الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأما إِن كَانَ عَلَيْهِ حد الله تَعَالَى فَلَا تصح الْكفَالَة بِبدنِهِ وَعَن هَذَا احْتَرز الشَّيْخ بقوله حق آدَمِيّ وَوجه عدم الصِّحَّة أَنا مأمورون بسترها وَالسَّعْي فِي إِسْقَاطهَا مَا أمكن وَالْقَوْل بِالصِّحَّةِ يُنَافِي ذَلِك وكما يَصح الْكفَالَة ببدن شخص كَذَا تصح كَفَالَة الْكَفِيل بل كل من وَجب عَلَيْهِ حُضُور مجْلِس الحكم عِنْد الطّلب لحق آدَمِيّ أَو وَجب على غَيره إِحْضَاره صحت كفَالَته حَتَّى تصح كَفَالَة بدن غَائِب ومحبوس وميت ليحضر وَيشْهد على صورته إِذا لم يعرف نسبه وَمحل هَذَا إِذا لم يدْفن فَلَا تصح كفَالَته سَوَاء تغير أم لَا ثمَّ إِن عين مَكَان التَّسْلِيم تعين وَإِلَّا وَجب التَّسْلِيم فِي مَكَان الْكفَالَة لِأَن الْعرف يَقْتَضِي ذَلِك وَإِذا سلم الْمَكْفُول فِي مَكَان التَّسْلِيم برِئ من الْكفَالَة بِشَرْط أَن لَا يمْنَع مَانع بِأَن لَا يكون هُنَاكَ ظَالِم بغلبه عَلَيْهِ وَيَأْخُذهُ بالقهر وَلَو حضر الْمَكْفُول فَلَا يبرأ الكافل حَتَّى يَقُول الْمَكْفُول سلمت نَفسِي عَن جِهَة الْكفَالَة وَلَو غَابَ الْمَكْفُول وَجَهل الكافل مَكَانَهُ لم يلْزمه إِحْضَاره لِأَنَّهُ لَا يُمكنهُ ذَلِك {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وسعهَا} وَإِلَّا يلْزمه ويمهل قدر الْحَاجة فَلَو مَاتَ الْمَكْفُول لَهُ لم يُطَالب الْكَفِيل بِالْمَالِ لِأَنَّهُ لم يضمنهُ حَتَّى لَو شَرط فِي الْكفَالَة أَنه يغرم المَال إِن فَاتَ تَسْلِيمه بطلت الْكفَالَة وَصُورَة الْمَسْأَلَة أَن يَقُول كفلت بدنه بِشَرْط الْغرم أَو على أَنِّي أغرم وَالله أعلم قَالَ
بَاب الشّركَة
فصل وللشركة خمس شَرَائِط أَن تكون على ناض من الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وَأَن يتَّفقَا فِي الْجِنْس وَالنَّوْع وَأَن يخلطا الْمَالَيْنِ وَأَن يَأْذَن كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه فِي التَّصَرُّف وَأَن يكون الرِّبْح والخسران على قدر الْمَالَيْنِ
الشّركَة فِي اللُّغَة الِاخْتِلَاط وَفِي الشَّرْع عبارَة عَن ثُبُوت الْحق فِي الشَّيْء الْوَاحِد لشخصين فَصَاعِدا على جِهَة الشُّيُوع
وَالْأَصْل فِيهَا قَوْله صلى الله عليه وسلم
(يَقُول الله تَعَالَى أَنا ثَالِث الشَّرِيكَيْنِ مَا لم يخن أَحدهمَا صَاحبه فَإِذا خانه خرجت من بَينهم) وَمَعْنَاهُ تنْزع الْبركَة من مَالهمَا ثمَّ الشّركَة أَنْوَاع نذْكر نَوْعَيْنِ
أَحدهمَا شركَة الابدان وَهِي بَاطِلَة كشركة الحمالين وَسَائِر المحترفين ليَكُون كسبهما بَينهمَا سَوَاء كَانَ مُتَسَاوِيا أَو متفاوتاً وَسَوَاء اتّفق السَّبَب كالدلالين والحطابين أَو اخْتلفَا كالخياط
والرفا وَوجه بُطْلَانهَا أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا متميز بِبدنِهِ ومنافعه فَيخْتَص بفوائده كَمَا لَو اشْتَركَا فِي ماشيتهما وَهِي متميزة ليَكُون الدّرّ والنسل بَينهمَا وَجوز شركَة الْأَبدَان عِنْد اتِّحَاد الصَّنْعَة مَالك رحمه الله وجوزها أَبُو حنيفَة مُطلقًا وَدَلِيلنَا عَلَيْهَا مَا سلماه من الِامْتِنَاع فِي الِاصْطِيَاد والاحتطاب
النَّوْع الثَّانِي شركَة الْعَنَان وَهِي صَحِيحَة للْحَدِيث السَّابِق وَالْإِجْمَاع مُنْعَقد على صِحَّتهَا وَهِي مَأْخُوذَة من عنان الدَّابَّة لِاسْتِوَاء الشَّرِيكَيْنِ فِي ولَايَة الْفَسْخ وَالتَّصَرُّف وَاسْتِحْقَاق الرِّبْح على قدر المَال كاستواء طرفِي الْعَنَان ثمَّ لصحتها شُرُوط
أَحدهَا أَن تكون على ناض من الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير وَالْإِجْمَاع مُنْعَقد على صِحَّتهَا فِي الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير نعم فِي جَوَازهَا على المغشوشة وَجْهَان أصَحهمَا فِي زِيَادَة الرَّوْضَة الْجَوَاز أَيْضا
الثَّانِي لَا كالقراض ثمَّ هَذَا لَا يخْتَص بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِير بل يجوز عقد الشّركَة على مثلي فَتَصِح فِي الْقَمْح وَالشعِير وَنَحْوهمَا لِأَن الْمثْلِيّ إِذا اخْتَلَط بِجِنْسِهِ ارْتَفع التَّمْيِيز فَأشبه النَّقْدَيْنِ وَلِهَذَا لَا تجوز الشّركَة فِي المتقومات لعدم تصور الْخَلْط النَّافِي للتمييز وَلِهَذَا لَو تلف أحد المتقومين أَو بعضه عرف فامتنعت الشّركَة لذَلِك وَإِلَّا لأخذ أحد الشَّرِيكَيْنِ من مَال الآخر بِلَا حق لَو صححنا الشّركَة فِي الْمُتَقَوم
الشَّرْط الثَّانِي أَن يتَّفقَا فِي الْجِنْس فَلَا تصح الشّركَة فِي الدَّرَاهِم وَالذَّهَب وَكَذَا فِي الصّفة فَلَا تصح فِي الصِّحَاح والمكسرة للتمييز فيهمَا
الشَّرْط الثَّالِث الْخَلْط لِأَن المَال قبل التَّمْيِيز فِيهِ حَاص وَيشْتَرط فِي الْخَلْط أَن لَا يبْقى مَعَه تَمْيِيز وَيَنْبَغِي أَن يتَقَدَّم الْخَلْط على العقد وَالْإِذْن فَلَو اشْتَركَا فِي ثَوْبَيْنِ من غزل وَاحِد والصانع وَاحِد لم تصح الشّركَة لتمييز أَحدهمَا عَن الآخر وَعدم معرفَة كل مِنْهُمَا ثوب يُقَال لَهُ اشْتِبَاه وَيُقَاس بِهَذَا أَمْثَاله ثمَّ هَذَا الْخَلْط إِنَّمَا يعْتَبر عِنْد انْفِرَاد الْمَالَيْنِ أما لَو كَانَ مشَاعا بِأَن اشترياه مَعًا على الشُّيُوع أَو ورثاه فَإِنَّهُ كَاف لحُصُول الْمَقْصُود وَهُوَ عدم التَّمْيِيز
الشَّرْط الرَّابِع الْإِذْن مِنْهُمَا فِي التَّصَرُّف فَإِذا وجد من الطَّرفَيْنِ تسلط كل وَاحِد مِنْهُمَا على التَّصَرُّف وَاعْلَم أَن تصرف الشَّرِيك كتصرف الْوَكِيل فَلَا يَبِيع بِغَيْر نقد الْبَلَد وَلَا يَبِيع بالأجل وَلَا يَبِيع وَلَا يَشْتَرِي بِغَبن فَاحش وَكَذَا لَا يُسَافر إِلَّا بِإِذن الشَّرِيك
الشَّرْط الْخَامِس أَن يكون الرِّبْح على قدر الْمَالَيْنِ سَوَاء تَسَاويا فِي الْعَمَل أَو تَفَاوتا لِأَنَّهُ لَو جعلنَا شَيْئا من الرِّبْح فِي مُقَابلَة الْعَمَل لاختلط عقد الْقَرَاض بِعقد الشّركَة وَهُوَ مَمْنُوع فَلَو شرطا التَّسَاوِي فِي الرِّبْح مَعَ تفاضل الْمَالَيْنِ فسد العقد لِأَنَّهُ مُخَالف لوضع الشّركَة وَيرجع كل وَاحِد