الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[كشف الأسرار]
فَيَجُوزُ وَلَا يُصَدِّقُهُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا فِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِلتُّهْمَةِ لَا لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِعَارَةِ. ثُمَّ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ يُدَيَّنُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ أَنَّهُ إذَا اسْتَفْتَى يُجِيبُهُ الْمُفْتِي عَلَى وَفْقِ مَا نَوَى وَلَكِنَّ الْقَاضِيَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِمُوجِبِ كَلَامِهِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا نَوَى إذَا كَانَ فِيهِ تَخْفِيفٌ.
وَكَانَ هَذَا نَظِيرَ مَا لَوْ اسْتَفْتَى رَجُلٌ عَنْ فَقِيهٍ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَدْ قَضَيْته هَلْ بَرِئْت مِنْ دِينِهِ فَالْفَقِيهُ يُفْتِيه بِأَنَّك بَرِئْت مِنْهُ وَإِذَا سَمِعَ الْقَاضِي ذَلِكَ مِنْهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى الْإِيفَاءِ كَذَا فِي بَعْضِ شُرُوحِ الْجَامِعِ.
[يُسْتَعَارَ الْأَصْلُ لِلْفَرْعِ وَالسَّبَبُ لِلْحُكْمِ]
وَالثَّانِي وَهُوَ الِاتِّصَالُ النَّاقِصُ أَنْ يَكُونَ الِافْتِقَارُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ دُونَ الْآخَرِ كَاتِّصَالِ الْفَرْعِ أَيْ الْحُكْمِ بِمَا هُوَ سَبَبٌ مَحْضٌ لَيْسَ بِعِلَّةٍ وُضِعَتْ لَهُ.
لَفْظُ السَّبَبِ يُطْلَقُ عَلَى الْعِلَّةِ وَغَيْرِهَا يُقَالُ الْبَيْعُ سَبَبُ الْمِلْكِ وَالنِّكَاحُ سَبَبُ الْحِلِّ وَالزِّنَا سَبَبُ الْحَدِّ وَيُرَادُ بِهِ الْعِلَّةُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْإِفْضَاءِ فِي الْعِلَّةِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا فَبِقَوْلِهِ مَحْضٌ احْتَرَزَ عَنْ الْعِلَّةِ إذْ السَّبَبُ الْمَحْضُ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلْمُسَبِّبِ بِذَاتِهِ بِحَالٍ، ثُمَّ مِنْ شَرْطِ الْمَحْضِ أَنْ لَا يَكُونَ الْحُكْمُ مُضَافًا إلَيْهِ وَلَا الْعِلَّةُ الَّتِي تَخَلَّلَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُكْمِ، وَالْمُرَادُ هَهُنَا انْتِفَاءُ إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهِ دُونَ عِلَّتِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْعِلَّةَ وَهِيَ زَوَالُ مِلْكِ الرَّقَبَةِ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ النَّظِيرِ أُضِيفَتْ إلَى السَّبَبِ وَهُوَ أَنْتِ حُرَّةٌ وَإِنْ لَمْ يُضَفْ الْحُكْمُ وَهُوَ زَوَالُ مِلْكِ الْمُتْعَةِ إلَيْهِ فَلِذَلِكَ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ لَيْسَ بِعِلَّةٍ وُضِعَتْ لَهُ يَعْنِي الْمُرَادُ مِنْ السَّبَبِ الْمَحْضِ أَنْ لَا يَكُونَ عِلَّةً مَوْضُوعَةً لِلْفَرْعِ لَا أَنْ لَا يَكُونَ الْعِلَّةُ الْمُتَخَلِّلَةُ مُضَافَةً إلَيْهِ أَيْضًا فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ هَهُنَا.
وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الِاتِّصَالِ يَصْلُحُ طَرِيقًا لِلِاسْتِعَارَةِ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ وَهُوَ أَنْ يُسْتَعَارَ الْأَصْلُ لِلْفَرْعِ وَالسَّبَبُ لِلْحُكْمِ دُونَ الْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي صِحَّةِ الِاسْتِعَارَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَعَارُ لَهُ مُتَّصِلًا بِالْمُسْتَعَارِ مِنْهُ لِيَصِيرَ بِمَنْزِلَةِ لَازِمٍ مِنْ لَوَازِمِهِ فَيَصِحَّ ذِكْرُ الْمَلْزُومِ وَإِرَادَةُ اللَّازِمِ وَالْمُسَبَّبُ مُفْتَقِرٌ إلَى السَّبَبِ افْتِقَارَ الْمَعْلُولِ إلَى الْعِلَّةِ لِقِيَامِهِ بِهِ فَيَصْلُحُ ذِكْرُ السَّبَبِ وَإِرَادَةُ مَا هُوَ مِنْ لَوَازِمِهِ تَقْدِيرًا وَهُوَ الْمُسَبَّبُ فَأَمَّا السَّبَبُ فَمُسْتَغْنٍ فِي ذَاتِهِ عَنْ الْمُسَبَّبِ لِقِيَامِهِ بِنَفْسِهِ وَحُصُولِ حُكْمِهِ الْأَصْلِيِّ الَّذِي وُضِعَ لَهُ بِهِ وَثُبُوتُ الْمُسَبَّبِ بِهِ مِنْ الْأُمُورِ الِاتِّفَاقِيَّةِ فَإِنَّ شِرَاءَ الْأَمَةِ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْأُخْتِ مِنْ الرَّضَاعَةِ وَالْعَبْدِ وَالْبَهِيمَةِ جَائِزٌ لِحُصُولِ مُوجِبِهِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ الْمِلْكُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِلْكُ الْمُتْعَةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَصِيرُ السَّبَبُ مُتَّصِلًا بِالْمُسَبِّبِ وَلَازِمًا لَهُ لِعَدَمِ افْتِقَارِهِ إلَيْهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الِاسْتِعَارَةُ إذْ هِيَ ذِكْرُ الْمَلْزُومِ وَإِرَادَةُ اللَّازِمِ فَلِهَذَا لَا يَجُوزُ اسْتِعَارَةُ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ. إلَّا إذَا كَانَ الْمُسَبَّبُ مُخْتَصًّا بِالسَّبَبِ فَحِينَئِذٍ تَجُوزُ اسْتِعَارَةُ الْمُسَبَّبِ لَهُ أَيْضًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى إخْبَارًا. {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36] . أَيْ عِنَبًا اُسْتُعِيرَ اسْمُ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ لِاخْتِصَاصِ الْخَمْرِ بِالْعِنَبِ. وَكَقَوْلِهِمْ أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ نَبَاتًا أَيْ مَاءً سَمَّوْهُ بِاسْمِ مُسَبَّبِهِ وَهُوَ النَّبَاتُ لِاخْتِصَاصِهِ بِهِ. وَكَقَوْلِ الرَّاجِزِ:
أَقْبَلَ فِي الْمُسْتَنِّ مِنْ رَبَابِهِ
…
أَسْنِمَةُ الْآبَالِ فِي سَحَابِهِ
سُمِّيَ الْمَاءُ بِاسْمِ مُسَبَّبِهِ وَهُوَ أَسْنِمَةُ الْآبَالِ؛ لِأَنَّ الْأَسْنِمَةَ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِالنَّبَاتِ وَلَا يُوجَدُ النَّبَاتُ إلَّا بِالْمَاءِ.
وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُسَبَّبُ مُخْتَصًّا بِالسَّبَبِ صَارَا فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ وَالْمَعْلُولِ فَيَصِيرُ السَّبَبُ إذْ ذَاكَ مُتَعَلِّقًا بِالْمُسَبَّبِ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُسَبَّبَ لَمَّا لَمْ يَحْصُلْ إلَّا بِهِ وَالْمُسَبَّبُ مَطْلُوبٌ صَارَ كَأَنَّ السَّبَبَ
وَهُوَ أَنْ يُسْتَعَارَ الْأَصْلُ لِلْفَرْعِ وَالسَّبَبُ لِلْحُكْمِ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاتِّصَالَ ثَابِتٌ فِي حَقِّ الْفَرْعِ لِافْتِقَارِهِ.
وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُسْتَعَارَ الْفَرْعُ لِلْأَصْلِ؛ لِأَنَّ هَذَا الِاتِّصَالَ فِي حَقِّ الْأَصْلِ مَعْدُومٌ لِاسْتِغْنَائِهِ وَهَذَا كَالْجُمْلَةِ النَّاقِصَةِ إذَا عُطِفَتْ عَلَى الْجُمْلَةِ الْكَامِلَةِ تَوَقَّفَ أَوَّلُ الْكَلَامِ عَلَى آخِرِهِ لِصِحَّةِ آخِرِهِ وَافْتِقَارِهِ فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَتَامٌّ فِي نَفْسِهِ لِاسْتِغْنَائِهِ وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ قُلْنَا إنَّ أَلْفَاظَ الْعِتْقِ تَصْلُحُ أَنْ تُسْتَعَارَ لِلطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهَا وُضِعَتْ لِإِزَالَةٍ مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَذَلِكَ يُوجِبُ زَوَالَ مِلْكِ الْمُتْعَةِ تَبَعًا لَا قَصْدًا عَلَى نَحْوِ مَا قُلْنَا فَصَحَّتْ الِاسْتِعَارَةُ
ــ
[كشف الأسرار]
مَوْضُوعٌ لَهُ وَمُفْتَقِرٌ إلَيْهِ نَظَرًا إلَى الْغَرَضِ كَافْتِقَارِ الْعِلَّةِ إلَى الْمَعْلُولِ فَيَحْصُلُ الِاتِّصَالُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْخَمْرَ لَمَّا اخْتَصَّتْ بِالْعِنَبِ صَارَ الْعِنَبُ مُتَّصِلًا بِهَا وَمُفْتَقِرًا إلَيْهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْخَمْرَ مَاءُ الْعِنَبِ وَلَا قِيَامَ لِلْعِنَبِ بِدُونِ مَائِهِ. وَكَذَلِكَ النَّبَاتُ أَوْ ارْتِفَاعُ السَّنَامِ لَمَّا لَمْ يَحْصُلْ إلَّا بِالْمَطَرِ صَارَ لِلْمَطَرِ تَعَلُّقٌ بِهِ مِنْ حَيْثُ الْغَرَضُ وَالْحِكْمَةُ فَيَجُوزُ الِاسْتِعَارَةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَأَمَّا ثُبُوتُ مِلْكِ الْمُتْعَةِ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ فَقَدْ حَصَلَ تَبَعًا وَاتِّفَاقًا فَكَانَ اتِّصَالُهُ بِالْأَصْلِ عَدَمًا فِي حَقِّ الْأَصْلِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِعَارَتُهُ لَهُ.
قَوْلُهُ (أَنْ يُسْتَعَارَ الْأَصْلُ لِلْفَرْعِ) وَالسَّبَبُ لِلْحُكْمِ.
قِيلَ قَوْلُهُ وَالسَّبَبُ لِلْحُكْمِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَفَائِدَتُهُ دَفْعُ وَهْمِ مَنْ يَتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْأَصْلِ الْعِلَّةُ وَمِنْ الْفَرْعِ الْمَعْلُولُ. وَقِيلَ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ أَعَمُّ مِنْ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ فَيَتَنَاوَلُ غَيْرَ الْمَشْرُوعَاتِ وَالسَّبَبُ وَالْمُسَبَّبُ مُخْتَصَّانِ بِالْمَشْرُوعَاتِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ لَا يَصِحُّ اسْتِعَارَةُ الْحُكْمِ لِلسَّبَبِ كَمَا لَا يَصِحُّ اسْتِعَارَةُ الْفَرْعِ لِلْأَصْلِ.
قَوْلُهُ (وَهَذَا كَالْجُمْلَةِ النَّاقِصَةِ) . أَيْ الِاتِّصَالُ بَيْنَ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ الَّذِي هُوَ ثَابِتٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مِثْلُ اتِّصَالِ الْجُمْلَةِ النَّاقِصَةِ بِالْكَامِلَةِ فِي قَوْلِهِ زَيْنَبُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ مَثَلًا فَقَوْلُهُ زَيْنَبُ طَالِقٌ جُمْلَةٌ تَامَّةٌ لِوُجُودِ طَرَفَيْهَا وَقَوْلُهُ وَعَمْرَةُ جُمْلَةٌ نَاقِصَةٌ لِافْتِقَارِهَا إلَى الْخَبَرِ، وَلِهَذَا لَوْ انْفَرَدَتْ لَا يُفِيدُ شَيْئًا لَكِنَّهَا بِوَاسِطَةِ وَاوِ الْعَطْفِ تَعَلَّقَتْ بِالْأُولَى فَتَوَقَّفَ حُكْمُ الْأُولَى لِيَصِحَّ اشْتِرَاكُهُمَا فِي الْخَبَرِ وَتَصِيرُ الثَّانِيَةُ مُفِيدَةً مِثْلَ الْأُولَى فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِمَا وَلَكِنَّ هَذَا التَّوَقُّفَ ثَابِتٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجُمْلَةِ النَّاقِصَةِ لِافْتِقَارِهَا إلَى الْخَبَرِ وَلَكِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُولَى فِي حُكْمِ الْعَدَمِ لِكَمَالِهَا فِي نَفْسِهَا.
وَالدَّلِيلُ عَلَى التَّوَقُّفِ فِي حَقِّ الثَّانِيَةِ وُقُوعُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ فِي قَوْلِهِ لِلْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ.
وَعَلَى عَدَمِ التَّوَقُّفِ فِي حَقِّ نَفْسِهَا عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فِي قَوْلِهِ لِغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْأُولَى لَمَّا لَمْ تَتَوَقَّفْ فِي نَفْسِهَا ثَبَتَ مُوجِبُهَا قَبْلَ التَّكَلُّمِ بِالْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ وَقَدْ بَانَتْ لَا إلَى عِدَّةٍ فَيَلْغُو مَا بَعْدَهَا.
وَنَظِيرُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأُصُولِ إضَافَةُ الْحُكْمِ فِي الْمَحَلِّ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ إلَى الْمَعْنَى بِالنِّسْبَةِ إلَى الْفَرْعِ لِيَصِحَّ التَّعْدِيَةُ إلَيْهِ وَعَدَمُ إضَافَتِهِ إلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الِافْتِقَارِ إلَيْهِ بِوُجُودِ النَّصِّ الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنْهُ.
وَمِنْ الْفُرُوعِ صِحَّةُ اقْتِدَاءِ الْمُتَنَفِّلِ بِمَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً مَضْمُونَةً مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ عَلَى الْإِمَامِ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْمُقْتَدِي لَكِنَّ عَدَمَ الضَّمَانِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ بِعَارِضِ ظَنٍّ يَخُصُّهُ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي فَتَكُونُ صَلَاتُهُ هَذِهِ مَضْمُونَةً فِي حَقِّ الْمُقْتَدِي غَيْرَ مَضْمُونَةٍ فِي حَقِّ نَفْسِهِ.
قَوْلُهُ (وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ) . أَيْ عَلَى أَنَّ اسْتِعَارَةَ السَّبَبِ لِلْمُسَبَّبِ جَائِزَةٌ قُلْنَا إنَّ أَلْفَاظَ الْعِتْقِ يَصْلُحُ أَنْ يُسْتَعَارَ لِلطَّلَاقِ بِأَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ حَرَّرْتُك أَوْ أَعْتَقْتُك أَوْ أَنْتِ حُرَّةٌ نَاوِيًا لِلطَّلَاقِ وَقَعَ لِلطَّلَاقِ لِمَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ.
وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ الْمُضَافَ إلَيْهِ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِهَذَا الْمَجَازِ بَلْ هُوَ مَحَلٌّ لِحَقِيقَةِ الْوَصْفِ بِالْحُرِّيَّةِ فَيَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ لِيَتَعَيَّنَ الْمَجَازُ بِخِلَافِ اسْتِعَارَةِ أَلْفَاظِ التَّمْلِيكِ لِلنِّكَاحِ حَيْثُ يَصِحُّ بِدُونِ النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ إضَافَتَهَا إلَى الْحُرَّةِ لَا تَدُلُّ إلَّا عَلَى النِّكَاحِ فَإِنَّ الْأَبَ إذَا قَالَ لِآخَرَ بِعْت ابْنَتِي مِنْك أَوْ وَهَبْتهَا لَك لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ لِحَقِيقَةِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ لِعَدَمِ قَبُولِ الْمَحَلِّ حُكْمَهُمَا فَتَعَيَّنَتْ جِهَةُ