الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب حد الْخمر
فصل وَمن شرب خمرًا أَو شرابًا مُسكرا حد أَرْبَعِينَ وَيجوز أَن يبلغ بِهِ ثَمَانِينَ على وَجه التَّعْزِير
شرب الْخمر من الْكَبَائِر وَزَوَال الْعقل بِهِ على وَجه الْمَحْظُور حرَام فِي جَمِيع الْملَل وَلَا يتعاطاه مِنْهُم إِلَّا كل فَاسق كفسقة الْمُسلمين لِأَن حفظ الْعقل من الْخمس الكليات الَّذِي اتّفق أهل الْملَل على حفظه وَقد أَمر الله تَعَالَى باجتنابه فِي كِتَابه الْعَزِيز وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كل مُسكر حرَام
ورد عَن أبي مَالك أَنه سمع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول لَيَكُونن من أمتِي أَقوام يسْتَحلُّونَ الْحَرِير وَالْخمر وَالْمَعَازِف وَفِي غَيره عَن أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ رضي الله عنه أَيْضا ليشربن أنَاس من أمتِي الْخمر يسمونها بِغَيْر اسْمهَا وتضرب على رؤوسهم المعازف ويخسف الله بهم الأَرْض وَيجْعَل الله مِنْهُم القردة والخنازير وَالْمَعَازِف آلَات اللَّهْو قَالَه الْجَوْهَرِي قَالَ الْأَصْحَاب وعصير الْعِنَب الَّذِي اشْتَدَّ وَقذف بالزبد حرَام بِالْإِجْمَاع وَسَوَاء فِي ذَلِك قَلِيله وَكَثِيره ويفسق شَاربه وَيلْزمهُ الْحَد وَمن استحله كفر قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا أسكر كَثِيره فقليله حرَام نهى عَن قَلِيل مَا أسكر كَثِيره فَمن شرب الْمُسكر وَهُوَ مُسلم بَالغ عَاقل مُخْتَار عَالم بِأَنَّهُ مُسكر وعالم بِتَحْرِيمِهِ وَجب عَلَيْهِ الْحَد سَوَاء سكر أم لَا ثمَّ إِن كَانَ حرا جلد أَرْبَعِينَ لِأَن عبد الرَّحْمَن بن جَعْفَر جلد الْوَلِيد بَين يَدي عُثْمَان وَعلي رضي الله عنه يعد حَتَّى بلغ أَرْبَعِينَ فَقَالَ أمسك ثمَّ قَالَ جلد النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ وَأَبُو بكر أَرْبَعِينَ وَعمر ثَمَانِينَ وَالْكل سنة وَهَذَا أحب إِلَيّ وَفِي مُسلم أَيْضا أَنه عليه الصلاة والسلام جلد شارباً بجريدتين أَرْبَعِينَ فَإِذا
رأى الإِمَام أَن يبلغ بِالْحَدِّ ثَمَانِينَ فِي الْحر وَفِي العَبْد أَرْبَعِينَ فعل لما ورد أَن عمر رضي الله عنه جعله ثَمَانِينَ وَقَالَ عَليّ لعمر رضي الله عنهما إِذا شرب سكر وَإِذا سكر هذى وَإِذا هذى افترى وحد المفتري ثَمَانُون فَأخذ بِهِ عمر وَلم يُنكره أحد وَرُوِيَ أَنه عليه الصلاة والسلام جلد ثَمَانِينَ إِلَّا أَنه مُرْسل فَالْعَمَل على اتِّفَاق الصَّحَابَة رضي الله عنهم وَقيل تمنع الزِّيَادَة على الْأَرْبَعين وَالصَّحِيح الأول فَعَلَيهِ هَل الزَّائِد عَن الْأَرْبَعين إِلَى الثَّمَانِينَ تَعْزِير أم حد وَجْهَان أصَحهمَا أَنه تَعْزِير لِأَنَّهُ لَو كَانَ حدا لما جَازَ تَركه مَعَ أَنه يجوز وَقيل فَلَو كَانَ تعزيراً لما بلغ أَرْبَعِينَ
فَالْجَوَاب أَنه تعزيرات على جنايات تصدر مِنْهُ من هذيان وافتراء وَنَحْوهمَا وَيجوز أَن يبلغ بهَا الْحَد وَفِي ذَلِك إِشْكَال من وَجْهَيْن
أَحدهمَا إِنَّمَا يُعَزّر بِهِ بِشَرْط تحَققه وَهُوَ غير مَعْلُوم
الثَّانِي أَنه لَو كَانَ تعزيرات لَكَانَ يجوز الزِّيَادَة على الثَّمَانِينَ وَقد منعُوا من ذَلِك كَذَا قَالَه الرَّافِعِيّ وَاعْلَم أَنه لَا يُقَام الْحَد حَال السكر فَإِن أقيم عَلَيْهِ فِي حَال سكره فَفِي الِاعْتِدَاد بِهِ وَجْهَان جاريان فِيمَا إِذا حد فِي حَال جُنُونه وَالله أعلم قَالَ
(وَيجب عَلَيْهِ بِأحد أَمريْن بِالْبَيِّنَةِ أَو الاقرار وَلَا يحد بالقيء والاستنكاه)
الْحَد عُقُوبَة وَإِنَّمَا يُقَام على الْمَحْدُود عِنْد ثُبُوته وثبوته يحصل بطريقين
أَحدهمَا إِقْرَاره بِغَيْر إِكْرَاه
الثَّانِيَة أَن يشْهد عَلَيْهِ رجلَانِ فَصَاعِدا من أهل الشَّهَادَة عَلَيْهِ ثمَّ صِيغَة الْإِقْرَار وَالشَّهَادَة إِن كَانَت مفصلة بِأَن قَالَ شربت الْخمر أَو قَالَ شربت مِمَّا شرب مِنْهُ غَيْرِي فَسَكِرَ مِنْهُ وَأَنا عَالم بِهِ مُخْتَار فَلَا كَلَام وَكَذَا إِن فصل الشَّاهِد فَإِن قَالَ شربت الْخمر واقتصرت على ذَلِك أَو شهد اثْنَان أَنه شرب