الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السادس
عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: ذُكِرَ العَزْلُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"وَلِمَ يَفْعَلُ ذَلِكَ أَحَدُكُم؟ "، وَلَمْ يَقُلْ: فَلَا يَفْعَلْ "فَإِنَّهُ لَيْسَتْ نَفْسٌ مَخْلُوقَةٌ إلا اللهُ خَالِقُهَا"(1)
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (2116)، كتاب: البيوع، باب: بيع الرقيق، و (2404)، كتاب: العتق، باب: من ملك من العرب رقيقًا فوهب وباع وجامع وفدى وسبى الذرية، و (3907)، كتاب: المغازي، باب: غزوة بني المصطلق، و (4912)، كتاب: النكاح، باب: العزل، و (6229)، كتاب: القدر، باب:{وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38]، و (6974)، كتاب: التوحيد، باب:{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر: 24]، ومسلم (1438/ 132)، واللفظ له، و (1438/ 215 - 133)، كتاب: النكاح، باب: حكم العزل، وأبو داود (2170 - 2172)، كتاب: النكاح، باب: ما جاء في العزل، والنسائي (3327)، كتاب: النكاح، باب: العزل، والترمذي (1138)، كتاب: النكاح، باب: ما جاء في كراهية العزل، وابن ماجه (1926)، كتاب: النكاح، باب: العزل.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"الاستذكار" لابن عبد البر (6/ 221)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 615)، و"المفهم" للقرطبي (4/ 163)، و"شرح مسلم" للنووي (10/ 10)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 74)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1375)، و"فتح الباري" لابن حجر (9/ 306)، و"عمدة القاري" للعيني (12/ 47)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني =
(عن أبي سعيد) محمدِ بن مالكٍ (الخدريِّ رضي الله عنه، قال: ذُكر العزلُ)؛ أي: النزعُ بعد الإيلاج لينزل خارجَ الفرج (1).
وفي رواية عن عبد الله بنُ محيريز الجمحي: أنه قال: دخلت المسجدَ، فرأيت أبا سعيد الخدري، فجلست إليه، فسألته عن العزل (2).
ووقع عند الإمام مسلم: قال: ابن مُحيريز: دخلت أنا وأبو صِرْمَة على أبي سعيد، فسأله أبو صرمة، فقال: يا أبا سعيد! هل سمعتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر العزل (3)؟ وأبو صِرْمة -بكسر الصاد المهملة وسكون الراء- اسمه مالك، وقيل: قيس، صحابي مشهور من الأنصار (4)(لرسول الله صلى الله عليه وسلم) متعلق بذُكر، (فقال):(وَلِمَ يفعلُ ذلك أحدُكم؟! ولم يقلْ) صلى الله عليه وسلم: (فلا يفعلْ) ذلك، فصرّح في هذه الرواية بأنه عليه السلام لم يصرّح لهم بالنهي، وإنما أشار بالاستفهام الإنكاري إلى أن الأولى تركُ ذلك العزل إن كان خشيةَ حصول الولد، فلا فائدة في ذلك، وفي رواية: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أو إنكم لتفعلون؟ "(5) هذا الاستفهام يشعر بأنه ما كان اطلع على فعلهم ذلك، ففيه تعقيب على من قال: إن قول الصحابي: كنا نفعل كذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعٌ معتلًا بأن الظاهر اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم، ففي هذا الخبر أنهم فعلوا العزله، ولم يعلم به حتى سألوه عنه، نعم للقائل أن يقول: كانت
= (8/ 104)، و"سبل السلام" للصنعاني (3/ 146)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (6/ 346).
(1)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (9/ 305).
(2)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (3907).
(3)
تقدم تخريجه عند مسلم برقم (1438/ 125).
(4)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (9/ 306).
(5)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (4912).
دواعيهم متوفرة على سؤاله عن أمور الدين، فإذا فعلوا الشيء، وعلموا أنه لم يطلع عليه، بادروا إلى سؤاله عن الحكم فيه، فيكون الظهور من هذه الحيثية (1).
ووقع في رواية: "لا عليكم أَلَّا تفعلوا"(2)، ثم علل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:(فإنه)؛ أي: الشأن والأمر (ليست نفسٌ) من سائر النفوس (مخلوقة)؛ أي: مما سبق في علم الله أنها ستُخلق (إلا اللهُ) -جلّ شأنه- (خالقُها)، فإذا كان الله -سبحانه- قد قدر خلقَ الولد، لم يمنع العزلُ ذلك، فقد يسبق الماء، ولا يشعر العازل، فيحصل العُلوق، ويلحقه الولد، ولا رادّ لما قضى الله.
والفرار من الولد يكون لأسباب منها: خشيةُ علوق الزوجة الأُمَّة، لئلا يصير الولد رقيقًا، أو خشيةُ دخول الضرر على الولد المرضَع إذا كانت الموطوءة ترضعه، أو فرارًا من كثرة العيال إذا كان الرجل مُقِلًّا، فيرغب في قلة الولد لئلا يتضرر بتحصيل الكسب، وكل ذلك لا يغني شيئًا، فقد أخرج الإمام أحمد، والبزار، وصححه ابن حبان من حديث أنس: أن رجلًا سأل عن العزل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لو أنّ الماء الذي يكون منه الولد أهرقته على صخرة، لأخرج الله منها ولدًا"(3)، وله شاهدان في "الكبير" للطبراني عن ابن عباس، وفي "الأوسط" له عن ابن مسعود (4).
(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (9/ 307).
(2)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (2116، 6229)، وعند مسلم برقم (1438/ 125، 128 - 130).
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 140)، ورواه ابن حبان في "صحيحه"(4194) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
(4)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (9/ 308).
وفي "الصحيحين" من حديث أبي سعيد الخدري في بعض ألفاظه قال: أصبنا سبيًا، فكنا نعزل، فسألنا رسول الله، فقال:"وإنكم لتفعلون؟! " قالها ثلاثًا، "ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة"(1) النسمة -بفتح السين المهملة-، وهي الإنسان، إذ ما من نفس كائنةٍ في علم الله إلّا وهي [كائنة](2) في الخارج لابد من مجيئها من العدم إلى الوجود.
وفي "السنن" عنه: أن رجلًا قال: يا رسول الله! إن لي جارية، وأنا أعزل عنها، وأنا أكره أن تحمل، وأنا أريد ما يريد الرجال، وإن اليهود تحدّث أن العزل الموءودة الصغرى، قال:"كذبت يهود، لو أراد الله أن يخلقه، ما استطعت أن تصرفه"(3).
(1) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (4912)، وعند مسلم برقم (1438/ 127).
(2)
ما بين معكوفين سقطت من "ب".
(3)
تقدم تخريجه عند أبي داود برقم (2171).