الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُمَا إلَّا يَوْمًا أَقْرَبُكُمَا فِيهِ إنَّ الْمُسْتَثْنَى فِي هَذَا كُلِّهِ يَكُونُ عَامًّا لِعُمُومِ وَصْفِهِ وَالنَّكِرَةُ تَحْتَمِلُ ذَلِكَ.
وَمِنْ هَذَا الضَّرْبِ
كَلِمَةُ أَيُّ
وَهِيَ نَكِرَةٌ يُرَادُ بِهَا جُزْءٌ مِمَّا تُضَافُ إلَيْهِ عَلَى هَذَا إجْمَاعُ أَهْلِ اللُّغَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} [النمل: 38] وَلَمْ يَقُلْ يَأْتُونَنِي وَيُقَالُ أَيُّ الرَّجُلِ أَتَاك
ــ
[كشف الأسرار]
مُسَلَّمٌ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ دُونَ الْبَعْضِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَعَانِي.
قَوْلُهُ (وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُمَا) إذَا قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُمَا إلَّا يَوْمًا أَقْرَبُكُمَا فِيهِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا بِهَذَا الْكَلَامِ أَبَدًا؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ يَوْمَ الِاسْتِثْنَاءِ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ فَأَوْجَبَ الْعُمُومَ فَيُمْكِنُهُ أَبَدًا أَنْ يَقْرَبَهُمَا فِي كُلِّ يَوْمٍ يَأْتِي فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَعُدِمَتْ عَلَامَةُ الْإِيلَاءِ فَإِنْ قَرَبَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ حَنِثَ. فَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُمَا إلَّا يَوْمًا لَمْ يَصِرْ مُولِيًا لِجَوَازِ أَنْ يَقْرَبَهُمَا جَمِيعًا مِنْ غَيْرِ حِنْثٍ يَلْزَمُهُ فَإِذَا قَرِبَهُمَا فِي يَوْمٍ صَارَ مُولِيًا مِنْهُمَا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لِذَهَابِ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى يَوْمٌ وَاحِدٌ.
[كَلِمَةُ أَيُّ]
قَوْلُهُ (وَمِنْ هَذَا الضَّرْبِ) أَيْ مِنْ الْقِسْمِ الْآخَرِ وَهُوَ النَّكِرَةُ الَّتِي عَمَّتْ بِالْوَصْفِ الْعَامِّ كَلِمَةُ أَيٍّ. أَوْ مِنْ جِنْسِ النَّكِرَةِ الَّتِي تَعُمُّ بِدَلِيلِ الْعُمُومِ كَلِمَةُ أَيٍّ فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ هَذَا إشَارَةً إلَى قَوْلِهِ وَقِسْمٌ آخَرُ النَّكِرَةُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَيًّا مَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ مَدْلُولُهُ بَعْضًا مِنْ الْكُلِّ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَلِذَلِكَ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُضَافًا أَبَدًا وَأَنْ لَا يَجُوزَ إضَافَتُهُ إلَى الْوَاحِدِ الْمُعَرَّفِ فَلَا يُقَالُ أَيُّ الرِّجَالِ إلَّا إذَا كَانَ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ أَيُّ التَّمْرِ أَكَلْت أَفْضَلُ وَإِنَّمَا يَجُوزُ إضَافَتُهُ إلَى الْوَاحِدِ الْمُنَكَّرِ عَلَى تَأْوِيلِ الْجَمْعِ أَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَك أَيُّ رَجُلٍ مَعْنَاهُ أَيُّ الرَّجُلِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا التَّأْوِيلُ لَمْ يَجُزْ إضَافَةُ أَيٍّ إلَيْهِ أَيْضًا كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْمُفَضَّلِ الْمُصَنَّفَةِ وَذَكَرَ فِي الصِّحَاحِ أَيُّ اسْمٌ مُعْرَبٌ يُسْتَفْهَمُ بِهِ وَيُجَازَى فِيمَنْ يَعْقِلُ وَفِيمَنْ لَا يَعْقِلُ وَهُوَ مَعْرِفَةٌ لِلْإِضَافَةِ. وَإِذَا كَانَتْ دَلَالَتُهُ عَلَى جُزْءٍ مِنْ الْكُلِّ كَانَ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ لِلْخُصُوصِ وَلِذَلِكَ إذَا قِيلَ أَيُّ الرِّجَالِ عِنْدَك وَأَيُّ رَجُلٍ عِنْدَك لَمْ يَسْتَقِمْ الْجَوَابُ إلَّا بِذِكْرِ وَاحِدٍ بِأَنْ يَقُولَ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو كَذَا رَأَيْت فِي بَعْضِ نُسَخِ أُصُولِ الْفِقْهِ.
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لِلْخُصُوصِ قَوْله تَعَالَى إخْبَارًا عَنْ سُلَيْمَانَ. {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} [النمل: 38] . فَإِنَّ الْمُرَادَ الْفَرْدُ مِنْ الْمُخَاطَبِينَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ يَأْتِينِي وَلَمْ يَقُلْ يَأْتُونَنِي وَكَذَا يُقَالُ أَيُّ الرِّجَالِ أَتَاك بِصِيغَةِ الْفَرْدِ وَلَا بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فِي الِاسْتِفْهَامِ وَالشَّرْطِ جَمِيعًا. وَهَذَا إذَا كَانَ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ أَيُّ مَعْرِفَةٍ فَإِنْ أُضِيفَ إلَى نَكِرَةٍ فَالْفِعْلُ الْمُسْنَدُ إلَيْهِ وَالْجَزَاءُ عَلَى وَفْقِ الْمُضَافِ إلَيْهِ تَقُلْ أَيُّ رَجُلٍ قَامَ وَأَيُّ رَجُلَيْنِ قَامَا وَأَيُّ رِجَالٍ قَامُوا وَتَقُولُ أَيُّ عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِي دَخَلَ الدَّارَ فَهُوَ حُرٌّ وَأَيُّ عَبْدَيْنِ مِنْ عَبِيدِي دَخَلَا الدَّارَ فَهُمَا حُرَّانِ وَأَيُّ عَبِيدٍ مِنْ عَبِيدِي دَخَلُوا الدَّارَ فَهُمْ أَحْرَارٌ وَلَا يَجُوزُ أَيٌّ مِنْ عَبْدَيْنِ مِنْ عَبِيدِي وَأَيُّ عَبِيدٍ مِنْ عَبِيدِي دَخَلَ الدَّارَ فَهُوَ حُرٌّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ أَيٍّ وُضِعَتْ لِلِاسْتِفْهَامِ فِي الْأَصْلِ فَإِذَا كَانَ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ مَعْرِفَةً كَانَ الِاسْتِفْهَامُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ لَا يَتَعَدَّى عَنْ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ، وَالْمَانِعُ مِنْ انْصِرَافِهِ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ مَوْجُودٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَكَلِّمَ أَقَرَّ بِكَوْنِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَعْلُومًا لَهُ فَيَنْصَرِفُ الِاسْتِفْهَامُ إلَى الْمُضَافِ لَا مَحَالَةَ وَهُوَ أَيْ وَدَلَالَتُهُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْجُمْلَةِ الَّتِي أُضِيفَ إلَيْهَا فَيَكُونُ الْفِعْلُ الْمُسْنَدُ إلَى ضَمِيرِهِ عَلَى صِيغَةِ الْفَرْدِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي مُنِعَ مِنْ إضَافَتِهِ إلَى الْمُفْرَدِ فِي الْمَعْرِفَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ الِاسْتِفْهَامُ إذَا كَانَ هُنَاكَ جُمْلَةٌ لَهَا وَاحِدٌ وَهِيَ الْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعُ.
وَإِذَا كَانَ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ أَيُّ نَكِرَةً فَالِاسْتِفْهَامُ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ هَهُنَا مِنْ الِانْصِرَافِ إلَى الْكُلِّ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ جَوَابَ الِاسْتِفْهَامِ وَهَذَا؛ لِأَنَّ أَيًّا هَهُنَا يَقَعُ فِي الْحَقِيقَةِ صِفَةً لِلْمُضَافِ إلَيْهِ فَيَنْصَرِفُ الِاسْتِفْهَامُ إلَى كُلِّهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَعْرِفَةً فَإِنَّ أَيًّا لَا يَكُونُ فِي مَعْنَى الصِّفَةِ ضَرُورَةً
وَقَالَ مُحَمَّدٌ رحمه الله أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبَك فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبُوهُ فَإِنَّهُمْ يَعْتِقُونَ وَلَمْ يَقُلْ ضَرَبُوك فَثَبَتَ أَنَّهَا كَلِمَةُ فَرْدٍ لَكِنَّهَا مَتَى وُصِفَتْ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ عَمَّتْ بِعُمُومِهَا كَسَائِرِ النَّكِرَاتِ فِي مَوْضِعِ الْإِثْبَاتِ وَإِذَا قَالَ أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبَك فَقَدْ وَصَفَهَا بِالضَّرْبِ وَصَارَتْ عَامَّةً وَإِذَا قَالَ أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبْته فَقَدْ انْقَطَعَ الْوَصْفُ عَنْهَا فَلَمْ يَعْتِقْ إلَّا وَاحِدٌ
ــ
[كشف الأسرار]
إنَّ أَيًّا نَكِرَةٌ وَالْمُضَافَ إلَيْهِ مَعْرِفَةٌ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ الْمُسْنَدُ إلَيْهِ الْفِعْلُ مُوَافِقًا لِلْمُضَافِ إلَيْهِ فَلِهَذَا يُقَالُ أَيُّ رَجُلٍ قَامَ وَأَيُّ رَجُلَيْنِ قَامَا وَأَيُّ رِجَالٍ قَامُوا. وَمَا ذَكَرْنَا هُوَ الَّذِي جَوَّزَ إضَافَتَهُ إلَى النَّكِرَةِ الْمُفْرَدَةِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَفْهَمَ عَنْهُ كَمَا يَكُونُ غَيْرَ مُفْرَدٍ يَكُونُ أَيْضًا مُفْرَدًا إلَيْهِ أُشِيرَ فِي التَّخْمِيرِ وَغَيْرِهِ. ثُمَّ كَلِمَةُ أَيٍّ إنْ بَقِيَتْ نَكِرَةً بَعْدَ الْإِضَافَةِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ هَذَا التَّقْرِيرُ كَانَ قَوْلُ الشَّيْخِ هِيَ نَكِرَةٌ مُجْرًى عَلَى إطْلَاقِهِ وَحَقِيقَتَهُ وَإِنْ صَارَتْ مُعَرَّفَةً بِالْإِضَافَةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ عَامَّةِ أَهْلِ النَّحْوِ وَكَمَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الصِّحَاحِ، وَلِهَذَا يَصْلُحُ مُبْتَدَأً وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعْرِفَةً، كَانَ قَوْلُهُ وَهِيَ نَكِرَةٌ مَحْمُولًا عَلَى الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ تَعَرَّفَتْ صُورَةً بَقِيَتْ الْجَهَالَةُ فِيهَا مَعْنًى؛ لِأَنَّهَا تَصْلُحُ لِتَنَاوُلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ عَلَى الْبَدَلِ، وَلِهَذَا صَحَّ الِاسْتِفْهَامُ بِهَا بَعْدَ الْإِضَافَةِ إلَى الْمَعْرِفَةِ فَكَانَتْ نَكِرَةً مَعْنًى. يُوَضِّحُهُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي الْإِمَامُ فِي التَّقْوِيمِ وَأَمَّا كَلِمَةُ أَيٍّ فَبِمَنْزِلَةِ النَّكِرَةِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهَا تَصْحَبُ النَّكِرَةَ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى لِاسْتِحْضَارِهَا تَقُولُ أَيُّ رَجُلٍ فَعَلَ كَذَا وَأَيُّ دَارٍ تُرِيدُهَا وَالنَّكِرَةُ مَعْنًى قَوْله تَعَالَى. {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} [النمل: 38] .
وَهِيَ نَكِرَةٌ مَعْنًى يَعْنِي أَيُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ. وَكَذَا قَوْلُهُ يُرَادُ بِهَا جَزْءُ مَا تُضَافُ إلَيْهِ مُجْرًى عَلَى ظَاهِرِهِ إنْ كَانَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَعْرِفَةً فَأَمَّا الْمُضَافُ إلَيْهِ إذَا كَانَ نَكِرَةً فَلَا بُدَّ لَهُ مَنْ تَأْوِيلٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا " ح " كُلُّ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا أَنَّ الِاسْتِفْهَامَ عَنْ الْكُلِّ لَا عَنْ الْجُزْءِ. وَتَأْوِيلُهُ أَنَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ إذَا كَانَ نَكِرَةً لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ جُزْءًا مِنْ جُمْلَةٍ فَكَانَ أَيْ مَعَ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ جُزْءًا مِنْ تِلْكَ الْجُمْلَةِ.
وَبَيَانُهُ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ فِي قَوْلِهِ أَيُّ رِجَالٍ قَامُوا قَدَّرَ فِي نَفْسِهِ أَعْدَادًا مِمَّا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ رِجَالٍ وَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَعْدَادِ مَوْصُوفٌ بِالْقِيَامِ فَاسْتَفْهَمَ عَنْ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا التَّقْدِيرُ لَمَا صَحَّ الِاسْتِفْهَامُ فَكَانَ تَقْدِيرُهُ أَيُّ رَجُلٍ مِنْ الرِّجَالِ قَامُوا فَصَارَ فِي التَّحْقِيقِ مُضَافًا إلَى الرِّجَالِ بِوَاسِطَةِ رِجَالٍ فَكَانَ الْمُرَادُ بِهِ جُزْءًا مِنْ تِلْكَ الْجُمْلَةِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ الْجُزْءَ جَمْعٌ لَا فَرْدٌ.
قَوْلُهُ (أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبَك) إلَى آخِرِهِ. كَلِمَةُ أَيٍّ إذَا وَقَعَتْ فِي مَوْضِعِ الشَّرْطِ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَتَعَقَّبَ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ فِعْلٌ كَمَا فِي كُلٍّ؛ لِأَنَّهَا لِلُزُومِ إضَافَتِهَا لَا تَدْخُلُ إلَّا عَلَى الِاسْمِ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ شَرْطًا فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَلِيَهُ فِعْلٌ يَكُونُ هُوَ شَرْطًا فِي الْحَقِيقَةِ ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ مُسْنَدًا إلَى خَاصٍّ لَا يَصْلُحُ وَصْفًا لِأَيٍّ عُرِفَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْخُصُوصُ فَلَا يَتَنَاوَلُ إلَّا وَاحِدًا.
وَإِنْ كَانَ مُسْنَدًا إلَى ضَمِيرٍ رَاجِعٍ إلَى أَيٍّ حَتَّى صَلَحَ وَصْفًا لَهُ يَعُمُّ بِعُمُومِ تِلْكَ الصِّفَةِ فَفِي قَوْلِهِ أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبَك فَهُوَ حُرٌّ الْفِعْلُ مُسْنَدٌ إلَى الضَّمِيرِ الرَّاجِعِ إلَى أَيٍّ فَيَصِيرُ وَصْفًا لَهُ فَيَعُمُّ بِعُمُومِهِ كَمَا يَعُمُّ فِي قَوْلِهِ إلَّا رَجُلًا كُوفِيًّا وَقَوْلُهُ مَنْ شَاءَ مِنْ عَبِيدِي فَإِنْ ضَرَبُوهُ جَمِيعًا مَعًا أَوْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ عَتَقُوا. وَإِذَا قَالَ أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبْته فَهُوَ حُرٌّ فَقَدْ أَسْنَدَ الضَّرْبَ إلَى خَاصٍّ وَهُوَ الْمُخَاطَبُ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ وَصْفًا لِأَيٍّ فَبَقِيَ عَلَى الْخُصُوصِ كَمَا كَانَ لِعَدَمِ مَا يُوجِبُ تَعْمِيمَهُ فَإِذَا ضَرَبَهُمْ عَلَى التَّرْتِيبِ عَتَقَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُزَاحِمَ لَهُ وَإِنْ ضَرَبَهُمْ جُمْلَةً عَتَقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَالْخِيَارُ إلَى الْمَوْلَى لَا إلَى الضَّارِبِ؛ لِأَنَّ نُزُولَ الْعِتْقِ مِنْ جِهَتِهِ فَكَانَ التَّعْيِينُ إلَيْهِ. وَلَا يُقَالُ قَدْ صَارَ أَيُّ مَوْصُوفًا بالمضروبية؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ الْمَنْصُوبَ يَرْجِعُ إلَيْهِ فَيَصِيرُ عَامًّا بِهَذَا الْوَصْفِ كَمَا عَمَّ الْمُسْتَثْنَى فِي قَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُمَا إلَّا يَوْمًا فِيهِ وَإِنْ كَانَ
وَعَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ أَصْحَابِنَا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ أَيُّكُمْ حَمَلَ هَذِهِ الْخَشَبَةَ فَهُوَ حُرٌّ وَهِيَ لَا يَحْمِلُهَا وَاحِدٌ فَحَمَلُوا عَتَقُوا وَإِنْ كَانَ يَحْمِلُهَا وَاحِدٌ فَحَمَلُوا كُلُّهُمْ فُرَادَى عَتَقُوا وَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَعْتِقُوا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ فِيمَا يَخِفُّ حَمْلُهُ انْفِرَادُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي الْعَادَةِ لِإِظْهَارِ الْجَلَادَةِ.
ــ
[كشف الأسرار]
مَفْعُولًا فِيهِ بِعُمُومِ وَصْفِهِ وَهُوَ الْقُرْبَانُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْقُرْبَانُ وَصْفٌ مُتَّصِلٌ بِالْيَوْمِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُحْدَثَ يَتَعَلَّقُ بِالزَّمَانِ فَيَجُوزُ أَنْ يَصِيرَ الْيَوْمُ عَامًّا بِهِ فَأَمَّا الضَّرْبُ فَقَدْ اتَّصَلَ بِالضَّارِبِ وَقَامَ بِهِ فَيَسْتَحِيلُ اتِّصَالُهُ بِالْمَضْرُوبِ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ الْوَاحِدَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَقُومَ بِشَخْصَيْنِ وَالْمُتَّصِلُ بِالْمَضْرُوبِ أَثَرُ الضَّرْبِ لَا الضَّرْبُ فَلِهَذَا لَمْ يَعُمَّ بِهِ. وَلِأَنَّ الْمَفْعُولِيَّةَ فَضْلَةٌ فِي الْكَلَامِ يَثْبُتُ ضَرُورَةَ تَعَدِّي الْفِعْلِ فَلَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي التَّعْمِيمِ؛ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِالضَّرُورَةِ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا بِخِلَافِ الْيَوْمِ الْمُسْتَثْنَى فِي قَوْلِهِ إلَّا يَوْمًا أَقْرَبُكُمَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِذَكَرِهِ وَجَعَلَهُ مَوْصُوفًا بِصِفَةٍ عَامَّةٍ قَصْدًا وَلَمَّا ذَكَرْنَا أَنَّ الْفِعْلَ الْمُحْدَثَ مَعَ الزَّمَانِ مُتَلَازِمَانِ كَذَا فِي فَوَائِدِ الشَّيْخِ الْإِمَامِ مَوْلَانَا حَمِيدِ الْمِلَّةِ وَالدِّينِ رحمه الله.
قَوْلُهُ (وَعَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى أَنَّ النَّكِرَةَ تَعُمُّ بِالْوَصْفِ الْعَامِّ وَإِنْ كَانَتْ فِي أَصْلِ الْوَضْعِ لِلْخُصُوصِ. أَوْ عَلَى أَنَّ كَلِمَةَ أَيٍّ تَعُمُّ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ وَإِنْ كَانَتْ مَوْضُوعَةً لِفَرْدٍ يُثْبِتُ مَسَائِلَ أَصْحَابِنَا. فَإِذَا قَالَ أَيُّ نَسَائِي كَلَّمْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَكَلَّمَهُنَّ طَلُقَتْ وَاحِدَةٌ وَلَوْ قَالَ أَيُّ نِسَائِي كَلَّمَتْك فَهِيَ طَالِقٌ فَكَلَّمَتْهُ جَمِيعًا طَلُقْنَ جَمِيعًا لِمَا قُلْنَا. وَكَذَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ أَيَّ عَبِيدِي شِئْت فَأَعْتَقَهُمْ جَمِيعًا لَا يَعْتِقُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَالْأَمْرُ فِي بَيَانِهِ إلَى الْمَوْلَى وَلَوْ قَالَ أَيُّكُمْ شَاءَ الْعِتْقَ فَهُوَ حُرٌّ فَشَاءُوا جَمِيعًا عَتَقُوا. وَكَذَا قَوْلُهُ أَيُّ نِسَائِي شِئْت طَلَاقَهَا فَهِيَ طَالِقٌ وَأَيُّ نِسَائِي شَاءَتْ طَلَاقَهَا عَلَى هَذَا أَيْضًا.
قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ) أَيْ كَمَا قَالُوا بِعُمُومِ أَيٍّ فِي قَوْلِهِ أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبَك قَالُوا أَيْضًا بِعُمُومٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. إذَا قَالَ لِعَبِيدِهِ أَيُّكُمْ حَمَلَ هَذِهِ الْخَشَبَةَ فَهُوَ حُرٌّ فَإِنْ حَمَلَهَا وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ عَتَقُوا جَمِيعًا بِكُلِّ حَالٍ. فَإِنْ حَمَلُوهَا جُمْلَةً فَإِنْ كَانَ يُطِيقُ حَمْلَهَا وَاحِدٌ لَمْ يَعْتِقُوا وَإِنْ كَانَ لَا يُطِيقُ حَمْلَهَا وَاحِدٌ عَتَقُوا وَإِنْ كَانُوا عَشَرَةً بَعْدَ أَنْ تَكُونَ الْخَشَبَةُ بِحَيْثُ لَا يَسْتَقِلُّ بِحَمْلِهَا الِاثْنَانِ فَصَاعِدًا لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ كَلِمَةَ أَيٍّ نَكِرَةٌ تَدُلُّ عَلَى جُزْءٍ مِمَّا تُضَافُ إلَيْهِ وَقَدْ وُصِفَتْ بِصِفَةٍ عَامَّةٍ وَهُوَ الْحَمْلُ فَتَعُمُّ إلَّا أَنَّ الْعُمُومَ هَهُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ: الِاشْتِرَاكُ وَالِانْفِرَادُ فَيَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا بِدَلَالَةِ الْحَالِ.
فَإِنْ كَانَتْ الْخَشَبَةُ يُطِيقُ حَمْلَهَا وَاحِدٌ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْعُمُومَ عَلَى وَجْهِ الِانْفِرَادِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حِينَئِذٍ مَعْرِفَةُ جَلَادَتِهِمْ وَقُوَّتِهِمْ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِحَمْلِ كُلِّ وَاحِدٍ لَا بِحَمْلِ الْجَمِيعِ جُمْلَةً. وَإِنْ كَانَ لَا يُطِيقُ حَمْلَهَا وَاحِدٌ كَانَ الْغَرَضُ صَيْرُورَةَ الْخَشَبَةِ مَحْمُولَةً إلَى مَوْضِعٍ يُرِيدُهُ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْحَمْلِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِعَانَةِ كَمَا يَحْصُلُ بِالْحَمْلِ عَلَى سَبِيلِ الِانْفِرَادِ فَيَتَعَلَّقُ الْعِتْقُ بِمُطْلَقِ الْحَمْلِ. ثُمَّ الْكَلَامُ الْعَامُّ إمَّا أَنْ يَتَنَاوَلَ الْأَدْنَى أَوْ الْكُلَّ فَأَمَّا مَا بَيْنَ ذَلِكَ فَلَا، فَإِذَا لَمْ يُطِقْ حَمْلَهَا وَاحِدٌ وَجَبَ التَّجَاوُزُ عَنْ الْوَاحِدِ فَإِذَا تَجَاوَزْنَا لَمْ يَجُزْ التَّعْلِيقُ بِشَيْءٍ دُونَ الْكُلِّ فَلِذَلِكَ قُلْنَا إذَا حَمَلُوهَا جُمْلَةً عَتَقُوا وَإِنْ كَانَ يُطِيقُ حَمْلَهَا اثْنَانِ. .
وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ اطِّرَادَ الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ قَالَ لَيْسَ عُمُومُ أَيٍّ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ بِمُجَرَّدِ الْوَصْفِ فَإِنَّ الرَّقَبَةَ فِي قَوْله تَعَالَى. {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] . وُصِفَتْ بِوَصْفٍ عَامٍّ وَلَمْ تَعُمَّ. وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ عَبِيدٌ سُودٌ وَبِيضٌ فَقَالَ أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبَك فَهُوَ حُرٌّ يَتَنَاوَلُهُمْ جَمِيعًا وَلَوْ قَالَ أَيُّ عَبْدٍ أَسْوَدُ مِنْ عَبِيدِي ضَرَبَك فَهُوَ حُرٌّ يَتَنَاوَلُ السُّودَ مِنْهُمْ دُونَ الْبِيضِ. وَلَوْ قَالَ أَيُّ عَبْدٍ أَسْوَدَ طَوِيلٍ ضَرَبَك يَتَنَاوَلُ الطِّوَالَ مِنْ السُّودِ دُونَ غَيْرِهِمْ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَيُّ عَبِيدِي ضَرَبَك