الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثلم يسيرَة تقع فِي الجدران وَوضع شوك على الْحِيطَان وَجْهَان الْأَصَح اتِّبَاع الْعرف وكما تجب هَذِه الْأُمُور على الْمَالِك كَذَلِك تجب عَلَيْهِ الْآلَات الَّتِي يتوفر بهَا الْعَمَل كالفأس والمعول والمنجل والمسحاة وَكَذَا الثور الَّذِي يُدِير الدولاب وَالصَّحِيح أَنه على الْمَالِك وخراج الأَرْض على الْمَالِك بِلَا خلاف وَكَذَا يجب على الْمَالِك كل عين تلفت فِي الْعَمَل قَالَ فِي الرَّوْضَة قطعا والدولاب يجوز فتح داله وَضمّهَا وَالله أعلم قَالَ
بَاب الْإِجَارَة
فصل فِي الْإِجَارَة وكل مَا أمكن الِانْتِفَاع بِهِ مَعَ بَقَاء عينه صحت إِجَارَته إِذا قدرت منفعَته بِأحد أَمريْن مُدَّة أَو عمل
الْقيَاس عدم صِحَة الْإِجَارَة لِأَن الْإِجَارَة مَوْضُوعَة للمنافع وَهِي مَعْدُومَة وَالْعقد على الْمَعْدُوم غرر لَكِن الْحَاجة الماسة دَاعِيَة إِلَى ذَلِك بل الضَّرُورَة المحققة دَاعِيَة إِلَى الْإِجَارَة فَإِنَّهُ لَيْسَ لكل أحد مسكن وَلَا مركوب وَلَا خَادِم وَلَا آلَة يحْتَاج إِلَيْهَا فجوزت لذَلِك كَمَا جوز السّلم وَغَيره من عُقُود الْغرَر وَقد أَجمعت الصَّحَابَة والتابعون على جَوَازهَا وَقبل الْإِجْمَاع جَاءَ بهَا الْقُرْآن وَالسّنة المطهرة قَالَ الله تَعَالَى {فَإِن أرضعن لكم فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ} ورد أَنه عليه الصلاة والسلام قَالَ
(ثَلَاثَة أَنا خصمهم يَوْم الْقِيَامَة رجل أعْطى بِي ثمَّ غدر وَرجل بَاعَ حرا فَأكل ثمنه وَرجل اسْتَأْجر أَجِيرا فاستوفى مِنْهُ وَلم يُعْطه أجره) وروى أَنه عليه الصلاة والسلام قَالَ
(أعْطوا الْأَجِير أجره قبل أَن يجِف عرقه)
وحد عقد الْإِجَارَة عقد على مَنْفَعَة مَقْصُودَة مَعْلُومَة قَابِلَة للبدل وَالْإِبَاحَة بعوض مَعْلُوم وَفِيه قيود فاحترزنا بِالْمَنْفَعَةِ عَن الْإِجَارَة المعقودة على مَا يتَضَمَّن إِتْلَاف عين فَمن ذَلِك اسْتِئْجَار الْبُسْتَان للثمار وَالشَّاة للبنها وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا وَكَذَا لصوفها ولولدها فَهَذِهِ الاجارة بَاطِلَة نعم قد تقع الْعين تبعا كَمَا إِذا اسْتَأْجر امْرَأَة للرضاع فَإِنَّهُ جَائِز وَالْقِيَاس فِيهِ الْبطلَان إِلَّا أَن النَّص ورد فِيهِ فَلَا معدل عَنهُ ثمَّ هَل للمعقود عَلَيْهِ الْقيام بأَمْره من وضع الصَّبِي فِي حجرها وتلقيمه الثدي وعصره بِقدر الْحَاجة أم تنَاول هَذِه الاشياء مَعَ اللَّبن وَجْهَان أصَحهمَا أَن الْمَعْقُود عَلَيْهِ الْفِعْل وَاللَّبن
يسْتَحق تبعا قَالَ الله تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} علق الْأُجْرَة بِفعل الْإِرْضَاع لَا بِاللَّبنِ وَهَذَا كَمَا إِذا اسْتَأْجر دَارا وفيهَا بِئْر مَاء يجوز الشّرْب مِنْهَا تبعا لَو اسْتَأْجر للارضاع وَنفى الْحَضَانَة فَهَل يجوز وَجْهَان أَحدهمَا لَا كَمَا إِذا اسْتَأْجر شَاة لارضاع سخلة لِأَنَّهُ عقد على اسْتِيفَاء عين وأصحهما الصِّحَّة كَمَا يجوز الاستجئار لمُجَرّد الْحَضَانَة وَكَذَا لَا يجوز اسْتِئْجَار الْفَحْل للنزوان على الاناث للنَّهْي عَن ذَلِك وَقد نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن عسب الْفَحْل وَفِي مُسلم عَن بيع ضراب الْفَحْل وروى عَن الشَّافِعِي عَن ثمن عسب الْفَحْل وَالله أعلم وَقَوْلنَا مَقْصُودَة احْتِرَاز عَن مَنْفَعَة تافهة كاستئجار تفاحة وَنَحْوهَا للشم نعم إِذا كثر التفاح قَالَ الرَّافِعِيّ فَالْوَجْه الصِّحَّة كاستئجار الرياحين للشم وَمن الْمَنَافِع التافهة اسْتِئْجَار الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير فَإِن أطلق العقد فَبَاطِل وَإِن صرح باستئجارها للتزيين فَالْأَصَحّ الْبطلَان أَيْضا وَكَذَا لَا يجوز اسْتِئْجَار الطَّعَام لتزيين الحوانيت على الْمَذْهَب وَالله أعلم وَقَوْلنَا مَعْلُومَة احْتِرَاز عَن الْمَنْفَعَة المجهولة فَإِنَّهَا لَا تصح للغرر فَلَا بُد من الْعلم بِالْمَنْفَعَةِ قدرا ووصفاً وَقَوْلنَا قَابِلَة للبذل وَالْإِبَاحَة فِيهِ احْتِرَاز عَن اسْتِئْجَار آلَات اللَّهْو كالطنبور والمزمار والرباب وَنَحْوهَا فَإِن استئجارها حرَام وَيحرم بذل الْأُجْرَة فِي مقابلتها وَيحرم أَخذ الْأُجْرَة لِأَنَّهُ من قبيل أكل أَمْوَال النَّاس بِالْبَاطِلِ وَكَذَا لَا يجوز اسْتِئْجَار المغاني وَلَا اسْتِئْجَار شخص لحمل خمر وَنَحْوه وَلَا لجبي المكوس والرشا وَجَمِيع الْمُحرمَات عَافَانَا الله تَعَالَى مِنْهَا
وَقَوْلنَا بعوض مَعْلُوم احترزنا بِهِ عَن الْأُجْرَة المجهولة فَإِنَّهُ لَا يَصح جعلهَا أُجْرَة فَإِنَّهَا ثمن الْمَنْفَعَة وَشرط الثّمن أَن يكون مَعْلُوما وَلِأَن الْجَهْل بِهِ غرر إِذا عرفت هَذَا فَكل عين وجد فِي مَنْفَعَتهَا شُرُوط الصِّحَّة صَحَّ استئجارها كاستئجار الدَّار للسُّكْنَى وَالدَّوَاب للرُّكُوب والرحل لِلْحَجِّ وللبيع وَالشِّرَاء وَالْأَرْض للزَّرْع وَشبهه وَيشْتَرط فِي الْعين الْمُسْتَأْجرَة الْقُدْرَة على تَسْلِيمهَا فَلَا يجوز إِيجَار عبد آبق وَلَا دَابَّة شاردة ومغصوب لَا يقدر على انْتِزَاعه وَكَذَا لَا يجوز اسْتِئْجَار أعمى للْحِفْظ لِأَنَّهُ يعجز عَن تَسْلِيم منفعَته كَمَا لَا يجوز اسْتِئْجَار دَابَّة زمنة للرُّكُوب وَالْحمل وَأَرْض لَا مَاء لَهَا وَلَا يكفيها الْمَطَر ونداوة الأَرْض وَمَا أشبه ذَلِك لِأَن الْأُجْرَة فِي مُقَابلَة الْمَنْفَعَة وَهِي مَعْدُومَة فَلَا يَصح إيجارها كَمَا لَا يَصح بيع الْعين المعدومة أَو الَّتِي لَا مَنْفَعَة فِيهَا وَقَول الشَّيْخ إِذا قدرت منفعَته أَي الْمُسْتَأْجرَة بِفَتْح الْجِيم بِمدَّة أَو عمل إِشَارَة إِلَى قَاعِدَة وَهِي أَن الْمَنْفَعَة المقعود عَلَيْهَا إِن كَانَت لَا تنقدر إِلَّا بِالزَّمَانِ فَالشَّرْط فِي صِحَة الْإِجَارَة فِيهَا أَن تقدر بِمدَّة وَذَلِكَ كَالْإِجَارَةِ للسُّكْنَى وَالرّضَاع وَنَحْو ذَلِك لتعينه طَرِيقا لِأَن تعْيين ذَلِك قد يعسر كالرضاع وَقد يتَعَذَّر وَإِن كَانَت لَا تتقدر إِلَّا بِالْعَمَلِ قدرت بِهِ وَإِن ورد العقد فِيهِ على الذِّمَّة كالركوب وَالْحج وَنَحْو ذَلِك وَإِن كَانَ يتَقَدَّر بالمدة وَالْعَمَل كالخياطة وَالْبناء قدر
بِأَحَدِهِمَا قَوْله استأجرتك لتخيط هَذَا الثَّوْب أَو قَالَ استأجرتك لتخيط لي يَوْمًا وَنَحْوه من الْأَعْمَال فَإِن قدر بهما لم تصح على الرَّاجِح بِأَن قَالَ لتخيط هَذَا الثَّوْب فِي هَذَا الْيَوْم لِأَنَّهُ إِن فرغ فِي بعض الْيَوْم فَإِن طَالبه بِالْعَمَلِ فِي بَقِيَّة الْيَوْم فقد أخل بِشَرْط الْعَمَل وَإِلَّا أخل بِشَرْط الْمدَّة وَالله أعلم قَالَ
(وإطلاقها يَقْتَضِي تَعْجِيل الْأُجْرَة إِلَّا أَن يشْتَرط التَّأْجِيل)
تجب الْأُجْرَة بِنَفس العقد كَمَا يملك الْمُسْتَأْجر بِالْعقدِ الْمَنْفَعَة وَلِأَن الْإِجَارَة عقد لَو شَرط فِي عوضه التَّعْجِيل أَو التَّأْجِيل اتبع فَكَانَ مطلقه حَالا كَالثّمنِ فِي البيع نعم إِن شَرط فِيهِ التَّأْجِيل اتبع لِأَن الْمُؤمنِينَ عِنْد شروطهم فَإِذا حل الْأَجَل وَجَبت الْأُجْرَة كَالثّمنِ فِي البيع وَهَذَا فِي إِجَارَة الْعين كَقَوْلِه اسْتَأْجَرت مِنْك هَذِه الدَّابَّة وَنَحْو ذَلِك أما فِي إِجَارَة الذِّمَّة فَإِن عقد بِلَفْظ السّلم فَيشْتَرط قبض رَأس المَال فِي الْمجْلس وَكَذَا إِن عقد بِلَفْظ الْإِجَارَة على الْأَصَح نظرا إِلَى الْمَعْنى فَيشْتَرط أَن تكون الْأُجْرَة حَالَة فِي إِجَارَة الذِّمَّة وَلَا يجوز تأجيلها لِئَلَّا يلْزم بيع الكالئ بالكالئ وَهُوَ بيع الدّين بِالدّينِ وَقد نهى عَنهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالله أعلم قَالَ
(وَلَا تبطل الْإِجَارَة بِمَوْت أحد الْمُتَعَاقدين وَتبطل بِتَلف الْعين الْمُسْتَأْجرَة)
إِذا مَاتَ أحد المستأجرين وَالْعين الْمُسْتَأْجرَة بَاقِيَة لم يبطل العقد لِأَن الْإِجَارَة عقد مُعَاوضَة على شَيْء يقبل النَّقْل وَلَيْسَ لأحد الْمُتَعَاقدين فَسخه بِلَا عذر فَلَا تبطل بِمَوْت أحد الْمُتَعَاقدين كَالْبيع فَإِذا مَاتَ الْمُسْتَأْجر قَامَ وَارثه مقَامه فِي اسْتِيفَاء الْمَعْقُود عَلَيْهِ وَإِن مَاتَ الْمُؤَجّر ترك الْمَأْجُور فِي يَد الْمُسْتَأْجر إِلَى إنقضاء الْمدَّة وَالله أعلم وَلَو تلفت الْعين الْمُسْتَأْجرَة بِأَن كَانَت دَابَّة فَمَاتَتْ أَو كَانَت أَرضًا فغرقت أَو ثوبا فَاحْتَرَقَ نظر إِن كَانَ ذَلِك قبل الْقَبْض أَو بعده وَلم تمض مُدَّة لمثلهَا أُجْرَة انْفَسَخت الْإِجَارَة وَإِن تلفت بعد الْقَبْض وَبعد مُضِيّ مُدَّة لمثلهَا أُجْرَة انْفَسَخت الْإِجَارَة فِي الْمُسْتَقْبل لفَوَات المعقد عَلَيْهِ وَفِي الْمَاضِي خلاف وَالأَصَح أَنه لَا يَنْفَسِخ لاستقراره بِالْقَبْضِ وَهَذَا كُله فِي إِجَارَة الْعين كَقَوْلِه اسْتَأْجَرت مِنْك هَذِه الدَّابَّة أما إِذا وَقعت الْإِجَارَة على الذِّمَّة كَمَا إِذا قَالَ ألزمت ذِمَّتك حمل كَذَا إِلَى مَوضِع كَذَا فسلمه دَابَّة ليستوفي مِنْهَا حَقّهَا فَهَلَكت لم تَنْفَسِخ الْإِجَارَة بل يُطَالب الْمُؤَجّر بإبدالها لِأَن الْمَعْقُود عَلَيْهِ بَاقٍ فِي الذِّمَّة بِخِلَاف إِجَارَة الْعين فَإِن الْمَعْقُود عَلَيْهِ نَفسه قد فَاتَ بِفَوَات الْعين الْمُسْتَوْفى مِنْهَا
وَاعْلَم أَن الْعين الْمسلمَة عَن هَذِه الْإِجَارَة وَإِن لم يَنْفَسِخ العقد بتلفها فَإِن للْمُسْتَأْجر اختصاصاً بهَا حَتَّى يجوز لَهُ إِجَارَة الْعين وَلَو أَرَادَ الْمُؤَجّر ابدالها دون رضى الْمُسْتَأْجر لَا يُمكن على الْأَصَح وَالله أعلم