الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرس الصَّفّ الَّذِي سجد فِي الأولى وَسجد الصَّفّ الآخر فَإِذا رفعوا رؤوسهم يسْجد الصَّفّ الحارس وَهَذِه صَلَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان كَمَا رَوَاهَا أَبُو دَاوُد وَغَيره وَإِن كَانَ فِي رِوَايَة مُسلم أَن الصَّفّ الَّذِي يَلِيهِ هُوَ الَّذِي يسْجد أَولا وَقَامَ الصَّفّ الآخر فِي نحر الْعَدو وَقَالَ الْأَصْحَاب ولهذه الصَّلَاة ثَلَاثَة شُرُوط أَن يكون الْعَدو فِي جِهَة الْقبْلَة وَأَن يكون على جبل أَو مستو من الأَرْض لَا يسترهم شَيْء عَن أبصار الْمُسلمين وَأَن يكون فِي الْمُسلمين كَثْرَة تسْجد طَائِفَة وتحرس أُخْرَى وَاعْلَم أَنه لَو رتبهم صُفُوفا جَازَ وَكَذَا لَو حرس بعض صف وَالله أعلم قَالَ الْحَال
(الثَّالِث أَن يَكُونُوا فِي شدَّة الْخَوْف والتحام الْحَرْب فَيصَلي كَيفَ أمكنه رَاجِلا أَو رَاكِبًا مُسْتَقْبل الْقبْلَة وَغير مُسْتَقْبل لَهَا)
الضَّرْب الثَّالِث صَلَاة شدَّة الْخَوْف فَإِذا اشْتَدَّ الْخَوْف وَلم يُمكن قسْمَة الْقَوْم لِكَثْرَة الْعَدو وَنَحْو ذَلِك والتحم الْقِتَال فَلم يقدروا على النُّزُول حَيْثُ كَانُوا ركباناً وَلَا على الانحراف إِن كَانُوا رجالة صلوا رجَالًا أَو ركباناً إِلَى الْقبْلَة وَإِلَى غَيرهَا قَالَ الله تَعَالَى {فَإِن خِفْتُمْ فرجالاً أَو ركباناً} قَالَ ابْن عمر رضي الله عنه مستقبلي الْقبْلَة وَغير مستقبليها وَكَذَا رَوَاهُ مَالك عَن نَافِع مولى ابْن عمر رضي الله عنهم وَقَالَ مَا أرَاهُ إِلَّا ذكره عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ الْمَاوَرْدِيّ رَوَاهُ الشَّافِعِي بِسَنَدِهِ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ الْأَصْحَاب يصلونَ بِحَسب الْإِمْكَان وَلَيْسَ لَهُم تَأْخِير الصَّلَاة عَن الْوَقْت وَإِذا صلوها على هَذِه الْكَيْفِيَّة فَلَا إِعَادَة عَلَيْهِم وَلِهَذَا تَتِمَّة مرت فِي فصل الِاسْتِقْبَال وَالله أعلم قَالَ
بَاب مَا يحرم على الرِّجَال من لِبَاس وَغَيره
(فصل وَيحرم على الرِّجَال لبس الْحَرِير والتختم بِالذَّهَب وَيحل للنِّسَاء ويسير الذَّهَب وَكَثِيره سَوَاء)
يحرم على الرِّجَال لبس الْحَرِير وَكَذَا التغطية بِهِ والاستناد إِلَيْهِ وافتراشه والتدثر بِهِ وَكَذَا اتِّخَاذه بطانة وستراً وَسَائِر وُجُوه الِاسْتِعْمَال وَحجَّة ذَلِك نَهْيه صلى الله عليه وسلم عَن ذَلِك وَفِي رِوَايَة
(نَهَانَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن لبس الْحَرِير والديباج وَأَن نجلس عَلَيْهِ) وَعلة النَّهْي أَن فِيهِ خُيَلَاء وخنوثة
لَا تلِيق بشهامة الرِّجَال وَلِهَذَا لَا يلْبسهُ إِلَّا الأرذال الَّذين يتشبهون بِالنسَاء الملعونون على لِسَان الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَيحل لبسه للنِّسَاء لقَوْله صلى الله عليه وسلم
(أحل الذَّهَب وَالْحَرِير لإناث أمتِي وَحرم على ذكورها) وَفِيه لَطِيفَة شَرْعِيَّة وَهُوَ أَن لبسه يمِيل الطَّبْع إِلَى وَطْء النِّسَاء فَيُؤَدِّي إِلَى مَا طلبه سيد الْأَوَّلين والآخرين صلى الله عليه وسلم وَهُوَ كَثْرَة النَّسْل وَهل يحرم على النِّسَاء افتراش الْحَرِير فِيهِ وَجْهَان أصَحهمَا عِنْد الرَّافِعِيّ يحرم لما فِيهِ من السَّرف وَالْخُيَلَاء أَلا ترى أَنه يجوز لَهُنَّ لبس الذَّهَب دون الْأكل فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة وَلِأَن الْمَعْنى الَّذِي ذكرنَا فِي اللّبْس بِتَمَامِهِ مَفْقُود فِي الافتراش وَالأَصَح عِنْد النَّوَوِيّ الْجَوَاز وَقَوله يحرم على الرِّجَال يُؤْخَذ مِنْهُ أَن لَا يحرم على الصّبيان حَتَّى أَنه يجوز لوَلِيّ الصَّبِي أَن يلْبسهُ وَهُوَ كَذَلِك على الصَّحِيح عِنْد الرَّافِعِيّ فِي الشَّرْح الْكَبِير بِشَرْط أَن يكون دون سبع سِنِين وَالصَّحِيح فِي الْمُحَرر وَعند النَّوَوِيّ الْجَوَاز مُطلقًا وَهُوَ مُقْتَضى كَلَام الشَّيْخ وَقَول الشَّيْخ ويسير الذَّهَب وَكَثِيره سَوَاء يَعْنِي فِي التَّحْرِيم وَالْأَصْل فِي ذَلِك قَوْله صلى الله عليه وسلم
(لَا تلبسوا الْحَرِير والديباج وَلَا تشْربُوا فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة فَإِنَّهَا لَهُم فِي الدُّنْيَا وَلكم فِي الْآخِرَة) لهَذَا تَتِمَّة مهمة مرت فِي أول الْكتاب وَالله أعلم قَالَ
(وَإِذا كَانَ بعض الثَّوْب إبْريسَمًا وَبَعضه قطنا أَو كتانا جَازَ لبسه مَا لم يكن الابريسم غَالِبا)
حرم مَا حرم اسْتِعْمَاله من الْحَرِير الصّرْف وَإِذا ركب مَعَ غَيره مِمَّا يُبَاح اسْتِعْمَاله كالكتان وَغَيره مَا حكمه ينظر إِن كَانَ الْأَغْلَب الْحَرِير حرم وَإِن كَانَ الْأَغْلَب غَيره حل تَغْلِيبًا لجَانب الْأَكْثَر إِذْ الْكَثْرَة من أَسبَاب التَّرْجِيح فَإِن اسْتَويَا فَوَجْهَانِ الْأَصَح الْحل لِأَنَّهُ لَا يُسمى ثوب حَرِير وَالْأَصْل فِي الْمَنَافِع الْإِبَاحَة وَقيل يحرم تَغْلِيبًا لجَانب التَّحْرِيم وَهُوَ الْقيَاس لِأَن الْقَاعِدَة التَّحْرِيم عِنْد اجْتِمَاع الْحَلَال وَالْحرَام وَالصَّحِيح أَن الِاعْتِبَار بِالْوَزْنِ فِي الْكَثْرَة والقلة وَقيل الِاعْتِبَار بالظهور وَهُوَ قوي لوُجُود الْمَعْنى من الْخُيَلَاء وميل النَّفس وَاعْلَم أَنه يحل الثَّوْب الْمُطَرز والمطرف الَّذِي جعل طرفه حَرِيرًا كالطوق والفرج ورؤوس الأكمام والذيل ظَاهرا كَانَ التطريف أَو بَاطِنا وَالْأَصْل فِي ذَلِك أَحَادِيث مِنْهَا مَا ورد عَن عمر رضي الله عنه قَالَ نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن لبس الْحَرِير إِلَّا فِي مَوضِع أصْبع أَو أصبعين أَو ثَلَاث أَو أَربع وَهَذَا فِي التطريف والتطريز بالحرير
أما الذَّهَب فَإِنَّهُ حرَام لشدَّة السَّرف وَقد صرح بذلك الْبَغَوِيّ وَهِي مَسْأَلَة حَسَنَة يَنْبَغِي أَن يتَنَبَّه لَهَا فَإِن كثيرا من الأرذال من أَبنَاء الدُّنْيَا يدْفع إِلَيْهِ فِي وَقت الْوضُوء أَو الْحمام شَمله أَو منشفة مطرفة بِالذَّهَب فيستعملها وَرُبمَا جَاءَ إِلَى الْمَسْجِد ووضعها تَحت جَبهته فِي وَقت الصَّلَاة قَالَ الله تَعَالَى {فليحذر الَّذين يخالفون عَن أمره أَن تصيبهم فتْنَة أَو يصيبهم عَذَاب أَلِيم} قَالَ بعض الْعلمَاء الْفِتْنَة الْكفْر عَافَانَا الله تَعَالَى من ذَلِك وَالله أعلم قَالَ