المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما يحل وما يحرم من الأطعمة - كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطَّهَارَة

- ‌أَنْوَاع الْمِيَاه

- ‌بَاب أَقسَام الْمِيَاه

- ‌بَاب جُلُود الْميتَة وعظمها

- ‌بَاب الْآنِية

- ‌بَاب السِّوَاك

- ‌فَرَائض الْوضُوء

- ‌سنَن الْوضُوء

- ‌بَاب الِاسْتِنْجَاء وآداب التخلي

- ‌نواقض الْوضُوء

- ‌مُوجبَات الْغسْل

- ‌فَرَائض الْغسْل

- ‌سنَن الْغسْل

- ‌(الأغسال المسنونة)

- ‌بَاب الْمسْح على الْخُفَّيْنِ

- ‌بَاب التَّيَمُّم

- ‌بَاب إِزَالَة النَّجَاسَة

- ‌بَاب الْحيض وَالنّفاس

- ‌بَاب مَا يحرم بِالْحيضِ وَالنّفاس

- ‌بَاب مَا يحرم على الْجنب والمحدث

- ‌كتاب الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة وأوقاتها

- ‌بَاب شَرَائِط وجوب الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات المسنونة

- ‌بَاب شَرَائِط صِحَة الصَّلَاة

- ‌بَاب أَرْكَان الصَّلَاة

- ‌بَاب سنَن الصَّلَاة

- ‌بَاب هيئات الصَّلَاة

- ‌بَاب مَا تخَالف فِيهِ الْمَرْأَة الرجل

- ‌بَاب مبطلات الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة

- ‌بَاب مَا يتْرك سَهوا من الصَّلَاة

- ‌بَاب الْأَوْقَات الَّتِي يكره فِيهَا الصَّلَاة

- ‌بَاب صَلَاة الْجَمَاعَة

- ‌بَاب قصر الصَّلَاة وَجَمعهَا

- ‌بَاب صَلَاة الْجُمُعَة

- ‌بَاب صَلَاة الْعِيدَيْنِ

- ‌بَاب صَلَاة الْكُسُوف والخسوف

- ‌بَاب صَلَاة الاسْتِسْقَاء

- ‌بَاب صَلَاة الْخَوْف

- ‌بَاب مَا يحرم على الرِّجَال من لِبَاس وَغَيره

- ‌كتاب الْجَنَائِز

- ‌بَاب مَا يلْزم الْمَيِّت

- ‌كتاب الزَّكَاة

- ‌بَاب مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة وشرائط وُجُوبهَا فِيهِ

- ‌بَاب أنصبة مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة

- ‌بَاب زَكَاة الْفطر

- ‌بَاب أهل الزَّكَاة

- ‌بَاب صَدَقَة التَّطَوُّع

- ‌كتاب الصّيام

- ‌بَاب فَرَائض الصَّوْم

- ‌بَاب مفسدات الصَّوْم

- ‌بَاب مَا يسْتَحبّ فِي الصَّوْم

- ‌بَاب مَا نهي عَن صَوْمه

- ‌بَاب كَفَّارَة الْإِفْطَار وَمن يجوز لَهُ

- ‌بَاب صَوْم التَّطَوُّع

- ‌بَاب الِاعْتِكَاف

- ‌كتاب الْحَج

- ‌بَاب شَرَائِط وجوب الْحَج

- ‌بَاب أَرْكَان الْحَج

- ‌بَاب وَاجِبَات الْحَج

- ‌بَاب سنَن الْحَج

- ‌بَاب مُحرمَات الاحرام

- ‌بَاب الدِّمَاء الْوَاجِبَة فِي الْإِحْرَام

- ‌كتاب الْبيُوع وَغَيرهَا من الْمُعَامَلَات

- ‌بَاب أَنْوَاع الْبيُوع

- ‌بَاب الرِّبَا

- ‌بَاب الْخِيَار

- ‌بَاب السّلم

- ‌بَاب الرَّهْن

- ‌بَاب الْحجر

- ‌بَاب الصُّلْح

- ‌بَاب الْحِوَالَة

- ‌بَاب الضَّمَان

- ‌بَاب الْكفَالَة بِالْبدنِ

- ‌بَاب الشّركَة

- ‌بَاب الْوكَالَة

- ‌بَاب الْإِقْرَار

- ‌بَاب الْعَارِية

- ‌بَاب الْغَصْب

- ‌بَاب الشُّفْعَة

- ‌بَاب الْقَرَاض

- ‌بَاب الْمُسَاقَاة

- ‌بَاب الْإِجَارَة

- ‌بَاب الْجعَالَة

- ‌بَاب الْمُزَارعَة وَالْمُخَابَرَة

- ‌بَاب احياء الْموَات

- ‌بَاب الْوَقْف

- ‌بَاب الْهِبَة

- ‌بَاب اللَّقِيط

- ‌بَاب الْوَدِيعَة

- ‌كتاب الْفَرَائِض والوصايا

- ‌بَاب الْوَارِثين

- ‌بَاب الْفُرُوض الْمقدرَة وأصحابها

- ‌بَاب الْوَصِيَّة

- ‌كتاب النِّكَاح وَمَا يتَّصل بِهِ من الْأَحْكَام والقضايا

- ‌بَاب شُرُوط عقد النِّكَاح

- ‌بَاب الْمُحرمَات

- ‌بَاب عُيُوب الْمَرْأَة وَالرجل

- ‌بَاب الصَدَاق

- ‌بَاب الْمُتْعَة

- ‌بَاب الْوَلِيمَة على الْعرس

- ‌بَاب التَّسْوِيَة بَين الزَّوْجَات

- ‌بَاب الْخلْع

- ‌كتاب الطَّلَاق

- ‌بَاب صَرِيح الطَّلَاق وكنايته

- ‌بَاب الطَّلَاق السّني والبدعي

- ‌بَاب مَا يملكهُ الْحر وَالْعَبْد من تَطْلِيقَات

- ‌بَاب الرّجْعَة

- ‌بَاب الْإِيلَاء

- ‌بَاب الظِّهَار

- ‌بَاب اللّعان

- ‌بَاب الْعدة

- ‌بَاب الِاسْتِبْرَاء

- ‌بَاب الرَّضَاع

- ‌بَاب النَّفَقَة

- ‌بَاب الْحَضَانَة

- ‌كتاب الْجِنَايَات

- ‌بَاب أَنْوَاع الْقَتْل

- ‌بَاب الْقصاص فِيمَا دون النَّفس

- ‌بَاب الدِّيات

- ‌بَاب الْقسَامَة

- ‌بَاب كَفَّارَة الْقَتْل

- ‌كتاب الْحُدُود

- ‌بَاب حد الزِّنَا

- ‌بَاب حد الْقَذْف

- ‌بَاب حد الْخمر

- ‌بَاب حد السّرقَة

- ‌بَاب حد قطاع الطَّرِيق

- ‌بَاب حكم الصَّائِل

- ‌بَاب قتال الْبُغَاة

- ‌بَاب الرِّدَّة وَحكم الْمُرْتَد

- ‌كتاب الْجِهَاد

- ‌بَاب الْغَنِيمَة

- ‌بَاب الْفَيْء

- ‌بَاب الْجِزْيَة

- ‌كتاب الصَّيْد والذبائح والضحايا والأطعمة

- ‌بَاب الزَّكَاة وَالصَّيْد

- ‌بَاب مَا يحل وَمَا يحرم من الْأَطْعِمَة

- ‌بَاب الْأُضْحِية

- ‌بَاب الْعَقِيقَة

- ‌كتاب السَّبق وَالرَّمْي

- ‌كتاب الْإِيمَان وَالنُّذُور

- ‌بَاب الْيَمين

- ‌بَاب النّذر

- ‌كتاب الْأَقْضِيَة

- ‌بَاب شُرُوط القَاضِي

- ‌بَاب آدَاب الْقَضَاء

- ‌بَاب الْقِسْمَة

- ‌بَاب الدعاوي والبينات

- ‌بَاب الشَّهَادَة

- ‌بَاب أَقسَام الْمَشْهُود بِهِ

- ‌كتاب الْعتْق

- ‌بَاب الْوَلَاء

- ‌بَاب التَّدْبِير

- ‌بَاب الْكِتَابَة

- ‌بَاب أَحْكَام أم الْوَلَد

الفصل: ‌باب ما يحل وما يحرم من الأطعمة

بالأعضاء أشبه وَقد قَالَ تَعَالَى {مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} والإحياء للْمَيت وَلِأَنَّهَا تحس وتألم فَدلَّ على أَنَّهَا تحلها الْحَيَاة فتنجس بِالْمَوْتِ بِخِلَاف الشُّعُور فَإِنَّهَا لَا تحلها الْحَيَاة وَلِهَذَا لَا تحس وَلَا تألم بِالْقطعِ وَلنَا فِي شُعُور غير الْمَأْكُول وَجه أَنَّهَا لَا تنحس لهَذِهِ الْعلَّة وَالله أعلم قَالَ

‌بَاب مَا يحل وَمَا يحرم من الْأَطْعِمَة

فصل وكل حَيَوَان استطابته الْعَرَب فَهُوَ حَلَال إِلَّا مَا ورد الشَّرْع بِتَحْرِيمِهِ

طلب الْحَلَال فرض عين لِأَن اللَّحْم النَّابِت من الْحَرَام النَّار أولى بِهِ كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَر

ثمَّ الأَصْل فِي حل الْأَطْعِمَة الْآيَات وَالْأَخْبَار قَالَ الله تَعَالَى {يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} وَالْمرَاد بِهِ هُنَا مَا تستطيبه النَّفس وتشتهيه وَلَا يجوز أَن يُرَاد بِهِ الْحَلَال لأَنهم سَأَلُوهُ عَمَّا أحل لَهُم فَكيف يَقُول أخل لكم الْحَلَال وَقَالَ تَعَالَى {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} وَقَالَ تَعَالَى {قُلْ لَا أجد فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} الْآيَة أَي فِيمَا أُوحِي إِلَيّ قُرْآنًا فَإِن غير ذَلِك حرمته السّنة وَقيل مَعْنَاهُ لَا أجد فِي مَا أُوحِي إِلَيّ محرما فِيمَا كَانَت الْعَرَب تستطيبه إِلَّا هَذِه الثَّلَاثَة قَالَ الْأَصْحَاب مَا يُمكن أكله من الجمادات والحيوانات لَا يَتَأَتَّى حصر أَنْوَاعه لَكِن الأَصْل فِي الْأكل الْحل لِأَن الْأَعْيَان مخلوقة لمنافع الْعباد

فَإِن القَوْل مَا قَالَت حذام

وَيسْتَثْنى من ذَلِك مَا ورد الشَّرْع بِتَحْرِيمِهِ وَقَول الشَّيْخ استطابته الْعَرَب احْتَرز بِهِ عَن الْعَجم فَإِنَّهُ لَا اعْتِبَار بهم لِأَن الله تَعَالَى لما أناط الحكم بالطيبات وَالتَّحْرِيم بالخبائث علم بِالْعقلِ أَنه لم يرد مَا تسطيبه وتستخبثه كل النَّاس لِاسْتِحَالَة اجْتِمَاعهم على ذَلِك لاخْتِلَاف طباعهم فَتعين إِرَادَة بَعضهم وَالْعرب أولى بذلك لنزول الْقُرْآن بلغتهم وهم المخاطبون بِهِ

ثمَّ طبائع الْعَرَب مُخْتَلفَة فيتعذر اعْتِبَار جَمِيعهم فَيرجع إِلَى من كَانَ فِي عصره عليه الصلاة والسلام كَمَا قَالَه القَاضِي حُسَيْن وَغَيره وَأبْدى الرَّافِعِيّ لنَفسِهِ احْتِمَالا فِي عدم اختصاصهم بذلك وَأَنه يرجع فِي كل زمَان إِلَى عربه

ص: 522

وعَلى كل حَال فَيشْتَرط فيهم شُرُوط مِنْهَا أَن يَكُونُوا قريبين من الْبِلَاد والأرياف دون أهل الْبَوَادِي والمواضع المنقطعة فَإِنَّهُم يَأْكُلُون مَا دب ودرج وَمِنْهَا أَن يَكُونُوا ذَوي طباع سليمَة وَمِنْهَا أَن يستطيبوا الْحَيَوَان فِي حَال الرخَاء دون حَالَة الْقَحْط فَإِن استطابه الْبَعْض واستخبثه الْبَعْض اعْتبر بِالْأَكْثَرِ فَإِن اسْتَووا رجح بِقُرَيْش قَالَه الْعَبَّادِيّ وَغَيره فَإِن اخْتلفت قُرَيْش أَو لم يحكموا بِشَيْء رَجَعَ إِلَى شَبيه الْحَيَوَان فِي صورته أَو طعم لَحْمه أَو طبعه من السَّلامَة والعدوان فَإِن اسْتَوَى الشبهان أَو لم يُوجد مَا يُشبههُ فَالْأَصَحّ الْحل وَقيل يحرم وبناهما الْمَاوَرْدِيّ على الْخلاف فِي أَن الِاعْتِبَار قبل الشَّرْع فِي الْأَشْيَاء هَل هِيَ على الْإِبَاحَة أَو الْحَظْر وَلَو وجدنَا حَيَوَانا وَتعذر معرفَة حكمه من شرعنا وَثَبت تَحْرِيمه فِي شرع من قبلنَا فَهَل يستصحب تَحْرِيمه قَولَانِ الْأَزْهَر لَا وَإِنَّمَا يثبت أَنه شرع من قبلنَا بِالْكتاب أَو السّنة أَو بعد أَن أسلم مِنْهُم أنَاس عارفون بالتنزيل

إِذا عرفت هَذَا فَلَا بُد من ذكر نبذة مِمَّا يستطاب وَمِمَّا يستخبث أما المستطاب فكثير مَعَ اخْتِلَاف أَنْوَاعه وَهُوَ أنسي وَوَحْشِي فَمن الْإِنْسِي الْإِبِل وَالْبَقر وَالْغنم وحلها بِالْإِجْمَاع بعد قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} وَقَوله {وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} وَمِنْهَا الْخَيل لما روى

جَابر رضي الله عنه قَالَ نَهَانَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم خَيْبَر عَن لُحُوم الْحمر وَأذن فِي لُحُوم الْخَيل وَفِي رِوَايَة نَهَانَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الْحمير وَالْبِغَال وَلم ينهنا عَن الْخَيل وَالله أعلم

وَيحل من دَوَاب الْوَحْش الْبَقر لِأَنَّهَا من الطَّيِّبَات وَيَسْتَوِي فِي ذَلِك الْإِبِل والوعل وَكَذَا جَمِيع كباش الْجَبَل وغنمه وَكَذَا الْحمار لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أكل مِنْهُ وَلَا فرق بَين المتوحش والمستأنس كَمَا لَا يحل الْحمار الأهلي فِي الْحَالين والظبي والضبع والثعلب والأرنب واليربوع والقنفذ والوبر وَابْن عرس لِأَنَّهَا مستطابة وَفِي بَعْضهَا خلاف وَكَذَا يحل الضَّب لِأَنَّهُ أكل بِحَضْرَتِهِ عليه الصلاة والسلام وَلِهَذَا تَتِمَّة تَأتي إِن شَاءَ الله تَعَالَى

وَأما مَا يستخبث فكثير جدا مِنْهَا الْحَيَّات والعقارب والخنافس وَنَحْوهَا كالقراد وَالْقمل وَنَحْو ذَلِك لِأَنَّهَا من الْخَبَائِث قَالَ الله تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِم الْخَبَائِث} وَالله أعلم قَالَ

(وَيحرم من السبَاع مَاله نَاب قوي يعدو بِهِ وَيحرم من الطُّيُور مَاله مخلب قوي يجرح بِهِ)

ص: 523

كل مَا كَانَ من السبَاع لَهُ نَاب يعدو بِهِ على الْحَيَوَان ويتقوى بِهِ فَيحرم كالأسد والفهد والنمر وَالذِّئْب والدب والقرد والفيل والتمساح والزرافة وَابْن آوى لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام نهى عَن أكل كل ذِي نَاب من السبَاع لِأَن هَذِه الْأَنْوَاع تعدو بنابها طالبة غير مَطْلُوبَة كَمَا قَالَه الشَّافِعِي رضي الله عنه وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق لِأَنَّهَا لَا تَأْكُل إِلَّا من فريستها وَلِهَذَا لَا يحرم الضبع والثعلب وَنَحْوهمَا لفقد هذَيْن الْمَعْنيين وَفِي وَجه يحل الْفِيل وَفِي آخر يحل التمسساح وَفِي آخر يحل ابْن آوى وَفِي آخر تحل الزرافة وَلَا يُؤْكَل الْكَلْب لِأَنَّهُ من الْخَبَائِث وَكَذَا الْخِنْزِير لِلْآيَةِ وَفِي السنور خلاف وَالصَّحِيح التَّحْرِيم وَإِن كَانَ وحشياً لِأَنَّهُ يتقوى بنابه وياكل الْجِيَف فَأشبه الْأسد ورد عَن أبي الزبير قَالَ سَأَلت جَابِرا عَن ثمن الْكَلْب والسنور فَقَالَ زجر النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن ذَلِك وروى أَنه عليه الصلاة والسلام قَالَ إِن الله إِذا حرم شَيْئا حرم ثمنه وَيحل السمور والسنجاب والفنك والقاقم على الْأَصَح وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي رضي الله عنه وَالله أعلم وَكَذَا يحرم من الطُّيُور كل مَا يتقوى بمخلبه كالنسر والصقر والشاهين والبازي والحدأة بأنواعا لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام نهى عَن أكل كل ذِي مخلب من الطُّيُور وَكَذَا يحرم مَا يَأْكُل الْجِيَف كالغراب الأبقع وَالْأسود الْكَبِير لِأَنَّهَا مستخبثان وَفِي تَحْرِيم الزاغ خلاف فَيحل مِنْهُ محمر المنقار وَالرّجلَيْنِ على الْأَصَح دون الغداف وَهُوَ رمادي صَغِير الجثة على الْأَصَح كَذَا صَححهُ النَّوَوِيّ فِي أصل الرَّوْضَة وَهُوَ سَهْو وَالَّذِي فِي الشَّرْح الصَّغِير الْحل فيهمَا لِأَنَّهُمَا يلقطان الْحبّ كالفواخت وَلَا يأكلان الْجِيَف بِخِلَاف الْأسود الْكَبِير وَيحل الكركي وَفِي الشقراق خلاف وَالله أعلم

(فرع) تكره الدَّابَّة الْجَلالَة سَوَاء الشَّاة وَالْبَقَرَة والدجاجة وَغَيرهَا لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام نهى عَن أكل الْجَلالَة وَأَلْبَانهَا وَالْجَلالَة هِيَ الَّتِي أَكثر أكلهَا الْعذرَة الْيَابِسَة كَذَا قَالَه الشَّيْخ أَبُو حَامِد وَقَالَ غَيره هِيَ الَّتِي تَأْكُل الْعذرَة وأطلقوا ذَلِك ثمَّ الْكَرَاهَة منوطة بِتَغَيُّر الرَّائِحَة وَالنَّتن فَإِن وجد فِي عرقها أَو غَيره ريح النَّجَاسَة فجلالة وَإِلَّا فَلَا كَذَا صَححهُ النَّوَوِيّ فِي أصل الرَّوْضَة وَهل النَّهْي عَن أكل الْجَلالَة للتَّحْرِيم أَو للكراهة وَجْهَان صحّح النَّوَوِيّ أَنَّهَا للتنزيه وعلته أَن النَّهْي إِنَّمَا كَانَ

ص: 524

للنَّجَاسَة وَمَا تَأْكُله من الطاهرات ينجس فِي كرشها فَلَا تتغذى إِلَّا بالنجاسات أبدا فَأكلهَا النَّجَاسَات إِنَّمَا يُؤثر فِي تَغْيِير لَحمهَا وَذَلِكَ يَقْتَضِي الْكَرَاهَة كَمَا أَن المذكي إِذا جَاف لَا يحرم أكله على الْمَذْهَب وَصحح الرَّافِعِيّ فِي الْمُحَرر تبعا للْإِمَام وَالْغَزالِيّ وَغَيرهمَا التَّحْرِيم لظَاهِر الْخَبَر وَلِأَنَّهَا صَارَت من الْخَبَائِث لكنه حكى فِي الشَّرْح الْكَبِير عَن الْأَكْثَرين وَمِنْهُم الْعِرَاقِيُّونَ مَا صَححهُ النَّوَوِيّ وَالله أعلم قَالَ

(وَيحل للْمُضْطَر فِي المخمصة أَن يَأْكُل من الْميتَة مَا يسد بِهِ رمقه)

نَص الْقُرْآن الْعَظِيم على تَحْرِيم الْميتَة وَالدَّم وَلحم الْخِنْزِير وَمَا أهل لغير الله بِهِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا كالموقودة والمتردية والنطيحة وَمَا أكل السَّبع وَهَذَا فِي غير حَالَة الضَّرُورَة وَأما الْمُضْطَر فَيُبَاح لَهُ الْأكل كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} أَي فَأكل فَلَا إِثْم عَلَيْهِ ثمَّ الْأكل قد يجب لدفع الْهَلَاك

وَاعْلَم أَنه لَا خلاف أَن الْجُوع الْقوي لَا يَكْفِي لأكل الْحَرَام وَلَا خلاف أَنه لَا يجب الِامْتِنَاع إِلَى أَن يشرف على الْمَوْت فَإِن الْأكل حِينَئِذٍ لَا يُفِيد بل لَو انْتهى إِلَى هَذِه الْحَالة لم يحل لَهُ أكل الْميتَة فَإِنَّهُ غير مُفِيد وَلَا خلاف فِي الْحل إِذا كَانَ يخَاف على نَفسه لَو لم يَأْكُل من جوع أَو ضف عَن الْمَشْي وَعَن الرّكُوب أَو يَنْقَطِع عَن الرّفْقَة أَو يضيع وَنَحْو ذَلِك فَلَو خَافَ حُدُوث مرض مخيف حَبسه فَهُوَ كخوف الْمَوْت وَإِن خَافَ طول الْمَرَض فَكَذَلِك على الرَّاجِح وَلَو عيل صبره وجهده الْجُوع فَهَل يحل لَهُ الْمحرم أم لَا حَتَّى يصل إِلَى أدنى الرمق قَولَانِ فَقَالَ فِي زِيَادَة الرَّوْضَة الْأَظْهر الْحل وَلَا يشْتَرط فِيمَا يخَاف مِنْهُ تَيَقّن وُقُوعه لَو لم يَأْكُل بل يَكْفِي غَلَبَة الظَّن فَإِذا انْتهى إِلَى الْحَالة الَّتِي يُبَاح لَهُ فِيهَا الْأكل فَمَاذَا يَأْكُل أما أكله مَا يسد بِهِ الرمق فَلَا خلاف فِي ذَلِك

وَلَا تحل لَهُ الزِّيَادَة على الشِّبَع بِلَا خلاف وَفِي حل الشِّبَع أَقْوَال ثَالِثهَا إِن كَانَ قَرِيبا من الْعمرَان لم يجز وَإِلَّا جَازَ وَرجح الْقفال وَكثير من الْأَصْحَاب الْمَنْع وَرجح الرَّوْيَانِيّ وَغَيره الْحل كَذَا أطلق الْخلاف أَكْثَرهم وَفصل الإِمَام وَالْغَزالِيّ تَفْصِيلًا

ص: 525

حَاصله إِن كَانَ فِي بادية وَخَافَ إِن ترك الشِّبَع أَن لَا يقطعهَا وَيهْلك وَجب الْقطع بالشبع وَإِن كَانَ فِي بلد وتوقع الْحَلَال قبل عود الضَّرُورَة وَجب الْقطع بالاقتصار على سد الرمق وَإِن كَانَ لَا يظْهر حُصُول طَعَام حَلَال وَأمكنهُ الرُّجُوع إِلَى الْمحرم مرّة بعد أُخْرَى إِن لم يجد الْحَلَال فَهُوَ مَوضِع الْخلاف وَقد اخْتلف تَرْجِيح الشَّيْخَيْنِ فِي ذَلِك وَبِالْجُمْلَةِ فَالصَّحِيح أَنه يَأْكُل مَا يسد الرمق لِأَنَّهُ بعد سد الرمق غير مُضْطَر فَزَالَ الحكم بِزَوَال علته لِأَن الْقَاعِدَة المقررة أَن الحكم يَدُور مَعَ الْعلَّة وجودا وعدماً قَالَ السّديّ قَوْله تَعَالَى {وَلا عَادٍ} أَي فِي الِاسْتِيفَاء إِلَى حد الشِّبَع وَمن قَالَ بالشبع علل بِأَنَّهُ طَعَام جَازَ مِنْهُ مَا يسد الرمق فَجَاز قدر الشِّبَع كالمذكى والاضطرار عِلّة لابتداء الْأكل دون استدامته كَمَا أَن فقد طول الْحرَّة عِلّة لابتداء نِكَاح الْأمة دون استدامته وعَلى هَذَا فَلَيْسَ المُرَاد بالشبع أَن يمتلئ حَتَّى لَا يبْقى للطعام مساغ فَإِن هَذَا حرَام بِلَا خلاف وَلَكِن المُرَاد أَن يَأْكُل حَتَّى يكسر سُورَة الْجُوع بِحَيْثُ لَا يُطلق عَلَيْهِ اسْم جَائِع وَاعْلَم أَن الرَّافِعِيّ جزم فِي الْمُحَرر بِمَا فَصله الإِمَام وَالْغَزالِيّ وَهل لَهُ أَن يتزود من الْميتَة إِن لم يرج الْوُصُول إِلَى الْحَلَال فَلهُ التزود وَإِن رجا فَفِيهِ خلاف الْأَصَح فِي شرح الْمُهَذّب وَزِيَادَة الرَّوْضَة الْجَوَاز وَالله أعلم قَالَ

(وميتتان حلالان السّمك وَالْجَرَاد)

وَاعْلَم أَن الْحَيَوَان ثَلَاثَة أَقسَام

الأول مَا لَا يُؤْكَل فَهَذَا ميتَته وذبيحته سَوَاء

الْقسم الثَّانِي حَيَوَان مَأْكُول وَلَا تحل ميتَته فَهَذَا لَا يحل إِلَّا بالتذكية الْمُعْتَبرَة على مَا مر

الْقسم الثَّالِث حَيَوَان مَأْكُول تحل ميتَته وَهُوَ السّمك وَالْجَرَاد وَاحْتج لَهُ بِحَدِيث

ابْن عمر رضي الله عنهما أَنه عليه الصلاة والسلام قَالَ أحلّت لنا ميتَتَانِ الْحُوت وَالْجَرَاد ويحتج للسمك بقوله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} وَهل يحل أكل السّمك الصغار إِذا شويت وَلم يشق جوفها وَلم يخرج مَا فِيهِ وَجْهَان صحّح جمَاعَة التَّحْرِيم بِسَبَب مَا فِي الْجوف فَإِنَّهُ نجس وينجس مَا يقلى بِهِ وَوجه الْجَوَاز مشقة تتبعها قَالَ الرَّافِعِيّ وعَلى الْمُسَامحَة جرى الْأَولونَ وَقَالَ فِي الطَّاهِر أطبقوا على أكل المملح مِنْهُ وَلَو وجدت سَمَكَة فِي جَوف سَمَكَة فَهِيَ حَلَال كَمَا لَو مَاتَت حتف أنفها وَلَو تقطعت سَمَكَة فِي جَوف سَمَكَة وَتغَير لَوْنهَا لم تحل على الْأَصَح لِأَنَّهَا كالروث وَيكرهُ ذبح السّمك إِلَّا أَن يكون كَبِيرا تطول حَيَاته فَيُسْتَحَب ذبحه على الْأَصَح إراحة لَهُ وَلَو ابتلع سَمَكَة حَيَّة أَو قطع فلقَة مِنْهَا لم تحرم على الْأَصَح لَكِن تكره وطرد الْوَجْهَانِ فِي الْجَرَاد وَلَو ذبح

ص: 526