المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب محرمات الاحرام - كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطَّهَارَة

- ‌أَنْوَاع الْمِيَاه

- ‌بَاب أَقسَام الْمِيَاه

- ‌بَاب جُلُود الْميتَة وعظمها

- ‌بَاب الْآنِية

- ‌بَاب السِّوَاك

- ‌فَرَائض الْوضُوء

- ‌سنَن الْوضُوء

- ‌بَاب الِاسْتِنْجَاء وآداب التخلي

- ‌نواقض الْوضُوء

- ‌مُوجبَات الْغسْل

- ‌فَرَائض الْغسْل

- ‌سنَن الْغسْل

- ‌(الأغسال المسنونة)

- ‌بَاب الْمسْح على الْخُفَّيْنِ

- ‌بَاب التَّيَمُّم

- ‌بَاب إِزَالَة النَّجَاسَة

- ‌بَاب الْحيض وَالنّفاس

- ‌بَاب مَا يحرم بِالْحيضِ وَالنّفاس

- ‌بَاب مَا يحرم على الْجنب والمحدث

- ‌كتاب الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة وأوقاتها

- ‌بَاب شَرَائِط وجوب الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات المسنونة

- ‌بَاب شَرَائِط صِحَة الصَّلَاة

- ‌بَاب أَرْكَان الصَّلَاة

- ‌بَاب سنَن الصَّلَاة

- ‌بَاب هيئات الصَّلَاة

- ‌بَاب مَا تخَالف فِيهِ الْمَرْأَة الرجل

- ‌بَاب مبطلات الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة

- ‌بَاب مَا يتْرك سَهوا من الصَّلَاة

- ‌بَاب الْأَوْقَات الَّتِي يكره فِيهَا الصَّلَاة

- ‌بَاب صَلَاة الْجَمَاعَة

- ‌بَاب قصر الصَّلَاة وَجَمعهَا

- ‌بَاب صَلَاة الْجُمُعَة

- ‌بَاب صَلَاة الْعِيدَيْنِ

- ‌بَاب صَلَاة الْكُسُوف والخسوف

- ‌بَاب صَلَاة الاسْتِسْقَاء

- ‌بَاب صَلَاة الْخَوْف

- ‌بَاب مَا يحرم على الرِّجَال من لِبَاس وَغَيره

- ‌كتاب الْجَنَائِز

- ‌بَاب مَا يلْزم الْمَيِّت

- ‌كتاب الزَّكَاة

- ‌بَاب مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة وشرائط وُجُوبهَا فِيهِ

- ‌بَاب أنصبة مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة

- ‌بَاب زَكَاة الْفطر

- ‌بَاب أهل الزَّكَاة

- ‌بَاب صَدَقَة التَّطَوُّع

- ‌كتاب الصّيام

- ‌بَاب فَرَائض الصَّوْم

- ‌بَاب مفسدات الصَّوْم

- ‌بَاب مَا يسْتَحبّ فِي الصَّوْم

- ‌بَاب مَا نهي عَن صَوْمه

- ‌بَاب كَفَّارَة الْإِفْطَار وَمن يجوز لَهُ

- ‌بَاب صَوْم التَّطَوُّع

- ‌بَاب الِاعْتِكَاف

- ‌كتاب الْحَج

- ‌بَاب شَرَائِط وجوب الْحَج

- ‌بَاب أَرْكَان الْحَج

- ‌بَاب وَاجِبَات الْحَج

- ‌بَاب سنَن الْحَج

- ‌بَاب مُحرمَات الاحرام

- ‌بَاب الدِّمَاء الْوَاجِبَة فِي الْإِحْرَام

- ‌كتاب الْبيُوع وَغَيرهَا من الْمُعَامَلَات

- ‌بَاب أَنْوَاع الْبيُوع

- ‌بَاب الرِّبَا

- ‌بَاب الْخِيَار

- ‌بَاب السّلم

- ‌بَاب الرَّهْن

- ‌بَاب الْحجر

- ‌بَاب الصُّلْح

- ‌بَاب الْحِوَالَة

- ‌بَاب الضَّمَان

- ‌بَاب الْكفَالَة بِالْبدنِ

- ‌بَاب الشّركَة

- ‌بَاب الْوكَالَة

- ‌بَاب الْإِقْرَار

- ‌بَاب الْعَارِية

- ‌بَاب الْغَصْب

- ‌بَاب الشُّفْعَة

- ‌بَاب الْقَرَاض

- ‌بَاب الْمُسَاقَاة

- ‌بَاب الْإِجَارَة

- ‌بَاب الْجعَالَة

- ‌بَاب الْمُزَارعَة وَالْمُخَابَرَة

- ‌بَاب احياء الْموَات

- ‌بَاب الْوَقْف

- ‌بَاب الْهِبَة

- ‌بَاب اللَّقِيط

- ‌بَاب الْوَدِيعَة

- ‌كتاب الْفَرَائِض والوصايا

- ‌بَاب الْوَارِثين

- ‌بَاب الْفُرُوض الْمقدرَة وأصحابها

- ‌بَاب الْوَصِيَّة

- ‌كتاب النِّكَاح وَمَا يتَّصل بِهِ من الْأَحْكَام والقضايا

- ‌بَاب شُرُوط عقد النِّكَاح

- ‌بَاب الْمُحرمَات

- ‌بَاب عُيُوب الْمَرْأَة وَالرجل

- ‌بَاب الصَدَاق

- ‌بَاب الْمُتْعَة

- ‌بَاب الْوَلِيمَة على الْعرس

- ‌بَاب التَّسْوِيَة بَين الزَّوْجَات

- ‌بَاب الْخلْع

- ‌كتاب الطَّلَاق

- ‌بَاب صَرِيح الطَّلَاق وكنايته

- ‌بَاب الطَّلَاق السّني والبدعي

- ‌بَاب مَا يملكهُ الْحر وَالْعَبْد من تَطْلِيقَات

- ‌بَاب الرّجْعَة

- ‌بَاب الْإِيلَاء

- ‌بَاب الظِّهَار

- ‌بَاب اللّعان

- ‌بَاب الْعدة

- ‌بَاب الِاسْتِبْرَاء

- ‌بَاب الرَّضَاع

- ‌بَاب النَّفَقَة

- ‌بَاب الْحَضَانَة

- ‌كتاب الْجِنَايَات

- ‌بَاب أَنْوَاع الْقَتْل

- ‌بَاب الْقصاص فِيمَا دون النَّفس

- ‌بَاب الدِّيات

- ‌بَاب الْقسَامَة

- ‌بَاب كَفَّارَة الْقَتْل

- ‌كتاب الْحُدُود

- ‌بَاب حد الزِّنَا

- ‌بَاب حد الْقَذْف

- ‌بَاب حد الْخمر

- ‌بَاب حد السّرقَة

- ‌بَاب حد قطاع الطَّرِيق

- ‌بَاب حكم الصَّائِل

- ‌بَاب قتال الْبُغَاة

- ‌بَاب الرِّدَّة وَحكم الْمُرْتَد

- ‌كتاب الْجِهَاد

- ‌بَاب الْغَنِيمَة

- ‌بَاب الْفَيْء

- ‌بَاب الْجِزْيَة

- ‌كتاب الصَّيْد والذبائح والضحايا والأطعمة

- ‌بَاب الزَّكَاة وَالصَّيْد

- ‌بَاب مَا يحل وَمَا يحرم من الْأَطْعِمَة

- ‌بَاب الْأُضْحِية

- ‌بَاب الْعَقِيقَة

- ‌كتاب السَّبق وَالرَّمْي

- ‌كتاب الْإِيمَان وَالنُّذُور

- ‌بَاب الْيَمين

- ‌بَاب النّذر

- ‌كتاب الْأَقْضِيَة

- ‌بَاب شُرُوط القَاضِي

- ‌بَاب آدَاب الْقَضَاء

- ‌بَاب الْقِسْمَة

- ‌بَاب الدعاوي والبينات

- ‌بَاب الشَّهَادَة

- ‌بَاب أَقسَام الْمَشْهُود بِهِ

- ‌كتاب الْعتْق

- ‌بَاب الْوَلَاء

- ‌بَاب التَّدْبِير

- ‌بَاب الْكِتَابَة

- ‌بَاب أَحْكَام أم الْوَلَد

الفصل: ‌باب محرمات الاحرام

الْفَرِيضَة أغنت عَن رَكْعَتي الْإِحْرَام وَقَالَ القَاضِي حُسَيْن إِن السّنة الرَّاتِبَة تغني عَنْهُمَا أَيْضا وَالله أعلم قَالَ

‌بَاب مُحرمَات الاحرام

(فصل وَيحرم على الْمحرم عشرَة أَشْيَاء لبس الْمخيط وتغطية الرَّأْس من الرجل وَالْوَجْه من الْمَرْأَة)

إِذا أحرم الرجل حرم عَلَيْهِ أَنْوَاع

الأول اللّبْس فِي جَمِيع بدنه وَرَأسه بِمَا يعد لبساً سَوَاء كَانَ مخيطاً كالقميص والسراويل أَو غَيره كالعمامة والإزار لما ورد

(أَن رجلا سَأَلَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا يلبس الْمحرم من الثِّيَاب فَقَالَ لَا تلبسوا من الثِّيَاب الْقَمِيص وَلَا الْعِمَامَة وَلَا السراويلات وَلَا البرانس وَلَا الْخفاف إِلَّا أَن لَا يجد النَّعْلَيْنِ فليلبس الْخُفَّيْنِ وليقطعهما أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ وَلَا تلبسوا من الثِّيَاب مَا مَسّه ورس أَو زعفران) وَأما فِي الرَّأْس الْخُفَّيْنِ فَلقَوْله صلى الله عليه وسلم فِي الْمحرم الَّذِي خر عَن بعيره مَيتا

0 -

لَا تخمروا رَأسه فَإِنَّهُ يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة ملبياً) وَلَا فرق بَين الْمُتَّخذ من الْقطن والكتان والجلود واللبود وَالضَّابِط أَنه تجب الْفِدْيَة بستر مَا يعد ساتراً حَتَّى أَنه لَو طلى رَأسه بطين ثخين أَو حناء أَو مرهم ثخين وَجَبت الْفِدْيَة وَلَا يضر وضع الْيَد على الرَّأْس وَلَا حمل الزنبيل وَنَحْوه وَلَا يشْتَرط لوُجُوب الْفِدْيَة ستر جَمِيع الرَّأْس كَمَا لَا يشْتَرط فِي فديَة الْحلق اسْتِيعَاب الرَّأْس بل يجب بستر قدر يقْصد بستره لغَرَض كستر عصابته ولزقه لجرح وَنَحْوه وَالضَّابِط أَنه تجب الْفِدْيَة بِمَا يُسمى ساتراً سَوَاء ستر كل الرَّأْس أَو بعضه وَلَا تجب الْفِدْيَة بتغطيته بيد الْغَيْر على الْمَذْهَب وَلَو ألْقى القباء أَو الفرجية على كَتفيهِ لَزِمته

ص: 221

الْفِدْيَة وَإِن لم يخرج أكمامه لصدق اسْم اللّبْس بذلك سَوَاء طَال الزَّمَان أم قصر وَلَو ارتدى بالفرجية أَو التحف بذلك وَنَحْوه فَلَا وَكَذَا لَو ائتزر بسراويل فَلَا فديَة كَمَا لَو ائتزر بإزار لفقه من رقاع وَيجوز أَن يعْقد الْإِزَار وَهُوَ الَّذِي يشده ليستر عَوْرَته وَيجوز أَن يشد عَلَيْهِ خيطاً وَيجوز أَن يَجْعَل لَهُ مثل مَوضِع التكة وَيدخل فِيهِ خيطاً وَأما الرِّدَاء وَهُوَ الَّذِي يوضع على الأكتاف فَلَا يجوز عقده وَلَا تخليله بخلال وَلَا بمسلة وَلَا ربط طرفه بطرفه الآخر بخيط كَمَا يَفْعَله الْعَوام يضع أحدهم حَصَاة صَغِيرَة ويعقدها بخيط والطرف الآخر كَذَلِك فَهَذَا حرَام وَتجب فِيهِ الْفِدْيَة وَله أَن يتقلد السَّيْف ويشد الهيمان على وَسطه هَذَا كُله فِي الرجل

وَأما الْمَرْأَة فَالْوَجْه فِي حَقّهَا كرأس الرجل وتستر جَمِيع رَأسهَا وبدنها بالمخيط وَلها أَن تستر وَجههَا بِثَوْب أَو خرقَة بِشَرْط أَلا يمس وَجههَا سَوَاء كَانَ لحَاجَة أَو لغير حَاجَة من حر أَو برد أَو خوف فتْنَة وَنَحْو ذَلِك فَلَو أصَاب السَّاتِر وَجههَا باختيارها لَزِمَهَا الْفِدْيَة وَإِن كَانَ بِغَيْر اخْتِيَارهَا فَإِن إِزَالَته فِي الْحَال فَلَا فديَة وَإِلَّا وَجَبت الْفِدْيَة ثمَّ هَذَا كُله حَيْثُ لَا عذر أما الْمَعْذُور كمن احْتَاجَ إِلَى ستر رَأس أَو لبس ثِيَابه لحر أَو برد أَو مداواة ستر وَجَبت الْفِدْيَة وَالله أعلم

(فرع) إِذا لبس الْمحرم وَطيب وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يحرم عَلَيْهِ تعدّدت الْفِدْيَة سَوَاء كَانَ ذَلِك متوالياً أَو مُتَفَرقًا لاخْتِلَاف جنس ذَلِك كَمَا لَو زنى وسرق فَإِنَّهُ يقطع وَيحد وَإِن اتَّحد بِأَن لبس ثمَّ لبس وتكرر ذَلِك مِنْهُ أَو تطيب مرَارًا لزمَه لكل مرّة كَفَّارَة على الصَّحِيح سَوَاء كَانَ بِغَيْر عذر أَو بِعُذْر هَذَا إِذا فعله فِي أَوْقَات مُتَفَرِّقَة أما لَو والى بَين اللّبْس مرَارًا أَو التَّطَيُّب بِحَيْثُ يعد فِي الْعرف متوالياً لزمَه فديَة وَاحِدَة وَالله أعلم قَالَ

(وترجيل الشّعْر وَحلق الشّعْر وتقليم الْأَظْفَار)

ترجيل الشّعْر تسريحه وَهُوَ مَكْرُوه وَكَذَا حكه بالظفر قَالَه النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب فَلَو فعل فانتتفت شَعرَات لزمَه الْفِدْيَة فَلَو شكّ هَل كَانَ منتتفاً أَو انتتف بالمشط فالراجح أَنه لَا فديَة عَلَيْهِ لِأَن الأَصْل بَرَاءَة الذِّمَّة وَيُمكن حمل كَلَام الشَّيْخ على مَا إِذا علم أَن التسريح ينتف الشّعْر لتلبد وَنَحْوه وَأما إِزَالَة الشّعْر بِالْحلقِ فَحَرَام لقَوْله تَعَالَى {وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحَله} وَلَا فرق بَين شعر الرَّأْس وَشعر سَائِر الْبدن وَلَا فرق بَين الْحلق والنتف والقص والاحراق وَكَذَا الْإِزَالَة بالنورة وَنَحْو ذَلِك وَلَو عبر الشَّيْخ بالإزالة لشمل ذَلِك وَإِزَالَة الظفر كالشعر وَلَا فرق بَين القص وَالْقطع بِالسِّنِّ وَالْكَسْر وَغير ذَلِك وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين الظفر الْوَاحِد وَغَيره كَمَا فِي الشّعْر وَالله أعلم قَالَ

ص: 222

(وَالطّيب)

من الْأَنْوَاع الْمُحرمَة على الْمحرم اسْتِعْمَال الطّيب فِي الثَّوْب وَالْبدن لِأَن ترفه والحاج أَشْعَث أغبر كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَر وَلَا فرق بَين اسْتِعْمَاله فِي الظَّاهِر أَو الْبَاطِن كَمَا لَو استنشقه أَو احتقن بِهِ وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين الأخشم وَغَيره كَمَا قَالَه فِي شرح الْمُهَذّب ثمَّ الطّيب هُوَ مَا ظهر فِيهِ غَرَض التَّطَيُّب كالورد والياسمين والبنفسج وَالريحَان الْفَارِسِي وَأما اسْتِعْمَاله فَهُوَ أَن يلصق الطّيب بِيَدِهِ أَو ثِيَابه على الْوَجْه الْمُعْتَاد فِي ذَلِك فَلَو احتوى على مبخرة أَو حمل فَأْرَة مسك مشقوقة أَو مَفْتُوحَة أَو جلس على فرَاش مُطيب أَو أَرض مطيبة أَو شده فِي طرف ثَوْبه أَو جعله فِي جيبه أَو لبست الْمَرْأَة الْحلِيّ المحشو بِهِ حرم وَلَو حمل مسكاً أَو غَيره فِي كيس أَو خرقه مشدودة لم يحرم شمه أم لَا نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَلَو وطئ بنعله طيبا حرم عَلَيْهِ كَذَا أطلقهُ الرَّافِعِيّ وَشرط الْمَاوَرْدِيّ أَن يعلق بِهِ شَيْء مِنْهُ وَنَقله عَن نَص الشَّافِعِي وَالله أعلم وكما يحرم عَلَيْهِ التَّطَيُّب يحرم عَلَيْهِ أكل مَا فِيهِ طيب ظَاهر الطّعْم واللون والرائحة لِأَنَّهُ مُسْتَعْمل للطيب والترفه فَلَو ظهر طعمه وريحه حرم أَيْضا وَكَذَا الطّعْم مَعَ اللَّوْن وَكَذَا الرّيح وَحده وَالله أعلم قَالَ

(وَقتل الصَّيْد)

أجمع النَّاس على تَحْرِيم قتل الصَّيْد على الْمحرم وَالصَّيْد كل متوحش طبعا لَا يُمكن أَخذه إِلَّا بحيلة وَالْمرَاد بالمتوحش الْجِنْس فَلَا فرق فِيهِ بَين أَن يسْتَأْنس أم لَا وَلَا فرق فِي الصَّيْد بَين الْوَحْش وَالطير لصدق الإسم عَلَيْهِ وكما يحرم الْقَتْل يحرم الِاصْطِيَاد وَهَذَا بالاجماع وَقد نَص الْقُرْآن على مَنعه قَالَ الله تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} وكما يحرم قَتله يحرم التَّعَرُّض لَهُ بالإيذاء لأجزائه بِالْجرْحِ وَغَيره وكما يشْتَرط أَن يكون وحشياً وَإِن استأنس فَيشْتَرط أَيْضا أَن يكون مَأْكُولا أَو فِي أَصله مَأْكُولا فَلَا يحرم الأنسي وَإِن توحش لِأَنَّهُ لَيْسَ بصيد

وَأما غير الْمَأْكُول إِذا لم يكن فِي أَصله مَأْكُولا فَلَا يحرم التَّعَرُّض لَهُ وَلَا فدَاء على الْمحرم فِي قَتله بل فِي هَذَا النَّوْع يسْتَحبّ قَتله للْمحرمِ وَغَيره وَهِي المؤذيات بل فِي كَلَام الرَّافِعِيّ فِي بَاب الْأَطْعِمَة مَا يَقْتَضِي الْوُجُوب كالحية وَالْعَقْرَب والفأر وَالْكَلب الْعَقُور والغراب والشوحة وَالذِّئْب والأسد وَالنُّمُور والدب والنسر وَالْعِقَاب والبرغوث والبق والزنبور وَلَو ظهر الْقمل على الْمحرم لم يكره تنحيته وَلَو قَتله لم يلْزمه شَيْء نعم يكره أَن يفلي رَأسه ولحيته فَإِن فعل وَأخرج قملة وقتلها تصدق وَلَو بلقمة نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَهَذَا التَّصَدُّق مُسْتَحبّ وَقيل

ص: 223

وَاجِب لما فِيهِ من إِزَالَة الْأَذَى عَن الرَّأْس والصبئان وَهُوَ بيض الْقمل كالقمل نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَالله أعلم قَالَ

(وَعقد النِّكَاح وَالْوَطْء والمباشرة بِشَهْوَة)

يحرم على الْمحرم أَن يتَزَوَّج أَو يُزَوّج سَوَاء كَانَ ذَلِك بِالْوكَالَةِ أَو بِالْولَايَةِ سَوَاء فِي ذَلِك الْولَايَة الْخَاصَّة أَو الْعَامَّة لقَوْله عليه الصلاة والسلام

(لَا ينْكح الْمحرم وَلَا ينْكح) وَفِي رِوَايَة

(لَا يخْطب)

(لَا يتَزَوَّج الْمحرم وَلَا يُزَوّج) فَإِن فعل ذَلِك فَالْعقد بَاطِل لِأَن النَّهْي يَقْتَضِي التَّحْرِيم وَالْفساد وَهُوَ إِجْمَاع الصَّحَابَة وكما يحرم عقد النِّكَاح يحرم الْجِمَاع وَهُوَ تغييب الْحَشَفَة فِي فرج قبلا كَانَ أَو دبراً ذكرا كَانَ المولج فِيهِ أَو أُنْثَى آدَمِيًّا كَانَ أَو بَهِيمَة لقَوْله تَعَالَى {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} والرفث الْجِمَاع وَمعنى لَا رفث لَا ترفثوا لَفظه خبر وَمَعْنَاهُ النَّهْي وكما يحرم الْجِمَاع تحرم الْمُبَاشرَة فِيمَا دون الْفرج بِشَهْوَة وَكَذَا الاستمناء لِأَنَّهُ إِذا حرم دواعي الْوَطْء كالطيب وَالْعقد فَلِأَن تحرم هَذِه الْأَشْيَاء أولى وَلِأَنَّهَا تحرم على الْمُعْتَكف وَلَا شكّ أَن الأحرام أكد مِنْهُ وَالله أعلم قَالَ

(وَفِي جَمِيع ذَلِك الْفِدْيَة إِلَّا عقد النِّكَاح فَإِنَّهُ لَا ينْعَقد وَلَا يُفْسِدهُ إِلَّا الْوَطْء فِي الْفرج وَلَا يخرج مِنْهُ بِالْفَسَادِ)

هَذِه الْمُحرمَات الَّتِي ذكرت من الطّيب وَغَيره من فعلهَا أَو فعل نوعا مِنْهَا بِشَرْطِهِ وَجَبت عَلَيْهِ الْفِدْيَة إِلَّا عقد النِّكَاح لعدم حُصُول الْمَقْصُود مِنْهُ وَهُوَ الإنعقاد بِخِلَاف بَاقِي الْمُحرمَات لِأَنَّهُ استمتع بِمَا هُوَ محرم عَلَيْهِ وَيشْتَرط لوُجُوب الْفِدْيَة فِي الْمُبَاشرَة فِيمَا دون الْفرج الْإِنْزَال صرح بِهِ الْمَاوَرْدِيّ وَإِذا جَامع فسد حجه إِن كَانَ قبل التَّحَلُّل الأول فَإِن كَانَ قبل الْوُقُوف فبالإجماع قَالَه القَاضِي حُسَيْن وَالْمَاوَرْدِيّ وَإِن كَانَ بعده فقد خَالف فِيهِ أَبُو حنيفَة حجتنا عَلَيْهِ أَنه وَطْء صَادف إحراماً صَحِيحا لم يحصل فِيهِ التَّحَلُّل الأول فَأشبه مَا قبل الْوُقُوف وَإِن وَقع بعد التَّحَلُّل لم يفْسد على الْمَذْهَب وكما يفْسد الْحَج يفْسد الْعمرَة إِلَّا تحلل وَاحِد وَقَوله وَلَا يخرج مِنْهُ بِالْفَسَادِ يَعْنِي يجب عَلَيْهِ أَن يمْضِي فِي حجه ويتمه وَإِن كَانَ فَاسِدا لقَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعمْرَة لله}

ص: 224

وكل مَا كَانَ يجب عَلَيْهِ أَن يفعل ويجتنبه فِي الصَّحِيح يجب فِي الْفَاسِد وَيجب مَعَ ذَلِك الْقَضَاء سَوَاء كَانَ الْحَج فرضا أَو تَطَوّعا وَيَقَع الْقَضَاء من الْمُفْسد إِن كَانَ فرضا وَقع عَنهُ فرضا وَإِن كَانَ تَطَوّعا فَعَنْهُ وَيجب الْقَضَاء على الْفَوْر على الْأَصَح وَيجب عَلَيْهِ أَن يحرم فِي الْقَضَاء من الْموضع الَّذِي أحرم مِنْهُ حَتَّى لَو كَانَ أحرم من دويرة أَهله لزمَه وَإِن كَانَ أحرم من الْمِيقَات أحرم مِنْهُ وَإِن كَانَ أحرم بعد مُجَاوزَة الْمِيقَات فَإِن كَانَ جَاوز مسيئاً أحرم من الْمِيقَات الشَّرْعِيّ قطعا وَكَذَا إِن كَانَ غير مسييء على الصَّحِيح بِأَن جاوزه غير مُرِيد للنسك ثمَّ بدا لَهُ فَأحْرم وَأما الْمَرْأَة فَإِن جَامعهَا مُكْرَهَة أَو نَائِمَة لم يفْسد حَجهَا وَإِن كَانَت طَائِعَة عَالِمَة فسد حَجهَا وَالله أعلم قَالَ

(وَمن فَاتَهُ الْوُقُوف بِعَرَفَة تحلل بِعَمَل عمْرَة وَعَلِيهِ الْقَضَاء وَالْهَدْي وَمن ترك ركنا لم يحل من إِحْرَامه حَتَّى يَأْتِي بِهِ)

إِذا فَاتَ الشَّخْص وَهُوَ حَاج الْوُقُوف بِعَرَفَة بِأَن طلع الْفجْر يَوْم النَّحْر وَلم يحصل بِعَرَفَات فقد فَاتَهُ الْحَج لقَوْله عليه الصلاة والسلام

(من أدْرك عَرَفَة لَيْلًا فقد أدْرك الْحَج وَمن فَاتَهُ عَرَفَة لَيْلًا فقد فَاتَهُ الْحَج فليهل بِعُمْرَة وَعَلِيهِ الْحَج من قَابل) وَلِأَنَّهُ ركن فقيد بِوَقْت ففات بفواته كَالْجُمُعَةِ ويتحلل على الْفَوْر بِعَمَل عمْرَة وَهُوَ الطّواف وَالسَّعْي وَالْحلق وَلَا بُد من الطّواف بِلَا خلاف وَكَذَا السَّعْي على الْمَذْهَب إِن لم يكن سعى عقيب طواف الْقدوم وَأما الْحلق فَيجب إِن جَعَلْنَاهُ نسكا وَهُوَ الرَّاجِح وَإِلَّا فَلَا وَلَا يجب الرَّمْي بمنى وَكَذَا الْمبيت بهَا وَإِن بفي وقتهما وكما يجب الْقَضَاء يجب الْهَدْي جَاءَ هَبَّار بن الْأسود يَوْم النَّحْر إِلَى عمر رضي الله عنه فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَخْطَأنَا الْعدَد فَقَالَ لَهُ عمر اذْهَبْ إِلَى مَكَّة فَطُفْ بِالْبَيْتِ أَنْت وَمن مَعَك واسعوا بَين الصَّفَا والمروة وانحروا هَديا إِن كَانَ مَعكُمْ ثمَّ احْلقُوا أَو قصروا ثمَّ ارْجعُوا فَإِذا كَانَ عَام قَابل فحجوا وأهدوا فَمن لم يجد فَصِيَام ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَج وَسَبْعَة إِذا رَجَعَ قَالَه النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب واشتهر ذَلِك فَلم يُنكره أحد فَكَانَ إِجْمَاعًا

وَاعْلَم أَنه لَا فرق فِي الْفَوات بَين أَن يكون بتقصير كالفوات بأشغال الدُّنْيَا أَو بِلَا تَقْصِير كالنوم وَالله أعلم وَقَوله

(وَمن ترك ركنا لم يحل من إِحْرَامه حَتَّى يَأْتِي بِهِ) يَعْنِي أَنه لَا يجْبر بِدَم بل

ص: 225