الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَاب الصَّلَوَات المسنونة
(والصلوات المسنونة خمس العيدان والكسوفان وَالِاسْتِسْقَاء)
مُرَاده بالمسنونة الَّتِي تسن لَهَا الْجَمَاعَة وَسَتَأْتِي فِي موَاضعهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى قَالَ
(وَالسّنَن التابعة للفرائض سبع عشرَة رَكْعَة رَكعَتَا الْفجْر وَأَرْبع قبل الظّهْر وركعتان بعْدهَا وَأَرْبع قبل الْعَصْر وركعتان بعد الْمغرب وَثَلَاث بعد الْعشَاء يُوتر بِوَاحِدَة مِنْهُنَّ)
اخْتلف الْأَصْحَاب فِي عدد الرَّكْعَات التابعة للفرائض فالأكثرون على أَنَّهَا عشر رَكْعَات وَالْمرَاد الرَّاتِبَة الْمُؤَكّدَة وَإِلَّا فَمَا ذكره الشَّيْخ سنة وسنورد أدلته وَهِي رَكْعَتَانِ قبل الصُّبْح وركعتان قبل الظّهْر وركعتان بعْدهَا وركعتان بعد الْمغرب وركعتان بعد الْعشَاء وَحجَّة ذَلِك حَدِيث ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ
(صليت مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ قبل الظّهْر وَرَكْعَتَيْنِ بعْدهَا وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب وَرَكْعَتَيْنِ بعد الْعشَاء) وحدثتني حَفْصَة بنت عمر رضي الله عنهما أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم
(كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خفيفتين بَعْدَمَا يطلع الْفجْر) وَمن ذكر أَرْبعا قبل الظّهْر فحجته ورد عَن عَائِشَة رضي الله عنها أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم
(كَانَ لَا يدع أَرْبعا قبل الظّهْر) وَمن ذكر أَرْبعا قبل الْعَصْر فحجته مَا ورد عَن عَليّ رضي الله عنه أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم
(كَانَ يُصَلِّي قبل الْعَصْر أَربع رَكْعَات يفصل بَينهُنَّ) وَرُوِيَ
(رحم الله امْرأ صلى قبل الْعَصْر أَرْبعا) والركعتان بعد الْعشَاء مذكورتان فِي حَدِيث ابْن عمر ثمَّ المُرَاد بالمؤكد مَا واظب عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهل يسْتَحبّ رَكْعَتَانِ قبل صَلَاة الْمغرب وَجْهَان قَالَ النَّوَوِيّ الصَّحِيح استحبابهما فقد ورد
(صلوا قبل الْمغرب قَالَ فِي الثَّالِثَة لمن شَاءَ) وَفِي رِوَايَة
(كَانُوا يبتدرون السَّوَارِي لَهما إِذا أذن الْمغرب حَتَّى إِن الرجل ليدْخل الْمَسْجِد فيحسب أَن الصَّلَاة قد صليت لِكَثْرَة من بصليهما) وَالثَّانِي لَا يستحبان لما روى ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ
(مَا رَأَيْت أحدا يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْمغرب على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالله أعلم قَالَ
(وَثَلَاث نوافل مؤكدات صَلَاة اللَّيْل وَصَلَاة الضُّحَى وَصَلَاة التَّرَاوِيح)
لَا شكّ فِي اسْتِحْبَاب قيام اللَّيْل وَقد أَجمعت الْأَئِمَّة على اسْتِحْبَابه قَالَ الله تَعَالَى {وَمن اللَّيْل فتهجد بِهِ نَافِلَة لَك} وَقَالَ تَعَالَى {كَانُوا قَلِيلا من اللَّيْل مَا يهجعون} وَكَانَ وَاجِبا ثمَّ نسخ وَفِي الحَدِيث
(عَلَيْكُم بِقِيَام اللَّيْل فَإِنَّهُ دأب الصَّالِحين قبلكُمْ وقربة لكم إِلَى ربكُم ومكفرة للسيئات ومنهاة عَن الْإِثْم) وَفِي الْخَبَر أَيْضا
(من صلى فِي لَيْلَة بِمِائَة آيَة لم يكْتب من الغافلين وَمن صلى بِمِائَتي آيَة فَإِنَّهُ يكْتب من القانتين المخلصين) وَاعْلَم أَن وسط اللَّيْل أفضل لقَوْله صلى الله عليه وسلم
(لما سُئِلَ أَي الصَّلَاة أفضل بعد الْمَكْتُوبَة فَقَالَ صَلَاة جَوف اللَّيْل) وَلِأَن الْعِبَادَة فِيهِ أثقل والغفلة فِيهِ أَكثر وَالنّصف الْأَخير أفضل من الأول لمن أَرَادَ قيام نصفه لقَوْله تَعَالَى {وبالأسحار هم يَسْتَغْفِرُونَ} وَلِأَنَّهُ وَقت نزُول الرب سبحانه وتعالى وَهُوَ نزُول قدرَة لَا حُلُول وَلَا تجسيم {لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير} وَأفضل من ذَلِك كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضَة السُّدس الرَّابِع وَالْخَامِس لقَوْله صلى الله عليه وسلم
(أحب الصَّلَاة إِلَى الله تَعَالَى صَلَاة دَاوُد كَانَ ينَام نصف اللَّيْل وَيقوم ثلثه وينام سدسه) وَيكرهُ قيام اللَّيْل كُله قَالَ فِي الرَّوْضَة إِذا داوم عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُضر للعينين والجسد كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث قَالَ الْمُحب الطَّبَرِيّ فَإِن لم يجد بذلك مشقة اسْتحبَّ لَا سِيمَا للتلذذ بمناجاة الله سُبْحَانَهُ فَإِن وجد بذلك مشقة ومحذوراً كره وَإِلَّا لم يكره ورفقه بِنَفسِهِ أولى وَترك قيام اللَّيْل مَكْرُوه لمن اعتاده لقَوْله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ
(يَا عبد الله لَا تكن مثل فلَان كَانَ يقوم اللَّيْل ثمَّ تَركه) وَالله أعلم
وَمن سنَن صَلَاة الضُّحَى قَالَ الله تَعَالَى {يسبحْنَ بالْعَشي وَالْإِشْرَاق} قَالَ ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما الْإِشْرَاق صَلَاة الضُّحَى وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي - هُرَيْرَة رضي الله عنه قَالَ
(أَوْصَانِي خليلي بِثَلَاث صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام من كل شهر وركعتي الضُّحَى وَأَن أوتر قبل أَن انام) ثمَّ أقل الضُّحَى رَكْعَتَانِ وَأما أَكْثَرهَا فَالَّذِي ذكره الرَّافِعِيّ فِي الْمُحَرر وَالشَّرْح الصَّغِير وَنَقله فِي الشَّرْح الْكَبِير عَن الرَّوْيَانِيّ وَأقرهُ أَنَّهَا اثْنَتَا عشرَة رَكْعَة وَاحْتج لَهُ بقوله صلى الله عليه وسلم لأبي ذَر رضي الله عنه
(إِن صليت الضُّحَى اثْنَتَيْ عشرَة رَكْعَة بنى الله لَك بَيْتا فِي الْجنَّة) وَقَالَ النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب أَكْثَرهَا ثَمَان رَكْعَات قَالَه الْأَكْثَرُونَ وَرَوَاهُ الشَّيْخَانِ من حَدِيث أم هَانِيء وَذكر مثله فِي التَّحْقِيق قَالَ الرَّافِعِيّ ووقتها من حِين ترْتَفع الشَّمْس أَي قدر رمح إِلَى الاسْتوَاء وَتَبعهُ النَّوَوِيّ على ذَلِك فِي شرح الْمُهَذّب وَكَذَا ابْن الرّفْعَة لَكِن قَالَ النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة الَّذِي قَالَه الْأَصْحَاب إِن وَقتهَا يدْخل بِطُلُوع الشَّمْس لَكِن يسْتَحبّ تَأْخِيرهَا إِلَى الِارْتفَاع وَقَالَ الْمَاوَرْدِيّ وَقتهَا الْمُخْتَار إِذا مضى ربع النَّهَار وَجزم بِهِ النَّوَوِيّ فِي التَّحْقِيق قَالَ الْغَزالِيّ وَالْمعْنَى فِيهِ حَتَّى لَا يَخْلُو ربع النَّهَار عَن عبَادَة وَالله أعلم
وَأما صَلَاة التَّرَاوِيح فَلَا شكّ فِي سنيتها وانعقد الْإِجْمَاع على ذَلِك قَالَه غير وَاحِد وَلَا عِبْرَة بشواذ الْأَقْوَال وَقد ورد
(من قَامَ رَمَضَان إِيمَانًا واحتساباً غفر لَهُ مَا تقدم من ذَنبه) وَفِيهِمَا من حَدِيث عَائِشَة رضي الله عنها أَنه عليه الصلاة والسلام
(صلاهَا ليَالِي فصلوها مَعَه ثمَّ صلى فِي بَيته بَقِيَّة الشَّهْر وَقَالَ إِنِّي خشيت أَن تفرض عَلَيْكُم فتعجزوا عَنْهَا) ثمَّ إِنَّه عليه الصلاة والسلام اسْتمرّ على ذَلِك وَكَذَلِكَ الصّديق رضي الله عنه وصدراً من خلَافَة الْفَارُوق رضي الله عنه ثمَّ رأى النَّاس يصلونها فِي الْمَسْجِد فُرَادَى واثنين اثْنَيْنِ وَثَلَاثَة ثَلَاثَة فَجَمعهُمْ على أبي رضي الله عنه ووضب لَهُم عشْرين رَكْعَة وَأجْمع الصَّحَابَة مَعَه على ذَلِك وَفعل عمر ذَلِك لأمنه الافتراض وَسميت بالتراويح لأَنهم كَانُوا يستريحون بعد كل تسليمتين وَيَنْوِي فِي كل رَكْعَتَيْنِ التَّرَاوِيح أَو قيام رَمَضَان وَلَو صلاهَا أَرْبعا بِتَسْلِيمَة لم يَصح بِخِلَاف مَا لَو صلى سنة الظّهْر أَرْبعا بِتَسْلِيمَة فَإِنَّهُ يَصح وَالْفرق أَن التَّرَاوِيح شرعت فِيهَا الْجَمَاعَة فَأَشْبَهت الْفَرَائِض فَلَا تغير عَمَّا وَردت ووقتها مَا بَين صَلَاة الْعشَاء وطلوع الْفجْر الثَّانِي وفعلها فِي الْجَمَاعَة أفضل لما مر وَقيل الِانْفِرَاد أفضل كَسَائِر النَّوَافِل وَقيل إِن كَانَ حَافِظًا لِلْقُرْآنِ أمنا من الكسل وَلم تختل الْجَمَاعَة بتخلفه فالانفراد أفضل وَإِلَّا فالجماعة وَالله أعلم قَالَ