
…
في خلال الروض نمام وقال أيضاً في معذر:
صدوا وقد دب العذار بخده
…
ما ضرهم لو أنهم جبروه
هل ذاك غير نبات خد قد حلا
…
لكنهم لما حلا هجروه وقال وقد أحيل على ديوان الحشر (1) :
أمولاي محيي الدين طال ترددي
…
لجائزة قد عيل من دونها صبري
وقد كنت قبل الحشر أرجو نجازها
…
فكيف وقد صيرتموها إلى الحشر وقال في نجم الدين ابن اسرائيل، وكان النجم قد هوي مليحاً يلقب بالجويرح:
قلبك اليوم طائر
…
عنك أم في الجوانح
كيف يرجى خلاصه
…
وهو في كف جارح ثم بلغه أنه تركه فكتب إليه:
خلصت طائر قلبك العاني ترى
…
من جارح يغدو به ويروح
ولقد يسر خلاصه إن كنت قد
…
خلصته منه وفيه روح وقال في مليح وراق:
خليلي جد الوجد واتصل الأسى
…
وضاقت على المشتاق في قصده السبل
وقد أصبح القلب المعنى كما ترى
…
معنى بوراق وما عنده وصل وقال في زهر اللوز:
الزهر أحسن ما رأي
…
ت إذا تكاثرت الهموم
تحنو علي غصونه
…
ويرق لي فيه النسيم وقال فيه أيضاً:
(1) ديوان الحشر هو الذي يعني بالمواريث الحشرية وهي تركة من لا وارث له، أوله وارث إلا أنه لا يستغرق الميراث كله (صبح الأعشى 4: 33 وانظر ملحق دوزي ((حشر)) ) .
عرج على الزهر يا نديمي
…
ومل إلى ظله الظليل
فالزهر يلقاك بابتسام
…
والريح تلقاك بالقبول وقال ملغزاً في السرطان:
ما اسم إذا ما أنت صحفته
…
صار مثنى باعتبارين
في الراس والعين يرى دائماً
…
وهو بلا راس ولا عين وقال في واقعة:
ومعذر قد بيتته جماعة
…
ولووا بما وعدوه طول الليل
واكتاله كل هناك وما رأى
…
منهم سوى حشف وسوء الكيل وقال أيضاً:
حلا نبات الخد يا عاذلي
…
لما بدا في خده الأحمر
فشاقني ذاك العذار الذي
…
نباته أحلى من السكر وقال في الشمعة:
وذات قد أهيف
…
فؤادها قد التهب
كصعدة من فضة
…
لها سنان من ذهب وقال فيها:
وشمعة وقفت تشكو لنا حرقاً
…
وأدمعاً لمتزل تهمي سواكبها
وحيدة في الدجى من طول ما مكثت
…
تكابد الليل قد شابت ذوائبها وكتب إلى صاحب (1) له:
شوقي إليك مع البعاد تقاصرت
…
عني خطاي وقصرت أقلامي
واعتلت النسمات فيما بيننا
…
مما أحملها إليك سلامي
(1) ص: صاحباً.
وقال في مليح يلقب بالشقيق:
يا قامة الغصن الرطيب إذا انثنى
…
ولوى معاطفه نسيم الريح
أشقيق روض أنت يا بدر الدجى
…
بالله قل لي أم شقيق الروح وقال في مليح رفا:
وبمهجتي الرفا الذي
…
فضح الذوابل لينه
لم يرف قلب متيم
…
قد مزقته جفونه وقال في مليح اسمه داود:
قد كنت جلداً في الخطوب إذا عرت
…
لا تزدهيني الغانيات الغيد
وعهدت قلبي من حديد في الحشا
…
فألانه بجفونه داود وقال في الذهبيات:
انظر إلى الأغصان كيف تذهبت
…
وأتى الخريف بحمرها وبصفرها
تحلو شمائلها إذا ما أدبرت
…
وتزيد حسناً في أواخر عمرها وقال في الكاس المصورة:
انظر إلى صور الفوراس إذ بدت
…
بالخيل في كاس المدامة ترتمي
ما بين طاف في المدام وراسب
…
كفوارس الهيجاء تسبح في الدم وقال:
ورياض وقفت أشجارها
…
وتمشت نسمة الصبح إليها
طالعت أرواقها شمس الضحى
…
بعد أن وقعت الورق عليها وقال:
وجنان ألفتها إذ تغنت
…
فوقها الورق بكرة وأصيلا
نهرها مسرعاً جرى وتمشت
…
في رباها الصبا قليلاً قليلا
وقال في مليح يلقب بالشهاب:
يا قضيب الأراك عند التثني
…
هز عطفيه حين ماس الشباب
عجباً كيف ضل فيك المحبو
…
ن بليل الأسى وأنت شهاب وقال في مليح أراد تقبيله في فمه فامتنع فجاءت القبلة في خده:
منعت ارتشاف الثغر يا غاية المنى
…
وزحزحتني منه إلى خدك القاني
لئن فاتني منه الأقاحي فإنني
…
حصلت على ورد جني وريحان وقال، وكان يبات كثيراً بالجامع الأموي:
طال نومي بالجامع الرحب والبر
…
د مبيدي وليس منه خلاص
كيف أدفا فيه وتحتي بلاط
…
ورخام حولي وفوقي رصاص وقال:
لا تلحني اليوم في ساق وصهباء
…
وسقتني كاسها صرفاً بلا ماء
وأنف الهموم بها عني فقد كثرت
…
آلامها واشف ما بالقلب من داء
عذراء مشمولة تطفو فواقعها
…
كأنها أدمع في خد عذراء
أبدي الحباب لها خطاً فأحسن ما
…
قد كان حرر من ميم ومن هاء
قديمة ذاتها في روض جنتها
…
كانت وكان لها عرش على الماء وقال يذكر بوعد:
إني أذكر مولانا الأمير وما
…
أظنه ناسي الوعد الذي ذكرا
والدوح يبدي (1) الجنى لكن أغصنه
…
لو لم تهز لما ألقت لك الثمرا وقال في مليح نجار:
بروحي نجار حكى الغصن قده
…
رشيق التثني أحول الطرف وسنان
(1) ص: يبدو.
يميل على الأعواد قطعاً بما جنت
…
وما سرقت الناس قده وهي أغصان وقال يحذر من صحبة الناس:
لا ترم في الدنو وداً من النا
…
س وإن كنت عندهم مشكوراً
ودهم في الدنو منهم قليل
…
فإذا ما بعدت كان كثيراً
وكذا الشمس والهلال اصطحاباً
…
كلما زاد بعده زاد نورا وقال في مليح يسمى زهر السفرجل:
أحن إلى الأزهار ما هبت الصبا
…
وما ناح في الأيك الحمام المطوق
وأشتاق زهر اللز كل عشية
…
وإني إلى زهر السفرجل أشوق وكتب إلى شهاب الدين السنبلي يعرض بطلب فحم:
جاء الشتاء الغث يا سيدي
…
بل يا شهابي في دجى الهم
وفصله البارد قد جاءني
…
منه بكانون بلا فحم وقال من قصيدة:
وأرقني خيال من حبيب
…
تناءت داره حتى نآني
فيمن سهري (1) يلم فما أراه
…
ومن سقمي يطوف فما يراني وقال أيضاً:
أمولاي أشكو إليك الخمار
…
وما فعلت بي كؤوس العقار
وجور الساقة التي لم تزل
…
تريني الكواكب وسط النهار
(1) ص: شهري.