المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

(فرع) الْفُلُوس إِذا راجت رواج الذَّهَب وَالْفِضَّة هَل يجْرِي فِيهَا - كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار

[تقي الدين الحصني]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطَّهَارَة

- ‌أَنْوَاع الْمِيَاه

- ‌بَاب أَقسَام الْمِيَاه

- ‌بَاب جُلُود الْميتَة وعظمها

- ‌بَاب الْآنِية

- ‌بَاب السِّوَاك

- ‌فَرَائض الْوضُوء

- ‌سنَن الْوضُوء

- ‌بَاب الِاسْتِنْجَاء وآداب التخلي

- ‌نواقض الْوضُوء

- ‌مُوجبَات الْغسْل

- ‌فَرَائض الْغسْل

- ‌سنَن الْغسْل

- ‌(الأغسال المسنونة)

- ‌بَاب الْمسْح على الْخُفَّيْنِ

- ‌بَاب التَّيَمُّم

- ‌بَاب إِزَالَة النَّجَاسَة

- ‌بَاب الْحيض وَالنّفاس

- ‌بَاب مَا يحرم بِالْحيضِ وَالنّفاس

- ‌بَاب مَا يحرم على الْجنب والمحدث

- ‌كتاب الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة وأوقاتها

- ‌بَاب شَرَائِط وجوب الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات المسنونة

- ‌بَاب شَرَائِط صِحَة الصَّلَاة

- ‌بَاب أَرْكَان الصَّلَاة

- ‌بَاب سنَن الصَّلَاة

- ‌بَاب هيئات الصَّلَاة

- ‌بَاب مَا تخَالف فِيهِ الْمَرْأَة الرجل

- ‌بَاب مبطلات الصَّلَاة

- ‌بَاب الصَّلَوَات الْمَفْرُوضَة

- ‌بَاب مَا يتْرك سَهوا من الصَّلَاة

- ‌بَاب الْأَوْقَات الَّتِي يكره فِيهَا الصَّلَاة

- ‌بَاب صَلَاة الْجَمَاعَة

- ‌بَاب قصر الصَّلَاة وَجَمعهَا

- ‌بَاب صَلَاة الْجُمُعَة

- ‌بَاب صَلَاة الْعِيدَيْنِ

- ‌بَاب صَلَاة الْكُسُوف والخسوف

- ‌بَاب صَلَاة الاسْتِسْقَاء

- ‌بَاب صَلَاة الْخَوْف

- ‌بَاب مَا يحرم على الرِّجَال من لِبَاس وَغَيره

- ‌كتاب الْجَنَائِز

- ‌بَاب مَا يلْزم الْمَيِّت

- ‌كتاب الزَّكَاة

- ‌بَاب مَا تجب فِيهِ الزَّكَاة وشرائط وُجُوبهَا فِيهِ

- ‌بَاب أنصبة مَا يجب فِيهِ الزَّكَاة

- ‌بَاب زَكَاة الْفطر

- ‌بَاب أهل الزَّكَاة

- ‌بَاب صَدَقَة التَّطَوُّع

- ‌كتاب الصّيام

- ‌بَاب فَرَائض الصَّوْم

- ‌بَاب مفسدات الصَّوْم

- ‌بَاب مَا يسْتَحبّ فِي الصَّوْم

- ‌بَاب مَا نهي عَن صَوْمه

- ‌بَاب كَفَّارَة الْإِفْطَار وَمن يجوز لَهُ

- ‌بَاب صَوْم التَّطَوُّع

- ‌بَاب الِاعْتِكَاف

- ‌كتاب الْحَج

- ‌بَاب شَرَائِط وجوب الْحَج

- ‌بَاب أَرْكَان الْحَج

- ‌بَاب وَاجِبَات الْحَج

- ‌بَاب سنَن الْحَج

- ‌بَاب مُحرمَات الاحرام

- ‌بَاب الدِّمَاء الْوَاجِبَة فِي الْإِحْرَام

- ‌كتاب الْبيُوع وَغَيرهَا من الْمُعَامَلَات

- ‌بَاب أَنْوَاع الْبيُوع

- ‌بَاب الرِّبَا

- ‌بَاب الْخِيَار

- ‌بَاب السّلم

- ‌بَاب الرَّهْن

- ‌بَاب الْحجر

- ‌بَاب الصُّلْح

- ‌بَاب الْحِوَالَة

- ‌بَاب الضَّمَان

- ‌بَاب الْكفَالَة بِالْبدنِ

- ‌بَاب الشّركَة

- ‌بَاب الْوكَالَة

- ‌بَاب الْإِقْرَار

- ‌بَاب الْعَارِية

- ‌بَاب الْغَصْب

- ‌بَاب الشُّفْعَة

- ‌بَاب الْقَرَاض

- ‌بَاب الْمُسَاقَاة

- ‌بَاب الْإِجَارَة

- ‌بَاب الْجعَالَة

- ‌بَاب الْمُزَارعَة وَالْمُخَابَرَة

- ‌بَاب احياء الْموَات

- ‌بَاب الْوَقْف

- ‌بَاب الْهِبَة

- ‌بَاب اللَّقِيط

- ‌بَاب الْوَدِيعَة

- ‌كتاب الْفَرَائِض والوصايا

- ‌بَاب الْوَارِثين

- ‌بَاب الْفُرُوض الْمقدرَة وأصحابها

- ‌بَاب الْوَصِيَّة

- ‌كتاب النِّكَاح وَمَا يتَّصل بِهِ من الْأَحْكَام والقضايا

- ‌بَاب شُرُوط عقد النِّكَاح

- ‌بَاب الْمُحرمَات

- ‌بَاب عُيُوب الْمَرْأَة وَالرجل

- ‌بَاب الصَدَاق

- ‌بَاب الْمُتْعَة

- ‌بَاب الْوَلِيمَة على الْعرس

- ‌بَاب التَّسْوِيَة بَين الزَّوْجَات

- ‌بَاب الْخلْع

- ‌كتاب الطَّلَاق

- ‌بَاب صَرِيح الطَّلَاق وكنايته

- ‌بَاب الطَّلَاق السّني والبدعي

- ‌بَاب مَا يملكهُ الْحر وَالْعَبْد من تَطْلِيقَات

- ‌بَاب الرّجْعَة

- ‌بَاب الْإِيلَاء

- ‌بَاب الظِّهَار

- ‌بَاب اللّعان

- ‌بَاب الْعدة

- ‌بَاب الِاسْتِبْرَاء

- ‌بَاب الرَّضَاع

- ‌بَاب النَّفَقَة

- ‌بَاب الْحَضَانَة

- ‌كتاب الْجِنَايَات

- ‌بَاب أَنْوَاع الْقَتْل

- ‌بَاب الْقصاص فِيمَا دون النَّفس

- ‌بَاب الدِّيات

- ‌بَاب الْقسَامَة

- ‌بَاب كَفَّارَة الْقَتْل

- ‌كتاب الْحُدُود

- ‌بَاب حد الزِّنَا

- ‌بَاب حد الْقَذْف

- ‌بَاب حد الْخمر

- ‌بَاب حد السّرقَة

- ‌بَاب حد قطاع الطَّرِيق

- ‌بَاب حكم الصَّائِل

- ‌بَاب قتال الْبُغَاة

- ‌بَاب الرِّدَّة وَحكم الْمُرْتَد

- ‌كتاب الْجِهَاد

- ‌بَاب الْغَنِيمَة

- ‌بَاب الْفَيْء

- ‌بَاب الْجِزْيَة

- ‌كتاب الصَّيْد والذبائح والضحايا والأطعمة

- ‌بَاب الزَّكَاة وَالصَّيْد

- ‌بَاب مَا يحل وَمَا يحرم من الْأَطْعِمَة

- ‌بَاب الْأُضْحِية

- ‌بَاب الْعَقِيقَة

- ‌كتاب السَّبق وَالرَّمْي

- ‌كتاب الْإِيمَان وَالنُّذُور

- ‌بَاب الْيَمين

- ‌بَاب النّذر

- ‌كتاب الْأَقْضِيَة

- ‌بَاب شُرُوط القَاضِي

- ‌بَاب آدَاب الْقَضَاء

- ‌بَاب الْقِسْمَة

- ‌بَاب الدعاوي والبينات

- ‌بَاب الشَّهَادَة

- ‌بَاب أَقسَام الْمَشْهُود بِهِ

- ‌كتاب الْعتْق

- ‌بَاب الْوَلَاء

- ‌بَاب التَّدْبِير

- ‌بَاب الْكِتَابَة

- ‌بَاب أَحْكَام أم الْوَلَد

الفصل: (فرع) الْفُلُوس إِذا راجت رواج الذَّهَب وَالْفِضَّة هَل يجْرِي فِيهَا

(فرع) الْفُلُوس إِذا راجت رواج الذَّهَب وَالْفِضَّة هَل يجْرِي فِيهَا الرِّبَا الصَّحِيح أَنه لَا رَبًّا فِيهَا لانْتِفَاء الثمنية الْغَالِبَة فِيهَا وَلَا يتَعَدَّى الرِّبَا إِلَى غير الْفُلُوس من الْحَدِيد والنحاس والرصاص وَغَيرهمَا بِلَا خلاف وَالله أعلم قَالَ

(وَلَا يجوز بيع الْغرَر)

الأَصْل فِي ذَلِك أَنه عليه الصلاة والسلام

(نهى عَن بيع الْغرَر) وَالْغرر مَا انطوى عَنَّا عاقبته ثمَّ الْغرَر تَحْتَهُ صور لَا تكَاد تَنْحَصِر فَنَذْكُر نبذة مِنْهَا لتعرف بهَا غَيرهَا فَمن ذَلِك بيع الْبَعِير الناد وَكَذَا الجاموس المتوحش وَالْعَبْد الْمُنْقَطع الْخَبَر والسمك فِي المَاء الْكثير وكبيع الثَّمَرَة الَّتِي لم تخلق وَالزَّرْع فِي سنبله وَكَذَا بيع اللَّحْم قبل سلخ الْجلد وَكَذَا بيع الْقطن فِي جوزه بَاطِل وَإِن كَانَ بعد التشقق فِي جوزه وَإِن كَانَ على الأَرْض عِنْد أبي حَامِد وَكَذَا لَا يَصح بيع اللَّبن فِي الضَّرع لِأَنَّهُ مَجْهُول الْمِقْدَار لاخْتِلَاف الضَّرع رقة وغلظاً وَكَذَا لَا يجوز بيع الْحمل فِي الْبَطن وَكَذَا لَا يَصح بيع الْمسك فِي الْفَأْرَة قبل فتقها فَلَو فتح رَأسهَا وَرَأى الْمسك قَالَ الْمَاوَرْدِيّ يَصح جزَافا وبالوزن وَقَالَ الْمُتَوَلِي إِن لم يتَفَاوَت ثخن الْفَأْرَة وَرَأى جوانبها صَحَّ وَإِلَّا فَلَا وَالَّذِي صدر بِهِ الرَّافِعِيّ أَن بيع الْمسك فِي الْفَأْرَة بَاطِل مُطلقًا سَوَاء بيع مَعهَا أَو بِدُونِهَا وَسَوَاء فتح رَأسهَا أم لَا وَتَبعهُ النَّوَوِيّ على ذَلِك وَشبهه بِاللَّحْمِ فِي الْجلد قَالَ النَّوَوِيّ فِي زِيَادَته قَالَ أَصْحَابنَا لَو بَاعَ السّمك الْمُخْتَلط بِغَيْرِهِ لم يَصح لِأَن المقصودمجهول كَمَا لَا يَصح بيع اللَّبن الْمَخْلُوط بِالْمَاءِ وَالله أعلم

وكما يضر الْجَهْل بِالْمَبِيعِ كَذَا يضر الْجَهْل بِقدر الثّمن وبالمثمن إِذا كَانَ فِي الْبَلَد نقدان فَأكْثر وَهِي رائجة وَيُقَاس بِمَا ذكرنَا بَاقِي صور الْغرَر وَالله أعلم قَالَ

‌بَاب الْخِيَار

فصل والمتبايعان بِالْخِيَارِ مالم يَتَفَرَّقَا وَلَهُمَا أَن يشترطا الْخِيَار إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام

الْخِيَار كَمَا ذكره الشَّيْخ نَوْعَانِ خِيَار مجْلِس وَخيَار شَرط ثمَّ خِيَار الْمجْلس يثبت فِي أَنْوَاع البيع حَتَّى فِي الْمصرف وَبيع الطَّعَام بِالطَّعَامِ وَالسّلم وَالتَّوْلِيَة والاشتراك وَصلح الْمُعَاوَضَات لقَوْله صلى الله عليه وسلم

(البيعان بِالْخِيَارِ مالم يَتَفَرَّقَا أَو يَقُول أَحدهمَا للْآخر اختر) وَلَا خِيَار فِي الْحِوَالَة وَكَذَا فِي

ص: 242

الْقِسْمَة وَلَو اشْترى العَبْد نَفسه من سَيّده صَحَّ وَهل يثبت لَهُ الْخِيَار فِي الرَّافِعِيّ الْكَبِير وَالرَّوْضَة وَجْهَان بِلَا تَرْجِيح وَالأَصَح فِي الشَّرْح الصَّغِير وَشرح الْمُهَذّب أَنه لَا خِيَار وَأما عقد النِّكَاح فَلَا خِيَار فِيهِ وَالْفرق بَينه وَبَين عقد البيع أَن البيع عقد مُعَاوضَة بَين النَّاس كثيرا فَأثْبت الْخِيَار فِيهِ للتروي بِخِلَاف النِّكَاح فَإِنَّهُ لَا يَقع غَالِبا إِلَّا عَن ترو وَكَذَا لَا خِيَار فِي الْهِبَة بِلَا ثَوَاب لِأَنَّهُ وَطن نَفسه على فقد الْعِوَض فَلَا غبن وَكَذَا ذَات الثَّوَاب على الْأَصَح لِأَنَّهَا لَا تسمى بيعا وَكَلَام الرَّافِعِيّ فِي بَاب الْهِبَة يثبت فِي ذَات الثَّوَاب الْمَعْلُوم الْخِيَار وَلَا خِيَار فِي الرَّهْن وَالْوَقْف وَالْعِتْق وَالطَّلَاق وَفِي كل عقد جَائِز من الطَّرفَيْنِ كَالْوكَالَةِ وَالشَّرِكَة وَكَذَا الضَّمَان وَفِي ثُبُوت الْخِيَار للشَّفِيع فِي الْأَخْذ بِالشُّفْعَة وَجْهَان أصَحهمَا فِي الشَّرْح الْكَبِير فِي كتاب الشُّفْعَة أَنه يثبت لَهُ الْخِيَار لِأَن الْأَخْذ بِالشُّفْعَة مُلْحق بالمعاوضات بِدَلِيل الرَّد بِالْعَيْبِ وَالرُّجُوع بالعهد وَصحح فِي الْمُحَرر هُنَا أَنه لَا يثبت الْخِيَار واستدركه النَّوَوِيّ فِي الرَّوْضَة وَصحح عدم ثُبُوت الْخِيَار وَنَقله عَن الْأَكْثَرين فِي كتاب الشُّفْعَة

وَاعْلَم أَن الشَّفِيع لَا يملك بِمُجَرَّد قَوْله أَخذ الْمَبِيع بِالشُّفْعَة بل لَا بُد مَعَ اللَّفْظ من بذل الثّمن أَو رضى المُشْتَرِي بِذِمَّة الشَّفِيع لِأَنَّهُ من المُشْتَرِي يَأْخُذ أَو حكم الْحَاكِم بِثُبُوت الشُّفْعَة وَأما الْإِجَارَة فَهَل يثبت فِيهَا الْخِيَار فِيهِ خلاف صحّح النَّوَوِيّ فِي تَصْحِيح التَّنْبِيه ثُبُوت الْخِيَار فِيهَا وَصحح فِي أَكثر كتبه وَكَذَا الرَّافِعِيّ أَنه لَا يثبت وَالْمُسَاقَاة كَالْإِجَارَةِ وَهل يثبت الْخِيَار فِي عقد النِّكَاح الصَدَاق وَجْهَان الْأَصَح لَا يثبت وَقَوله

(مَا لم يَتَفَرَّقَا) يَعْنِي بأبدنهما عَن مجْلِس العقد فَلَو قاما فِي ذَلِك الْمجْلس مُدَّة متطاولة أَو قاما وتماشيا مراحل فهما على خيارهما على الصَّحِيح الَّذِي قطع بِهِ الْجُمْهُور فَإِن تفَرقا بَطل الْخِيَار للْخَبَر وَالرُّجُوع فِي التَّفَرُّق إِلَى الْعَادة فَمَا عده النَّاس تفَرقا لزم العقد بِهِ وَإِلَّا فَلَا فَلَو كَانَا فِي دَار صَغِيرَة فالتفرق أَن يخرج أَحدهمَا مِنْهَا أَو يصعد السَّطْح فَإِن كَانَت الدَّار كَبِيرَة فبأن يخرج أَحدهمَا من الْبَيْت إِلَى الصحن أَو عَكسه وَإِن كَانَا فِي سوق أَو صحراء فبأن يولي أَحدهمَا ظَهره وَيَمْشي قَلِيلا هَذَا هُوَ الصَّحِيح وكما يَنْقَطِع الْخِيَار بالتفرق كَذَا يَنْقَطِع بالتخاير بِأَن يَقُولَا اخترنا إِمْضَاء البيع أَو أجزناه أَو ألزمناه وَمَا أشبه ذَلِك فَإِن قَالَ أَحدهمَا اخْتَرْت إِمْضَاء العقد أَو أجزته انْقَطع خِيَاره وَبَقِي خِيَار الآخر وَلَو قَالَ أَحدهمَا للْآخر اختر أَو خيرتك انْقَطع خِيَار الْقَائِل لِأَنَّهُ دَلِيل الرضى وَلَا يَنْقَطِع خِيَار الآخر إِن سكت وَلَو أجَاز وَاحِد وَفسخ قدم الْفَسْخ وَلَو تبَايعا الْعِوَضَيْنِ بعد قبضهما فِي الْمجْلس بيعا ثَابتا صَحَّ البيع الثَّانِي على الْمَذْهَب الَّذِي قطع بِهِ الْجُمْهُور لِأَنَّهُ رَضِي بِلُزُوم الأول وَالله أعلم

وَأما خِيَار الشَّرْط فَإِنَّهُ يَصح بِالسنةِ وَالْإِجْمَاع بِشَرْط أَلا يزِيد على ثَلَاثَة أَيَّام فَإِن زَاد بَطل البيع وَيجوز دون الثَّلَاث روى ابْن عمر رضي الله عنهما قَالَ سَمِعت رجلا يشكو إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنه لَا يزَال يغبن فِي البيع فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم

(إِذا بَايَعت فَقل لَا خلابة ثمَّ أَنْت

ص: 243

بِالْخِيَارِ فِي كل سلْعَة بتعتها ثَلَاث لَيَال) وَلَو شَرط الْخِيَار لأَحَدهمَا صَحَّ وَكَذَا الْأَجْنَبِيّ فِي أظهر الْقَوْلَيْنِ لِأَن الْحَاجة قد تَدْعُو إِلَى ذَلِك لكَونه أعرف بالمعقود عَلَيْهِ نعم لَو كَانَ مُتَوَلِّي العقد وَكيلا جَازَ أَن يشْتَرط الْخِيَار لَهُ ولملوكه وَلَا يجوز لأَجْنَبِيّ وَالله أعلم قَالَ

(وَإِذا خرج بِالْمَبِيعِ عيب فَلِلْمُشْتَرِي رده)

إِذا ظهر بِالْمَبِيعِ عيب قديم جَازَ لَهُ الرَّد سَوَاء كَانَ الْعَيْب مَوْجُودا وَقت العقد أَو حدث بعد العقد وَقبل الْقَبْض أما جَوَاز الرَّد لَهُ بِالْعَيْبِ الْمَوْجُود وَقت العقد فبالإجماع وروت عَائِشَة رضي الله عنها

(أَن رجلا ابْتَاعَ فَأَقَامَ عِنْده مَا شَاءَ الله ثمَّ وجد بِهِ عَيْبا فخاصمه إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَرده عَلَيْهِ) وقسنا مَا حدث بعد العقد وَقبل الْقَبْض على الْمُقَارن لِأَنَّهُ من ضَمَان البَائِع وَلِأَن المُشْتَرِي إِنَّمَا بذل الثّمن فِي مُقَابلَة مَبِيع سليم فَإِذا وجد على خلاف ذَلِك جَوَّزنَا لَهُ التَّدَارُك للضَّرَر

وَاعْلَم أَن الْعُيُوب كَثِيرَة جدا فَمِنْهَا كَون العَبْد سَارِقا أَو زَانيا أَو آبقا أَو بِهِ بخر ينشأ من الْمعدة دون مَا يكون من قلح الْأَسْنَان وَكَذَا الصنان المستحكم دون الْعَارِض بحركة أَو اجْتِمَاع وسخ وَكَذَا كَون الدَّابَّة جموحا أَو عضاضة أَو رفاسة وَكَذَا كَون العَبْد ساحراً أَو قَاذِفا للمحصنات أَو مقامراً أَو تَارِكًا للصَّلَاة وَكَون الْجَارِيَة لَا تحيض فِي سنّ الْحيض غَالِبا وَكَون الْمَكَان ثقيل الْخراج أَو منزل الظلمَة أَو يخزنون بِهِ غلتهم أَو ظهر متكوب يَقْتَضِي وقف الْمَبِيع وَعَلِيهِ خطوط الْمُتَقَدِّمين وَلَيْسَ فِي الْحَال من يشْهد بِهِ قَالَه الورياني وَنَقله ابْن الرّفْعَة عَن الْعدة وَضَابِط ذَلِك أَن كل مَا نقص الْعين أَو الْقيمَة نُقْصَانا يفوت بِهِ غَرَض صَحِيح إِذا غلب فِي جنس الْمَبِيع عَدمه فقولنا نقص الْعين ككون الرَّقِيق خَصيا أَو مَقْطُوع أُنْمُلَة وَنَحْوهَا بِخِلَاف مَا لَو قطع من فَخذه قِطْعَة يسيرَة فَإِنَّهُ لَا يفوت بِسَبَب ذَلِك غَرَض صَحِيح وَقَوْلنَا إِذا غلب فِي جنس الْمَبِيع عَدمه رَاجع إِلَى الْقيمَة أَو الْعين أما الْقيمَة وَهُوَ الَّذِي ذكرهَا الرَّافِعِيّ فاحتراز عَن الثيوبة فِي الْأمة الْكَبِيرَة فَإِنَّهَا لَا تَقْتَضِي الرَّد فَإِنَّهُ لَيْسَ الْغَالِب فِيهَا عدم الثيوبة وَأما الْعين فاحترز بِهِ عَن قلع الْأَسْنَان فِي الْكَبِير فَإِنَّهُ لَا رد بِهِ بِلَا شكّ وَقد جزم ابْن الرّفْعَة بِمَنْع الرَّد ببياض الشّعْر فِي الْكَبِير وَالله أعلم

(فرع) لَو بَاعَ شخص عينا وَشرط الْبَرَاءَة من الْعُيُوب فَفِيهِ خلاف الصَّحِيح أَنه يبرأ من كل

ص: 244

عيب بَاطِن فِي الْحَيَوَان لم يعلم بِهِ البَائِع دون غَيره لِأَن ابْن عمر رضي الله عنهما بَاعَ غُلَاما بثمانمائة وَبَاعه بِالْبَرَاءَةِ فَقَالَ المُشْتَرِي لِابْنِ عمر بِالْعَبدِ دَاء لم تسمه لي فاختصما إِلَى عُثْمَان رضي الله عنه فَقضى عُثْمَان على ابْن عمر أَنه يحلف لقد بَاعه العَبْد وَمَا بِهِ دَاء يُعلمهُ فَأبى عبد الله أَن يحلف وارتجع العَبْد فَبَاعَهُ بِأَلف وَخَمْسمِائة فَدلَّ قَضَاء عُثْمَان أَنه يبرأ من عيب الْحَيَوَان الَّذِي لم يعلم بِهِ وَالْفرق بَين الْحَيَوَان وَغَيره مَا قَالَه الشَّافِعِي أَن الْحَيَوَان يَأْكُل فِي حالتي صِحَّته وسقمه وتتبدل أَحْوَاله سَرِيعا فَقل أَن يَنْفَكّ عَن عيب خَفِي أَو ظَاهر فَيحْتَاج البَائِع إِلَى هَذَا الشَّرْط ليثق بِلُزُوم العقد وَالْفرق بَين الْعَيْب الْمَعْلُوم وَغَيره أَن كتمان الْمَعْلُوم تلبيس وغش فَلَا يبرأ مِنْهُ وَالْفرق بَين الظَّاهِر وَالْبَاطِن أَن الظَّاهِر يسهل الِاطِّلَاع عَلَيْهِ وَيعلم فِي الْغَالِب فأعطيناه حكم الْمَعْلُوم وَإِن كَانَ قد يخفى على ندور فَيرجع الْأَمر إِلَى أَنه لَا يبرأ عَن غير الْبَاطِن فِي الْحَيَوَان وَلَا عَن غَيره من غير الْحَيَوَان مُطلقًا سَوَاء كَانَ ظَاهرا أَو بَاطِنا سَوَاء فِي ذَلِك الثِّيَاب وَالْعَقار وَنَحْوهمَا وَالله أعلم

(فرع) شَرط رد الْمَبِيع بِالْعَيْبِ الْقَدِيم أَن يتَمَكَّن المُشْتَرِي من الرَّد أما إِذا لم يتَمَكَّن بِأَن تلف الْمَبِيع أَو مَاتَت الدَّابَّة أَو أعتق العَبْد أَو وقف الْمَكَان ثمَّ علم بِالْعَيْبِ فَلَا رد وَله أرش الْعَيْب وَالْأَرْش جُزْء من ثمن الْمَبِيع نسبته إِلَيْهِ نِسْبَة مَا نقص الْعَيْب من الْقيمَة عِنْد السَّلامَة مِثَاله قيمَة مائَة بِلَا عيب وَتسْعُونَ مَعَ الْعَيْب فالأرش عشر الثّمن وَلَو كَانَت ثَمَانِينَ فالأرش خمس الثّمن وعَلى هَذَا لَو زَالَ ملك المُشْتَرِي عَن الْمَبِيع بِبيع فَلَا رد لَهُ فِي الْحَال وَلَا أرش على الْأَصَح لِأَنَّهُ لم ييأس المُشْتَرِي من الرَّد لِأَنَّهُ رُبمَا يعود إِلَيْهِ ويتمكن من رده بِخِلَاف الْمَوْت وَالْوَقْف وَكَذَا استيلاد الْجَارِيَة لِأَنَّهُ تعذر الرَّد فَيرجع بأرشها وَاعْلَم أَن الرَّد على الْفَوْر لِأَن الأَصْل فِي الْمَبِيع اللُّزُوم فَإِذا أمكنه الرَّد وَقصر لزمَه حكم وَمحل الْفَوْر فِي العقد على الْأَعْيَان أما الْوَاجِب فِي الذِّمَّة بِبيع أَو سلم فَلَا يشْتَرط الْفَوْر لِأَن رد مَا فِي الذِّمَّة لَا يَقْتَضِي رفع العقد بِخِلَاف الْمَبِيع الْمعِين كَذَا قَالَه الإِمَام وَأقرهُ عَلَيْهِ الرَّافِعِيّ فِي كتاب الْكِتَابَة وَابْن الرّفْعَة فِي الْمطلب فاعرفه ثمَّ حَيْثُ كَانَ لَهُ الرَّد واعتبرنا الْفَوْر فليبادر بِالرَّدِّ على الْعَادة فَلَو علم الْعَيْب وَهُوَ يُصَلِّي أَو يَأْكُل فَلهُ التَّأْخِير حَتَّى يفرغ لِأَنَّهُ لَا يعد مقصراً وَكَذَا لَو كَانَ يقْضِي حَاجته وَكَذَا لَو كَانَ فِي الْحمام أَو كَانَ لَيْلًا فحين يصبح لعدم التَّقْصِير فِي ذَلِك بِاعْتِبَار الْعَادة وَلَا يُكَلف الْعَدو وَلَا ركض الْفرس وَنَحْو ذَلِك ثمَّ إِن كَانَ البَائِع حَاضرا رده عَلَيْهِ فَلَو رفع الْأَمر إِلَى الْحَاكِم فَهُوَ آكِد فَلَو رد

ص: 245

وَكيله كفى وَكَذَا الرَّد على الْوَكِيل وَإِن كَانَ البَائِع غَائِبا رفع الْأَمر إِلَى الْحَاكِم وَلَا يُؤَخر لقدومه وَلَا للمسافرة إِلَيْهِ وَالأَصَح أَنه يلْزمه الْإِشْهَاد على الْفَسْخ إِن أمكنه حَتَّى ينهيه إِلَى البَائِع أَو الْحَاكِم لِأَنَّهُ الْمُمكن

وَاعْلَم أَنه يشْتَرط ترك اسْتِعْمَال الْمَبِيع فَلَو استخدم العَبْد أَو ترك على الدَّابَّة سرجها أَو برذعتها بَطل حَقه من الرَّد لِأَنَّهُ يشْعر بالرضى قلت فِي هَذَا نظر لَا يخفى لِأَن مثل هَذَا لَا يعرفهُ إِلَّا الْخَواص من الْفُقَهَاء فضلا عَن أجلاف الْقرى لَا سِيمَا إِذا كَانَ رَحل الدَّابَّة مَبِيعًا مَعهَا فَيَنْبَغِي فِي مثل ذَلِك أَنه لَا يبطل بِهِ الرَّد وَيُؤَيّد ذَلِك أَنه لَو أخر الرَّد مَعَ الْعلم بِالْعَيْبِ ثمَّ قَالَ أخرت لِأَنِّي لَا أعلم أَن لي الرَّد فَإِن كَانَ قريب الْعَهْد بِالْإِسْلَامِ أَو نَشأ فِي بَريَّة لَا يعْرفُونَ الْأَحْكَام فَإِنَّهُ يقبل قَوْله وَله الرَّد وَإِلَّا فَلَا بل لَو قَالَ لم أعلم أَنه يبطل بِالتَّأْخِيرِ قبل قَوْله وَعلله الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ بِأَنَّهُ يخفى على الْعَوام وَالله أعلم ثمَّ حَيْثُ بَطل الرَّد بالتقصير بَطل الْأَرْش أَيْضا وَلَو تَرَاضيا على ترك الرَّد بِجُزْء من الثّمن أَو مَال آخر فَالصَّحِيح أَن هَذِه مصالحة لَا تصح وَيجب على المُشْتَرِي رد مَا أَخذه وَلَا يبطل حَقه من الرَّد على الصَّحِيح وَهَذَا إِذا ظن صِحَة الْمُصَالحَة فَإِن علم بُطْلَانهَا بَطل حَقه من الرَّد بِلَا خلاف وَلَو اشْترى بَعِيرًا أَو عبدا فَضَاعَ الْبَعِير أَو أبق العَبْد قبل الْقَبْض فَأجَاز المُشْتَرِي البيع ثمَّ أَرَادَ الْفَسْخ فَلهُ ذَلِك مَا لم يعد الْبَعِير أَو العَبْد إِلَيْهِ وَالله أعلم قَالَ

(وَلَا بيع الثَّمَرَة مُطلقًا إِلَّا بعد بَدو صَلَاحهَا)

هَذَا مَعْطُوف على قَوْله وَلَا يجوز بيع الْغرَر وَتَقْدِيره وَلَا يجوز بيع الثَّمَرَة مُطلقًا إِلَّا بعد بَدو صَلَاحهَا وبدو الصّلاح ظُهُور الصّلاح فَإِذا بدا صَلَاح الثَّمَرَة بِأَن ظَهرت مبادئ النضج أَو بَدَت الْحَلَاوَة وزالت العفوصة أَو الحموضة المفرطتان وَذَلِكَ فِيمَا لَا يَتلون أَو فِي المتلون بِأَن يحمر أَو يصفر أَو يسود جَازَ بيعهَا مُطلقًا وَيشْتَرط الْقطع بِالْإِجْمَاع وَيشْتَرط التبقية لقَوْله عليه الصلاة والسلام

(لَا تبَاع الثَّمَرَة حَتَّى يَبْدُو صَلَاحهَا) وَإِذا بَاعَ مُطلقًا يَعْنِي بِلَا شَرط اسْتحق المُشْتَرِي الْإِبْقَاء إِلَى أَوَان الْجذاذ للْعَادَة وَيُؤْخَذ من كَلَام الشَّيْخ أَنه إِذا لم يبد الصّلاح أَنه لَا يجوز مُطلقًا وَهُوَ كَذَلِك وَيشْتَرط لصِحَّة البيع أَن يشْتَرط قطع الثَّمَرَة الصَّالِحَة للِانْتِفَاع وَهَذَا جَائِز بِالْإِجْمَاع وَلَو جرت الْعَادة بِقطعِهِ لَا يَكْفِي بل لَا بُد من شَرط الْقطع وَإِن بِيعَتْ الثَّمَرَة قبل بَدو الصّلاح مَعَ الْأَشْجَار جَازَ بِلَا شَرط لِأَنَّهَا تبع الْأَشْجَار وَالْأَصْل غير معترض للعاهة بِخِلَاف مَا إِذا أفردت الثَّمَرَة وَلَو شَرط الْقطع ورضى البَائِع بالإبقاء على الشّجر جَازَ وَالله أعلم وكما يحرم بيع الثَّمَرَة

ص: 246