الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَركه سَوَاء وَقَالَ فِي التَّحْقِيق إِن الْكَرَاهَة لَا أصل لَهَا وَالله أعلم
(فرع) قَالَ فِي التَّنْبِيه وَلَا يرفع ثَوْبه حَتَّى يدنو من الأَرْض يَعْنِي عَن عَوْرَته لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَله وَهُوَ ندب قَالَ ابْن الرّفْعَة وَكَونه ندبا فِيهِ نظر لِأَن الصَّحِيح أَن كشف الْعَوْرَة فِي الْخلْوَة بِلَا حَاجَة حرَام لِأَن الله تَعَالَى أَحَق أَن يستحيا مِنْهُ وَلَا حَاجَة قبل الدنو وَمَا بَحثه ابْن الرّفْعَة خرجه النَّوَوِيّ فِي شرح التَّنْبِيه على ذَلِك لكنه قَالَ فِي شرح الْمُهَذّب إِن هَذَا مُسْتَحبّ بالِاتِّفَاقِ وَلَيْسَ بِوَاجِب صرح بِهِ أَبُو حَامِد وَابْن الصّباغ وَالْمُتوَلِّيّ وَغَيرهم وَالله أعلم قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَيسْتَحب إِذا فرغ أَن يسبل ثَوْبه قبل انتصابه قَائِما قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب وَمَا قَالَه حسن إِذا لم يخف تنجيس ثَوْبه فَإِن خَافَ رَفعه قدر حَاجته وَمن آدَاب قَضَاء الْحَاجة أَن لَا يَبُول فِي مهب الرّيح وَأَن يعْتَمد على رجله الْيُسْرَى وقدمها عِنْد مَحل الْبَوْل وَأَن يهيىء أَحْجَار الِاسْتِجْمَار قبل جُلُوسه وَأَن لَا يستنجي بِالْمَاءِ فِي مَوضِع قَضَاء الْحَاجة إِلَّا فِي الميض وَأَن يَقُول عِنْد الدُّخُول بِسم الله اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْخبث والخبائث وَعند الْفَرَاغ الْحَمد لله الَّذِي أذهب عني الْأَذَى وعافاني وَأَن يبعد عَن النَّاس وَأَن يتَّخذ موضعا لينًا للبول وَأَن ينضح فرجه وسراويله بعد الِاسْتِنْجَاء دفعا للوسواس وَلَو غلب على ظَنّه زَوَال النَّجَاسَة ثمَّ شم من يَده ريحًا فَهَل يدل على بَقَاء النَّجَاسَة فِي الْمحل كَالْيَدِ الْأَصَح لَا وَالله أعلم قَالَ
نواقض الْوضُوء
(فصل وَالَّذِي ينْقض الْوضُوء خَمْسَة أَشْيَاء مَا خرج من السَّبِيلَيْنِ)
وينقض الْوضُوء أَيْضا شِفَاء دَائِم الْحَدث كمن بِهِ سَلس من الْبَوْل أَو غَيره وشفاء الْمُسْتَحَاضَة وينقضه أَيْضا انْقِضَاء مُدَّة الْمسْح وَقد ذكره الشَّيْخ فِي فصل مسح الْخُف وينقضه أَيْضا أكل لحم الْجَزُور على مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيّ وَقواهُ وَقَالَ إِن فِيهِ حديثين صَحِيحَيْنِ لَيْسَ عَنْهُمَا جَوَاب شاف وَقد اخْتَارَهُ جمَاعَة من أَصْحَابنَا الْمُحدثين وَقَالَ وَهُوَ مِمَّا يعْتَقد رجحانه وَالله أعلم وَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُور الْأَصْحَاب أَنه لَا ينْقض الْوضُوء وأجتبوا عَن هَذَا بِمَا روى جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أَن آخر الْأَمريْنِ من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ترك الْوضُوء مِمَّا مسته النَّار إِذا عرفت هَذَا فالخارج من السَّبِيلَيْنِ وهما
الْقبل والدبر نَاقض للْوُضُوء عينا كَانَ أَو ريحًا مُعْتَادا أَو نَادرا كَالدَّمِ والحصى نجس الْعين كَانَ أَو طَاهِرا كالدود وَالْأَصْل فِي ذَلِك قَوْله تَعَالَى {أَو جَاءَ أحد مِنْكُم من الْغَائِط} وَسُئِلَ أَبُو هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن الْحَدث فَقَالَ
(فسَاء أَو ضراط) وَحَدِيث عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ
(كنت رجلا مذاء فَاسْتَحْيَيْت أَن أسأَل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لمَكَان ابْنَته فَأمرت الْمِقْدَاد بن الْأسود الْكِنْدِيّ فَسَأَلَهُ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
(يغسل ذكره وَيتَوَضَّأ) وَيسْتَثْنى مِمَّا خرج من السَّبِيلَيْنِ الْمَنِيّ على الْمَذْهَب فِي الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة وَوجه بِأَن مَا أوجب أعظم الْأَمريْنِ بِخُصُوص فَلَا يُوجب أدونهما بِعُمُومِهِ كزنا الْمُحصن لما أوجب أعظم الحدين وَهُوَ الرَّجْم لكَونه زنا مُحصن لَا يُوجب أدونهما وَهُوَ الْجلد والتغريب لكَونه زنا وَقيل إِن خُرُوج الْمَنِيّ ينْقض الْوضُوء أَيْضا وَيُوجب الْغسْل كَمَا أطلقهُ الشَّيْخ وَكَذَا لفظ التَّنْبِيه وَبِه قَالَ القَاضِي أَبُو الطّيب وَأَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وَجَمَاعَة مِنْهُم الإِمَام وَالْغَزالِيّ وَصرح بِهِ ابْن شُرَيْح بِأَنَّهُ ينْقض وَإِطْلَاق الشَّافِعِي يَقْتَضِيهِ فَإِنَّهُ قَالَ دلّت السّنة على الْوضُوء من الْمَذْي وَالْبَوْل وَالرِّيح وكل مَا خرج من وَاحِد من الْفرج وسخ فَفِيهِ الْوضُوء قَالَ ابْن عطيه فِي تَفْسِيره الْإِجْمَاع على أَن الْمَنِيّ نَاقض للْوُضُوء وَمَا اسْتدلَّ بِهِ الرَّافِعِيّ من أَن الشَّيْء إِذا أوجب أعظم الْأَمريْنِ إِلَى آخِره نقضه الْمَاوَرْدِيّ بِالْحيضِ وَقَالَ إِنَّه ينْقض الْوضُوء بالإتفاق وَوَافَقَ ابْن الرّفْعَة على أَنه ينْقض الْوضُوء وَالله أعلم قلت وَرَأَيْت بِخَط الجاربردي أَن الْحيض فِي نقضه للْوُضُوء خلاف وَعَزاهُ إِلَى بعض الْعِرَاقِيّين وَقَوله
(مَا خرج من السَّبِيلَيْنِ) احْتَرز بِهِ عَمَّا إِذا خرج من غَيرهمَا كالفصد والحجامة والقيء وَنَحْو ذَلِك فَإِنَّهُ لَا ينْقض الْوضُوء لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم احْتجم وَصلى وَلم يتَوَضَّأ وَلم يزدْ على غسل محاجمه وَلِأَن النَّقْض بِمثل مَا وَردت بِهِ السّنة غير مَعْقُول الْمَعْنى فَلَا يَصح الْقيَاس عَلَيْهِ وَلِأَن الْخُرُوج من السَّبِيلَيْنِ لَهُ خُصُوصِيَّة لَا تُوجد فِي غَيرهمَا وَالله أعلم قَالَ
(وَالنَّوْم على غير هَيْئَة المتمكن من الأَرْض مقعدة وَزَوَال الْعقل بسكر أَو مرض)
الناقض الثَّانِي زَوَال الْعقل وَله أَسبَاب مِنْهَا النّوم وَحَقِيقَته استرخاء الْبدن وَزَوَال شعوره وخفاء كَلَام من عِنْده وَلَيْسَ فِي مَعْنَاهُ النعاس فَإِنَّهُ لَا ينْقض الْوضُوء بِكُل حَال وَدَلِيل النَّقْض بِالنَّوْمِ قَوْله صلى الله عليه وسلم
(العينان وكاء السه فَإِذا نَامَتْ العينان انْطلق الوكاء فَمن نَام فَليَتَوَضَّأ)
وَمعنى الحَدِيث الْيَقَظَة وكاء الدبر فَإِذا نَام زَالَ الضَّبْط وَيسْتَثْنى مَا إِذا نَام مُمكنا مَقْعَده من الأَرْض على الصَّحِيح وَلَو كَانَ مُسْتَندا إِلَى شَيْء بِحَيْثُ لَو زَالَ لسقط لما روى أنس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ
(كَانَ أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثمَّ يصلونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ) زَاد أَبُو دَاوُد
(حَتَّى تخفق رُءُوسهم وَكَانَ ذَلِك على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمِنْهَا أَي أَسبَاب زَوَال الْعقل الْإِغْمَاء وَالْجُنُون وَالسكر وَهَذِه نواقض للْوُضُوء بِكُل حَال لِأَن النّوم إِذا كَانَ ناقضا فَهَذِهِ أولى الذهول عِنْد هَذِه الْأَسْبَاب أبلغ من النّوم
(فرع) إِذا نَام مُمكنا مَقْعَده من الأَرْض فَزَالَتْ إِحْدَى أليتيه عَن الأَرْض فَإِن كَانَ قبل انتباهه انْتقض وضوؤه وَإِن كَانَ بعده فَلَا ينْتَقض وَكَذَا إِذا كَانَ الزَّوَال مَعَه أَو شكّ فَلَا ينْتَقض وضوؤه لِأَن الأَصْل بَقَاء الطَّهَارَة وَلَو نَام على قَفاهُ مُلْصقًا مقْعد بِالْأَرْضِ انْتقض وَلَو كَانَ مستثفراً بِشَيْء أَي مستجمراً بِخرقَة كَمَا تستجمر الْمُسْتَحَاضَة بِشَيْء انْتقض أَيْضا على الْمَذْهَب وَاعْلَم أَن الشَّافِعِي وَالْأَصْحَاب قَالُوا يسْتَحبّ الْوضُوء من النّوم وَإِن كَانَ مُمكنا مَقْعَده من الأَرْض لِلْخُرُوجِ من الْخلاف وَالله أعلم قَالَ
(ولمس الرجل الْمَرْأَة من غير حَائِل بَينهمَا غير محرم فِي الْأَصَح)
من نواقض الْوضُوء لمس رجل بشرة امراءة مشتهاة غير محرم لقَوْله تَعَالَى {أَو لامستم النِّسَاء} عطف اللَّمْس على الْمَجِيء من الْغَائِط ورتب عَلَيْهِمَا الْأَمر بِالتَّيَمُّمِ عِنْد فقد المَاء فَدلَّ على أَنه حدث كالمجيء من الْغَائِط والبشرة ظَاهر الْجلد وَلَا فرق فِي الرجل بَين أَن يكون شَيخا فاقداً للشهوة أم لَا وَلَا بَين الْخصي والعنين فَإِنَّهُ ينْتَقض وضوؤه وَكَذَا الْمُرَاهق فَإِنَّهُ بنتقض وضوؤه وَلَا فرق فِي الْمَرْأَة بَين الشَّابَّة والعجوز الَّتِي تشْتَهى وَفِي الْميتَة خلاف صحّح النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب الْقطع بالانتقاض وَصحح فِي كِتَابه رُؤُوس الْمسَائِل عدم النَّقْض وَالْخلاف مَبْنِيّ على اللَّفْظ وَالْمعْنَى كالمحارم فعلى مَا فِي شرج الْمُهَذّب وَهُوَ النَّقْض مَا الْفرق بَين الْمَحَارِم وَالْميتَة وَفِي الْفرق عسر وَقد يفرق بِإِمْكَان عود الْحَيَاة فِي الْميتَة بِخِلَاف الْمَحَارِم وَالله أعلم
وَلَو كَانَ الْعُضْو الملموس أشل أَو زَائِدا أَو وَقع اللَّمْس بِغَيْر قصد وَبِغير شَهْوَة فينقض الْوضُوء فِي كل ذَلِك لِأَن اللَّمْس حدث لظَاهِر الْآيَة الْكَرِيمَة
وَلَا ينْقض لمس الشّعْر وَالظفر وَالسّن على الرَّاجِح لِأَن مُعظم الالتذاذ بِهَذِهِ الْأَشْيَاء بِالنّظرِ فَلَيْسَتْ فِي مَظَنَّة الشَّهْوَة باللمس وَلَو لمس عضوا مباناً من امْرَأَة أَو لمس صَغِيرَة لم تبلغ حد الشَّهْوَة لم
ينْتَقض الْوضُوء على الرَّاجِح لِأَن ذَلِك فِي مَظَنَّة الشَّهْوَة كالمحرم وَإِن لمس محرما بِنسَب أَو رضَاع أَو مصاهرة فَهَل ينْتَقض الْوضُوء قَولَانِ
أَحدهمَا ينْتَقض لعُمُوم الْآيَة وَالرَّاجِح أَنه لَا ينْتَقض لِأَن الْمحرم لَيست فِي مَظَنَّة الشَّهْوَة وَيجوز أَن يستنبط من النَّص معنى يخصص عُمُومه وَالْمعْنَى فِي نقض الْوضُوء كَون غير الْمحرم فِي مَظَنَّة الشَّهْوَة وَهَذَا مَفْقُود فِي الْمحرم
قَوْله ولمس الرجل الْمَرْأَة احْتَرز بِهِ عَمَّا إِذا لمس صَغِيرَة لَا تشْتَهى وَقد مر وَعَما إِذا لمس أَمْرَد لَا ينْتَقض وَهُوَ الرَّاجِح وَلنَا وَجه أَن لمسه ينْقض كَالْمَرْأَةِ قَوْله من غير حَائِل احْتَرز بِهِ عَمَّا إِذا كَانَ بَينهمَا حَائِل فَإِنَّهُ لَا ينْقض وَالله أعلم قَالَ
(وَمَسّ الْفرج بِبَطن الْكَفّ)
من نواقض الْوضُوء مس فرج الْآدَمِيّ سَوَاء كَانَ من نَفسه أَو من غَيره من ذكر أَو أُنْثَى من صَغِير أَو كَبِير من حَيّ أَو ميت قبلا كَانَ الملموس أَو دبراً لصدق الْفرج على الْكل وَمَسّ الذّكر الْمَقْطُوع والأشل واللمس بِالْيَدِ الشلاء نَاقض أَيْضا على الرَّاجِح وَلَو مس بإصبع زَائِدَة إِن كَانَت على اسْتِوَاء الْأَصَابِع نقضت وَإِلَّا فَلَا على الرَّاجِح وَهَذَا كُله فِي الْمس بباطن الْكَفّ فَإِن مس بِظهْر الْكَفّ فَلَا وَكَذَا الْمس بِحرف الْكَفّ أَو برؤوس الْأَصَابِع أَو بِمَا بَينهمَا فَلَا ينْتَقض وضؤوه على الرَّاجِح وَقَالَ الإِمَام أَحْمد تنْتَقض الطَّهَارَة بالمس بباطن الْكَفّ وَظَاهره لإِطْلَاق الْمس فِي الْأَخْبَار ورد الشَّافِعِي ذَلِك بِأَن فِي بعض الْأَخْبَار لفظ الْإِفْضَاء وَمَعْلُوم أَن المُرَاد من الْأَخْبَار وَاحِد والإفضاء فِي الْكَفّ هُوَ الْمس بِبَطن الْكَفّ وَقَول الشَّافِعِي فِي اللُّغَة حجَّة مَعَ أَن ذَلِك مَشْهُور فِي اللُّغَة قَالَ فِي الْمُجْمل الْإِفْضَاء لُغَة إِذا أضيف إِلَى الْيَد كَانَ عبارَة عَن الْمس بباطن الْكَفّ تَقول الْعَرَب أفضيت بيَدي إِلَى الْأَمِير مبايعاً وَإِلَى الأَرْض سَاجِدا إِذا مَسهَا بباطنها وَكَذَا ذكره الْجَوْهَرِي وَذهب بعض الْعلمَاء إِلَى أَن الْمس لَا ينْقض محتجاً بِحَدِيث طلق وَحجَّة الشَّافِعِيَّة حَدِيث بسرة بنت صَفْوَان رضي الله عنهما قَالَت سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول
(من مس ذكره فَليَتَوَضَّأ) وَلَا ينْقض مس دبر الْبَهِيمَة قَالَ الرَّافِعِيّ بِلَا خلاف وَفِيه خلاف وَفِي مس قبلهَا قَولَانِ الْقَدِيم أَنه ينْقض لِأَنَّهُ يجب الْغسْل بالإيلاج فِيهِ فينقض كفرج الْمَرْأَة والجديد الْأَظْهر أَنه لَا ينْقض مس لِأَنَّهُ لَا يجب ستره وَلَا يحرم النّظر إِلَيْهِ فعلى الْأَظْهر لَو أَدخل يَده فِيهِ لم ينْتَقض وضوؤه على الرَّاجِح وَالله أعلم