الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا تَعَذَّرَ مَعْنَى الْعَهْدِ حُمِلَ عَلَى الْجِنْسِ لِيَكُونَ تَعْرِيفًا لَهُ مِثْلُ قَوْلِك فُلَانٌ يُحِبُّ الدِّينَارَ أَيْ هَذَا الْجِنْسَ إذْ لَيْسَ فِيهِ عَيْنٌ مَعْهُودَةٌ وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ.
وَضَرْبٌ آخَرُ مِنْ دَلَائِلِ الْعُمُومِ إذَا اتَّصَلَ بِهَا وَصْفٌ عَامٌّ مِثْلُ قَوْلِ الرَّجُلِ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ أَحَدًا إلَّا رَجُلًا كُوفِيًّا وَلَا أَتَزَوَّجُ امْرَأَةً إلَّا امْرَأَةً كُوفِيَّةً
ــ
[كشف الأسرار]
لَا يُمْكِنُ صَرْفُ الْقُوَّةِ الثَّانِيَةِ إلَى غَيْرِ الْأُولَى فَتَرْكُ هَذَا الْأَصْلِ لِلتَّعَذُّرِ. فَأَمَّا الضَّعْفُ الثَّانِي فَهُوَ غَيْرُ الْأَوَّلِ لِإِمْكَانِ صَرْفِ كُلِّ وَاحِدٍ إلَى ضَعْفٍ؛ لِأَنَّ الْمُفَسِّرِينَ قَالُوا الضَّعْفُ الْأَوَّلُ النُّطْفَةُ وَالضَّعْفُ الثَّانِي ضَعْفُ الطُّفُولَةِ وَمَعْنَاهُ خَلَقَكُمْ مِنْ مَاءٍ ذِي ضَعْفٍ وَعَنَى بِضَعْفِهِ قِلَّتَهُ أَوْ حَقَارَتَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى. {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [المرسلات: 20] . ثُمَّ جَعَلَ وَمِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ أَيْ ضَعْفِ الطُّفُولَةِ قُوَّةً أَيْ قُوَّةَ الشَّبَابِ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِهِ قُوَّةَ الشَّبَابِ ضَعْفًا وَشَيْبَةً أَيْ عِنْدَ الْكِبَرِ.
قَوْلُهُ (وَإِذَا تَعَذَّرَ) مُتَّصِلٌ بِأَوَّلِ كَلَامٍ يَعْنِي لَامَ الْمَعْرِفَةِ لِلْعَهْدِ وَإِذَا تَعَذَّرَ مَعْنَى الْعَهْدِ حُمِلَ عَلَى الْجِنْسِ مَجَازًا وَفِي الْجِنْسِ مَعْنَى الْعُمُومِ عَلَى مَا مَرَّ غَيْرَ مَرَّةٍ.
وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقَ اللَّامُ فِيهِ لِتَعْرِيفِ الْجِنْسِ إذْ لَيْسَ يُمْكِنُ صَرْفُهُ إلَى مَعْهُودِ فَيَثْبُتُ فِيهِ مَعْنَى الْعُمُومِ حَتَّى إذَا نَوَى الثَّلَاثَ يَقَعُ وَلَكِنَّهُ بِدُونِ النِّيَّةِ يَتَنَاوَلُ الْوَاحِدَ؛ لِأَنَّهَا أَدْنَى الْجِنْسِ وَهِيَ الْمُتَيَقَّنُ بِهَا.
[النَّكِرَةِ إذَا اتَّصَلَ بِهَا وَصْفٌ عَامٌّ]
قَوْلُهُ وَضَرْبٌ آخَرُ مِنْ دَلَائِلِ الْعُمُومِ وَصْفٌ عَامٌّ. وَالْمُرَادُ بِعُمُومَةِ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ بِهِ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ نَوْعِ الْمَوْصُوفِ وَلَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ كَقَوْلِهِ رَجُلٌ كُوفِيٌّ يَصِحُّ أَنْ يُوصَفَ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ كُلُّ رِجَالِ الْكُوفَةِ فَإِذَا وُصِفَتْ النَّكِرَةُ بِمِثْلِ هَذَا الْوَصْفِ تَتَعَمَّمُ ضَرُورَةَ عُمُومِ الْوَصْفِ وَإِنْ كَانَتْ فِي نَفْسِهَا خَاصَّةً كَمَا تَتَعَمَّمُ بِوُقُوعِهَا فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ وَبِكَلِمَةِ كُلٍّ. فَإِذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ أَحَدًا إلَّا رَجُلًا أَوْ لَا أَتَزَوَّجُ أَحَدًا إلَّا امْرَأَةً كَانَ الْمُسْتَثْنَى رَجُلًا وَاحِدًا وَامْرَأَةً وَاحِدَةً حَتَّى لَوْ كَلَّمَ رَجُلَيْنِ أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَتَيْنِ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَالنَّكِرَةُ فِي الْإِثْبَاتِ تَخُصُّ. وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ إلَّا رَجُلًا عَالِمًا أَوْ رَجُلًا كُوفِيًّا كَانَ لَهُ أَنْ يُكَلِّمَ كُلَّ عَالِمٍ أَوْ كُلَّ كُوفِيٍّ وَإِنْ كَانَ نَكِرَةً فِي الْإِثْبَاتِ لِعُمُومِ الْوَصْفِ وَالنَّكِرَةُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَصِيرَ عَامَّةً بِدَلِيلٍ يَقْتَرِنُ بِهَا كَمَا بَيَّنَّا فَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَمَّمَ بِاتِّصَافِهَا بِالْوَصْفِ الْعَامِّ إذْ الْوَصْفُ الْمَوْصُوفُ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْله تَعَالَى. {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: 145] .
حَيْثُ صَارَ كُلُّ دَمٍ مَسْفُوحٍ مُسْتَثْنًى وَهَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ أَنَّ النَّكِرَةَ إذَا لَمْ تَكُنْ مَوْصُوفَةً الِاسْتِثْنَاءُ بِاسْمِ الشَّخْصِ فَيَتَنَاوَلُ شَخْصًا وَاحِدًا وَإِذَا كَانَتْ مَوْصُوفَةً فَالِاسْتِثْنَاءُ بِصِفَةِ النَّوْعِ فَتَخُصُّ ذَلِكَ النَّوْعَ لِصَيْرُورَتِهِ مُسْتَثْنًى كَذَا فِي جَامِعِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ رحمه الله. .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَصْفَ مِنْ أَسْبَابِ التَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ جَمِيعًا فَإِنَّ قَوْلَك رَأَيْت رَجُلًا عَالِمًا أَخَصُّ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْلِك رَأَيْت رَجُلًا؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَنَاوَلَ وَاحِدًا مِنْ الْجُمْلَةِ إلَّا أَنَّهُ شَائِعٌ فِي كُلِّ الْجِنْسِ يَصْلُحُ لِتَنَاوُلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ إفْرَادِهِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ وَقَوْلُك رَأَيْت رَجُلًا عَالِمًا شَائِعٌ فِي بَعْضِ الْجِنْسِ وَهُمْ الْعَالِمُونَ مِنْهُمْ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ لَا فِي كُلِّهِ. وَكَذَا قَوْلُك مَا رَأَيْت رَجُلًا عَمَّ النَّفْيُ جَمِيعَ الْجِنْسِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ وَقَوْلُك مَا رَأَيْت رَجُلًا عَامًّا عَمَّ النَّفْيُ بَعْضَ الْجِنْسِ وَهُمْ الْعَالِمُونَ لَا كُلُّهُ حَتَّى لَوْ رَأَى رَجُلًا غَيْرَ عَالِمٍ لَا يَكُونُ كَاذِبًا. وَكَذَا لَوْ قَالَ لِأُكَلِّمَنَّ الْيَوْمَ رَجُلًا عَالِمًا أَوْ رَجُلًا كُوفِيًّا أَوْ قَالَ لَأَتَزَوَّجَنَّ امْرَأَةً كُوفِيَّةً يَتَعَلَّقُ الْبِرُّ بِكَلَامِ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَبِتَزَوُّجِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ لَا غَيْرُ وَكُلَّمَا ازْدَادَ وَصْفٌ فِي الْكَلَامِ ازْدَادَ تَخْصِيصٌ هَذَا هُوَ مُوجِبُ اللُّغَةِ وَمَذْهَبُ عَامَّةِ أَهْلِ الْأُصُولِ. وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا عَرَفْنَا أَنَّ هَذَا الْأَصْلَ لَا يَطَّرِدُ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ.
وَقَدْ كُنْت فِي مَجْلِسِ شَيْخِنَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[كشف الأسرار]
الْعَلَّامَةِ وَأُسْتَاذِ الْأَئِمَّةِ مَوْلَانَا حَافِظِ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ بُحْبُوحَةَ جَنَّاتِهِ وَكَانَ الْمَجْلِسُ غَاصًّا بِالْعُلَمَاءِ النَّحَارِيرِ وَالْفُضَلَاءِ الْحُذَّاقِ الْمُهْرَةِ إذْ جَرَى الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ بَعْضُ الْكِبَارِ تَعْمِيمُ النَّكِرَةِ الْمَوْصُوفَةِ مُخْتَصٌّ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ النَّفْيِ وَبِكَلِمَةٍ أَيْ دُونَ مَا عَدَاهُمَا وَتَمَسَّكَ بِنَحْوِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَسَائِلِ وَالنَّظَائِرِ فَلَمْ يُقَابِلْ بِرَدِّ مَسْمُوعٍ وَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ جَوَابًا شَافِيًا وَرَأَيْت مَكْتُوبًا عَلَى حَاشِيَةِ تَقْوِيمِ مَقْرُوءٍ عَلَى شَيْخِنَا هَذَا قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ أَنَّ هَذَا الْأَصْلَ يَخْتَلِفُ حُكْمُهُ بِاخْتِلَافِ الْمَحَالِّ فَالنَّكِرَةُ الْمَوْصُوفَةُ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ فِي مَوْضِعِ الْإِبَاحَةِ وَفِي مَوْضِعِ التَّحْرِيضِ يَتَعَمَّمُ فَأَمَّا فِي مَوْضِعِ الْجَزَاءِ وَالْخَبَرِ فَلَا يَتَعَمَّمُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى. {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] . وَكَقَوْلِك جَاءَنِي رَجُلٌ عَالِمٌ.
ثُمَّ النَّكِرَةُ الْمَوْصُوفَةُ أَنَّمَا يَتَعَمَّمُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ النَّفْيِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَوْضِعَ إثْبَاتٍ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ دَاخِلَةً فِي صَدْرِ الْكَلَامِ وَأَنَّهُ أَخْرَجَهَا بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْهُ تَقْدِيرًا وَالِاسْتِثْنَاءُ لَيْسَ بِمُسْتَقْبَلٍ بِنَفْسِهِ فَيُؤْخَذُ حُكْمُهُ مِنْ صَدْرِ الْكَلَامِ وَهُوَ مَوْضِعُ نَفْيٍ فَيَتَعَمَّمُ مَا دَخَلَ مِنْ النَّكِرَاتِ تَحْتَهُ ضَرُورَةَ وُقُوعِهَا فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ وَصَارَ فِي التَّقْدِيرِ كَأَنَّهُ قَالَ لَا أُكَلِّمُ رَجُلًا كُوفِيًّا وَلَا رَجُلًا بَصْرِيًّا وَلَا مَكِّيًّا وَلَا مَدَنِيًّا حَتَّى عَدَّ جَمِيعَ الْأَنْوَاعِ ثُمَّ قَالَ إلَّا رَجُلًا كُوفِيًّا فَلَمَّا كَانَ الْمُسْتَثْنَى وَهُوَ رَجُلٌ كُوفِيٌّ عَامًّا فِي صَدْرِ الْكَلَامِ لِكَوْنِهِ نَكِرَةً وَاقِعَةً فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ بَقِيَ كَذَلِكَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَا دَخَلَ فِي صَدْرِ الْكَلَامِ. وَالِاسْتِثْنَاءُ لَيْسَ بِمُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ فَيُؤْخَذُ حُكْمُهُ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ أَيْضًا فَيَتَعَمَّمُ. وَهَذَا مُؤَيَّدٌ بِمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رحمه الله فِي الْجَامِعِ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ كُلَّمَا حَلَفْت بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا فَهِيَ طَالِقٌ قَالَهُ مَرَّتَيْنِ طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَاحِدَةً وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُطَلِّقَ إحْدَيْهِمَا غَيْرَ عَيْنٍ وَكَانَ الْخِيَارُ إلَى الزَّوْجِ كَمَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو حَازِمٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَهِيَ كِنَايَةٌ عَنْ الْوَاحِدَةِ الْمَذْكُورَةِ سَابِقَةً فَصَارَ كَأَنَّهُ صَرَّحَ بِالْوَاحِدَةِ وَعِنْدَ التَّصْرِيحِ بِالْوَاحِدَةِ تَقَعُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى إحْدَيْهِمَا غَيْرُ عَيْنٍ فَكَذَلِكَ هَذَا إلَّا أَنَّ الْوَاحِدَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الشَّرْطِ نَكِرَةٌ فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْكَلَامِ لَا أَحْلِفُ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا وَإِنْ حَلَفْت بِذَلِكَ فَكَذَا وَالنَّكِرَةُ فِي النَّفْيِ تَعُمُّ وَالْكِنَايَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ فَهِيَ لَا تَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهَا وَلَا تُفِيدُ إذَا انْقَطَعَتْ عَنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُؤْخَذَ حُكْمُهَا مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ لِتَصِيرَ مُفِيدَةً وَلَمَّا عَمَّ الْمُكَنَّى بِوُقُوعِهِ فِي مَوْضِعِ النَّفْيِ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُؤْخَذَ حُكْمُ الْكِنَايَةِ مِنْ الْمُكَنَّى لِعَدَمِ اسْتِقْلَالِهَا صَارَتْ الْكِنَايَةُ عَامَّةً أَيْضًا فَلَمَّا كَرَّرَ فَقَدْ صَارَ حَالِفًا بِطَلَاقِهِمَا فَحَنِثَ فِي الْأُولَى وَمِنْ حُكْمِ الْيَمِينِ الْأُولَى طَلَاقُ كُلِّ امْرَأَةٍ صَارَتْ مَحْلُوفًا بِطَلَاقِهَا وَقَدْ صَارَتَا كَذَلِكَ فَلِذَلِكَ طَلَقَتَا بِخِلَافِ التَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ فَوَاحِدَةٌ مِنْكُمَا طَالِقٌ لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا وَقَدْ وَقَعَتْ فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْجَزَاءِ مَوْضِعُ إثْبَاتٍ فَتُخَصُّ فَصَارَ حَالِفًا بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَا غَيْرُ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا وَاحِدَةٌ غَيْرُ عَيْنٍ. يُوَضِّحُ جَمِيعَ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَعَمْرَةُ تَطْلُقُ عَمْرَةُ ثَلَاثًا وَلَوْ قَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَعَمْرَةُ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ عَمْرَةُ إلَّا وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ مَفْهُومُ الْمَعْنَى مُسْتَنِدٌ بِنَفْسِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَعَرُّفِ حُكْمِهِ مِمَّا سَبَقَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَعَمْرَةُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفِيدٍ بِنَفْسِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُؤْخَذَ حُكْمُهُ مِمَّا سَبَقَ وَأَمَّا عُمُومُ كَلِمَةِ أَيْ بِاعْتِبَارِ الصِّفَةِ فَسَنُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الْأَصْلَ