الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ لَا أهرقها) وَلِأَنَّهُ استعجل الْخلّ بِفعل محرم فَحرم كَمَا لَو قتل مُوَرِثه لاستعجال الْإِرْث فَإِنَّهُ لَا يَرِثهُ مُعَاملَة لَهُ بنقيض مَقْصُوده وَإِن خللت لَا بطرح شَيْء فِيهَا بِأَن نقلت من شمس إِلَى ظلّ أَو عَكسه فَإِنَّهَا تطهر على الرَّاجِح وَكَذَا لَو فتح الْوِعَاء حَتَّى دخل الْهَوَاء وَالْفرق بَين هَذَا وَبَين مَا إِذا طرح فِيهَا شَيْء أَو وَقع بِنَفسِهِ أَن الْوَاقِع ينجس بالخمرة فَإِذا استحالت خلا تنجست بِالْعينِ الْحَاصِلَة فِيهَا وَلَا يطهر النَّجس إِلَّا بِالْمَاءِ وَالله أعلم
(فَائِدَة) الْخمر اسْم للمسكر من مَاء الْعِنَب عِنْد الْأَكْثَرين وَلَا يُطلق على غَيره إِلَّا مجَازًا كَذَا ذكره الرَّافِعِيّ فِي بَاب حد الْخمر وَمُقْتَضَاهُ أَن التنبيذ لَا يطهر بالتخلل وَبِه صرح القَاضِي أَبُو الطّيب وَنَقله عِنْد ابْن الرّفْعَة أقره على ذَلِك لَكِن الْبَغَوِيّ أَنه لَو ألْقى المَاء فِي عصير الْعِنَب حَالَة عصره لم يضرّهُ بِلَا خلاف البصل وَنَحْوه وَمَا ذكره يدل على طَهَارَة النَّبِيذ بطرِيق الأولى وَالله أعلم
وَقد ألحق بَعضهم بِالْخمرِ الْعلقَة إِذا استحالت فَصَارَت آدَمِيًّا والبيضة المذرة إِذا صَارَت فرخاً وَدم الظبية إِذا صَارَت مسكاً وَالْميتَة إِذا صَارَت دوداً وَفِي الْإِلْحَاق نظر وَالله أعلم قَالَ
بَاب الْحيض وَالنّفاس
0 -
فصل وَيخرج من الْفرج ثَلَاثَة دِمَاء دم الْحيض وَدم النّفاس وَدم الِاسْتِحَاضَة فالحيض هُوَ الدَّم الْخَارِج من فرج الْمَرْأَة على سَبِيل الصِّحَّة من غير الْولادَة وَالنّفاس هُوَ الدَّم الْخَارِج عقب الْولادَة والإستحاضة هُوَ الدَّم سَبَب الْخَارِج فِي غير أَيَّام الْحيض وَالنّفاس)
الدَّم الْخَارِج من الرَّحِم إِن كَانَ خُرُوجه بِلَا عِلّة بل جبله أَي تَقْتَضِيه الطباع السليمة فَهُوَ دم حيض وَهُوَ شَيْء كتبه الله تَعَالَى على بَنَات آدم كَمَا جَاءَت بِهِ السّنة الشَّرِيفَة
وَهُوَ فِي اللُّغَة السيلان يُقَال حاض الْوَادي إِذا سَالَ وَفِي الشَّرْع دم يخرج بعد بُلُوغ الْمَرْأَة من أقْصَى رَحمهَا بِشُرُوط مَعْرُوفَة وَله أَسمَاء الْحيض والعراك والضحك والإكبار والإعصار والطمث والدراس قَالَ الإِمَام وَسمي نفاساً لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ لعَائِشَة رضي الله عنها
(أنفست) وَالَّذِي يحيض
من الْحَيَوَان أَرْبَعَة الْمَرْأَة والضبع والأرنب والخفاش
وَأما دم النّفاس فَهُوَ الْخَارِج عقيب ولادَة مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعدة سَوَاء وَضعته حَيا أَو مَيتا كَامِلا كَانَ أَو نَاقِصا وَكَذَا لَو وضعت علقَة أَو مُضْغَة جزم بِهِ فِي الرَّوْضَة وَسَوَاء كَانَ أَحْمَر أَو أصفر مُبتَدأَة كَانَت فِي الْولادَة أَولا وَيُؤْخَذ من كَلَام الشَّيْخ أَن الدَّم الْخَارِج مَعَ الْوَلَد أَو قبله لَا يكون نفاساً وَهُوَ كَذَلِك على الرَّاجِح
وَالنّفاس فِي اللُّغَة هُوَ الْولادَة
وَفِي اصْطِلَاح الْفُقَهَاء كَمَا ذكره الشَّيْخ وَيُسمى هَذَا الدَّم نفاساً لِأَنَّهُ يخرج عقب نفس وَأما الدَّم الْخَارِج وَلَيْسَ بحيض وَلَا بعد الْولادَة فَإِن كَانَ فِي زمن يُمكن فِيهِ الْحيض إِلَّا أَنه خرج فِي غير أَوْقَات الْحيض لمَرض أَو فَسَاد من عرق فَمه فِي أدنى الرَّحِم يمسى العاذل بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَيُقَال بِالْمُهْمَلَةِ فَهُوَ اسْتِحَاضَة وَمَا عدا هَذِه الدِّمَاء إِذا خرج من الْفرج فَهُوَ دم فَسَاد كالخارج قبل سنّ الْبلُوغ وَالله أعلم قَالَ
(وَأَقل الْحيض يَوْم وَلَيْلَة وغالبه سته أَو سبعه وَأَكْثَره جمسة عشر يَوْمًا) أقل الْحيض يَوْم وَلَيْلَة للاستقراء وَهُوَ التتبع رُوِيَ ذَلِك عَن على بن أبي طَالب رضي الله عنه وَنَصّ الشَّافِعِي رضي الله عنه على ذَلِك فِي عَامَّة كتبه وَنَصّ فِي مَوضِع آخر أَن أَقَله يَوْم وَمُرَاد الشَّافِعِي بليلته وغالبه سِتّ أَو سبع لقَوْله صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحش
(تحيضين سِتَّة أَيَّام أَو سَبْعَة فِي علم الله تَعَالَى ثمَّ اغْتَسِلِي وَإِذا رَأَيْت أَنَّك قد طهرت واستنقأت فَصلي أَرْبعا وَعشْرين أَو ثَلَاثًا وَعشْرين لَيْلَة وأيامهن وصومي فَإِن ذَلِك يجْزِيك وَكَذَلِكَ فافعلي فِي كل شهر كَمَا يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن) وَأَكْثَره خَمْسَة عشر يَوْمًا بلياليهن للاستقراء وَرُوِيَ عَن عَليّ رضي الله عنه أَيْضا قَالَ الشَّافِعِي رَأَيْت نسَاء أثبت لي عَنْهُن أَنَّهُنَّ لم يزلن يحضن خمس عشر يَوْمًا وَعَن شريك وَعَطَاء نَحوه وَالْمُعْتَمد فِي ذَلِك الاستقراء وَلَا يَصح الِاسْتِدْلَال بِحَدِيث
(تمكث إِحْدَاهُنَّ شطر دهرها لَا تصلي) لِأَنَّهُ حَدِيث بَاطِل لَا يعرف قَالَه النَّوَوِيّ فِي شرح الْمُهَذّب قَالَ
وَأَقل النّفاس لَحْظَة زأكثره سِتُّونَ يَوْمًا وغالبه أَرْبَعُونَ يَوْمًا) أقل النّفاس لَحْظَة وَهِي عبارَة الْمِنْهَاج وَفِي التَّنْبِيه أَقَله مجة وَقَالَ فِي الرَّوْضَة تبعا للرافعي لَا حد لأقله بل يُوجد حكم النّفاس بِمَا وجد بِهِ وَحجَّة ذَلِك الاستقراء وَأَكْثَره سِتُّونَ يَوْمًا للاستقراء قَالَ الْأَوْزَاعِيّ عندنَا امْرَأَة ترى النّفاس شَهْرَيْن وَقَالَ ربيعَة شيخ مَالك أدْركْت النَّاس يَقُولُونَ أَكثر مَا تنفس الْمَرْأَة سِتُّونَ يَوْمًا وغالبه أَرْبَعُونَ لما رَوَت أم سَلمَة رضي الله عنها قَالَت
(كَانَت النُّفَسَاء على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تقعد بعد نفَاسهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا) وَاحْتج بَعضهم بِهَذَا الحَدِيث على أَكْثَره أَرْبَعُونَ وَالْمذهب الأول للوجود والْحَدِيث مَحْمُول على الْغَالِب جمعا بَينه وَبَين الاستقراء قَالَ
(وَأَقل الطُّهْر بَين الحيضتين خَمْسَة عشر يَوْمًا وَلَا حد لأكثره)
احْتج لَهُ بالاستقراء وَلِأَنَّهُ إِذا كَانَ الْحيض خَمْسَة عشر يَوْمًا لزم فِي الطُّهْر مَا ذكرنَا وَلَا حد لأكْثر الطُّهْر لِأَن من النِّسَاء من تحيض فِي السّنة مرّة بل فِي عمرها مرّة وَقَوله بَين الحيضتين احْتَرز بِهِ عَن الطُّهْر الْفَاصِل بَين الْحيض وَالنّفاس فَإِنَّهُ يجوز أَن يكون أقل من خَمْسَة عشر يَوْمًا كَمَا إِذا رَأَتْ الْحَامِل دَمًا وَقُلْنَا بِالصَّحِيحِ أَن الْحَامِل تحيض فَولدت بعده مثلا بِعشْرَة أَيَّام فَإِن هَذَا طهر فاصل لَكِن بَين حيض ونفاس قَالَ ابْن الرّفْعَة احْتَرز بِهِ عَن طهر المبتدأة والآيسة قَالَ
(وَأَقل زمَان تحيض فِيهِ الْجَارِيَة تسع سِنِين وَلَا حد لأكثره) دَلِيل الْوُجُود قَالَ الشَّافِعِي رضي الله عنه أعجب مَا سَمِعت من النِّسَاء تحيضن نسَاء تهَامَة تحضن لتسْع سِنِين وَفِيه حَدِيث ورد عَن عَائِشَة رضي الله عنها لِأَن كل مَا لَا ضَابِط لَهُ فِي الشَّرْع وَلَا فِي اللُّغَة يرجع فِيهِ إِلَى الْوُجُود وَقد وجده الشَّافِعِي رضي الله عنه ثمَّ المُرَاد بِالتسْعِ استكمالها