المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب تقسيم الراوي الذي جعل خبره حجة) - كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي - جـ ٢

[علاء الدين عبد العزيز البخاري - فخر الإسلام البزدوي]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ)

- ‌أَلْفَاظُ الْعُمُومِ قِسْمَانِ

- ‌[الْقَسْم الْأَوَّل عَامٌّ بِصِيغَتِهِ وَمَعْنَاهُ وَعَامٌّ بِمَعْنَاهُ دُونَ صِيغَتِهِ]

- ‌ مَا هُوَ فَرْدٌ وُضِعَ لِلْجَمْعِ

- ‌[أَنْوَاع الْعَامُّ بِمَعْنَاهُ دُونَ صِيغَتِهِ]

- ‌ كَلِمَةُ كُلٍّ

- ‌[كَلِمَةُ الْجَمِيعِ]

- ‌كَلِمَةُ مَا

- ‌ كَلِمَةُ الَّذِي

- ‌ النَّكِرَةُ إذَا اتَّصَلَ بِهَا دَلِيلُ الْعُمُومِ

- ‌[الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْعَامِّ مَعْنًى لَا صِيغَةً]

- ‌ لَامُ التَّعْرِيفِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ التَّعْرِيفَ بِعَيْنِهِ لِمَعْنَى الْعَهْدِ

- ‌[النَّكِرَةِ إذَا اتَّصَلَ بِهَا وَصْفٌ عَامٌّ]

- ‌ كَلِمَةُ أَيُّ

- ‌ النَّكِرَةُ الْمُفْرَدَةُ فِي مَوْضِعِ إثْبَاتٍ

- ‌[بَابُ مَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الظَّاهِرُ وَالنَّصُّ وَالْمُفَسَّرُ وَالْمُحْكَمُ]

- ‌(بَابُ أَحْكَامِ الْحَقِيقَةِ) (وَالْمَجَازِ وَالصَّرِيحِ) (وَالْكِنَايَةِ)

- ‌[تعارض الْحَقِيقَة وَالْمَجَاز]

- ‌طَرِيقُ الِاسْتِعَارَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ

- ‌ الِاتِّصَالَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ مِنْ قِبَلِ حُكْمِ الشَّرْعِ يَصْلُحُ طَرِيقًا لِلِاسْتِعَارَةِ

- ‌[يُسْتَعَارَ الْأَصْلُ لِلْفَرْعِ وَالسَّبَبُ لِلْحُكْمِ]

- ‌ الِاسْتِعَارَةُ لِلْمُنَاسَبَةِ فِي الْمَعَانِي

- ‌[الْمَجَازَ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ فِي حَقِّ التَّكَلُّمِ لَا فِي حَقِّ الْحُكْمِ]

- ‌ الْعَمَلَ بِالْحَقِيقَةِ مَتَى أَمْكَنَ سَقَطَ الْمَجَازُ

- ‌إِذَا كَانَتْ الْحَقِيقَةُ مُتَعَذِّرَةٌ أَوْ مَهْجُورَةٌ صِيرَ إلَى الْمَجَازِ

- ‌قَدْ يَتَعَذَّرُ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ مَعًا إذَا كَانَ الْحُكْمُ مُمْتَنِعًا

- ‌ الْكَلَامَ إذَا كَانَتْ لَهُ حَقِيقَةٌ مُسْتَعْمَلَةٌ وَمَجَازٌ مُتَعَارَفٌ

- ‌(بَابُ جُمْلَةِ مَا يُتْرَكُ بِهِ الْحَقِيقَةُ)

- ‌دَلَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَالْعَادَةِ

- ‌ الثَّابِتُ بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ فِي نَفْسِهِ

- ‌ الثَّابِتُ بِسِيَاقِ النَّظْمِ

- ‌ الثَّابِتُ بِدَلَالَةِ مَحَلِّ الْكَلَامِ

- ‌(بَابُ حُرُوفِ) (الْمَعَانِي)

- ‌[معانى الْوَاوُ]

- ‌[معانى الْفَاءُ]

- ‌[معانى ثُمَّ]

- ‌[معانى بَلْ]

- ‌[معانى لَكِنْ]

- ‌[معانى أَوْ]

- ‌بَابُ حَتَّى) :

- ‌بَابُ حُرُوفِ الْجَرِّ)

- ‌[مَعْنَى الْبَاءُ]

- ‌[مَعْنَى عَلَى]

- ‌[مَعْنَى مِنْ]

- ‌[مَعْنَى إلَى]

- ‌[مَعْنَى فِي]

- ‌[حُرُوفِ الْقَسَمِ]

- ‌ اَيْمُ اللَّهِ

- ‌ أَسْمَاءُ الظُّرُوفِ

- ‌ حُرُوفُ الِاسْتِثْنَاءِ

- ‌ حُرُوفِ الشَّرْطِ

- ‌(بَابُ الصَّرِيحِ) (وَالْكِنَايَةِ)

- ‌بَابُ وُجُوهِ) (الْوُقُوفِ عَلَى) (أَحْكَامِ النَّظْمِ)

- ‌مَا سِيقَ الْكَلَامُ لَهُ وَأُرِيدَ بِهِ الْقَصْدُ أَوْ الْإِشَارَةُ

- ‌ دَلَالَةُ النَّصِّ

- ‌[دَلَالَة الْمُقْتَضِي]

- ‌الثَّابِتُ بِدَلَالَةِ النَّصِّ لَا يَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ

- ‌ الْحُكْمَ إذَا أُضِيفَ إلَى مُسَمًّى بِوَصْفٍ خَاصٍّ كَانَ دَلِيلًا عَلَى نَفْيِهِ عِنْدَ عَدَمِ ذَلِكَ الْوَصْفِ

- ‌ الْقِرَانَ فِي النَّظْمِ يُوجِبُ الْقِرَانَ فِي الْحُكْمِ

- ‌ الْعَامَّ يَخْتَصُّ بِسَبَبِهِ

- ‌ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ مُوجِبٌ الْعَدَمَ

- ‌ مَنْ حَمَلَ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي حَادِثَةٍ وَاحِدَةٍ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ

- ‌(بَابُ الْعَزِيمَةِ) (وَالرُّخْصَةِ)

- ‌[أَقْسَام الْعَزِيمَةُ]

- ‌[أَقْسَام الرُّخَصُ]

- ‌{بَابُ حُكْمِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِي أَضْدَادِهِمَا}

- ‌(بَابُ بَيَانِ أَسْبَابِ الشَّرَائِعِ)

- ‌سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ

- ‌سَبَبُ وُجُوبِ الصَّوْمِ

- ‌سَبَبُ وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌سَبَبُ وُجُوبِ الْعُشْرِ

- ‌[سَبَبُ وُجُوبِ الْحَجِّ]

- ‌ سَبَبُ الْخَرَاجِ

- ‌سَبَبُ وُجُوبِ الطَّهَارَةِ

- ‌سَبَبُ الْكَفَّارَاتِ

- ‌سَبَبُ الْمُعَامَلَاتِ

- ‌(بَابُ بَيَانِ أَقْسَامِ) (السُّنَّةِ)

- ‌(بَابُ الْمُتَوَاتِرِ)

- ‌(بَابُ الْمَشْهُورِ)

- ‌(بَابُ خَبَرِ الْوَاحِدِ)

- ‌(بَابُ تَقْسِيمِ الرَّاوِي الَّذِي جُعِلَ خَبَرُهُ حُجَّةً)

- ‌[الرَّاوِي الْمَعْرُوفُ]

- ‌[الرَّاوِي الْمَجْهُولُ]

- ‌بَابُ بَيَانِ شَرَائِطِ الرَّاوِي)

- ‌[بَابُ تَفْسِيرِ شُرُوطِ الرَّاوِي وَتَقْسِيمِهَا]

الفصل: ‌(باب تقسيم الراوي الذي جعل خبره حجة)

إذْ الْعَقْدُ فَضْلٌ عَلَى الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَاتِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} [النمل: 14]، وَقَالَ تَعَالَى {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146] فَصَحَّ الِابْتِلَاءُ بِالْعَقْدِ كَمَا صَحَّ بِالْعَمَلِ بِالْبَدَنِ وَلِهَذَا جَوَّزْنَا الْقَوْلَ بِالنَّسْخِ قَبْلَ الْعَمَلِ، وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْعَمَلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ حُجَّةٌ قُلْنَا: إنَّهُ مُنْقَسِمٌ وَهَذَا ‌

(بَابُ تَقْسِيمِ الرَّاوِي الَّذِي جُعِلَ خَبَرُهُ حُجَّةً)

قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ رضي الله عنه وَهُوَ ضَرْبَانِ مَعْرُوفٌ وَمَجْهُولٌ وَالْمَعْرُوفُ نَوْعَانِ مَنْ عُرِفَ بِالْفِقْهِ وَالتَّقَدُّمِ فِي الِاجْتِهَادِ وَمَنْ عُرِفَ بِالرِّوَايَةِ دُونَ الْفِقْهِ وَالْفُتْيَا وَأَمَّا الْمَجْهُولُ فَعَلَى وُجُوهٍ إمَّا أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ الثِّقَاتُ وَيَعْمَلُوا بِحَدِيثِهِ وَيَشْهَدُوا لَهُ بِصِحَّةِ حَدِيثِهِ وَيَسْكُتُوا عَنْ الطَّعْنِ فِيهِ أَوْ يُعَارِضُوهُ بِالطَّعْنِ وَالرَّدِّ أَوْ اُخْتُلِفَ فِيهِ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ حَدِيثُهُ بَيْنَ السَّلَفِ فَصَارَ قِسْمُ الْمَجْهُولِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ

ــ

[كشف الأسرار]

مِنْ حِلِّ الصَّلَاةِ مَا لَا يَثْبُتُ بِغُسْلِ عُضْوٍ وَاحِدٍ. وَيَثْبُتُ بِالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ مَا لَا يَثْبُتُ بِطَلْقَةٍ فَعَرَفْنَا أَنَّ اعْتِبَارَ الِاجْتِمَاعِ بِحَالَةِ الِانْفِرَادِ وَعَكْسَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَأَنَّهُ يَحْدُثُ لِلْخَبَرِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ مِنْ الْقُوَّةِ مَا لَا يَكُونُ لَهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ قَوْلُهُ (إذْ الْعَقْدُ) أَيْ اعْتِقَادُ الْقَلْبِ فَضْلٌ عَلَى الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ قَدْ يَكُونُ بِدُونِ عَقْدِ الْقَلْبِ كَعِلْمِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِحَقِّيَّةِ النَّبِيِّ عليه السلام مَعَ عَدَمِ اعْتِقَادِهِمْ حَقِّيَّتَهُ، وَكَعِلْمِنَا بِدَلَائِلِ الْخُصُومِ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْتَقِدَهَا وَعَلَى الْعَكْسِ، وَالْعَقْدُ قَدْ يَكُونُ بِدُونِ الْعِلْمِ أَيْضًا كَاعْتِقَادِ الْمُقَلِّدِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ جَازَ أَنْ يَكُونَ خَبَرُ الْوَاحِدِ مُوجِبًا لِلِاعْتِقَادِ الَّذِي هُوَ عَمَلُ الْقَلْبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوجِبًا لِلْعِلْمِ.

قَالَ أَبُو الْيُسْرِ: الْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ مِنْ بَابِ الْعَمَلِ فَإِنَّ الْعَمَلَ نَوْعَانِ عَمَلُ الْجَوَارِحِ وَاعْتِقَادُ الْقَلْبِ فَالْعَمَلُ بِالْجَوَارِحِ إنْ تَعَذَّرَ لَمْ يَتَعَذَّرْ الْعَمَلُ بِالْقَلْبِ اعْتِقَادًا عَلَى أَنَّا إنَّمَا عَرَفْنَا عَذَابَ الْقَبْرِ بِدَلَالَاتِ النُّصُوصِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، وَإِشَارَاتِهَا لَا بِأَخْبَارِ الْآحَادِ. وَلِهَذَا أَيْ؛ وَلِأَنَّ الِابْتِلَاءَ بِعَقْدِ الْقَلْبِ يَصِحُّ بِدُونِ عَمَلِ الْبَدَنِ جَوَّزْنَا النَّسْخَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْعَمَلِ لِحُصُولِ الْفَائِدَةِ، وَهُوَ الِابْتِلَاءُ لِعَقْدِ الْقَلْبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ تَقْسِيمِ الرَّاوِي الَّذِي جُعِلَ خَبَرُهُ حُجَّةً]

[الرَّاوِي الْمَعْرُوفُ]

(بَابُ تَقْسِيمِ الرَّاوِي الَّذِي جُعِلَ خَبَرُهُ حُجَّةً) :

وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ حُجَّةٌ فَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ خَبَرٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْقَبُولِ التَّصْدِيقُ، وَلَا بِالرَّدِّ التَّكْذِيبُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْنَا قَبُولُ قَوْلِ الْعَدْلِ، وَرُبَّمَا يَكُونُ كَاذِبًا أَوْ غَالِطًا، وَلَا يَجُوزُ قَبُولُ قَوْلِ الْفَاسِقِ، وَرُبَّمَا يَكُونُ صَادِقًا بَلْ الْمَقْبُولُ مَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ وَالْمَرْدُودُ مَا لَا تَكْلِيفَ عَلَيْنَا فِي الْعَمَلِ بِهِ ثُمَّ لِلْقَبُولِ شَرَائِطُ بَعْضُهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَبَعْضُهَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهَذَا الْبَابُ لِبَيَانِ بَعْضِ شَرَائِطِهِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الرَّاوِي مَعْرُوفًا بِالرِّوَايَةِ وَالْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ وَالْفَقَاهَةِ لِقَبُولِ خَبَرِهِ مُطْلَقًا، مُوَافِقًا لِلْقِيَاسِ أَوْ مُخَالِفًا وَلَيْسَتْ الْفَقَاهَةُ فِيهِ شَرْطًا عِنْدَ الْبَعْضِ.

أَمَّا الْمَعْرُوفُونَ يَعْنِي بِالْفِقْهِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ مِثْلِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَوْلُهُ (وَحَدِيثُهُمْ حُجَّةٌ إنْ وَافَقَ الْقِيَاسَ أَوْ خَالَفَهُ) وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَأَئِمَّةِ الْحَدِيثِ فَإِنْ وَافَقَهُ تَأَيَّدَ بِهِ أَيْ قَوِيَ الْحَدِيثُ بِالْقِيَاسِ يَعْنِي يَكُونُ التَّمَسُّكُ بِالْحَدِيثِ لَا بِالْقِيَاسِ بَلْ يَكُونُ الْقِيَاسُ مُؤَيِّدًا لَهُ وَقَالَ مَالِكٌ رحمه الله فِيمَا يُحْكَى عَنْهُ: بَلْ الْقِيَاسُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَدِيثِ أَرَادَ أَنَّهُ لَمْ يُشْتَهَرْ هَذَا الْمَذْهَبُ عَنْهُ قَالَ صَاحِبُ الْقَوَاطِعِ وَقَدْ حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ إذَا خَالَفَ الْقِيَاسَ لَا يُقْبَلُ وَهَذَا الْقَوْلُ بَاطِلٌ سَمْجٌ مُسْتَقْبَحٌ عَظِيمٌ، وَأَنَا أُجِلُّ مَنْزِلَةَ مَالِكٍ عَنْ مِثْلِ هَذَا الْقَوْلِ وَلَا يُدْرَى ثُبُوتُهُ مِنْهُ.

وَذَكَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيُّ فِي الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الْقِيَاسَ إذَا عَارَضَهُ خَبَرُ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَتْ عِلَّةُ الْقِيَاسِ مَنْصُوصَةً بِنَصٍّ قَطْعِيٍّ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ يَنْفِي مُوجِبَهَا، وَجَبَ الْعَمَلُ بِالْقِيَاسِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ النَّصَّ عَلَى الْعِلَّةِ كَالنَّصِّ عَلَى حُكْمِهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعَارِضَهَا خَبَرُ الْوَاحِدِ.

وَإِنْ كَانَتْ مَنْصُوصَةً بِنَصٍّ ظَنِّيٍّ يَتَحَقَّقُ الْمُعَارَضَةُ وَيَكُونُ الْعَمَلُ بِالْخَبَرِ أَوْلَى مِنْ الْقِيَاسِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْحُكْمِ بِصَرِيحِهِ وَالْخَبَرُ الدَّالُّ عَلَى الْعِلَّةِ يَدُلُّ عَلَى الْحُكْمِ بِوَاسِطَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَنْبَطَةً مِنْ أَصْلٍ ظَنِّيٍّ كَانَ الْأَخْذُ بِالْخَبَرِ أَوْلَى بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ وَالِاحْتِمَالَ كُلَّمَا كَانَ أَقَلَّ كَانَ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ وَذَلِكَ فِي الْخَبَرِ، وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَنْبَطَةً مِنْ أَصْلٍ قَطْعِيٍّ وَالْخَبَرُ الْمُعَارِضُ لِلْقِيَاسِ خَبَرُ وَاحِدٍ فَهُوَ مَوْضِعُ الْخِلَافِ

ص: 377