الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَاءَ أحدكُم يَوْم الْجُمُعَة وَقد خرج الإِمَام فَليصل رَكْعَتَيْنِ) وَفِي رِوَايَة
(وَالْإِمَام يخْطب فليركع رَكْعَتَيْنِ وليتجوز فيهمَا) قَالَ النَّوَوِيّ وَهَذِه الْأَحَادِيث كلهَا صَرِيحَة فِي الدّلَالَة لمَذْهَب الشَّافِعِي وَأحمد وَتَأْويل من قَالَ إِن أمره صلى الله عليه وسلم لسليك بِالْقيامِ ليتصدق عَلَيْهِ بَاطِل يردهُ صَرِيح قَوْله صلى الله عليه وسلم
(إِذا جَاءَ أحدكُم يَوْم الْجُمُعَة وَالْإِمَام يخْطب فليركع رَكْعَتَيْنِ وليتجوز فيهمَا) فَهَذَا نَص صَرِيح لَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ تَأْوِيل وَلَا أَظن عَالما يبلغهُ هَذَا اللَّفْظ صَحِيحا فيخالفه وَالله أعلم
وَقَول الشَّيْخ وَمن دخل وَالْإِمَام يخْطب يَقْتَضِي أَن الْحَاضِر لَا يفْتَتح صَلَاة وَلم يبين أَنه مَكْرُوه أم لَا وَعبارَة الرَّافِعِيّ وَالرَّوْضَة يَنْبَغِي لمن لَيْسَ فِي الصَّلَاة من الْحَاضِرين أَن لَا يستفتحها سَوَاء صلى السّنة أم لَا وَفِي الْحَاوِي الصَّغِير الْكَرَاهَة وَالَّذِي ذكره النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب أَنه حرَام وَنقل الْإِجْمَاع على ذَلِك وَلَفظه قَالَ أَصْحَابنَا إِذا جلس الإِمَام على الْمِنْبَر حرم على من فِي الْمَسْجِد أَن يبتدىء صَلَاة وَإِن كَانَ فِي صَلَاة خففها وَهَذَا إِجْمَاع قَالَه الْمَاوَرْدِيّ وَكَذَا ذكره الشَّيْخ أَبُو حَامِد وَالله أعلم قلت هَذِه مَسْأَلَة حَسَنَة نفيسة قل من يعرفهَا على وَجههَا فَيَنْبَغِي الاعتناء بهَا وَلَا يغتر بِفعل ضعفاء الطّلبَة وجهلة المتصوفة فَإِن الشَّيْطَان يتلاعب بصوفية زملننا كتلاعب الصّبيان بالكرة وَأَكْثَرهم صدهم عَن الْعلم مشقة الطّلب فاستدرجهم الشَّيْطَان قَالَ السَّيِّد الْجَلِيل أبوزيد قعدت ثَلَاثِينَ سنه فِي المجاهدة فَلم أر أصعب عَليّ من الْعلم وَقَالَ السَّيِّد الْجَلِيل أَبُو بكر الشبلي إِن فِي الطَّاعَة من الْآفَات مَا يغنيكم أَن تَطْلُبُوا الْمعاصِي فِي غَيرهَا وَقَالَ السَّيِّد الْجَلِيل ضرار بن عَمْرو إِن قوما تركُوا الْعلم ومجالسة الْعلمَاء وَاتَّخذُوا محاريب وصلوا وصاموا حَتَّى يبس جلد أحدهم على عظمه خالفوا فهلكوا وَالَّذِي لَا اله غَيره مَا عمل عَامل على جهل إِلَّا كَانَ مَا يفْسد أَكثر مِمَّا يصلح وَهَذِه زِيَادَة خَارجه عَن الْفَنّ الَّذِي نَحن فِيهِ فَمن أَرَادَ من هَذِه المناداة فَعَلَيهِ بِكِتَاب سير السالك فِي أَسْنَى المسالك وَالله أعلم قَالَ
بَاب صَلَاة الْعِيدَيْنِ
(فصل وَصَلَاة الْعِيدَيْنِ سنة مُؤَكدَة وَهِي رَكْعَتَانِ يكبر فِي الأولى سبعا سوى تَكْبِيرَة الْإِحْرَام وَفِي الثَّانِيَة خمْسا سوى تَكْبِيرَة الْقيام ويخطب بعْدهَا خطبتين)
الْعِيد مُشْتَقّ من الْعود لِأَنَّهُ يعود فِي السنين أَو يعود السرُور بعوده أَو لِكَثْرَة عوائد الله تَعَالَى
على عباده فِيهِ أَي أفضاله ثمَّ صَلَاة الْعِيد مَطْلُوبَة بِالْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الْأمة قَالَ الله تَعَالَى {فصل لِرَبِّك وانحر} قيل المُرَاد بِالصَّلَاةِ هُنَا صَلَاة عيد النَّحْر وَلَا خَفَاء فِي أَنه عليه الصلاة والسلام كَانَ يُصَلِّيهمَا هُوَ وَالصَّحَابَة مَعَه وَمن بعده وَرُوِيَ أَنه عليه الصلاة والسلام أول عيد صلاه الْفطر فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة وفيهَا فرضت زَكَاة الْفطر قَالَه الْمَاوَرْدِيّ ثمَّ الصَّلَاة سنة لقَوْل الْأَعرَابِي هَل عَليّ غَيرهَا أَي غير الصَّلَوَات الْخمس قَالَ لَا إِلَّا أَن تطوع وَهَذَا مَا نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَقيل إِنَّهَا فرض كِفَايَة لِأَنَّهَا من شَعَائِر الْإِسْلَام فَتَركهَا تهاون فِي الدّين وتشرع جمَاعَة بِالْإِجْمَاع وَالْمذهب أَنَّهَا تشرع للنفرد وَالْمُسَافر وَالْعَبْد وَالْمَرْأَة لِأَنَّهَا نَافِلَة فَأَشْبَهت الاسْتِسْقَاء والكسوف نعم يكره للشابة الجميلة وَذَوَات الْهَيْئَة الْحُضُور وَيسْتَحب للعجوز الْحُضُور فِي ثِيَاب بذلتها بِلَا طيب
قلت يَنْبَغِي الْقطع فِي زَمَاننَا بِتَحْرِيم خُرُوج الشابات وَذَوَات الهيئات لِكَثْرَة الْفساد وَحَدِيث أم عَطِيَّة وَإِن دلّ على الْخُرُوج إِلَّا أَن الْمَعْنى الَّذِي كَانَ فِي خير الْقُرُون قد زَالَ وَالْمعْنَى أَنه كَانَ فِي الْمُسلمين قلَّة فَأذن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَهُنَّ فِي الْخُرُوج ليحصل بِهن الْكَثْرَة وَلِهَذَا أذن للْحيض مَعَ أَن الصَّلَاة مفقودة فِي حقهن وتعليله بشهودهن الْخَيْر ودعوة الْمُسلمين لَا يُنَافِي مَا قُلْنَا وَأَيْضًا فَكَانَ الزَّمَان زمَان أَمن فَكُن لَا يبدين زينتهن ويغضضن أبصارهن وَكَذَا الرِّجَال يَغُضُّونَ من أَبْصَارهم وَأما زَمَاننَا فخروجهن لأجل إبداء زينتهن وَلَا يغضضن أبصارهن وَلَا يغض الرِّجَال من أَبْصَارهم ومفاسد خروجهن مُحَققَة وَقد صَحَّ عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَت
(لَو رأى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا أحدث النِّسَاء لمنعهن الْمَسَاجِد كَمَا منعت نسَاء بني إِسْرَائِيل) فَهَذِهِ فَتْوَى أم الْمُؤمنِينَ فِي خير الْقُرُون فَكيف بزماننا هَذَا الْفَاسِد وَقد قَالَ بِمَنْع النِّسَاء من الْخُرُوج إِلَى الْمَسَاجِد خلق غير عَائِشَة رضي الله عنها مِنْهُم عُرْوَة بن الزبير رضي الله عنه وَالقَاسِم وَيحيى الْأنْصَارِيّ وَمَالك وَأَبُو حنيفَة مرّة وَمرَّة أجَازه وَكَذَا مَنعه أَبُو يُوسُف وَهَذَا فِي ذَلِك الزَّمَان وَأما فِي زَمَاننَا هَذَا فَلَا يتَوَقَّف أحد من الْمُسلمين فِي مَنعهنَّ إِلَّا غبي قَلِيل البضاعة فِي معرفَة أسرار الشَّرِيعَة قد تمسك بِظَاهِر دَلِيل حمل على ظَاهره دون فهم مَعْنَاهُ مَعَ إهماله فهم عَائِشَة رضي الله عنها وَمن نحا نَحْوهَا وَمَعَ إهمال الْآيَات الدَّالَّة على تَحْرِيم إِظْهَار الزِّينَة وعَلى وجوب غض الْبَصَر فَالصَّوَاب الْجَزْم بِالتَّحْرِيمِ وَالْفَتْوَى بِهِ وَالله أعلم
ثمَّ وَقتهَا مَا بَين طُلُوع الشَّمْس والزوال وَقيل لَا يدْخل وَقتهَا إِلَّا بارتفاع الشَّمْس قدر رمح وَالصَّحِيح الأول والارتفاع قدر رمح مُسْتَحبّ ليزول وَقت الْكَرَاهَة وكيفيتها رَكْعَتَانِ للادلة وَإِجْمَاع الْأمة وَيَنْوِي صَلَاة عيد الْفطر أَو الْأَضْحَى وَيكبر فِي الأولى سبع
تَكْبِيرَات غير تَكْبِيرَة الْإِحْرَام وَفِي الثَّانِيَة خمْسا سوى تَكْبِيرَة الْقيام من السُّجُود
(رُوِيَ أَنه عليه الصلاة والسلام كَانَ يكبر فِي الْفطر والأضحى فِي الأولى سبعا قبل الْقِرَاءَة وَفِي الثَّانِيَة خمْسا قبل الْقِرَاءَة) وَيقف بَين كل تكبيرتين قدر آيَة معتلة يهلل وَيكبر ويحمد ورد عَن ابْن مَسْعُود قولا وفعلاً وَمعنى يهلل يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله والتحميد التَّعْظِيم وَهَذَا إِشَارَة إِلَى التَّسْبِيح والتحميد وَيحسن سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر لِأَنَّهُ اللَّائِق بِالْحَال وجامع للأنواع الْمَشْرُوعَة للصَّلَاة وَهِي الْبَاقِيَات الصَّالِحَات كَمَا قَالَه ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما وَجَمَاعَة وَلَو نسي التَّكْبِيرَات وَشرع فِي الْقِرَاءَة فَاتَت وَيقْرَأ بعد الْفَاتِحَة فِي الأولى ق وَفِي الثَّانِيَة اقْتَرَبت بكمالها رَوَاهُ مُسلم وَتَكون الْقِرَاءَة جَهرا للسّنة وَإِجْمَاع الْأمة وَكَذَا يجْهر بالتكبيرات ثمَّ يسن بعد الصَّلَاة خطبتان ورد عَن ابْن عمر رضي الله عنهما أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَبا بكر وَعمر رضي الله عنهما
(كَانُوا يصلونَ الْعِيد قبل الْخطْبَة) فَلَو خطب قبل الصَّلَاة لم يعْتد بهَا على الصَّحِيح الصَّوَاب الَّذِي نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وتكرير الْخطْبَة هُوَ بِالْقِيَاسِ على الْجُمُعَة وَلَو يثبت فِيهِ حَدِيث قَالَه النَّوَوِيّ فِي الْخُلَاصَة وَيسْتَحب أَن يفْتَتح الأولى بتسع تَكْبِيرَات وَالثَّانيَِة بِسبع تَكْبِيرَات وَاعْلَم أَن الصَّلَاة تجوز فِي الصَّحرَاء فَإِن كَانَ بِمَكَّة فالمسجد الْحَرَام أفضل وَإِن لم يكن عذر فَإِن ضَاقَ الْمَسْجِد فالصحراء أولى بل يكره فعلهَا فِي الْمَسْجِد وَإِن كَانَ الْمَسْجِد وَاسِعًا فَالصَّحِيح أَن الْمَسْجِد أولى وَالله أعلم قَالَ
(وَيكبر من غرُوب الشَّمْس لَيْلَة الْعِيد إِلَى أَن يدْخل الإِمَام فِي الصَّلَاة وَفِي الْأَضْحَى خلف الصَّلَوَات الْفَرَائِض من صبح يَوْم عَرَفَة إِلَى الْعَصْر من آخر أَيَّام التَّشْرِيق)
يسْتَحبّ التَّكْبِير بغروب الشَّمْس لَيْلَتي الْعِيد الْفطر والأضحى وَلَا فرق فِي ذَلِك بَين الْمَسَاجِد والبيوت والأسواق وَلَا بَين اللَّيْل وَالنَّهَار وَعند ازدحام النَّاس ليوافقوه على ذَلِك وَلَا فرق