الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
564 -
(1)
ولادة بنت المستكفي
ولادة بنت محمد (2) ، هو المستكفي ابن عبد الرحمن؛ كانت واحدة زمانها المشار إليها في آدابها، حسنة المحاضرة، مشكورة المذاكرة، كتبت بالذهب على طرازها الأيمن:
أنا والله أصلح للمعالي
…
وأمشي مشيتي وأتيه تيها وكتبت على الجانب الأيسر:
وأمكن عاشقي من صحن خدي
…
وأعطي قبلتي من يشتهيها وكانت مع ذلك مشهورة بالصيانة والعفاف، وفيها خلع ابن زيدون عذاره، وله فيها القصائد والمقطعات، منها القصيدة النونية التي أولها:
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا
…
شوقا إليكم ولا جفت مآقينا وكانت لها جارية سوداء بديعة الغناء؛ ظهر لولادة من ابن زيدون ميل إلى السوداء فكتبت إليه:
لو كنت تنصف في الهوى ما بيننا
…
لم تهو جاريتي ولم تتخير
وتركت غصنا مثمرا بجماله
…
وجنحت للغصن الذي لم يثمر (3)
(1) الزركشي: 341 قال: وذكرها ابن سعيد في كتابه المسمى بالملتقط من السلك من حلى العروش الأندلسية، والذخيرة 1: 376 والمطرب: 7 والصلة: 657 وسرح العيون: 22 والسيوطي: 101 والنفح 4: 205؛ ولم ترد الترجمة في المطبوعة.
(2)
هو محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن الناصر.
(3)
نقل الزركشي عن صاحب المسهب قوله في التعليق على هذا البيت: ((إنها أثارت معنى غريباً في البيت الثاني لأن عتبة كانت سوداء فلا تظهر منها وردة الخجل ولا زهر البياض فكأنها غصن لم يثمر)) .
ولقد علمت بأنني بدر السما
…
لكن ولعت لشقوتي بالمشتري وكان مجلس ولادة بقرطبة منتدى لأحرار المصر، وفناؤها ملعبا (1) لجياد النظم والنثر، يتهالك الكتاب والوزراء والشعراء على حلاوة عشرتها وسهولة حجابها.
مرت يوما بالوزير أبي عامر ابن عبدوس وهو جالس أمام بركة تتولد من مياه الأمطار، ويسيل إليها شيء من الأوساخ، فوقفت أمامه وقالت بيت أبي نواس في الخصيب والي مصر:
أنت الخصيب وهذه مصر
…
فتدفقا فكلاكما بحر فتركته لا يحير جوابا ولا يهتدي صوابا.
وطال عمرها وعمر أبي عامر المذكور، حتى أربيا على الثمانين ولم يدعا المواصلة ولا المراسلة. وكانت أولا تهوى الوزير ابن زيدون، ثم مالت عنه إلى الوزير أبي عامر ابن عبدوس، وكان يلقب بالفار، وفي ذلك يقول ابن زيدون (2) :
أكرم بولادة علقا لمعتلق
…
لو فرقت بين بيطار وعطار
قالوا أبو عامر أضحى يلم بها
…
قلت: الفراشة قد تدنو من النار
أكل شهي أصبنا من أطايبه
…
بعضا وبعضا صفحنا عنه للفار وقال فيها (3) أيضا (4) :
(1) ص: ملعب.
(2)
الديوان: 196 وقد زيدت فيه اعتماداً على سرح العيون، وتمام المتون.
(3)
ص: فيه.
(4)
الديوان: 195، وليست من أصل الديوان.
قد علقنا سواك علقا نفيسا
…
وصرفنا إليه عنك (1) النفوسا
ولبسنا الجديد من خلع الحب
…
ولم نأل أن خلعنا اللبيسا
ليس منك الهوى ولا أنت منه
…
اهبطي مصر أنت من قوم موسى اشار ابن زيدون إلى قول أبي نواس (2) :
أتيت فؤادها أشكو إليه
…
فلم أخلص إليه من الزحام
فيا من ليس يكفيها خليل
…
ولا ألفا خليل كل عام
أظنك من بقية قوم موسى
…
فهم لا يصبرون على طعام وكانت ولادة تلقب ابن زيدون بالمسدس، وفيه تقول:
ولقبت المسدس وهو نعت
…
تفارقك الحياة ولا يفارق
فلوطي ومأبون وزان
…
وديوث وقرنان وسارق وقالت فيه أيضاً:
إن ابن زيدون له فقحة
…
تعشق قضبان السراويل
لو أبصرت أيراً على نخلة
…
صارت من الطير الأبابيل وقالت ترميه بأنه مع فتاه علي على حالة:
إن ابن زيدون على جهله
…
يعتبني ظلما ولا ذنب لي
يلحظني شزرا إذا جئته
…
كأنني جئت لأخصي علي وقالت تهجو الأصبحي:
يا أصبحي اهنأ فكم نعمة
…
جاءتك من ذي العرش رب المنن
قد نلت باست ابنك ما لم ينل
…
بفرج بوران أبوها الحسن وتوفيت ولادة بعد الخمسمائة، رحمها الله تعالى.
(1) ص: عنه.
(2)
ديوان أبي نواس 2: 83 (تحقيق فاغثر) .