الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولنهيه عليه الصلاة والسلام عَن إِضَاعَة المَال فَلَو طلبوها من الْحَاكِم وَكَانَت الْمَنْفَعَة تبطل بِالْكُلِّيَّةِ لم يجبهم ويمنعهم أَن يقتسموا بِأَنْفسِهِم لِأَنَّهُ سفه وَإِن نقصت كَيفَ يكسر لم يجبهم على الْأَصَح لَكِن لَا يمنعهُم أَن يقتسموا بِأَنْفسِهِم وَإِن كَانَ على أَحدهمَا ضَرَر دون الآخر مثل أَن يكون لأَحَدهمَا عشر الأَرْض وَالْآخر تِسْعَة أعشار وَإِذا قسمت أمكن صَاحب الاعشار الِانْتِفَاع 2 بهَا دون الآخر فَإِن طلب صَاحب الْعشْر لم يجْبر الآخر على الْأَصَح وَإِن طلبَهَا الآخر أجبر صَاحب الْعشْر على الْأَصَح لِأَن صَاحب الْعشْر متعنت فِي طلبه إِذْ لَا نفع لَهُ فِيمَا يملك بعد الْقِسْمَة بِخِلَاف الآخر فَإِنَّهُ ينْتَفع فيعذر قلت يَنْبَغِي أَن يُقَال إِن كَانَ صَاحب الْعشْر لَهُ ملك ملاصق إِلَى مَا يحصل لَهُ بِالْقِسْمَةِ أَو موَات وبالإضافة إِلَى ذَلِك ينْتَفع بِهِ فَيَنْبَغِي الاجبار لدفع سوء الْمُشَاركَة وَحُصُول الِانْتِفَاع وَالله أعلم قَالَ
بَاب الدعاوي والبينات
فصل فِي الْبَيِّنَة وَإِذا كَانَ مَعَ الْمُدعى بَيِّنَة سَمعهَا الْحَاكِم وَحكم لَهُ بهَا فَإِن لم تكن بَيِّنَة فَالْقَوْل قَول الْمُدعى عَلَيْهِ
الأَصْل فِي الدعاوي قَوْله لَو يعْطى النَّاس بدعواهم لادعى نَاس دِمَاء رجال وَأَمْوَالهمْ وَلَكِن الْيَمين على الْمُدعى عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَة الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على الْمُدعى عَلَيْهِ وَالْمعْنَى فِي جعل الْبَيِّنَة فِي جَانب الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا حجَّة قَوِيَّة بِانْتِفَاء التُّهْمَة لِأَنَّهَا لَا تجلب لنَفسهَا نفعا وَلَا تدفع عَنْهَا ضَرَرا وجانب الْمُدَّعِي ضَعِيف لِأَن مَا يَقُوله خلاف الظَّاهِر فكلف الْحجَّة القوية ليقوي بهَا ضعفه وَالْيَمِين حجَّة ضَعِيفَة لِأَن الْحَالِف مُتَّهم يجلب لنَفسِهِ النَّفْع وجانبه قوي إِذْ الأَصْل بَرَاءَة ذمَّته فاكتفوا مِنْهُ بِالْحجَّةِ الضعيفة وَالصَّحِيح أَن الْمُدَّعِي من يُخَالف قَوْله الظَّاهِر وَالْمُدَّعِي عَلَيْهِ من يُوَافق قَوْله الظَّاهِر فَإِذا أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَة قضى لَهُ بهَا وَلَو كَانَ بعد حلف الْمُدعى عَلَيْهِ لاطلاق الْخَبَر وقدمت الْبَيِّنَة على الْيَمين لِأَن الْيَمين من جِهَة الْخصم وَهُوَ قَول وَاحِد بِخِلَاف الْبَيِّنَة فِيهَا فَإِن لم تكن بَيِّنَة فَالْقَوْل قَول الْمُدعى عَلَيْهِ للْحَدِيث وَقد ورد قضى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالْيَمِينِ على الْمُدَّعِي عَلَيْهِ وَالله أعلم قَالَ
(وَإِن نكل عَن الْيَمين ردَّتْ على الْمُدَّعِي فَيحلف وَيسْتَحق)
إِذا كَانَ الْحق الْمُدعى بِهِ لشخص معِين يُمكن تَحْلِيفه وَنكل الْمُدعى عَلَيْهِ ردَّتْ الْيَمين على الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام رد الْيَمين على طَالب الْحق وَقد ردَّتْ الْيَمين على زيد بن ثَابت فَحلف وعَلى عُثْمَان رضي الله عنه فَلم يحلف وَهُوَ مستفيض عَن الصَّحَابَة رضي الله عنهم وَلم يظْهر مِنْهُم مُخَالف فَإِن لم يُمكن تَحْلِيفه الْآن كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُون فَالْمَشْهُور انْتِظَار الْبلُوغ والافاقة وَإِن كَانَ الْحق لغير معِين كالمسلمين كمن مَاتَ وَلَا وَارِث لَهُ إِذا وجد فِي دفتره مَا يدل عَلَيْهِ أَو ادّعى الْمُوصى إِلَيْهِ أَنه أوصى للْفُقَرَاء بِكَذَا فَإِنَّهُ وَالْحَالة هَذِه يحبس الْمُدعى عَلَيْهِ حَتَّى يحلف أَو يدْفع الْحق لِأَنَّهُ لَا يُمكن الْقَضَاء بِالنّكُولِ بِلَا يَمِين لِأَن الْحق يثبت بالاقرار أَو بِالْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ النّكُول وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَا يُمكن رد الْيَمين لِأَن الْمُسْتَحق غير معِين وَلَا يُمكن تَركه لما فِيهِ من ترك الْحق فَتعين الْحَبْس لفصل الْخُصُومَة وَقيل يقْضى بِالنّكُولِ وَيُؤْخَذ مِنْهُ الْحق للضَّرُورَة وَفِي وَجه يخلى ومتولي الْمَسْجِد وَالْوَقْف هَل يحلف إِذا نكل الْمُدعى عَلَيْهِ فَفِيهِ أوجه الْمُرَجح لَا وَقيل نعم وَقيل إِن بَاشر السَّبَب بِنَفسِهِ حلف وَإِلَّا فَلَا فعلى الصَّحِيح هَل يقْضِي بِالنّكُولِ أَو يقف حَتَّى تقوم بَيِّنَة وَجْهَان وَالله أعلم قَالَ
(وَإِذا تداعيا فِي يَد أَحدهمَا فَالْقَوْل قَول صَاحب الْيَد وَإِن كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا تحَالفا وَيجْعَل بَينهمَا)
إِذا تداعيا اثْنَان عينا وَلَا بَيِّنَة فَإِن كَانَت فِي يَد أَحدهمَا فَالْقَوْل قَوْله مَعَ يَمِينه لِأَن الْأَشْعَث بن قيس رضي الله عنه قَالَ كَانَ بيني وَبَين رجل من الْيَهُود أَرض فجحدني فقدمته إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ صلى الله عليه وسلم أَلَك بَيِّنَة قلت لَا فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ احْلِف فَقلت يَا رَسُول الله إِذن يحلف وَيذْهب بِمَالي فَأنْزل الله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا} الْآيَة وَإِن كَانَ الْمُدَّعِي فِي أَيْدِيهِمَا أَو لم يكن فِي يَد وَاحِد مِنْهُمَا حلفا وَجعل بَينهمَا لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قضى بِمثل ذَلِك وَالله أعلم
(فرع) تداعيا دَابَّة ولأحدهما عَلَيْهَا حمل فَالْقَوْل قَول صَاحب الْحمل مَعَ يَمِينه لانفراده فِي
الِانْتِفَاع بالدابة فَلَو تداعيا عبدا لأَحَدهمَا عَلَيْهِ ثوب لم يحكم لَهُ بِالْعَبدِ وَالْفرق أَن كَون الْحمل على الدَّابَّة انْتِفَاع بِهِ فيده عَلَيْهَا وَالْمَنْفَعَة فِي لبس الثَّوْب للْعَبد لَا لصَاحب الثَّوْب فَلَا يدله قَالَه الْبَغَوِيّ وَلَو تداعيا دَابَّة حَامِلا واتفقا على أَن الْحمل لأَحَدهمَا فَهِيَ لصَاحب الْحمل وَلَو تداعيا دَابَّة ثَلَاثَة وَاحِد سائقها وَالْآخر آخذ بزمامها وَالْآخر راكبها فَالْقَوْل قَول الرَّاكِب لوُجُود الِانْتِفَاع فِي حَقه هَذَا هُوَ الصَّحِيح بِخِلَاف مَا إِذا تنَازع اثْنَان جداراً وَعَلِيهِ جُذُوع لأَحَدهمَا فَإِنَّهُ بَينهمَا ينتفعان بِهِ وَإِن امتاز صَاحب الْجُذُوع بِزِيَادَة كَمَا لَو كَانَ فِي دَار ولأحدهما فِيهَا مَتَاع فَإِنَّهَا بَينهمَا وَلَو تنَازع اثْنَان دَابَّة فِي اصطبل أَحدهمَا ويدهما عَلَيْهَا فَهِيَ لَهما إِن كَانَ فِيهِ دَوَاب لغير مَالِكه وَإِلَّا فَهِيَ لصَاحب الاصطبل فَلَو تنَازعا عِمَامَة فِي يَد أَحدهمَا عشرهَا وَفِي يَد الآخر بَاقِيهَا حلفا وَجعلت بَينهمَا كَمَا لَو كَانَ أَحدهمَا فِي صحن الدَّار وَالْآخر فِي دهليزها أَو على سطحها وَلَو كَانَ غير محوط فَإِنَّهَا لَهما قَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَلَو تنَازعا شَيْئا فِي ظرف وَيَد أَحدهمَا على الشَّيْء وَيَد الآخر على الظّرْف اخْتصَّ كل مِنْهُمَا بِمَا فِي يَده لانفصال أَحدهمَا عَن الآخر بِخِلَاف مَا لَو تنَازعا عبدا وَيَد أَحدهمَا عَلَيْهِ وَيَد الآخر على ثَوْبه فَإِنَّهُ لمن يَده على العَبْد لَا لمن يَده على ثَوْبه بِخِلَاف الْعَكْس وَالله أعلم قَالَ
(وَمن حلف على فعل نَفسه حلف على قطع والبت وَمن حلف على فعل غَيره فَإِن كَانَ إِثْبَاتًا حلف على نفي الْعلم)
من حلف على فعل نَفسه حلف على الْقطع نفيا كَانَ الْمَحْلُوف عَلَيْهِ أَو إِثْبَاتًا لاحاطته بِعلم حَاله وَإِن حلف على فعل غَيره فَإِن كَانَ على نفي حلف على نفي الْعلم إِذا لم يكن عَبده أَو بهيمته فَيَقُول وَالله مَا علمت أَنه فعل كَذَا لِأَنَّهُ لَا طَرِيق لَهُ إِلَى الْقطع بنفيه فَلم يُكَلف بِهِ كَمَا لَا يُكَلف الشَّاهِد بِالْقطعِ فِيمَا لَا يُمكن فِيهِ الْقطع فَلَو حلف على الْقطع اعْتد بِهِ قَالَه القَاضِي أَبُو الطّيب وَغَيره وَإِن كَانَ إِثْبَاتًا حلف على الْبَتّ لامكان الاحاطة قَالَ الرَّافِعِيّ هُنَا وكل مَا يحلف فِيهِ على الْبَتّ لَا يشْتَرط فِيهِ الْيَقِين بل يَكْفِي ظن مُؤَكد ينشأ من خطه أَو خطّ أَبِيه أَو نُكُول خَصمه وَقَالَ ابْن الصّباغ إِذا وجد بِخَط أَبِيه أَو أخبرهُ بِهِ عدل جَازَ أَن يحلف عَلَيْهِ إِن غلب على ظَنّه صدق ذَلِك وَإِن وجده بِخَط أَبِيه أَو أخبرهُ بِهِ عدل جَازَ أَن يحلف عَلَيْهِ إِن غلب على ظَنّه صدق ذَلِك وَإِن وجده بِخَط نَفسه لم يُطَالب بِهِ وَلم يحلف عَلَيْهِ حَتَّى يتيقنه لِأَنَّهُ فِي خطه يُمكنهُ التَّذَكُّر بِخِلَاف خطّ أَبِيه وَاقْتصر الرَّافِعِيّ على حكايته عَنهُ عَن الْأَصْحَاب فِي كتاب الْقَضَاء قلت وَكَلَام الْمَاوَرْدِيّ يُوَافق الْمَذْكُور هُنَا وَلَفظه إِذا رَآهُ فِي جَانب يغلب على ظَنّه صِحَّته أَو أخبرهُ بِهِ عدل فَيجوز أَن يدعى بِهِ وَهل لَهُ أَن يحلف إِذا ردَّتْ الْيَمين عَلَيْهِ أَو شهد لَهُ بِهِ شَاهد فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا نعم وَالله أعلم وَقَول الشَّيْخ إِن كَانَ نفيا حلف على نفي الْعلم كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ وَغَيرهمَا وَيَنْبَغِي أَن يكون ذَلِك فِي النَّفْي الْمُطلق أما نفي الْفِعْل الْمُقَيد بِزَمن فَيكون على الْبَتّ