الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا ينقص مَاء الْغسْل عَن صَاع وَالْوُضُوء عَن مد وَالْمدّ رَطْل وَثلث بالبغدادي هَذَا على الْمَذْهَب وَقيل رطلان والصاع أَرْبَعَة أَمْدَاد وَيسْتَحب أَلا يغْتَسل فِي المَاء الراكد وَأَن يَقُول بعد الْفَرَاغ أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله وَالله أعلم
(فرع) يحرم على الشَّخْص أَن يغْتَسل بِحَضْرَة النَّاس مَكْشُوف الْعَوْرَة وَيُعَزر على ذَلِك تعزيراً يَلِيق بِحَالهِ وَيحرم على الْحَاضِرين إِقْرَاره على ذَلِك وَيجب عَلَيْهِم الْإِنْكَار عَلَيْهِ فَإِن سكتوا أثموا وعزروا وَيجوز ذَلِك فِي الْخلْوَة والستر أفضل لِأَن الله سُبْحَانَهُ أَحَق أَن يستحيا مِنْهُ وَلَا يجب غسل دَاخل الْعين وَلَا يسْتَحبّ تَجْدِيد الْغسْل على الرَّاجِح بِخِلَاف تَجْدِيد الْوضُوء وَالله أعلم
(فرع) لَو أحدث فِي أثْنَاء غسله جَازَ أَن يتم غسله وَلَا يمْنَع الْحَدث صِحَّته لَكِن لَا يُصَلِّي حَتَّى يتَوَضَّأ وَالله أعلم قَالَ
(الأغسال المسنونة)
(فصل والأغسال المسنونة سَبْعَة عشر غسلا الْجُمُعَة والعيدان وَالِاسْتِسْقَاء والكسوف والخسوف)
يسن الْغسْل لأمور مِنْهَا الْجُمُعَة وَاحْتج لَهُ بقوله صلى الله عليه وسلم
(من أَتَى مِنْكُم الْجُمُعَة فليغتسل) وَاحْتج بَعضهم على وجوب الْغسْل بِهَذَا الحَدِيث وَقَالَ الْأَمر للْوُجُوب وَقد جَاءَ مُصَرحًا بِهِ فِي حَدِيث آخر وَلَفظه
(غسل الْجُمُعَة وَاجِب على كل محتلم) وبوجوبه قَالَ طَائِفَة من السّلف وحكوه عَن بعض الصَّحَابَة رضي الله عنهم وَهُوَ قَول الظَّاهِرِيَّة وَحَكَاهُ ابْن الْمُنْذر عَن مَالك والخطابي عَنهُ وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ وَمذهب الشَّافِعِي أَنه سنة وَبِه قَالَ جُمْهُور الْعلمَاء من السّلف وَالْخلف وَهُوَ الْمَعْرُوف من مَذْهَب مَالك وَحجَّة الْجُمْهُور أَحَادِيث صَحِيحَة مِنْهَا قَوْله صلى الله عليه وسلم
(من تَوَضَّأ يَوْم الْجُمُعَة فبها ونعمت وَمن اغْتسل فالغسل أفضل) قَالَ النَّوَوِيّ حَدِيث
صَحِيح وَمِنْهَا قَوْله صلى الله عليه وسلم
(لَو اغتسلتم يَوْم الْجُمُعَة) وَمِنْهَا حَدِيث عُثْمَان لما دخل وَعمر يخْطب وَقد ترك الْغسْل ذكره مُسلم فأقره عمر رضي الله عنه وَمن حضر الْجُمُعَة وهم أهل الْحل وَالْعقد وَلَو كَانَ وَاجِبا لما تَركه لألزمه بِهِ الْحَاضِرُونَ فَإِذن يحمل الْأَمر على الِاسْتِحْبَاب جمعا بَين الْأَدِلَّة وَيحمل لَفْظَة وَاجِب على التَّأْكِيد كَمَا يُقَال حَقك وَاجِب عَليّ أَي متأكد وكيفيته كَمَا مر وَيدخل وقته بِطُلُوع الْفجْر على الْمَذْهَب وَفِي وَجه شَاذ مُنكر قبل الْفجْر كَغسْل الْعِيد وَيسْتَحب تقريبه من الرواح إِلَى الْجُمُعَة لِأَن الْمَقْصُود من الْغسْل قطع الرَّائِحَة الكريهة الَّتِي تحدث عِنْد الزحمة من وسخ غَيره وَهل يسْتَحبّ لكل أحد كَيَوْم الْعِيد أم لَا الصَّحِيح أَنه إِنَّمَا يسْتَحبّ لمن يحضر الْجُمُعَة وَسَوَاء فِي ذَلِك من تجب عَلَيْهِ الْجُمُعَة أم لَا وَلَو أجنب بجماع أَو غَيره لَا يبطل غسله فيغتسل للجنابة وَلَو عجز عَن الْغسْل لعدم المَاء أَو لقرح فِي بدنه تيَمّم وَحَازَ الفضيله قَالَ جُمْهُور الْأَصْحَاب وَهُوَ الصَّحِيح قِيَاسا على سَائِر الأغسال إِذا عجز عَنْهَا وَالله أعلم وَمِنْهَا العيدان فَيُسْتَحَب أَن يغْتَسل لَهما لقَوْل ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما
(كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يغْتَسل يَوْم الْفطر وَيَوْم الْأَضْحَى) وَكَانَ عمر وَعلي رضي الله عنهما يفعلانه وَكَذَا ابْن عمر رضي الله عنهما لِأَنَّهُ أَمر يجْتَمع لَهُ النَّاس فَيُسْتَحَب أَن يغْتَسل لَهُ قِيَاسا على الْجُمُعَة وَيجوز بعد الْفجْر بِلَا خلاف وَقَبله على الرَّاجِح وَيخْتَص بِالنِّصْفِ الْأَخير على الرَّاجِح وَقيل يجوز فِي جَمِيع اللَّيْل وَالله أعلم وَمِنْهَا الاسْتِسْقَاء فَيُسْتَحَب أَن يغْتَسل لَهُ لأجل قطع الروائح لِأَنَّهُ مَحل يشرع فِيهِ الِاجْتِمَاع فَأشبه الْجُمُعَة وَمِنْهَا الْكُسُوف للشمس والخسوف وَيُقَال فيهمَا كسوف وخسوف إِذا ذهب ضوء الشَّمْس وَالْقَمَر وَقيل الْكُسُوف للشمس والخسوف للقمر قَالَه الْجَوْهَرِي مَعَ أَنه قَالَ إِن الْكُسُوف والخسوف يُطلق عَلَيْهِمَا مَعًا وَالسّنة أَن يغْتَسل لَهما لِأَنَّهُمَا صَلَاة يشرع الِاجْتِمَاع لَهَا فَيُسْتَحَب الِاغْتِسَال لَهَا كَالْجُمُعَةِ وَالله أعلم قَالَ
(وَالْغسْل من غسل الْمَيِّت وَالْكَافِر إِذا أسلم وَالْمَجْنُون إِذا أَفَاق والمغمى عَلَيْهِ إِذا أَفَاق)
الْغسْل من غسل الْمَيِّت هَل هُوَ وَاجِب أَو مُسْتَحبّ قَولَانِ الْقَدِيم أَنه وَاجِب والجديد وَهُوَ الرَّاجِح أَنه مُسْتَحبّ وَالْأَصْل فِي ذَلِك قَوْله صلى الله عليه وسلم
(من غسل مَيتا فليغتسل وَمن حمله فَليَتَوَضَّأ) قَالَ الإِمَام أَحْمد إِنَّه مَوْقُوف على أبي هُرَيْرَة رضي الله عنه وَلذَلِك لم يقل بِوُجُوبِهِ وَقَالَ الشَّافِعِي لَو
صَحَّ الحَدِيث لَقلت بِوُجُوبِهِ وَمن الأغسال المسنونة غسل الْكَافِر إِذا أسلم وَرُوِيَ أَنه عليه الصلاة والسلام أَمر قيس بن عَاصِم وثمامة بن أَثَال أَن يغتسلا لما أسلما وَلم يُوجِبهُ لِأَن جمَاعَة أَسْلمُوا فَلم يَأْمُرهُم النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِهِ وَلِأَن الْإِسْلَام تَوْبَة من مَعْصِيّة فَلم يجب الْغسْل مِنْهُ كَسَائِر الْمعاصِي وَهَذَا فِي كَافِر لم يجنب فِي كفره فَإِن أجنب فَالْمَذْهَب أَنه يلْزمه الْغسْل بعد الْإِسْلَام لعدم صِحَة النِّيَّة مِنْهُ حَال كفره وَمن الأغسال المسنونة غسل الْمَجْنُون إِذا أَفَاق كَذَا الْمغمى عَلَيْهِ لِأَن ذَلِك مَظَنَّة إِنْزَال الْمَنِيّ قَالَ الشَّافِعِي مَا جن إِنْسَان إِلَّا أنزل قَالَ بَعضهم إِذا كَانَ الْمَجْنُون ينزل غَالِبا فَيَنْبَغِي أَن يجب الْغسْل كالنوم ينْقض الْوضُوء لِأَنَّهُ مَظَنَّة الْحَدث وَأجَاب الْجُمْهُور الَّذين قَالُوا بالاستحباب بِأَن النّوم مَظَنَّة لَا عَلامَة فِيهَا على الْحَدث بعد الْإِفَاقَة والمني عين يُمكن رؤيتها وَالله أعلم قَالَ
(وَالْغسْل عِنْد الْإِحْرَام وَدخُول مَكَّة وللوقوف بِعَرَفَة ولرمي الْجمار الثَّلَاث وللطواف)
يَتَعَدَّد الْغسْل الْمُتَعَلّق بِالْحَجِّ لأمور مِنْهَا الْإِحْرَام
(عَن زيد بن ثَابت رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل) وَيَسْتَوِي فِي اسْتِحْبَابه الرجل وَالصَّبِيّ وَالْمَرْأَة وَإِن كَانَت حَائِضًا أَو نفسَاء لِأَن أَسمَاء بنت عُمَيْس زَوْجَة الصّديق رضي الله عنهما نفست بِذِي الحليفة فَأمرهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
(أَن تَغْتَسِل للْإِحْرَام) وَلَا فرق فِي الرجل بَين الْعَاقِل وَالْمَجْنُون ة لَا بَين الصَّبِي الْمُمَيز وَغَيره فَإِن لم يجد الْمحرم المَاء تيَمّم فَإِن وجد مَاء يَكْفِيهِ تَوَضَّأ بِهِ قَالَه الْبَغَوِيّ والمحاملي قَالَ النَّوَوِيّ إِن تيَمّم مَعَ الْوضُوء فَحسن وَإِن اقْتصر على الْوضُوء فَلَيْسَ بجيد لِأَن الْمَطْلُوب الْغسْل وَالتَّيَمُّم يقوم مقامة دون الْوضُوء قَالَ الإسنائي نَص الشَّافِعِي على الِاسْتِحْبَاب فِي الْوضُوء والاقتصار عَلَيْهِ دون التَّيَمُّم وَعَزاهُ إِلَى نقل الْمحَامِلِي وَالْمَاوَرْدِيّ وَالله أعلم
وَمِنْهَا دُخُول مَكَّة
(كَانَ ابْن عمر رضي الله عنهما لَا يقدم مَكَّة إِلَّا بَات بِذِي طوى حَتَّى يصبح ويغتسل ثمَّ يدْخل مَكَّة نَهَارا وَيذكر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه كَانَ يَفْعَله) ثمَّ لَا فرق فِي اسْتِحْبَاب
الْغسْل لمن دخل مَكَّة بَين من أحرم بِالْحَجِّ أَو الْعمرَة أَو يحرم الْبَتَّةَ وَقد نَص الشَّافِعِي فِي الْأُم أَن من لم يحرم يغْتَسل وَاحْتج بِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام عَام الْفَتْح اغْتسل لدُخُول مَكَّة وَهُوَ حَلَال يُصِيب الطّيب نعم قَالَ الْمَاوَرْدِيّ الْمُعْتَمِر إِذا خرج من مَكَّة فَأحْرم واغتسل لإحرامه ثمَّ أَرَادَ دُخُول مَكَّة نظر إِن كَانَ أحرم من مَكَان بعيد كالجعرانة وَالْحُدَيْبِيَة اسْتحبَّ الْغسْل لدُخُول مَكَّة وَإِن أحرم من التَّنْعِيم فَلَا لقُرْبه قَالَ ابْن الرّفْعَة وَيظْهر أَن يُقَال بِمثلِهِ فِي الْحَج وَالله أعلم
وَمِنْهَا الْوُقُوف بِعَرَفَة وَيسْتَحب أَن يغْتَسل لِأَن عمر رضي الله عنهما كَانَ يَفْعَله وَحكى ابْن الْخلّ ذَلِك عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلِأَنَّهُ مَوضِع اجْتِمَاع فَيسنّ فِيهِ الإغتسال كَالْجُمُعَةِ وَمِنْهَا الرَّمْي أَيَّام التَّشْرِيق يغْتَسل لكل يَوْم غسلا فَتكون الأغسال ثَلَاثَة لِأَنَّهُ مَوضِع يجْتَمع فِيهِ النَّاس فَيسنّ فِيهِ الْغسْل كَالْجُمُعَةِ وَلَا يسْتَحبّ الْغسْل لرمي جَمْرَة الْعقبَة لقربة من غسل الْوُقُوف بِخِلَاف بَقِيَّة الجمرات لبعدها وَأَيْضًا فوقت الجمرات الثَّلَاث بعد الزَّوَال وَهُوَ وَقت تهجر وَلِهَذَا يكون الْغسْل لَهُنَّ بعد الزَّوَال وَالله أعلم
وَمِنْهَا يسن الْغسْل للطَّواف وَلَفظ الشَّيْخ يَشْمَل طواف الْقدوم وَطواف الْإِفَاضَة وَطواف الْوَدَاع وَقد نَص الشَّافِعِي على اسْتِحْبَاب الْغسْل لهَذِهِ الثَّلَاثَة فِي الْقَدِيم لِأَن النَّاس يَجْتَمعُونَ لَهُ فَيُسْتَحَب لَهُ الِاغْتِسَال والجديد أَنه لَا يسْتَحبّ لِأَن وقته موسع فَلَا تغلب فِيهِ الزحمة بِخِلَاف سَائِر المواطن كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة وَشرح الْمُهَذّب وَهُوَ قَضِيَّة كَلَام الْمِنْهَاج لِأَنَّهُ لم يعد إِلَّا أَنه فِي الْمَنَاسِك قَالَ يسْتَحبّ الْغسْل للثَّلَاثَة وَيشْهد للجديد وَهُوَ عدم الِاسْتِحْبَاب مَا رَوَت عَائِشَة رضي الله عنها أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أول شَيْء بَدَأَ بِهِ حِين قدم مَكَّة أَنه تَوَضَّأ ثمَّ طَاف بِالْبَيْتِ وَكَذَا التَّعْلِيل وَالله أعلم
وأهمل الشَّيْخ أغسالاً مِنْهَا الْغسْل من الْحجامَة وَالْحمام قَالَ الرَّافِعِيّ وَالْأَكْثَرُونَ لم يذكروهما قَالَ النَّوَوِيّ فِي زِيَادَة الرَّوْضَة الْمُخْتَار الْجَزْم باستحبابهما وَقد نقل صَاحب جمع الْجَوَامِع فِي منصوصات الشَّافِعِي أَنه قَالَ أحب الْغسْل من الْحجامَة وَالْحمام وكل أَمر يُغير الْجَسَد وَأَشَارَ الشَّافِعِي بذلك إِلَى أَن حكمته أَن ذَلِك يُغير الْجَسَد ويضعفه وَالْغسْل يشد وينعشه وَالله أعلم وَيسن الِاغْتِسَال للاعتكاف نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَيسن الْغسْل لكل لَيْلَة من رَمَضَان نَقله الْعَبَّادِيّ عَن الْحَلِيمِيّ وَيسن الْغسْل لحلق العانه قَالَ الْخفاف فِي الصال وَيسن الْغسْل لدُخُول مَدِينَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَه النَّوَوِيّ فِي الْمَنَاسِك وَأما الْغسْل لدُخُول الْكَعْبَة فقد نَقله ابْن الرّفْعَة عَن صَاحب التَّلْخِيص وَهَذَا النَّقْل غلط وَالله أعلم قَالَ