الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1)
492
ماني الموسوس
محمد بن القاسم، أبو الحسن المعروف بماني الموسوس؛ من أهل مصر قدم بغداد أيام المتوكل، وكان من أظرف الناس وألطفهم. توفي سنة خمس وأربعين ومائتين.
ومن شعره:
زعموا أن من تشاغل بال؟
…
لذات عمن يحبه يتسلى
كذبوا والذي تقاد له البد
…
ن ومن عاذ بالطواف وصلى
أن نار الهوى أحر من الجم؟
…
ر على قلب عاشق يتقلى وقال:
دعا طرفه طرفي فأقبل مسرعاً
…
وأثر في خديه فاقتص من قلبي
شكوت إليه ما لقيت من الهوى
…
فقال على رس فمت فما ذنبي وقال:
ذنبي إليه خضوعي حين أبصره
…
وطول شوقي إليه حين أذكره
وما جرحت بدمع العين وجنته
…
إلا ومن كبدي يقتص محجره
نفسي على بخله تفديه من قمر
…
وإن رماني بذنب ليس يغفره
وعاذل باصطبار القلب يأمرني
…
فقلت: من أين لي قلب فأهجره وذكر صاحب " الأغاني " أن محمد بن عبد الله بن اهر عزم على
(1) الوافي 4: 346 وتاريخ بغداد 3: 169 والأغاني 23: 55 ومعجم المرزباني: 387 وطبقات ابن المعتز: 383 والزركشي: 307؛ وقد وردت هذه الترجمة مكتلمة في المطبوعة.
الصبوح، وعنده الحسن بن محمد بن طالوت، فقال له محمد: نحتاج أن يكون معنا من نأنس به ونلتذ بمنادمته، فمن ترى أن يكون؟ فقال له ابن طالوت: قد خطر ببالي من ليس علينا بمنادمته ثقل، قد خلا من إبرام المجالسين، وبريء من ثقل المؤانسين، خفيف الوطأة إذا أدنتيه، سريع الوثبة إذا أمرته، قال: من هو؟ قال: ماني الموسوس، فتقدم إلى صاحب الشرطة بطلبه وإحضاره، فلم يكن بأسرع من أن قبض عليه ووافى به باب محمد، فلا مثل بين يديه وسلم رد عليه السلام وقال له: ما آن لك أن تزورنا مع شوقنا إليك؟ فقال له ماني: أز الله الأمير، الشوق شديد، والود عتيد، والحجاب صعب، ولو سهل لي الأذن لسهلت علي الزيارة، فقال له محمد: لقد لطفت في الاستئذان، وأمره بالجلوس فجلس، وكان قد أطعم قبل أن يدخل، وأدخل الحمام وأخذ من شعره وألبس ثيباً نظافاً وأتى محمد بن عبد الله بن طاهر بجارية كان يحب السماع منها، فكان أول ما غنته:
ولست بناس إذ غدوا وتحملوا
…
دموعي على الخدين من شدة الوجد
وقولي وقد زالت بعيني حمولهم
…
بواكر تحدى: لا يكن آخر العهد فقال ماني إيذن لي أيها الأمير، قال: في ماذا؟ قال: في استحسان ما اسمع، قال: نعم، قال: أحسنت فإن رأيت أن تزيدي في هذا الشعر هذين البيتين:
وقفت أناجي الربع والدمع حائر
…
بمثلة موقوف عليه السلام الضر والجهد
ولم يعدني هذا الأمير بعدله
…
على ظالم قد لج في الهجر والصد فقل له محمد: ومن أي شيء استعديت ياماني؟ قال: لا من ظلم أيها الأمير، ولكن تحرك شوق وكان ساكناً. ثم غنت:
حجبوها عن الرياح لأني
…
قلت للريح بلغيها السلاما
لو رضا بالحجاب هان ولكن
…
منعوها يوم الرياح الكلام فطرب محمد وشرب، فقال ماني: أيها الأمير ما على قائل هذين البيتين لو أضاف إليهما:
فتنفست ثم قلت لطيفي
…
ويك لو زرت طيفها إلماما
حيها بالسلام سراً وإلا
…
منعوها لشقوتي أن تناما فقال محمد: أحسنت يا ماني. ثم غنت:
يا خليلي ساعة لا تريما
…
وعلى ذي صبابة فأقيما
ما مرننا بدار زينب إلا
…
فضح الدمع سرنا المكتوما فقال ماني: لولا هيبة الأمير لأضفت إلى هذين البيتين بيتين لا يردان على سمع ذي لب فيصدران إلا عليه السلام استحسان لهما، فقال له محمد: الرغبة في حسن ما تأتي به حائلة عن (1) كل رهبة، فهات ما عندك، فقال:
ظبية كالهلال لو تلحظ الصخ
…
ر بطرف لغادرته هشيما
وإذا ما تبسمت خلت ما يب
…
دو من الثغر لؤلؤاً منظوما وفي الخبر طول وهذا يكفي منه.
(1) ص: على.