المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب أنواع القتل - كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطَّهَارَة

- ‌أَنْوَاع الْمِيَاه

- ‌بَاب أَقسَام الْمِيَاه

- ‌بَاب جُلُود الْميتَة وعظمها

- ‌بَاب الْآنِية

- ‌بَاب السِّوَاك

- ‌فَرَائض الْوضُوء

- ‌سنَن الْوضُوء

- ‌بَاب الِاسْتِنْجَاء وآداب التخلي

- ‌نواقض الْوضُوء

- ‌مُوجبَات الْغسْل

- ‌فَرَائض الْغسْل

- ‌سنَن الْغسْل

- ‌(الأغسال المسنونة)

- ‌بَاب الْمسْح على الْخُفَّيْنِ

- ‌بَاب التَّيَمُّم

- ‌بَاب إِزَالَة النَّجَاسَة

- ‌بَاب الْحيض وَالنّفاس

- ‌بَاب مَا يحرم بِالْحيضِ وَالنّفاس

- ‌بَاب مَا يحرم على الْجنب والمحدث

- ‌كتاب الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة وأوقاتها

- ‌بَاب شَرَائِط وجوب الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات المسنونة

- ‌بَاب شَرَائِط صِحَة الصَّلَاة

- ‌بَاب أَرْكَان الصَّلَاة

- ‌بَاب سنَن الصَّلَاة

- ‌بَاب هيئات الصَّلَاة

- ‌بَاب مَا تخَالف فِيهِ الْمَرْأَة الرجل

- ‌بَاب مبطلات الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة

- ‌بَاب مَا يتْرك سَهوا من الصَّلَاة

- ‌بَاب الْأَوْقَات الَّتِي يكره فِيهَا الصَّلَاة

- ‌بَاب صَلَاة الْجَمَاعَة

- ‌بَاب قصر الصَّلَاة وَجَمعهَا

- ‌بَاب صَلَاة الْجُمُعَة

- ‌بَاب صَلَاة الْعِيدَيْنِ

- ‌بَاب صَلَاة الْكُسُوف والخسوف

- ‌بَاب صَلَاة الاسْتِسْقَاء

- ‌بَاب صَلَاة الْخَوْف

- ‌بَاب مَا يحرم على الرِّجَال من لِبَاس وَغَيره

- ‌كتاب الْجَنَائِز

- ‌بَاب مَا يلْزم الْمَيِّت

- ‌كتاب الزَّكَاة

- ‌بَاب مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة وشرائط وُجُوبهَا فِيهِ

- ‌بَاب أنصبة مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة

- ‌بَاب زَكَاة الْفطر

- ‌بَاب أهل الزَّكَاة

- ‌بَاب صَدَقَة التَّطَوُّع

- ‌كتاب الصّيام

- ‌بَاب فَرَائض الصَّوْم

- ‌بَاب مفسدات الصَّوْم

- ‌بَاب مَا يسْتَحبّ فِي الصَّوْم

- ‌بَاب مَا نهي عَن صَوْمه

- ‌بَاب كَفَّارَة الْإِفْطَار وَمن يجوز لَهُ

- ‌بَاب صَوْم التَّطَوُّع

- ‌بَاب الِاعْتِكَاف

- ‌كتاب الْحَج

- ‌بَاب شَرَائِط وجوب الْحَج

- ‌بَاب أَرْكَان الْحَج

- ‌بَاب وَاجِبَات الْحَج

- ‌بَاب سنَن الْحَج

- ‌بَاب مُحرمَات الاحرام

- ‌بَاب الدِّمَاء الْوَاجِبَة فِي الْإِحْرَام

- ‌كتاب الْبيُوع وَغَيرهَا من الْمُعَامَلَات

- ‌بَاب أَنْوَاع الْبيُوع

- ‌بَاب الرِّبَا

- ‌بَاب الْخِيَار

- ‌بَاب السّلم

- ‌بَاب الرَّهْن

- ‌بَاب الْحجر

- ‌بَاب الصُّلْح

- ‌بَاب الْحِوَالَة

- ‌بَاب الضَّمَان

- ‌بَاب الْكفَالَة بِالْبدنِ

- ‌بَاب الشّركَة

- ‌بَاب الْوكَالَة

- ‌بَاب الْإِقْرَار

- ‌بَاب الْعَارِية

- ‌بَاب الْغَصْب

- ‌بَاب الشُّفْعَة

- ‌بَاب الْقَرَاض

- ‌بَاب الْمُسَاقَاة

- ‌بَاب الْإِجَارَة

- ‌بَاب الْجعَالَة

- ‌بَاب الْمُزَارعَة وَالْمُخَابَرَة

- ‌بَاب احياء الْموَات

- ‌بَاب الْوَقْف

- ‌بَاب الْهِبَة

- ‌بَاب اللَّقِيط

- ‌بَاب الْوَدِيعَة

- ‌كتاب الْفَرَائِض والوصايا

- ‌بَاب الْوَارِثين

- ‌بَاب الْفُرُوض الْمقدرَة وأصحابها

- ‌بَاب الْوَصِيَّة

- ‌كتاب النِّكَاح وَمَا يتَّصل بِهِ من الْأَحْكَام والقضايا

- ‌بَاب شُرُوط عقد النِّكَاح

- ‌بَاب الْمُحرمَات

- ‌بَاب عُيُوب الْمَرْأَة وَالرجل

- ‌بَاب الصَدَاق

- ‌بَاب الْمُتْعَة

- ‌بَاب الْوَلِيمَة على الْعرس

- ‌بَاب التَّسْوِيَة بَين الزَّوْجَات

- ‌بَاب الْخلْع

- ‌كتاب الطَّلَاق

- ‌بَاب صَرِيح الطَّلَاق وكنايته

- ‌بَاب الطَّلَاق السّني والبدعي

- ‌بَاب مَا يملكهُ الْحر وَالْعَبْد من تَطْلِيقَات

- ‌بَاب الرّجْعَة

- ‌بَاب الْإِيلَاء

- ‌بَاب الظِّهَار

- ‌بَاب اللّعان

- ‌بَاب الْعدة

- ‌بَاب الِاسْتِبْرَاء

- ‌بَاب الرَّضَاع

- ‌بَاب النَّفَقَة

- ‌بَاب الْحَضَانَة

- ‌كتاب الْجِنَايَات

- ‌بَاب أَنْوَاع الْقَتْل

- ‌بَاب الْقصاص فِيمَا دون النَّفس

- ‌بَاب الدِّيات

- ‌بَاب الْقسَامَة

- ‌بَاب كَفَّارَة الْقَتْل

- ‌كتاب الْحُدُود

- ‌بَاب حد الزِّنَا

- ‌بَاب حد الْقَذْف

- ‌بَاب حد الْخمر

- ‌بَاب حد السّرقَة

- ‌بَاب حد قطاع الطَّرِيق

- ‌بَاب حكم الصَّائِل

- ‌بَاب قتال الْبُغَاة

- ‌بَاب الرِّدَّة وَحكم الْمُرْتَد

- ‌كتاب الْجِهَاد

- ‌بَاب الْغَنِيمَة

- ‌بَاب الْفَيْء

- ‌بَاب الْجِزْيَة

- ‌كتاب الصَّيْد والذبائح والضحايا والأطعمة

- ‌بَاب الزَّكَاة وَالصَّيْد

- ‌بَاب مَا يحل وَمَا يحرم من الْأَطْعِمَة

- ‌بَاب الْأُضْحِية

- ‌بَاب الْعَقِيقَة

- ‌كتاب السَّبق وَالرَّمْي

- ‌كتاب الْإِيمَان وَالنُّذُور

- ‌بَاب الْيَمين

- ‌بَاب النّذر

- ‌كتاب الْأَقْضِيَة

- ‌بَاب شُرُوط القَاضِي

- ‌بَاب آدَاب الْقَضَاء

- ‌بَاب الْقِسْمَة

- ‌بَاب الدعاوي والبينات

- ‌بَاب الشَّهَادَة

- ‌بَاب أَقسَام الْمَشْهُود بِهِ

- ‌كتاب الْعتْق

- ‌بَاب الْوَلَاء

- ‌بَاب التَّدْبِير

- ‌بَاب الْكِتَابَة

- ‌بَاب أَحْكَام أم الْوَلَد

الفصل: ‌باب أنواع القتل

‌كتاب الْجِنَايَات

‌بَاب أَنْوَاع الْقَتْل

(الْقَتْل على ثَلَاثَة أضْرب عمد مَحْض وَخطأ مَحْض وَعمد خطأ فالعمد الْمَحْض أَن يعمد إِلَى ضربه بِمَا يقتل غَالِبا فيقصد قَتله بذلك فَيجب الْقود)

الْجِنَايَات جمع جِنَايَة وَالْجِنَايَة مصدر والمصدر لَا يثنى وَلَا يجمع إِلَّا إِذا قصد التنويع وَالْجِنَايَة كَذَلِك لتنوعها إِلَى عمد وَخطأ وَعمد خطأ كَمَا ذكره الشَّيْخ فالعمد الْمَحْض أَن يقْصد الْفِعْل والشخص الْمعِين بِشَيْء يقتل غَالِبا فقولنا أَن يقْصد الْفِعْل احْتِرَازًا عَمَّا إِذا لم يقْصد الْفِعْل كَمَا إِذا زلق فَسقط على غَيره فَمَاتَ فَإِنَّهُ لَا يجب الْقصاص وَقَوْلنَا أَن يقْصد الشَّخْص الْمعِين احْتِرَازًا عَمَّا إِذا لم يقْصد شخصا معينا كَمَا إِذا رمى إِلَى جمَاعَة وَلم يقْصد وَاحِدًا بِعَيْنِه فَإِنَّهُ لَا يجب الْقصاص على الرَّاجِح وَقَوْلنَا بِشَيْء يقتل غَالِبا أَعم من أَن يكون بِآلَة أَو غَيرهَا والآلة أَعم من أَن تكون محددة أَو مثقل فالآلة المحددة كالسكين وَمَا فِي مَعْنَاهَا والمثقلة كالدبوس وَمَا فِي مَعْنَاهُ وَكَذَا لَو حرقه أَو غرقه أَو صلبه أَو هدم عَلَيْهِ حَائِطا أَو سقفاً أَو داسه بِدَابَّة أَو دَفنه حَيا أَو عصر خصيتيه عصراً شَدِيدا فَمَاتَ وَجب الْقصاص وَغير الْآلَة أَنْوَاع مِنْهَا لَو حَبسه وَمنعه من الطَّعَام وَالشرَاب والطلب حَتَّى مَاتَ وَجب الْقصاص وَلَو حَبسه وعراه حَتَّى مَاتَ بالبرد فَهُوَ كَمَا لَو حَبسه وَمنعه الْأكل ذكره القَاضِي حُسَيْن بِخِلَاف مَا لَو أَخذ طَعَامه وَشَرَابه أَو ثِيَابه فِي مفازة فَمَاتَ جوعا أَو عطشاً أَو بردا فَلَا ضَمَان لِأَنَّهُ لم يحدث فِيهِ صنعا وَمِنْهَا إِذا شهدُوا على رجل بِمَا يُوجب قَتله قصاصا أَو ردة أَو زنا وَهُوَ مُحصن فَحكم القَاضِي بِشَهَادَتِهِم وَقَتله بمقتضاها ثمَّ رجعُوا وَقَالُوا تعمدنا وَعلمنَا أَنه يقتل بشهادتنا لَزِمَهُم الْقصاص وَكَذَا لَو شهدُوا بِمَا يُوجب الْقطع سَوَاء كَانَ قصاصا أَو سَرقَة يجب عَلَيْهِم الْقطع وَمِنْهَا أَن يقدم إِلَى الشَّخْص طَعَاما مسموما فَأكل وَمَات وَجب الْقصاص إِن كَانَ مَجْنُونا أَو صَبيا وَكَذَا حكم الأعجمي الَّذِي يعْتَقد أَنه لَا بُد من الطَّاعَة فِي كل مَا يشار عَلَيْهِ بِهِ لِأَنَّهُ وَالْحَالة هَذِه بِمَنْزِلَة الصَّغِير وَالْمَجْنُون وَإِن كَانَ الْمُقدم إِلَيْهِ بَالغا عَاقِلا فَإِن علم حَال الطَّعَام فَلَا شَيْء على الْمُقدم والآكل هُوَ الْقَاتِل نَفسه وَإِلَّا فَفِي وجوب الْقصاص قَولَانِ جاريان فِيمَا لَو غطى رَأس بِئْر فِي دهليز وَدعَاهُ إِلَى

ص: 451

دَاره ضيفاً وَكَانَ الْغَالِب أَنه يمر على ذَلِك الْموضع فَهَلَك بالبئر وَالْأَظْهَر لَا قصاص وَإِذا كَانَ لَا قصاص وَجَبت الدِّيَة على الْأَظْهر فَإِن هَذَا أقوى من حفر الْبِئْر وَقيل لَا تجب الدِّيَة تَغْلِيبًا للمباشرة وَمِنْهَا لَو سحر رجلا فَمَاتَ سألناه فَإِن قَالَ قتلته بسحري وسحري يقتل غَالِبا لزمَه الْقصاص

إِذا عرفت هَذَا فَقتل النَّفس بِغَيْر حق من أكبر الْكَبَائِر قَالَه الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ وَقَالَ الْبَغَوِيّ هُوَ أكبر الْكَبَائِر بعد الْكفْر وَكَذَا نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَالله أعلم الْآيَات وَالْأَخْبَار فِي التحذير مِنْهُ كَثِيرَة مِنْهَا قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} الْآيَة فَانْظُر إِلَى جَزَاء من قتل بِغَيْر حق جعل جزاءه جَهَنَّم مَعَ الخلود وَالْغَضَب والبعد وَالْعَذَاب الْمَوْصُوف بالعظمة عَافَانَا الله من ذَلِك وَفِي صَحِيح مُسلم لَا يحل قتل امْرِئ مُسلم إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث كفر بعد إِيمَان وزنا بعد إِحْصَان وَقتل نفس بِغَيْر حق ظلما وعدواناً وَفِي الْخَبَر لقتل مُؤمن أعظم عِنْد الله من زَوَال الدُّنْيَا وَقَالَ عليه الصلاة والسلام من أعَان على قتل مُسلم وَلَو بِشَطْر كلمة لَقِي الله وَهُوَ مَكْتُوب بَين عَيْنَيْهِ آيس من رَحْمَة الله هَذَا كُله فِي الْعمد وَقد ذكره الشَّيْخ بقوله أَن يعمد إِلَى ضربه وَهُوَ قصد الْفِعْل إِلَى الشَّخْص وَالْهَاء فِي ضربه عَائِد إِلَيْهِ وَقَوله بِمَا يقتل غَالِبا مَا بِمَعْنى شَيْء وَهُوَ أَعم من الْآلَة وَغَيرهَا كالسبب كَمَا مر وَقَوله غَالِبا احْتَرز بِهِ عَمَّا لَا يقتل غَالِبا وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَقَوله فيقصد قَتله هَذِه الزِّيَادَة طَريقَة ضَعِيفَة شَرطهَا بعض الْأَصْحَاب وَالصَّحِيح أَن قصد الْقَتْل غير شَرط لوُجُوب الْقصاص بل الْحَد الْمُعْتَبر قصد الْفِعْل والشخص بِمَا يقتل غَالِبا وَالله أعلم قَالَ

(فَإِن عَفا عَنهُ وَجَبت دِيَة مُغَلّظَة حَالَة فِي مَال الْقَاتِل)

مُسْتَحقّ الْقود وَهُوَ الْقصاص بِالْخِيَارِ بَين أَن يقْتَصّ وَبَين أَن يعْفُو لقَوْله صلى الله عليه وسلم ثمَّ أَنْتُم معشر خُزَاعَة قد قتلتم هَذَا الْقَتِيل من هُذَيْل وَأَنا وَالله عاقله فَمن قتل بعده قَتِيلا فأهله بَين خيرتين إِن أَحبُّوا قتلوا وَإِن أَحبُّوا أخذُوا الدِّيَة وَقَوله من قتل قَتِيلا إِلَى آخِره أخرجه البُخَارِيّ وَوجه الدّلَالَة

ص: 452

أَنه عليه الصلاة والسلام خير الْوَرَثَة بَين الدِّيَة وَالْقَتْل فَإِن اقْتصّ الْمُسْتَحق فَلَا كَلَام وَإِن عَفا على الدِّيَة وَجَبت فَتجب بقتل الْحر الْمُسلم مائَة من الْإِبِل ثمَّ إِن كَانَ الْقَتْل عمدا تغلظت من ثَلَاثَة أوجه

أَحدهَا أَنَّهَا تجب على الْجَانِي وَلَا تحملهَا الْعَاقِلَة

وَالثَّانِي أَنَّهَا تجب حَالَة بِلَا تَأْجِيل

وَالثَّالِث أَنَّهَا تتغلط بِالسِّنِّ والتثليث فَتجب ثَلَاثُونَ حقة وَثَلَاثُونَ جَذَعَة وَأَرْبَعَة خلفة والخلفة الْحَامِل وَسَوَاء كَانَ الْعمد مُوجبا للْقصَاص فَعَفَا على الدِّيَة كَمَا ذكره الشَّيْخ أم لم يُوجب الْعمد الْقود كَقَتل الْوَالِد وَلَده وَاحْتج لما ذَكرْنَاهُ بقوله عليه الصلاة والسلام من قتل مُتَعَمدا دفع إِلَى أَوْلِيَاء الْمَقْتُول فَإِن شاؤوا قتلوا وَإِن شَاءُوا أخذُوا الدِّيَة وَهِي ثَلَاثُونَ حقة وَثَلَاثُونَ جَذَعَة وَأَرْبَعُونَ خلفة وَمَا صَالحُوا عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُم وَذَلِكَ لتشديد الْقَتْل قَالَ

(وَالْخَطَأ الْمَحْض هُوَ أَن يَرْمِي إِلَى شَيْء فَيُصِيب رجلا فيقتله وَلَا قَود عَلَيْهِ بل تجب دِيَة مُخَفّفَة على الْعَاقِلَة مُؤَجّلَة ثَلَاث سِنِين)

قد علمت أَن الْجِنَايَة على ثَلَاثَة أضْرب وَقد تقدم الْكَلَام على الْعمد وَالْكَلَام الْآن على الْخَطَأ وَله تفسيران

أَحدهمَا مَا ذكره الشَّيْخ أَن يَرْمِي إِلَى شَيْء سَوَاء كَانَ صيدا أَو رجلا أَو غَيرهمَا فَيُصِيب رجلا وَهَذَا مَا ذكره القَاضِي أَبُو الطّيب وَالْقَاضِي حُسَيْن وَقَالَ غَيرهمَا إِن الْخَطَأ هُوَ مالم يقْصد فِيهِ الْفِعْل كمن زلق فَوَقع على غَيره فَمَاتَ أَو تولد الْهَلَاك من يَد المرتعش ثمَّ الْخَطَأ لَا قصاص فِيهِ لقَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} أوجب الله الدِّيَة وَلم يتَعَرَّض للْقصَاص وَفِي الْخَبَر أَنه عليه الصلاة والسلام كتب إِلَى أهل الْيمن إِن فِي دِيَة النَّفس مائَة من الْإِبِل ثمَّ الدِّيَة فِي الْخَطَأ تخفف إِلَى ثَلَاثَة أوجه

ص: 453

أَحدهَا بإعتبار التخميس فَتجب عشرُون بنت مَخَاض وَعِشْرُونَ بنت لبون وَعِشْرُونَ ابْن لبون وَعِشْرُونَ حقة وَعِشْرُونَ جَذَعَة قَالَ الرَّافِعِيّ وَاحْتج الْأَصْحَاب بِمَا رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قضى فِي دِيَة الْخَطَأ مائَة من الْإِبِل وفصلها على مَا ذكرنَا وَقَوله وفصلها أَي ابْن مَسْعُود وَلِهَذَا روى بَعضهم أَن ابْن مَسْعُود رَفعه إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَاعْلَم أَن جُمْهُور الصَّحَابَة على تخميسها قَالَ سُلَيْمَان بن يسَار كَانُوا يَقُولُونَ دِيَة الْخَطَأ مائَة من الْإِبِل وَذكر مَا ذَكرْنَاهُ وَسليمَان تَابِعِيّ فَدلَّ على أَنه إِجْمَاع من الصَّحَابَة

الْوَجْه الثَّانِي كَونهَا على الْعَاقِلَة فَإِذا جنى الْحر على نفس حر آخر خطأ أَو عمد خطأ وَجَبت الدِّيَة على عَاقِلَة الْجَانِي وَالْأَصْل فِي ذَلِك أَن امْرَأتَيْنِ من هُذَيْل اقتتلتا فرمت إِحْدَاهمَا الْأُخْرَى بِحجر وَيرى بعمود فسطاط فقتلهتها وأسقطت جَنِينهَا فَقضى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالدِّيَةِ على عَاقِلَة القاتلة وَفِي الْجَنِين بغرة عبد أَو أمة وَهَذِه صُورَة شبه الْعمد وَإِذا جرى التَّحَمُّل فَيُشبه الْعمد فَفِي بدل الْخَطَأ أولى قَالَ الْعلمَاء وتغريم غير الْجَانِي خَارج عَن الأقيسة الظَّاهِرَة إِلَّا أَن الْقَبَائِل فِي الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يقومُونَ بنصرة من جنى مِنْهُم وَيمْنَعُونَ أَوْلِيَاء الْقَتِيل من أَن يدركوا بثأرهم ويأخذوا من الْجَانِي حَقهم فَجعل الشَّارِع بدل تِلْكَ النُّصْرَة بذل المَال وخصص الْعَاقِلَة بهما لِأَن الْخَطَأ وَشبه الْعمد مِمَّا يكثر فحسنت إِعَانَة الْقَاتِل لِئَلَّا يفْتَقر بِالسَّبَبِ الَّذِي هُوَ مَعْذُور فِيهِ بِخِلَاف الْعمد إِذْ لَا عذر لَهُ فَلَا يَلِيق بِهِ الرِّفْق وأجلت على الْعَاقِلَة لِئَلَّا يشق عَلَيْهِم الْأَدَاء وَادّعى الإِمَام الاجماع على تحمل الْعَاقِلَة فِي الْخَطَأ وَشبه الْعمد وَقيل لَا تحمل الْعَاقِلَة دِيَة شبه الْعمد وَالْمذهب الأول لوُرُود النَّص فِيهِ وَالله أعلم

الْوَجْه الثَّالِث كَون الدِّيَة فِي ثَلَاث سِنِين رُوِيَ ذَلِك عَن عمر وَعلي وَابْن عمر وَابْن عَبَّاس رضي الله عنهم قَالَ الشَّافِعِي وَلم أعلم مُخَالفا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قضى بِالدِّيَةِ على الْعَاقِلَة فِي ثَلَاث سِنِين فَإِن ورد النَّص بذلك كَمَا ذكره الشَّافِعِي فَلَا كَلَام وَإِلَّا فقد ضربهَا عمر وَعلي وَابْن عَبَّاس كَذَلِك وَلم يُنكر عَلَيْهِم فَكَانَ إِجْمَاعًا وَلَا يَقُولُونَ ذَلِك إِلَّا توقيفاً فَإِن قلت قَالَ ابْن الْمُنْذر وَمَا ذكره الشَّافِعِي لَا نعلم لَهُ أصلا من كتاب الله وَلَا سنة وَقَالَ الإِمَام أَحْمد لما سُئِلَ عَن ذَلِك قَالَ لَا أعرف فِيهِ شَيْئا فَالْجَوَاب أَن من عرف حجَّة على من لَا يعرف وَكَيف يرد قَول الشَّافِعِي بذلك وَهُوَ أعلم الْقَوْم بالأخبار والتاريخ بِمثل ذَلِك وَالله أعلم قَالَ

ص: 454

(وَعمد الْخَطَأ أَن يقْصد ضربه بِمَا لَا يقتل غَالِبا فَيَمُوت فَلَا قَود عَلَيْهِ بل تجب دِيَة مُغَلّظَة على الْعَاقِلَة مُؤَجّلَة)

قد مر ذكر الْعمد وَالْخَطَأ وَبَقِي شبه الْعمد وَهُوَ أَن يقْصد الْفِعْل والشخص مَعًا بِمَا لَا يقتل غَالِبا كَمَا إِذا ضربه بِسَوْط أَو عَصا ضَرْبَة خَفِيفَة أَو رَمَاه بِحجر صَغِير وَلم يوال بِهِ الضَّرْب وَلم يشْتَد الْأَلَم بِسَبَب ذَلِك وَلم يكن وَقت حر وَلَا برد شديدين أَو لم يكن الْمَضْرُوب ضَعِيفا أَو صَغِيرا فَهُوَ شبه عمد وَإِن كَانَ شَيْء من ذَلِك وَجب الْقصاص لِأَنَّهُ قصد الْفِعْل والشخص بِمَا يقتل غَالِبا وَلَو ضربه الْيَوْم ضَرْبَة وَغدا ضَرْبَة وَهَكَذَا فرق الضربات حَتَّى مَاتَ فَوَجْهَانِ لِأَن الْغَالِب السَّلامَة عِنْد تَفْرِيق الضَّرْب قَالَ المَسْعُودِيّ وَلَو ضربه ضَرْبَة وَقصد أَن لَا يزِيد عَلَيْهَا فشتمه فَضَربهُ ثَانِيَة ثمَّ شَتمه فَضَربهُ ثَالِثَة حَتَّى قَتله فَلَا قصاص لعدم الْمُوَالَاة قَالَ الرَّافِعِيّ وَيَنْبَغِي أَن لَا ينظر إِلَى صُورَة الْمُوَالَاة وَلَا إِلَى قدر مُدَّة التَّفْرِيق بل يعْتَبر أثر الضَّرْبَة السَّابِقَة والألم الْحَاصِل بهَا فَإِن تَيَقّن ثمَّ ضربه أُخْرَى فَهُوَ كَمَا لَو والى وَلَو طبق كَفه ولكمه فَهُوَ كالضرب بالعصا الْخَفِيفَة فيفصل وَقَول الشَّيْخ فَلَا قَود عَلَيْهِ بل تجب دِيَة مُغَلّظَة دَلِيله حَدِيث الْمَرْأَتَيْنِ من هُذَيْل وَقَوله مُغَلّظَة يَعْنِي من وَجه وَقَوله على الْعَاقِلَة مُؤَجّلَة يَعْنِي مُخَفّفَة من وَجْهَيْن لِأَن جِنَايَة الْخَطَأ مُخَفّفَة من ثَلَاثَة وُجُوه كَونهَا على الْعَاقِلَة ومؤجلة ومخمسة وَجِنَايَة الْعمد مُغَلّظَة من ثَلَاثَة أوجه كَونهَا على الجانس حَالَة مُثَلّثَة وَجِنَايَة شبه الْعمد تنْزع إِلَى الْعمد من وَجه كَونهَا فِيهَا قصد الْفِعْل والشخص وتنزع إِلَى الْخَطَأ يكون الْآلَة لَا تقتل غَالِبا فَلهَذَا خففت بِكَوْنِهَا على الْعَاقِلَة وبالتأجيل وغلظت بِكَوْنِهَا مُثَلّثَة وَالله أعلم قَالَ

(وشرائط وجوب الْقصاص أَرْبَعَة أَن يكون الْقَاتِل بَالغا عَاقِلا وَألا يكون والدا للمقتول وَألا يكون الْمَقْتُول أنقص من الْقَاتِل بِكفْر أَو رق)

لما ذكر الشَّيْخ رحمه الله الْجِنَايَة ونوعها بِاعْتِبَار مَا يجب فِيهَا الْقصاص وَمَا لَا يجب شرع الْآن فِي ذكر من يجب عَلَيْهِ الْقصاص وَمن لَا يجب وَلَا شكّ أَن الْقصاص هُوَ الْمُمَاثلَة كَمَا قَالَه الْأَزْهَرِي وَهُوَ مَأْخُوذ من اقتصاص الْأَثر وَهُوَ تتبعه لِأَن تتبع الْجِنَايَة فَيَأْخُذ مثلهَا والمثلية تعْتَبر فِي الْجِنَايَة وكما تعْتَبر فِي الْجِنَايَة كَذَلِك تعْتَبر الْمُسَاوَاة بَين الْقَتِيل وَالْقَاتِل وَلَيْسَ المُرَاد الْمُسَاوَاة فِي كل خصْلَة لِأَن بعض الْخِصَال لم يَعْتَبِرهَا الشَّارِع قطعا كنضو الْخلقَة مَعَ كَبِير الضخامة وَنَحْو ذَلِك كالقوة والضعف وَغَيرهمَا ومدار ذَلِك على صِفَات تذكر فَمَتَى فضل الْقَاتِل على الْمَقْتُول بخصلة

ص: 455

مِنْهَا فَلَا قَود فَمِنْهَا الْإِسْلَام وَالْحريَّة والولادة فَلَا يقتل مُسلم بِكَافِر وَلَا حر بِعَبْد وَلَا وَالِد بِولد وَلنَا عودة إِلَى ذَلِك وَيشْتَرط مَعَ ذَلِك كَون الْقَاتِل مُكَلّفا فَلَا يجب الْقصاص على صبي وَلَا مَجْنُون لِأَنَّهُ الْقَلَم مَرْفُوع عَنْهُمَا كَمَا مر فِي الْخَبَر فَلَا يجب عَلَيْهِمَا كَمَا لَا قصاص على النَّائِم فِيمَا إِذا انْقَلب على إِنْسَان فَقتله وَلَا على الْبَهِيمَة لعدم التَّكْلِيف وَلِأَن الْقصاص عُقُوبَة فَلَا يجب عَلَيْهِمَا كالحد نعم من زَالَ عقله بِمحرم كَالسَّكْرَانِ وَمن تعدى بِشرب دَوَاء مزيل الْعقل هَل يجب عَلَيْهِ الْقصاص قيل لَا كمعتوه والمذب الْقطع بِوُجُوب الْقصاص لتعديه بِفعل مَا يحرم عَلَيْهِ كَمَا نوقع عَلَيْهِ الطَّلَاق وَغَيره من المؤاخذات ولأنا لَو لم نوجب الْقصاص بذلك لَأَدَّى إِلَى تَركه بذلك فَإِن من رام قتل شخص لَا يعجز أَن يسكر حَتَّى لَا يقْتَصّ مِنْهُ فَيُؤَدِّي ذَلِك إِلَى سفك الدِّمَاء وَالله أعلم

(فرع) لَو قَالَ الْقَائِل كنت يَوْم الْقَتْل صَغِيرا صدق بِيَمِينِهِ بِشَرْط إِمْكَان مَا يَدعِيهِ وَلَو قَالَ أَنا الْآن صَغِير صدق بِلَا يَمِين على الْأَصَح وَلَو قَالَ كنت مَجْنُونا عِنْد الْقَتْل وعهد لَهُ جُنُون صدق على الْأَصَح وَقيل يصدق الْوَارِث لِأَن الأَصْل السَّلامَة وَالله أعلم وَيشْتَرط أَن لَا يكون الْمَقْتُول أنقص من الْقَاتِل بِصفة الْكفْر فَلَا يقتل مُسلم بِكَافِر حَرْبِيّا كَانَ الْمَقْتُول أَو ذِمِّيا أَو معاهداً لقَوْله صلى الله عليه وسلم لَا يقتل مُسلم بِكَافِر وَالله أعلم وَيشْتَرط فِي وجوب الْقصاص أَيْضا أَن لَا يكون الْمَقْتُول أنقص من الْقَاتِل بِصفة الرّقّ فَلَا يقتل حر بِعَبْد قِنَا كَانَ أَو مُدبرا أَو مكَاتبا أَو أم ولد لقَوْله تَعَالَى {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} فَظَاهره عدم قتل حر بِعَبْد وَعَن عَليّ رضي الله عنه قَالَ من السّنة أَلا يقتل حر بِعَبْد وَلِأَنَّهُ لَا يقطع طرفه بطرفه فَأولى أَلا يقتل بِهِ وَالله أعلم

(فرع) قتل الْحر الْمُسلم شخضا لَا يعلم أَنه مُسلم أَو كَافِر أَو لَا يعلم أَنه حر أَو عبد فَلَا قصاص للشُّبْهَة ذكره الرَّوْيَانِيّ فِي الْبَحْر وَالله أعلم وَيشْتَرط فِي وجوب الْقصاص أَلا يكون الْقَاتِل أَبَا أَو جدا وَإِن علا وَإِن نزل الْمَقْتُول لقَوْل عمر رضي الله عنه فِي قصَّة وَقعت لَوْلَا أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول لَا يُقَاد الْأَب من ابْنه لقتلتك هَلُمَّ دِيَته فَأَتَاهُ بهَا فَدَفعهَا إِلَى ورثته وَلِأَن الْوَالِد سَبَب وجوده فَلَا يحسن أَن يصير الْوَلَد سَببا فِي إعدامه وَقيل يقْتَصّ من الأجداد

ص: 456

والجدات وَالصَّحِيح الأول وَالله أعلم

(فرع) لَو حكم قَاض بقتل الْوَالِد لقتل الْوَلَد قَالَ ابْن كج ينْقض حكمه وَالله أعلم

(فرع) قتل مُسلم مُرْتَدا فَلَا قصاص عَلَيْهِ وَلَو قتل زَانيا مُحصنا فَالْأَصَحّ الْمَنْصُوص وَبِه قطع المراوزة أَنه لَا قصاص وَظَاهر كَلَام الرَّافِعِيّ أَنه لَا فرق فِي عدم وجوب الْقصاص بَين أَن يثبت زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ أَو بالاقرار وَقد ذكره كَذَلِك فِي حد الزِّنَا وَفِي الْأَطْعِمَة وَتَبعهُ النَّوَوِيّ على ذَلِك لكنه صحّح فِي تَصْحِيح التَّنْبِيه وجوب الْقصاص إِذا ثَبت بِالْإِقْرَارِ وَيجْرِي الْخلاف فِيمَا لَو قتل مُحَاربًا هَل فِي قصاص أم لَا وَالله أعلم قَالَ

(وَتقتل الْجَمَاعَة بِالْوَاحِدِ)

إِذا اشْترك جمَاعَة فِي قتل وَاحِد قتلوا بِهِ بِشَرْط أَن يكون فعل كل وَاحِد لَو انْفَرد لقتل لعُمُوم قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً} يَعْنِي الْقصاص وَقتل عمر رضي الله عنه سَبْعَة أَو خَمْسَة من أهل صنعاء الْيمن بِوَاحِد وَقَالَ لَو توالى عَلَيْهِ أهل صنعاء لقتلتهم بِهِ وَقتل عَليّ رضي الله عنه ثَلَاثَة بِوَاحِد وَقتل الْمُغيرَة سَبْعَة بِوَاحِد وَقَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما إِذا قتل جمَاعَة وَاحِدًا قتلوا بِهِ وَلَو كَانُوا مائَة وَلم يُنكر عَلَيْهِم أحد فَكَانَ ذَلِك اجماعاً وَأَيْضًا فالتشفي لَا يحصل إِلَّا بقتل الْكل وَكَذَا الزّجر وَإِذا آل الْأَمر إِلَى المَال فَهَل يلْزمهُم على عدد الضربات أم بِالسَّوِيَّةِ الرَّاجِح الثَّانِي لِأَن الْجراحَة الْوَاحِدَة قد يكون لَهَا نكاية مَا لَا يكون للجراحات ثمَّ كَيفَ الِاسْتِحْقَاق قَالَ الْجُمْهُور يسْتَحق روح كل وَاحِد غذ الرّوح لَا يتَجَزَّأ وَلَو اسْتحق بَعْضهَا لم يقتل وَقَالَ الْحَلِيمِيّ إِذا كَانُوا عشرَة مثلا لم يسْتَحق إِلَّا عشر روح كل وَاحِد بِدَلِيل أَنه لَو آل الْأَمر إِلَى الدِّيَة لم يلْزمه إِلَى عشرهَا غير أَنه لَا يُمكن اسْتِيفَاء الْعشْر إِلَّا بِالْكُلِّ فاستوفى لتعذر وَصَارَ هَذَا بِمَثَابَة مَا إِذا أَدخل الْغَاصِب الْمَغْصُوب فِي مَكَان ضيق واحتيج فِي رده إِلَى قلع الْبَاب وَهدم الْجِدَار ورد الإِمَام ذَلِك بِأَنَّهُ لَو قطع يَد غَيره من نصف الساعد لَا يجْرِي الْقصاص فِيهِ خوفًا من اسْتِيفَاء الزِّيَادَة على الْجِنَايَة بِجُزْء يسير فَكيف يريق تِسْعَة أعشار الدَّم بَال اسْتِحْقَاق لِاسْتِيفَاء عشر وَاحِد وَاعْتِبَار الْقصاص بِالدِّيَةِ مَمْنُوع أَلا ترى أَن الرجل يقتل بِالْمَرْأَةِ وَإِذا آل الْأَمر إِلَى المَال لم يلْزمه إِلَّا نصف دِيَة نَفسه وَلَو ضربه كل وَاحِد بِسَوْط أَو بعصا خَفِيفَة فَمَاتَ فَفِي

ص: 457