المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لَا يُطَالب بِشَيْء مالم يَطْلُبهُ ربه ثمَّ إِذا لم تسْأَل - كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطَّهَارَة

- ‌أَنْوَاع الْمِيَاه

- ‌بَاب أَقسَام الْمِيَاه

- ‌بَاب جُلُود الْميتَة وعظمها

- ‌بَاب الْآنِية

- ‌بَاب السِّوَاك

- ‌فَرَائض الْوضُوء

- ‌سنَن الْوضُوء

- ‌بَاب الِاسْتِنْجَاء وآداب التخلي

- ‌نواقض الْوضُوء

- ‌مُوجبَات الْغسْل

- ‌فَرَائض الْغسْل

- ‌سنَن الْغسْل

- ‌(الأغسال المسنونة)

- ‌بَاب الْمسْح على الْخُفَّيْنِ

- ‌بَاب التَّيَمُّم

- ‌بَاب إِزَالَة النَّجَاسَة

- ‌بَاب الْحيض وَالنّفاس

- ‌بَاب مَا يحرم بِالْحيضِ وَالنّفاس

- ‌بَاب مَا يحرم على الْجنب والمحدث

- ‌كتاب الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة وأوقاتها

- ‌بَاب شَرَائِط وجوب الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات المسنونة

- ‌بَاب شَرَائِط صِحَة الصَّلَاة

- ‌بَاب أَرْكَان الصَّلَاة

- ‌بَاب سنَن الصَّلَاة

- ‌بَاب هيئات الصَّلَاة

- ‌بَاب مَا تخَالف فِيهِ الْمَرْأَة الرجل

- ‌بَاب مبطلات الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة

- ‌بَاب مَا يتْرك سَهوا من الصَّلَاة

- ‌بَاب الْأَوْقَات الَّتِي يكره فِيهَا الصَّلَاة

- ‌بَاب صَلَاة الْجَمَاعَة

- ‌بَاب قصر الصَّلَاة وَجَمعهَا

- ‌بَاب صَلَاة الْجُمُعَة

- ‌بَاب صَلَاة الْعِيدَيْنِ

- ‌بَاب صَلَاة الْكُسُوف والخسوف

- ‌بَاب صَلَاة الاسْتِسْقَاء

- ‌بَاب صَلَاة الْخَوْف

- ‌بَاب مَا يحرم على الرِّجَال من لِبَاس وَغَيره

- ‌كتاب الْجَنَائِز

- ‌بَاب مَا يلْزم الْمَيِّت

- ‌كتاب الزَّكَاة

- ‌بَاب مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة وشرائط وُجُوبهَا فِيهِ

- ‌بَاب أنصبة مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة

- ‌بَاب زَكَاة الْفطر

- ‌بَاب أهل الزَّكَاة

- ‌بَاب صَدَقَة التَّطَوُّع

- ‌كتاب الصّيام

- ‌بَاب فَرَائض الصَّوْم

- ‌بَاب مفسدات الصَّوْم

- ‌بَاب مَا يسْتَحبّ فِي الصَّوْم

- ‌بَاب مَا نهي عَن صَوْمه

- ‌بَاب كَفَّارَة الْإِفْطَار وَمن يجوز لَهُ

- ‌بَاب صَوْم التَّطَوُّع

- ‌بَاب الِاعْتِكَاف

- ‌كتاب الْحَج

- ‌بَاب شَرَائِط وجوب الْحَج

- ‌بَاب أَرْكَان الْحَج

- ‌بَاب وَاجِبَات الْحَج

- ‌بَاب سنَن الْحَج

- ‌بَاب مُحرمَات الاحرام

- ‌بَاب الدِّمَاء الْوَاجِبَة فِي الْإِحْرَام

- ‌كتاب الْبيُوع وَغَيرهَا من الْمُعَامَلَات

- ‌بَاب أَنْوَاع الْبيُوع

- ‌بَاب الرِّبَا

- ‌بَاب الْخِيَار

- ‌بَاب السّلم

- ‌بَاب الرَّهْن

- ‌بَاب الْحجر

- ‌بَاب الصُّلْح

- ‌بَاب الْحِوَالَة

- ‌بَاب الضَّمَان

- ‌بَاب الْكفَالَة بِالْبدنِ

- ‌بَاب الشّركَة

- ‌بَاب الْوكَالَة

- ‌بَاب الْإِقْرَار

- ‌بَاب الْعَارِية

- ‌بَاب الْغَصْب

- ‌بَاب الشُّفْعَة

- ‌بَاب الْقَرَاض

- ‌بَاب الْمُسَاقَاة

- ‌بَاب الْإِجَارَة

- ‌بَاب الْجعَالَة

- ‌بَاب الْمُزَارعَة وَالْمُخَابَرَة

- ‌بَاب احياء الْموَات

- ‌بَاب الْوَقْف

- ‌بَاب الْهِبَة

- ‌بَاب اللَّقِيط

- ‌بَاب الْوَدِيعَة

- ‌كتاب الْفَرَائِض والوصايا

- ‌بَاب الْوَارِثين

- ‌بَاب الْفُرُوض الْمقدرَة وأصحابها

- ‌بَاب الْوَصِيَّة

- ‌كتاب النِّكَاح وَمَا يتَّصل بِهِ من الْأَحْكَام والقضايا

- ‌بَاب شُرُوط عقد النِّكَاح

- ‌بَاب الْمُحرمَات

- ‌بَاب عُيُوب الْمَرْأَة وَالرجل

- ‌بَاب الصَدَاق

- ‌بَاب الْمُتْعَة

- ‌بَاب الْوَلِيمَة على الْعرس

- ‌بَاب التَّسْوِيَة بَين الزَّوْجَات

- ‌بَاب الْخلْع

- ‌كتاب الطَّلَاق

- ‌بَاب صَرِيح الطَّلَاق وكنايته

- ‌بَاب الطَّلَاق السّني والبدعي

- ‌بَاب مَا يملكهُ الْحر وَالْعَبْد من تَطْلِيقَات

- ‌بَاب الرّجْعَة

- ‌بَاب الْإِيلَاء

- ‌بَاب الظِّهَار

- ‌بَاب اللّعان

- ‌بَاب الْعدة

- ‌بَاب الِاسْتِبْرَاء

- ‌بَاب الرَّضَاع

- ‌بَاب النَّفَقَة

- ‌بَاب الْحَضَانَة

- ‌كتاب الْجِنَايَات

- ‌بَاب أَنْوَاع الْقَتْل

- ‌بَاب الْقصاص فِيمَا دون النَّفس

- ‌بَاب الدِّيات

- ‌بَاب الْقسَامَة

- ‌بَاب كَفَّارَة الْقَتْل

- ‌كتاب الْحُدُود

- ‌بَاب حد الزِّنَا

- ‌بَاب حد الْقَذْف

- ‌بَاب حد الْخمر

- ‌بَاب حد السّرقَة

- ‌بَاب حد قطاع الطَّرِيق

- ‌بَاب حكم الصَّائِل

- ‌بَاب قتال الْبُغَاة

- ‌بَاب الرِّدَّة وَحكم الْمُرْتَد

- ‌كتاب الْجِهَاد

- ‌بَاب الْغَنِيمَة

- ‌بَاب الْفَيْء

- ‌بَاب الْجِزْيَة

- ‌كتاب الصَّيْد والذبائح والضحايا والأطعمة

- ‌بَاب الزَّكَاة وَالصَّيْد

- ‌بَاب مَا يحل وَمَا يحرم من الْأَطْعِمَة

- ‌بَاب الْأُضْحِية

- ‌بَاب الْعَقِيقَة

- ‌كتاب السَّبق وَالرَّمْي

- ‌كتاب الْإِيمَان وَالنُّذُور

- ‌بَاب الْيَمين

- ‌بَاب النّذر

- ‌كتاب الْأَقْضِيَة

- ‌بَاب شُرُوط القَاضِي

- ‌بَاب آدَاب الْقَضَاء

- ‌بَاب الْقِسْمَة

- ‌بَاب الدعاوي والبينات

- ‌بَاب الشَّهَادَة

- ‌بَاب أَقسَام الْمَشْهُود بِهِ

- ‌كتاب الْعتْق

- ‌بَاب الْوَلَاء

- ‌بَاب التَّدْبِير

- ‌بَاب الْكِتَابَة

- ‌بَاب أَحْكَام أم الْوَلَد

الفصل: لَا يُطَالب بِشَيْء مالم يَطْلُبهُ ربه ثمَّ إِذا لم تسْأَل

لَا يُطَالب بِشَيْء مالم يَطْلُبهُ ربه ثمَّ إِذا لم تسْأَل لَا يسْقط حَقّهَا بِالتَّأْخِيرِ حَتَّى لَو تركت حَقّهَا ورضيت بِهِ ثمَّ بدا لَهَا فلهَا الْعود إِلَى الْمُطَالبَة لِأَن الضَّرَر متجدد وتختص الْمُطَالبَة بِالزَّوْجَةِ فَلَيْسَ لوَلِيّ المراهقة والمجنونة الْمُطَالبَة نعم يحسن من الْحَاكِم أَن يَقُول لَهُ اتَّقِ الله بالفيئة أَو الطَّلَاق وَإِنَّمَا يضيق عَلَيْهِ إِذا بلغت أَو فاقت وَطلبت وَكَذَا لَيْسَ للسَّيِّد الْمُطَالبَة لِأَن الِاسْتِمْتَاع حق الْأمة وَقَول الشَّيْخ ثمَّ يُخَيّر بَين التَّكْفِير وَالطَّلَاق يُفِيد شَيْئَيْنِ

أَحدهمَا أَن الْمُطَالبَة تكون بالفيئة وَهُوَ الْوَطْء أَو بِالطَّلَاق وَلَيْسَ لَهَا أَن توجه الطّلب نَحْو أَحدهمَا بل يجب أَن تكون الْمُطَالبَة مترددة بَين الْأَمريْنِ وَهُوَ كَذَلِك جزم بِهِ الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ

الشَّيْء الثَّانِي أَنه إِذا رغب فِي الْفَيْئَة فَلَا يطَأ حَتَّى يكفر إِذْ الْوَطْء قبل التَّكْفِير لَا يجوز فَعبر بالتكفير ليُفِيد ذَلِك وَالله أعلم

(فرع) قَالَ وَالله لَا أجامعك ثمَّ أعَاد ذَلِك مرَّتَيْنِ فَصَاعِدا وَقَالَ أردْت التَّأْكِيد قبل وَكَانَت يَمِينا وَاحِدَة سَوَاء طَال الْفَصْل أم لَا وَسَوَاء اتَّحد الْمجْلس أَو تعدد على الصَّحِيح وَإِن قَالَ أردْت الِاسْتِئْنَاف تعدّدت الْيَمين وَإِن أطلق فَقَوْلَانِ قَالَ الْمُتَوَلِي إِن اتَّحد الْمجْلس فَالْأَظْهر الْحمل على التَّأْكِيد وَإِن تعدد فعلى الِاسْتِئْنَاف لبعد التَّأْكِيد مَعَ اخْتِلَاف الْمجْلس فَإِن لم يحكم بالتعدد لم يجب بِالْوَطْءِ إِلَّا كَفَّارَة وَإِن حكمنَا بالتعدد تخلص من الْيَمين بوطئة وَاحِدَة وَفِي تعدد الْكَفَّارَة قَولَانِ الْأَظْهر عِنْد الْجُمْهُور أَنه لَا يجب إِلَّا كَفَّارَة وَاحِدَة وَقيل تَتَعَدَّد بِتَعَدُّد الْأَيْمَان وَالله أعلم قَالَ

‌بَاب الظِّهَار

فصل فِي الظِّهَار الظِّهَار أَن يَقُول الرجل لزوجته أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي فَإِذا قَالَ ذَلِك وَلم يتبعهُ بِالطَّلَاق صَار عَائِدًا وَلَزِمتهُ الْكَفَّارَة

الظِّهَار مُشْتَقّ من الظّهْر لِأَنَّهُ مَوضِع الرّكُوب وَالْمَرْأَة مركوب الزَّوْج وَقيل إِنَّه مَأْخُوذ من الْعُلُوّ قَالَ الله تَعَالَى {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يظهروه} أَي يعلوه فَكَأَنَّهُ قَالَ علوي عَلَيْك كعلوي على أُمِّي وَكَانَ طَلَاقا فِي الْجَاهِلِيَّة ثمَّ نقل الشَّارِع صلى الله عليه وسلم حكمه إِلَى تَحْرِيمهَا بعد الْعود وَوُجُوب الْكَفَّارَة وَبَقِي مَحَله وَهِي الزَّوْجَة وَالظِّهَار حرَام بِالْإِجْمَاع لقَوْله تَعَالَى {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً} بِخِلَاف قَوْله أَنْت عَليّ حرَام فَإِنَّهُ مَكْرُوه وَإِن كَانَ إِخْبَارًا بِمَا لم يكن لِأَن فِي الظِّهَار

ص: 413

الْكَفَّارَة الْعُظْمَى وَهِي إِنَّمَا تجب فِي الْمحرم كَالْقَتْلِ وَالْفطر بجماع فِي رَمَضَان وَفِي لفظ التَّحْرِيم كَفَّارَة يَمِين وَالْيَمِين والحنث ليسَا بمحرمين ثمَّ صُورَة الظِّهَار الْأَصْلِيَّة كَمَا ذكره الشَّيْخ أَن يَقُول أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي وَهِي صَرِيحَة فِي الظِّهَار وَفِي مَعْنَاهَا سَائِر الصلات كَقَوْلِه أَنْت معي أَو عِنْدِي أَو مني أولي كَظهر أُمِّي وَكَذَا لَو ترك الصِّلَة فَقَالَ أَنْت كَظهر أُمِّي وَلم يقل عَليّ وَعَن الداركي أَنه إِن ترك الصِّلَة كَانَ كِنَايَة لاحْتِمَال أَن يُرِيد أَنْت مُحرمَة على غَيْرِي وَالصَّحِيح الأول كَمَا أَن قَوْله أَنْت طَالِق صَرِيح وَلم يقل مني وَمَتى أَتَى بِصَرِيح الظِّهَار وَقَالَ أردْت غَيره لم يقبل مِنْهُ على الصَّحِيح كَمَا لَو أَتَى بِصَرِيح الطَّلَاق وَادّعى غَيره لَا يقبل وَلَو قَالَ جملتك أَو نَفسك أَو ذاتك أَو جسمك أَو بدنك وَكَذَا قَوْله أَنْت كبدن أُمِّي أَو جسمها أَو ذَاتهَا فَهُوَ كَظهر أُمِّي وَإِن شبهها بِبَعْض أَجزَاء الْأُم نظر إِن كَانَ ذَلِك الْعُضْو مِمَّا لَا يذكر فِي معرض الاكرام والاعزاز كالبطن والفرج والصدر وَالْيَد وَالرجل وَالشعر فَقَوْلَانِ الْأَظْهر أَنه ظِهَار لِأَنَّهُ تَشْبِيه بعضو حرم فَأشبه الظّهْر وَإِن كَانَ مِمَّا يذكر فِي معرض الاعزاز والاكرام كَقَوْلِه أَنْت عَليّ كعين أُمِّي فَإِن أَرَادَ الْكَرَامَة فَلَيْسَ بظهار وَإِن أَرَادَ الظِّهَار فظهار على الْأَظْهر وَإِن طلق فَوَجْهَانِ الْأَصَح أَنه لَا يكون ظِهَارًا وَلَو قَالَ كروح أُمِّي فكقوله كعين أُمِّي وَلَو قَالَ كرأس أُمِّي فَهَل هُوَ كيد أُمِّي وَبِه قطع الْعِرَاقِيُّونَ وَهُوَ الْأَظْهر فِي الْمِنْهَاج أَو كعين أُمِّي وَهِي طَريقَة المراوزة فَيَجِيء الْخلاف وَالتَّفْصِيل قَالَ الرَّافِعِيّ وَهُوَ الْأَقْرَب وَلَو قَالَ أَنْت عَليّ كأمي أَو مثل أُمِّي فَإِن أَرَادَ الظِّهَار فظهار وَإِن أَرَادَ الْكَرَامَة فَلَا وَإِن أطلق فَلَيْسَ بظهار على الْأَصَح وَبِه قطع كَثِيرُونَ إِذْ الأَصْل عَدمه

وَاعْلَم أَن تَشْبِيه الزَّوْجَة بالجدة سَوَاء كَانَت من قبل الْأَب أَو الْأُم يكون ظِهَارًا قطع بِهِ الْجُمْهُور لِأَنَّهُنَّ أُمَّهَات ولدنهن ولأنهن يشاركن الْأُم فِي الْعتْق وَسُقُوط الْقصاص وَوُجُوب النَّفَقَة وَقيل فِيهِ خلاف كالتشبيه بالبنت وَلَو شبهها بالمحرمات من النّسَب كالبنات وَالْأَخَوَات والعمات والخالات وَبَنَات الْأَخ وَالْأُخْت فَفِيهِ خلاف الْمَذْهَب أَنه ظِهَار وَأما الْمُحرمَات بِالسَّبَبِ كالمحرمات بِالرّضَاعِ والمصاهرة ففيهن خلاف منتشر الْمَذْهَب مِنْهُ إِن شبهها بِمن لم تزل مُحرمَة عَلَيْهِ مِنْهُنَّ فَهُوَ ظِهَار وَإِلَّا فَلَا وَلَو شبهها بِمن لَا تحرم عَلَيْهِ أبدا كأجنبية ومطلقة ومعتدة وَأُخْت امْرَأَته وَنَحْو ذَلِك فَلَيْسَ بظهار قطعا سَوَاء طَرَأَ مَا يُؤَيّد التَّحْرِيم بِأَن نكح بنت الْأَجْنَبِيَّة أَو وطئ أمهَا وطأ محرما أَو لم يطْرَأ وَلَو شبه بملاعنة فَلَيْسَ بظهار لِأَن تَحْرِيمهَا وَإِن كَانَ مُؤَبَّدًا إِلَّا أَنه لَيْسَ للمحرمية وَلَا للوصلة وَلَو شبهها بِظهْر أَبِيه أَو ابْنه أَو غُلَامه فَلَيْسَ بظهار وَالله أعلم

فَإِذا صَحَّ الظِّهَار ترَتّب عَلَيْهِ حكمان

أَحدهمَا تَحْرِيم الْوَطْء إِلَى أَن يكفر وَلَا يحرم سَائِر الاستمتاعات على الْأَظْهر عِنْد الْجُمْهُور

الحكم الثَّانِي وجوب الْكَفَّارَة بِالْعودِ وَالْعود هُوَ أَن يمْسِكهَا فِي النِّكَاح زَمنا يُمكنهُ أَن يطلقهَا فِيهِ وَلم تطلق لِأَن تشبيهها بِالْأُمِّ يَقْتَضِي أَن لَا يمْسِكهَا زَوْجَة فَإِذا أمْسكهَا زَوْجَة فقد عَاد فِيمَا قَالَ

ص: 414

لِأَن الْعود لِلْقَوْلِ مُخَالفَته وَلِهَذَا يُقَال فلَان قَالَ قولا ثمَّ عَاد فِيهِ وَعَاد لَهُ أَي خَالفه ونقضه فَإِذا وجد ذَلِك وَجَبت الْكَفَّارَة لِلْآيَةِ الْكَرِيمَة لِأَنَّهُ عَاد لما قَالَ فَكَانَ من حَقه أَنه إِذا قَالَ أَنْت عَليّ كَظهر أُمِّي أَن يَقُول عقبه أَنْت طَالِق وَنَحْو ذَلِك مِمَّا تحصل بِهِ الْفرْقَة وَالله أعلم

(فرع) أعلم أَن الرَّجْعِيَّة زَوْجَة ويلحقها الطَّلَاق قطعا وَيصِح خلعها على الْأَظْهر وَكَذَا يَصح الْإِيلَاء مِنْهَا وَالظِّهَار فغذا ظَاهر من الرَّجْعِيَّة لم يصر بترك الطَّلَاق عَائِدًا لِأَنَّهَا صائرة إِلَى الْبَيْنُونَة فَلم يحصل الْإِمْسَاك على الزَّوْجِيَّة فَلَو رَاجعهَا فَلَا خلاف أَنه يعود الظِّهَار وَأَحْكَامه فَلَو لم يُرَاجِعهَا وَتركهَا حَتَّى انْقَضتْ عدتهَا وَبَانَتْ مِنْهُ ثمَّ نَكَحَهَا فَفِي عود الظِّهَار الْخلاف فِي عود الْحِنْث وَالْمذهب أَنه لَا يعود وَلَو لم تكن رَجْعِيَّة بل زَوْجَة وَعَاد وَجَبت الْكَفَّارَة ثمَّ طَلقهَا رَجْعِيًا أَو بَائِنا لم تسْقط الْكَفَّارَة فَإِذا جدد النكح اسْتمرّ التَّحْرِيم إِلَى أَن يكفر سَوَاء حكمنَا بِعُود الْحِنْث أم لَا لِأَن التَّحْرِيم حصل فِي النِّكَاح الأول وَقد وجد وَقد قَالَ الله تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} وَالله أعلم قَالَ

(وَالْكَفَّارَة عتق رَقَبَة مُؤمنَة سليمَة من الْعُيُوب فَإِن لم يجد فَصِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين فَإِن لم يسْتَطع فإطعام سِتِّينَ مِسْكينا كل مِسْكين مد وَلَا يحل وَطْؤُهَا حَتَّى يكفر)

كَفَّارَة الظِّهَار كَفَّارَة تَرْتِيب بِنَصّ الْقُرْآن الْعَظِيم قَالَ الله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} إِلَى قَوْله {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً} وبمثل ذَلِك أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سَلمَة بن صَخْر البياضي لما ظَاهر من امْرَأَته

وخصال الْكَفَّارَة ثَلَاثَة

الأولى الْعتْق وَلَا بُد فِي الْكَفَّارَة من النِّيَّة للْحَدِيث الْمَشْهُور وَلِأَن الْكَفَّارَة حق مَالِي

ص: 415

وَجب تَطْهِيرا فَتجب فِيهِ النِّيَّة كَالزَّكَاةِ وتكفي نِيَّة الْكَفَّارَة وَلَا يشْتَرط ذكر الْوُجُوب لِأَن الْكَفَّارَة لَا تكون إِلَّا وَاجِبَة وَلَا تكفيه نِيَّة الْعتْق الْوَاجِب من غير ذكر الْكَفَّارَة لِأَن الْعتْق قد يجب بِالنذرِ وَلَا يجب تعْيين سَببهَا لكَونهَا عَن ظِهَار أَو قتل أَو كَفَّارَة يَمِين كَمَا لَا يجب تعْيين المَال المزكى وَلَو لزمَه كَفَّارَة ظِهَار وجماع مثلا فَأعتق رَقَبَة بنية الْكَفَّارَة حسبت عَن إِحْدَاهمَا وَكَذَا لَو صَامَ أَو أطْعم فَإِن قلت مَا الْفرق بَين الْكَفَّارَة وَالصَّلَاة حَيْثُ يعْتَبر فِيهَا التَّعْيِين

فَالْفرق أَن الْعِبَادَة الْبَدَنِيَّة أضيق وَلِهَذَا امْتنع التَّوْكِيل فِيهَا وَأَيْضًا فَإِن مَرَاتِب الصَّلَاة مُتَفَاوِتَة فِي الْمَشَقَّة فَإِن وَقت الصُّبْح أشق وَعدد الظّهْر أَكثر وَلَا تفَاوت بَين كَفَّارَة الظِّهَار وَالْجِمَاع ثمَّ إِذا عين بعد ذَلِك مَا أَتَى بِهِ عَن كَفَّارَة تعين وَامْتنع صرفه إِلَى غَيرهَا كَمَا لَو عين ابْتِدَاء وَلَو عين فِي الِابْتِدَاء كَفَّارَة الظِّهَار مثلا وَكَانَت عَلَيْهِ كَفَّارَة يَمِين لم يجزه عمدا كَانَ أَو خطأ كَمَا لَو نوى زَكَاة مَال بِعَيْنِه فَكَانَ تَالِفا لَا ينْصَرف إِلَى غَيره بِخِلَاف مَا لَو نوى رفع حدث غَلطا عَلَيْهِ غَيره فَإِنَّهُ يرْتَفع على الْأَصَح لِأَن رفع الْمَنوِي يتَضَمَّن رفع الْكل وَالْعِتْق عَن كَفَّارَة مُعينَة لَا يتَضَمَّن الْإِجْزَاء عَن أُخْرَى وَهل يشْتَرط أَن تكون النِّيَّة مُقَارنَة للإعتاق وَالْإِطْعَام قَالَ فِي أصل الرَّوْضَة الصَّحِيح أَنه يشْتَرط وَقيل يجوز تَقْدِيمهَا كَمَا ذَكرْنَاهُ فِي الزَّكَاة وَقَالَ فِي شرح الْمُهَذّب أصح الْوَجْهَيْنِ جَوَاز تَقْدِيم نِيَّة الزَّكَاة على الدّفع قَالَ أَصْحَابنَا وَالْكَفَّارَة وَالزَّكَاة فِي ذَلِك سَوَاء وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب وَظَاهر النَّص انْتهى

وَاعْلَم أَن شَرط الْجَوَاز فِي الزَّكَاة أَن تكون النِّيَّة مُقَارنَة للعزل فاعرفه وَقِيَاسه هُنَا كَذَلِك إِذا عرفت هَذَا فَيشْتَرط فِي الرَّقَبَة المجزئة عَن الْكَفَّارَة أَرْبَعَة شُرُوط الْإِسْلَام وَلَفظ الْإِيمَان أولى لِأَنَّهُ نَص الْقُرْآن الْعَظِيم والسلامة عَن الْعُيُوب الْمضرَّة بِالْعَمَلِ وَكَمَال الرّقّ والخلو عَن الْعِوَض فَلَا يُجزئ إِعْتَاق الْكَافِر فِي شَيْء من الْكَفَّارَات وَبِه قَالَ مَالك وَأحمد رضي الله عنهما وَقَالَ أَبُو حنيفَة رضي الله عنه يجوز إِعْتَاق الْكَافِر إِلَّا فِي كَفَّارَة الْقَتْل لِأَن الله تَعَالَى قَالَ فِيهَا {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} وَحجَّتنَا قِيَاس غير كَفَّارَة الْقَتْل عَلَيْهَا وَحمل الشَّافِعِي الْمُطلق على الْمُقَيد وَشبهه بقوله {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} فَإِنَّهُ مَحْمُول على الْمُقَيد فِي قَوْله {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَقَول الشَّيْخ سليمَة من الْعُيُوب الَّتِي تضر بِالْعَمَلِ ضَرَرا بَينا لِأَن الْمَقْصُود تَكْمِيل حَالَة التفرغ لِلْعِبَادَةِ ووظائف الْأَحْرَار وَإِنَّمَا يحصل ذَلِك إِذا اسْتَقل وَقَامَ بكفايته وَإِلَّا فَيصير كلا على نَفسه وعَلى غَيره فَلَا يُجزئ الزَّمن وَلَا من يجن أَكثر الْأَوْقَات فَإِن كَانَت إِفَاقَته أَكثر أَجْزَأَ وَكَذَا إِذا اسْتَويَا على الْمَذْهَب وَلَا يُجزئ مَرِيض لَا يُرْجَى زَوَال مَرضه فَإِن رجى أَجْزَأَ وَلَو أعتق من وَجب

ص: 416

عَلَيْهِ الْقَتْل قَالَ الْقفال إِن أعْتقهُ قبل أَن يقدم للْقَتْل أَجْزَأَ وَإِن قدم فَهُوَ كمريض لَا يُرْجَى وَلَا يُجزئ مَقْطُوع إِحْدَى الرجلَيْن وَلَا مَقْطُوع أُنْمُلَة من إِبْهَام الْيَد وَيجوز مَقْطُوع أُنْمُلَة من غَيرهَا وَلَا يجوز مَقْطُوع أنملتين من السبابَة أَو الْوُسْطَى ويجزء مَقْطُوع الخنص من يَد والبنصر من آخرى وَلَا يُجزئ مقطوعهما من يَد وَيُجزئ مقطو جَمِيع اصابع الرجلَيْن على الصَّحِيح وَيُجزئ قصير الْخلق الَّذِي يقدر على الْعَمَل وَالْكَسْب وَيُجزئ الشَّيْخ إِن قدر على الْعَمَل على الْأَصَح وَيُجزئ الْأَعْرَج إِلَّا أَن يكون شَدِيدا يمْنَع مُتَابعَة الْمَشْي وَيُجزئ الْأَعْوَر دون الْأَعْمَى وَالْمرَاد عور لَا يضعف عينه بِالْعَمَلِ قَالَه الشَّافِعِي وَيُجزئ الْأَصَم الْأَخْرَس إِن فهم الْإِشَارَة وَإِلَّا فَلَا وَيُجزئ الْخصي والمجبوب وَالْأمة الرتقاء والقرناء ومفقود الْأَسْنَان وَولد الزِّنَا وَضَعِيف الْبَطْش وَالصَّغِير وَالله ناقد وبصير وَالله أعلم وَأما كَمَال الرّقّ فَلَا بُد مِنْهُ فَلَا تُجزئ أم الْوَلَد وَكَذَا الْمكَاتب كِتَابَة صَحِيحَة وَإِن لم يؤد شَيْئا من لنجوم وَلَو ملك من يعْتق عَلَيْهِ بشرَاء أَو غَيره وَنوى عتقه عَن الْكَفَّارَة لم يجزه على الصَّحِيح لِأَن الْعتْق مُسْتَحقّ بِجِهَة الْقَرَابَة وَلَو اشْترى عبدا بِشَرْط الْعتْق فَالْمَذْهَب أَنه لَا يجْزِيه عَن الْكَفَّارَة وَلَو أعتق من تحتم قَتله فِي الْمُحَاربَة أَجزَأَهُ قَالَه القَاضِي حُسَيْن ويجزى الْمُدبر وَالْمُعَلّق عتقه بِصفة وَالْعَبْد الْغَائِب الْمُنْقَطع الْخَبَر لَا يُجزئ على الْمَذْهَب والآبق وَالْمَغْصُوب يجزيان إِذا علم حياتهما على الصَّحِيح لكَمَال الرّقّ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي الْمَغْصُوب عِنْد الرَّافِعِيّ وَقَالَ النَّوَوِيّ إِن كَانَ لَا يقدر على الْخَلَاص فَلَا يجزى كالزمن لعدم قدرته على التَّصَرُّف وَكَذَا قَضِيَّة تَصْحِيح التَّنْبِيه وَحكى الْقطع بِهِ عَن أَكثر الْعِرَاقِيُّونَ وَحكى عَن جُمْهُور الخراسانيين الْأَجْزَاء لتَمام الْملك وَالْمَنْفَعَة وَهُوَ الَّذِي جرى عَلَيْهِ الرَّافِعِيّ وَأما الْخُلُو عَن الْعِوَض فَلَا بُد مِنْهُ فَلَو أعتق عبدا على أَن يرد عَلَيْهِ دِينَارا مثلا لم يجزه عَن الْكَفَّارَة على الصَّحِيح وَلَو شَرط عوضا على غير العَبْد بِأَن قَالَ لإِنْسَان أعتقت عَبدِي هَذَا عَن كفارتي بِأَلف عَلَيْك فَقبل أَو قَالَ لَهُ إِنْسَان أعتق عَن كفارتك وَعلي كَذَا فَفعل لم يجزه عَن الْكَفَّارَة وَالله أعلم

الْخصْلَة الثَّانِيَة الصّيام فَمن لم يجد الرَّقَبَة فَعَلَيهِ صِيَام شَهْرَيْن مُتَتَابعين لِلْآيَةِ ثمَّ عدم الرَّقَبَة قد يكون بِأَن لَا يجدهَا أَو لَا يجد ثمنهَا أَو يجدهَا بِثمن غال أَو يجدهَا وَهُوَ مُحْتَاج إِلَيْهَا للْخدمَة أَو إِلَى ثمنهَا للنَّفَقَة أما العادم بِالْكُلِّيَّةِ فللآية وَأما الْمُحْتَاج فَلِأَن الْحَاجة تستغرق مَا مَعَه فَصَارَ كالعادم من وجد المَاء وَهُوَ مُحْتَاج إِلَيْهِ فَإِن ينْتَقل إِلَى الْبَدَل كَذَلِك هَهُنَا وَلِأَن الْإِجْمَاع مُنْعَقد على أَن الْمسكن لَا يمْنَع الِانْتِقَال إِلَى الصَّوْم للْحَاجة وَالْمرَاد بحاجة الْخدمَة أَن يكون بِهِ مرض أَو كبر أَو زمانة أَو ضخامة لَا يقدر مَعهَا على خدمَة نَفسه أَو كَانَ لَا يخْدم نَفسه فِي الْعَادة مَعَ الصِّحَّة فَلَو كَانَ يخْدم نَفسه كأوساط النَّاس لزمَه الاعتاق على الرَّاجِح وَالْمرَاد بِالنَّفَقَةِ قوته وقوت عِيَاله وكسوتهم وَمَا لَا بُد مِنْهُ من الأثاث وَكَذَا شِرَاء عبد يحْتَاج إِلَيْهِ للْخدمَة وَهل تتقدر النَّفَقَة وَالْكِسْوَة بِمدَّة قَالَ الرَّافِعِيّ لم يقدره الْأَصْحَاب فَيجوز أَن يعْتَبر كِفَايَة الْعُمر وَيجوز أَن يعْتَبر كِفَايَة سنة وَيُؤَيِّدهُ قَول الْبَغَوِيّ أَنه يتْرك لَهُ ثوبا للشتاء وثوباً للصيف قَالَ النَّوَوِيّ الصَّوَاب الثَّانِي يَعْنِي سنة قَالَ ابْن الرّفْعَة قد تعرض

ص: 417

لَهُ الْأَصْحَاب فِي كَفَّارَة الْيَمين فَقَالُوا مَا حَكَاهُ الْمحَامِلِي وَغَيره أَنه من لَيْسَ لَهُ كِفَايَة على الدَّوَام وَلَو كَانَ لَهُ ضَيْعَة أَو رَأس مَال يتجر فِيهِ وَكَانَ يحصل مِنْهُمَا كِفَايَته بِلَا مزِيد وَلَو باعهما لتَحْصِيل رَقَبَة لصار فِي حد الْمَسَاكِين لم يُكَلف بيعهَا على الْمَذْهَب الَّذِي قطع بِهِ الْجُمْهُور وَلَو كَانَ لَهُ مَاشِيَة تحلب فِي ملكه فَهِيَ كالضيعة إِن كَانَ لَا تزيد غَلَّتهَا على كِفَايَته لم يُكَلف بيعهَا وَإِن زادة لزم بيع الزَّائِد ذكره الْمَاوَرْدِيّ وَالله أعلم

(فرع) شخص لَهُ مَال حَاضر وَلم يجد الرَّقَبَة أَو لَهُ مَال غَائِب لَا يجوز لَهُ الْعُدُول إِلَى الصَّوْم فِي كَفَّارَة الْقَتْل وَالْجِمَاع وَالْيَمِين بل يصبر حَتَّى يجد الرَّقَبَة أَو يصل إِلَى المَال لِأَن الْكَفَّارَة على التَّرَاخِي وَبِتَقْدِير أَن يَمُوت تُؤَدّى من تركته بِخِلَاف الْعَاجِز عَن ثمن المَاء فَإِنَّهُ يتَيَمَّم لِأَنَّهُ لَا يُمكن قَضَاء الصَّلَاة لَو مَاتَ وَفِي كَفَّارَة الظِّهَار وَجْهَان لتضرره بِفَوَات الِاسْتِمْتَاع وَأَشَارَ الْغَزالِيّ وَالْمُتوَلِّيّ إِلَى تَرْجِيح وجوب الصَّبْر هَذِه عبارَة الرَّوْضَة وَمَا ذكره الْغَزالِيّ وَالْمُتوَلِّيّ من وجوب الصَّبْر صَححهُ النَّوَوِيّ فِي تَصْحِيح التَّنْبِيه وَيُؤْخَذ من كَلَام الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة هُنَا أَن الْكَفَّارَات الْوَاجِبَة هُنَا بِسَبَب محرم تكون على الْفَوْر وَقد ذكر ذَلِك فِي مَوَاضِع وَذكر فِي مَوَاضِع أخر أَن الْكَفَّارَات كلهَا على الْفَوْر وَقد صرح النَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم فِي حَدِيث المجامع فِي رَمَضَان بِأَنَّهَا على التَّرَاخِي وَفِيه من الِاخْتِلَاف الْكثير مَا ظهر وَالله أعلم

وَلَو تعسر عَلَيْهِ الاعتاق كفر بِالصَّوْمِ وَهل الِاعْتِبَار باليسار والإعسار بِوَقْت الْأَدَاء أَو بِوَقْت الْوُجُوب أم بأغلظ الْحَالين فِيهِ أَقْوَال أظهرها أَن الِاعْتِبَار بِوَقْت الْأَدَاء لِأَنَّهَا عبَادَة لَهَا بدل من غير جِنْسهَا فَاعْتبر فِيهَا حَالَة الْأَدَاء كَالْوضُوءِ وَالتَّيَمُّم وَالْقِيَام وَالْقعُود فِي الصَّلَاة فعلى هَذَا إِن كَانَ مُوسِرًا وَقت الْأَدَاء ففرضه الْإِعْتَاق وَإِن كَانَ مُعسرا ففرضه الصَّوْم وَإِن كَانَ مُوسِرًا من قبل وَلَو شرع فِي الصَّوْم ثمَّ أيسر أتمه وَلم يجب عَلَيْهِ الِانْتِقَال إِلَى الْعتْق على الْأَصَح وَقَالَ الْمُزنِيّ يلْزمه فعلى الصَّحِيح فِي جَوَاز الْخُرُوج من الصَّوْم وَجْهَان كالوجهين فِي رُؤْيَة المَاء فِي صَلَاة يسْقط فَرضهَا بِالتَّيَمُّمِ وَالله أعلم

(فرع) إِذا صَار وَاجِبَة الصَّوْم وَجب أَن يَنْوِي من اللَّيْل لكل يَوْم وَلَا يجب تعْيين جِهَة الْكَفَّارَة وَلَا نِيَّة التَّتَابُع على الْأَصَح وَيجب تتَابع الصَّوْم كَمَا هُوَ نَص الْقُرْآن الْعَظِيم فَلَو وطئ الْمظَاهر فِي اللَّيْل قبل تَمام الصَّوْم عصى إِلَّا أَنه لَا يقطع التَّتَابُع وَلَو أفطر يَوْمًا وَلَو أفطر الْيَوْم الْأَخير لزمَه الِاسْتِئْنَاف وَلَو غَلبه الْجُوع فَأفْطر بَطل التَّتَابُع ونسيان النِّيَّة فِي بعض اللَّيَالِي يقطع التَّتَابُع كتركها عمدا وَلَو شكّ بعد فرَاغ من صَوْم يَوْم هَل نوى فِيهِ أم لَا لم يلْزمه الِاسْتِئْنَاف على الصَّحِيح وَلَا أثر للشَّكّ بعد فرَاغ الْيَوْم ذكر الرَّوْيَانِيّ وَالْمَرَض يقطع التَّتَابُع على الْأَظْهر لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الصَّوْم بِخِلَاف الْجُنُون وَالْإِغْمَاء كالجنون وَقيل كالمرض وَفِي السّفر خلاف قيل كالمرض وَقيل يقطع قطعا لِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِهِ كَذَا حَكَاهُ الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَذْهَب أَنه يَنْقَطِع التَّتَابُع بِالْفطرِ فِي

ص: 418