المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الوليمة على العرس - كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطَّهَارَة

- ‌أَنْوَاع الْمِيَاه

- ‌بَاب أَقسَام الْمِيَاه

- ‌بَاب جُلُود الْميتَة وعظمها

- ‌بَاب الْآنِية

- ‌بَاب السِّوَاك

- ‌فَرَائض الْوضُوء

- ‌سنَن الْوضُوء

- ‌بَاب الِاسْتِنْجَاء وآداب التخلي

- ‌نواقض الْوضُوء

- ‌مُوجبَات الْغسْل

- ‌فَرَائض الْغسْل

- ‌سنَن الْغسْل

- ‌(الأغسال المسنونة)

- ‌بَاب الْمسْح على الْخُفَّيْنِ

- ‌بَاب التَّيَمُّم

- ‌بَاب إِزَالَة النَّجَاسَة

- ‌بَاب الْحيض وَالنّفاس

- ‌بَاب مَا يحرم بِالْحيضِ وَالنّفاس

- ‌بَاب مَا يحرم على الْجنب والمحدث

- ‌كتاب الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة وأوقاتها

- ‌بَاب شَرَائِط وجوب الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات المسنونة

- ‌بَاب شَرَائِط صِحَة الصَّلَاة

- ‌بَاب أَرْكَان الصَّلَاة

- ‌بَاب سنَن الصَّلَاة

- ‌بَاب هيئات الصَّلَاة

- ‌بَاب مَا تخَالف فِيهِ الْمَرْأَة الرجل

- ‌بَاب مبطلات الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة

- ‌بَاب مَا يتْرك سَهوا من الصَّلَاة

- ‌بَاب الْأَوْقَات الَّتِي يكره فِيهَا الصَّلَاة

- ‌بَاب صَلَاة الْجَمَاعَة

- ‌بَاب قصر الصَّلَاة وَجَمعهَا

- ‌بَاب صَلَاة الْجُمُعَة

- ‌بَاب صَلَاة الْعِيدَيْنِ

- ‌بَاب صَلَاة الْكُسُوف والخسوف

- ‌بَاب صَلَاة الاسْتِسْقَاء

- ‌بَاب صَلَاة الْخَوْف

- ‌بَاب مَا يحرم على الرِّجَال من لِبَاس وَغَيره

- ‌كتاب الْجَنَائِز

- ‌بَاب مَا يلْزم الْمَيِّت

- ‌كتاب الزَّكَاة

- ‌بَاب مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة وشرائط وُجُوبهَا فِيهِ

- ‌بَاب أنصبة مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة

- ‌بَاب زَكَاة الْفطر

- ‌بَاب أهل الزَّكَاة

- ‌بَاب صَدَقَة التَّطَوُّع

- ‌كتاب الصّيام

- ‌بَاب فَرَائض الصَّوْم

- ‌بَاب مفسدات الصَّوْم

- ‌بَاب مَا يسْتَحبّ فِي الصَّوْم

- ‌بَاب مَا نهي عَن صَوْمه

- ‌بَاب كَفَّارَة الْإِفْطَار وَمن يجوز لَهُ

- ‌بَاب صَوْم التَّطَوُّع

- ‌بَاب الِاعْتِكَاف

- ‌كتاب الْحَج

- ‌بَاب شَرَائِط وجوب الْحَج

- ‌بَاب أَرْكَان الْحَج

- ‌بَاب وَاجِبَات الْحَج

- ‌بَاب سنَن الْحَج

- ‌بَاب مُحرمَات الاحرام

- ‌بَاب الدِّمَاء الْوَاجِبَة فِي الْإِحْرَام

- ‌كتاب الْبيُوع وَغَيرهَا من الْمُعَامَلَات

- ‌بَاب أَنْوَاع الْبيُوع

- ‌بَاب الرِّبَا

- ‌بَاب الْخِيَار

- ‌بَاب السّلم

- ‌بَاب الرَّهْن

- ‌بَاب الْحجر

- ‌بَاب الصُّلْح

- ‌بَاب الْحِوَالَة

- ‌بَاب الضَّمَان

- ‌بَاب الْكفَالَة بِالْبدنِ

- ‌بَاب الشّركَة

- ‌بَاب الْوكَالَة

- ‌بَاب الْإِقْرَار

- ‌بَاب الْعَارِية

- ‌بَاب الْغَصْب

- ‌بَاب الشُّفْعَة

- ‌بَاب الْقَرَاض

- ‌بَاب الْمُسَاقَاة

- ‌بَاب الْإِجَارَة

- ‌بَاب الْجعَالَة

- ‌بَاب الْمُزَارعَة وَالْمُخَابَرَة

- ‌بَاب احياء الْموَات

- ‌بَاب الْوَقْف

- ‌بَاب الْهِبَة

- ‌بَاب اللَّقِيط

- ‌بَاب الْوَدِيعَة

- ‌كتاب الْفَرَائِض والوصايا

- ‌بَاب الْوَارِثين

- ‌بَاب الْفُرُوض الْمقدرَة وأصحابها

- ‌بَاب الْوَصِيَّة

- ‌كتاب النِّكَاح وَمَا يتَّصل بِهِ من الْأَحْكَام والقضايا

- ‌بَاب شُرُوط عقد النِّكَاح

- ‌بَاب الْمُحرمَات

- ‌بَاب عُيُوب الْمَرْأَة وَالرجل

- ‌بَاب الصَدَاق

- ‌بَاب الْمُتْعَة

- ‌بَاب الْوَلِيمَة على الْعرس

- ‌بَاب التَّسْوِيَة بَين الزَّوْجَات

- ‌بَاب الْخلْع

- ‌كتاب الطَّلَاق

- ‌بَاب صَرِيح الطَّلَاق وكنايته

- ‌بَاب الطَّلَاق السّني والبدعي

- ‌بَاب مَا يملكهُ الْحر وَالْعَبْد من تَطْلِيقَات

- ‌بَاب الرّجْعَة

- ‌بَاب الْإِيلَاء

- ‌بَاب الظِّهَار

- ‌بَاب اللّعان

- ‌بَاب الْعدة

- ‌بَاب الِاسْتِبْرَاء

- ‌بَاب الرَّضَاع

- ‌بَاب النَّفَقَة

- ‌بَاب الْحَضَانَة

- ‌كتاب الْجِنَايَات

- ‌بَاب أَنْوَاع الْقَتْل

- ‌بَاب الْقصاص فِيمَا دون النَّفس

- ‌بَاب الدِّيات

- ‌بَاب الْقسَامَة

- ‌بَاب كَفَّارَة الْقَتْل

- ‌كتاب الْحُدُود

- ‌بَاب حد الزِّنَا

- ‌بَاب حد الْقَذْف

- ‌بَاب حد الْخمر

- ‌بَاب حد السّرقَة

- ‌بَاب حد قطاع الطَّرِيق

- ‌بَاب حكم الصَّائِل

- ‌بَاب قتال الْبُغَاة

- ‌بَاب الرِّدَّة وَحكم الْمُرْتَد

- ‌كتاب الْجِهَاد

- ‌بَاب الْغَنِيمَة

- ‌بَاب الْفَيْء

- ‌بَاب الْجِزْيَة

- ‌كتاب الصَّيْد والذبائح والضحايا والأطعمة

- ‌بَاب الزَّكَاة وَالصَّيْد

- ‌بَاب مَا يحل وَمَا يحرم من الْأَطْعِمَة

- ‌بَاب الْأُضْحِية

- ‌بَاب الْعَقِيقَة

- ‌كتاب السَّبق وَالرَّمْي

- ‌كتاب الْإِيمَان وَالنُّذُور

- ‌بَاب الْيَمين

- ‌بَاب النّذر

- ‌كتاب الْأَقْضِيَة

- ‌بَاب شُرُوط القَاضِي

- ‌بَاب آدَاب الْقَضَاء

- ‌بَاب الْقِسْمَة

- ‌بَاب الدعاوي والبينات

- ‌بَاب الشَّهَادَة

- ‌بَاب أَقسَام الْمَشْهُود بِهِ

- ‌كتاب الْعتْق

- ‌بَاب الْوَلَاء

- ‌بَاب التَّدْبِير

- ‌بَاب الْكِتَابَة

- ‌بَاب أَحْكَام أم الْوَلَد

الفصل: ‌باب الوليمة على العرس

‌بَاب الْمُتْعَة

فصل فِي الْمُتْعَة وَهِي اسْم لِلْمَالِ الَّذِي يَدْفَعهُ الرجل إِلَى امْرَأَته لمفارقته إِيَّاهَا

الْفرْقَة ضَرْبَان فرقة تحصل بِالْمَوْتِ فَلَا توجب مُتْعَة بالاجماع قَالَه النَّوَوِيّ وَفرْقَة تحصل فِي الْحَيَاة كَالطَّلَاقِ فَإِن كَانَ قبل الدُّخُول نظر إِن لم يتشطر الْمهْر فلهَا الْمُتْعَة وَإِن تشطر فَلَا مُتْعَة لَهَا على الْمَشْهُور وَإِن كَانَ بعد الدُّخُول فلهَا الْمُتْعَة على الْأَظْهر وكل فرقة من الزَّوْج لَا سَبَب فِيهَا أَو من أَجْنَبِي فكالطلاق مثل أَن لَاعن أَو وطئ أَبوهُ أَو ابْنه زَوجته بِشُبْهَة وَنَحْو ذَلِك وَالْخلْع كَالطَّلَاقِ على الصَّحِيح وَلَو علق الطَّلَاق بِفِعْلِهَا فَفعلت أَو لامسها ثمَّ طَلقهَا بعد الْمدَّة بطلبها فكالطلاق على الصَّحِيح وكل فرقة مِنْهَا أَو بِسَبَب لَهَا فِيهَا لَا مُتْعَة فِيهَا كفسخها باعساره أَو غيبته أَو فَسخه بعيبها وَلَو اشْترى زَوجته فَلَا مُتْعَة على الْأَظْهر

وَاعْلَم أَن المعتة يَسْتَوِي فِيهَا الْمُسلم وَالذِّمِّيّ وَالْحر وَالْعَبْد والحرة وَالْأمة وَهِي فِي كسب العَبْد ولسيد الْأمة كالمهر وَيسْتَحب فِي الْمُتْعَة أَن لَا تنقص عَن ثَلَاثِينَ درهما وَأما الْوَاجِب فَإِن تَرَاضيا بِشَيْء فَذَاك وَإِن تنَازعا قدرهَا القَاضِي بِاجْتِهَادِهِ على الصَّحِيح وَيعْتَبر حَالهمَا على الصَّحِيح وَهُوَ ظَاهر نَص الشَّافِعِي فِي الْمُخْتَصر وَيجوز أَن تزاد الْمُتْعَة على نصف مهرهَا على الصَّحِيح لاطلاق الْآيَة وَفِي قَول يشْتَرط أَن لَا تزاد على النّصْف من صَدَاقهَا وَفِي آخر أَن تنقص عَن النّصْف وَالله أعلم قَالَ

‌بَاب الْوَلِيمَة على الْعرس

فصل والوليمة على الْعرس مُسْتَحبَّة والإجابة إِلَيْهَا وَاجِبَة إِلَّا من عذر

الْوَلِيمَة طَعَام الْعرس مُشْتَقَّة من الولم وَهُوَ الْجمع لِأَن الزَّوْجَيْنِ يَجْتَمِعَانِ وَقَالَ الشَّافِعِي وَالْأَصْحَاب الْوَلِيمَة تقع على كل دَعْوَة تتَّخذ لسرور حَادث كَنِكَاح أَو ختان أَو غَيرهمَا وَالْأَشْهر اسْتِعْمَالهَا عِنْد الاطلاق فِي النِّكَاح وتقيد فِي غَيره فَيُقَال لدَعْوَة الْخِتَان أعذارا ولدعوة الْولادَة عقيقة ولسلامة الْمَرْأَة من الطلق خرس لقدوم الْمُسَافِر نقيعة ولأحداث الْبناء وكيرة وَلما يتَّخذ للمصيبة وضيمة وَلما يتَّخذ بِلَا سَبَب مأدبة قَالَ النَّوَوِيّ لم يبين الْأَصْحَاب من يصنع وَلِيمَة القادم من السّفر وَفِيه خلاف لأهل اللُّغَة فَنقل الْأَزْهَرِي عَن الْفراء أَنه القادم وَقَالَ صَاحب الْمُحكم هُوَ طَعَام يصنع للقادم وَهُوَ الْأَظْهر وَالله أعلم قلت ذكر الْحَلِيمِيّ الْمَسْأَلَة وَقَالَ يسْتَحبّ للْمُسَافِر أَن يطعم النَّاس وَنقل فِيهِ آثاراً عَن الصَّحَابَة وَغَيرهم وَجزم بذلك وَهُوَ عكس مَا صَححهُ النَّوَوِيّ وَالله أعلم وَهل وَلِيمَة الْعرس وَاجِبَة أم لَا قَولَانِ

ص: 373

أَحدهمَا أَنَّهَا وَاجِبَة لقَوْله لعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَقد تزوج أولم وَلَو بِشَاة وَلِأَن عليه الصلاة والسلام مَا تَركهَا حضرا وَلَا سفرا وَالْأَظْهَر وَهُوَ مَا جزم بِهِ الشَّيْخ أَنَّهَا مُسْتَحبَّة لقَوْله صلى الله عليه وسلم لَيْسَ فِي المَال حق سوى الزَّكَاة وَلِأَنَّهَا طَعَام لَا يخْتَص بالمحتاجين فَأشبه الْأُضْحِية وَقِيَاسًا على سَائِر الولائم والْحَدِيث الأول مَحْمُول على تَأَكد الِاسْتِحْبَاب وَقيل إِنَّهَا فرض كِفَايَة إِذا فعلهَا وَاحِد اَوْ اثْنَان فِي نَاحيَة وشاع وَظهر سقط عَن البَاقِينَ وَأما سَائِر الولائم غير وَلِيمَة الْعرس فَالْمَذْهَب الَّذِي قطع بِهِ الْجُمْهُور أَنَّهَا مُسْتَحبَّة وَلَا تتأكد تَأَكد وَلِيمَة الْعرس وَفِي قَول إِن سَائِر الولائم وَاجِبَة وَهُوَ قَول مخرج وَأَقل الْوَلِيمَة للقادر شَاة لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَو لم على زَيْنَب بنت جحش رضي الله عنها بِشَاة وَبِأَيِّ شَيْء أولم كفى لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أولم على صَفِيَّة رضي الله عنها بسويق وتمر وَأما الْإِجَابَة إِلَى الْوَلِيمَة فَإِن كَانَت وَلِيمَة عرس فَإِن أَوجَبْنَا الْوَلِيمَة وَجَبت وَإِن لم نوجبها وَجَبت الْإِجَابَة على الرَّاجِح وَرجح الْعِرَاقِيُّونَ وَالرُّويَانِيّ وَغَيرهم للأحاديث الصَّحِيحَة من دعِي إِلَى وَلِيمَة فليأتها وَفِي رِوَايَة من لم يجب الدعْوَة فقد عصى الله وَرَسُوله رَوَاهُ مُسلم وَأما غير وَلِيمَة الْعرس فَالْمَذْهَب أَن الْإِجَابَة إِلَيْهَا مُسْتَحبَّة ثمَّ إِذا أَوجَبْنَا الْإِجَابَة فَهِيَ فرض عين على الرَّاجِح وَقيل فرض كِفَايَة ثمَّ الْإِجَابَة حَيْثُ أوجبناها أَو استحببناها إِنَّمَا تجب أَو تسْتَحب بِشُرُوط وَهِي معنى قَول الشَّيْخ إِلَّا من عذر

أَحدهَا أَن يعم بدعوته جَمِيع عشيرته أَو جِيرَانه أَو أهل جيرته أَو أهل حرفته أغنيائهم وفقرائهم دون مَا إِذا خص الْأَغْنِيَاء قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شَرّ الطَّعَام طَعَام الْوَلِيمَة يمْنَعهَا من يَأْتِيهَا ويدعى إِلَيْهَا من يأباها

ص: 374

الثَّانِي أَن يَخُصُّهُ بالدعوة بِنَفسِهِ أَو يبْعَث إِلَيْهِ شخصا أما إِذا فتح بَاب دَاره وَقَالَ ليحضر من أَرَادَ أَو يبْعَث شخصا ليحضر من أَرَادَ أَو قَالَ لشخص احضر واحضر مَعَك من شِئْت فَلَا تجب الْإِجَابَة وَلَا تسْتَحب

الثَّالِث أَن لَا يكون إِحْضَاره لخوف مِنْهُ لكَونه من الظلمَة أَو أعوانهم أَو كَونه قَاضِي الظلمَة أَو أعوانه وَنَحْو ذَلِك وَأَن لَا يطْمع فِي جاهه أَو ليعاونه على مطلب من بَاطِل بل يكون للتقرب والتودد

الرَّابِع أَن لَا يكون هُنَاكَ من يتَأَذَّى بِهِ لحضوره لِأَنَّهُ لَا يَلِيق بِهِ مُجَالَسَته فَإِن كَانَ فَهُوَ مَعْذُور فِي التَّخَلُّف كَأَن يَدْعُو السفلة وَهُوَ ذُو شرف والسفلة أسقاط النَّاس كالسوقة والجلاوزة وهم رسل الظلمَة وقضاة الرشا والقلندرية وفقراء الزوايا الَّذين يأْتونَ ولائم من دب ودرج من المكسة وَغَيرهم فَإِنَّهُم أرذل الأرذال وَمثل ذَلِك وأشباهه وَهُوَ شَيْء لَا يخفى وَمن ذَلِك طَالب علم يقْصد بِطَلَبِهِ معرفَة الْعلم لأجل حفظ الشَّرِيعَة وَيَدْعُو مَعَه طلبة قد ظهر عَلَيْهِم طلب الْعلم لأجل الدُّنْيَا والترفع على الأقران وَنَحْو ذَلِك فَهَذَا لَا يجب عَلَيْهِ الْحُضُور وَكَذَلِكَ أَمر الصُّوفِي الصَّادِق فِي سلكوه لَا يجب عَلَيْهِ الْحُضُور إِذا دَعَا غَيره من صوفية هَذَا الزَّمَان الَّذين يأْتونَ دَعْوَة كل بر وَفَاجِر ويتعبدون بآلات اللَّهْو والطرب وَمَا أشبه ذَلِك وَهَذِه أُمُور ظَاهِرَة لَا تخفى إِلَّا على أكمه لَا يعرف الْقَمَر

الْخَامِس أَن لَا يكون هُنَاكَ مُنكر كشرب الْخمر والملاهي من زمر وَغَيره فَإِن كَانَ نظر إِن كَانَ مِمَّن إِذا حضر رفع الْمُنكر فليحضر إِجَابَة للدعوة وَإِزَالَة للْمُنكر وَإِلَّا حرم عَلَيْهِ الْحُضُور لِأَن كالراضي بالمنكر وَإِقْرَاره وَفِي وَجه يجوز لَهُ الْحُضُور فَلَا يسمع وينكر بِقَلْبِه كَمَا لَو كَانَ فِي جواره مُنكر يضْرب فَلَا يلْزمه التَّحَوُّل وَإِذا بلغه الصَّوْت قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا الْوَجْه غلط وَهُوَ خطأ وَلَا يغتر بجلالة صَاحب التَّنْبِيه وَنَحْوه من ذكره وَالله أعلم فعلى الصَّحِيح لَو لم يعلم بالمنكر حَتَّى حضر نَهَاهُم فَإِن لم ينْتَهوا فَليخْرجْ فَإِن قعد حرم عَلَيْهِ الْقعُود على الصَّحِيح فَإِن تعذر عَلَيْهِ الْخُرُوج بِأَن كَانَ فِي ليل وَهُوَ يخَاف من الْخُرُوج قعد وَهُوَ كارهه وَلَا يستمع فَإِن اسْتمع فَهُوَ عَاص وَفِي الحَدِيث إِن من جلس واستمع إِلَى قينة صب فِي أُذُنَيْهِ الآنك وَهُوَ الرصاص الْمُذَاب وَمن الْمُنكر فرش الْحَرِير وصور الْحَيَوَانَات على الجدران والسقوف وَالثيَاب الْحَرِير الملبوسة كَمَا يصنعه مخانثة الرِّجَال من أَبنَاء الدُّنْيَا الملعونون على لِسَان النُّبُوَّة من تشبههم بِالنسَاء وَمن اعْتقد حلّه بعد تَعْرِيفه بِالتَّحْرِيمِ فَهُوَ كَافِر لِأَنَّهُ اعْتقد حل مَا جَاءَ الشَّرْع بِتَحْرِيمِهِ فيستتاب فَإِن تَابَ وَإِلَّا ضربت عُنُقه وَيجب على من حضر إِنْكَاره على اللابس وَلَا يسْقط عَنهُ الْإِنْكَار بِحُضُور فُقَهَاء السوء فَإِنَّهُم مفسدون للشريعة وَلَا بفقراء الرجس فَإِنَّهُم جهلة أَتبَاع كل ناعق لَا يَهْتَدُونَ بِنور الْعلم ويميلون مَعَ كل ريح

ص: 375

الشَّرْط السَّادِس أَن يَدعُوهُ فِي الْيَوْم الأول فَلَو أولم ثَلَاثَة أَيَّام فَلَا تجب فِي الثَّانِي بِلَا خلاف وَلَا يتَأَكَّد استحبابها كَالْيَوْمِ الأول وَتكره الْإِجَابَة فِي الْيَوْم الثَّالِث

الشَّرْط السَّابِع أَن يَدعُوهُ مُسلم فَإِن دَعَاهُ ذمِّي فَلَا تجب الْإِجَابَة على مَا قطع بِهِ الْجُمْهُور لِأَن مُخَالطَة الذِّمِّيّ مَكْرُوهَة لنجاسته وتصرفاته الْفَاسِدَة وَغير ذَلِك وَلِأَن فِي ذَلِك مواددة قَالَ الرَّافِعِيّ هُنَا وَهِي مَكْرُوهَة لكنه جزم فِي آخر بَاب الْجِزْيَة بِأَن مواددته حرَام

قلت وَهُوَ الصَّوَاب وتدل لَهُ الْآيَات الْوَارِدَة فِي الْقُرْآن فِي غير مَوضِع قَالَ الله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} وَقَالَ الله تَعَالَى {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآيه فقد نفى وَقَالَ الله تَعَالَى الوجدان مِمَّن آمن فَدلَّ على أَن من واددهم لَيْسَ بِمُؤْمِن وَقد عدى بعض الْعلمَاء ذَلِك إِلَى مواددة الفسقة من الْمُسلمين فَحرم مجالسة الْفُسَّاق على سَبِيل المؤانسة وَقد صرح الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ بذلك فِي كتاب الشَّهَادَات وَلِهَذَا كَانَ سُفْيَان الثَّوْريّ يطوف بِالْبَيْتِ فَقدم الرشيد يُرِيد الطّواف فَقطع سُفْيَان طَوَافه وَذهب وتلا هَذِه الْآيَة {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ} الْآيَة وَكَذَلِكَ صنع ابْن أبي وراد وَتمسك أُولَئِكَ بِعُمُوم اللَّفْظ وَالله أعلم

(فرع) لَو اعتذر الْمَدْعُو إِلَى صَاحب الدعْوَة فرضى بتخلفه زَالَ الْوُجُوب وَلَو دَعَاهُ جمَاعَة أجَاب الأسبق فَإِن جاؤوا مَعًا أجَاب الْأَقْرَب رحما ثمَّ الْأَقْرَب دَارا كالصدقة وَالصَّوْم لَيْسَ عذرا فِي ترك الْإِجَابَة فَإِن حضر وَكَانَ فِي صَوْم فرض مضيف حرم الْفطر قطعا وَكَذَا إِن كَانَ غير مضيق على الرَّاجِح وَإِن كَانَ فِي صَوْم نفل فَإِن لم يشق على صَاحب الدعْوَة صَوْمه اسْتحبَّ إتْمَام صَوْمه وَإِن شقّ عَلَيْهِ اسْتحبَّ لَهُ الْفطر ثمَّ الْمُفطر هَل يجب عَلَيْهِ أَن يَأْكُل وَلَو لقْمَة فِيهِ خلاف الصَّحِيح فِي الرَّوْضَة هُنَا تبعا للرافعي أَنه مُسْتَحبّ لِأَن الْمَقْصُود الْحُضُور وَقد وجد وَكَذَا صَححهُ النَّوَوِيّ فِي شرح صَحِيح مُسلم فِي بَاب الْوَلِيمَة وَاخْتَارَ فِي تَصْحِيح التَّنْبِيه وجوب الْأكل وَصرح بِهِ فِي شرح مُسلم فِي بَاب نذر الصَّوْم فَقَالَ الصَّحِيح أَنه يلْزمه الْأكل عندنَا وَالله أعلم

(فرع) الْمَرْأَة إِذا دعت النِّسَاء فَهُوَ كَمَا ذكرنَا فِي الرِّجَال فَإِن كَانَ رجلا أَو رجَالًا قَالَ فِي الرَّوْضَة وَجَبت الْإِجَابَة إِذا لم تكن خلْوَة مُحرمَة قَالَ الاسنائي وَفِي تَعْبِيره بِالْوُجُوب نظر من جِهَة أَن شَرط الدعْوَة أَن تكون عَامَّة كالعشيرة والإخوان وَأهل الصِّنَاعَة فَكيف يَجِيء الْوُجُوب عِنْد دَعْوَة الرجل

ص: 376