الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
وَعَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا رَمَى امْرَأَتَهُ، وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَلَاعَنَا كَمَا قَالَ اللهُ عز وجل، ثُمَّ قَضَىَ بِالَولَدِ لِلْمَرْأَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ المُتَلَاعِنَيْنِ (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (4471)، كتاب: التفسير، باب: قوله: {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9]، واللفظ له، و (5000)، باب: إحلاف الملاعن، و (5007 - 5008)، باب: التفريق بين المتلاعنين، و (5009)، باب: يلحق الولد بالملاعنة، ومسلم (1494/ 8 - 9)، كتاب: اللعان، وأبو داود (2259)، كتاب: الطلاق، باب: في اللعان، والنسائي (3477)، كتاب: الطلاق، باب: نفي الولد باللعان وإلحاقه بأمه، والترمذي (1203)، كتاب: الطلاق، باب: ما جاء في اللعان، وابن ماجه (2069)، كتاب: الطلاق، باب: اللعان.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (3/ 270)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (6/ 94)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (5/ 194)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 68)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1360)، و"طرح التثريب" للعراقي (7/ 108)، و"فتح الباري" لابن حجر (8/ 451)، و"عمدة القاري" للعيني (20/ 301)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (8/ 178)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (7/ 61).
(وعنه)؛ أي: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن رجلًا) هو هلال بنُ أميةَ، أو عُويمرٌ العجلاني -كما مر- (رمى امرأته) بالزنا، وأسمها خولةُ بنتُ قيس، أو بنتُ عاصم -على ما مر-، وفي حديث سهل بن سعد ما يشعر بأن ذلك كان في العاشرة؛ لأنه قال: شهدت المتلاعنين وأنا ابن خمسَ عشرةَ سنةً، وقال: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن خمسَ عشرةَ سنة (1)، فهذا يدل على أن اللعان كان في السنة الأخيرة من زمان النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون في الحادية عشرة، أو في العاشرة بإلغاء الكسر.
لكن جزم الطبري، وأبو حاتم بن حبان بأن اللعان كان في شعبان سنة تسع، وجزم به غير واحد من المتأخرين.
ووقع في حديث عبد الله بن جعفر عند الدارقطني: أن قصة اللعان كانت منصرفَ النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك (2)، وهو قريب من قول الطبري ومن وافقه، لكن في إسناده الواقدي، فلا بدّ من تأويل أحد القولين، فإن أمكن، وإلا فحديث سهل أصح، ومما يوهن رواية الواقدي ما اتفق عليه أهلُ السير أن التوجه إلى تبوك كان في رجب، وما ثبت في "الصحيحين": أن هلال بن أمية أحدُ الثلاثة الذين تيب عليهم، وفي قصته: أن امرأته استأذنت له النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنه تخدمه، فأذن لها بشرط أَلَّا يقربها، فقالت له: إنه لا حراك به، وفيه: أن ذلك كان بعد أن مضى لهم أربعون يومًا (3)، فكيف تقع قصة
(1) رواه البخاري (6462)، كتاب المحاربين، باب: من أظهر الفاحشة واللطخ والتهمة بغير نية.
(2)
رواه الدارقطني في "سننه"(3/ 277).
(3)
رواه البخاري (4156)، كتاب: المغازي، باب: حديث كعب بن مالك، ومسلم (2769)، كتاب: التوبة، باب: حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه.
اللعان في الشهر الذي انصرفوا فيه من تبوك، ويقع لهلال مع كونه فيما ذكر من الشغل بنفسه وهجران الناس له، وغير ذلك؟!
وقد ثبت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن آية اللعان نزلت في حقه (1)، وكذا عند مسلم من حديث أنس: أنه أوّل من لاعنَ في الإسلام (2)، ووقع في رواية عباد بن منصور في حديث ابن عباس عند الإمام أحمد وأبي داود: حتى جاء هلال بن أمية، وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، فوجد عند أهله رجلًا، الحديث (3)، فهذا يدل على أن قصة اللعان تأخرت عن قصة تبوك.
قال في "الفتح": والذي يظهر: أن القصة كانت متأخرة، ولعلها كانت في شعبان سنة عشر لا تسع، وكانت الوفاة النبوية في شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة باتفاق، فيلتئم حينئذ مع حديث سهل بن سعد.
ووقع عند مسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه: كنّا ليلة الجمعة في المسجد، إذ جاء رجل من الأنصار، فذكر القصة في اللعان باختصار (4)، فعين اليوم، لكن لم يعين الشهر ولا السنة (5).
وذكر البرماوي: أن لعانه صلى الله عليه وسلم بين عويمر وامرأته كان في السنة التاسعة في شعبان في مسجده صلى الله عليه وسلم بعد العصر، قال: وكان عويمر قد قدم من تبوك، فوجدها حبلى.
(1) تقدم تخريجه.
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
تقدم تخريجه عند مسلم برقم (1495/ 10).
(5)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (9/ 447 - 448).
قلت: هذا ينافي كون هلال بن أمية أولَ من لاعن جزمًا كما يظهر بمزيد التأمل، والله أعلم.
(وانتفى) الملاعنُ (من ولدها)، وفي لفظ: فانتفى -بالفاء- (1)، قال الطيبي: الفاء سببية؛ أي: الملاعنة سبب الانتفاء، فإن أراد أن الملاعنة سبب ثبوت الانتفاء، فجيد، وإن أراد أن الملاعنة سبب وجود الانتفاء، فليس كذلك، فإنه إن لم يتعرض لنفي الولد في الملاعنة، لم ينتفِ.
واستدل بهذا الحديث على مشروعية اللعان لنفي الولد (2)، وهذا معتمد المذهب.
وفي رواية مرجوحة في مذهب الإمام أحمد: ينتفي الولد بمجرد اللعان، ولو لم يتعرض الرجل لذكره في اللعان، واختاره أبو بكر
عبد العزيز غلام الخلال (3).
ومعتمد المذهب: اعتبار ذكر نفي الولد صريحًا بأن يقول: أشهد بالله لقد زنت، وما هذا ولدي، وتعكس هي، أو تضمنًا، كقولِ مدَّعٍ زناها في طهرٍ لم يصيبها فيه، وأنه اعتزلها حتى ولدت: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما ادعيت به عليها، أو فيما رميتها به من الزنا، فإن لم يذكره، لم ينتف إلا أن يعيد اللعان بذكر نفيه (4)، وهكذا مذهب الشافعي، ومعتمد مذهب
(1) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (4471، 5009).
(2)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (9/ 460).
(3)
ووجه هذه الرواية: أنه سكت عن نفي ولد في نسب متحقق مع القدرة على نفيه في مجلسه، فلم يكن له نفيه. انظر:"التمام لما صح في الروايتين والثلاث والأربع عن الإمام" لابن أبي يعلى (2/ 180).
(4)
انظر: "الإقناع" للحجاوي (3/ 609).
الإمام أحمد: أنه لا ينتفي عنه إلا أن ينفيه باللعان التام، وهو أن يوجد اللعان بينهما جميعًا، ولا ينتفي بلعان الزوج وحده، خلافًا للشافعية، وإن نفى الحمل في التعانه، لم ينتف (1).
قال الإمام أحمد في رواية الجماعة: لعله يكون ريحًا لا ولدًا، فإذا وضعته، أعاد اللعان (2)(في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم) متعلق بكلٍّ من رمى، وانتفى، (فأمرهما)؛ أي: الزوجين (رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلاعنا) لأجل نفي الولد.
قال الشافعي: إن نفى الولد في الملاعنة، انتفى، وإن لم يتعرض له، فله أن يعيد اللعان لانتفائه، قال: ولا إعادة على المرأة.
قال الشافعية: وإن أمكنه الرفع إلى الحاكم، فأخرَ بغير عذر حتى ولدت، لم يكن له أن ينفيه كما في الشفعة (3).
وقال علماؤنا: من شرط نفي الولد أن ينفيه حالةَ علمه بولادته من غير تأخير إذا لم يكن عذر.
قال أبو بكر: لا يتقدّر ذلك بثلاث، بل هو على ما جرت به العادة، فإن كان ليلًا، فحتى يصبح وينشر الناس، وإن كان جائعًا أو ظمآن، فحتى يأكل أو يشرب، أو ينام إن كان ناعسًا، أو يلبس ثيابه ويسرج دابته ويصلي إن حضرت الصلاة، ويحرّز ماله إن لم يكن محرّزًا، أو ما أشبهه من أشغاله، فإن أخره بعد [هذا](4)، لم يكن له نفيه.
ولا بد ألَّا يوجد منه دليل على الإقرار به، فإن أقر، به أو بتوأمه، أو نفاه
(1) المرجع السابق، الموضع نفسه.
(2)
انظر: "المغني" لابن قدامه (8/ 71)، و"كشاف القناع" للبهوتي (5/ 403).
(3)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (9/ 460).
(4)
ما بين معكوفين ساقطة من "ب".
وسكت عن توأمه، أو هُنِّىء به فسكت، أو أمّن على الدعاء، أو قال: أحسن الله جزاءك، أو رزقك مثلَه، لحقه نسبُه، وامتنع نفيه، وإن قال: أخّرت نفيه رجاء موته، لم يعذر بذلك، وإن نفى العلم بولادته، وأمكن صدقه، قُبل قولُه مع يمينه: لا إن كان معها في الدار، وإن قال: علمت بولادته، ولم أعلم أن لي نفيه، أو علمت ذلك ولم أعلم أنه على الفور، وكان ممن يخفى عليه ذلك، كعامة الناس، ومن هو حديثُ عهد بالإسلام، ونحو أهل البادية، قُبل منه، لا إن كان فقيهًا.
ومتى أكذب نفسه بعد نفيه باللعان، لحقه نسبه، حيًا كان أو ميتًا، غنيًا كان أو فقيرًا، ويتوارثان، ولزمه الحد إن كانت محصنة، وإلا التعزير، فإن رجع عن إكذاب نفسه، وقال: لي بينة أقيمها بزناها، أو أراد إسقاط الحد باللعان، لم يُسمعا (1).
وقال بعض أصحاب الإمام مالك: ينتفي الحمل بلعانه، ولا يحتاج أن يقول: وما هذا الحمل مني، ولا قد استبرأتها، وكذلك قال بعض أهل الظاهر، وهو اختيار عبد العزيز غلام الخلال من أئمة مذهبنا (2).
وكان تلاعن المتلاعنين بحضرته صلى الله عليه وسلم (كما قال الله عز وجل) في صفة الملاعنة -على ما مرّ بيانه- (ثم قضى) صلى الله عليه وسلم (بالولد) الذي هو حمل المرأة الملاعنة المرأة (للمرأة) الملاعنة التي هي أمّه دون الملاعن، (وفرق) صلى الله عليه وسلم (بين المتلاعنين)، وفي لفظ: ففرق بينهما؛ أي: المتلاعنين، وألحق الولد بالمرأة (3).
(1) انظر: "الإقناع" للحجاوي (3/ 609 - 611).
(2)
انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (5/ 379).
(3)
تقدم تخريجه عند البخاري برقم (5009).
قال الدارقطني: تفرد الإمام مالك بهذه الزيادة.
قال ابن عبد البر: ذكروا أنّ مالكًا تفرّد بهذه اللفظة في حديث ابن عمر، وقد جاءت من وجه آخر في حديث سهل بن سعد عند أبي داود بلفظ: ثم خرجت حاملًا، فكان الولد [يُدعى] إلى أمه (1).
ومن رواية الأوزاعي عن الزهري: وكان الولد يُدعى إلى أمه (2).
ومعنى قوله: ثم قضى بالولد للمرأة؛ أي: حكم بأنه لها وحدها، ونفاه عن الزوج، فلا توارث بينهما، وأما أمه، فترث منه ما فرض الله لها كما وقع صريحًا في حديث سهل، وكان ابنها يدعى لأمه، ثم خرجت السنّة في ميراثها أنها ترثه ويرث منها ما فرض الله لها.
وقيل: معنى إلحاقه بأمه والقضاء به لها: صيّرها له أبًا وأمًا، فترث جميع ماله إذا لم يكن له وارثٌ آخر من ولد ونحوه، وهو قول ابن مسعود، وواثلة، وطائفة، ورواية عن الإمام أحمد، وروي عن ابن القاسم: وعنه: معناه: أنّ عصبة أمه تصير عصبة له، وهو قول علي، وابن عمر -رضوان الله عليهم-، وهو المشهور المعتمد في مذهب الإمام أحمد، وقيل: ترثه أمه وإخوته منها بالفرض والرّدّ، وهو قول أبي عبيد، ومحمد بن الحسن، ورواية عن الإمام أحمد، قال: فإن لم يرثه ذو فرضٍ بحال، فعصبتُه عصبة أمه، واستدل به بعضهم على أنّ الولد المنفي باللعان لو كان بنتًا، حلَّ للملاعن نكاحُها.
قال في "الفتح": وهو وجهٌ شاذ لبعض الشافعية، والأصح قولُ
(1) رواه أبو داود (2247)، كتاب: الطلاق، باب: في اللعان.
(2)
انظر: "التمهيد" لابن بد البر (15/ 21).
الجمهور أنها تحرم؛ لأنها ربيبة في الجملة (1).
قلت: وهذا بمعزل عن قواعد الإمام أحمد؛ لأنه لا يسوغ له أن ينكح بنت موطوءته بحال على المعتمد، والله الموفق.
قال في "الهدي": فإن قيل: قد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بعد اللعان ونفي الولد بأنه إن جاء شبهَ الزوج صاحبِ الفرالش، فهو له، وإن جاء شبهَ الذي رُميت به، فهو له، فما قولكم في مثل هذه الواقعة في الذي لاعنَ امرأته، وانتفى من ولدها، ثم جاء الولد يشبهه، هل تلحقونه [به](2) بالشبه عملًا بالقافة؟ أو تحكمون بانقطاع نسبه عملًا بموجب لعانه؟
فأجاب: بأنه محل ضنك، وموضع ضيق، تجاذب أعنته باللعان المقتضي لانقطاع النسب، وانتفاء الولد، وأنه يدعى لأمه، ولا يدعى لأب، والشبه الدال على ثبوت نسبه من الزوج، فإنه ابنه مع شهادة النبي صلى الله عليه وسلم بأنها إن جاءت به على شبهه، فالولد له، وأنه كذب عليها، فهذا مما لا يتخلص منه إلّا المستبصرُ البصيرُ بأدلةِ الشرع وأسراره، والخبيرُ بجمعه وفرقه، ثم استظهر أنّ حكم اللعان قطع حكم التبعة، وصار معه بمنزلة أقوى الدليلين مع أضعفها، فلا عبرة للشبه بعد مضي حكم اللعان، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما أخبر عن شأن الولد وشبهه، ليبيّن الصادقَ منهما من الكاذب الذي قد استوجبَ اللعنةَ والغضب، لا ليغيرَ بذلك حكمَ اللعان، بدليل أنه إنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك بعد الانتفاء من الولد (3).
قال في "الهدي": وإن لاعنَها وهي حامل، وانتفى من حملها، انتفى
(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (9/ 460 - 461).
(2)
ما بين معكوفين ساقطة من "ب".
(3)
انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (5/ 380 - 381).
عنه، ولم يحتج أن يلاعن بعدَ وضعه، كما دلّت على ذلك السنّة الصحيحة الصريحة.
وهذا موضع اختلف فيه الفقهاء، قال أبو حنيفة: لا يلاعن لنفيه حتى تضع، لاحتمال أن يكون ريحًا فينفس، ولا يكون للّعان حينيذٍ معنى، وهذا هو الذي ذكره الخرقي في "مختصره"، فقال: وإن نفى الحمل في التعانه، لم ينتفِ حتى ينفيه عند وضعها له، ويلاعن (1)، وتبعه الأصحاب، وخالفهم الإمام الموفق (2).
وقال: جمهور أهل العلم: له أن يلاعن في حال الحمل اعتمادًا على قصة هلال بن أميّة، فإنها صحيحة صريحة في اللعان حالَ الحمل، ونفي الولد في تلك الحاله، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"إن جاءت به على صفة كذا وكذا، فلا أراه إلّا قد صدق"(3).
وفي "البخاري" في قصة عويمر: "انظروا، فإن جاءت به أَشحمَ، أدعجَ العينين، عظيمَ الأليتين، خَدَلَّجَ الساقين، فما أحسبُ عويمرًا إلّا قد صدق عليها، وإن جاءت به أُحيمر كأنه وَحَرَة، فلا أحسب عويمرًا إلّا قد كذب عليها"، فجاءت به على النعت الذي نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصديق عويمر (4)، وفي رواية: كانت حاملًا، فأنكر حملها (5).
(1) انظر: "مختصر الخرقي"(ص: 109).
(2)
انظر: "المغني" لابن قدامة (8/ 60 - 61).
(3)
انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (5/ 384 - 385).
(4)
رواه البخاري (4468)، كتاب: التفسير، باب: قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إلا أَنْفُسُهُمْ} ، عن سهل بن سعد رضي الله عنه.
(5)
رواه البخاري (4469)، كتاب: التفسير، باب:{وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} ، عن سهل بن سعد رضي الله عنه.
قوله: "أحيمر" تصغير أحمر كما هو في لفظ، وفي لفظ:"أشقر"(1).
قال ثعلب: المراد بالأحمر: الأبيض؛ لأن الحمرة إنما تبدو في البياض.
وقوله: "كأنه وَحَرَة" هو -بفتح الواو والحاء المهملة-: دُوَيْبَّةٌ تترامى على الطعام واللحم فتفسده، وهي من نوع الوزغ (2).
وفي قصة هلال: "فإن جاءت به أبيض سبطًا، قضيء العينين، فهو لهلال بن أميّة، وإن جاءت به أكحل، جعدًا، حمشَ الساقين"؛ أي: دقيقهما؛ أي: "فهو لشريك بن سحماء"(3).
قال الإمام الموفق في "المغني": قال مالك، والشافعي، وجماعة من أهل الحجاز: يصح نفيُ الحمل، وينتفي عنه، محتجين بحديث هلاله، فإنه نفى حملها، فنفاه عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وألحقه بالأم، ولا يخفى بأنه كان حملًا، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:"انظروها، فإن جاءت به كذا وكذا"، قال: ولأنّ الحمل مظنون بأمارات تدل عليه، ولهذا ثبت للحامل أحكام تخالف فيها غير الحامل، من النفقة، والفطر في الصيام، وترك إقامة الحدّ عليها، وتأخير القصاص عنها، وغير ذلك مما يطول ذكره، قال: وهذا القول هو الصحيح، لموافقته لظواهر الأحاديث، وما خالف الحديث لا يعبأ به كائنًا ما كان.
قال: وأما مذهب أبي حنيفة، فإنه لا يصح نفيُ الحمل واللعانُ عليه، فإن لاعنَها حاملًا، ثم أتت بالولد، لزمه عنده، ولم يتمكن من نفيه أصلًا؛ لأن اللعان لا يكون إلّا بين الزوجين، وهذه قد بانت بلعانها في حال
(1) رواه الإمام الشافعي في "مسنده"(ص: 257)، عن سهل بن سعد رضي الله عنه.
(2)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (9/ 453).
(3)
رواه مسلم (1496)، كتاب: اللعان، عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
حملها (1)، وفي هذا إلزامه ولدًا ليس منه.
وعند صاحبيه: له أن ينفي الحمل ما بين الولادة إلى تمام أربعين ليلة منها (2).
تتمة: روى أبو داود في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ففرّق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما، وقضى أَلَّا يُدعى ولدها لأب، ولا يُرمى ولدها، ومن رماها، أو رمى ولدها، فعليه الحدّ.
وفي القصة: قال عكرمة: وكان بعد ذلك أميرًا على مصر، ولا يدعى لأب (3).
ووقع في آخر حديث ابن عباس عند الحاكم، قال ابن عباس: فما كان في المدينة أكثر ماشية منه (4).
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" فيما رواه أبو داود وغيره من قول عكرمة: فكان بعد ذلك أميرًا على مصر؛ أي: من الأمصار.
قال: وظنّ بعضُ شيوخنا أنه أَراد مصر البلد المشهور، فقال: فيه نظر؛ لأنّ أمراء مصر معروفون، معدودون، وليس فيهم هذا، ووقع في حديث عبد الله بن جعفر عند ابن سعد في "الطبقات": ولد الملاعنة عاش بعد ذلك بسنتين، ومات، وهذا ممّا يقوي التعدد (5)، والله الموفق.
(1) انظر: "المغني" لابن قدامة (8/ 61).
(2)
انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (5/ 385 - 386).
(3)
تقدم تخريجه عند أبي داود برقم (2256).
(4)
رواه الحاكم في "المستدرك"(2813)، من حديث عكرمة، عن ابن عباس، به، وليس فيه ما ذكره الحافظ ابن حجر، والله أعلم.
(5)
انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (9/ 455).