الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُضْطَجعا للْخَبَر السَّابِق وَيكون على جنبه الْأَيْمن على الْمَذْهَب الْمَنْصُوص وَيجب أَن يسْتَقْبل الْقبْلَة فَإِن لم يسْتَطع صلى على قَفاهُ وَيكون إيماؤه بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُود إِلَى الْقبْلَة إِن عجز عَن الاتيان بهما وَيكون سُجُوده أَخفض من رُكُوعه فَإِن عجز عَن ذَلِك أَوْمَأ بطرفه لِأَنَّهُ حد طاقته فَإِن عجز عَن ذَلِك أجْرى أَفعَال الصَّلَاة على قلبه ثمَّ إِن قدر فِي هَذِه الْحَالة على النُّطْق بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَة وَالتَّشَهُّد وَالسَّلَام أَتَى بِهِ وَإِلَّا أجراه على قلبه وَلَا ينقص ثَوَابه وَلَا يتْرك الصَّلَاة مَا دَامَ عقله ثَابتا وَإِذا صلى فِي هَذِه الْحَالة لَا إِعَادَة عَلَيْهِ عَلَيْهِ وَاحْتج الْغَزالِيّ لذَلِك بقوله صلى الله عليه وسلم
(إِذا أَمرتكُم بِأَمْر فَأتوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم) ونازعه الرَّافِعِيّ فِي ذَلِك الِاسْتِدْلَال وَلنَا وَجه أَنه فِي هَذِه الْحَالة لَا يُصَلِّي وَيُعِيد وَاعْلَم أَن المصلوب يلْزمه أَن يُصَلِّي نَص عَلَيْهِ الشَّافِعِي وَكَذَا الغريق على لوح قَالَه القَاضِي حُسَيْن وَغَيره
(فرع) إِذا كَانَ يُمكنهُ الْقيام لَو صلى مُنْفَردا وَلَو صلى فِي جمَاعَة قعد فِي بَعْضهَا نَص الشَّافِعِي على جَوَاز الْأَمريْنِ وَأَن الأول أفضل مُحَافظَة على الرُّكْن وَجرى على ذَلِك القَاضِي حُسَيْن وتلميذاه الْبَغَوِيّ وَالْمُتوَلِّيّ وَهُوَ الْأَصَح وَقَالُوا لَو أمكنه الْقيام بِالْفَاتِحَةِ فَقَط وَلَو قَرَأَ سُورَة عجز فَالْأَفْضَل الْقيام بِالْفَاتِحَةِ فَقَط وَقَالَ الشَّيْخ أَبُو حَامِد الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة أفضل وَالله أعلم قَالَ
بَاب مَا يتْرك سَهوا من الصَّلَاة
(فصل والمتروك من الصَّلَاة ثَلَاثَة أَشْيَاء فرض وَسنة وهيئة فالفرض لَا يَنُوب عَنهُ سُجُود السَّهْو بل إِن ذكره وَالزَّمَان قريب أَتَى بِهِ وَبنى عَلَيْهِ وَسجد للسَّهْو)
سُجُود السَّهْو مَشْرُوع للخلل الْحَاصِل فِي الصَّلَاة سَوَاء فِي ذَلِك صَلَاة الْفَرْض أَو النَّفْل وَفِي قَول لَا يشرع فِي النَّفْل ثمَّ ضَابِط سُجُود السَّهْو إِمَّا بارتكاب شَيْء مَنْهِيّ عَنهُ فِي الصَّلَاة كزيادة قيام أَو رُكُوع أَو سُجُود أَو قعُود فِي غير مَحَله على وَجه السَّهْو أَو ترك مَأْمُور بِهِ كَتَرْكِ رُكُوع أَو
سُجُود أَو قيام أَو قعُود وَاجِب أَو ترك قِرَاءَة وَاجِبَة أَو تشهد وَاجِب وَقد فَاتَ مَحَله فَإِنَّهُ يسْجد للسَّهْو بعد تدارك مَا تَركه ثمَّ إِن تذكر ذَلِك وَهُوَ فِي الصَّلَاة أَتَى بِهِ وتمت صلَاته وَإِن تذكره بعد السَّلَام نظر إِن لم يطلّ الزَّمَان تدارك مَا فَاتَهُ وَسجد للسَّهْو وَإِن طَال اسْتَأْنف الصَّلَاة من أَولهَا وَلَا يجوز الْبناء لتغير نظم الصَّلَاة بطول الْفَصْل
وَفِي ضبط طول الْفَصْل قَولَانِ للشَّافِعِيّ الْأَظْهر وَنَصّ عَلَيْهِ فِي الْأُم أَنه يرجع فِيهِ إِلَى الْعرف وَالْقَوْل الآخر وَنَصّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيّ أَن الطَّوِيل مَا يزِيد على قدر رَكْعَة ثمَّ حَيْثُ جَازَ الْبناء فَلَا فرق بَين أَن يتَكَلَّم بعد السَّلَام وَيخرج من الْمَسْجِد ويستدبر الْقبْلَة وَبَين أَن لَا يفعل ذَلِك هَذَا هُوَ الصَّحِيح ثمَّ هَذَا عِنْد تَيَقّن الْمَتْرُوك أما إِذا سلم من الصَّلَاة وَشك هَل ترك ركنا أَو رَكْعَة فَالْمَذْهَب الصَّحِيح أَنه لَا يلْزمه شَيْء وَصلَاته مَاضِيَة على الصِّحَّة لِأَن الظَّاهِر أَنه أَتَى بهَا بكمالها وعروض الشَّك كثير لَا سِيمَا عِنْد طول الزَّمَان فَلَو قُلْنَا بتأثير الشَّك لَأَدَّى إِلَى حرج ومشقة وَلَا حرج فِي الدّين وَهَذَا بِخِلَاف عرُوض الشَّك فِي الصَّلَاة فَإِنَّهُ يَبْنِي على الْيَقِين وَيعْمل بِالْأَصْلِ كَمَا ذكره الشَّيْخ من بعده فَإِذا شكّ فِي أثْنَاء الصَّلَاة هَل صلى ثَلَاثًا أَو أَرْبعا أَخذ بِالْيَقِينِ وأتى بِرَكْعَة وَلَا يَنْفَعهُ غَلَبَة الظَّن أَنه صلى أَرْبعا وَلَا أثر للإجتهاد فِي هَذَا الْبَاب وَلَا يجوز الْعَمَل فِيهِ بقول الْغَيْر وَلَو كَانَ المخبرون كثيرين وثقات بل يجب عَلَيْهِ أَن يَأْتِي بِمَا شكّ فِيهِ حَتَّى لَو قَالُوا لَهُ صليت أَرْبعا يَقِينا وَهُوَ شَاك فِي نَفسه لَا يرجع إِلَيْهِم
وَالْأَصْل فِي ذَلِك قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم
(إِذا شكّ أحدكُم فِي صلَاته فَلم يدر كم صلى أَثلَاثًا أم أَرْبعا فليطرح الشَّك وليبن على مَا استيقن ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم فَإِن كَانَ صلى خمْسا شفعن لَهُ صلَاته وَإِن كَانَ صلى تَمام الْأَرْبَع كَانَتَا ترغيماً للشَّيْطَان) ثمَّ هَذَا فِي حق الامام وَالْمُنْفَرد أما الْمَأْمُوم فَلَا يسْجد إِذا سَهَا خلف امامه ويتحمل الامام سَهْوه حَتَّى لَو ظن أَن الامام سلم فَسلم ثمَّ بَان لَهُ أَنه لم يسلم فَسلم مَعَه فَلَا سُجُود عَلَيْهِ لِأَنَّهُ سَهَا فِي حَال اقتدائه وَلَو تَيَقّن الْمَأْمُوم فِي تشهده أَنه ترك الرُّكُوع أَو الْفَاتِحَة مثلا من رَكْعَة نَاسِيا أَو شكّ فِي ذَلِك فَإِذا سلم الإِمَام لزمَه أَن يَأْتِي بِرَكْعَة وَلَا يسْجد للسَّهْو لِأَنَّهُ شكّ فِي حَال الِاقْتِدَاء وَلَو سمع الْمَأْمُوم الْمَسْبُوق صَوتا فَظَنهُ سَلام الإِمَام فَقَالَ ليتدارك مَا عَلَيْهِ وَكَانَ عَلَيْهِ رَكْعَة مثلا فَأتى بهَا وَجلسَ ثمَّ علم أَن الامام لم يسلم وَتبين خطأ نَفسه لم يعْتد بِتِلْكَ الرَّكْعَة لِأَنَّهَا مفعولة فِي غير محلهَا لِأَن وَقت التَّدَارُك بعد انْقِطَاع الْقدْوَة فَإِذا سلم الامام قَامَ وأتى بالركعة وَلَا يسْجد للسَّهْو لبَقَاء حكم الْقدْوَة وَلَو سلم الإِمَام
بعد مَا قَامَ فَهَل يجب عَلَيْهِ أَن يعود إِلَى الْقعُود لِأَن قِيَامه غير مَأْذُون فِيهِ أم يجوز أَن يمْضِي فِي صلَاته وَجْهَان أصَحهمَا فِي شرح الْمُهَذّب وَالتَّحْقِيق وجوب الْعود وَالله أعلم قَالَ
(والمسنون لَا يعود إِلَيْهِ بعد التَّلَبُّس بِغَيْرِهِ لكنه يسْجد للسَّهْو)
وَقد تقدم أَن الصَّلَاة تشْتَمل على أَرْكَان وأبعاض وهيئات فالأركان مَا لَا بُد منا وَلَا تصح الصَّلَاة بِدُونِهَا جَمِيعهَا وَأما الأبعاض وَهِي الَّتِي سَمَّاهَا الشَّيْخ سنناً وَلَيْسَت من صلب الصَّلَاة فتجبر بسجود السَّهْو عِنْد تَركهَا سَهوا بِلَا خلاف وَكَذَا عِنْد الْعمد على الرَّاجِح لوُجُود الْخلَل الْحَاصِل فِي الصَّلَاة بِسَبَب تَركهَا بل الْعمد أَشد خللاً فَهُوَ أولى بِالسُّجُود وَهَذِه الأبعاض سِتَّة
التَّشَهُّد الأول وَالْقعُود لَهُ والقنوت فِي الصُّبْح وَفِي النّصْف الْأَخير من شهر رَمَضَان وَالْقِيَام لَهُ وَالصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي التَّشَهُّد الأول وَالصَّلَاة على الْآل فِي التَّشَهُّد الْأَخير
وَالْأَصْل فِي التَّشَهُّد الأول مَا ورد من حَدِيث عبد الله بن بُحَيْنَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم
(ترك التَّشَهُّد الأول نَاسِيا فَسجدَ قبل أَن يسلم) وَإِذا شرع السُّجُود لَهُ شرع لقعوده لِأَنَّهُ مَقْصُود ثمَّ قسنا عَلَيْهِمَا الْقُنُوت وقيامه لِأَن الْقُنُوت ذكر مَقْصُود فِي نَفسه شرع لَهُ مَحل مَخْصُوص وَهَذَا فِي قنوت الصُّبْح ورمضان أما قنوت النَّازِلَة فَلَا يسْجد لَهُ على الْأَصَح فِي التَّحْقِيق وَالْفرق تَأَكد ذَيْنك بِدَلِيل الِاتِّفَاق على أَنَّهُمَا مشروعان بِخِلَاف النَّازِلَة وَأما الصَّلَاة على النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي التَّشَهُّد الأول فَلِأَنَّهُ ذكر يجب الاتيان بِهِ فِي الْجُلُوس الْأَخير فَيسْجد لتَركه فِي التَّشَهُّد الأول قِيَاسا على التَّشَهُّد وَعلل الْغَزالِيّ اخْتِصَاص السُّجُود بِهَذِهِ المور لِأَنَّهَا من الشعائر الظَّاهِرَة الْمَخْصُوصَة بِالصَّلَاةِ
وَقَوله والمسنون لَا يعود إِلَيْهِ بعد التَّلَبُّس بِغَيْرِهِ كَمَا إِذا قَامَ من التَّشَهُّد الأول أَو ترك الْقُنُوت وَسجد فَلَو ترك التَّشَهُّد الأول وتلبس بِالْقيامِ نَاسِيا لم يجز لَهُ الْعود إِلَى الْقعُود فَإِن عَاد عَامِدًا عَالما بِتَحْرِيمِهِ بطلت صلَاته لِأَنَّهُ زَاد قعُودا وَإِن عَاد نَاسِيا لم تبطل وَعَلِيهِ أَن يقوم عِنْد تذكره وَيسْجد للسَّهْو وَإِن كَانَ جَاهِلا بِتَحْرِيمِهِ فَالْأَصَحّ أَنه كالناسي هَذَا حكم الْمُنْفَرد والامام وَأما الْمَأْمُوم فَإِذا تلبس إِمَامه بِالْقيامِ فَلَا يجوز لَهُ التَّخَلُّف عَنهُ لأجل التَّشَهُّد فَإِن فعل بطلت صلَاته وَلَو انتصب مَعَ الامام ثمَّ عَاد الامام إِلَى الْقعُود لم يجز للْمَأْمُوم أَن يعود مَعَه فَإِن عَاد الامام عَامِدًا عَالما بِالتَّحْرِيمِ بطلت صلَاته وَإِن كَانَ نَاسِيا أَو جَاهِلا لم تبطل وَلَو قعد الْمَأْمُوم فانتصب الامام ثمَّ عَاد الامام إِلَى الْقعُود لزم الْمَأْمُوم الْقيام لِأَنَّهُ توجه على الْمَأْمُوم الْقيام بانتصاب الامام وَلَو قعد الامام للتَّشَهُّد الأول وَقَامَ الْمَأْمُوم نَاسِيا فَالصَّحِيح وجوب الْعود إِلَى مُتَابعَة الامام فَإِن لم يعد بطلت صلَاته هَذَا كُله فِيمَن انتصب قَائِما أما إِذا انتهض نَاسِيا وتذكر قبل الانتصاب فَقَالَ الشَّافِعِي وَالْأَصْحَاب يرجع إِلَى التَّشَهُّد