الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمواج فَلَا يجب الْحَج وَإِن غلبت السَّلامَة وَجب وَإِن اسْتَويَا فخلاف الْأَصَح فِي زِيَادَة الرَّوْضَة وَشرح الْمُهَذّب عدم الْوُجُوب بل يحرم
وَاعْلَم أَنه كَمَا يشْتَرط لوُجُوب الْحَج الزَّاد يشْتَرط وجود المَاء فِي الْمَوَاضِع الَّتِي اطردت الْعَادة بِوُجُودِهِ فِيهَا فَلَو كَانَت سنة جَدب وخلا بعض تِلْكَ الْمنَازل من المَاء لم يجب الْحَج وَمِنْهَا إِمْكَان الْمسير وَهُوَ أَن يبْقى من الزَّمَان عِنْد وجود الزَّاد وَالرَّاحِلَة مَا يُمكن السّير فِيهِ إِلَى الْحَج وَالْمرَاد السّير الْمَعْهُود وَإِن قدر إِلَّا أَنه يحْتَاج إِلَى قطع مرحلَتَيْنِ فِي بعض الْأَيَّام لم يلْزمه الْحَج لوُجُود الضَّرَر وَالله أعلم قَالَ
بَاب أَرْكَان الْحَج
(وأركان الْحَج خَمْسَة الاحرام وَالنِّيَّة وَالْوُقُوف بِعَرَفَة)
لما ذكر الشَّيْخ شُرُوط وجوب الْحَج شرع فِي ذكر أَرْكَانه فَمِنْهَا الْإِحْرَام وَهُوَ عبارَة عَن نِيَّة الدُّخُول فِي حج أَو عمْرَة قَالَه النَّوَوِيّ وَزَاد ابْن الرّفْعَة أَو فِيمَا يصلح لَهما أَو لأَحَدهمَا وَهُوَ الْإِحْرَام الْمُطلق وَسمي إحراماً لِأَنَّهُ يمْنَع من الْمُحرمَات وَسَيَأْتِي ذكرهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَحجَّة وُجُوبه قَوْله صلى الله عليه وسلم
(إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ) وَهُوَ مبدأ الدُّخُول فِي النّسك والنسك الْعِبَادَة وكل عبَادَة لَهَا إِحْرَام وتحلل فالإحرام ركن فِيهَا كَالصَّلَاةِ وَهُوَ مجمع عَلَيْهِ
وَاعْلَم أَن الْإِحْرَام لَهُ ثَلَاثَة وُجُوه الْإِفْرَاد والتمتع وَالْقرَان وَلَا خلاف فِي جَوَاز كل وَاحِد مِنْهُمَا لَكِن مَا الْأَفْضَل فِيهِ خلاف الْمَذْهَب الَّذِي نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي فِي عَامَّة كتبه أَن الْإِفْرَاد أفضل ويليه التَّمَتُّع ثمَّ الْقرَان وَصُورَة الْإِفْرَاد أَن يحرم بِالْحَجِّ وَحده ويفرغ مِنْهُ ثمَّ يحرم بِالْعُمْرَةِ ثمَّ شَرط كَون الْإِفْرَاد أفضل مِنْهُمَا أَن يعْتَمر فِي تِلْكَ السّنة فَلَو أخر الْعمرَة عَن سنته فَكل من التَّمَتُّع وَالْقرَان أفضل من الْإِفْرَاد لِأَن تَأْخِير الْعمرَة عَن سنة الْحَج مَكْرُوه وَصُورَة التَّمَتُّع أَن يحرم بِالْعُمْرَةِ من مِيقَات بَلَده ويفرغ مِنْهَا ثمَّ يحرم بِالْحَجِّ من مَكَّة وَهَذِه الْكَيْفِيَّة مجمع عَلَيْهَا قَالَه ابْن الْمُنْذر وَسمي مُتَمَتِّعا لِأَنَّهُ يتمتع بَين الْحَج وَالْعمْرَة بِمَا كَانَ محرما عَلَيْهِ وَصُورَة الْقرَان الْأَصْلِيَّة أَن يحرم بِالْحَجِّ وَالْعمْرَة مَعًا فتندرج أَعمال الْعمرَة فِي أَعمال الْحَج ويتحد الْمِيقَات وَالْفِعْل وَالْإِجْمَاع مُنْعَقد على صِحَة الْإِحْرَام بهما وَلَو أحرم بِالْعُمْرَةِ فِي أشهر الْحَج ثمَّ أَدخل الْحَج عَلَيْهَا فِي أشهره فَإِن لم يكن شرع فِي طواف الْعمرَة صَحَّ وَصَارَ قَارنا وَإِلَّا لم يَصح إِدْخَاله
عَلَيْهَا لِأَنَّهُ بِالشُّرُوعِ فِي الطّواف شرع فِي أَسبَاب التَّحَلُّل وَقيل غير ذَلِك وَلَو عكس فَأحْرم بِالْحَجِّ ثمَّ أَرَادَ ادخال الْعمرَة فَقَوْلَانِ الْجَدِيد أَن لَا يَصح وَقَول الشَّيْخ وَالنِّيَّة يَقْتَضِي أَن النِّيَّة غير الْإِحْرَام وَهُوَ مَمْنُوع لما قد عرفت وَمِنْهَا أَي من أَرْكَان الْحَج الْوُقُوف بِعَرَفَة لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَمر منادياً يُنَادي
(الْحَج عَرَفَة) وَمعنى الْحَج عَرَفَة أَي مُعظم أَرْكَانه كَمَا تَقول مُعظم الرَّكْعَة الرُّكُوع وَيحصل الْوُقُوف بِحُضُور بِجُزْء من عَرَفَات وَلَو كَانَ ماراً فِي طلب آبق أَو ضَالَّة أَو غير ذَلِك وَلَو حضر عَرَفَة وَهُوَ نَائِم حَتَّى لَو دخل عَرَفَات قبل الْوُقُوف ونام حَتَّى خرج الْوَقْت أَجزَأَهُ على الصَّحِيح لبَقَاء التَّكْلِيف عَلَيْهِ بِخِلَاف الْمَجْنُون وَلَو حضر وَهُوَ مغمى عَلَيْهِ قَالَ فِي أصل الرَّوْضَة أَجزَأَهُ وَهُوَ سَهْو فَإِن الرَّافِعِيّ صحّح عدم الاجزاء فِي الشرحين كالمحرر ثمَّ إِن النَّوَوِيّ قَالَ فِي زِيَادَته قلت الْأَصَح عِنْد الْجُمْهُور أَنه لَا يَصح وقُوف الْمغمى عَلَيْهِ
وَالْحَاصِل أَن شَرط إِجْزَاء الْوُقُوف أَن يكون الْوَاقِف أَهلا لِلْعِبَادَةِ ثمَّ فِي أَي مَوضِع وقف مِنْهَا جَازَ لِأَن الْكل عَرَفَة وَوقت الْوُقُوف من زَوَال الشَّمْس يَوْم عَرَفَة إِلَى طُلُوع الْفجْر وَلَا يشْتَرط الْجمع بَين اللَّيْل وَالنَّهَار حَتَّى لَو أَفَاضَ قبل الْغُرُوب صَحَّ وُقُوفه وَلَا يلْزمه الدَّم على الصَّحِيح وَقيل يجب فعلى هَذَا لَو عَاد لَيْلًا سقط وَلَو اقْتصر على الْوُقُوف لَيْلًا صَحَّ حجه على الْمَذْهَب الَّذِي قطع بِهِ الْجُمْهُور وَالله أعلم قَالَ
(وَالطّواف بِالْبَيْتِ وَالسَّعْي بَين الصَّفَا والمروة)
من أَرْكَان الْحَج الطّواف بِالْبَيْتِ أَي طواف الْإِفَاضَة للْإِجْمَاع على أَنه المُرَاد فِي قَوْله تَعَالَى {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} وَلِحَدِيث حيض صَفِيَّة قَالَ القَاضِي وَلَيْسَ بَين الْمُسلمين خلاف فِي وُجُوبه ثمَّ للطَّواف وَاجِبَات لَا بُد مِنْهَا مِنْهَا الطَّهَارَة عَن الْحَدث وَالنَّجس فِي الْبدن وَالثيَاب
وَالْمَكَان فَلَو أحدث فِي أثْنَاء طَوَافه لزمَه الْوضُوء وَيَبْنِي على الصَّحِيح وَقيل يجب الِاسْتِئْنَاف وَمِنْهَا التَّرْتِيب بِأَن يبتدىء من الْحجر الْأسود وَأَن يَجْعَل الْبَيْت عَن يسَاره وَيَنْبَغِي أَن يمر فِي الِابْتِدَاء بِجَمِيعِ بدنه على جَمِيع الْحجر الْأسود بِحَيْثُ يصير جَمِيع الْحجر الْأسود عَن يَمِينه ثمَّ يَنْوِي حِينَئِذٍ الطّواف وَنِيَّة الطّواف غير وَاجِبَة على الصَّحِيح لشمُول الْحَج لَهَا فَلَو حَاذَى الْحجر بِبَعْض بدنه وَكَانَ بعضه مجاوزاً إِلَى جَانب الْبَاب فالجديد أَنه لَا يعْتد بِتِلْكَ الطوفة وَمِنْهَا أَن يكون خَارِجا بِجَمِيعِ بدنه عَن جَمِيع الْبَيْت حَتَّى لَو مَشى على شاذروان الْكَعْبَة لم يَصح طَوَافه لِأَنَّهُ جُزْء من الْبَيْت وَكَذَا لَو طَاف وَكَانَت يَده تحاذي الشاذروان لم يَصح وَهِي دقيقة قل من ينتبه لَهَا فاعرفها وَعرفهَا وَأما الْحجر بِكَسْر الْحَاء فَهَل يشْتَرط أَن يطوف بِهِ أَو الشَّرْط أَن يتْرك مِنْهُ قدر سَبْعَة أَذْرع فِيهِ خلاف قَالَ الرَّافِعِيّ يَصح وَقَالَ النَّوَوِيّ الْأَصَح أَنه لَا يَصح الطّواف فِي شَيْء من الْحجر وَهُوَ ظَاهر النُّصُوص وَبِه قطع مُعظم الْأَصْحَاب تَصْرِيحًا وتلويحاً وَدَلِيله أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم طَاف خَارج الْحجر وَالله أعلم
وَمِنْهَا أَن يَقع الطّواف فِي الْمَسْجِد وَلَا يضر الْحَائِل بَين الطَّائِف وَالْبَيْت كالسقاية حَتَّى لَو طَاف فِي الأورقة جَازَ وَمِنْهَا الْعدَد وَهُوَ أَن يطوف سبعا وَلَا تجب الْمُوَالَاة بَين الطوفات على الصَّحِيح وَقيل تجب فَيبْطل التَّفْرِيق الْكثير بِلَا عذر وعَلى الصَّحِيح لَا يضر وَيَبْنِي على طَوَافه وَالله أعلم
وَمن أَرْكَان الْحَج السَّعْي لفعله عليه الصلاة والسلام وَلقَوْله عليه الصلاة والسلام وَهُوَ يسْعَى
(اسعو فَإِن الله تَعَالَى كتب عَلَيْكُم السَّعْي) وَلِأَنَّهُ نسك يفعل فِي الْحَج وَالْعمْرَة فَكَانَ ركنا كالطواف وَيشْتَرط وُقُوعه بعد طواف صَحِيح سَوَاء كَانَ طواف الافاضة أَو طواف الْقدوم فَلَو سعى بعد طواف الْقدوم أَجزَأَهُ وَلَا يسْتَحبّ لَهُ أَن يسْعَى بعد طواف الافاضة بل قَالَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد يكره وَيشْتَرط التَّرْتِيب بِأَن يبْدَأ بالصفا فَإِذا وصل إِلَى الْمَرْوَة فَهِيَ مرّة وَيشْتَرط فِي الثَّانِيَة أَن يبْدَأ بالمروة فَإِذا وصل إِلَى الصَّفَا فَهِيَ مرّة ثَانِيَة وَيجب أَن يسْعَى بَين الصَّفَا والمروة سبعا لفعله عليه الصلاة والسلام وَلَا يشْتَرط فِيهِ الطَّهَارَة وَلَا ستر الْعَوْرَة وَلَا سَائِر شُرُوط الصَّلَاة وَيجوز رَاكِبًا وَالْأَفْضَل الْمَشْي لَو شكّ هَل سعى سبعا أَو سِتا أَخذ بِالْأَقَلِّ كالطواف ثمَّ السَّعْي لَا يجْبر بِدَم كَبَقِيَّة الْأَركان وَلَا يتَحَلَّل بِدُونِهِ كَمَا فِي بَقِيَّة الْأَركان وَالله أعلم
وَقد أهمل الشَّيْخ رَحمَه الله تَعَالَى الْحلق أَو التَّقْصِير وَهُوَ ركن على الْمَذْهَب وَادّعى الإِمَام