المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الشَّافِعِي عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي - كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطَّهَارَة

- ‌أَنْوَاع الْمِيَاه

- ‌بَاب أَقسَام الْمِيَاه

- ‌بَاب جُلُود الْميتَة وعظمها

- ‌بَاب الْآنِية

- ‌بَاب السِّوَاك

- ‌فَرَائض الْوضُوء

- ‌سنَن الْوضُوء

- ‌بَاب الِاسْتِنْجَاء وآداب التخلي

- ‌نواقض الْوضُوء

- ‌مُوجبَات الْغسْل

- ‌فَرَائض الْغسْل

- ‌سنَن الْغسْل

- ‌(الأغسال المسنونة)

- ‌بَاب الْمسْح على الْخُفَّيْنِ

- ‌بَاب التَّيَمُّم

- ‌بَاب إِزَالَة النَّجَاسَة

- ‌بَاب الْحيض وَالنّفاس

- ‌بَاب مَا يحرم بِالْحيضِ وَالنّفاس

- ‌بَاب مَا يحرم على الْجنب والمحدث

- ‌كتاب الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة وأوقاتها

- ‌بَاب شَرَائِط وجوب الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات المسنونة

- ‌بَاب شَرَائِط صِحَة الصَّلَاة

- ‌بَاب أَرْكَان الصَّلَاة

- ‌بَاب سنَن الصَّلَاة

- ‌بَاب هيئات الصَّلَاة

- ‌بَاب مَا تخَالف فِيهِ الْمَرْأَة الرجل

- ‌بَاب مبطلات الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة

- ‌بَاب مَا يتْرك سَهوا من الصَّلَاة

- ‌بَاب الْأَوْقَات الَّتِي يكره فِيهَا الصَّلَاة

- ‌بَاب صَلَاة الْجَمَاعَة

- ‌بَاب قصر الصَّلَاة وَجَمعهَا

- ‌بَاب صَلَاة الْجُمُعَة

- ‌بَاب صَلَاة الْعِيدَيْنِ

- ‌بَاب صَلَاة الْكُسُوف والخسوف

- ‌بَاب صَلَاة الاسْتِسْقَاء

- ‌بَاب صَلَاة الْخَوْف

- ‌بَاب مَا يحرم على الرِّجَال من لِبَاس وَغَيره

- ‌كتاب الْجَنَائِز

- ‌بَاب مَا يلْزم الْمَيِّت

- ‌كتاب الزَّكَاة

- ‌بَاب مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة وشرائط وُجُوبهَا فِيهِ

- ‌بَاب أنصبة مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة

- ‌بَاب زَكَاة الْفطر

- ‌بَاب أهل الزَّكَاة

- ‌بَاب صَدَقَة التَّطَوُّع

- ‌كتاب الصّيام

- ‌بَاب فَرَائض الصَّوْم

- ‌بَاب مفسدات الصَّوْم

- ‌بَاب مَا يسْتَحبّ فِي الصَّوْم

- ‌بَاب مَا نهي عَن صَوْمه

- ‌بَاب كَفَّارَة الْإِفْطَار وَمن يجوز لَهُ

- ‌بَاب صَوْم التَّطَوُّع

- ‌بَاب الِاعْتِكَاف

- ‌كتاب الْحَج

- ‌بَاب شَرَائِط وجوب الْحَج

- ‌بَاب أَرْكَان الْحَج

- ‌بَاب وَاجِبَات الْحَج

- ‌بَاب سنَن الْحَج

- ‌بَاب مُحرمَات الاحرام

- ‌بَاب الدِّمَاء الْوَاجِبَة فِي الْإِحْرَام

- ‌كتاب الْبيُوع وَغَيرهَا من الْمُعَامَلَات

- ‌بَاب أَنْوَاع الْبيُوع

- ‌بَاب الرِّبَا

- ‌بَاب الْخِيَار

- ‌بَاب السّلم

- ‌بَاب الرَّهْن

- ‌بَاب الْحجر

- ‌بَاب الصُّلْح

- ‌بَاب الْحِوَالَة

- ‌بَاب الضَّمَان

- ‌بَاب الْكفَالَة بِالْبدنِ

- ‌بَاب الشّركَة

- ‌بَاب الْوكَالَة

- ‌بَاب الْإِقْرَار

- ‌بَاب الْعَارِية

- ‌بَاب الْغَصْب

- ‌بَاب الشُّفْعَة

- ‌بَاب الْقَرَاض

- ‌بَاب الْمُسَاقَاة

- ‌بَاب الْإِجَارَة

- ‌بَاب الْجعَالَة

- ‌بَاب الْمُزَارعَة وَالْمُخَابَرَة

- ‌بَاب احياء الْموَات

- ‌بَاب الْوَقْف

- ‌بَاب الْهِبَة

- ‌بَاب اللَّقِيط

- ‌بَاب الْوَدِيعَة

- ‌كتاب الْفَرَائِض والوصايا

- ‌بَاب الْوَارِثين

- ‌بَاب الْفُرُوض الْمقدرَة وأصحابها

- ‌بَاب الْوَصِيَّة

- ‌كتاب النِّكَاح وَمَا يتَّصل بِهِ من الْأَحْكَام والقضايا

- ‌بَاب شُرُوط عقد النِّكَاح

- ‌بَاب الْمُحرمَات

- ‌بَاب عُيُوب الْمَرْأَة وَالرجل

- ‌بَاب الصَدَاق

- ‌بَاب الْمُتْعَة

- ‌بَاب الْوَلِيمَة على الْعرس

- ‌بَاب التَّسْوِيَة بَين الزَّوْجَات

- ‌بَاب الْخلْع

- ‌كتاب الطَّلَاق

- ‌بَاب صَرِيح الطَّلَاق وكنايته

- ‌بَاب الطَّلَاق السّني والبدعي

- ‌بَاب مَا يملكهُ الْحر وَالْعَبْد من تَطْلِيقَات

- ‌بَاب الرّجْعَة

- ‌بَاب الْإِيلَاء

- ‌بَاب الظِّهَار

- ‌بَاب اللّعان

- ‌بَاب الْعدة

- ‌بَاب الِاسْتِبْرَاء

- ‌بَاب الرَّضَاع

- ‌بَاب النَّفَقَة

- ‌بَاب الْحَضَانَة

- ‌كتاب الْجِنَايَات

- ‌بَاب أَنْوَاع الْقَتْل

- ‌بَاب الْقصاص فِيمَا دون النَّفس

- ‌بَاب الدِّيات

- ‌بَاب الْقسَامَة

- ‌بَاب كَفَّارَة الْقَتْل

- ‌كتاب الْحُدُود

- ‌بَاب حد الزِّنَا

- ‌بَاب حد الْقَذْف

- ‌بَاب حد الْخمر

- ‌بَاب حد السّرقَة

- ‌بَاب حد قطاع الطَّرِيق

- ‌بَاب حكم الصَّائِل

- ‌بَاب قتال الْبُغَاة

- ‌بَاب الرِّدَّة وَحكم الْمُرْتَد

- ‌كتاب الْجِهَاد

- ‌بَاب الْغَنِيمَة

- ‌بَاب الْفَيْء

- ‌بَاب الْجِزْيَة

- ‌كتاب الصَّيْد والذبائح والضحايا والأطعمة

- ‌بَاب الزَّكَاة وَالصَّيْد

- ‌بَاب مَا يحل وَمَا يحرم من الْأَطْعِمَة

- ‌بَاب الْأُضْحِية

- ‌بَاب الْعَقِيقَة

- ‌كتاب السَّبق وَالرَّمْي

- ‌كتاب الْإِيمَان وَالنُّذُور

- ‌بَاب الْيَمين

- ‌بَاب النّذر

- ‌كتاب الْأَقْضِيَة

- ‌بَاب شُرُوط القَاضِي

- ‌بَاب آدَاب الْقَضَاء

- ‌بَاب الْقِسْمَة

- ‌بَاب الدعاوي والبينات

- ‌بَاب الشَّهَادَة

- ‌بَاب أَقسَام الْمَشْهُود بِهِ

- ‌كتاب الْعتْق

- ‌بَاب الْوَلَاء

- ‌بَاب التَّدْبِير

- ‌بَاب الْكِتَابَة

- ‌بَاب أَحْكَام أم الْوَلَد

الفصل: الشَّافِعِي عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي

الشَّافِعِي عَن مَالك عَن أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قَالَ

(من منع فضل المَاء ليمنع بِهِ فضل الْكلأ مَنعه الله فضل رَحمته يَوْم الْقِيَامَة) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ

(لَا تمنعوا فضل المَاء لتمنعوا بِهِ الْكلأ) وَالْفرق بَين الْمَاشِيَة وَالزَّرْع وَنَحْوه حُرْمَة الرّوح بِدَلِيل وجوب سقيها بخلاق الزَّرْع ثمَّ لوُجُوب الْبَذْل شُرُوط

أَحدهَا أَن يفضل عَن حَاجته فَإِن لم يفضل لم يجب وَيبدأ بِنَفسِهِ

الثَّانِي أَن يحْتَاج إِلَه صَاحب الْمَاشِيَة بِأَن لَا يجد مَاء مُبَاحا

الثَّالِث أَن يكون هُنَاكَ كلأ يرْعَى وَلَا يُمكن رعيه إِلَّا بسقي المَاء

الرَّابِع أَن يكون المَاء فِي مستقره وَهُوَ مِمَّا يسْتَخْلف فَأَما إِذا أَخذه فِي الْإِنَاء فَلَا يجب بذله على الصَّحِيح وَإِذا وَجب الْبَدَل مكن الْمَاشِيَة من حُضُور الْبِئْر بِشَرْط أَن لَا يتَضَرَّر صَاحب الْمَار فِي زرع وَلَا مَاشِيَة فَإِن تضرر بورودها منعت ويستقي الرُّعَاة لَهَا قَالَه الْمَاوَرْدِيّ وَإِذا وَجب الْبَذْل فَهَل يجوز لَهُ أَن يَأْخُذ عَلَيْهِ عوضا كطعام الْمُضْطَر وَجْهَان الصَّحِيح لَا للْحَدِيث الصَّحِيح أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم

(نهى عَن بيع فضل المَاء) فَلَو لم يجب بذل فضل المَاء جَازَ بَيْعه بكيل أَو وزن وَلَا يجوز بري الْمَاشِيَة أَو الزَّرْع لِأَنَّهُ مَجْهُول وَهُوَ غرر وَالله أعلم

(فرع) من حفر بِئْرا فِي موَات فَالصَّحِيح أَنه لَيْسَ لغيره أَن يحْفر بِئْرا يحصل بِسَبَبِهَا نقص مَاء الْبِئْر الأولى وَيكون ذَلِك الْموضع من حَرِيم الْبِئْر الأولى وَهَذَا بِخِلَاف مَا إِذا حفر بِئْرا فِي ملكه فنقص مَاء بِئْر جَاره فَإِنَّهُ لَا يمْنَع لِأَنَّهُ تصرف فِي عين ملكه وَفِي الْموَات ابْتِدَاء تملك فَيمْنَع مِنْهُ إِذا أضرّ بِالْغَيْر وَحكم غرس الْأَشْجَار كالبئر قَالَه القَاضِي أَبُو الطّيب وَالله أعلم

‌بَاب الْوَقْف

فصل وَالْوَقْف جَائِز بِثَلَاث شَرَائِط أَن يكون مِمَّا ينْتَفع بِهِ مَعَ بَقَاء عينه

يُقَال وقفت وأوقفت لُغَة رَدِيئَة

وَحده فِي الشَّرْع حبس مَال يُمكن الِانْتِفَاع بِهِ مَعَ بَقَاء عينه مَمْنُوع من التَّصَرُّف فِي عينه

ص: 303

تصرف مَنَافِعه فِي الْبر تقرباً إِلَى الله تَعَالَى وَلَو قيل حبس مَا يُمكن الإنتفاع بِهِ إِلَى آخِره فَهُوَ أحسن ليشْمل الْكَلْب الْمعلم على وَجه وَالرَّاجِح أَنه لَا يَصح وَقفه وَقيل لَا يَصح قطعا لِأَنَّهُ لَا يملك وَهُوَ قربَة مَنْدُوب إِلَيْهَا

قَالَ الله تَعَالَى {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} وَقَالَ عليه الصلاة والسلام

(إِذا مَاتَ العَبْد انْقَطع عمله إِلَّا من ثَلَاثَة أَشْيَاء من صَدَقَة جَارِيَة أَو علم ينْتَفع بِهِ أَو ولد صَالح يَدْعُو لَهُ) وَحمل عُلَمَاء الصَّدَقَة الْجَارِيَة على الْوَقْف قَالَ جَابر رضي الله عنه مَا بَقِي أحد من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَهُ مقدرَة إِلَّا وقف وَقَول الشَّيْخ أَن ينْتَفع بِهِ مَعَ بَقَاء عينه دخل فِيهِ العقاء وَغَيره مُفردا كَانَ أَو مشَاعا حَيَوَانا كَانَ أَو غَيره وَاحْترز بِهِ عَمَّا لَا ينْتَفع بِهِ مَعَ بَقَاء عينه كالأثمار وَالطَّعَام وَكَذَا المشموم لِأَن الأثمار ينْتَفع بإخراجها وَالطَّعَام بِأَكْلِهِ والمشموم لَا يَدُوم وَاعْلَم أَنه يجوز وقف الْأَشْجَار لثمارها والماشية للبنها وصوفها وَكَذَا الْفَحْل ليقفز على شِيَاه الْبَلَد لِأَن الْمَوْقُوف ذواتها وَهَذِه الْأُمُور هِيَ مَنَافِعهَا وَلَيْسَ من شَرط الْمَوْقُوف أَن ينْتَفع بِهِ فِي الْحَال فَيصح وقف الأَرْض الجدبة لتصلح وَيُمكن زَرعهَا وَكَذَا يَصح وقف العَبْد والجحش الصغيرين وَكَذَا يَصح وقف الأَرْض الْمُؤجرَة كَمَا يَصح وقف الْعين الْمَغْصُوبَة وَالله أعلم قَالَ (وَأَن يكون على أصل مَوْجُود وَفرع لَا يَنْقَطِع)

لَا شكّ أَن الْوَقْف صَدَقَة يُرَاد بهَا الدَّوَام

وَحَقِيقَة الْوَقْف نقل ملك الْمَنَافِع إِلَى الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وتمليك الْمَعْدُوم بَاطِل وَكَذَا تمْلِيك من لَا يملك مِثَال الأول مَا إِذا وقف على من سيولد ثمَّ على الْفُقَرَاء أَو وقف على وَلَده ثمَّ على الْفُقَرَاء وَلَا ولد لَهُ وَفِي معنى ذَلِك مَا إِذا وقف على مَسْجِد سيبنى ثمَّ على الْفُقَرَاء وَمِثَال الثَّانِي الْوَقْف على الْحمل وَكَذَا على عبد إِذا قصد نَفسه دون سَيّده وفرعنا على الصَّحِيح أَن العَبْد لَا يملك بالتمليك فَهَذَا وأشباهه بَاطِل على الْمَذْهَب لِأَن الْوَقْف تمْلِيك منجر فَلَا يَصح على من لَا يملك كَالْبيع وَسَائِر التمليكات وَإِلَى مَا ذكرنَا أَشَارَ الشَّيْخ بقوله على أصل مَوْجُود وَالله أعلم

(فرع) الْوَقْف على الْمَيِّت لَا يَصح وَقيل يَصح وَيصرف على الْفُقَرَاء وَهَذَا النَّوْع يعبر عَنهُ الْفُقَهَاء بقَوْلهمْ مُنْقَطع الأول وَقَوله وَفرع لَا يَنْقَطِع احْتَرز بِهِ الشَّيْخ عَن غير مُنْقَطع الأول وَهُوَ الَّذِي يعبرون عَن بقَوْلهمْ مُنْقَطع الآخر وَهل هُوَ بَاطِل كالنوع الأول وَهُوَ مُنْقَطع الأول أم هُوَ

ص: 304

صَحِيح يخْتَلف التَّرْجِيح فِيهِ باخْتلَاف صيفة الْوَقْف فَإِن قَالَ وقفت على أَوْلَادِي ثمَّ سكت أَو على الْفَقِير فلَان ثمَّ سكت وَلم يذكر مصرفاً لَهُ دوَام فَفِي هَذِه الصِّيغَة خلاف منتشر وَالرَّاجِح الصِّحَّة وَبِه قَالَ الْأَكْثَرُونَ مِنْهُم القَاضِي أَبُو حَامِد وَالْقَاضِي الطَّبَرِيّ وَالرُّويَانِيّ وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي فِي الْمُخْتَصر وَبِه قَالَ مَالك رَحمَه الله تَعَالَى لِأَن مَقْصُود الْوَقْف الْقرْبَة وَالثَّوَاب فَإِذا بَين مصرفه فِي الْحَال سهل إدامته على سَبِيل الْخَيْر فعلى هَذَا إِذا انقرض الْمَوْقُوف عَلَيْهِ لَا يبطل الْوَقْف على الرَّاجِح فعلى هَذَا إِلَى من يصرفهُ الصَّحِيح وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي فِي الْمُخْتَصر إِلَى أقرب النَّاس إِلَى الْوَاقِف إِلَى يَوْم انْقِرَاض الْمَوْقُوف عَلَيْهِم فعلى هَذَا هَل الْمُعْتَبر الْإِرْث أم لَا الصَّحِيح إعتبار قرب الرَّحِم فعلى هَذَا يقدم ابْن الْبِنْت وَإِن لم يَرث على ابْن الْعم وَهل يشْتَرط الْكل أم يخْتَص بِهِ الْفُقَرَاء الرَّاجِح اخْتِصَاص الْفُقَرَاء لِأَن مصرفه مصرف الصَّدَقَة وَهل ذَلِك على سَبِيل الْوُجُوب أم الِاسْتِحْبَاب فِيهِ خلاف لم يرجح الشَّيْخَانِ فِي ذَلِك شَيْئا فَلَو انقرض الْفُقَرَاء فالمنصوص أَن الإِمَام يَجْعَل الْوَقْف حسبا على الْمُسلمين يصرف غَلَّته فِي مصالحهم وَرجحه الطَّبَرِيّ وَفِي الشَّامِل لِابْنِ الصّباغ يصرف للْفُقَرَاء أَو الْمَسَاكِين وَالله أعلم أما إِذا قَالَ وقفت هَذَا سنة فَالصَّحِيح الَّذِي قطع بِهِ الْجُمْهُور بطلَان الْوَقْف لفساد الشَّرْط لِأَن الْمَقْصُود دوَام الثَّوَاب هُوَ مَفْقُود وَالله أعلم

(فرع) هَل يشْتَرط الْقبُول فِي الْوَقْف ينظر إِن كَانَ الْوَقْف على جِهَة عَامَّة كالفقراء أَو الرَّبْط والمساجد فَلَا يشْتَرط لتعذره وَإِن كَانَ على معِين وَاحِدًا كَانَ أَو جمَاعَة فَفِيهِ خلاف الرَّاجِح فِي الْمُحَرر والمنهاج اشْتِرَاط الْقبُول فعلى هَذَا يكون الْقبُول مُتَّصِلا بِالْإِيجَابِ كَمَا فِي البيع وَالْهِبَة وَخص الْمُتَوَلِي الْخلاف بِمَا إِذا قُلْنَا الْملك فِي الْمَوْقُوف ينْتَقل إِلَى الْمَوْقُوف عَلَيْهِ أما إِذا قُلْنَا ينْتَقل إِلَى الله تَعَالَى فَلَا يشْتَرط الْقبُول قطعا

وَاعْلَم أَن مَا صَححهُ النَّوَوِيّ فِي الْمِنْهَاج من اشْتِرَاط الْقبُول فِي بَاب الْوَقْف خَالفه فِي الرَّوْضَة فِي كتاب السّرقَة فَقَالَ فِي زياده الْمُخْتَار أَنه لَا يشْتَرط وَالْمُخْتَار فِي الرَّوْضَة بِمَعْنى الصَّحِيح وَكَلَام التَّنْبِيه يقتضضيه فَإِنَّهُ ذكر الْإِيجَاب وَلم يشْتَرط الْقبُول وَكَذَا فِي الْمُهَذّب وَمِمَّنْ قَالَ بِعَدَمِ اشْتِرَاط الْقبُول خلائق تَشْبِيها لَهُ بِالْعِتْقِ مِنْهُم الْمَاوَرْدِيّ بل قطع بِهِ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيّ بل نَص الشَّافِعِي على أَنه لَا يشْتَرط وَالله أعلم قَالَ

(وَأَن لَا يكون فِي مَحْظُور)

الْمَحْظُور الْحَرَام فَيشْتَرط فِي صِحَة الْوَقْف انْتِفَاء الْمعْصِيَة لِأَن الْوَقْف مَعْرُوف وبر وَالْمَعْصِيَة عكس ذَلِك فَيحرم الْوَقْف على شِرَاء آلَة لقطع الطَّرِيق وَكَذَا الْآلَات الْمُحرمَة كَسَائِر آلَات الْمعاصِي كَمَا يصنعه أهل الْبدع من صوفية الزوايا بِأَن يوقفوا آلَة لَهو لأجل السماع وَيَقُولُونَ

ص: 305

لَا سَماع إِلَّا من تَحت قناع وَلَا يَأْبَى ذَلِك إِلَّا فَاسد الطباع وَهَؤُلَاء قد نَص الْقُرْآن على إلحادهم وَلَيْسَ فِي كفرهم نزاع وَكَذَا لَا يجوز الْوَقْف على البيع وَالْكَنَائِس وَكتب التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل لِأَنَّهَا مُحرمَة وَلَو كَانَ الْوَقْف ذِمِّيا حَتَّى لَو ترافعوا إِلَيْنَا فِي ذَلِك أبطلناه هَذَا إِذا كَانَ الْوَقْف على جِهَة أما إِذا وقف على ذمِّي بِعَيْنِه فَإِنَّهُ يَصح لِأَن الْوَقْف كصدقة التَّطَوُّع وَهِي عَلَيْهِ جَائِزَة بِخِلَاف الْوَقْف على الْحَرْبِيّ وَالْمُرْتَدّ فَإِنَّهُ لَا يَصح على الرَّاجِح لِأَنَّهُمَا مقتولان فَهُوَ وقف على من لَا دوَام لَهُ فَأشبه وقف شَيْء لَا دوَام لَهُ وَلَو وقف على الْأَغْنِيَاء فَفِيهِ خلاف مَبْنِيّ على أَن المرعي فِي الْوَقْف جِهَة التَّمْلِيك أم جِهَة الْقرْبَة وَكَذَا لَو وقف على الْفُسَّاق فِيهِ هَذَا الْخلاف قَالَ الرَّافِعِيّ وَالْأَشْبَه بِكَلَام الْأَكْثَرين تَرْجِيح كَونه تَمْلِيكًا وَتَصْحِيح الْوَقْف على هَؤُلَاءِ وَصرح بِتَصْحِيحِهِ فِي الْمُحَرر وَتَبعهُ النَّوَوِيّ على التَّصْحِيح فِي الْمِنْهَاج إِلَّا أَن الرَّافِعِيّ قَالَ فِي الشَّرْح بعد ذَلِك وَتَبعهُ فِي الرَّوْضَة الْأَحْسَن تَصْحِيح الْوَقْف على الْأَغْنِيَاء دون الْفُسَّاق لتَضَمّنه الْإِعَانَة على الْمعْصِيَة وَالله أعلم قَالَ

(وَهُوَ على مَا شَرط الْوَاقِف من تَقْدِيم وَتَأْخِير وتسوية وتفضيل)

إِذا صَحَّ الْوَقْف لزم كَالْعِتْقِ وَاسْتحق الْمَوْقُوف عَلَيْهِ غَلَّته مَنْفَعَة كَانَت كالسكنى أَو عينا كالثمرة وَالصُّوف وَاللَّبن وَكَذَا الْوَلَد على الْأَصَح لِأَنَّهَا نَمَاء الْمَوْقُوف وَيجب صرف ذَلِك بِحَسب الشَّرْط من التقييم كوقفت على أَوْلَادِي بِشَرْط تَقْدِيم الأعلم أَو الأورع أَو المزوج وَنَحْو ذَلِك أَو التَّأْخِير بِأَن يَقُول وقفت على أَوْلَادِي فَإِن انقرضوا فلأولادهم وَنَحْو ذَلِك أَو على أَن ريع السّنة الأولى للإناث وَالثَّانيَِة للذكور أَو التَّسْوِيَة كَمَا إِذا وقف على أَوْلَاده بِشَرْط أَن لَا يفضل أحدا على أحد فِي قدر النَّصِيب وَنَحْو ذَلِك والتفضيل كَمَا إِذا قَالَ وقفت على أَوْلَادِي على أَن للذّكر مثل حَظّ الْأُنْثَيَيْنِ وَنَحْو ذَلِك وَوجه ذَلِك كُله على أَن الْوَقْف تمْلِيك مَنَافِع الْمَوْقُوف فَاعْتبر قَول المملك كَالْهِبَةِ وَالله أعلم

(فرع) إِذا جهل شَرط الْوَاقِف فِي الْمَقَادِير أَو فِي كَيْفيَّة التَّرْتِيب لِانْعِدَامِ كتاب الْوَقْف وَعدم الشُّهُود قَالَ الرَّافِعِيّ وَتَبعهُ النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة تقسم الْغلَّة بَينهم بِالسَّوِيَّةِ وَحكى بَعضهم أَن الْأَوْجه الْوَقْف حَتَّى يصطلحوا وَهُوَ الْقيَاس وَالْقَائِل بِهَذَا هُوَ الإِمَام وَمحل الْقِسْمَة بَينهم بِالسَّوِيَّةِ إِذا كَانَ الْمَوْقُوف فِي أَيْديهم فَإِن كَانَ فِي بُد بَعضهم فَالْقَوْل قَوْله وَلَو كَانَ الْوَاقِف حَيا رَجَعَ إِلَى قَوْله ذكره الْبَغَوِيّ وَصَاحب الْمُهَذّب قَالَ الرَّافِعِيّ وَلَو قيل لَا رُجُوع إِلَيْهِ كالبائع إِذا اخْتلف المشتريان مِنْهُ لم يبعد قَالَ النَّوَوِيّ الصَّوَاب الرُّجُوع إِلَيْهِ وَالْفرق ظَاهر قلت وَمَا قَالَه النَّوَوِيّ ذكره الرَّوْيَانِيّ وَالْمَاوَرْدِيّ وصرحا بِأَنَّهُ يقبل قَوْله بِلَا يَمِين وَزَاد بِأَنَّهُ إِذا مَاتَ الْوَاقِف يرجع إِلَى ورثته فَإِن لم يكن لَهُ وَرَثَة وَكَانَ لَهُ نَاظر من جِهَة الْوَاقِف رَجَعَ إِلَيْهِ وَلَا يرجع إِلَى الْمَنْصُوب من جِهَة الْوَارِث فَلَو اخْتلف النَّاظر والواقف فَهَل يرجع إِلَى النَّاظر أَو الْوَاقِف فِيهِ قَولَانِ وَلَو اخْتلف النَّاظر وَالْمَوْقُوف عَلَيْهِ فَفِيهِ

ص: 306