الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
524 -
(1)
"
صريع الغواني
"
مسلم بن الوليد، أبو الوليد مولى الأنصار المعروف بصريع الغواني، أحد فحول الشعراء؛ قيل إنه كان في أول أمره خاملاً أجير فران، فانقاد له الشعر وجوده وكسب به الأموال العظيمة، ثم اتصل بابني سهل: الحسن والفضل فولوه جرجان، فمات وهو واليها. مدح الرشيد وآل برمك وسار شعره. لقبه الرشيد بصريع الغواني لقوله (2) :
وتغدو صريع الكاس والأعين النجل
…
توفي في حدود المائتين. وقصيدته التي قالها في يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني مشهورة جيدة، وهي (3) :
أجررت حبل خليع في الصبا غزل
…
وشمرت همم العذال في عذلي
هاج البكاء على العين الطموح هوى (4)
…
مفرق بين توديع ومرتحل
كيف السلو لقلب بات (5) مختبلاً
…
يهذي بصاحب قلب غير مختبل
لولا مراعاة (6) دمع العين لانكشفت
…
مني سرائر لم تظهر ولم تخل
(1) الزركشي 331 وطبقات ابن المعتز: 235 والشعر والشعراء: 712 وتاريخ بغداد 13: 96 والأغاني 18: 315 ومعجم المرزباني: 372 والنجوم الزاهرة 2: 186 وقد جمع شارح ديوانه أخباره من المصادر وألحقها بالديوان (351 - 452) ؛ ولم ترد هذه الترجمة في المطبوعة.
(2)
ديوانه: 43 وصدر البيت: ((هل العيش إلا أن أروح مع الصبا وأغدو.....)) .
(3)
ديوانه 1 - 23.
(4)
ص: بها.
(5)
الديوان: راح
(6)
الديوان: مداراة.
أما كفى البين أن أرمي بأسهمه
…
حتى رماني بلحظ الأعين النجل
مما جنت (1) لي وإن كانت منى صدق (2)
…
صبابة خلس التسليم بالمقل
ماذا على الدهر لو لانت عريكته
…
أو رد (3) في الرأس مني سكرة الغزل
جرم الحوادث عندي أنها اختلست
…
مني غذاء بنات الكرم (4) والكلل
ورب يوم من اللذات مختصر (5)
…
قصرته بلقاء الراح والحلل
وليلت خلست للعين من سنة
…
هتكت فيها الصبا عن بيضة الحجل
عن غادة مثل قرن الشمس ناعمة
…
فعم مخلخلها مرتجة الكفل (6)
قد كان دهري وما بي اليوم من كبر
…
شرب المدام وعزف القينة الفضل (7)
إذا شكوت إليها الحب خفرها
…
شكواي واحمر خداها من الخجل
فكم قطعت (8) وعين الدهر راقدة
…
أيامه بالصبا في اللهو والغزل
وطيب الفرع أصفاني (9) مودته
…
كافأته بمديح فيه منتخل
وبلدة لمطايا الركب منضية
…
أنضيتها بوجيف الأينق الذلل
فيم (10) المقام وهذا البحر (11) معترضاً
…
دنا النجاء وحان السير فارتحل
يا مائل (12) الرأس إن الليث مفترس
…
ميل الجماجم والأعناق فاعتدل
(1) الديوان: جنى.
(2)
الديوان: صدقت.
(3)
الديوان: ورد.
(4)
الديوان: بنات غذاء الكرم، ص: عدا نبات الكرم.
(5)
الديوان: محتضر.
(6)
لم يرد هذا البيت في الديوان.
(7)
الديوان: العطل.
(8)
الديوان: كم قد قطعت.
(9)
ص: صفاني.
(10)
ص: فقيم.
(11)
الديوان: النجم.
(12)
ص: مالك.
حذار من أسد ضرغامة شرس
…
لا يولغ السيف إلا هامة البطل
لولا يزيد لأضحى الملك مطرقا (1)
…
أو مائل الرأس (2) أو مسترخي الطول
حاط الخلافة سيف (3) من بني مطر
…
أقام قائمه من كان ذا ميل
كم صائل في ذرى تمهيد مملكة
…
لولا يزيد بني شيبان لم يصل
ناب الإمام الذي يفتر عنه إذاً
…
ما افترت الحرب عن أنيابها العصل
كفاكم يا بني العباس أن لكم
…
سيفاً بكم غير ما نكس ولا وكل (4)
سد الثغور يزيد بعد ما انفرجت
…
بقائم السيف لا بالختل والحيل (5)
من كان يختل قرناً عند موقفه
…
فإن جار (6) يزيد غير مختتل (7)
كم قد أذاق (8) حمام الموت من بطل
…
حامي الحفيظة لا يؤتي من الوهل
أغر أبيض يغشي البيض أبيض لا
…
يرضى لمولاه يوم الروع بالفشل
يغشى الوغى وشهاب الموت في يده
…
يرمي الفوارس والأبطال بالشعل
يفتر عند افترار الحرب مبتسماً
…
إذا تغير وجه الفارس البطل
موف على مهج في يوم ذي رهج
…
كأنه أجل يسعى إلى أمل
ينال بالرفق ما يعيا الرجال به
…
كالموت مستعجلاً يأتي على مهل
يغشي المنايا المنايا ثم يفرجها
…
حين النفوس (9) مطلات على الهبل
إن شيم بارقه حالت خلائقه
…
بين العطية والإمساك والعلل
لا يرحل الناس إلا نحو حجرته
…
كالبيت يضحي إليه ملتقى السبل
(1) الديوان: مطرحاً.
(2)
الديوان: السمك.
(3)
الديوان: سل الخليفة سيفاً.
(4)
لم يرد هذا البيت في الديوان.
(5)
ص: بالخيل والخيل.
(6)
الديوان: قرن.
(7)
ص: مختبل.
(8)
ص: أراق.
(9)
الديوان: عن النفوس.
يقري المنية أرواح الكماة كما
…
يقري الوحوش (1) شحوم الكوم والبزل
يكسو السيوف نفوس (2) الناكثين به
…
ويجعل الهام تيجان القنا الذيل
يغدو فتغدو المنايا في أسنته
…
شوارعاً تتحدى الناس بالأجل
إذا طغت فئة عن غب طاعتها
…
عبى لها الموت بين البيض والأسل
قد عود الطير عادات وثقن بها
…
فهن يتبعته في كل مرتحل
تراه في الأمن في درع مضاعفة
…
لا يأمن الدهر أن يدعى على عجل
جافي الجفون صحيح الطرف (3) همته
…
فك العناة وأسر الفاتك الحطل
لا يعبق الطيب عينيه ومفرقه
…
ولا يمسح عينيه من الكحل
إذا انتضى سيفه كانت مسالكه
…
مسالك الموت في الأبدان والقلل
وإن خلت بحديث النفس فكرته
…
حي الرجاء ومات الخوف من وجل
كالليث إن هجته فالموت راحته
…
لا يستريح إلى الأيام والدول
إنا لحوادث لما رمن هضبته
…
أزمعن عن جار شيبان بمنتقل
والدهر يغبط أولاه أواخره (4)
…
إذا لم يكن كان في أعصاره الأول
لا تكذبن فإن المجد معدنه
…
وراثة في بني شيبان لم يزل
إذا الشريكي (5) لم يفخر على أحد تكلم
…
الفخر عنه غير منتحل
الزائديون (6) قوم في رماحهم
…
خوف المخيف وأمن الخائف الوجل
سلوا السيوف فأغشوا من يحاربهم
…
خبطاً بها غير تعذير ولا وكل (7)
كبيرهم لا تقوم الراسيات له
…
حلماً وطفلهم في هدي مكتهل
(1) الديوان: الضيوف.
(2)
الديوان: دماء.
(3)
الديوان: صافي العيان طموح العين.
(4)
ص: وآخره.
(5)
الشريكي: المسنوب إلى شريك وهو أحد أجداد الممدوح.
(6)
ص: الزائدون.
(7)
الديوان: غير ما نكل ولا وكل.
إسلم يزيد فما في الدين من أود
…
إذا سلمت وما في الملك من خلل
أثبت سوق بني الإسلام في صعد (1)
…
يوم الخليج وقد قامت على زلل
لولا دفاعك بأس الروم إذ مكرت
…
عن بيضة الدين (2) لم تأمن الثكل
ويوسف البرم (3) قد صبحت عسكره
…
بعسكر يلفظ الأقدار ذي زجل
غافصته (4) يوم عبر النهر مهلته
…
وكان محتجزاً في الحرب بالمهل
والمارق ابن طريف قد دلفت له
…
بعارض للمنايا مسبل هطل
لما رآك مجداً في منيته
…
وإن دفعك لا يسطاه (5) بالحيل
سام النزال فأبرزت (6) اللقاء له
…
مقدم الخطو فيها غير منتكل (7)
ماتوا وأنت غليل في صدورهم
…
وكان سيفك يستشفى من الغلل
لو أن غير شريكي أطاف بها
…
فاز الوليد بقدح الناضل الخصل (8)
وقمت بالدين يوم الرس فاعتدلت
…
منه دعائم القوم قد أوفت على خزل (9)
ما كان جمعهم لما لقيتهم
…
إلا كمثل نعام ريع منجفل
تابوا ولو لم يتوبوا من ذنوبهم
…
لآب جيشك بالأسرى وبالنفل
كم آمن لك نائي الدار ممتنع
…
أخرجته من حصون الملك والخول
ومارقين غواة (10) من بيوتهم
…
لا ينكلون ولا يؤتون من نكل (11)
(1) الديوان: فاطأدت.
(2)
الديوان: إذ بكرت عن عثرة الدين.
(3)
ص: اليوم.
(4)
ص: عاصفته.
(5)
ص: يستطاع.
(6)
الديوان: شام
…
فأبرقت.
(7)
الديوان: متكل.
(8)
ص: الناظل الخضل.
(9)
الديوان: ميل.
(10)
الديوان: غزاة.
(11)
نكل: كتبها في ص، وكتب بعدها ((وكل)) .
خلفت أجسادهم والطير عاكفة
…
فيها وأقفلتهم هاماً مع القفل
يأبى لك الذم في يوميك إن ذكرا
…
عضب حسام وعرض غير مبتذل
فافخر فما لك في شيبان من مثل
…
كذاك ما لبني شيبان من مثل
كم مشهد لك لا تحصى مآثره
…
قسمت فيه كرزق الجن (1) والخبل
لله من هاشم في أرضه (2) جبل
…
وأنت وابنك ركنا ذلك الجبل
قد أعظموك فما تدعى لهينة
…
إلا لمعضلة تستن بالعضل
يا رب مكرمة أصبحت واحدها
…
أعيت صناديد راموها فلم تنل
تشاغل الناس بالدنيا وزخرفها
…
وأنت من بذلك المعروف في شغل
أقسمت ما ذدت (3) عن جدواك طالبها
…
ولا دفعت (4) اعتزام الجد بالهزل
بأبي لسانك منع الجود سائله
…
فما يلجلج بين الجود والبخل
صدقت ظني وصدقت الظنون به
…
وحط جودك عقد الرحل عن جملي صنع هذه القصيدة لما أشخصه إليه إلى الرقة، فأخذه وأدخله على الرشيد، فأنشده شعره فيه، فأمر له بمائتي ألف درهم؛ ثم إن يزيد الممدوح بعث إليه بمائة وتسعين ألف درهم وقال: لا تكون عطيتي لك بمثل عطية أمير المؤمنين؛ قال مسلم: وأقطعني إقطاعات تبلغ ألف درهم؛ ثم أفضت الأمور بعد ذلك إلى أن أغضبتني، فهجوته، فشكاني إلى الرشيد، فدعاني وقال: أتبيعني عرض يزيد؟ قلت: نعم، قال: بكم؟ قلت: برغيف، فغضب حتى خفته على نفسي، وقال: قد كان رأيي أن أشتريه منك بمال جسيم، ولست أفعل ولا كرامة، وأنا بريء من أبي، ووالله والله، إن بلغني أنك هجوته لأنزعن لسانك من بين فكيك؛ قال: فأمسكت
(1) الديوان: الأنس؛ والخبل: الجن أو طائفة منهم.
(2)
ص: في
…
من أرضه.
(3)
الديوان: ذب.
(4)
ص: رفعت.
عنه بعد ذلك ولم أذكره.
ومن شعر صريع الغواني (1) :
لا يمنعنك خفض العيش في دعة
…
نزوع نفس إلى أهل وأوطان
تلقى بكل بلاد إن حللت بها
…
أرضاً بأرض وجيراناً بجيران وقال أيضاً (2) :
وليلة ناب الهم إلا بقية
…
تداركها طيف ألم فسلما
جمعنا معاذير العتاب برقدة
…
مشت بيننا نطوي الحديث المكتما وقال أيضاً (3) :
وخندريس لها شعاع
…
ابنة خمسين ألف عام
كأنها كوكب منير
…
والبدر في ليلة التمام
لو قرنت بالظلام يوماً
…
لانجاب عنا دجى الظلام
تكسب شرابها سروراً
…
فما يراعون باهتمام
تضحك عن لؤلؤ شتيت
…
ألفه الماء البيت النظام
ما ذقتها قط غير أني
…
أمنحها الود بالكلام
حلت لي الكاس حين دارت
…
علي في سكرة المنام
(1) ديوانه: 342.
(2)
لم يردا في ديوانه.
(3)
لم ترد في ديوانه.