الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجوب الْقصاص عَلَيْهِم أوجه أَصَحهَا ثَالِثهَا وَبِه قطع الْبَغَوِيّ وَشَيْخه القَاضِي حُسَيْن أَنه إِذا صدر ذَلِك عَن تواطئ مِنْهُم لَزِمَهُم الْقصاص وَإِلَّا فَلَا وَالله أعلم قَالَ
بَاب الْقصاص فِيمَا دون النَّفس
(وكل شَخْصَيْنِ جرى الْقصاص بَينهمَا فِي النَّفس يجْرِي بَينهمَا فِي الْأَطْرَاف وشرائط وجوب الْقصاص فِي الْأَطْرَاف بعد الشَّرَائِط الْمَذْكُورَة اثْنَان الِاشْتِرَاك فِي الِاسْم الْخَاص الْيُمْنَى باليمنى واليسرى باليسرى وَأَن لَا يكون بِأحد الطَّرفَيْنِ شلل)
قد علمت أَن الْقصاص هُوَ الْمُمَاثلَة وكما تعْتَبر فِي الفس كَذَلِك تعْتَبر فِي الْأَطْرَاف لِأَن الاعتداء بِهِ يُقَابل بِمثلِهِ فَمن لَا يقتل بشخص لَا يقطع طرفه بطرفه لانتقاء الْمُمَاثلَة المرعية شرعا وَإِذا تقرر هَذَا فَلَا يُقَابل طرفع بِغَيْر جنسه كَالْيَدِ بِالرجلِ وَنَحْوه وكما لَا يُقَابل الْعُضْو بِغَيْر جنسه كَذَلِك لَا يُقَابل عِنْد اخْتِلَاف الْمحل فَلَا تقطع الْيُمْنَى باليسرى وَبِالْعَكْسِ وَكَذَا بَقِيَّة الْأَعْضَاء فَلَا تُؤْخَذ الْعين الْيُمْنَى باليسرى وَبِالْعَكْسِ وَلَا السُّفْلى بالعليا من الشفتين وَبِالْعَكْسِ كَمَا لَا يُؤْخَذ خنصر بإبهام وَلَا أُنْمُلَة بِأُخْرَى لاخْتِلَاف مَحلهمَا ومنافعهما كَمَا لَا يُؤْخَذ أنف بِعَين وكما يُؤثر اخْتِلَاف الْمحل فِي منع الْقصاص لعدم الْمُمَاثلَة كَذَلِك يُؤثر تفَاوت الصِّفَات الْمُعْتَبرَة فَلَا تُؤْخَذ الْيَد الصَّحِيحَة بالشلاء وَإِن رَضِي لِأَن الشلاء مسلوبة الْمَنْفَعَة فَلَا تُؤْخَذ بهَا كَامِلَة مَا لَا تُؤْخَذ الْعين البصيرة بالعمياء بِخِلَاف الْأذن الشلاء حَيْثُ تُؤْخَذ بهَا الصَّحِيحَة على الرَّاجِح لِأَن مَنْفَعَتهَا من جمع الصَّوْت وَدفع الْهَوَام بَاقِيَة وَلِأَن الشلل موت كَمَا نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي فَلَا يقْتَصّ من حَيّ بحز رَقَبَة ميت وكما لَا تقطع الصَّحِيحَة بالشلاء كَذَلِك لَا تقطع الصَّحِيحَة بيد فِيهَا أصْبع شلاء نعم لَهُ لقط الْأَصَابِع الصَّحِيحَة وَأخذ الْأَرْش عَن الأشل وَهل تجب حُكُومَة جَمِيع الْكَفّ أَو حُكُومَة مَا قَابل الْأَصَابِع الصَّحِيحَة الَّتِي اقْتصّ مِنْهَا وَتسقط حُكُومَة الأشل الَّذِي أَخذ حكومته وَجْهَان جزم الْعِرَاقِيُّونَ بِالثَّانِي وَصحح ابْن الرّفْعَة فِي الْكِفَايَة الأول وَبِه جزم القَاضِي حُسَيْن
وَاعْلَم أَنه إِذا اتَّحد الْجِنْس وَالْمحل وَالْمَنْفَعَة فَلَا اعْتِبَار بالتفاوت فِي الصغر وَالْكبر والطول وَالْقصر وَالْقُوَّة والضعف والضخامة والنحافة كَمَا لَا يعْتَبر مماثلة النَّفس فِي هَذِه الْأُمُور وَلِهَذَا تقطع يَد الصَّانِع بالأخرق كَمَا يقتل الْعَالم بالجاهل وَالله أعلم قَالَ
(وكل عُضْو أَخذ من مفصل فَفِيهِ الْقصاص وَلَا قصاص فِي الْجراح إِلَّا فِي الْمُوَضّحَة)
لَا شكّ فِي جَرَيَان الْقصاص فِي الْجِرَاحَات فِي الْجُمْلَة قَالَ الله تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}
ثمَّ الْجراحَة تَارَة تحصل مَعهَا إبانة وَتارَة لَا تحصل فَإِن حصل مَعهَا إنابة فَتَارَة تكون الْإِبَانَة من مفصل وَتارَة لَا تكون فَإِن لم تكن من مفصل فَلَا قصاص لعدم الوثوق بالمماثلة كَمَا لَو قطع يَده من نصف الْكَفّ فَلَا قصاص فِي الْكَفّ وَله الْتِقَاط الْأَصَابِع وَله حُكُومَة نصف الْكَفّ على الْأَصَح وَلَو قطع من نصف الساعد قطع من الْكُوع وَأخذ حُكُومَة نصف الساعد فَلَو عَفا فَلهُ دِيَة الْكَفّ وحكومة نصف الساعد وَكَذَا لَا قصاص فِي كسر الْعِظَام لعدم الوثوق بالمماثلة وَإِن كَانَت الْإِبَانَة من مفصل وَجب الْقصاص بِشَرْط إِمْكَان الْمُمَاثلَة وَأمن اسْتِيفَاء الزِّيَادَة وَيحصل ذَلِك بِأَن يكون للعضو مفصل تُوضَع الْحَدِيد عَلَيْهِ ثمَّ اتِّصَال الْعُضْو بالعضو قد يكون بمجاورة مَحْضَة وَقد يكون مَعَ دُخُول عظم فِي عظم كالمرفق وَالركبَة فَمن المفاصل الأنامل والكوع وَالركبَة ومفصل الْقدَم فَإِذا وَقعت الْجِنَايَة على بَعْضهَا اقْتصّ من الْجَانِي لِإِمْكَان الْمُمَاثلَة بِلَا زِيَادَة وَمن المفاصل الْفَخْذ والمنكب فَإِن أمكن الْقصاص بِلَا إجافة اقْتصّ وَإِلَّا فَلَا سَوَاء كَانَ الْجَانِي أجاف أم لَا لِأَن الجوائف لَا تنضبط وَلِهَذَا لَا يجْرِي فِيهَا الْقصاص وَفِي وَجه شَاذ أَن الْقصاص يجْرِي إِذا كَانَ الْجَانِي أجاف وَقَالَ أهل الْخِبْرَة يُمكن أَن يقطع ويجاف مثل تِلْكَ الْجَائِفَة وَإِن كَانَت الْجراحَة لَا إبانة مَعهَا فَلَا قصاص فِي شَيْء إِمَّا قطعا وَإِمَّا على الرَّاجِح إِلَّا فِي الْمُوَضّحَة سَوَاء كَانَت فِي الرَّأْس أَو الْوَجْه أَو الصَّدْر أَو غَيرهَا كالساعد والأنامل وَسميت بذلك لِأَنَّهَا أوضحت الْعظم وَوَجَب الْقصاص فِيهَا لِإِمْكَان الْمُمَاثلَة بالمساحة فتذرع مُوضحَة المشجوج بخشبة أَو بخيط ويحلق ذَلِك الْموضع من رَأس الشاج إِن كَانَ عَلَيْهِ شعر ويخط عَلَيْهِ بسواد أَو حمرَة ويضبط الشاج حَتَّى لَا يضطرب ويوضح بحديدة حادة كالموسى وَلَا يُوضح بِالسَّيْفِ وَإِن كَانَ أوضح بِهِ لِأَنَّهُ لاتؤمن مَعَه الزِّيَادَة وَكَذَا لَو أوضحه بِحجر أَو دبوس أَو عَصا بل يقْتَصّ مِنْهُ بالحديد كَذَا ذكره الْقفال وَغَيره وَتردد فِيهِ الرَّوْيَانِيّ ثمَّ يفعل مَا هُوَ أسهل عَلَيْهِ من الشق دفْعَة وَاحِدَة أَو شَيْئا فَشَيْئًا وَلَا عِبْرَة بتفاوت الْجلد فِي الغلظ وَاللَّحم بَين الْجَانِي والمجني عَلَيْهِ كَمَا لَا عِبْرَة بالضخامة والنحافة فِي قصاص النَّفس والطرف وَالله أعلم وَقَوله وَلَا قصاص إِلَّا فِي الْمُوَضّحَة هَذَا اسْتَثْنَاهُ من الشجاج والمنقلة وَهِي تِسْعَة غير الْمُوَضّحَة فَمِنْهَا الخارصة وَهِي الَّتِي تشق الْجلد قَلِيلا نَحْو الخدش وفيهَا الْحُكُومَة وَلَا يبلغ بهَا أرش الْمُوَضّحَة
الثَّانِيَة الدامية وَهِي الَّتِي يدمي موضعهَا من الشق والخدش وَلَا يقطر مِنْهَا دم كَذَا نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَأهل اللُّغَة وَقَالَ أهل اللُّغَة إِن سَالَ مِنْهَا دم فَهِيَ الدامعة بِالْعينِ الْمُهْملَة وفيهَا حُكُومَة أَيْضا
الثَّالِثَة الباضعة وَهِي الَّتِي تقطع اللَّحْم بعد الْجلد وفيهَا حُكُومَة أَيْضا