الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المركب وقالوا: جاء معنا من الغرب وصلى بنا التراويح في السنة الفلانية، فأنكر ذلك وأخرج المكتوب وقال: أنا كنت في دمشق قبل هذه السنة بمدة واشتريت داراً، وهذا خط القاضي بذلك؛ فلما رأى الفاضل خط محيي الدين ابن الزكي بالثبوت ما شك فيه واندفعت القضية بخبث هذا الشيطان.
وعلى الجملة فكان فاضلاً، وله كتاب " الدلالة " في أصول دينهم.
وهو جيد إلى الغاية على قواعدهم. وكانت له مشاركة في كل فن، وفيه يقول ابن سناء الملك (1) :
أرى طب جالينوس للجسم وحده
…
وطب أبي عمران للعقل والجسم
فلو كان بدر التم من يستطبه
…
لتم له ما يدعيه من التم
وداواه يوم التم من كلف به
…
وأبراه في يوم السرار من السقم وله مقالة في معالجة الحدبة، صنفها للقاضي الفاضل، ومقالة في السموم و " تنقيح الفصول " وهو من أجل كتب الطب.
وتوفي سنة عشر (2) وستمائة.
539 -
(3)
"
المؤمل المحاربي
"
المؤمل بن أميل المحاربي الكوفي؛ كان شاعراً محسناً، مدح المهدي، فأجازه عشرة آلاف دينار، وتوفي في حدود التسعين والمائة، وهو القائل
(1) لم ترد في ديوانه.
(2)
ص: عشرة.
(3)
الأغاني 22: 255؛ ولم ترد هذه الترجمة في المطبوعة.
في امرأة كان يهواها من أهل الحيرة:
شف المؤمل يوم الحيرة النظر
…
ليت المؤمل لم يخلق له بصر فيقال إنه رأى رجلاً في المنام قد أدخل إصبعيه في عينيه فأخرجهما وقال: هذا ما تمنيت، فأصبح أعمى. ومن هذه القصيدة:
يكفي المحبين في الدنيا عذابهم
…
والله لا عذبتهم بعدها (1) سقر وامتدح المهدي، وهو ولي العهد، فأعطاه عشرين ألف درهم، فبلغ المنصور ذلك فكتب إليه يلومه ويقول: إنما كان ينبغي أن تعطيه أربعة آلاف درهم بعد أن يقيم ببابك سنة؛ وأجلس قائداً (2) من قواده على جسر النهروان يتصفح وجوه الناس حتى مر به المؤمل، فأخذه ودخل به على المنصور فسلم فقال: من أنت؟ قال: المؤمل بن أميل، فقال: أتيت إلى غلام غر خدعته؟! فقال: نعم، أصلح الله أمير المؤمنين، أتيت غلاماً كريماً فخدعته فانخدع، فكأن ذلك أعجب المنصور (3)، فقال: أنشدني ما قلت فيه، فأنشده القصيدة، ومنها:
هو المهدي إلا أن فيه
…
مشابهة من (4) القمر المنير
تشابه ذا وذا فهما إذا ما
…
أنارا مشكلان على البصير
فهذا في الظلام سراج ليل
…
وهذا في النهار ضياء نور
ولكن فضل الرحمن هذا
…
على ذا بالمنابر والسرير
وبالملك العزيز فذا أمير
…
وماذا بالأمير ولا الوزير
وبعض الشهر ينقص ذا وهذا
…
منير عند نقصان الشهور
(1) ص: لا عذبتها بعدهم.
(2)
قائد.
(3)
ص: فكان.... للمنصور.
(4)
الأغاني: مشابه صورة.
فيا ابن خليفة الله المصفى
…
به تعلو مفاخرة الفخور
لئن فت الملوك وقد توافوا
…
إليك من السهول والوعور
لقد سبق الملوك أبوك حتى
…
بقوا من بين كاب أو حسير
وجئت مصلياً تجري حثياً
…
وما بك حين تجري من فتور
فقال الناس ما هذان إلا
…
كما بني الخليق إلى الجدير
لئن سبق الكبير (1) فأهل سبق
…
له فضل الكبير على الصغير
وإن بلغ الصبي مدى كبير
…
فقد خلق الصغير من الكبير فقال: والله لقد أحسنت ولكن هذا لا يساوي عشرين ألف درهم، فأين المال؟ قال: ها هوذا، فقال: يا ربيع، امض معه فأعطه أربعة آلاف درهم وخذ الباقي منه، ففعل؛ فلما ولي الخلافة المهدي، ولى أبا ثوبان المظالم، فكان يجلس بالرصافة، فإذا ملأ كساءه رقاعاً دفعها إلى المهدي، فرفع المؤمل رقعة ذكر فيها واقعته، فلما نظر إليها المهدي ضحك وقال: ردوا إليه عشرين ألف ردهم، فردت إليه.
وقال محمد بن حذيفة الطائي، حدثني أبي قال: رأيت المؤمل شيخاً كبيراً أعمى نحيفاً، فقلت له: لقد صدقت في قولك:
وقد زعموا لي أنها نذرت دمي
…
وما لي بحمد الله لحم ولا دم
برى حبها لحمي ولم يبق لي دم (2)
…
وإن زعموا أني صحيح مسلم
فلم أر مثل الحب صح سقيمه
…
ولا مثل من لا يعرف الحب يسقم
ستقتل جلداً بالياً فوق أعظم
…
وليس يبالي القتل جلد وأعظم (3) فقال: نعم، فديتك، ما كنت لأقول إلا حقاً.
(1) ص: الكثير.
(2)
الأغاني: ولم يبق لي دماً.
(3)
ص: جلداً ولا دم.