الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
561 -
(1)
أبو حية النميري
الهيثم بن الربيع بن زرارة، أبو حية - بالحاء المهملة والياء المشددة - النميري؛ كان من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، وكان شاعرا فصيحا من ساكني البصرة، وكان أهوج جبانا كذابا، وقيل إنه كان يصرع، وكان له سيف يسميه لعاب المنية ليس بينه وبين الخشب فرق.
حدث جار (2) له قال (3) : دخل إلى بيته كلب في بعض الليالي فظنه لصا، فأشرف عليه وقد انتضى سيفه لعاب المنية، ووقف في وسط الدار وقال: أيها المغتر بنا والمتجرىء علينا، بئس والله ما اخترت لنفسك: خير قليل وسيف صقيل، لعاب المنية الذي سمعته مشهورة، وضرباته مذكورة، اخرج بالعفو عنك قبل أن أدخل بالعقوبة عليك، والله إن أدع قيسا إليك لا تقم لها، وما قيس؟ تملأ والله الفضاء خيلا ورجلا، سبحان الله ما أكثرها! فبينما هو كذلك إذا بالكلب قد خرج فقال: الحمد لله الذي مسخك كلبا وكفانا حربا.
وقال يوما: إني أخرج إلى الصحراء فأدعو بالغربان فتقع حولي فآخذ منها ما أشاء، فقيل له: يا أبا حية أفرأيت إن خرجنا (4) إلى الصحراء فدعوتها فلم تأتك فماذا تصنع؟ فقال: أبعدها الله إذن.
(1) الشعر والشعراء: 658 والأغاني 16: 236 وطبقات ابن المعتز: 143 والسمط: 244 والخزانة 4: 283؛ ولم ترد هذه الترجمة في المطبوعة.
(2)
ص: جاراً.
(3)
قد روى الجاحظ في الحيوان حكاية مشابهة لهذه، وبطلها هو عروة بن مرثد (انظر الحيوان 2: 231) .
(4)
ص: اخرجنا.
وحدث يوما قال: عن لي ظبي فرميته فراغ عن سهمي، فعارضه السهم ثم راغ فعارضه السهم، ثم راغ فعارضه السهم، فما زال والله يروغ ويعارضه حتى صرعه.
وما أحلى قول ابن قلاقس:
عسكري جماله
…
بطل ليس يدفع
قام عن قوس حاجبي
…
هـ الله بعينيه ينزع
أسهم كيفما انحرف
…
ن الناس إلى القلب تتبع
هكذا كنت عن أبي
…
حية قبل أسمع وقال الشيخ صلاح الدين الصفدي حرسه الله تعالى:
وشادن إن هب عرف الصبا
…
شممت منه نشره طيه
أميل عنه خوف عشقي له
…
وجفنه يتبعني غيه
كأنني قدامه ظبية
…
وطرفه سهم أبي حيه وفد أبو حية على المنصور وامتدحه بقصيد، وهجا فيه (1) بني حسن، فوصله بشيء دون أمله، فاحتجن لعياله أكثره، وصار إلى الحيرة فشرب عند خمارة، وأعجبه الشرب وكره أن ينفد ما معه، وأحب أن يدوم له ما هو فيه، فسال الخمارة أن تبيعه بنسيئة، وأعلمها أنه مدح الخليفة وأرغبها فشرهت، وكان لأبي حية أير كعنق (2) الظليم، فأبرزه لها فتدلهت، وكانت كلما سقته خطت في الحائط خطا، فقال أبو حية:
إذا سقيتني كوزا بخط
…
فخطي ما بدا لك في الجدار
فإن أعطيتني عينا بعين
…
فهاتي العين وانتظري ضماري
(1) ص: فيها.
(2)
ص: كنعق.
خرقت مقدما من حيث يؤتى
…
خيال مكان ذاك من الازار
فصدت بعدما نظرت إليه
…
وقد ألمحتها عنق الحوار وكانت وفاته بعد السبعين والمائة.