المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قد يتعذر الحقيقة والمجاز معا إذا كان الحكم ممتنعا - كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي - جـ ٢

[علاء الدين عبد العزيز البخاري - فخر الإسلام البزدوي]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ)

- ‌أَلْفَاظُ الْعُمُومِ قِسْمَانِ

- ‌[الْقَسْم الْأَوَّل عَامٌّ بِصِيغَتِهِ وَمَعْنَاهُ وَعَامٌّ بِمَعْنَاهُ دُونَ صِيغَتِهِ]

- ‌ مَا هُوَ فَرْدٌ وُضِعَ لِلْجَمْعِ

- ‌[أَنْوَاع الْعَامُّ بِمَعْنَاهُ دُونَ صِيغَتِهِ]

- ‌ كَلِمَةُ كُلٍّ

- ‌[كَلِمَةُ الْجَمِيعِ]

- ‌كَلِمَةُ مَا

- ‌ كَلِمَةُ الَّذِي

- ‌ النَّكِرَةُ إذَا اتَّصَلَ بِهَا دَلِيلُ الْعُمُومِ

- ‌[الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْعَامِّ مَعْنًى لَا صِيغَةً]

- ‌ لَامُ التَّعْرِيفِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ التَّعْرِيفَ بِعَيْنِهِ لِمَعْنَى الْعَهْدِ

- ‌[النَّكِرَةِ إذَا اتَّصَلَ بِهَا وَصْفٌ عَامٌّ]

- ‌ كَلِمَةُ أَيُّ

- ‌ النَّكِرَةُ الْمُفْرَدَةُ فِي مَوْضِعِ إثْبَاتٍ

- ‌[بَابُ مَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الظَّاهِرُ وَالنَّصُّ وَالْمُفَسَّرُ وَالْمُحْكَمُ]

- ‌(بَابُ أَحْكَامِ الْحَقِيقَةِ) (وَالْمَجَازِ وَالصَّرِيحِ) (وَالْكِنَايَةِ)

- ‌[تعارض الْحَقِيقَة وَالْمَجَاز]

- ‌طَرِيقُ الِاسْتِعَارَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ

- ‌ الِاتِّصَالَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ مِنْ قِبَلِ حُكْمِ الشَّرْعِ يَصْلُحُ طَرِيقًا لِلِاسْتِعَارَةِ

- ‌[يُسْتَعَارَ الْأَصْلُ لِلْفَرْعِ وَالسَّبَبُ لِلْحُكْمِ]

- ‌ الِاسْتِعَارَةُ لِلْمُنَاسَبَةِ فِي الْمَعَانِي

- ‌[الْمَجَازَ خَلَفٌ عَنْ الْحَقِيقَةِ فِي حَقِّ التَّكَلُّمِ لَا فِي حَقِّ الْحُكْمِ]

- ‌ الْعَمَلَ بِالْحَقِيقَةِ مَتَى أَمْكَنَ سَقَطَ الْمَجَازُ

- ‌إِذَا كَانَتْ الْحَقِيقَةُ مُتَعَذِّرَةٌ أَوْ مَهْجُورَةٌ صِيرَ إلَى الْمَجَازِ

- ‌قَدْ يَتَعَذَّرُ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ مَعًا إذَا كَانَ الْحُكْمُ مُمْتَنِعًا

- ‌ الْكَلَامَ إذَا كَانَتْ لَهُ حَقِيقَةٌ مُسْتَعْمَلَةٌ وَمَجَازٌ مُتَعَارَفٌ

- ‌(بَابُ جُمْلَةِ مَا يُتْرَكُ بِهِ الْحَقِيقَةُ)

- ‌دَلَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ وَالْعَادَةِ

- ‌ الثَّابِتُ بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ فِي نَفْسِهِ

- ‌ الثَّابِتُ بِسِيَاقِ النَّظْمِ

- ‌ الثَّابِتُ بِدَلَالَةِ مَحَلِّ الْكَلَامِ

- ‌(بَابُ حُرُوفِ) (الْمَعَانِي)

- ‌[معانى الْوَاوُ]

- ‌[معانى الْفَاءُ]

- ‌[معانى ثُمَّ]

- ‌[معانى بَلْ]

- ‌[معانى لَكِنْ]

- ‌[معانى أَوْ]

- ‌بَابُ حَتَّى) :

- ‌بَابُ حُرُوفِ الْجَرِّ)

- ‌[مَعْنَى الْبَاءُ]

- ‌[مَعْنَى عَلَى]

- ‌[مَعْنَى مِنْ]

- ‌[مَعْنَى إلَى]

- ‌[مَعْنَى فِي]

- ‌[حُرُوفِ الْقَسَمِ]

- ‌ اَيْمُ اللَّهِ

- ‌ أَسْمَاءُ الظُّرُوفِ

- ‌ حُرُوفُ الِاسْتِثْنَاءِ

- ‌ حُرُوفِ الشَّرْطِ

- ‌(بَابُ الصَّرِيحِ) (وَالْكِنَايَةِ)

- ‌بَابُ وُجُوهِ) (الْوُقُوفِ عَلَى) (أَحْكَامِ النَّظْمِ)

- ‌مَا سِيقَ الْكَلَامُ لَهُ وَأُرِيدَ بِهِ الْقَصْدُ أَوْ الْإِشَارَةُ

- ‌ دَلَالَةُ النَّصِّ

- ‌[دَلَالَة الْمُقْتَضِي]

- ‌الثَّابِتُ بِدَلَالَةِ النَّصِّ لَا يَحْتَمِلُ الْخُصُوصَ

- ‌ الْحُكْمَ إذَا أُضِيفَ إلَى مُسَمًّى بِوَصْفٍ خَاصٍّ كَانَ دَلِيلًا عَلَى نَفْيِهِ عِنْدَ عَدَمِ ذَلِكَ الْوَصْفِ

- ‌ الْقِرَانَ فِي النَّظْمِ يُوجِبُ الْقِرَانَ فِي الْحُكْمِ

- ‌ الْعَامَّ يَخْتَصُّ بِسَبَبِهِ

- ‌ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ مُوجِبٌ الْعَدَمَ

- ‌ مَنْ حَمَلَ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي حَادِثَةٍ وَاحِدَةٍ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ

- ‌(بَابُ الْعَزِيمَةِ) (وَالرُّخْصَةِ)

- ‌[أَقْسَام الْعَزِيمَةُ]

- ‌[أَقْسَام الرُّخَصُ]

- ‌{بَابُ حُكْمِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فِي أَضْدَادِهِمَا}

- ‌(بَابُ بَيَانِ أَسْبَابِ الشَّرَائِعِ)

- ‌سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ

- ‌سَبَبُ وُجُوبِ الصَّوْمِ

- ‌سَبَبُ وُجُوبِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

- ‌سَبَبُ وُجُوبِ الْعُشْرِ

- ‌[سَبَبُ وُجُوبِ الْحَجِّ]

- ‌ سَبَبُ الْخَرَاجِ

- ‌سَبَبُ وُجُوبِ الطَّهَارَةِ

- ‌سَبَبُ الْكَفَّارَاتِ

- ‌سَبَبُ الْمُعَامَلَاتِ

- ‌(بَابُ بَيَانِ أَقْسَامِ) (السُّنَّةِ)

- ‌(بَابُ الْمُتَوَاتِرِ)

- ‌(بَابُ الْمَشْهُورِ)

- ‌(بَابُ خَبَرِ الْوَاحِدِ)

- ‌(بَابُ تَقْسِيمِ الرَّاوِي الَّذِي جُعِلَ خَبَرُهُ حُجَّةً)

- ‌[الرَّاوِي الْمَعْرُوفُ]

- ‌[الرَّاوِي الْمَجْهُولُ]

- ‌بَابُ بَيَانِ شَرَائِطِ الرَّاوِي)

- ‌[بَابُ تَفْسِيرِ شُرُوطِ الرَّاوِي وَتَقْسِيمِهَا]

الفصل: ‌قد يتعذر الحقيقة والمجاز معا إذا كان الحكم ممتنعا

وَأَمَّا فِي الْأَكْبَرِ سِنًّا مِنْهُ فِلِأَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إقْرَارٌ بِالْحُرِّيَّةِ فَيَجِبُ أَنْ يَصِيرَ مُقِرًّا بِحَقِّ الْأُمِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْإِقْرَارَ وَالثَّانِي أَنَّهُ تَحْرِيرٌ مُبْتَدَأٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ لَوْ ثَبَتَ ثَبَتَ تَحْرِيرًا مُبْتَدَأً حَتَّى قُلْنَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى فِي رَجُلَيْنِ وَرِثَا عَبْدًا ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ابْنَهُ غَرِمَ لِشَرِيكِهِ كَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ مُضَافٌ إلَى خَبَرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُخْبَرَ بِهِ قَائِمٌ بِخَبَرِهِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ جُعِلَ مَجَازًا عَنْ التَّحْرِيرِ وَحَقُّ الْأُمِّ لَا يَحْتَمِلُ الْوُجُودَ بِابْتِدَاءِ تَصَرُّفِ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْبَشَرِ إثْبَاتُ أُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ قَوْلًا؛ لِأَنَّهَا مِنْ حُكْمِ الْفِعْلِ فَلَمْ يَثْبُتْ بِدُونِهِ.

وَ‌

‌قَدْ يَتَعَذَّرُ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ مَعًا إذَا كَانَ الْحُكْمُ مُمْتَنِعًا

؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ وُضِعَ لِمَعْنَاهُ فَيَبْطُلُ إذَا اسْتَحَالَ حُكْمُهُ وَمَعْنَاهُ

ــ

[كشف الأسرار]

عَمَّا إذَا قَالَ ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ حَيْثُ عَتَقُوا مِنْ الثُّلُثِ بِحِسَابِ حَقِّهِمْ وَذَلِكَ بِأَنْ يَجْعَلَ كُلَّ رَقَبَةٍ اثْنَيْ عَشَرَ لِحَاجَتِنَا إلَى حِسَابٍ لَهُ ثُلُثٌ وَرُبُعٌ وَأَدْنَاهُ اثْنَا عَشَرَ حَقُّ الْأَوَّلِ فِي رُبُعِهِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَحَقُّ الثَّانِي فِي ثُلُثِهِ وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَحَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرِينَ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ وَهِيَ تِسْعَةٌ فَصَارَتْ سِهَامُ الْوَصِيَّةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَثُلُثُ الْمَالِ سِتَّةَ عَشَرَ فَقَدْ ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ سِهَامِ الْوَصَايَا فَنَجْعَلُ الثُّلُثَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَالْمَالَ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ فَنَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ الرَّقَبَةِ مِنْ الثُّلُثِ لِيَظْهَرَ لَنَا مِقْدَارَ مَا يَعْتِقُ عَنْهَا وَمِقْدَارَ مَا يَسْعَى فِيهِ فَنَقُولُ إنَّ ثُلُثَ الْمَالِ رَقَبَةٌ وَثُلُثَ الرَّقَبَةِ مِنْهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَلَيْسَ لِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ رُبُعٌ صَحِيحٌ فَنَضْرِبُهُ فِي أَرْبَعَةٍ فَيَصِيرُ مِائَةً وَالْمَالُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَالرَّقَبَةُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمِائَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ كَانَ حَقُّ الْأَوَّلِ فِي ثُلُثِهِ فَضَرَبْنَاهَا فِي أَرْبَعَةٍ فَبَلَغَ اثْنَيْ عَشَرَ وَصَارَ حَقُّ الثَّانِي سِتَّةَ عَشَرَ وَصَارَ حَقُّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرِينَ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ فَذَلِكَ مِائَةٌ وَتِسْعُونَ فِي الْبَاقِي فَحَصَلَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْمُصَنَّفِ رحمه الله.

قَوْلُهُ (وَأَمَّا فِي الْأَكْبَرِ سِنًّا مِنْهُ) يَعْنِي مَهْمَا أَمْكَنَ فِي الْعَمَلِ بِحَقِيقَةِ النَّسَبِ يُعْمَلُ بِهَا فِي قَوْلِهِ هَذَا ابْنِي وَيُجْعَلُ الْعِتْقُ ثَابِتًا بِالنَّسَبِ لَا أَنْ يُجْعَلَ مَجَازًا فِي الْحُرِّيَّةِ فَيَثْبُتُ أُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ بِهِ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ كَمَا فِي الْأَكْبَرِ سِنًّا مِنْهُ فَأَبُو حَنِيفَةَ رحمه الله يَجْعَلُهُ مَجَازًا فِي الْحُرِّيَّةِ.

وَذَلِكَ بِطَرِيقَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُجْعَلَ مَجَازًا فِي الْإِقْرَارِ بِالْحُرِّيَّةِ كَمَا بَيَّنَّا فَيَحْصُلَ مُقِرًّا بِأَنَّ أُمَّ الْغُلَامِ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْحُرِّيَّةِ لِلْأُمِّ حُكْمُ النَّسَبِ كَمَا أَنَّ حَقِيقَةَ الْحُرِّيَّةِ لِلْوَلَدِ حُكْمُهُ فَكَمَا جُعِلَ قَوْلُهُ هَذَا ابْنِي مَجَازًا لِلْإِقْرَارِ بِحَقِيقَةِ الْحُرِّيَّةِ يُجْعَلُ مَجَازًا لِلْإِقْرَارِ بِحَقِّ الْحُرِّيَّةِ لِلْأُمِّ وَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ عَتَقَ هَذَا عَلَيَّ مِنْ حِينِ مَلَكْته، وَأُمُّهُ أُمَّ وَلَدِي وَالثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ هَذَا ابْنِي بِمَنْزِلَةِ تَحْرِيرٍ مُبْتَدَأٌ كَأَنَّهُ قَالَ هُوَ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ كَلَامًا هُوَ سَبَبٌ لِلْحُرِّيَّةِ فِي مِلْكِهِ فَيَصِيرُ بِهِ مُعْتَقًا ابْتِدَاءً أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَرِثَ رَجُلَانِ عَبْدًا مَجْهُولَ النَّسَبِ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ ابْنَهُ غَرِمَ لِشَرِيكِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا كَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ تَحْرِيرًا مُبْتَدَأً لِمَا غَرِمَ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إذَا وَرِثَا قَرِيبَ أَحَدِهِمَا لَا يَضْمَنُ وَارِثُ الْقَرِيبِ لِعَدَمِ الصُّنْعِ مِنْهُ وَعَلَى هَذَا الطَّرِيقِ لَا يَصِيرُ أُمُّ الْغُلَامِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِتَحْرِيرِ الْغُلَامِ ابْتِدَاءُ تَأْثِيرٍ فِي إيجَابِ أُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ لِأُمِّهِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ مَجَازًا فِي إنْشَاءِ أُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهَا بِطَرِيقِ الْإِنْشَاءِ قَوْلًا بِأَنْ يَقُولَ جَعَلْتُك أُمَّ وَلَدٍ أَوْ أَنْشَأْت فِيك أُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ حُكْمِ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ الِاسْتِيلَادُ.

وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ تَحْرِيرًا مُبْتَدَأً يَعْنِي ثُبُوتَ النَّسَبِ مُضَافٌ إلَى خَبَرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا قَبْلَ خَبَرِهِ فَيُقْصَرُ عَلَى وَقْتِ الْخَبَرِ؛ لِأَنَّ الْمُخْبَرَ بِهِ فِي حَقِّ عِلْمِ السَّامِعِ قَائِمٌ أَيْ ثَابِتٌ بِخَبَرِهِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ أَيْ إذَا كَانَ ثُبُوتُ النَّسَبِ مُضَافًا إلَى خَبَرِهِ جُعِلَ هَذَا الْخَبَرُ مَجَازًا عَنْ التَّحْرِيرِ أَيْ فِي التَّحْرِيرِ أَوْ عِبَارَةً عَنْهُ أَوْ كِنَايَةً عَنْهُ.

وَالطَّرِيقُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ إذَا أُكْرِهَ أَنْ يَقُولَ هَذَا ابْنِي لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَالْإِكْرَاهُ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ بِالْعِتْقِ لَا صِحَّةَ التَّحْرِيرِ ابْتِدَاءً وَوُجُوبُ الضَّمَانِ فِي مَسْأَلَةِ الدَّعْوَى بِطَرِيقِ الْإِقْرَارِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ كَالْإِنْشَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَتَقَ عَلَيَّ مِنْ حِينِ مَلَكْته كَانَ ضَامِنًا لِشَرِيكِهِ أَيْضًا فَعُلِمَ أَنَّ الضَّمَانَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِالْإِنْشَاءِ كَذَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ رحمه الله.

[قَدْ يَتَعَذَّرُ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ مَعًا إذَا كَانَ الْحُكْمُ مُمْتَنِعًا]

قَوْلُهُ (وَقَدْ يَتَعَذَّرُ) أَيْ وَقَدْ يَمْتَنِعُ الْعَمَلُ بِالْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ فِي بَعْضِ

ص: 91

وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ هَذِهِ بِنْتِي وَهِيَ مَعْرُوفَةُ النَّسَبِ وَتُولَدُ لِمِثْلِهِ أَوْ أَكْبَرُ سِنًّا مِنْهُ فَإِنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَقَعُ بِهِ أَبَدًا عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رحمه الله؛ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ فِي الْأَكْبَرِ سِنًّا مِنْهُ مُتَعَذِّرٌ وَفِي الْأَصْغَرِ سِنًّا تَعَذَّرَ إثْبَاتُ الْحَقِيقَةِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ مِمَّنْ اُشْتُهِرَ مِنْهُ نَسَبُهَا وَفِي حَقِّ الْمُقِرِّ مُعْتَذِرٌ أَيْضًا فِي حُكْمِ التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ الثَّابِتَ بِهَذَا الْكَلَامِ لَوْ صَحَّ مَعْنَاهُ مُنَافٍ لِلْمِلْكِ فَلَمْ يَصْلُحْ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ بِالْمَجَازِ وَهُوَ التَّحْرِيمُ فِي الْفَصْلَيْنِ مُتَعَذِّرٌ لِهَذَا الْعُذْرِ الَّذِي أَبْلَيْنَاهُ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ النَّسَبُ ثَابِتًا فِي حَقِّ الْمُقِرِّ بِنَاءً عَلَى إقْرَارِهِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَنْهُ صَحِيحٌ وَالْقَاضِي كَذَّبَهُ هَهُنَا فَقَامَ ذَلِكَ مَقَامَ رُجُوعِهِ بِخِلَافِ الْعَتَاقِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ عَنْهُ لَا يَصِحُّ.

ــ

[كشف الأسرار]

الْأَلْفَاظِ فَيَلْغُو ضَرُورَةً وَذَلِكَ إذَا كَانَ إثْبَاتُ مُوجِبِ اللَّفْظِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي اُسْتُعْمِلَ فِيهِ اللَّفْظُ مُمْتَنِعًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ وُضِعَ لِإِفَادَةِ الْمَعْنَى فَإِذَا تَعَذَّرَ إثْبَاتُ مَعْنَاهُ الْمَوْضُوعُ لَهُ يُجْعَلُ مَجَازًا وَكِنَايَةً عَنْ حُكْمِهِ أَعْنِي لَازِمَ مَعْنَاهُ الثَّابِتِ بِهِ تَصْحِيحًا لَهُ فَإِذَا تَعَذَّرَ إثْبَاتُ ذَلِكَ أَيْضًا يَلْغُو ضَرُورَةً مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ، وَمِثْلُهَا لَا يَصْلُحُ بِنْتًا لَهُ أَوْ تَصْلُحُ وَهِيَ مَعْرُوفَةُ النَّسَبِ هَذِهِ بِنْتِي لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بِهِ أَبَدًا يَعْنِي سَوَاءٌ أَصَرَّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ بِأَنْ قَالَ غَلِطْت أَوْ أُوهِمْت إلَّا أَنَّهُ إذَا أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ يُفَرِّقُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا؛ لَا لِأَنَّ الْحُرْمَةَ ثَابِتَةٌ بِهَذَا اللَّفْظِ بَلْ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَصَرَّ عَلَيْهِ صَارَ ظَالِمًا يَمْنَعُ حَقَّهَا عَنْ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَنْ وَطِئَهَا عِنْدَ الْإِصْرَارِ وَصَارَتْ هِيَ كَالْمُعَلَّقَةِ فَيَجِبُ دَفْعُهُ فِي التَّفْرِيقِ كَمَا فِي الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ.

وَوَافَقَنَا الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي الَّتِي لَا تَصْلُحُ بِنْتًا لَهُ وَقَالَ فِي الَّتِي تَصْلُحُ بِنْتًا لَهُ أَنَّهَا تَحْرُمُ؛ لِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ أَضْعَفُ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ وَالْوِلَادُ أَنْفَى لِهَذَا الْمِلْكِ مِنْهُ لِمِلْكِ الْيَمِينِ ثُمَّ مِلْكُ الْيَمِينِ يَنْتَفِي بِهَذِهِ اللَّفْظِ مِلْكُهُ فَهَذَا أَوْلَى وَهَذَا لِأَنَّ مُوجِبَهُ الْحُرْمَةُ وَإِلَيْهِ إثْبَاتُ الْحُرْمَةِ فَيُؤْخَذُ بِمُوجِبِ قَوْلِهِ فِيمَا أَمْكَنَ وَلَنَا أَنَّ الْعَمَلَ بِحَقِيقَةِ كَلَامِهِ فِي الْفَصْلَيْنِ أَعْنِي فِي الَّتِي تَصْلُحُ بِنْتًا لَهُ وَاَلَّتِي لَا تَصْلُحُ بِنْتًا لَهُ مُتَعَذِّرٌ أَمَّا فِي الْفَصْلِ الثَّانِي فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ الْحَقِيقَةَ إمَّا أَنْ جُعِلَتْ ثَابِتَةً عَلَى الْإِطْلَاقِ بِأَنْ جُعِلَ النَّسَبُ ثَابِتًا مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى جَمِيعِ النَّاسِ أَوْ جُعِلَتْ ثَابِتَةً فِي حَقِّ الْمُقِرِّ لَا غَيْرُ لِيَظْهَرَ أَثَرُهُ فِي التَّحْرِيمِ كَمَا قُلْنَا فِي قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ الَّذِي يُولَدُ لِمِثْلِهِ وَهُوَ مَعْرُوفُ النَّسَبِ هَذَا ابْنِي لِيَظْهَرَ أَثَرُهُ فِي الْعِتْقِ لَا وَجْهَ إلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَيْ لِأَنَّ النَّسَبَ مُسْتَحَقٌّ مِنْ جَانِبِ مَنْ اُشْتُهِرَ نَسَبًا مِنْهُ فَلَا يُؤَثِّرُ إقْرَارُهُ فِي إبْطَالِ حَقِّ الْغَيْرِ وَلَا إلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَوْ صَحَّ مَعْنَاهُ أَيْ لَوْ ثَبَتَ مُوجِبُهُ وَهُوَ الْبِنْتِيَّةُ كَانَ التَّحْرِيمُ الثَّابِتُ بِهِ مُنَافِيًا لِمِلْكِ النِّكَاحِ وَلَيْسَ إلَى الْعَبْدِ إثْبَاتُ ذَلِكَ إنَّمَا إلَيْهِ إثْبَاتُ حُرْمَةٍ هِيَ مِنْ وَاجِبِ النِّكَاحِ دُونَ تَبْدِيلِ حَالِ الْمَحَلِّ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ فَلَمْ يَصْلُحْ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ أَيْ التَّحْرِيمِ الْمُنَافِي لَا يَصْلُحُ حَقًّا مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَثْبُتُ مَا يُنَافِيه فَلَا يَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ وِلَايَتِهِ بِثُبُوتِ مِلْكِ النِّكَاحِ لَهُ.

وَلِأَنَّ حِلَّ الْمَحَلِّيَّةِ ثَبَتَ شَرْعًا كَرَامَةً لَهَا، وَلِهَذَا يَزْدَادُ بِحُرِّيَّتِهَا وَيَنْتَقِصُ بِرِقِّهَا فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ بِالْبِنْتِيَّةِ فِي حَقِّ الْحِلِّ إقْرَارًا عَلَيْهَا فَيَكُونُ بَاطِلًا.

وَكَذَا الْعَمَلُ بِمَجَازِهِ وَهُوَ أَنْ يُجْعَلَ كِنَايَةً عَنْ التَّحْرِيمِ فِي الْأَكْبَرِ سِنًّا مِنْهُ عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله وَفِي الْأَصْغَرِ سِنًّا مِنْهُ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْفَصْلَيْنِ مُتَعَذِّرٌ أَيْضًا لِهَذَا الْعُذْرِ الَّذِي أَبْلَيْنَاهُ وَهُوَ أَنَّ التَّحْرِيمَ الثَّابِتَ بِهَذَا الْكَلَامِ أَيْ التَّحْرِيمَ الَّذِي هُوَ مِنْ لَوَازِمِ الْبِنْتِيَّةِ مُنَافٍ لِمِلْكِ النِّكَاحِ فَلَمْ يَصْلُحْ حَقًّا مِنْ حُقُوقِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَعَارَ هَذَا الْكَلَامُ لِذَلِكَ التَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَا يَمْلِكُ إثْبَاتَهُ وَالتَّحْرِيمُ الَّذِي يَمْلِكُ الزَّوْجُ إثْبَاتَهُ وَهُوَ التَّحْرِيمُ الْقَاطِعُ لِلْحِلِّ الثَّابِتِ بِالنِّكَاحِ لَيْسَ مِنْ مُوجِبَاتِ هَذَا الْكَلَامِ وَلَوَازِمِهِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِعَارَته لَهُ أَيْضًا فَلِذَلِكَ بَطَلَ.

قَوْلُهُ (بِخِلَافِ الْعِتْقِ) يَعْنِي بِخِلَافِ قَوْلِهِ هَذَا ابْنِي؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِحَقِيقَتِهِ فِي الْأَصْغَرِ سِنًّا مِنْهُ مُمْكِنٌ عَلَى مَا مَرَّ وَكَذَا بِمَجَازِهِ فِيهِ وَفِي الْأَكْبَرِ سِنًّا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْبُنُوَّةَ بَعْدَ الثُّبُوتِ مُوجِبُهَا لِعِتْقٍ يَقْطَعُ الْمِلْكَ كَإِنْشَاءِ الْعِتْقِ، وَلِهَذَا تَأَدَّتْ بِهِ الْكَفَّارَةُ وَثَبَتَ بِهِ الْوَلَاءُ لَا عِتْقٌ يُنَافِي الْمِلْكَ، وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى ابْنَهُ أَوْ بِنْتَه صَحَّ الشِّرَاءُ وَفِي وُسْعِهِ إثْبَاتُ عِتْقٍ يَقْطَعُ الْمِلْكَ وَهُوَ

ص: 92