المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَأَمَّا (عَلَى) فَإِنَّهَا وُضِعَتْ لِوُقُوعِ الشَّيْءِ عَلَى غَيْرِهِ وَارْتِفَاعِهِ وَعُلُوِّهِ - كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي - جـ ٢

[علاء الدين عبد العزيز البخاري - فخر الإسلام البزدوي]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ)

- ‌أَلْفَاظُ الْعُمُومِ قِسْمَانِ

- ‌[الْقَسْم الْأَوَّل عَامٌّ بِصِيغَتِهِ وَمَعْنَاهُ وَعَامٌّ بِمَعْنَاهُ دُونَ صِيغَتِهِ]

- ‌ مَا هُوَ فَرْدٌ وُضِعَ لِلْجَمْعِ

- ‌[أَنْوَاع الْعَامُّ بِمَعْنَاهُ دُونَ صِيغَتِهِ]

- ‌ كَلِمَةُ كُلٍّ

- ‌[كَلِمَةُ الْجَمِيعِ]

- ‌كَلِمَةُ مَا

- ‌ كَلِمَةُ الَّذِي

- ‌ النَّكِرَةُ إذَا اتَّصَلَ بِهَا دَلِيلُ الْعُمُومِ

- ‌[الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْعَامِّ مَعْنًى لَا صِيغَةً]

- ‌ لَامُ التَّعْرِيفِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ التَّعْرِيفَ بِعَيْنِهِ لِمَعْنَى الْعَهْدِ

- ‌[النَّكِرَةِ إذَا اتَّصَلَ بِهَا وَصْفٌ عَامٌّ]

- ‌ كَلِمَةُ أَيُّ

- ‌ النَّكِرَةُ الْمُفْرَدَةُ فِي مَوْضِعِ إثْبَاتٍ

- ‌[بَابُ مَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الظَّاهِرُ وَالنَّصُّ وَالْمُفَسَّرُ وَالْمُحْكَمُ]

- ‌(بَابُ أَحْكَامِ الْحَقِيقَةِ) (وَالْمَجَازِ وَالصَّرِيحِ) (وَالْكِنَايَةِ)

- ‌[تعارض الْحَقِيقَة وَالْمَجَاز]

- ‌طَرِيقُ الِاسْتِعَارَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ

- ‌ الِاتِّصَالَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ مِنْ قِبَلِ حُكْمِ الشَّرْعِ يَصْلُحُ طَرِيقًا لِلِاسْتِعَارَةِ

- ‌[يُسْتَعَارَ الْأَصْلُ لِلْفَرْعِ وَالسَّبَبُ لِلْحُكْمِ]

- ‌ الِاسْتِعَارَةُ لِلْمُنَاسَبَةِ فِي الْمَعَانِي

- ‌[الْمَجَازَ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ فِي حَقِّ التَّكَلُّمِ لَا فِي حَقِّ الْحُكْمِ]

- ‌ الْعَمَلَ بِالْحَقِيقَةِ مَتَى أَمْكَنَ سَقَطَ الْمَجَازُ

- ‌إِذَا كَانَتْ الْحَقِيقَةُ مُتَعَذِّرَةٌ أَوْ مَهْجُورَةٌ صِيرَ إلَى الْمَجَازِ

- ‌قَدْ يَتَعَذَّرُ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ مَعًا إذَا كَانَ الْحُكْمُ مُمْتَنِعًا

- ‌ الْكَلَامَ إذَا كَانَتْ لَهُ حَقِيقَةٌ مُسْتَعْمَلَةٌ وَمَجَازٌ مُتَعَارَفٌ

- ‌(بَابُ جُمْلَةِ مَا يُتْرَكُ بِهِ الْحَقِيقَةُ)

- ‌دَلَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَالْعَادَةِ

- ‌ الثَّابِتُ بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ فِي نَفْسِهِ

- ‌ الثَّابِتُ بِسِيَاقِ النَّظْمِ

- ‌ الثَّابِتُ بِدَلَالَةِ مَحَلِّ الْكَلَامِ

- ‌(بَابُ حُرُوفِ) (الْمَعَانِي)

- ‌[معانى الْوَاوُ]

- ‌[معانى الْفَاءُ]

- ‌[معانى ثُمَّ]

- ‌[معانى بَلْ]

- ‌[معانى لَكِنْ]

- ‌[معانى أَوْ]

- ‌بَابُ حَتَّى) :

- ‌بَابُ حُرُوفِ الْجَرِّ)

- ‌[مَعْنَى الْبَاءُ]

- ‌[مَعْنَى عَلَى]

- ‌[مَعْنَى مِنْ]

- ‌[مَعْنَى إلَى]

- ‌[مَعْنَى فِي]

- ‌[حُرُوفِ الْقَسَمِ]

- ‌ اَيْمُ اللَّهِ

- ‌ أَسْمَاءُ الظُّرُوفِ

- ‌ حُرُوفُ الِاسْتِثْنَاءِ

- ‌ حُرُوفِ الشَّرْطِ

- ‌(بَابُ الصَّرِيحِ) (وَالْكِنَايَةِ)

- ‌بَابُ وُجُوهِ) (الْوُقُوفِ عَلَى) (أَحْكَامِ النَّظْمِ)

- ‌مَا سِيقَ الْكَلَامُ لَهُ وَأُرِيدَ بِهِ الْقَصْدُ أَوْ الْإِشَارَةُ

- ‌ دَلَالَةُ النَّصِّ

- ‌[دَلَالَة الْمُقْتَضِي]

- ‌الثَّابِتُ بِدَلَالَةِ النَّصِّ لَا يَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ

- ‌ الْحُكْمَ إذَا أُضِيفَ إلَى مُسَمًّى بِوَصْفٍ خَاصٍّ كَانَ دَلِيلًا عَلَى نَفْيِهِ عِنْدَ عَدَمِ ذَلِكَ الْوَصْفِ

- ‌ الْقِرَانَ فِي النَّظْمِ يُوجِبُ الْقِرَانَ فِي الْحُكْمِ

- ‌ الْعَامَّ يَخْتَصُّ بِسَبَبِهِ

- ‌ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ مُوجِبٌ الْعَدَمَ

- ‌ مَنْ حَمَلَ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي حَادِثَةٍ وَاحِدَةٍ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ

- ‌(بَابُ الْعَزِيمَةِ) (وَالرُّخْصَةِ)

- ‌[أَقْسَام الْعَزِيمَةُ]

- ‌[أَقْسَام الرُّخَصُ]

- ‌{بَابُ حُكْمِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِي أَضْدَادِهِمَا}

- ‌(بَابُ بَيَانِ أَسْبَابِ الشَّرَائِعِ)

- ‌سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ

- ‌سَبَبُ وُجُوبِ الصَّوْمِ

- ‌سَبَبُ وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌سَبَبُ وُجُوبِ الْعُشْرِ

- ‌[سَبَبُ وُجُوبِ الْحَجِّ]

- ‌ سَبَبُ الْخَرَاجِ

- ‌سَبَبُ وُجُوبِ الطَّهَارَةِ

- ‌سَبَبُ الْكَفَّارَاتِ

- ‌سَبَبُ الْمُعَامَلَاتِ

- ‌(بَابُ بَيَانِ أَقْسَامِ) (السُّنَّةِ)

- ‌(بَابُ الْمُتَوَاتِرِ)

- ‌(بَابُ الْمَشْهُورِ)

- ‌(بَابُ خَبَرِ الْوَاحِدِ)

- ‌(بَابُ تَقْسِيمِ الرَّاوِي الَّذِي جُعِلَ خَبَرُهُ حُجَّةً)

- ‌[الرَّاوِي الْمَعْرُوفُ]

- ‌[الرَّاوِي الْمَجْهُولُ]

- ‌بَابُ بَيَانِ شَرَائِطِ الرَّاوِي)

- ‌[بَابُ تَفْسِيرِ شُرُوطِ الرَّاوِي وَتَقْسِيمِهَا]

الفصل: وَأَمَّا (عَلَى) فَإِنَّهَا وُضِعَتْ لِوُقُوعِ الشَّيْءِ عَلَى غَيْرِهِ وَارْتِفَاعِهِ وَعُلُوِّهِ

وَأَمَّا (عَلَى) فَإِنَّهَا وُضِعَتْ لِوُقُوعِ الشَّيْءِ عَلَى غَيْرِهِ وَارْتِفَاعِهِ وَعُلُوِّهِ فَوْقَهُ فَصَارَ هُوَ مَوْضُوعًا لِلْإِيجَابِ وَالْإِلْزَامِ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَنَّهُ دَيْنٌ إلَّا أَنْ يَصِلَ بِهِ الْوَدِيعَةَ فَإِنْ دَخَلَتْ فِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ كَانَتْ بِمَعْنَى الْبَاءِ إذَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ لِأَنَّ اللُّزُومَ يُنَاسِبُ الْإِلْصَاقَ فَاسْتُعِيرَ لَهُ وَإِذَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي الطَّلَاقِ كَانَتْ بِمَعْنَى الشَّرْطِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله حَتَّى أَنَّ مَنْ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ

ــ

[كشف الأسرار]

فَيُصَدَّقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً لِأَنَّ فِيهِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ كَذَا فِي الْجَامِعِ الْبُرْهَانِيِّ وَغَيْرِهِ.

[مَعْنَى عَلَى]

قَوْلُهُ (وَأَمَّا عَلَى) إلَى آخِرِهِ كَلِمَةُ عَلَى وُضِعَتْ لِلِاسْتِعْلَاءِ وَمِنْهُ يُقَالُ فُلَانٌ عَلَيْنَا أَمِيرٌ لِأَنَّ لِلْأَمِيرِ عُلُوًّا وَارْتِفَاعًا عَلَى غَيْرِهِ وَلِهَذَا يُخَاطَبُ بِالْمَجْلِسِ الْعَالِي وَالرَّفِيعِ وَيُقَالُ زَيْدٌ عَلَى السَّطْحِ لِتَعَلِّيهِ عَلَيْهِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ عَلَى فُلَانٍ دَيْنٌ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَسْتَعْلِي مَنْ يَلْزَمُهُ وَلِذَا يُقَالُ رَكِبَهُ دَيْنٌ. وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فَصَارَ مَوْضُوعًا لِلْإِيجَابِ وَالْإِلْزَامِ فِي قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ يَعْنِي لَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ مَوْضُوعَةً لِلِاسْتِعْلَاءِ وَالِاسْتِعْلَاءُ فِي لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا فِي الْإِيجَابِ دُونَ غَيْرِهِ كَانَتْ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ لِلْإِيجَابِ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الْوَضْعِ. أَنَّهُ دَيْنٌ أَيْ الثَّابِتُ بِهِ دَيْنٌ لَا غَيْرُ لِأَنَّ الِاسْتِعْلَاءَ فِيهِ. إلَّا أَنْ يَصِلَ بِهِ الْوَدِيعَةَ فَيَقُولُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ وَدِيعَةٍ فَحِينَئِذٍ لَا يَثْبُتُ الدَّيْنُ لِأَنَّ عَلَى يَحْتَمِلُ مَعْنَى الْوَدِيعَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِي الْوَدِيعَةِ وُجُوبَ الْحِفْظِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الدَّلَالَةِ.

وَقَوْلُهُ إنَّهُ دَيْنٌ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ وَلَوْ قِيلَ بِالْوَاوِ لَكَانَ أَحْسَنَ. وَعِبَارَةُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ أَوْضَحُ فَإِنَّهُ قَالَ وَأَمَّا عَلَى فَلِلْإِلْزَامِ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الْوَضْعِ لِأَنَّ مَعْنَى حَقِيقَةِ الْكَلِمَةِ مِنْ عُلُوِّ الشَّيْءِ عَلَى الشَّيْءِ وَارْتِفَاعِهِ فَوْقِهِ وَذَلِكَ قَضِيَّةُ الْوُجُوبِ وَاللُّزُومِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَنَّ مُطَلَّقَهُ مَحْمُولٌ عَلَى الدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَصِلَ بِكَلَامِهِ وَدِيعَةً لِأَنَّ حَقِيقَةَ اللُّزُومِ فِي الدَّيْنِ.

ثُمَّ أَنَّهَا قَدْ تُسْتَعَارُ لِلْبَاءِ لِأَنَّ اللُّزُومَ يُنَاسِبُ الْإِلْصَاقَ فَإِنَّ الشَّيْءَ إذَا لَزِمَ الشَّيْءَ كَانَ مُلْتَصِقًا بِهِ لَا مَحَالَةَ وَلِأَنَّ حُرُوفَ الْجَرِّ يَنُوبُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا يُوصِلُ الْفِعْلَ إلَى الِاسْمِ. قَالَ الْإِمَامُ عَبْدُ الْقَاهِرِ عَلَى فِي قَوْلِك مَرَرْت عَلَى زَيْدٍ أَوْصَلَ الْفِعْلَ الَّذِي هُوَ مَرَرْت إلَى الِاسْمِ الَّذِي هُوَ زَيْدٌ كَمَا يَفْعَلُ الْبَاءُ كَذَلِكَ فِي قَوْلِك مَرَرْت بِزَيْدٍ فَكَانَ بَيْنَهُمَا مُنَاسَبَةٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَتُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الشَّرْطِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْجَزَاءَ يَتَعَلَّقُ بِالشَّرْطِ فَيَكُونُ لَازِمًا عِنْدَ وُجُودِهِ فَكَانَ اسْتِعْمَالُهَا فِي الشَّرْطِ بِمَنْزِلَةِ الْحَقِيقَةِ. فَإِذَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي الْمُفَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ وَهِيَ الَّتِي تَخْلُو عَنْ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ كَالْبَيْعِ فَإِنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَالٍ. وَالْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ. وَالنِّكَاحِ فَإِنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ كَانَتْ بِمَعْنَى الْبَاءِ الَّتِي تَصْحَبُ الْأَعْوَاضَ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَمَّا تَعَذَّرَ بِحَقِيقَتِهَا تُحْمَلُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِالْمُعَاوَضَاتِ وَهُوَ الْبَاءُ لِمَا بَيْنَ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ مِنْ اللُّزُومِ وَالِاتِّصَالِ فِي الْوُجُوبِ وَلَا تُحْمَلُ عَلَى الشَّرْطِ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ لَا تَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالْخَطَرِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْقِمَارِ فَتُحْمَلُ عَلَى مَا تَحْتَمِلُهُ تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ. وَإِذَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي الطَّلَاقِ كَانَتْ بِمَعْنَى الشَّرْطِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ثَبَتَ بِطَرِيقِ الْمُقَابَلَةِ يَثْبُتُ مَعَ مُقَابِلِهِ بِطَرِيقِ الْمُقَارَنَةِ كَالْأَخِ مَعَ الْأَخِ وَالْجَارِ مَعَ الْجَارِ إذْ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ مُقَابِلًا لِشَيْءٍ قَبْلَ مُقَابَلَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ إيَّاهُ وَثُبُوتُ الْعِوَضِ مَعَ الْمُعَوَّضِ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَمَا ثَبَتَ بِطَرِيقِ الْمُعَاقَبَةِ يَكُونُ مُتَأَخِّرًا عَنْ صَاحِبِهِ وَصَاحِبُهُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ كَالْمَشْرُوطِ مَعَ الشَّرْطِ لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الشَّرْطِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ أَوَّلًا ثُمَّ يَتَعَقَّبَهُ الْمَشْرُوطُ ثُمَّ إنَّ أَجْزَاءَ الْعِوَضِ يَتَوَزَّعُ عَلَى أَجْزَاءِ الْمُعَوَّضِ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ ثُبُوتَهُمَا بِطَرِيقِ الْمُقَابَلَةِ فَيُقَابَلُ كُلُّ جُزْءٍ مِنْ الْعِوَضِ جُزْءًا مِنْ الْمُعَوَّضِ وَأَجْزَاءُ الشَّرْطِ لَا يَتَوَزَّعُ عَلَى أَجْزَاءِ الْمَشْرُوطِ بِالِاتِّفَاقِ أَيْضًا لِأَنَّ ثُبُوتَ الْمَشْرُوطِ وَالشَّرْطِ بِطَرِيقِ الْمُعَاقَبَةِ فَلَوْ ثَبَتَ الِانْقِسَامُ لَزِمَ تَقَدُّمُ جُزْءٍ مِنْ الْمَشْرُوطِ عَلَى الشَّرْطِ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ وَهَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ تَعَلَّقَتْ الطَّلْقَتَانِ بِدُخُولِ

ص: 173

وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ ثُلُثُ الْأَلْفِ كَمَا فِي قَوْلِهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله كَلِمَةُ (عَلَى) لِلُّزُومِ عَلَى مَا قُلْنَا وَلَيْسَ بَيْنَ الْوَاقِعِ وَبَيْنَ مَا لَزِمَهَا مُقَابَلَةٌ بَلْ بَيْنَهُمَا مُعَاقَبَةٌ وَذَلِكَ مَعْنَى الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ فَصَارَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ حَقِيقَةِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَقَدْ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَإِنْ دَخَلَهُ الْمَالُ فَيَصْلُحُ تَعْلِيقُهُ بِالشُّرُوطِ حَتَّى إنَّ جَانَبَ الزَّوْجَ يَمِينٌ فَيَصِيرُ هَذَا مِنْهَا طَلَبًا لِتَعْلِيقِ الْمَالِ بِشَرْطِ الثُّلُثِ

ــ

[كشف الأسرار]

الدَّارَيْنِ فَلَوْ ثَبَتَ الِانْقِسَامُ تَقَعُ تَطْلِيقَةً بِدُخُولِ إحْدَى الدَّارَيْنِ وَدُخُولُ الدَّارَيْنِ شَرْطٌ وَاحِدٌ فَيَكُونُ بَعْضُ الْمَشْرُوطِ مُتَقَدِّمًا عَلَى الشَّرْطِ وَأَنَّهُ فَاسِدٌ.

إذَا عَرَفْت هَذَا قُلْنَا إذَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي ثَلَاثًا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ يَحْتَمِلُ عَلَى الشَّرْطِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ وَكَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا. وَعِنْدَهُمَا تُحْمَلُ عَلَى الْبَاءِ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً يَجِبُ عَلَيْهَا ثُلُثُ الْأَلْفِ وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا كَمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ لِأَنَّ الطَّلَاقَ عَلَى مَالِ مُعَاوَضَةٍ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ وَلِهَذَا كَانَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ قَبْلَ كَلَامِ الزَّوْجِ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْمَالُ عَلَيْهَا عِوَضًا عَنْ الطَّلَاقِ وَكَلِمَةُ عَلَى تَحْتَمِلُ مَعْنَى الْبَاءِ أَوْ قَدْ صَدَرَتْ مِنْ جَانِبِهَا فَتُحْمَلُ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ لِاحْتِمَالِ الطَّلَاقِ إيَّاهَا وَدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَيْهَا وَصَارَ كَقَوْلِهِ احْمِلْ هَذَا الطَّعَامَ إلَى مَنْزِلِي عَلَى دِرْهَمٍ فَإِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الْبَاءِ وَكَمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَضَرَّتِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ فَطَلَّقَهَا وَحْدَهَا لَزِمَهَا بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهَا مِنْ الْأَلْفِ كَمَا لَوْ قَالَتْ بِأَلْفٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله كَلِمَةُ عَلَى لِلُّزُومِ كَمَا بَيَّنَّا وَلَيْسَ بَيْنَ الْوَاقِعِ وَهُوَ الطَّلَاقُ وَبَيْنَ مَا لَزِمَهَا وَهُوَ الْأَلْفُ مُقَابَلَةٌ لِيَنْعَقِدَ مُعَاوَضَةً فَتُحْمَلُ عَلَى الْبَاءِ بَلْ بَيْنَهُمَا مُعَاقَبَةٌ لِأَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ أَوَّلًا ثُمَّ يَجِبُ الْمَالُ أَوْ يَجِبُ الْمَالُ ثُمَّ يَقَعُ الطَّلَاقُ. وَذَلِكَ أَيْ التَّعَاقُبُ مَعْنَى الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ لَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ فَصَارَ مَعْنَى الشَّرْطِ بِمَنْزِلَةِ حَقِيقَةِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ لِلُّزُومِ وَبَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ مُلَازَمَةٌ فَكَانَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَى التَّحْقِيقِ أَوْلَى مِنْ الْحَمْلِ عَلَى الْبَاءِ. وَقَدْ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِهِ أَيْ بِمَعْنَى الشَّرْطِ هَاهُنَا.

لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَإِنْ دَخَلَهُ الْمَالُ وَالْمَالُ غَيْرُ قَابِلٍ لِلتَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ يَصْلُحُ تَعْلِيقُهُ بِالشُّرُوطِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ صَحَّ وَلَمْ يَمْنَعْ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ عَنْ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ. وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ فَيَصْلُحُ زَائِدَةٌ وَقَعَتْ غَيْرَ مَوْقِعِهَا لِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي خَبَرَانِ. حَتَّى إنْ جَانَبَ الزَّوْجَ يَمِينٌ يَعْنِي لَوْ ابْتَدَأَ الزَّوْجُ فَقَالَ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْيَمِينِ حَتَّى لَا يُمْكِنَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ كَلَامِ الْمَرْأَةِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى مَجْلِسِ الزَّوْجِ وَلَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا بِأَنْ قُدِّرَ مَعْنَى التَّعْلِيقِ فِيهِ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ الْتَزَمْت أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَعَرَفْنَا أَنَّ دُخُولَ الْمَالِ فِي الطَّلَاقِ لَا يَمْنَعُ مَعْنَى التَّعْلِيقِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يُجْعَلُ قَوْلُهَا طَلِّقْنِي ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ تَعْلِيقًا لِوُجُوبِ الْمَالِ بِإِيقَاعِ الثَّلَاثِ كَأَنَّهَا قَالَتْ إنْ طَلَّقْتنِي ثَلَاثًا فَلَكَ أَلْفٌ وَطَلَبًا مِنْ الزَّوْجِ إيجَادَ هَذَا الشَّرْطِ وَهُوَ الثَّلَاثُ. فَإِذَا خَالَفَ أَيْ الزَّوْجُ أَمْرَهَا لَمْ يَجِبْ الْمَالُ كُلُّهُ لِعَدَمِ الشَّرْطِ وَهُوَ الثَّلَاثُ وَلَا بَعْضُهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ انْقِسَامِ الْمَشْرُوطِ عَلَى أَجْزَاءِ الشَّرْطِ هَذَا تَقْرِيرُ مَا فِي الْكِتَابِ عَلَى وَجْهِ التَّقْرِيبِ. وَفِي لَفْظِ الشَّيْخِ نَوْعُ اشْتِبَاهٍ فَإِنَّهُ قَالَ فَيَصِيرُ هَذَا أَيْ قَوْلُهَا طَلِّقْنِي ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ مِنْهَا طَلَبًا لِتَعْلِيقِ الْمَالِ بِشَرْطِ الثَّلَاثِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ تَعْلِيقُ الِالْتِزَامِ بِالطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ مِنْهَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَالْغَرَضِ فَإِنَّ مَقْصُودَهَا تَحْصِيلُ الثَّلَاثِ بِالْمَالِ فَصَارَ كَأَنَّهَا قَالَتْ إنْ طَلَّقْتنِي ثَلَاثًا فَلَكَ أَلْفٌ. فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فَيَصِيرُ هَذَا تَعْلِيقًا لِلُّزُومِ الْمَالِ بِالثَّلَاثِ.

وَلَا مُطَابِقَةَ أَيْضًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَإِنْ دَخَلَهُ الْمَالُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشُّرُوطِ. وَفِي التَّحْقِيقِ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِ هَذَا الْكَلَامِ لِأَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ لَيْسَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ الدَّاخِلِ فِيهِ الْمَالِ بِشَرْطٍ بِوَجْهٍ بَلْ هُوَ تَعْلِيقُ الْتِزَامِ الْمَالِ بِالثَّلَاثِ

ص: 174

فَإِذَا خَالَفَ لَمْ يَجِبْ وَفِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ يَسْتَحِيلُ مَعْنَى الشَّرْطِ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِمَجَازِهِ

ــ

[كشف الأسرار]

وَطَلَبُ إيجَادِ الشَّرْطِ مِنْ الزَّوْجِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ وَقَدْ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِهِ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْتِزَامِ الْمَالِ مِنْ الْمَرْأَةِ بِشَرْطِ الطَّلَاقِ يَصِحُّ لِتَأْدِيَتِهِ إلَى مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ فِي الْآخِرَةِ فَيَصِيرُ هَذَا مِنْهَا تَعْلِيقًا لِلْمَالِ بِشَرْطِ الثَّلَاثِ فِي ضِمْنِ الطَّلَبِ فَإِذَا خَالَفَ لَمْ يَجِبْ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّ عَلَى بِمَعْنَى الشَّرْطِ لِأَنَّ أَصْلَهَا اللُّزُومُ فَاسْتُعِيرَتْ لِلشَّرْطِ لِأَنَّهُ يُلَازِمُ الْجَزَاءَ فَصَارَتْ طَالِبَةً لِلثَّلَاثِ بِأَلْفٍ بِكَلِمَةٍ هِيَ لِلشَّرْطِ وَصَارَ بِحُكْمِ الِاتِّحَادِ دُخُولُهَا عَلَى الْمَالِ مِثْلَ دُخُولِهَا عَلَى الطَّلَاقِ بِأَنْ قَالَتْ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي ثَلَاثًا وَهُنَاكَ لَا يَجِبُ شَيْءٌ إلَّا بِإِيقَاعِ الثَّلَاثِ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا. وَذَكَرَ فِي الْأَسْرَارِ أَنَّ حَقِيقَةَ كَلِمَةِ عَلَى لِإِثْبَاتِ الْجَزَاءِ إذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْجَوَابِ لَا لِإِثْبَاتِ الْعِوَضِ كَقَوْلِك أَكْرِمْنِي عَلَى أَنْ أُكْرِمَك مَعْنَاهُ إنْ أَكْرَمْتنِي أُكْرِمْك فَإِذَا دَخَلَتْ عَلَى الْإِيجَابَاتِ أَوْ الْعِدَّاتِ لَا تَقْتَضِي مُقَابَلَةً فَلَا يَجِبُ الْمَالُ بِهِ وُجُوبُ الْأَعْوَاضِ بَلْ يَجِبُ بِهِ وُجُوبُ الْأَجْزِئَةِ مَعَ الشُّرُوطِ لِأَنَّ الْكَلِمَةَ لِلشَّرْطِ بِمَنْزِلَةِ الْحَقِيقَةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ اقْتَضَى تَعَلُّقَ وُجُوبِ الْمَالِ بِالطَّلَاقِ عَلَى سَبِيلِ الْمُعَاقَبَةِ كَمَا لَوْ قَالَتْ إنْ طَلَّقْتنِي فَلَكَ أَلْفٌ لَا عَلَى سَبِيلِ الْمُقَابَلَةِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَتَوَزَّعْ.

بِخِلَافِ الْبَاءِ فَإِنَّهَا لِلْمُقَابَلَةِ فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ الْمُقَابَلَةَ بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُبَدَّلَ وَهُوَ الطَّلَاقُ لَيْسَ بِصَالِحٍ لَكِنْ يُثْبِتُ التَّوْزِيعَ كَيْ لَا يَبْطُلَ الْعَمَلُ بِهِ أَصْلًا. وَإِنَّمَا حَمَلْنَاهَا عَلَى الْمُقَابَلَةِ فِي مَسْأَلَةِ طَلَاقِ الضَّرَّةِ مَعَهَا عَلَى أَلْفٍ لِأَنَّا إنْ حَمَلْنَاهَا عَلَى الْجَزَاءِ وَالْمُعَاقَبَةِ كَانَ الْبَدَلُ كُلُّهُ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ قَالَتْ إنْ طَلَّقْتنَا فَلَكَ أَلْفٌ وَإِنْ حَمَلْنَاهَا عَلَى الْمُقَابَلَةِ وَجَبَ بَعْضُ الْبَدَلِ عَلَيْهَا إذَا قُبِلَتْ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهَا إلَّا النِّصْفُ فَدَلَّ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهَا عَلَى إرَادَةِ الْمُقَابَلَةِ لِتَسْتَفِيدَ بِهَذَا الطَّلَبِ نُقْصَانَ الْبَدَلِ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهَا فِي طَلَاقِ الضَّرَّةِ بَعْدَ طَلَاقِهَا فَأَمَّا هَاهُنَا فَالْفَائِدَةُ لَهَا أَكْثَرُ فِي أَنْ يَجْعَلَ الْأَلْفَ جَزَاءً حَتَّى لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ بِبَعْضِ الطَّلَاقِ. وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله مَا ذُكِرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا وَادَعَ أَهْلَ الْحَرْبِ سَنَةً عَلَى أَلْفِ دِينَارٍ جَازَتْ الْمُوَادَعَةُ. فَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فِي إبْطَالِهَا رَدَّ الْمَالَ إلَيْهِمْ ثُمَّ نَبَذَ إلَيْهِمْ وَقَاتَلَهُمْ. وَإِنْ كَانَ مَضَى نِصْفُ السَّنَةِ فَفِي الْقِيَاسِ يَرُدُّ نِصْفَ الْمَالِ وَيُمْسِكُ النِّصْفَ لِلْمُسْلِمِينَ اعْتِبَارًا بِالْإِجَارَةِ بِعِوَضٍ مَعْلُومٍ.

وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَرُدُّ الْكُلَّ لِأَنَّهُمْ الْتَزَمُوا الْمَالَ بِشَرْطِ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُمْ الْمُوَادَعَةَ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ وَالْجَزَاءُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِاعْتِبَارِ الشَّرْطِ جُمْلَةً وَلَا يَتَوَزَّعُ عَلَى أَجْزَائِهِ وَكَلِمَةُ عَلَى لِلشَّرْطِ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْمُوَادَعَةُ فِي الْأَصْلِ لَيْسَتْ مِنْ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ فَجَعَلْنَا هَذِهِ الْكَلِمَةَ عَامِلَةً فِيهَا بِحَقِيقَتِهَا فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمَ لَهُمْ الْمُوَادَعَةَ سَنَةً كَامِلَةً وَجَبَ رَدُّ الْمَالِ كُلِّهِ عَلَيْهِمْ. وَإِنْ كَانَ وَادَعَهُمْ ثَلَاثَ سِنِينَ كُلَّ سَنَةٍ بِأَلْفِ دِينَارٍ وَقَبَضَ الْمَالَ كُلَّهُ ثُمَّ أَرَادَ الْإِمَامُ نَقْضَ الْمُوَادَعَةِ بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ الْأَلْفَيْنِ لِأَنَّ الْمُوَادَعَةَ كَانَتْ هَاهُنَا بِحَرْفِ الْبَاءِ وَهِيَ تَصْحَبُ الْأَعْوَاضَ فَيَنْقَسِمُ الْعِوَضُ عَلَى الْمُعَوَّضِ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ وَفِي الْمُعَاوَضَاتِ الْمَحْضَةِ يَسْتَحِيلُ مَعْنَى الشَّرْطِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْلِيقِ التَّمْلِيكِ بِالْخَطَرِ وَهُوَ فَاسِدٌ بِخِلَافِ تَعْلِيقِ الْمَالِ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّ الْمَالَ وَجَبَ فِي ضِمْنِ مَا يَصِحُّ فِيهِ التَّعْلِيقُ وَمَا ثَبَتَ فِي ضِمْنِ شَيْءٍ لَا يُعْطِي لَهَا حُكْمَ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا يُعْطِي لَهُ حُكْمَ الْمُتَضَمَّنِ كَذَا قِيلَ. فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِمَجَازِهِ

ص: 175