الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما، قَالَ: جَعَلَ (1) -وَفِي لَفْظٍ: قَضَى- النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ (2).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (2099)، كتاب: البيوع، باب: بيع الشريك من شريكه.
(2)
رواه البخاري (2100)، كتاب: البيوع، باب: بيع الأرض والدور والعروض مشاعًا غير مقسوم، واللفظ له، و (2138)، كتاب: الشفعة، باب: الشفعة في ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة، و (2363)، كتاب: الشركة، باب: الشركة في الأرضين وغيرها، و (2364)، باب: إذا اقتسم الشركاء الدور أو غيرها فليس لهم رجوع ولا شفعة، و (6575)، كتاب: الحيل، باب: في الهبة والشفعة، ومسلم (1608/ 133 - 135)، كتاب: المساقاة، باب: الشفعة، وأبو داود (3514 - 3515)، كتاب: الإجارة، باب: في الشفعة، والنسائي (4705)، كتاب: البيوع، باب: ذكر الشفعة وأحكامها، والترمذي (1370)، كتاب: الأحكام، باب: ما جاء: إذا حدت الحدود ووقعت السهام فلا شفعة، وابن ماجه (2499)، كتاب: الشفعة، باب: إذا وقعت الحدود فلا شفعة.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (3/ 152)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (7/ 66)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (6/ 128)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 312)، و"المفهم" للقرطبي (4/ 523)، و"شرح =
(عن جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما، قال: جعل) -وهذا في بعض ألفاظ البخاري- (1)، وفي بعضها: إنما جعل (2)، (وفي لفظ: قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة) -وأسقط الباء في رواية-: جعل (في كل مال) من حائط وربع ونحوهما من سائر العقارات (لم يقسم) بخلاف ما قسم مما كان مشتركًا بين اثنين فصاعدًا، (فإذا) قُسم، و (وقعت الحدود) بينهما، أو بينهم، فصار كل واحد منهم يعرف حد نصيبه.
(وصُرِّفَتِ الطرقُ)، فصار كل واحد يعرف طريق نصيبه، (فلا شفعة) لأحد في ملك أحد إذا باعه.
قال في "المطلع"، كـ"المطالع": الشُّفعة مأخوذة من الزيادة؛ لأنه يضم ما يشفع فيه إلى نصيبه (3)، هذا قول ثعلب، فإنه كان وترًا، فصار شفعًا، والشافع: هو الجاعلُ الوترَ شفعًا، والشفيعُ: فعيل بمعنى فاعل (4).
وقال الإمام الموفق: في الشفعة عرفًا: استحقاقُ الشريك انتزاع حصة شريكه المنتقل عنه من يد من انتقلت إليه (5).
= مسلم" للنووي (11/ 45)، و "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 206)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1192)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 251)، و"فتح الباري" لابن حجر (4/ 436)، و"عمدة القاري" للعيني (12/ 20)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (4/ 122)، و"سبل السلام" للصنعاني (3/ 73)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (6/ 80).
(1)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (2099).
(2)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (2363، 6575)، وعند أبي داود برقم (3514)، وابن ماجه برقم (2499).
(3)
وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (2/ 256).
(4)
انظر: "المطلع على أبواب المقنع" لابن أبي الفتح (ص: 278).
(5)
انظر: "المغني" لابن قدامة (5/ 178).
زاد في "الإقناع": إن كان مثله، أو دونه، بعوض مالي، بثمنه الذي استقر عليه العقد (1).
قال علماؤنا: فلا شفعة لكافر حين البيع أسلم بعدُ أو لا على مسلم، ولو ذميًا، خلافًا للثلاثة.
قال في "الفروع": ولا شفعة لكافر على مسلم، نص عليه الإمام أحمد رضي الله عنه في وجوه كثيرة (2).
قال في "الإنصاف": وهو المذهب، وعليه الأصحاب، وهو من مفردات المذهب، انتهى (3).
وبه قال الحسن والشعبي.
وقيل: بلى، وبه قال مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، لعموم قوله عليه السلام:"لا يحل له أن يبيع حتى يستأذن شريكه، وإن باعه ولم يؤذنه، فهو أحق به"(4)، وهو الصحيح من حديث جابر رضي الله عنه، ولأنه خيار ثبت لدفع الضرر بالشراء، فاستوى فيه المسلم والكافر، كالعيب.
وأما ما روى الدارقطني في كتاب "العلل" عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا شفعة لنصراني"(5)، فهذا يخص عموم
(1) انظر: "الإقناع" للحجاوي (2/ 607).
(2)
انظر: "الفروع" لابن مفلح (4/ 415).
(3)
انظر: "الإنصاف" للمرداوي (6/ 312).
(4)
رواه عبد الرزاق في "المصنف"(14403)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(29043)، والدارقطني في "سننه"(4/ 224).
(5)
ورواه العقيلي في "الضعفاء"(4/ 313)، والطبراني في "المعجم الصغير" =
ما احتجوا به، ولأنه معنى يملك به يترتب على وجود ملك مخصوص، فلم يجب للذمي على المسلم، كالزكاة، ولأنه معنى يختص به العقار، فأشبه الاستعلاء في البنيان، يحققه: أن الشفعة إنما ثبتت للمسلم دفعًا للضرر عن ملكه، فقدم دفع ضرره على دفع ضرر المشتري، ولا يلزم من تقديم دفع ضرر المسلم على المسلم تقديم ضرر الذمي؛ فإن حق المسلم أرجحُ، ورعايته أولى، ولأن ثبوت الشفعة في محل الإجماع على خلاف الأصل، رعاية لحق الشريك المسلم، وليس الذمي في معنى المسلم، فيبقى على مقتضى الأصل، وتثبت الشفعة للمسلم على الذمي، لعموم الأدلة الموجبة، ولأنها إذا ثبتت في حق المسلم على المسلم، مع عظم حرمته ورعاية حقه، فلأنْ تثبت على الذمي مع دناءته أولى وأحرى، قاله في "المغني"(1).
تنبيهات:
الأول: لا تثبت الشفعة إلا في العقارات، فلا تجب فيما ليس بعقار، كشجر، وحيوان مفردين، وجوهر، وسيف، نعم يؤخذ البناء، والغراس تبعًا (2).
وذهب شذوذ من الناس إلى ثبوتها في المنقولات متعللين بعموم صدر هذا الحديث، مع أن آخره وسياقه يشعر بأن المراد به العقار؛ لأنه الذي تدخله الحدود وصرف الطرق (3).
= (569)، والخطيب في "تاريخ بغداد"(13/ 465)، وغيرهم.
(1)
انظر: "المغني" لابن قدامة (5/ 223 - 224).
(2)
انظر: "الإقناع" للحجاوي (2/ 610).
(3)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 208).
الثاني: لا بد من كون المبيع شِقْصًا مشاعًا مع شريك -ولو مكاتبًا- من عقار ينقسم قسمة إجبار، فأما المقسوم المحدود، فلا شفعة فيه -كما يأتي-، فلا تجب الشفعة فيما لا تجب قسمته، كحمام صغير، وبئر، وطريق، وعراص ضيقة (1).
وقال أبو حنيفة: تثبت فيه الشفعة.
وحجة الجمهور: قوله عليه السلام: "إنما قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم. . . . إلخ".
وهذه الصيغة في النفي تشعر بقبول القسمة، فيقال للبصير: لم تبصر كذا، ويقال للأكمه: لا تبصر كذا، وإن استعمل أحد الأمرين في الآخر، وذلك للاحتمال، فعلى هذا يكون في قوله:"فيما لم يقسم" إشعار بأنه قابل للقسمة، فإذا دخلت "إنما" المفيدة للحصر، اقتضت انحصار الشفعة في القابل، ذكره ابن دقيق العيد (2).
ولِما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: "لا شفعة في فناء، ولا طريق، ولا منقبة"، والمنقبة: الطريق الضيق بين دارين لا يمكن أن يسلكه أحد، ذكره أبو الخطاب في "رؤوس المسائل"، وأبو عبيد في "الغريب"(3).
وروي عن عثمان رضي الله عنه: أنه قال: لا شفعة في بئر، ونخل (4).
(1) انظر: "الإقناع" للحجاوي (2/ 610).
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 207 - 208).
(3)
انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (3/ 121).
(4)
رواه الإمام مالك في "الموطأ"(2/ 717)، ومن طريقه: عبد الرزاق في "المصنف"(14393).
ولأن إثبات الشفعة في هذا يضر بالبائُع؛ لأنه لا يمكنه أن يتخلص من إثبات الشفعة في نفسه بالقسمة (1).
الثالث: يؤخذ من قوله صلى الله عليه وسلم: "فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعة": عدمُ ثبوت الشفعة للجار، وهذا معتمد مذهب الإمام أحمد، ومالك، والشافعي.
وقال الإمام أبو حنيفة: تجب الشفعة للجار.
وهي رواية عن الإمام أحمد؛ إِلا أنها مرجوحة بالمرة.
واستدل لقول أبي حنيفة بقوله صلى الله عليه وسلم: "جار الدار أحقُّ بدار الجار" رواه النسائي، وأبو يعلى في "مسنده"، وابن حبّان من حديث أنس (2)، ورواه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي من حديث سمرة بن جندب (3)، ورواه الطبراني من حديث سمرة بلفظ:"جار الدار أحق بالشفعة"(4).
وبما روى ابن سعد عن الشريد بن سويد مرفوعًا: "جارُ الدار أحقُّ بالدار من غيره"(5).
(1) انظر: "المغني" لابن قدامة (5/ 181).
(2)
رواه ابن حبان في "صحيحه"(5182)، ولم أقف عليه عند النسائي وأبي يعلى من حديث أنس رضي الله عنه بهذا اللفظ.
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(5/ 12)، وأبو داود (3517)، كتاب: الإجارة، باب: في الشفعة، والترمذي (1368)، كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في الشفعة.
(4)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(6941).
(5)
رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(5/ 513)، وكذا رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 388).
وبما روى البخاري، وأبو داود، والنسائي عن أبي رافع مرفوعًا:"الجار أحقُّ بصقبه"(1).
وبما روى الإمام أحمد، وأصحاب السنن من حديث جابر مرفوعًا:"الجار أحقُّ بشفعة جاره ينتظر بها، وإن كان غائبًا، بأن كان طريقهما واحد"(2).
والمانعون أجابوا عن هذه الأحاديث بأجوبة:
أما ما في "البخاري" من قوله: "أحق بصقبه"، فقد أبهم الحق، ولم يصرح به، فلم يجز أن يحمل على العموم في مضمر؛ لأن العموم يستعمل في المنطوق به دون المضمر.
قال الخطابي (3)، وابن الأثير (4): الصقب -بالسين والصاد- وفي الأصل: القرب.
وقال في "القاموس": الجار أحق بصقبه؛ أي: بما يليه ويقرب منه (5).
وقال العلّقمي في "حاشية الجامع الصغير": يحتج بهذا الحديث من أوجب الشفعة للجار.
(1) رواه البخاري (6577)، كتاب: الحيل، باب: في الهبة والشفعة، وأبو داود (3516)، كتاب: الإجارة، باب: في الشفعة، والنسائي (4702)، كتاب: البيوع، باب: ذكر الشفعة وأحكامها.
(2)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 303)، وأبو داود (3518)، كتاب: الإجارة، باب: في الشفعة، والترمذي (1369)، كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في الشفعة للغائب، وابن ماجة (2494)، كتاب: الشفعة، باب: الشفعة بالجوار.
(3)
انظر: "معالم السنن" للخطابي (3/ 154).
(4)
انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (3/ 41).
(5)
انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 135)، (مادة: صقب).
وقال: ومن لم يثبتها للجار، تأول الجار على الشريك.
ويحتمل أن يكون المراد: أحق بالبر والمعونة وما في معناهما، بسبب قربه من جاره (1).
وأجابوا عن حديث سمرة: بأن أهل الحديث اختلفوا في لقاء الحسن له، ومن أثبت لقاءه، قال: إنّه لم يَروِ عنه إِلَّا حديثَ العقيقة، وقد رواه الحسن عن سمرة.
وعن حديث: "الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها، وإن كان غائبًا" بأن شعبة قال: سها فيه عبد الملك بن سليمان الذي الحديثُ في روايته.
قال الإمام أحمد: هذا الحديث منكر.
قال ابن معين: لم يروه غير عبد الملك، وقد أنكر عليه.
قال الإمام المجد: ويقوَّى ضعفُه بحديث جابر (2) -يعني: الذي نحن بصدد شرحه-.
قال بعض الحنفية: يلزم الشّافعية القائلين بحمل اللفظ على حقيقته مجازًا أن يقولوا بشفعة الجوار؛ لأن الجار حقيقةٌ في المجاور، ومجازٌ في الشريك.
وأجيب عنه: بأن محله عند التجرد، وقد قامت القرينة هنا للمجاز، فاعتبر للجمع بين حديثي جابر وأبي رافع، فإن حديث جابر صريح في اختصاص الشفعة بالشريك، وحديث أبي رافع مصروف الظاهر اتفاقًا؛ لأنه يقتضي أن يكون الجار أحقَّ من كل أحد، حتى من الشريك، والذين قالوا
(1) انظر: "حاشية السيوطي على سنن النسائي"(7/ 320).
(2)
انظر: "المنتقى" للمجد ابن تيمية (2/ 353)، عقب حديث (2449).
بشفعة الجوار قدموا الشريك مطلقًا، ثم المشارك في الطريق، ثم الجار على من ليس بمجاور (1).
قلت: وتوسط شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال: تثبت الشفعة للجار مع الشركة في الطريق، واختاره تلميذه ابن قاضي الجبل في "الفائق"، لما روى الترمذي من حديث جابر مرفوعًا:"الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها إذا كان غائبًا، بأن كان طريقهما واحدًا"، قال: وهذا ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية أبي طالب، وقد سأله عن الشفعة، فقال: إذا كان طريقهما واحدًا شركاء لم يقتسموا، فإذا طرقت الطرق، وعرفت الحدود، فلا شفعة.
قال: الحارثي من علمائنا: ومن النَّاس من قال بالجواز، لكنه يقيد الشركة في الطريق.
وذكر كلام الإمام أحمد في رواية أبي طالب، ثمّ قال: وهذا الصحيح الذي يتعين المصير إليه، ثم ذكر أدلته، وقال: وفي هذا المذهب جمع بين الأخبار، فيكون أولى بالصواب (2).
الرابع: يشترط للأخذ بالشُّفعَةِ -مع ما تقدم-: المطالبةُ بها على الفور، وأخذ جميع المبيع، وأن يكون للشفيع ملك الرقبة سابقًا.
وعن أبي حنيفة: لا بد من طلبها على الفور، حتى إن علم وسكت هنيهة، ثم طلب الشفعة، فليس له ذلك، وعنه: رواية أخرى: ما دام قاعدًا في ذلك المجلس، فله أن يطالب بالشفعة ما لم يصدر منه ما يدل على الإعراض، من نحو قيام، واشتغال بشغل آخر.
(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (4/ 438).
(2)
انظر: "المبدع" لابن مفلح (5/ 206)، و"الإنصاف" للمرداوي (6/ 255).
وعن مالك: أنها لا ينقطع استحقاقه بسكوته عن الطلب إلا بعد سنة.
وعنه: لا تنقطع إلا أن يأتي عليه من الزمان ما يعلم به أنه تارك لها، فأما طلبها عنده، فعلى التراخي.
وقال الشافعي في القديم: إنها على التراخي، وقال في الجديد: إنها على الفور، فمتى أخر الطلب من غير عذر، فلا شفعة له.
قال الإمام أحمد -كما في رواية أبي طالب-: الشفعة بالمواثبة ساعةَ يعلمه، ودليله حديثُ عمر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الشفعة كحلِّ العِقال"(1).
وفي لفظ: "الشفعة كنشطة العِقال، إن قيدت، ثبتت، وإن تركت، فاللوم على من تركها". قال في "المغني": رواه الفقهاء في كتبهم (2).
الخامس: لا يحل الكذبُ والتحيل على إسقاط حق المسلم من الشفعة وغيرها، ويجب على المشتري تسليمُ الشَّقص بالثّمن الذي وقع باطنًا، والتحيلُ على إسقاطها بعد وجوبها حرامٌ بالاتفاق، كما في "مختصر فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية"، قال: والنزاع في الاحتيال عليها قبل الوجوب، ومن صور الاحتيال لإسقاطها: أن تكون قيمة الشقص مئة، وللمشتري
(1) رواه ابن ماجة (2500)، كتاب: الشفعة، باب: طلب الشفعة.
(2)
انظر: "المغني" لابن قدامة (5/ 187). قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير"(3/ 56): هذا الحديث ذكره القاضي أبو الطيب وابن الصباغ والماوردي هكذا بلا إسناد، وذكره ابن حزم من حديث ابن عمر، وذكره عبد الحق في "الأحكام"، عنه، وتعقبه ابن القطان بأنه لم يره في "المحلى"، وأخرج عبد الرزاق من قول شريح: إنما الشفعة لمن واثبها، وذكره قاسم بن ثابت في "دلائله".
عرض قيمته مئة، فيبيعه العرض بمئتين، ثم يشتري الشقص منه بمئتين، فيتقاصان، والله أعلم (1).
السادس: ظاهر صنيع المؤلف أن هذا الحديث من متفق الشيخين، وليس كذلك، بل هو بهذا اللفظ من أفراد البخاري (2).
(1) وانظر: "الفتاوى المصرية الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (4/ 503 - 504).
(2)
قلت: ولعل المصنف رحمه الله أراد أن أصل الحديث قد أخرجاه في "صحيحيهما"، وإن كان مسلم قد أخرجه بمعناه.