الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْن مَسْعُود رضي الله عنه ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَات وَالله أعلم
(فرع) لَو كَانَ الحانث كَافِرًا لم يكفر بِالصَّوْمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ من أَهله وَيكفر بِالْمَالِ وَالله أعلم
(مَسْأَلَة) حلف شخص لَا يفعل شَيْئا كَأَن حلف لَا يدْخل هَذِه الدَّار فَدَخلَهَا نَاسِيا للْيَمِين أَو جَاهِلا أَنَّهَا الدَّار الْمَحْلُوف عَلَيْهَا هَل يَحْنَث فِيهِ قَولَانِ سَوَاء كَانَ الْحلف بِاللَّه تَعَالَى أَو بِالطَّلَاق أَو غير ذَلِك وَوجه الْحِنْث قَوْله تَعَالَى {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} وَهِي عَامَّة فِي جَمِيع الْأَحْوَال وَوجه عدم الْحِنْث وَهُوَ الرَّاجِح قَوْله تَعَالَى {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} الْآيَة وَقَوله صلى الله عليه وسلم إِن الله تَعَالَى تجَاوز لي عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ وَالْيَمِين دَاخِلَة فِي هَذَا الْعُمُوم وَالْجَوَاب عَن قَوْله تَعَالَى {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} إِن فِيهَا إضماراً أَي وحنثتم فَلَا نسلم الْحِنْث وَكَانَ الْمَاوَرْدِيّ والصيمري وَأَبُو الْفَيَّاض لَا يفتون فِي يَمِين النَّاسِي بِشَيْء وَالله أعلم قَالَ
بَاب النّذر
فصل النّذر يلْزم فِي المجازاة على الْمُبَاح بِطَاعَة كَقَوْلِه إِن شفى الله مريضي فَللَّه عَليّ أَن أَتصدق أَو أَصوم وَيلْزمهُ من ذَلِك مَا يَقع عَلَيْهِ الإسم
النّذر فِي اللُّغَة الْوَعْد بِخَير أَو شَرّ
وَفِي الشَّرْع الْوَعْد بِالْخَيرِ دون الشَّرّ قَالَه الْمَاوَرْدِيّ وَحده بَعضهم بِأَنَّهُ الْتِزَام قربَة غير لَازِمَة بِأَصْل الشَّرْع وَقيل غَيره ذَلِك
وَالْأَصْل فِي ذَلِك قَوْله تَعَالَى {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} وَقَوله صلى الله عليه وسلم من نذر أَن يُطِيع الله فليطعه وَمن نذر أَن يَعْصِي الله فَلَا يَعْصِهِ وَهل هُوَ مَكْرُوه أم قربَة فِيهِ خلاف ثمَّ النّذر قِسْمَانِ نذر لجاج وَغَضب وَقد تقدم وَنذر تبرر وَهُوَ نَوْعَانِ
أَحدهمَا نذر المجازاة وَهُوَ أَن يلْتَزم قربَة فِي مُقَابلَة حُدُوث نعْمَة أَو اندفاع بلية كَقَوْلِه إِن شفى الله مريضي أَو رَزَقَنِي ولدا وَنَحْو ذَلِك فَللَّه عَليّ اعتاق أَو صَوْم أَو صَلَاة فَإِذا حصل الْمُعَلق عَلَيْهِ لزمَه الْوَفَاء بِمَا الْتزم وَكَذَا لَو قَالَ فعلي وَلم يقل لله على الصَّحِيح وَحجَّة ذَلِك قَوْله تَعَالَى {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} وَقَوله تَعَالَى {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} وَغير ذَلِك من الْآيَات ونذرت امْرَأَة ركبت الْبَحْر إِن نجاها الله تَعَالَى أَن تَصُوم شهرا فنجت وَلم تصم حَتَّى مَاتَت فَجَاءَت بنتهَا أَو أُخْتهَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأمرهَا أَن تَصُوم عَنْهَا الثَّانِي أَن يلْتَزم ابْتِدَاء من غير تَعْلِيق على شَيْء فَيَقُول لله عَليّ أَن أُصَلِّي أَو أَصوم أَو أعتق فَقَوْلَانِ الرَّاجِح اللُّزُوم كالنوع الأول وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي رضي الله عنه وَاحْتج لَهُ باطلاق قَوْله صلى الله عليه وسلم من نذر أَن يُطِيع الله فليطعه وَالثَّانِي لَا يَصح وَلَا يلْزمه لعدم الْمُقَابل كَمَا أَن البيوعات لما لم يكن لَهَا عوض لم تلْزمهُ بِالْعقدِ وَلِأَن النّذر عِنْد الْعَرَب وعد بِشَرْط قَالَه ثَعْلَب وَقَول الشَّيْخ على الْمُبَاح احْتَرز بِهِ عَن الْمعْصِيَة وَسَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَاعْلَم أَن السَّبَب الَّذِي تعلق بِهِ النّذر أَي الْمَنْذُور قد يكون مُبَاحا كشفاء الْمَرِيض وَقد يكون طَاعَة كَقَوْلِه إِن صليت أَو حججْت فَللَّه عَليّ كَذَا وَمَعْنَاهُ إِن وفقني الله تَعَالَى للصَّلَاة أَو يسر لي الْحَج فعلي كَذَا وَقد يكون مَعْصِيّة كَقَوْلِه إِن حصلت لي الْمعْصِيَة الْفُلَانِيَّة فَللَّه عَليّ كَذَا وتتمة هَذَا تَأتي وَقَول الشَّيْخ وَيلْزمهُ من ذَلِك مَا يَقع عَلَيْهِ الِاسْم أَي من الْمَنْذُور كَمَا إِذا علق بِمُطلق الصَّدَقَة أَو الصَّوْم أَو الاعتاق فَيصح أَن يعْتق رَقَبَة وَإِن كَانَت مُعينَة غير مُؤمنَة على مَا صَححهُ النَّوَوِيّ لصدق اسْم الرَّقَبَة الصَّدَقَة بِالْقَلِيلِ وَقيل لَا بُد من رَقَبَة كَفَّارَة وَالْخلاف مَبْنِيّ على أَن النّذر يسْلك بِهِ مَسْلَك جَائِز الشَّرْع أَو واجبه وَمن فروع هَذِه الْقَاعِدَة أَنه هَل يجب عَلَيْهِ التبييت فِي الصَّوْم الْمَنْذُور أم يَكْفِي بنية قبل الزَّوَال قَالَ الرَّافِعِيّ إِن قُلْنَا أَن النّذر ينزل على أقل الْوَاجِب وَهُوَ الْأَصَح أَوجَبْنَا التبييت وَإِن قُلْنَا على أقل الْجَائِز فَلَا وَوَافَقَ النَّوَوِيّ الرَّافِعِيّ هُنَا على تَصْحِيح وجوب التبييت وَأَن يسْلك بِهِ مَسْلَك وَاجِب الشَّرْع وَخَالف هَذِه الْقَاعِدَة فِي بَاب الرّجْعَة فَقَالَ من زِيَادَته الْمُخْتَار أَنه لَا يُطلق تَرْجِيح وَاحِد من الْوَجْهَيْنِ بل يخْتَلف الرَّاجِح مِنْهُمَا بِحَسب الْمسَائِل لظُهُور دَلِيل أحد الطَّرفَيْنِ فِي بَعْضهَا أَو عَكسه فِي بعض وَقَالَ فِي شرح الْمُهَذّب إِنَّه الصَّوَاب وَالله أعلم قَالَ
(وَلَا نذر فِي مَعْصِيّة كَقَوْلِه إِن قتلت فلَانا فَللَّه عَليّ كَذَا)
وَلَا يَصح نذر الْمعْصِيَة لقَوْله عليه الصلاة والسلام لَا نذر فِي مَعْصِيّة وَلقَوْله عليه الصلاة والسلام من نذر أَن يَعْصِي الله فَلَا يَعْصِهِ وَقد مثل الشَّيْخ لذَلِك بِمَا ذكره وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يمثل بِغَيْر مَا ذكره بِأَن يَجْعَل الْمُلْتَزم مَعْصِيّة بِنَفسِهِ كنذر شرب الْخمر أَو الزِّنَا أَو الْقَتْل أَو الصَّلَاة فِي حَال الْحَدث أَو نذر أَن يذبح نَفسه أَو وَلَده فَإِذا نذر ذَلِك وَلم يفعل الْمَحْلُوف عَلَيْهِ فقد أحسن وَلَا كَفَّارَة عَلَيْهِ أَيْضا على الْمَذْهَب الَّذِي قطع بِهِ الْجُمْهُور وَحكى الرّبيع قولا أَنه تجب الْكَفَّارَة وَاخْتَارَهُ الْبَيْهَقِيّ لحَدِيث لَا نذر فِي مَعْصِيّة وكفارته كَفَّارَة يَمِين قَالَ الرَّافِعِيّ قَالَ الْجُمْهُور وَالْمرَاد بِالْحَدِيثِ نذر اللجاج قَالُوا وَرِوَايَة الرّبيع من كيسه قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا الحَدِيث بِهَذَا اللَّفْظ ضَعِيف بِاتِّفَاق الْمُحدثين وَإِنَّمَا صَحَّ لَا نذر فِي مَعْصِيّة من حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن وَحَدِيث عقبَة كَفَّارَة النّذر كَفَّارَة يَمِين وَالله أعلم قَالَ
(وَلَا يلْزم النّذر على ترك مُبَاح كَقَوْلِه لَا آكل لَحْمًا وَلَا أشْرب لَبَنًا وَمَا أشبهه)
اعْلَم أَن الْمُبَاح الَّذِي لم يرد فِيهِ ترغيب كَالْأَكْلِ وَالنَّوْم وَالْقِيَام وَالْقعُود سَوَاء كَانَ نفيا كَقَوْلِه لَا آكل كَذَا أَو اثباتاً كَقَوْلِه آكل كَذَا أَو ألبس كَذَا فَهَذَا وَمَا أشبهه لَا ينْعَقد نَذره لِأَنَّهُ لَا قربَة فِيهِ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رآى رجلا قَائِما فِي الشَّمْس فَسَأَلَ عَنهُ فَقَالَ هَذَا أَبُو إِسْرَائِيل نذر أَن يقوم وَلَا يقْعد وَلَا يستظل وَلَا يتَكَلَّم ويصوم فَقَالَ عليه الصلاة والسلام مروه فَلْيَتَكَلَّمْ وليقعد وليتم صَوْمه وَلَو خَالف فِي الْمُبَاح وَفعله فَهَل يلْزمه كَفَّارَة يَمِين قَضِيَّة الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة أَن الْمَذْهَب أَنه لَا يلْزمه وَبِه صرح الرَّافِعِيّ فِي أَوَائِل الْإِيلَاء لَكِن صحّح فِي الْمُحَرر وجوب الْكَفَّارَة وَتَبعهُ النَّوَوِيّ فِي الْمِنْهَاج وَالله أعلم
(فرع) قَالَ الْقفال من نذر أَن لَا يكلم الْآدَمِيّين يحْتَمل أَن يُقَال إِنَّه يلْزمه لِأَنَّهُ مِمَّا يتَقرَّب بِهِ وَيحْتَمل أَن يُقَال أَنه لَا يلْزم لما فِيهِ من التَّضْيِيق وَالتَّشْدِيد وَلَيْسَ ذَلِك من شرعنا كَمَا لَو نذر الْوُقُوف فِي الشَّمْس كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ وَصَححهُ النَّوَوِيّ أَنه لَا يلْزمه وَحَدِيث أبي إِسْرَائِيل يدل لَهُ أَن
امْرَأَة حجت صامتة عَن الْكَلَام فَقَالَ لَهَا الصّديق رضي الله عنه تكلمي فَإِن هَذَا لَا يحل وَالله أعلم
(فرع) إِذا نذر زيتاً أَو شمعاً أَو نَحوه ليسرج فِي مَسْجِد أَو غَيره ينظر إِن كَانَ ذَلِك فِي مَكَان بِحَيْثُ قد ينْتَفع بِهِ وَلَو على النذور مثل مصل هُنَاكَ أَو نَائِم أَو غَيرهمَا صَحَّ النّذر وَلزِمَ الْوَفَاء وَإِن كَانَ مغلوقاً وَلَا يتَمَكَّن أحد من الدُّخُول إِلَيْهِ وَلَا الِانْتِفَاع بِهِ لم يَصح وَكَذَا لَو وقف شَيْئا ليَشْتَرِي من غَلَّته زيتاً أَو غَيره ليسرج فِي مَسْجِد أَو غَيره فَحكمه فِي الصِّحَّة مَا ذَكرْنَاهُ فِي النذور وَالله أعلم قَالَ