الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
513 -
(1)
"
شمس الدين الكوفي
"
محمود بن أحمد بن عبد الله بن داود بن محمد بن علي الهاشمي الحنفي، شمس الدين الكوفي؛ كان أديباً فاضلاً عالماً شاعراً ظريفاً كيساً دمث الأخلاق. ولي التدريس بالمدرسة التشيشية، وخطب في جامع السلطان، ووعظ في باب بدر. توفي في شهور سنة خمس وسبعين وستمائة، ومولده سنة ثلاث وعشرين وستمائة، فمن شعره:
ملابس الصبر نبليها وتبلينا
…
ومدة الهجر نفنيها وتفنينا
شوقاً إلى أوجه متنا بفرقتها
…
حزناً وكانت تحيينا فتحيينا
أحزاننا بهم لا تنقضي ولنا
…
شوق إلى ساكني يبرين يبرينا
يا دهر قد مسنا من بعدهم حرق
…
من الفراق إلى التكفين تكفينا
وعدتنا بالتلاقي ثم تخلفنا
…
فكم نرى منك تلوينا وتلوينا
ديارهم درس من بعد ما درست
…
نفسي بها من تلاقينا تلاقينا
متعت فيها إلى حين فوا أسفا
…
إذ عشت حتى رأيت الحين والحينا
كنا جميعاً وكان الدهر يسعدنا
…
والكائنات بكأس الأمن تسقينا
فالآن قرت عيون الحاسدين بنا
…
بما جرى واشتفت منا أعادينا
فصار يرحمنا من كان يأملنا
…
وعاد يبعدنا من كان يدنينا
وبات يخذلنا من كان ينصرنا
…
وصار يرخصنا من كان يغلينا
واليوم ألطف كل العالمين بنا
…
من عن أحبتنا أضحى يعزينا
(1) الزركشي: 324 محمود بن عابد، وبهامشه أن الصواب في اسمه ((محمد)) ؛ ولم يرد أكثر هذه الترجمة في المطبوعة.
ليت العذول يرى من فيه يعذلنا
…
لعله إذ يرى عيناً يراعينا
إلى متى نحمل البلوى وعاذلنا
…
بغير ما هو يعنينا يعنينا
ما ضر عذالنا لو أنهم رفقوا
…
فعذلهم ليس يسلينا ويسلينا
حمائم الدوح في الأغصان نائحة
…
كما تنوح فنحكيها وتحكينا
تشجو وتندب من شوق لمن فقدت
…
ومن فقدنا فنشجيها وتشجينا
قد نسرت يا أحبانا جرائحنا
…
وما لنا غير لقياكم يداوينا
أمراضنا من كلام الشامتين بنا
…
فهل زمان يشفينا ويشفينا؟
إنا عطاش إلى أخباركم فمتى
…
يأتي رسول يروينا ويروينا؟
بنا إلى عزكم فقر ومسكنة
…
فهل بشير يغنينا فيغنيا؟ وقال رحمه الله تعالى:
ارفق بصب لا يريد سواكا
…
قد صار من فرط السقام سواكا
أسكنته ربع الغرام فيا له
…
من ساكن لا يستطيع حراكا
بالله (1) من أفتاك في سفك الدما
…
حتى تسلط طرفك الفتاكا
كم لي بأكناف (2) الأجيرع وقفة
…
علي وادي الأراك أراكا
كم صامت بالوجد بنطق حاله
…
هذا وكم شاك فؤادي شاكا
ضرب الغرام على النفوس سراداً
…
والحسن مد على العقول شباكا
كيف الخلاص من الحمى وبربعه ال
…
غزلان تنصب للأسود شراكا
وارحمتا لذوي الوى من جاهل
…
متعقل ومغفل يتذاكى
قالوا هلكت بحبه فرحمت من
…
من جهله عد النجاة هلاكا
كفوا فما أحلى عذابي في الهوى
…
عندي إذا كان المعذب ذاكا
يا صاحبي عرج بجرعاء الحمى
…
فهناك رؤية من تراه هناكا
(1) الزركشي: يا بدر.
(2)
ص: باصناف.
عرب يعز المحتمي بجنابهم
…
والعرب ما زالت تعز كذاكا وقال أيضاً:
ما للقلوب سوى الحبيب أنيس
…
هو للفؤاد منادم وجليس
جبذ القلوب إلى هواه جماله
…
فكأنه للخلق مغناطيس
لا يردك المعقول لطف جمال من
…
أهوى فكيف يناله المحسوس
كم قد كتبت إليه قصة غصتي
…
بمداد دمعي والخدود طروس
لم يبق دمعي وجنتي إلا عسى
…
يوماً لها قدم الحبيب تدوس
دمعي بذكرك مطلق ومسلسل
…
وصبابتي وقف عليك حبيس
الناس عشاق وأنت حبيبهم
…
والكون ماشطة وأنت عروس
وحماك كم نحرت نحو دونه
…
وتطايرت عند الدنو رؤوس
أيقال لي أتلفت نفسك في الهوى
…
عجبي وهل للعاشقين نفوس
جردت نفسي ذلك علمت بأنه
…
لا يستقيم الكيس لي والكيس
وعكست حال يفي العيون كأنه
…
نقش الفصوص صوابه المعكوس
كما قال قوم والحديث تعلة
…
وادي العروس وما هناك عروس
قد غرهم آل التوهم مثلما
…
غرت بصرح قبلهم بلقيس
يا من دعا أرواحنا فتبادرت
…
سبقاً وحن إلى النفيس نفيس
سارت إليك بنا أيانقنا (1) فلا ال
…
تقبيل يعجبها ولا التعريس
ومتى وصلن إليك يا كل المنى
…
ذهب العنا عنا وزال البوس
العيس تشتاق العقيق لساكن
…
لولاه ما حنت إليه العيس وقال أيضاً:
جلا الدجى إذ جلا فينا محياه
…
فكم أمات به صباً وأحياه
ممنع تعشق الأكوان بهجته
…
بدر بلى ما لبدر التم معناه
(1) ص: أذيفنا.
أشتاقه وسواد القلب منزله
…
ولبدر ما زال برج القلب مأواه
أكني بليلى ولبنى حين أذكره
…
صوناً له وبحالي يعلم الله
بالحب يعرفنا حقاً ونعرفه
…
مكمل الظرف يهوانا ونهواه
أدير عيني في الدنيا وزهرتها
…
فما يروق لها في الخلق إلا هو
يسوغ لي العذل إذ يشدو العذول به
…
لولاه ما ساغ عندي العذل لولاه
لو شاهد القوم ما شاهدت من قمري
…
بالعذل ما نطقوا فيه ولا فاهوا
قالوا تسل عن المحبوب قلت لهم
…
حاشا لمثلي أن يسلو وحاشاه
أما رأى حسنه من فيه يعذلني
…
يا قوم ما أجهل اللاحي وأغباه
يا عز من أنت يا مولاي سيده
…
يا ذل من لست يا مولاي مولاه
أهيم إن رمز الحادي بذكر حبي
…
ب القلب أو هو سماه وكناه
هيجت وجدي بذكرى من كلفت به
…
كرر على مسمعي بالله ذكراه
أعد فأن حديث الحب في أذني
…
والله أطيب مسموع وأحلاه وقال أيضاً رحمه الله:
شهود غرامي في هواك عدول
…
سهاد ودمع سائل ونحول
وشوقي إلى لقياك شوق مبرح
…
ولي شرح حال في الغرام يطول
لقد فضح الصب الحمول ركائب
…
سرين وأقمار السماء حمول
سرت وفؤادي موبق موثق بها
…
تميل به الأشواق حيث تميل
وهمت ولكن ما وهمت بحب من
…
محاسنه ما إن لهن مثيل
حبيب تجني ظالما ًفاحتملته
…
وكل محب للحبيب حمول
تجني بلا ذنب علي وملني
…
وعن له عما عهدت يحول
ومال على ضعفي ومال إلى العدا
…
وأقبل يصغي والعذول يقول
ولم لم ينزه سمعه عن مقالة
…
بها كم أتاني كاشح وعذول
ترى هل لنا بعد الفراق تآلف
…
وهل لي إلى طيب الوصال وصول
لأشكو إليه ما لقيت وما الذي
…
جرى البيت ودمعي شاهد ودليل
فو الله ما يشفي المشوق راسلة
…
ولا يشتكي شكوى المحب رسول وقال موشح:
قد صفا الوقت وقد رق النسيم
…
قم بنا نربح
قد خلا السمت ومن نهوى نديم
…
حقنا نفرح
في طوى قد شمت جنات النعيم
…
أبداً تفتح
فاختلس من صرف دهر ورقيب
…
ساعة الإمكان
فالتواني بعد أن يدنو الحبيب
…
غاية الخسران
في الصبا قد جاء في حال الهيوب
…
خبر لي راق
وراد أظهر لي ما في الغيوب
…
هيج الأشواق
قد تجلى الآن معشوق القلوب
…
معشر العشاق
ها حبيب القلب قد أمسى قريب
…
أيها الندمان
من له من قربه أدنى نصيب
…
لا يكن ندمان
تسكر الألباب كاسات الصبا
…
عند وقت السحر
حين تهوى نشر رايات الربى
…
وأريج الزهر
وترانا نتثنى طربا
…
لبلوغ الوطر
احسدينا في التثني إذ نطيب
…
يا غصون البان
أبداً لا يستوي " غصن " رطيب
…
وفتى نشوان
قد تعرضت بسكان اللوى
…
وحمى الأجرع
اين من يعرف قانون الهوى
…
قم ولا تجزع
وائتمر لي واتبعني في الجوى
…
وانطبع واسمع
هذه النيران عن يمنى (1) الكثيب
…
تضرم النيران
ما ينال الفوز منها ويطيب
…
أبداً كسلان
يا عذولي ليس ذا وقت العتاب
…
فأنا مشغول
أنا ابغي الآن مع كشف الحجاب
…
أبلغ المأمول
إن تقل أنت قتيل فالجواب
…
رضي المقتول
خلني يا عاذل الصب الكئيب
…
كان ما قد كان
فحبيبي نصب عيني لا يغيب
…
من ضميري دان وقال أيضاً:
تعالوا نعيد الوصل لا كان من وشى
…
فحر اشتياقي بعدكم قد حشا الحشا
وبي رشأ ما في البرية لائم
…
نهى روحه والمال زال الرشا رشا
على سخا بالوصل من بعد شحه
…
ومن بعد ما قد كان نعش أنعشا
وشى باسمك الواشي إلي فسرني
…
وسمعي يا مولاي لما وشى وشا
حديثك سرح يملأ القلب نشوة
…
وعبدك يا بدر الدجى إن تشا انتشا وقال في خطلوشاه مملوك علاء الدين الجويني:
آه ولا أعذل إن قلت آه
…
قد قتلتني مقلتا خطلشاه
فعارضاه واشرحا قصتي
…
له وما قد فعلا عارضاه
لم يفتن من لا رأى حسنه
…
ولا سبي يا قوم من لا سباه
خاطرت بالروح لذكري له
…
غاية له في الباب دقوا قفاه بلغت هذه البيات علاء الدين الجويني فكتب إليه: حرمة الشيب والآداب تمنعنا عن غاية ما في الباب، وقد رسمنا لمملوكك خطلو شاه يأتي إليك كل نهار كرتين.
(1) ص: يمين.