المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الْإِيمَان وَالنُّذُور ‌ ‌بَاب الْيَمين (لَا تَنْعَقِد الْيَمين إِلَّا بِاللَّه تَعَالَى أَو - كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطَّهَارَة

- ‌أَنْوَاع الْمِيَاه

- ‌بَاب أَقسَام الْمِيَاه

- ‌بَاب جُلُود الْميتَة وعظمها

- ‌بَاب الْآنِية

- ‌بَاب السِّوَاك

- ‌فَرَائض الْوضُوء

- ‌سنَن الْوضُوء

- ‌بَاب الِاسْتِنْجَاء وآداب التخلي

- ‌نواقض الْوضُوء

- ‌مُوجبَات الْغسْل

- ‌فَرَائض الْغسْل

- ‌سنَن الْغسْل

- ‌(الأغسال المسنونة)

- ‌بَاب الْمسْح على الْخُفَّيْنِ

- ‌بَاب التَّيَمُّم

- ‌بَاب إِزَالَة النَّجَاسَة

- ‌بَاب الْحيض وَالنّفاس

- ‌بَاب مَا يحرم بِالْحيضِ وَالنّفاس

- ‌بَاب مَا يحرم على الْجنب والمحدث

- ‌كتاب الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة وأوقاتها

- ‌بَاب شَرَائِط وجوب الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات المسنونة

- ‌بَاب شَرَائِط صِحَة الصَّلَاة

- ‌بَاب أَرْكَان الصَّلَاة

- ‌بَاب سنَن الصَّلَاة

- ‌بَاب هيئات الصَّلَاة

- ‌بَاب مَا تخَالف فِيهِ الْمَرْأَة الرجل

- ‌بَاب مبطلات الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة

- ‌بَاب مَا يتْرك سَهوا من الصَّلَاة

- ‌بَاب الْأَوْقَات الَّتِي يكره فِيهَا الصَّلَاة

- ‌بَاب صَلَاة الْجَمَاعَة

- ‌بَاب قصر الصَّلَاة وَجَمعهَا

- ‌بَاب صَلَاة الْجُمُعَة

- ‌بَاب صَلَاة الْعِيدَيْنِ

- ‌بَاب صَلَاة الْكُسُوف والخسوف

- ‌بَاب صَلَاة الاسْتِسْقَاء

- ‌بَاب صَلَاة الْخَوْف

- ‌بَاب مَا يحرم على الرِّجَال من لِبَاس وَغَيره

- ‌كتاب الْجَنَائِز

- ‌بَاب مَا يلْزم الْمَيِّت

- ‌كتاب الزَّكَاة

- ‌بَاب مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة وشرائط وُجُوبهَا فِيهِ

- ‌بَاب أنصبة مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة

- ‌بَاب زَكَاة الْفطر

- ‌بَاب أهل الزَّكَاة

- ‌بَاب صَدَقَة التَّطَوُّع

- ‌كتاب الصّيام

- ‌بَاب فَرَائض الصَّوْم

- ‌بَاب مفسدات الصَّوْم

- ‌بَاب مَا يسْتَحبّ فِي الصَّوْم

- ‌بَاب مَا نهي عَن صَوْمه

- ‌بَاب كَفَّارَة الْإِفْطَار وَمن يجوز لَهُ

- ‌بَاب صَوْم التَّطَوُّع

- ‌بَاب الِاعْتِكَاف

- ‌كتاب الْحَج

- ‌بَاب شَرَائِط وجوب الْحَج

- ‌بَاب أَرْكَان الْحَج

- ‌بَاب وَاجِبَات الْحَج

- ‌بَاب سنَن الْحَج

- ‌بَاب مُحرمَات الاحرام

- ‌بَاب الدِّمَاء الْوَاجِبَة فِي الْإِحْرَام

- ‌كتاب الْبيُوع وَغَيرهَا من الْمُعَامَلَات

- ‌بَاب أَنْوَاع الْبيُوع

- ‌بَاب الرِّبَا

- ‌بَاب الْخِيَار

- ‌بَاب السّلم

- ‌بَاب الرَّهْن

- ‌بَاب الْحجر

- ‌بَاب الصُّلْح

- ‌بَاب الْحِوَالَة

- ‌بَاب الضَّمَان

- ‌بَاب الْكفَالَة بِالْبدنِ

- ‌بَاب الشّركَة

- ‌بَاب الْوكَالَة

- ‌بَاب الْإِقْرَار

- ‌بَاب الْعَارِية

- ‌بَاب الْغَصْب

- ‌بَاب الشُّفْعَة

- ‌بَاب الْقَرَاض

- ‌بَاب الْمُسَاقَاة

- ‌بَاب الْإِجَارَة

- ‌بَاب الْجعَالَة

- ‌بَاب الْمُزَارعَة وَالْمُخَابَرَة

- ‌بَاب احياء الْموَات

- ‌بَاب الْوَقْف

- ‌بَاب الْهِبَة

- ‌بَاب اللَّقِيط

- ‌بَاب الْوَدِيعَة

- ‌كتاب الْفَرَائِض والوصايا

- ‌بَاب الْوَارِثين

- ‌بَاب الْفُرُوض الْمقدرَة وأصحابها

- ‌بَاب الْوَصِيَّة

- ‌كتاب النِّكَاح وَمَا يتَّصل بِهِ من الْأَحْكَام والقضايا

- ‌بَاب شُرُوط عقد النِّكَاح

- ‌بَاب الْمُحرمَات

- ‌بَاب عُيُوب الْمَرْأَة وَالرجل

- ‌بَاب الصَدَاق

- ‌بَاب الْمُتْعَة

- ‌بَاب الْوَلِيمَة على الْعرس

- ‌بَاب التَّسْوِيَة بَين الزَّوْجَات

- ‌بَاب الْخلْع

- ‌كتاب الطَّلَاق

- ‌بَاب صَرِيح الطَّلَاق وكنايته

- ‌بَاب الطَّلَاق السّني والبدعي

- ‌بَاب مَا يملكهُ الْحر وَالْعَبْد من تَطْلِيقَات

- ‌بَاب الرّجْعَة

- ‌بَاب الْإِيلَاء

- ‌بَاب الظِّهَار

- ‌بَاب اللّعان

- ‌بَاب الْعدة

- ‌بَاب الِاسْتِبْرَاء

- ‌بَاب الرَّضَاع

- ‌بَاب النَّفَقَة

- ‌بَاب الْحَضَانَة

- ‌كتاب الْجِنَايَات

- ‌بَاب أَنْوَاع الْقَتْل

- ‌بَاب الْقصاص فِيمَا دون النَّفس

- ‌بَاب الدِّيات

- ‌بَاب الْقسَامَة

- ‌بَاب كَفَّارَة الْقَتْل

- ‌كتاب الْحُدُود

- ‌بَاب حد الزِّنَا

- ‌بَاب حد الْقَذْف

- ‌بَاب حد الْخمر

- ‌بَاب حد السّرقَة

- ‌بَاب حد قطاع الطَّرِيق

- ‌بَاب حكم الصَّائِل

- ‌بَاب قتال الْبُغَاة

- ‌بَاب الرِّدَّة وَحكم الْمُرْتَد

- ‌كتاب الْجِهَاد

- ‌بَاب الْغَنِيمَة

- ‌بَاب الْفَيْء

- ‌بَاب الْجِزْيَة

- ‌كتاب الصَّيْد والذبائح والضحايا والأطعمة

- ‌بَاب الزَّكَاة وَالصَّيْد

- ‌بَاب مَا يحل وَمَا يحرم من الْأَطْعِمَة

- ‌بَاب الْأُضْحِية

- ‌بَاب الْعَقِيقَة

- ‌كتاب السَّبق وَالرَّمْي

- ‌كتاب الْإِيمَان وَالنُّذُور

- ‌بَاب الْيَمين

- ‌بَاب النّذر

- ‌كتاب الْأَقْضِيَة

- ‌بَاب شُرُوط القَاضِي

- ‌بَاب آدَاب الْقَضَاء

- ‌بَاب الْقِسْمَة

- ‌بَاب الدعاوي والبينات

- ‌بَاب الشَّهَادَة

- ‌بَاب أَقسَام الْمَشْهُود بِهِ

- ‌كتاب الْعتْق

- ‌بَاب الْوَلَاء

- ‌بَاب التَّدْبِير

- ‌بَاب الْكِتَابَة

- ‌بَاب أَحْكَام أم الْوَلَد

الفصل: ‌ ‌كتاب الْإِيمَان وَالنُّذُور ‌ ‌بَاب الْيَمين (لَا تَنْعَقِد الْيَمين إِلَّا بِاللَّه تَعَالَى أَو

‌كتاب الْإِيمَان وَالنُّذُور

‌بَاب الْيَمين

(لَا تَنْعَقِد الْيَمين إِلَّا بِاللَّه تَعَالَى أَو باسم من أَسْمَائِهِ أَو صفة من صِفَات ذَاته)

الْيَمين فِي أصل اللُّغَة الْيَد الْيُمْنَى وأطلقت على الْحلف لأَنهم كَانُوا إِذا تحالفوا أَخذ كل بِيَمِين صَاحبه وَقيل لِأَن الْيَمين تحفظ الشَّيْء كَمَا تحفظه الْيَد وَالْيَمِين وَالْحلف وَالْإِيلَاء وَالْقسم أَلْفَاظ مترادفة

وَهِي فِي الشَّرْع تَحْقِيق الْأَمر أَو توكيده بِذكر الله تَعَالَى أَو صفة من صِفَاته كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ هُنَا وَقَالَ بَعضهم تَحْقِيق مَا يحْتَمل الْمُخَالفَة أَو تأكيده وَأَظنهُ ابْن الرّفْعَة وَهُوَ معنى مَا ذكرَاهُ وأوضح من هَذِه الْعبارَة مَا ذكره الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ فِي الطَّلَاق أَن الْحلف مَا تعلق بِهِ حنث أَو منع أَو تَحْقِيق خبر

وَالْأَصْل فِي الْأَيْمَان الْآيَات وَالْأَخْبَار قَالَ الله تَعَالَى {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كسبت قُلُوبكُمْ} وَقَوله تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} وَقَوله تَعَالَى {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} وَغَيرهَا وَمن السّنة أَحَادِيث كَثِيرَة جدا مِنْهَا حلفه صلى الله عليه وسلم وَالله لأغزون قُريْشًا وَقَول ابْن عمر رضي الله عنهما أَنه عليه الصلاة والسلام كَانَ كثيرا

ص: 539

مَا يحلف فَيَقُول لَا ومقلب الْقُلُوب وَغير ذَلِك من الْأَخْبَار ثمَّ الْيَمين لَا تَنْعَقِد إِلَّا بِمَا ذكره الشَّيْخ وَلَا شكّ أَن الْأَسْمَاء على ثَلَاثَة أَنْوَاع

أَحدهَا مَا يخْتَص بِاللَّه تَعَالَى وَلَا يُطلق فِي حق غَيره كالله وَرب الْعَالمين وَمَالك يَوْم الدّين وخالق الْخلق والحي الَّذِي لَا يَمُوت وَنَحْو ذَلِك فَهَذَا تَنْعَقِد بِهِ الْيَمين سَوَاء أطلق أم نوى الله تَعَالَى أَو غَيره وَإِذا قَالَ قصدت غَيره لم يقبل ظَاهرا قطعا وَكَذَا لَا يقبل فِيمَا بَينه وَبَين الله تَعَالَى على الصَّحِيح

الثَّانِي مَا يُطلق على الله تَعَالَى وعَلى غَيره إِلَّا أَن الْأَغْلَب اسْتِعْمَاله فِي حق الله تَعَالَى ويقيد فِي حق غَيره بِضَرْب من التَّقْيِيد كالجبار وَالْحق والرب والمتكبر والقادر والقاهر وَنَحْو ذَلِك فَإِذا حلف باسم مِنْهَا وَنوى الله سبحانه وتعالى أَو أطلق فيمين فَإِذا نوى غير الله تَعَالَى فَلَيْسَ بِيَمِين

الثَّالِث مَا يُطلق على الله تَعَالَى وعَلى غَيره على السوَاء كالحي وَالْمَوْجُود والغني والكريم وَنَحْو ذَلِك فَإِن نوى غير الله أَو أطلق فَلَيْسَ بِيَمِين وَإِن نوى الله تَعَالَى فَفِيهِ خلاف الْأَصَح فِي الرَّافِعِيّ وَبِه أجَاب الشَّيْخ أَبُو حَامِد وَابْن الصّباغ وَسَائِر الْعِرَاقِيّين وَالْإِمَام وَالْغَزالِيّ لَا يكون يَمِينا لِأَن الْيَمين إِنَّمَا تَنْعَقِد باسم مُعظم وَهَذِه الْأَسْمَاء الَّتِي تطلق فِي حق الْخَالِق والمخلوق إطلاقاً وَاحِدًا لَيْسَ لَهَا حُرْمَة وَلَا عَظمَة وَقَالَ النَّوَوِيّ الْأَصَح أَنه يَمِين وَبِه قطع الرَّافِعِيّ فِي الْمُحَرر وَصَاحب التَّنْبِيه والجرجاني وَغَيرهمَا من الْعِرَاقِيّين لِأَنَّهُ اسْم يُطلق على الله تَعَالَى وعَلى غَيره وَقد نَوَاه وَقَوْلهمْ لَيْسَ لَهُ حُرْمَة مَمْنُوع وَالله أعلم قلت وَبِه قطع الْبَغَوِيّ وَصَاحب التَّقْرِيب وَأَبُو يَعْقُوب ونقلوه عَن شُيُوخ الْأَصْحَاب وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ إِن كثير اسْتِعْمَاله فِي الله تَعَالَى وَقل فِي غَيره فَيكون يَمِينا ظَاهرا لَا بَاطِنا وَاعْلَم أَن السَّمِيع والبصير والعليم والحكيم من هَذَا النَّوْع على الْأَصَح لَا من الثَّانِي وَالله أعلم قَالَ

(وَمن حلف بِصَدقَة مَاله فَهُوَ مُخَيّر بَين الصَّدَقَة وَالْكَفَّارَة وَلَا شَيْء فِي لَغْو الْيَمين)

هَذِه الْمَسْأَلَة لَهَا شبه بِالْيَمِينِ من حَيْثُ إِن فِيهَا حثاً أَو منعا وَلِهَذَا ذكرهَا الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْأَيْمَان وَلها شبه بِالنذرِ من حَيْثُ الِالْتِزَام وَلِهَذَا ذكرهَا فِي الرَّوْضَة فِي بَاب النّذر وللأصحاب فِيهَا فِيمَا يلْزمه خلاف منتشر حَاصله يرجع إِلَى ثَلَاثَة أَقْوَال

أَحدهَا يلْزمه الْوَفَاء بِمَا الْتزم لِأَنَّهُ الْتزم عبَادَة فِي مُقَابلَة شَرط فَيلْزمهُ عِنْد وجود الشَّرْط

ص: 540

وَالثَّانِي يلْزمه كَفَّارَة يَمِين لقَوْله صلى الله عليه وسلم كَفَّارَة النذور كَفَّارَة الْيَمين وَرُوِيَ أَن رجلا قَالَ لعمر رضي الله عنه إِنِّي جعلت مَالِي فِي رتاج الْكَعْبَة إِن كلمت أخي فَقَالَ إِن الْكَعْبَة لغنية عَن مَالك كلم أَخَاك وَكفر عَن يَمِينك وَرُوِيَ نَحوه عَن عَائِشَة وَحَفْصَة وَأم سَلمَة رضي الله عنهن وَكَذَا عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر وَأبي هُرَيْرَة رضي الله عنهم وَلم يظْهر لَهُم مُخَالف وَهَذَا مَا صَححهُ الرَّافِعِيّ وَقطع بِهِ جمَاعَة لِأَنَّهُ فِي الْمَعْنى يَمِين

الْوَجْه الثَّالِث أَنه يتَخَيَّر بَين الْوَفَاء بِمَا الْتزم وَبَين أَن يكفر كَفَّارَة يَمِين لِأَنَّهُ يشبه النّذر من حَيْثُ إِنَّه الْتِزَام قربَة وَالْيَمِين من حَيْثُ إِن مَقْصُوده مَقْصُود الْيَمين فَلَا سَبِيل إِلَى الْجمع بَين موجبيهما وَلَا إِلَى تعطيلهما فَوَجَبَ التَّخْيِير وَهَذِه الْمَسْأَلَة يعبر عَنْهَا تَارَة بِنذر اللجاج وَالْغَضَب وَيُقَال لَهَا أَيْضا نذر الغلق وَيَمِين الغلق لِأَنَّهُ يغلق عَنهُ مَا يُرِيد فعله أَو تَركه وَصورتهَا كَأَن يَقُول إِن كلنت فلَانا أَو دخلت دَاره أَو إِن لم أسافر أَو إِن سَافَرت وَنَحْو ذَلِك فَللَّه عَليّ صَوْم شَهْرَيْن أَو صَلَاة أَو اعتاق رَقَبَة أَو أَتصدق بِمَال أَو أحج وَنَحْو ذَلِك ثمَّ يفعل الْمُعَلق عَلَيْهِ وَقيل يلْزمه الْحَج أَو الْعمرَة تَفْرِيعا على قَول التَّخْيِير لِأَن الْحَج أَو الْعمرَة لما كَانَا يلزمان بِالدُّخُولِ فيهمَا لقوتهما دون غَيرهمَا لزما بِالنذرِ وَهُوَ ضَعِيف جدا لِأَن الْعتْق أَيْضا يلْزم اتمامه بالتقويم وَهُوَ لَا يلْزم بِالنذرِ وَالله أعلم

(فرع) إِذا قَالَ شخص إِن فعلت كَذَا فعلي كَفَّارَة يَمِين لَزِمته بِلَا خلاف وَإِن قَالَ فَللَّه عَليّ يَمِين فَالْأَصَحّ أَنه لَغْو فَإِنَّهُ لم يَأْتِ بِنذر وَلَا بِصِيغَة يَمِين وَلَيْسَت الْيَمين مِمَّا يثبت فِي الذِّمَّة وَقيل يلْزمه كَفَّارَة يَمِين وَالله أعلم وَقَول الشَّيْخ وَلَا شَيْء فِي لَغْو الْيَمين صورته فِيمَن سبق لِسَانه إِلَى لفظ الْيَمين بِلَا قصد كَقَوْلِه فِي حَال غَضَبه لَا وَالله بلَى وَالله وَكَذَا فِي حَال عجلته أَو صلَة كَلَامه فَهَذَا لَا ينْعَقد يَمِينه وَلَا تتَعَلَّق بِهِ كَفَّارَة وَاحْتج لَهُ بقوله تَعَالَى {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} قَالَت عَائِشَة رضي الله عنها وَهُوَ قَول الْإِنْسَان لَا وَالله وبلى وَالله وَفِي رِوَايَة عَنْهَا هُوَ قَول الرجل فِي بَيته كلا وَالله وبلى وَالله وروى ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما مثل قَول عَائِشَة رضي الله عنها وَفِي معنى اللجاج وَالْغَضَب مَا لَو كَانَ يحلف على شَيْء فَسبق لِسَانه إِلَى غَيره فَكل هَذَا يُسمى لَغْو الْيَمين فَإِذا حلف وَقَالَ لم أقصد الْيَمين صدق وَفِي الطَّلَاق وَالْعتاق وَالْإِيلَاء لَا يصدق فِي الظَّاهِر قَالَ الإِمَام وَالْفرق أَن الْعَادة جَارِيَة بإجراء لفظ الْيَمين بِلَا قصد بِخِلَاف الطَّلَاق

ص: 541

وَالْعتاق فدعواه فيهمَا يُخَالف الظَّاهِر فَلَا يقبل وَلَو اقْترن بِالْيَمِينِ مَا يدل على الْقَصْد لم يقبل قَوْله على خلاف الظَّاهِر وَالله أعلم

قلت قَضِيَّة هَذَا الْفرق أَن يقبل قَول أهل الْبَوَادِي من أجلاف الفلاحين وَمن نحا نحوهم فَإِن الْحلف بِالطَّلَاق عِنْدهم فِي الْكَثْرَة أَكثر من الْحلف بالأيمان وَيَنْبَغِي أَن يفرق بِأَن الْحلف بِالطَّلَاق وَالْعتاق أَمر يتَعَلَّق بالإبضاع وَالْحريَّة فاحتيط فيهمَا بِعَدَمِ الْقبُول لتأكد أَمرهمَا وَالله أعلم

(فرع) إِذا قَالَ شخص إِن فعلت كَذَا فَهُوَ يَهُودِيّ أَو نَصْرَانِيّ أَو بَرِيء من الله أَو من رَسُوله أَو مستحل الْخمر وَنَحْوه لم يكن يَمِينا وَلَا كَفَّارَة فِي الْحِنْث بِهِ ثمَّ إِن قصد بذلك تبعيد نَفسه عَنهُ يَعْنِي عَن هَذَا الْيَمين لم يكفر وَإِن قصد بِهِ الرِّضَا بذلك أَو مَا فِي مَعْنَاهُ إِذا فعله فَهُوَ كَافِر فِي الْحَال وَإِذا لم يكفر فِي الصُّورَة الأولى فَلْيقل لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله ويستغفر الله تَعَالَى وَيسْتَحب لكل من تكلم بقبيح أَن يسْتَغْفر الله تَعَالَى وَتجب التَّوْبَة من كل كَلَام محرم وَالله أعلم قَالَ

(وَمن حلف أَن لَا يفعل شَيْئا فَأمر غَيره بِفِعْلِهِ لم يَحْنَث وَمن حلف لَا يفعل شَيْئَيْنِ فَفعل أَحدهمَا لم يَحْنَث)

اعْلَم أَن مدَار الْبر أَو الْحِنْث رَاجع إِلَى مُقْتَضى اللَّفْظ الَّذِي تعلّقت بِهِ الْيَمين فَإِذا حلف لَا يضْرب عَبده أَو لَا يَبِيع أَو لَا يَشْتَرِي فَوكل غَيره لم يَحْنَث لِأَن مُقْتَضى اللَّفْظ أَن لَا يُبَاشر ذَلِك بِنَفسِهِ نعم إِن أَرَادَ الْمَعْنى الْمجَازِي بِأَن حلف أَن لَا يَشْتَرِي الشَّيْء الْفُلَانِيّ وَأَرَادَ عدم دُخُوله فِي ملكه فَإِنَّهُ يَحْنَث لِأَنَّهُ غلظ على نَفسه وَيُقَاس بِمَا ذكرته مَا يشابه ذَلِك وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين الْحلف بِاللَّه أَو الطَّلَاق وَالله أعلم وَإِذا حلف على شَيْئَيْنِ فَفعل أَحدهمَا لم يَحْنَث لِأَنَّهُ لم يُوجد الْمَحْلُوف عَلَيْهِ كَمَا إِذا حلف لَا يَأْكُل هذَيْن الرغيفين فَأكل أَحدهمَا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَث وَيُقَاس بِهَذِهِ الصُّورَة مَا شابهها وَالله أعلم

(فرع) لَو حلف شخص أَن لَا يتَزَوَّج فَوكل شخصا قبل لَهُ نِكَاح امْرَأَة فَهَل يَحْنَث فِيهِ وَجْهَان لَيْسَ فِي الرَّوْضَة والشرحين هُنَا تَصْحِيح وَفِي التَّنْبِيه أَنه لَا يَحْنَث كَالْبيع وَسكت النَّوَوِيّ عَلَيْهِ فِي التَّصْحِيح وَالَّذِي فِي الْمُحَرر والمنهاج أَنه يَحْنَث وَهُوَ الصَّحِيح وَقد جزم بِهِ الرَّافِعِيّ فِي كتاب النِّكَاح فِي بَاب الْأَوْلِيَاء عِنْد تَوْكِيل الْوَكِيل وَالله أعلم قَالَ

وَكَفَّارَة الْيَمين هُوَ مُخَيّر فِيهَا بَين ثَلَاثَة أَشْيَاء عتق رَقَبَة أَو إطْعَام عشرَة مَسَاكِين كل مِسْكين مدا أَو كسوتهن ثوبا ثوبا فَإِن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام)

سميت الْكَفَّارَة كَفَّارَة لِأَنَّهَا تكفر الذَّنب أَي تستره وَلِهَذَا سمي الاكار كَافِرًا أَي الْفَلاح لِأَنَّهُ

ص: 542

يستر الْبذر وَمِنْه الْكَافِر لِأَنَّهُ يُغطي نعْمَة الله تَعَالَى لَا يحصي ثَنَاء على الله تَعَالَى هُوَ كَمَا أثنى على نَفسه فَإِذا حلف الشَّخْص وَحنث وَجَبت الْكَفَّارَة لقَوْله تَعَالَى {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} إِلَى قَوْله {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} أَي وحنثتم وَفِي سَبَب وُجُوبهَا خلاف الصَّحِيح أَنه الْيَمين والحنث مَعًا ثمَّ كَفَّارَة الْيَمين أَولهَا تَخْيِير وَآخِرهَا تَرْتِيب فَيتَخَيَّر أَولا بَين الْخِصَال الثَّلَاث الَّتِي ذكرهَا الشَّيْخ لقَوْله تَعَالَى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} فَلَا يجوز أَن يطعم خَمْسَة ويكسو خَمْسَة كَمَا لَا يجوز أَن يعْتق نصف رَقَبَة وَيطْعم خَمْسَة لِأَن الله تَعَالَى إِنَّمَا خير بَين ثَلَاثَة أَشْيَاء فَلَو جَوَّزنَا إِخْرَاج جِنْسَيْنِ لأثبتنا تخييراً رَابِعا فَإِن أَرَادَ اعتاق رَقَبَة أعتق رَقَبَة كَمَا فِي الظِّهَار وَالْجَامِع التَّكْفِير وَإِن أَرَادَ الْإِطْعَام أطْعم كل مِسْكين رطلا وَثلثا لِأَنَّهُ سداد الرَّغِيف وكفاية المقتصد وَنِهَايَة الزهيد وَإِن أَرَادَ الْكسْوَة دفع إِلَى كل مِسْكين مَا يَقع عَلَيْهِ اسْم الْكسْوَة من قَمِيص وَسَرَاويل ومئزر بِالْهَمْز وَهُوَ الازار الَّذِي يتزر بِهِ الْمحرم وَمثل ذَلِك الْعِمَامَة والجبة والمقنعة والخمار والكساء لِأَن الشَّرْع أطلق الْكسْوَة وَلَا عرف لَهُ فِيهَا وَلَا يجب لكل مِسْكين بدلة اتِّفَاقًا فَاكْتفى بِمَا ينْطَلق عَلَيْهِ الِاسْم وَهُوَ الصَّحِيح وَقيل يَكْفِي ستر الْعَوْرَة وَهل يشْتَرط تمكن الْآخِذ من لبسه حَتَّى لَا يَجْزِي دفع ثوب طِفْل لكبير فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا لَا يشْتَرط كَمَا يجوز أَن يدْفع ثوب الرجل إِلَى الْمَرْأَة وَبِالْعَكْسِ وَلَا يشْتَرط أَن يكون مخيطاً وَالله أعلم

(فرع) أعْطى عشرَة ثوبا طَويلا هَل يَكْفِي قَالَه الْمَاوَرْدِيّ إِن أَعْطَاهُم بعد قطعه أجرأه أَو قبل فَلَا لِأَنَّهُ ثوب وَاحِد وَالله أعلم وَلَا تُجزئ القلنسوة أَي الطاقية على الْأَصَح وَلَا الْغَزل قبل النسج وَلَا الْبسط وَلَا الانطاع وَيجْزِي مَا يلبس من الْجُلُود واللبود وَلَا يجزى الْخُف والمكعب والتبان وَلَا يجزى الثَّوْب الْبَالِي كَمَا لَا يجزى الطَّعَام المسوس وَالْعَبْد الزَّمن وَالله أعلم فَإِن لم يجد المَال الَّذِي يصرفهُ فِي الْكَفَّارَة كفر بِالصَّوْمِ لِلْآيَةِ الْكَرِيمَة قَالَ الْبَنْدَنِيجِيّ والمحاملي وَالْمرَاد من يفضل عَن كِفَايَته على الْأَبَد وَقَالَ ابْن الصّباغ والرافعي المُرَاد من لَهُ الْأَخْذ من الزَّكَاة بِصفة الْفقر والمسكنة أَو من الْكَفَّارَة فَلهُ الصَّوْم حَتَّى لَو ملك نِصَابا وَلَا تحصل بِهِ الْكَفَّارَة لَزِمته الزَّكَاة لَهُ الصَّوْم لأَنا لَو أسقطنا الزَّكَاة عَنهُ لخلا النّصاب عَنْهَا وَهنا ينْتَقل إِلَى الْبَدَل وَهُوَ الصَّوْم وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوص وَفِي الْحَاوِي للماوردي لَا يَصُوم من فضلت الْكَفَّارَة عَن كِفَايَة وقته لقدرته على المَال وَإِن حل لَهُ أَخذ الزَّكَاة وَأبْدى الرَّافِعِيّ احْتِمَالا أَن يكون فَاضلا عَن كِفَايَة سنة وَهَذَا الِاحْتِمَال صرح بِهِ الْبَغَوِيّ وَيجوز صَوْم الثَّلَاثَة مُتَفَرِّقَة على الرَّاجِح لاطلاق الْآيَة الْكَرِيمَة وَوجه التَّتَابُع قِرَاءَة

ص: 543