الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويستدبرها أُخْرَى لَيْسَ لَهُ ترك الِاسْتِقْبَال فِي شَيْء من نافلته
(فرع) رَاكب السَّفِينَة لَا يجوز لَهُ التَّنَفُّل فِيهَا إِلَى غير الْقبْلَة لتمكنه من ذَلِك نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي كالراكب فِي المحفة وَهل يسْتَثْنى الملاح ويتنفل حَيْثُ توجه لِحَاجَتِهِ إِلَى ذَلِك رجح الرَّافِعِيّ عدم استثنائه صرح بذلك فِي الشَّرْح الصَّغِير وَقَالَ لَا فرق بَينه وَبَين غَيره وَرجح النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ يسْتَثْنى قَالَ وَلَا بُد من استثنائه لِحَاجَتِهِ لأمر السَّفِينَة وَالله أعلم قَالَ
بَاب أَرْكَان الصَّلَاة
(فصل وأركان الصَّلَاة ثَمَانِيَة عشر ركنا النِّيَّة)
قد علمت أَن الصَّلَاة الشَّرْعِيَّة تشْتَمل على أَرْكَان وأبعاض وهيئات فَمن الْأَركان النِّيَّة لِأَنَّهَا وَاجِبَة فِي بعض الصَّلَاة يَعْنِي ذكرا وَهُوَ أَولهَا فَكَانَت ركنا كالتكبيرة وَالرُّكُوع وَغَيرهمَا وَمِنْهُم من عدهَا شرطا قَالَ الْغَزالِيّ هِيَ بِالشّرطِ أشبه وَوَجهه أَنه يعْتَبر دوامها حكما إِلَى آخر الصَّلَاة فَأَشْبَهت الْوضُوء والاستقبال وَهُوَ قوي
ثمَّ النِّيَّة الْقَصْد فَلَا بُد من قصد أُمُور
أَحدهَا قصد فعل الصَّلَاة لتمتاز عَن سَائِر الْأَفْعَال
وَالثَّانِي تعين الصَّلَاة المأتي بهَا من كَونهَا ظهرا أَو عصرا أَو جُمُعَة وَهَذَانِ لَا بُد مِنْهُمَا بِلَا خلاف فَلَو نوى فرض الْوَقْت بدل الظّهْر أَو الْعَصْر لم تصح على الْأَصَح لِأَن الْفَائِتَة تشاركها فِي كَونهَا فَرِيضَة الْوَقْت
الثَّالِث أَن يَنْوِي الْفَرِيضَة على الْأَصَح عِنْد الْأَكْثَرين سَوَاء كَانَ الناوي بَالغا أَو صَبيا وَسَوَاء كَانَت الصَّلَاة قَضَاء أَو أَدَاء وَفِي شرح الْمُهَذّب أَن الصَّوَاب فِي الصَّبِي أَنه لَا يَنْوِي الْفَرْض وَفِي اشْتِرَاط الْإِضَافَة إِلَى الله تَعَالَى بِأَن يَقُول لله وَجْهَان الْأَصَح أَنه لَا يشْتَرط
الرَّابِع هَل لَا يشْتَرط تَمْيِيز الْأَدَاء من الْقَضَاء وَجْهَان أصَحهمَا فِي الرَّافِعِيّ لَا يشْتَرط لِأَنَّهُمَا بِمَعْنى وَاحِد ولهذذا يُقَال أدّيت الدّين وقضيت الدّين وَالَّذِي قَالَ النَّوَوِيّ إِن هَذَا فِيمَن جهل خُرُوج الْوَقْت لغيم وَنَحْوه قَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب صرح الْأَصْحَاب بِأَنَّهُ إِذا نوى الْأَدَاء فِي وَقت الْقَضَاء أَو عَكسه لم تصح قطعا وَالله أعلم وَلَا يشْتَرط التَّعَرُّض لعدد الرَّكْعَات وَلَا للاستقبال على الصَّحِيح نعم لَو نوى الظّهْر خمْسا أَو ثَلَاثًا لم تَنْعَقِد
وَاعْلَم أَن النِّيَّة فِي جَمِيع الْعِبَادَات مُعْتَبرَة بِالْقَلْبِ فَلَا يَكْفِي نطق للسان مَعَ غَفلَة الْقلب نعم
لَا يضر مُخَالفَة اللِّسَان من قصد بِقَلْبِه الظّهْر وَجرى على لِسَانه الْعَصْر فَإِنَّهَا تَنْعَقِد ظَهره وَاعْلَم أَن شَرط النِّيَّة الْجَزْم ودوامه فَلَو نوى فِي أثْنَاء الصَّلَاة الْخُرُوج مِنْهَا بطلت وَكَذَا لَو تردد فِي أَن يخرج أَو يسْتَمر بطلت وَلَو علق الْخُرُوج مِنْهَا على شَيْء فَإِن قَالَ إِن عيط لي فلَان أَو دق الْبَاب خرجت مِنْهَا بطلت فِي الْحَال على الرَّاجِح كَمَا لَو دخل فِي الصَّلَاة على ذَلِك فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِد بِلَا خلاف لفَوَات الْجَزْم كَمَا لَو علق الْخُرُوج من الاسلام فَإِنَّهُ يكفر فِي الْحَال بِلَا خلاف وَلَو شكّ فِي صلَاته هَل أَتَى بِكَمَال النِّيَّة أَو تَركهَا أَو ترك بعض شُرُوطهَا نظر إِن تذكر أَنه أَتَى بكمالها قبل أَن يَأْتِي بِشَيْء على الشَّك وَقصر الزَّمَان لم تبطل صلَاته لِأَن عرُوض الشَّك وزواله كثير فيعفى عَنهُ وَإِن طَال الزَّمَان فَالْأَصَحّ الْبطلَان لانْقِطَاع نظم الصَّلَاة وندور مثل ذَلِك وَإِن تذكر بعد مَا أَتَى على الشَّك بِرُكْن فعلي كالركوع وَالسُّجُود بطلت وَإِن أَتَى بِقَوْلِي كالقراءة وَالتَّشَهُّد بطلت أَيْضا على الْأَصَح الْمَنْصُوص الَّذِي قطع بِهِ الْجُمْهُور قَالَ النَّوَوِيّ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَلَو شكّ هَل نوى ظهرا أَو عصراً لم يجزه عَن وَاحِدَة مِنْهُمَا فَإِن تيقنهما فعلى التَّفْصِيل الْمَذْكُور وَالله أعلم
وَاعْلَم أَنه يشْتَرط أَن تقارن النِّيَّة لتكبيرة الاحرام يَعْنِي ذكرا وَمَا معنى الْمُقَارنَة فِيهِ أوجه أَصَحهَا فِي الرَّوْضَة هُنَا أَنه يجب ذكرهَا من أول التَّكْبِيرَة إِلَى فراغها
وَالثَّانِي أَن الْوَاجِب استحضارها لأوّل التَّكْبِيرَة فَقَط قَالَ الرَّافِعِيّ فِي كتاب الطَّلَاق وَهُوَ الْأَظْهر
وَالثَّالِث تَكْفِي الْمُقَارنَة الْعُرْفِيَّة عِنْد الْعَوام بِحَيْثُ يعد مستحضراً للصَّلَاة وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ الامام وَالْغَزالِيّ وَالنَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب وَالله أعلم قَالَ
(وَالْقِيَام مَعَ الْقُدْرَة)
اعْلَم أَن الْقيام أَو مَا يقوم مقَامه عِنْد الْعَجز كالقعود والاضطجاع ركن فِي صَلَاة الْفَرْض لما روى عمرَان بن حُصَيْن رضي الله عنه قَالَ
(كَانَت بِي بواسير فَسَأَلت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الصَّلَاة فَقَالَ صل قَائِما فَإِن لم تستطع فقاعداً فَإِن لم تستطع فعلى جنب) وَزَاد النَّسَائِيّ
(فَإِن لم تستطع فمستلقياً لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا) وَيشْتَرط فِي الْقيام الانتصاب فَلَو انحنى متخشعاً وَكَانَ قَرِيبا إِلَى حد الرُّكُوع لم تصح صلَاته وَلَو لم يقدر على الْقيام إِلَّا بِمعين ثمَّ لَا يتَأَذَّى بِالْقيامِ لزمَه أَن يَسْتَعِين بِمن يقيمه فَإِن لم يجد مُتَبَرعا لزمَه أَن يستأجره بأجره الْمثل إِن وجدهَا وَلَو قدر
على الْقيام دون الرُّكُوع وَالسُّجُود لعِلَّة بظهره لزم ذَلِك لقدرته على الْقيام وَلَو احْتَاجَ فِي الْقيام إِلَى شَيْء يعْتَمد عَلَيْهِ لزمَه وَلَو كَانَ قَادِرًا على الْقيام واستند إِلَى شَيْء بِحَيْثُ لَو انحنى سقط صحت صلَاته مَعَ الْكَرَاهَة وَمن عجز عَن الانتصاب وَصَارَ فِي حد الراكعين كمن تقوس ظَهره لكبر أَو زمانة الْقيام على تِلْكَ الْحَالة فَإِذا أَرَادَ الرُّكُوع زَاد فِي الانحناء بِهِ إِن قدر عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح وَبِه قطع الْعِرَاقِيُّونَ وَالْمُتوَلِّيّ وَالْبَغوِيّ وَعَلِيهِ نَص الشَّافِعِي وَالله أعلم قَالَ
(وَتَكْبِيرَة الاحرام)
التَّكْبِيرَة ركن من أَرْكَان الصَّلَاة لقَوْله عليه الصلاة والسلام
(مِفْتَاح الصَّلَاة الْوضُوء وتحريمها التَّكْبِير وتحليلها التَّسْلِيم) وَورد فِي حَدِيث الْمُسِيء صلَاته
(إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فأسبغ الْوضُوء ثمَّ اسْتقْبل الْقبْلَة وَكبر) قَالَ النَّوَوِيّ وَهُوَ أحسن الْأَدِلَّة لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لم يذكر لَهُ فِي الحَدِيث إِلَّا الْفَرْض وَاعْلَم أَن تَكْبِيرَة الاحرام يعْتَبر فِيهَا أُمُور فَلَو فقد وَاحِد مِنْهَا لم يجز وَلم تصح صلَاته
أَحدهَا أَنه يَأْتِي بِصِيغَة الله أكبر بِالْعَرَبِيَّةِ إِذا كَانَ قَادِرًا لما رَوَاهُ أَبُو حميد السَّاعِدِيّ رضي الله عنه قَالَ
(كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا استفتح الصَّلَاة اسْتقْبل الْقبْلَة وَرفع يَدَيْهِ وَقَالَ الله أكبر) فَلَو قَالَ الرَّحْمَن الرَّحِيم أكبر أَو أجل أَو قَالَ الرب أعظم وَنَحْو ذَلِك لم يجز وَلَو قَالَ الله الْأَكْبَر أَجزَأَهُ على الْمَشْهُور لِأَنَّهُ لفظ يدل على التَّكْبِير وَهَذِه الزِّيَادَة تدل على التَّعْظِيم فَصَارَ كَمَا لَو قَالَ الله أكبر من كل شَيْء فَإِنَّهُ يجزىء وَلَو عكس وَقَالَ أكبر الله لم يجز على الصَّحِيح وَنَصّ عَلَيْهِ الشَّافِعِي لِأَنَّهُ لَا يُسمى تَكْبِيرا بِخِلَاف مَا لَو قَالَ عِنْد الْخُرُوج من الصَّلَاة عَلَيْكُم السَّلَام فَإِنَّهُ يجزىء لِأَنَّهُ يُسمى سَلاما كَذَا قَالُوا وَلَو حصل بَين الِاسْم الْكَرِيم وَلَفظه أكبر فصل نظر إِن قل لم يضر كَمَا لَو قَالَ الله الْجَلِيل أكبر وَإِن طَال الْفَصْل كَمَا لَو قَالَ الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْملك القدوس أكبر لم يجز قطعا لِخُرُوجِهِ عَن اسْم التَّكْبِير وَمِنْهَا أَن يحصل بَين الِاسْم الْكَرِيم وَلَفظه أكبر وَقْفَة وَمِنْهَا أَن لَا يزِيد مَا يخل بِالْمَعْنَى بِأَن يمد الْهمزَة من الله لِأَنَّهُ يخرج بِهِ إِلَى الِاسْتِفْهَام أَو بِأَن يشْبع حَرَكَة الْبَاء فِي أكبر فَتبقى أكبار وَهُوَ اسْم للْحيض أَو يزِيد فِي إشباع الْهَاء فتتولد وَاو سَوَاء كَانَت سَاكِنة أَو متحركة وَمِنْهَا أَن
يَأْتِي بالتكبيرة بكمالها وَهُوَ منتصب فَلَو أَتَى بِبَعْضِهَا وَهُوَ فِي الْهَوِي وَقد وصل إِلَى حد أقل الرُّكُوع فَلَا تَنْعَقِد فرضا وَهل تَنْعَقِد نفلا الْأَصَح إِن كَانَ جَاهِلا انْعَقَدت وَإِلَّا فَلَا وَمِنْهَا أَن يَنْوِي بهَا تَكْبِيرَة الِافْتِتَاح وَهَذَا يَقع كثيرا فِيمَن أدْرك الامام رَاكِعا نَحوه فَلَو نوى بهَا تَكْبِيرَة الاحرام وَالرُّكُوع لم تَنْعَقِد صلَاته فرضا وَلَا نفلا على الصَّحِيح للتشريك وَلَو لم ينْو تَكْبِيرَة الاحرام وَلَا تَكْبِيرَة الرُّكُوع بل أطلق فَالصَّحِيح الَّذِي نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَقطع بِهِ جُمْهُور الْأَصْحَاب لَا تَنْعَقِد صلَاته لِأَنَّهُ لم يقْصد تَكْبِيرَة الاحرام وَقيل تَنْعَقِد لقَرِينَة الِافْتِتَاح وَمَال إِلَيْهِ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَيَردهُ قرينَة الرُّكُوع وَهَذَا كل فِي الْقَادِر على النُّطْق بِالْعَرَبِيَّةِ أما الْعَاجِز فَإِن كَانَ لَا يقدر على التَّعَلُّم إِمَّا لخرس أَو بِأَن لَا يطاوعه لِسَانه أَتَى بالترجمة وَلَا يعدل إِلَى ذكر آخر وَجَمِيع اللُّغَات فِي التَّرْجَمَة سَوَاء على الصَّحِيح وَأما الْقَادِر على التَّعَلُّم فَيجب عَلَيْهِ ذَلِك حَتَّى لَو كَانَ بِنَاحِيَة لَا يجد من يُعلمهُ فِيهَا لزمَه السّفر إِلَى مَوضِع يتَعَلَّم فِيهِ على الصَّحِيح لِأَن السّفر وَسِيلَة إِلَى وَاجِب وَمَا لَا يتم الْوَاجِب إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِب وَلَا تجوز التَّرْجَمَة فِي أول الْوَقْت لمن أمكنه التَّعَلُّم فِي آخِره فَلَو صلى بالترجمة من لَا يحسسن التَّعَلُّم بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ وَأما من قدر على التَّعَلُّم وَلَكِن ضَاقَ الْوَقْت عَن تعلمه لبلاده ذهنه أَو قلَّة مَا أدْركهُ من الْوَقْت فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ أَيْضا وَإِن أخر التَّعَلُّم مَعَ التَّمَكُّن وضاق الْوَقْت صلى بالترجمة لحُرْمَة الْوَقْت وَتجب الاعادة على الصَّحِيح الصَّوَاب لتَقْصِيره وَهُوَ آثم وَلَو كبر تَكْبِيرَات دخل بالأوتار فِي الصَّلَاة وَخرج مِنْهَا بالأشفاع لِأَن نِيَّة الِافْتِتَاح تَتَضَمَّن قطع الصَّلَاة وَلَو لم ينْو بِغَيْر الأولى الِافْتِتَاح وَلَا الْخُرُوج من الصَّلَاة صَحَّ دُخُوله بِالْأولَى وَبَاقِي التَّكْبِيرَات ذكر لَا تبطل الصَّلَاة والوسوسة عِنْد تَكْبِيرَة الاحرام من تلاعب الشَّيْطَان وَهِي تدل على خبل بِالْعقلِ أَو الْجَهْل فِي الدّين وَالله أعلم
(وَقِرَاءَة الْفَاتِحَة وبسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم آيَة مِنْهَا)
من أَرْكَان الصَّلَاة قِرَاءَة الْفَاتِحَة لقَوْله صلى الله عليه وسلم
(لَا صَلَاة لمن لم يقْرَأ بِفَاتِحَة الْكتاب) وَفِي رِوَايَة
(لَا تجزيء صَلَاة لَا يقْرَأ الرجل فِيهَا بِفَاتِحَة الْكتاب) وَفِي رِوَايَة
(أم الْقُرْآن عوض عَن غَيرهَا وَلَيْسَ غَيرهَا مِنْهَا عوضا) وَورد فِي حَدِيث الْمُسِيء صلَاته أَنه عليه الصلاة والسلام قَالَ
(فَكبر ثمَّ اقْرَأ بِأم الْكتاب) وَهَذَا ظَاهر فِي دلَالَة الْوُجُوب قَالَ فِي أصل الرَّوْضَة وبسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم آيَة كَامِلَة من أول الْفَاتِحَة بِلَا خلاف وَحجَّة ذَلِك أَن عليه الصلاة والسلام
(عد
الْفَاتِحَة سبع آيَات وعد الْبَسْمَلَة آيَة مِنْهَا) وَعَزاهُ الإِمَام وَالْغَزالِيّ إِلَى البُخَارِيّ وَلَيْسَ فِي صَحِيحه نعم ذكره فِي تَارِيخه وروى أَبُو هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
(إِذا قَرَأْتُمْ الْحَمد فاقرءوا بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم إِنَّهَا أم الْقُرْآن وَأم الْكتاب والسبع المثاني وبسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم آيَة مِنْهَا أَو قَالَ هِيَ إِحْدَى آياتها) وَعَن أم سَلمَة رضي الله عنها أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم
(عد الْبَسْمَلَة آيَة من الْفَاتِحَة) وَقَالَ أَبُو نصر الْمُؤَدب اتّفق قراء الْكُوفَة وفقهاء الْمَدِينَة على أَنَّهَا آيَة مِنْهَا فَإِن قلت فَفِي صَحِيح مُسلم عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم
(كَانَ يستفتح الصَّلَاة بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين) فَالْجَوَاب أَن المُرَاد قِرَاءَة السُّورَة الملقبة بِالْحَمْد لله رب الْعَالمين فَإِن قيل هَذَا خلاف الظَّاهِر فَالْجَوَاب تعْيين ذَلِك جمعا بَين الْأَدِلَّة
(فَائِدَة) هَل ثُبُوت الْبَسْمَلَة قُرْآنًا بِالْقطعِ أم بِالظَّنِّ قَالَ فِي شرح الْمُهَذّب الْأَصَح أَن ثُبُوتهَا بِالظَّنِّ حَتَّى يَكْفِي فِيهَا أَخْبَار الْآحَاد لَا بِالْقطعِ وَلِهَذَا لَا يكفر نافيها باجماع الْمُسلمين قَالَ ابْن الرّفْعَة حكى العمراني أَن صَاحب الْفُرُوع قَالَ بتكفير جاحدها وتفسيق تاركها وَالله أعلم قلت قد حُكيَ الْمَاوَرْدِيّ والمحاملي وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَجْهَيْن فِي الْبَسْمَلَة هَل هِيَ فِي الْفَاتِحَة قُرْآن على سَبِيل الْقطع كَسَائِر الْقُرْآن أم على سَبِيل الحكم وَمعنى الحكم أَن الصَّلَاة لَا تصح إِلَّا بهَا فِي أول الْفَاتِحَة قَالَ الْمَاوَرْدِيّ قَالَ جُمْهُور أَصْحَابنَا هِيَ آيَة حكما لَا قطعا فعلى قَول الْجُمْهُور يقبل فِي إِثْبَاتهَا خبر الْوَاحِد كَسَائِر الْأَحْكَام وعَلى الآخر لَا يقبل كَسَائِر الْقُرْآن وَإِنَّمَا ثبتَتْ بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتر عَن الصَّحَابَة فِي إِثْبَاتهَا فِي الْمُصحف وَالله أعلم
وَاعْلَم أَن الْقَادِر على قِرَاءَة الْفَاتِحَة يتَعَيَّن عَلَيْهِ قرَاءَتهَا فِي حَال الْقيام وَمَا يقوم مقَامه وَلَا يقوم غَيرهَا مقَامهَا لما مر من الْأَدِلَّة وَلَا يجوز ترجمتها عِنْد الْعَجز للإعجاز يَسْتَوِي فِي تَعْيِينهَا الامام وَالْمَأْمُوم وَالْمُنْفَرد فِي السّريَّة وَكَذَا فِي الجهرية وَفِي قَول لَا تجب على الْمَأْمُوم فِي الجهرية بِشَرْط أَن يكون يسمع الْقِرَاءَة فَلَو كَانَ أَصمّ أَو بَعيدا لَا يسمع الْقِرَاءَة لزمَه الرَّاجِح وَتجب قِرَاءَة الْفَاتِحَة بِجَمِيعِ حروفها وتشديداتها فَلَو أسقط حرفا أَو خفف مشدداً أَو بدل حرفا بِحرف سَوَاء فِي ذَلِك الضَّاد وَغَيره لم تصح قِرَاءَته وَلَا صلَاته وَلَو لحن لحنا بِغَيْر الْمَعْنى كضم تَاء أَنْعَمت أَو كسرهَا أَو كسر كَاف إياك لم يُجزئهُ وَتبطل صلَاته إِن تعمد وَتجب اعادة الْقِرَاءَة إِن لم يتَعَمَّد وَيجب تَرْتِيب قرَاءَتهَا فَلَو قدم مُؤَخرا إِن تعمد بطلت قِرَاءَته وَعَلِيهِ استئنافها وَإِن سَهَا لم يعْتد بالمؤخر وَيَبْنِي على الْمُرَتّب إِلَّا أَن يطول فيستأنف الْقِرَاءَة وَتجب الْمُوَالَاة بَين كَلِمَات الْفَاتِحَة فَإِن أخل بالموالاة نظر إِن سكت وطالت مُدَّة السُّكُوت بِأَن أشعر بِقطع الْقِرَاءَة أَو
إعراضه عَنْهَا بطلت قِرَاءَته وَلَزِمَه استئنافها فَإِن قصرت مُدَّة السُّكُوت لم يُؤثر فَلَو قصد مَعَ السُّكُوت الْيَسِير قطع الْقِرَاءَة بطلت قِرَاءَته على الصَّحِيح الَّذِي قطع بِهِ الْجُمْهُور وَلَو تخللها ذكر أَو قِرَاءَة آيَة أُخْرَى أَو إِجَابَة مُؤذن أَو فتح على غير الإِمَام يَعْنِي غلط شخص فِي الْقِرَاءَة فَرد عَلَيْهِ وَكَذَا لَو جمد لعطاس بطلت قِرَاءَته وَإِن كَانَ مل تخَلّل مَنْدُوبًا فِي صلَاته كتأمينه لقِرَاءَة إِمَامه وَفتح عَلَيْهِ وسؤاله الرَّحْمَة والتعوذ من الْعَذَاب عِنْد قِرَاءَته آيهما فَلَا تبطل قِرَاءَته على الْأَصَح هَذَا كُله فِي الْقَادِر على قِرَاءَة الْفَاتِحَة أما من لَا يحسن الْفَاتِحَة حفظا لزمَه تعلمهَا أَو قرَاءَتهَا من مصحف وَلَو بشرَاء أَو اجارة أَو اعارة وَيلْزمهُ تَحْصِيل الضَّوْء فِي الظلمَة وَكَذَا يلْزمه أَن يتلقنها من شخص وَهُوَ فِي الصَّلَاة وَلَا يجوز لَهُ ترك هَذِه الْأُمُور إِلَّا عِنْد التَّعَذُّر فَإِن عجز عَن ذَلِك إِمَّا لضيق الْوَقْت أَو بلادة ذهنه أَو عدم الْمعلم أَو الْمُصحف أَو غَيره قَرَأَ سبع آيَات وَلَا يترجم عَنْهَا وَلَا ينْتَقل إِلَى الذّكر لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ للمسيء صلَاته
(فَإِن كَانَ مَعَك قُرْآن فاقرأ وَإِلَّا فاحمد الله تَعَالَى وَهَلله وَكبره) وَالْمعْنَى أَن الْقِرَاءَة بِالْقُرْآنِ أشبه وَاشْتِرَاط سبع آيَات لِأَنَّهَا بدل وَهل يشْتَرط أَن تكون الْآيَات الَّتِي بدل الْفَاتِحَة مُتَوَالِيَات فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا عِنْد الرَّافِعِيّ نعم لِأَن المتوالية أشبه بِالْفَاتِحَةِ وَالأَصَح عِنْد النَّوَوِيّ وَهُوَ الْمَنْصُوص أَن يجوز المتفرقة مَعَ الْقُدْرَة على المتوالية كَمَا فِي قَضَاء رَمَضَان فَإِن عجز أَتَى بِذكر للْحَدِيث
(أَن رجلا جَاءَ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُول الله إِنِّي لَا أَسْتَطِيع أتعلم الْقُرْآن فعلمني مَا يجزيني من الْقُرْآن فَقَالَ سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعلي الْعَظِيم) وَهل يشْتَرط أَن يَأْتِي بسبعة أَنْوَاع من الذّكر وَجْهَان قَالَ الرَّافِعِيّ أقربهما نعم وَلَا يجوز نقص حُرُوف الْبَدَل عَن حُرُوف الْفَاتِحَة سَوَاء كَانَ الْبَدَل قُرْآنًا أَو غَيره كالأصل وَلَو كَانَ يحسن آيَة من الْفَاتِحَة أَتَى بهَا ويبدل الْبَاقِي إِن أحسن وَإِلَّا كررها وَلَا بُد من مُرَاعَاة التَّرْتِيب فَإِن كَانَت الْآيَة من أول الْفَاتِحَة أَتَى بهَا أَولا ثمَّ أَتَى بِالْبَدَلِ وَإِن كَانَت من آخر الْفَاتِحَة أَتَى بِالْبَدَلِ ثمَّ بِالْآيَةِ فَإِن لم يحسن شَيْئا وقف بِقدر قِرَاءَة الْفَاتِحَة لِأَن قِرَاءَة الْفَاتِحَة وَاجِبَة الْوُقُوف بِقَدرِهَا وَاجِب فَإِذا تعذر أَحدهمَا بَقِي الآخر وَمثله التَّشَهُّد الْأَخير قَالَ ابْن الرّفْعَة وَمثله التَّشَهُّد الأول والقنوت وَقَالَ فِي الاقليد وَلَا يقف وَقْفَة الْقُنُوت لِأَن قِيَامه مَشْرُوع لغيره وَيجْلس فِي التَّشَهُّد الأول لِأَن جُلُوسه مَقْصُود فِي نَفسه وَالله أعلم قَالَ
(وَالرُّكُوع والطمأنينة فِيهِ)
فَرِيضَة الرُّكُوع ثَابِتَة بِالْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الْأمة وَوُجُوب الطُّمَأْنِينَة لقَوْله صلى الله عليه وسلم للمسىء
صلَاته
(ثمَّ اركع حَتَّى تطمئِن رَاكِعا) وَأَقل الرُّكُوع أَن ينحني الْقَادِر المعتدل الْخلقَة حَتَّى تبلغ راحتاه رُكْبَتَيْهِ يَعْنِي لَو أَرَادَ ذَلِك بِدُونِ إِخْرَاج رُكْبَتَيْهِ أَو انخناس لبلغتا رُكْبَتَيْهِ لِأَن دون ذَلِك يُسمى رُكُوعًا حَقِيقَة وَلَو لم يقدر على الانحناء إِلَى هَذَا الْحَد الْمَذْكُور إِلَّا بِمعين لزمَه وَكَذَا يلْزم الِاعْتِمَاد على شَيْء فَإِن لم يقدر انحنى الْقدر الْمُمكن فَإِن عجز أَوْمَأ بطرفه من قيام هَذَا فِي الْقَائِم وَأما الْقَاعِد فَأَقل رُكُوعه أَن ينحني قدر مَا يُحَاذِي وَجهه مَا وَرَاء رُكْبَتَيْهِ من الأَرْض وَلَا يجزبه غير ذَلِك وأكمله أَن ينحني بِحَيْثُ تحاذي جَبهته مَوضِع سُجُوده ثمَّ أقل الطُّمَأْنِينَة أَن يصبر حَتَّى تَسْتَقِر أعضاؤه فِي هَيْئَة الرُّكُوع وينفصل هويه عَن رَفعه فَلَو وصل إِلَى حد الرُّكُوع وَزَاد فِي الْهَوِي ثمَّ ارْتَفع والحركات مُتَّصِلَة لم تحصل الطُّمَأْنِينَة وَيشْتَرط أَن يقْصد بهوية غير الرُّكُوع حَتَّى لَو هوى لسجود تِلَاوَة وَصَارَ فِي حد الرُّكُوع وَأَرَادَ جعله رُكُوعًا لَا يعْتد بذلك الْهَوِي لِأَنَّهُ صرفه عَن هوي الرُّكُوع إِلَى هوي سُجُود التِّلَاوَة وَاعْلَم أَن أكمل الرُّكُوع أَن ينحني بِحَيْثُ يَسْتَوِي ظَهره وعنقه ويمدهما كالصفيحة وَينصب سَاقيه وَيَأْخُذ رُكْبَتَيْهِ بكفيه وَيفرق أَصَابِعه ويوجههما نَحْو الْقبْلَة جَاءَت السّنة بذلك قَالَ
(والإعتد الوالطمأنين فِيهِ)
الإعتدال ركن لقَوْله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاتته
(ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تعتدل قَائِما) وَأما وجوب الطُّمَأْنِينَة فلحديث صَحِيح رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد وَابْن حَيَّان فِي صَحِيحه وَقِيَاسًا على الْجُلُوس بَين السَّجْدَتَيْنِ ثمَّ الِاعْتِدَال الْوَاجِب أَن يعود بعد رُكُوعه إِلَى الْهَيْئَة الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قبل الرُّكُوع سَوَاء صلاهَا قَائِما أَو قَاعِدا وَلَو رفع الرَّاكِع رَأسه ثمَّ سجد وَشك هَل أتم اعتداله وَجب أَن يعتدل قَائِما وَيُعِيد السُّجُود وَيجب أَن لَا يقْصد بِرَفْعِهِ غير الِاعْتِدَال فَلَو رأى فِي رُكُوعه حَيَّة فَرفع فَزعًا مِنْهَا لم يعْتد بِهِ السُّجُود وَيجب أَن لَا يقْصد بِرَفْعِهِ غير الِاعْتِدَال فَلَو رأى فِي رُكُوعه حَيَّة فَرفع فَزعًا مِنْهَا لم يعْتد بِهِ وَيجب أَن لَا لايطول الِاعْتِدَال فَإِن طوله عمدا فَفِي بطلَان صلَاته ثَلَاثَة أوجه أَصَحهَا عِنْد إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَقطع بِهِ الْبَغَوِيّ تبطل إِلَّا مَا ورد الشَّرْع بتطويله فِي الْقُنُوت أَو صَلَاة التَّسْبِيح
وَالثَّانِي لَا تبطل مُطلقًا
وَالثَّالِث إِن طول بِذكر آخر لَا بِقصد الْقُنُوت لز تبطل وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيّ وَقَالَ إِنَّه الْأَرْجَح وَقَالَ فِي شرح الْمُهَذّب إِنَّه الْأَقْوَى إِلَّا أَنه صحّح فِي أصل الْمِنْهَاج أَن تطويله مُبْطل فِي
الْأَصَح فعلى مَا صَححهُ فِي الْمِنْهَاج حد التَّطْوِيل أَن يلْحق الِاعْتِدَال بِالْقيامِ فِي القرءة نَقله الْخَوَارِزْمِيّ عَن الْأَصْحَاب وَيلْحق الْجُلُوس بَين السَّجْدَتَيْنِ بالتشهد إِذا قُلْنَا إِنَّه قصير وَالله أعلم قَالَ
(وَالسُّجُود والطمأنينة فِيهِ)
السُّجُود ركن فِي الصَّلَاة بِالْكتاب وَالسّنة قَالَ الله تَعَالَى {ارْكَعُوا واسجدوا} وَأما الطُّمَأْنِينَة فَلقَوْله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلَاته
(ثمَّ اسجد حَتَّى تطمئِن سَاجِدا) ثمَّ أقل السُّجُود أَن يضع على الأَرْض من الْجَبْهَة مَا يَقع عَلَيْهِ الِاسْم وَلَا بُد من تحامل فَلَا يَكْفِي الْوَضع حَتَّى تَسْتَقِر جَبهته فَلَو سجد على حشيش أَو شَيْء محشو وَجب أَن يتحامل حَتَّى ينكبس وَيظْهر أَثَره وَحجَّة ذَلِك قَوْله صلى الله عليه وسلم
(إِذا سجدت فمكن جبهتك من الأَرْض وَلَا تنقر نقرا) فَلَو سجد على جَبينه أَو أَنفه لم يكف أَو عمَامَته لم يكف أَو على شدّ على كَتفيهِ أَو على كمه لم يكف فِي كل ذَلِك إِن تحرّك بحركته فَفِي صَحِيح مُسلم عَن ابْن حبَان
(شَكَوْنَا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء فَلم يشكنا) وَفِي رِوَايَة
(فِي جباهنا وأكفنا) وَهل يجب وضع يَدَيْهِ وركبتيه وقدميه مَعَ جَبهته فِيهِ قَولَانِ الْأَظْهر عِنْد الرَّافِعِيّ لَا يجب ولأظهر عِنْد النَّوَوِيّ الْوُجُوب فعلى مَا صَححهُ النَّوَوِيّ الِاعْتِبَار بباطن الْكَفّ وَظهر الْأَصَابِع وَيشْتَرط فِي السُّجُود أَن ترْتَفع أسافله على أعاليه فِي الْأَصَح لِأَن الْبَراء بن عَازِب رفع عجيزته وَقَالَ
(هَكَذَا كَانَ يفعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
وَالثَّانِي تجوز الْمُسَاوَاة وَنَقله الرَّافِعِيّ فِي شرح الْمسند عَن نَص الشَّافِعِي وَلَو ارْتَفَعت الأعالي على الأسافل لم يجز جزم بِهِ الرَّافِعِيّ وَلَو تَعَذَّرَتْ هَيْئَة رفع الأسافل على الأعالي لعِلَّة فَهَل يجب وضع وسَادَة ليضع جَبهته عَلَيْهَا فِيهِ وَجْهَان الرَّاجِح فِي الشَّرْح الْكَبِير لَا يجب وَصحح فِي الشَّرْح الصَّغِير الْوُجُوب وَالله أعلم
(فرع) لَو كَانَ على جَبهته جِرَاحَة وعصبها وَسجد على الْعِصَابَة أَجزَأَهُ وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ على الْمَذْهَب لِأَنَّهُ إِذا سَقَطت الْإِعَادَة مَعَ الْإِيمَاء بِالسُّجُود فَهُنَا أولى وَلَو عجز عَن السُّجُود لعِلَّة أَوْمَأ بِرَأْسِهِ فَإِن عجز فبطرفه وَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ وَالله أعلم قَالَ
(وَالْجُلُوس بَين السَّجْدَتَيْنِ والطمأنينة فِيهِ)
من أَرْكَان الصَّلَاة الْجُلُوس بَين السَّجْدَتَيْنِ لقَوْله صلى الله عليه وسلم للمسيء صلَاته
(ثمَّ ارْفَعْ حَتَّى تعتدل جَالِسا) وَفِي رِوَايَة
(حَتَّى تطمئِن جَالِسا ثمَّ افْعَل ذَلِك فِي صَلَاتك كلهَا) وَقد ورد كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
(إِذا رفع رَأسه لم يسْجد حَتَّى يَسْتَوِي جَالِسا) وَالله أعلم قَالَ
(وَالْجُلُوس الْأَخير وَالتَّشَهُّد فِيهِ وَالصَّلَاة على النَّبِي فِيهِ)
الْقعُود الَّذِي يعقبه السَّلَام وَالتَّشَهُّد فِيهِ وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِيهِ كل وَاجِب وَالْمرَاد بالتشهد التَّحِيَّات وأقلها
(التَّحِيَّات لله سَلام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته سَلام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله) كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَقَالَ النَّوَوِيّ لَا يشْتَرط لفظ أشهد بل يَكْفِي وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله إِذا عرف هَذَا فالدليل على وجوب ذَلِك مَا رَوَاهُ ابْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ كُنَّا نقُول قبل أَن يفْرض علينا التَّشَهُّد السَّلَام على الله السَّلَام على فلَان فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
(قُولُوا التَّحِيَّات لله) إِلَى آخِره فَقَوله قبل أَن يفْرض وَقُولُوا ظاهران فِي الْوُجُوب وَفِي الصَّحِيحَيْنِ الْأَمر بِهِ وَإِذا ثَبت وجوب التَّشَهُّد وَجب الْقعُود لَهُ لِأَن كل من أوجب التَّشَهُّد أوجب الْقعُود لَهُ وَأما وجوب الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَوَاهُ كَعْب بن عجْرَة قَالَ خرج علينا النَّبِي
0 -
(فَقُلْنَا قد عرفنَا كَيفَ نسلم عَلَيْك فَكيف نصلي عَلَيْك فَقَالَ قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد) إِلَى آخِره وَفِي رِوَايَة
(كَيفَ نصلي عَلَيْك إِذا صلينَا عَلَيْك فِي صَلَاتنَا فَقَالَ قُولُوا) إِلَى آخِره وَفِي رِوَايَة
(إِذا صلى أحدكُم فليبدأ بتحميد ربه والثنا عَلَيْهِ ثمَّ يُصَلِّي على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقد أَمر الله تَعَالَى بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وأجمعنا على أَنَّهَا لَا تجب خَارج الصَّلَاة فَتعين أَن تكون فِي الصَّلَاة كَذَا قَرَّرَهُ بَعضهم قلت فِي دَعْوَى الْإِجْمَاع نظر فَفِي الْمَسْأَلَة أَقْوَال مِنْهُم من أوجبهَا فِي الْعُمر مرّة وَمِنْهُم من أوجبهَا فِي كل مجْلِس مرّة وَمِنْهُم من أوجبهَا كلما ذكر وَاخْتَارَهُ الْحَلِيمِيّ من أَصْحَابنَا وَمِنْهُم من أوجبهَا فِي أول كل دُعَاء وَفِي آخِره وَالله أعلم